فصل: باب الغين مع الباب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الغين المعجمة

 باب الغين مع الباب

‏{‏غبب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً> الغِبُّ مِن أوْرَاد الإبِل‏:‏ أنْ تَرِدَ الماء يَوماً وتَدَعَه يوما ثم تَعُودَ، فَنقَله إلى الزِّيارة وإنْ جاء بعد أيام‏.‏ يقال‏:‏ غَبَّ الرجُل إذا جاء زائرا بعد أيام‏.‏ وقال الحسَن‏:‏ في كلّ أسْبُوع‏.‏

ومنه الحديث <أغِبُّوا في عِيَادة المَريض> أي لا تَعُودُوه في كلّ يوم؛ لِمَا يَجِدُ مِن ثِقَل العُوّاد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث هشام <كتَب إليه الجُنْيد يُغَبّبُ عن هَلاك المسلمين> أي لم يُخْبِرَه بكَثْرة من هَلَك مِنهم، مأخُوذ من الغِبّ‏:‏ الوِرْد، فاسْتعاره لِمَوْضع التَّقْصير في الإعْلام بكُنْه الأمْر‏.‏ وقيل‏:‏ هو من الغُبَّة، وهي البُلْغة من العَيْش‏.‏ وسألتُ فُلاناً حاجةً فغَبَّبَ فيها‏:‏ أي لم يُبَالِغْ ‏(‏أنشد عليه الهروي للمُسيَّب بن عَلَس‏:‏

فإنّ لنا إخوةً يَحْدَبون ** علينا وعن غيرنا غَبَّبُوا‏)‏ ‏.‏

وفي حديث الغِيبَة <فقَاءتْ لحْماً غابّاً> يُقال‏:‏ غَبّ الَّلْحُم وأغَبَّ فهو غابٌّ ومُغِبٌّ إذا أنْتنَ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الزُّهْري <لا تُقْبَلُ شهادةُ ذي تَغِبَّةً> هكذا جاء في رِواية، وهي تَفْعِلَة من غَبَّبَ الذِئبُ في الغَنَم إذا عاثَ فيها، أو منْ غَبَّب، مُبالَغة في غَبَّ الشيءُ إذا فسَد ‏(‏في الهروي‏:‏ <وهو الذي يستحل الشهادة بالزُّور، فهم أصحاب فساد: يقال للفاسد: الغابُّ> ‏)‏ ‏.‏

‏{‏غبر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ما أقَلَّت الغَبْراءُ ولا أظَلَّت الخَضْراءُ أصْدَقَ لَهْجةً من أبي ذَرٍّ> الغَبْراء‏:‏ الأرض، والخَضْراء‏:‏ السماء لِلَوْنهِما، أراد أنه مُتَنَاهٍ في الصِّدْق إلى الغاية، فجاء به على اتَّساع الكلام والمجَازِ ‏(‏عبارة الهروي‏:‏ <لم يُرد عليه السلام أنه أصدق من أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما ولكن على اتساع الكلام، المعنى أنه مُتناهٍ في الصدق> ‏)‏ ‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة <بَيْنا رَجُلٌ في مَفَازة غَبْراء> هي التي لا يُهْتَدَى للخُروج منها‏.‏

وفيه <لو تَعلمون ما يكون في هذه الأمَّةِ من الُجوع الأغَبْرِ والموت الأحْمر> هذا من أحَسن الاستِعارات؛ لأنَّ الجُوع أبداً يكون في السِّنِين المُجْدِبة، وَسِنُو الْجَدْب تُسَمَّى غُبْراً؛ لاغْبِرَارِ آفاقِها من قِلِّة الأمطار، وأرَضيها من عَدم النَّبات والاخْضِرار‏.‏ والموتُ الأحْمر‏:‏ الشديد، كأنه مَوت بالقَتل وإرَاقَة الدّماء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد اللّه بن الصَّامِت <يُخَرّب البَصْرَة الْجُوعُ الأغبَر والموت الأحْمر> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مُجاشِع <فخرجوا مُغْبِرِين، هُم ودوابُّهم> المُغْبِرُ‏:‏ الطَّالب للشيء الْمُنكَمِش ‏(‏أي المسرع‏)‏ فيه، كأنه لحِرصه وسُرْعته يثِير الغُبار‏.‏

ومنه حديث الحارث بن أبي مُصْعَب <قدِم رجُل من أهل المدينة فرأيته مُغْبِراً في جِهَازه> ‏.‏

وفيه <إنه كان يَحْدُر فيما غَبر من الُّسورة> أي يُسْرع في قِراءتها‏.‏ ال الأزهري‏:‏ يَحتمل الغابر ها هنا الوجهين، يعني الماضِي والباقِي، فإنَّه من الأضداد‏.‏ قال‏:‏ والمعْرُوف الكثير أنَّ الغابر الباقي‏.‏ وقال غيرُ واحِد من الأئمة إنه يكون بمعنى المَاضِي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه اعتكف العَشْرَ الغَوابِر من شهر رمضان> أي البَواقِي، جمع غابِر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عمر <سُئل عن جُنُب اغْتَرف بِكُوزٍ من حُبٍّ ( لحُبُّ: الْجَرَّة، أو الضخمة منها. (القاموس) ) فأصابت يَدُه الماءَ فقال: غَابِرُه نَجِس> أي باقِيه‏.‏

ومنه الحديث <فلم يَبْق إلَّا غُبَّرَاتٌ من أهل الكِتاب> وفي رواية <غُبَّر أهل الكِتاب> الغُبَّر‏:‏ جمع غابِر، والغُبَّرات‏:‏ جمع غُبَّر‏.‏

ومنه حديث عمرو بن العاص <ولا حَمَلْتني البَغايَا في غُبَّرَات المَآلِي> أراد أنه لم تَتولَّ الإمَاءُ تربِيَته، والمَآلِي‏:‏ خِرق الحْيض‏:‏ أي في بَقَاياها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث معاوية <بِفنائه أَعْنُزٌ دَرُّهُنَّ غُبْر> أي قليل ‏(‏في الهروي‏:‏ <بفنائه أعْنُزٌ غُبْرٌ> أي قليلة‏)‏‏.‏ وغُبْر اللَّبَن ‏(‏عبارة الهروي‏:‏ <وغُبَّرُ الليل: بقيته، وهو ما غبر منه> وقد نقل صاحب اللسان عبارة ابن الأثير، ثم قال‏:‏ <وغُبْر الليل: آخره. وغُبْر الليل: بقاياه، واحدها: غُبْر> ‏)‏ ‏:‏ بَقِيَّتُه وما غَبَر منه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أُوَيْس <أكون في غُبَّر الناسِ أحَبُّ إلي> أي أكون من المُتأخِّرين لا المُتقدِّمين الْمشهورين، وهو من الغابِر‏:‏ الباقي‏.‏ وجاء في رواية <في غَبْراء الناس> بالمدِّ‏:‏ أي فقرائهم‏.‏ ومنه قيل للمَحاويج‏:‏ بنو غبراء، كأنهم نُسِبوا إلى الأرض والتُّراب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إيَّاكُم والغُبَيْرَاءَ فإنها خَمْرُ العالَم> ‏(‏في الهروي‏:‏ <فإنها خمر الأعاجم>‏.‏‏)‏ الغُبَيْراء‏:‏ ضَرْب من الشَّراب يتَّخِذه الحَبش من الذُّرَة ‏[‏وهي تُسكِرُ‏]‏ ‏(‏من الهروي‏)‏ وتُسَمَّى السُّكُرْكَةَ‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ هي خَمْر تُعْمل ‏(‏في الأصل‏:‏ > هو خمر يعمل> وأثبتناه على التأنيث من ا، واللسان، والهروي‏)‏ من الغُبَيْراء‏:‏ هذا التَّمر المعرُوف‏:‏ أي ‏[‏هي‏]‏ ‏(‏من ا، واللسان‏)‏ مِثْل الخَمر التي يَتَعارفها جميع الناس، لا فَصْل ‏(‏في الأصل، واللسان <لا فضل> بالضاد المعجمة، وأثبتناه بالمهملة من ا، والفائق 2/205‏)‏ بينهمُا في التَّحريم‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏غبس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي بكر بن عبد اللّه <إذا اسْتَقْبلُوكَ يومَ الجمعة فاسْتَقْبِلْهم حتَّى تَغْبِسَها (في الأصل: <أي حتى لا تعود> وأسقطنا <أي> حيث لم ترد في ا، واللسان‏)‏ لا تَعُودَ أنْ تَخَلَّف> يعني إذا مَضَيْت إلى الجُمعة فلَقِيتَ الناس وقد فَرغُوا من الصلاة فاسْتَقْبِلْهم بوجْهِك حتى تُسَوِّدَه حَياء منهم كيلْاَ تَتَأخَّر بعد ذلك‏.‏ والهاء في <تَغْبِسَها> ضمير الغُرّة، أو الطَّلْعة، والغُبْسَة‏:‏ لون الرَّماد‏.‏

ومنه حديث الأعشى ‏(‏هو الأعشى الحِرْمازِي‏.‏ انظر ص 148 من الجزء الثاني‏)‏ ‏.‏

كالذِّئْبة الغَبْسَاء في ظِلِّ السِّرَبْ*

أي الغَبْراء‏.‏

‏{‏غبش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه صلَّى الفجْر بِغَبَشٍ> يقال‏:‏ غَبِشَ الليلُ وأغْبَش إذا أظْلم ُظْلمةً يُخالِطُها بياض‏.‏ قال الأزهري‏:‏ يُريد أنه قَدَّم صلاة الفَجْر عند أوّل طُلوعه، وذلك الوقت هو الغَبَش، وبعده الغَبسُ بالسين المهملة، وبعده الغلس، ويكون الغَبشُ بالمعجمة في أوّل الليل أيضا‏.‏ ورواه جماعة في <المُوَطَّأ> بالسين المهملة، وبالمعجمة أكْثر‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏ ويُجْمع على أغْباش‏.‏

ومنه حديث علي <قَمَش (قال الزمخشري: <القَمْشُ: الجمع من ها هنا وها هنا. ومنه قُماش البيت، لرديء متاعه> الفائق 1/438‏)‏ عِلْماً غَارّاً بأغْباش الفِتْنة> أي بِظُلَمِها‏.‏

‏{‏غبط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه سُئل: هل يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: لا، إلاَّ كما يَضُرُّ العِضَاهَ الخَبْطُ> الغَبْط‏:‏ حَسَدٌ خاصُ‏.‏ يقال‏:‏ غَبَطْتُ الرجُل أَغْبِطُه غَبْطا، إذا اشْتَهَيَتْ أن يكون لك مِثْلُ مالَه، وأن يَدُوم عليه ما هو فيه‏.‏ وحَسَدْتُه أحْسُدُه حَسَداً، إذا اشْتَهَيْتَ أن يكون لك مالَه، وأنْ يَزُول عنه ما هو فيه‏.‏ فأراد عليه السلام أنَّ الغَبْطَ لا يَضُرُّ ضَرَرَ الحَسَد، وأن ما يَلْحَق الغابِطَ من الضَّرر الراجع إلى نُقصان الثَّواب دون الإحْباط بِقَدْرِ ما يَلْحَقُ العِضَاهَ من خَبْط وَرَقها الذي هو دون قَطْعها واسْتِئصالها، ولأنه يَعودُ بعد الخْبط، وهو وإن كان فيه طَرَف من الحَسَد، فهو دونه في الإثْم‏.‏

ومنه الحديث <عَلَى مَنابِرَ مِنْ نور يَغْبِطهم أهلُ الجَمْع> ‏.‏

والحديث الآخر <يأتي على الناس زمان يُغْبَط الرَّجُلُ بالوَحْدة كما يُغْبَط اليوم أبو العَشَرة> يعني أنَّ الأئمة في صَدْر الإسلام يَرْزُقون عِيَال المسلمين وذَرارِيَّهُم من بيت المال، فكان أبو العَشَرة مَغْبُوطا بكَثْرة ما يَصِل إليه ‏(‏في ا واللسان‏:‏ <إليهم> والمثبت في الأصل، والفائق 1/10‏)‏ من أرْزاقِهم، ثم يَجِيء بعدهم أئمة يَقْطَعون ذلك عنهم، فُيْغَبط الرَّجُلُ بالوَحْدة؛ لخِفَّة المؤُنة، ويُرْثَى لصاحب العِيَال‏.‏

ومنه حديث الصلاة <أنه جاءَوَهُم يُصَلُّون في جماعة، فجَعل يُغَبِّطُهُم> هكذا رُوي بالتشديد‏:‏ أي يَحْمِلُهم على الغَبْط، ويَجْعل هذا الفِعل عندهم مِمَّا يُغْبط عليه، وإنْ رُوِي بالتخفيف فيكون قد غَبَطَهُم لتَقَدُّمِهم وسَبْقِهم إلى الصلاة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <اللهم غَبْطاً لَا هَبْطاً> أي أوْلِنَا مَنْزلةً نُغْبَطُ عليها، وجَنِّبنا مَنازل الهُبُوط والضَّعَة‏.‏ وقيل‏:‏ معناه نسألك الغِبْطَة، وهي النِّعْمة والسُّرور، وَنَعوذُ بك من الذُّل والخُضُوع‏.‏

وفي حديث ابن ذي يَزَن <كأنَّها غُبُطٌ في زَمْخَر> الغُبُط‏:‏ جمع غَبِيط، وهو الموضع الذي يُوَطَّأ للمرأة على البَعِير، كالهَوْدَج يُعَمل من خَشَب وغيره، وأراد به ها هنا أحَدَ أخْشابه، شبَّه به القَوْس في انْحِنائها‏.‏‏[‏ه‏]‏ وفي حديث مرضه الذي قُبِض فيه <أنه أغْبَطَتْ عليه الحُمَّى> أي لَزِمَتْه ولم تُفارِقْه، وهو من وَضْع الغَبيط على الجَمل‏.‏ وقد أغْبَطَتُه عليه إغْباطا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي وائل <فغَبَط منها شَاةً فإذا هي لا تُنْقِي> أي جَسَّها بِيده‏.‏ يقال‏:‏ غَبَط الشَّاةَ إذا لمس منها الموْضِع الذي يُعْرَف به سِمنُها من هُزَالِها‏.‏ وبعضهم يَرْويه بالعَين المهملة، فإن كان محفوظا فإنَّه أرْاد به الْذَّبْح، يقال‏:‏ اعْتَبَط الإبل والغَنَم إذا نَحَرها لغير دَاءٍ‏.‏

‏{‏غبغب‏}‏ * فيه ذِكْر <غَبْغَب> بفتح الغَيْنَيْن وسكون الباء الأولى‏:‏ مَوْضِع المَنْحَر بمِنىً‏.‏ وقيل‏:‏ الموضع الذي كان فيه اللاَّت بالطَّائف‏.‏

‏{‏غبق‏}‏ * في حديث أصحاب الغار <وكُنْت لا أغْبُقِ قَبْلَهُما أهلا ولا مالاً> أي ما كنت أقَدَّم عليهما أحَداً في شُرْب نَصِيبهما من اللَّبَن الذي يَشْرَبانه‏.‏ والغَبُوُق‏:‏ شُرْب آخِر النهار مُقَابِل الصَّبُوح‏.‏

ومنه الحديث <ما لم تَصْطَبِحُوا أو تَغْتَبِقوا> هو تَفْتَعِلُوا، من الغَبُوق‏.‏

ومنه حديث المغيرة <لا تُحَرِّم الغَبْقَة> هكذا جاء في رواية، وهي المرّة من الغَبُوق، شُرْب العَشِّي‏.‏ ويُروى بالعين المهملة والياء والفاء‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏غبن‏}‏ * فيه <كان إذا أطَّلَى بَدأ بِمَغَابِنِه> المَغابن‏:‏ الأرْفاغ، وهي بَوَاطِن الأفخاذ عند الحَوالِب، جمع مَغْبَن، من غَبَن الثَّوَب إذا ثَنَاه وعَطَفه، وهي مَعَاطِف الجِلْد أيضا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عِكْرِمة <مَنْ مَسَّ مَغابِنَه فلْيَتَوضَّأ> أمَره بذلك اسْتظْهاراً واحْتِياطاً، فإنَّ الغالب على من يَلْمسُ ذلك الموْضع أن تقَع يدُه على ذَكَره‏.‏

‏{‏غبا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إلاَّ الشَّياطين وأغْبِياء بَني آدم> الأغْبِياء‏:‏ جَمع غَبِيٍّ، كغَنِيٍّ وأغْنِياء‏.‏ ويجوز أن يكون أغْبَاء، كأيْتام، ومِثْله كَمِيٌّ وأكْمَاءٌ‏.‏ والغَبيُّ‏:‏ القَليل الفِطْنَة‏.‏ وقد غَبِىَ يَغْبَا غَباوةً‏.‏

ومنه الحديث <قليل الفِقْه (في ا <القليل الفقه> ‏)‏ خير من كثير الغَبَاوَة>‏.‏

ومنه حديث علي <تَغابَ عن كل ما لا يَصِحُّ لك> أي تَغَافَلْ وتَبَالَه‏.‏

وفي حديث الصوم <فإن غَبِىَ عليكم> أي خَفِيَ‏.‏ ورواه بعضهم <غُبِّيَ> بضم الغين وتشديد الباء المكسورة، لِمَا لم يُسَمَّ فاعِله، من الغَباء‏:‏ شِبْه الغَبَرة في السماء

 باب الغين مع التاء

‏{‏غتت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المَبْعَث <فأخذَني جبريل فغَتَّني حتَّى بَلغ مِنّي الجَهْد> الغَتُّ والغَطُّ سواء، كأنه أراد عَصَرني عَصْراً شديداً حتى وجَدْت منه المَشقَّة، كما يَجِد مَن يُغْمَس في الماء قَهراً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <يَغُتُّهم اللّه في العذاب غَتّاً> أي يَغْمِسُهم فيه غَمْسا مُتَتَابِعا‏.‏

ومنه حديث الدعاء <يا مَن لا يَغُتُّه دُعاء الدَّاعين> أي يَغْلِبه ويَقْهَره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحوض <يُغتُّ فيه مِيزابان، مدادهما من الجنة> أي يدُفِقان فيه الماء دفقاً دائما متتابعان‏.‏

 باب الغين مع الثاء

‏{‏غثث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أم زَرْع <زَوْجي لحْمُ جَملٍ غَثٍّ> أي مَهْزول‏.‏ يقال‏:‏ غَثّ يَغِثُّ وَيَغَث،ُّ وأغَثَّ يُغِثُّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديثها أيضا، في رِواية <ولا تُغِثُّ طَعامَنا تَغْثِيثا> أي لا تُفْسِده‏.‏ يقال‏:‏ غَثَّ فُلان في قوله، وأَغَثَّه إذا أفْسَده‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <قال لابْنه عَلِيٍّ: الحقْ بابْن عَمِّك - يعني عبد الملك - فغَثُّك خير من سَمِين غيرك> ‏.‏

‏{‏غثر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث القيامة <يُؤتَى بالموت كأنه كَبْشٌ أغْبَر> هو الكَدِر اللَّوْن، كالأغْبَر والأرْبَد‏.‏

وفي حديث عثمان <قال حين تنكر له الناسُ: إنَّ هؤلاء النَّفَرَ رَعاعٌ غَثَرَة> أي جُهَّال، وهو من الأغثَر‏:‏ الأغْبَر‏.‏ وقيل للأحْمق الجاهل أغْثَرُ، استِعارةً وتَشْبيها بالضَّبُع الغَثْرَاء لِلوَنها، والواحد‏:‏ غاثِرُ‏.‏ قال القُتَيْبيّ‏:‏ لم أسْمع غاثرِاً، وإنَّما يقال‏:‏ رجُلٌ أغْثَرُ إذا كان جاهلا‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث أبي ذَرّ <أحِبُّ الإسلام وأهْله وأحِبُّ الغَثْراء> أي عامَّة الناس وجماعَتَهم‏.‏ وأراد بالمحَّبة المُناصَحَة لهم والشَّفَقة عليهم‏.‏

وفي حديث أُوَيْس <أكون في غَثْراء الناس> هكذا في رِواية ‏(‏انظر ص 338‏)‏ ‏:‏ أي في العَامَّة المجْهُولين‏.‏ وقيل‏:‏ هم الجماعة المُخْتَلِطَة من قبائل شَتّى‏.‏

‏{‏غثا‏}‏ * في حديث القيامة <كما تَنْبُت الحَّبِةُ في غُثَاء (رويت: <في حميل السيل> وسبقت في <حمل> ‏)‏ السَّيْل> الغُثَاء بالضم والمدّ‏:‏ ما يجيء فوق السَّيْل مِمَّا يَحْمِله من الزَّبَد والوَسَخ وغيره‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏ وجاء في كتاب مُسْلم <كما تَنْبُت الغُثَاءةُ> يُريد ما احْتَمله السَّيْل من البُزُورات‏.‏

ومنه حديث الحسَن <هذا الغُثَاء الذي كنَّا نُحَدَّث عنه> يُريد أرْذالَ الناس وسَقَطَهم‏.‏

 باب الغين مع الدال

‏{‏غدد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنَّه ذَكَر الطَّاعون فقال: غُدَّةٌ كَغُدَّة البَعير تَأخُذُهم في مَراقَّهم> أي في أسْفَل بُطونهم‏.‏ الغُدّةُ‏:‏ طاعون الإبل، وقَلَّما تَسْلَم منه‏.‏ يقال‏:‏ أغَدَّ البَعير فهو مُغِدّ‏.‏ ومنه حديث عامر بن الطُّفَيْل <غُدّة كغُدّة البَعير، ومَوْتٌ في بَيْت سَلُوليَّة> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <ما هي بِمُغِدٍّ فَيَسْتَحْجِي لحَمها> يعني النَّاقَة، ولم يُدْخلْها تاء التأنيث لأنه أراد ذات غُدّة‏.‏

وفي حديث قَضاء الصلاة <فلْيُصَلّهِا حِين يَذْكُرها ومن الغَدِ للوْقت> قال الخطَّابي‏:‏ لا أعْلم أحَداً من الفقهاء قال إنَّ قَضاء الصلاةِ يؤخَّر إلى وَقْت مِثْلِها من الصلاة وتُقْضَى، ويُشْبه أن يكون الأمْر اسْتِحْباباً لتُحْرزَ فَضيلَة الوقْت في القَضاء، ولم يُرِد إعادة تلك الصلاة المَنْسِيَّة حتى تُصَلَّى مرَّتَيْن، وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انْتَقل وقْتُها لِلنَّسْيان إلى وقت الذِّكْرِ، فإنها باقية على وقْتها فيما بَعْد ذلك من الذكْر، لئلا يَظُنّ ظَانٌّ أنها سَقَطت بانْقِضاء وقتها أو تَغَيَّرت بَتَغُّيره‏.‏ والغَدُ أصله‏:‏ غَدْوٌ، فحُذفَت وَاوُه، وإنَّما ذكرناه ها هنا على لفظه‏.‏

‏{‏غدر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <َمن صَلَّى العِشاء في جَمَاعة في اللَّيلة المُغْدِرَةِ فقد أوجَبَ> المُغْدِرة‏:‏ الشَّديدة الظُّلْمة التَّي تُغْدِر الناس في بيُوتهم‏:‏ أي تَتْركُهم‏.‏ والغَدْراء‏:‏ الظُّلمة ‏(‏زاد الهروي‏:‏ <وقيل: سمِّيت مغدرة؛ لطرحها من يخرج فيها في الغَدَر، وهي الجِرَفة> اه وانظر القاموس ‏(‏جرف‏)‏ ‏)‏ ‏.‏

ومنه حديث كعب <لو أن امْرأة من الحُور العِين اطَّلَعت إلى الأرض في ليلة ظَلْمَاءَ مغْدِرَةٍ لأضَاءتْ ما على الأرض.

(ه) وفيه <يا لَيْتَنِي غُودِرْت مع أصحاب نُحْص الجَبل> النُّحْصُ‏:‏ أصْل الجَبل وسَفْحُه‏.‏ وأراد بأصحاب نُحْص الجبل قَتْلى أُحُد أوْ غيرهم من الشُهداء‏:‏ أي يا ليتني اسْتُشْهِدتُ معهم‏.‏ والمُغَادَرَة‏:‏ التَّرك‏.‏

ومنه حديث بدر <فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أصحابه حتى بلغ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ فأَغْدَرُوهُ> أي تركوهُ وخَلَّفُوه، وهو مَوْضع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر، وذكر حُسْنَ سياسته فقال‏:‏ <ولَوْ لا ذلك لأغْدَرْتُ بعضَ ما أسُوق> أي لَخَلَّفْتُ‏.‏ شَبَّهَ نَفْسَهُ بالرَّاعِي، ورَعِيَّتَهُ بالسَّرْحِ‏.‏ ورُوي <لغَدَّرْت> أي لألْقَيْتُ الناس في الغَدَر، وهو مكان كثير الحجارة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم <قَدِم مكَّة وله أربعُ غَدائر> هي الذَّوائب، واحِدَتُها‏:‏ غَديرة‏.‏

ومنه حديث ضِمام <كان رَجُلاً جَلْداً أشْعَر ذَا غَدِيرَتَيْن> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <بين يَدَيِ السَّاعةِ سِنُونَ غَدَّارَة، يَكْثُر المَطر ويَقِلُّ النَّبَات> هي فَعَّالة من الغَدْر‏:‏ أي تُطْعِمُهم في الخِصْب بالمَطر ثم تُخْلِف، فَجعَل ذلك غَدْراً منها‏.‏

وفي حديث الحُدَيْبِيَة <قال عُروة بن مسعود للمُغيِرة: يا غُدَرُ وَهَل غَسَلْت غَدْرَتَك إلَّا بالأمْسِ> غُدَر‏:‏ مَعْدُول عن غادِر للمبالغة‏.‏ يقال للذَّكَر غُدَرُ، وللأنثى غَدَارِ كقَطام، وهم مُخْتَصَّان بالنَّداء في الغالب‏.‏

ومنه حديث عائشة <قالت للقاسم: اجلس غُدَرُ> أي يا غُدَرُ، فَحَذَفَتْ حَرْف النَّدَاء‏.‏

ومنه حديث عاتكة <يا لَغُدَرُ يا لَفُجَرُ> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إنَّه مرَّ بأرضٍ يقال لها غَدِرَة فسَمَّاها خَضِرَة> كأنها كانت لا تَسْمَح بالنَّبَات، أو تُنْبِتُ ثم تُسْرِع إليه الآفةَ، فشُبَّهَت بالْغادِر لأنه لا يَفي‏.‏ وقد تكرر ذكر <الغَدْر> على اخْتلاف تَصرُّفه في الحديث‏.‏

‏{‏غدف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أغْدَف عَلَى عَليٍّ وفاطمةَ سِتْراً> أي أرْسَلَه وأسْبَله‏.‏

ومنه <أغْدَفَ الليلُ سُدُولَه> إذا أظْلَم‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عمرو بن العاص <لَنَفْسُ المؤمنِ أشَدُّ ارْتِكاضاً على الخطِيئة من العُصْفور حِين يُغْدَف به> أي حِين تُطْبَق عليه الشَّبكَةُ فيَضْطَرب لِيُفْلِت منها‏.‏

‏{‏غدق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الاستسقاء <اسْقِنا غَيْثاً غَدَقاً مُغْدِقاً> الغَدَق بفتح الدال‏:‏ المطَر الكِبار القَطْر، والْمُغدِق‏:‏ مُفْعِل منه، أكَّدَه به‏.‏ يقال‏:‏ أغْدَق المَطرُ يُغْدِق إغْدَاقا فهو مُغْدِق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إذا نشأتِ السّحابةُ مِن العَيْن فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَة> ‏.‏

وفي رِواية <إذا نشَأتْ بَحْرِيَّةً فتَشاءمَت فتِلك عَيْنٌ غُدَيْقَة> أي كثيرة الماء‏.‏ هكذا جاءت مُصَغَّرة، وهو من تَصْغير التَّعظيم‏.‏ وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

فيه ذِكر <بئر غَدَق> هي بفتحتين‏:‏ بئر معروفة بالمدينة‏.‏

‏{‏غدا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث السَّحور <قال: هَلُمَّ إلى الغَداء المُبارك> الغَداء‏:‏ الطَّعام الذي يُؤكل أوّلَ النهار، فسُمَّي السَّحور غَداءً؛ لأنَّه للصائم بمَنْزِلَتِه للمُفْطِر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <كنت أتَغدَّى عند عُمر بن الخطاب في رمضان> أي أَتَسحَّر‏.‏

وفيه <لَغَدْوَةٌ أو رَوْحةٌ في سبيل اللّه> الغَدْوَة‏:‏ المرّة من الغُدُوّ، وهو سير أوّل النهار، نَقِيض الرَّواح‏.‏ وقد غَدا يَغْدُو غُدُوّاً‏.‏ والغُدْوة بالضم‏:‏ ما بين صلاة الغَداة وطلوع الشمس‏.‏ وقد تكرر في الحديث اسْماً، وفعلا، واسم فاعل، ومصدرا‏.‏

‏[‏ه‏]‏وفيه <أنَّ يزيدَ بن مُرَّة قال: نُهِي عَن الغَدَوِي> هو كلّ ما فِي بُطون الحَوامِل، كانوا يَتَبايَعُونه فيما بينهم فنهُوا عن ذلك؛ لأنه غَرَرٌ‏.‏ وبعضهم يَرْويه بالذال المعجمة‏.‏

وفي حديث عبد المطلب والفيل‏:‏

لا يَغْلِبَنَّ صَلِيُبُهم ** وَمِحَالُهم غَدْواً مِحَالَكْ

الغَدْوُ‏:‏ أصْل الغَدِ، وهو اليوم الذي يأتي بعد يومك، فحُذِفَت لامُه‏.‏ ولم يُسْتَعْمل تَامَّا إلاَّ في الشّعر‏.‏ ومنه قول ذي الرُّمَّة ‏(‏هكذا نسب في الأصل، وا لذي الرُّمَّة‏.‏ ولم نجده في ديوانه المطبوع بعناية كارليل هنري هيس مكارتي‏.‏ وقد نسبه في اللسان للبيد‏.‏ وهو في شرح ديوانه ص 169 بتحقيق الدكتور إحسان عباس‏)‏ ‏:‏

ومَا النَّاسُ إلَّا كالدَّيَار وَأهْلِهَا ** بها يَوْمَ حَلُّوها وَغَدْواً بَلَاقِعُ

ولم يُرِدْ عبد المطَّلب الغَدَ بِعَيْنه، وإنما أرادَ القريب من الزَّمان‏.‏

 باب الغين مع الذال

‏{‏غذذ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الزكاة <فتأتي كأغَذِّ ما كانت> أي أسْرعَ وأنْشَط‏.‏ أغَذَّ يُغِذُّ إغْذَاذاً إذا أسْرع في السَّيْر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إذا مَررْتُم بأرض قوم قد عُذِّبوا فَأغِذُّوا السَّيْر> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث طلحة <فجعل الدَّمُ يومَ الجَمل يَغِذُّ مِن رُكْبَتِه> أي يَسِيل‏.‏ يقال‏:‏ غَذَّ العِرْق يَغِذُّ غَذّاً إذا سال ما فيه من الدَّم ولم يَنْقَطِع‏.‏ ويجوز أن يكون من إغْذاذ السَّيْر‏.‏

‏{‏غذمر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي <سأله أهل الطائف أن يَكْتُب بهم الأمان بتحليل الرِّبَا والخَمْر فامْتَنع، فقَامُوا ولهم تَغَذْمُرٌ وَبَرْبَرَة> التَّغَذْمُرُ‏:‏ الغَضَب وسُوء اللَّفْظ والتَّخليط في الكلام، وكذلك البَرْبَرة‏.‏

‏{‏غذم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي ذَرّ <عليكم مَعْشَرَ قريش بدُنْياكم فاغْذَمُوها> الغَذْم‏:‏ الأكْل بجفَاء وشِدّة نَهَمٍ‏.‏ وقد غَذِم يَغْذَم غَذْما فهو غُذَم‏.‏ ويقال‏:‏ غَذَم يَغْذُم‏.‏

ومنه الحديث <كان رَجُل يُرَائِي فلا يَمُرُّ بقَوم إلَّا غَذمُوه> أي أخَذُوه بألْسِنَتِهم‏.‏ هكذا ذكره بعض المتأخَّرين في الغين المعجمة، والصحيح أنه بالمهملة وقد تقدّم، واتَّفَق عليه أربابُ اللغة والغريب‏.‏ ولا شَكَّ أنه وَهْمٌ منه‏.‏

اللّه أعلم‏.‏

‏{‏غذور‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا تَلْقَى المُنافقَ إلَّا غَذْوَرِيّاً> قال أبو موسى‏:‏ كذا ذكَرُوه، وهو الْجَافِي الغَلِيظ‏.‏

‏{‏غذا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث سعد بن معاذ <فإذا جُرْحُه يَغْذُو دَماً> أي يَسِيل‏.‏ يقال‏:‏ غَذَا الجُرْحُ يَغْذُو إذا دَامَ سَيَلانُه‏.‏

ومنه الحديث <إنَّ عِرْقَ المُسْتَحاضَة يَغْذُو> أي يَتَّصِل سَيَلانُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <حتى يَدْخُلَ الكَلْبُ فَيُغَذِّىَ على سَوَارِي المسجد> أي يَبُول عليها لعَدَم سُكَّانه وخُلُوِّه من الناس‏.‏ يقال‏:‏ غَذَّى بِبَوْله يُغَذِّي إذا ألْقاه دُفْعَةً دُفْعَةً‏.‏

وفي حديث عمر <شَكا إليه أهلُ الماشية تَصْديقً الغِذَاء، فقالوا: إن كنت مُعْتَدّاً علينا بالغِذَاء فخُذْ منه صَدقَتَه، فقال: إنَّا نَعْتَدّ بالغِذَاء كلِّه حتَّى السَّخْلِة بَرُوح بها الرَّاعِي على يَدِه، ثم قال في آخره: وذلك عَدْل بين غِذَاء المال وخِيَاره> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديثه الآخر <أنَّه قال لِعَامل الصَّدَقات: احْتَسِبْ عليهم بالغِذَاء (في الهروي: > احتسب عليهم الغِذاءَ> ‏)‏ ولا تأخُذْها منهم> الغِذاء‏:‏ السِّخال الصِّغار، واحِدها‏:‏ غَذِيّ، وإنَّما ذكِّر الضَّمير في الحديث الأوّل رَدّاً إلى لَفْظ الغِذَاء، فإنَّه بوزن كِساء وَردَاء‏.‏ وقد جاء السِّمام المُقْنَع، وإن كان جمع سَمّ‏.‏ والمراد بالحديث ألا يأخُذ السَّاعي خِيَار المال ولا رَديئه، وإنما يأخُذ الوَسَط، وهو بمعنى قوله <وذلك عَدْلٌ بين غِذَاء المال وخِياره> ‏.‏

وفي حديثه الآخر <لا تُغَذُّوا أولاد المُشْرِكين> أرادَ وَطْءَ الحبَالَى من السَّبْي، فجَعل ماء الرَّجُل للحَمْل كالغِذَاء‏.‏

 باب الغين مع الراء

‏{‏غرب‏}‏ * فيه <إن الإسلام بَدأ غَرِيبا وسَيَعود كما بَدأ فَطُوبَى للغُرَباء> أي أنَّه كان في أوّل أمْره كالغَرِيب الوَحيد الذي لا أهْل له عنده، لِقَّلة المسْلمين يومئذ، وسَيَعود غَريبا كما كان‏:‏ أي يَقِلُّ المسلمون في آخِر الزمان فيصيرون كالغُرَباء‏.‏ فطُوبَى للغُرَباء‏:‏ أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام ويكونون في آخِره، وإنَّما خصَّهم بها لصَبْرهم على أذَى الكُفَّار أوّلاً وآخِرا، ولُزُومهم دينَ الإسلام‏.‏

ومنه الحديث <اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا (انظر حواشي ص 106 من الجزء الثالث) >الاغْتِراب‏:‏ افْتِعال من الغُرْبَة، وأراد تَزوَّجُوا إلى الغَرائب من النِّساء غير الأقارب، فإنه أنْجَب للأولادِ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث المُغِيرة <ولا غَرِيَبة نَجِيبَة> أي أنها مع كونها غريبةً فإنَّها غير نَجِيبَة الأولاد‏.‏

‏[‏ه‏]‏ومنه الحديث <إنّ فيكم مُغَرِّبين، قيل: وما المُغَرِّبون؟ قال: الذين تَشْرَك فيهم الْجِنُّ> سُمُّوا مُغَرِّبين لأنه دَخل فيهم عِرْقٌ غريب، أو جاءوا من نَسَب بَعيد‏.‏ وقيل‏:‏ أرادَ بُمشَارَكة الجِنّ فيهم أمْرَهم إياهم بالزنا، وتَحْسِينَه لهم فجاء أولادُهم من غيرِ رِشْدَةٍ‏.‏

ومنه قوله تعالى‏:‏ <وشارِكْهُمْ في الأمْوالِ والأولادِ> ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ومنه حديث الحَجَّاج <لأضْرِبَنَّكم ضَرْبَ غَرِيبَة الإبل> هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رَعِيَّته يُهَدِّدُهم، وذلك أنَّ الإبل إذا ورَدَت الماء فدَخل فيها غَريبةٌ من غيرها ضُربَت وطُرِدَت حتى تَخْرُج منها‏.‏

وفيه <أنه أَمَر بتَغْرِيب الزَّانِي سنة> التَّغْريب‏:‏ النَّفْي عن البلد الذي وَقَعت فيه الجِناية‏.‏ يقال‏:‏ أغْرَبْتُه وغَرَّبْتُه إذا نَحَّيْتَه وأبْعَدْتَه‏.‏ والغَرْب‏:‏ البُعْد‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ رجُلا قال له: إنَّ امْرَأتي لا تَردُّ يَد لَامس، فقال: أغْرِبْها> أي أبْعِدْهَا، يُريد الطَّلاق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <قَدِم عليه رجُل فقال له: هل مِن مُغَرِّبِة خَبَر؟> أي هل من خَبَرٍ جَديِد جاء مِن بَلَدٍ بَعِيد‏.‏ يقال‏:‏ هل من مُغَرِّبِة خبر‏؟‏ بكسر الراء وفتحها مع الإضافة فيهما، وهو من الغَرْب‏:‏ البُعد‏:‏ وَشأوٌ مُغَرِّب ومُغَرَّب‏:‏ أي بَعِيد‏.‏

ومنه الحديث <طَارَت به عَنْقَاء مُغْرِب> أي ذهبت به الدَّاهية‏.‏ والمُغْرِب‏:‏ المُبْعِد في البلاد‏.‏ وقد تقدّم في العين‏.‏

‏[‏ه‏]‏وفي حديث الرؤيا <فأخذ عُمرُ الدَّلْوَ فاسْتَحالتْ في يَدِه غَرْباً> الغَرْب بسكون الراء‏:‏ الدَّلو العظيمة التي تُتَّخَذ من جِلْد ثَوْرٍ، فإذا فُتِحَت الراء فهو الماء السَّائل بين البِئر والحوض‏.‏ وهذا تَمثيل، ومعناه أنَّ عُمَر لمَّا أخَذ الدَّلْوَ ليَسْتَقِيَ عَظُمَت في يَدِه؛ لأنَّ الفُتُوح كانت في زَمَنه أكثر منها في زمن أبي بكر‏.‏ ومعنى اسْتَحالت‏:‏ انْقَلَبت عن الصغِّر إلى الكِبَر‏.‏

ومنه حديث الزكاة <وما سُقِيَ بالغَرْب ففيه نِصْفُ العُشْر> ‏.‏

وفي الحديث الآخر <لو أنَّ غَرْباً من جهنَّم جُعِل في الأرض لآذَى نَتْنُ ريحِه وَشِدةُ حَرِّه ما بين المَشْرق والمغْرب> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس <ذَكر الصِّدِّيق فقال: كان واللّه بَرّاً تَقِيَّا يُصَادَي (انظر ص 19 من الجزء الثالث) غَرْبُه> وفي رواية <يُصَادَي منه غَرْب> ‏(‏وهي رواية الهروي‏)‏ الغَرْب‏:‏ الحِدَّة، ومنه غَرْب السَّيف‏.‏ أي كانت تُدارَى حِدّتُه وتُتَّقَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <فسكَنَ مِن غَرْبه> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة <قالت عن زَيْنَب: كلُّ خِلالهِا مَحْمُودٌ ما خَلَا سَوْرَةً من غَرْبٍ كانت فيها> ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وحديث الحسن <سُئل عن القُبْلة للصَّائم فقال: إني أخاف عليك غَرْبَ الشَّبَاب> أي حِدَّتَه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الزُّبَيْر <فما زال يَفْتِل في الذِّرْوة والغارِب حتى أجابَتْه عائشة إلى الخُروج> الغارِب‏:‏ مُقَدَّم السَّنَام، والذِّرْوَة‏:‏ أعلاه، أراد أنه ما زال يُخادِعُها ويَتَطَّلُفها حتى أجابَتْه‏.‏ والأصل فيه أنَّ الرجُل إذا أراد أن يُؤَنِّسَ البَعِير الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقَادَ لَهُ جعل يُمِرُّ يَدَه عليه ويسمح غارِبَه ويَفْتِل وَبَره حتى يَسْتَأنِس ويَضَع فيه الزِّمام‏.‏

ومنه حديث عائشة <قالت ليزيد بن الأصَمّ: رُمِيَ بِرَسِنك على غاربك> أي خُلِّي سَبِيلُك فليس لك أحدٌ يَمْنَعُك عما تُريد، تشبيها بالبعير يُوضَع زِمامُه على ظَهْرِه ويُطْلَق يَسْرح أين أراد في المَرْعَى‏.‏

ومنه الحديث في كنايات الطلاق <حَبْلُك على غَارِبك> أي أنْتِ مُرْسَلَة مُطْلَقَة غير مشدودة ولا مُمْسَكَة بعَقْد النِّكاح‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <أنَّ رجُلا كان واقِفا معه في غَزَاة فأصابه سَهْمُ غَرْبٍ> أي لا يُعْرَف رَامِيه‏.‏ يقال‏:‏ سَهْمُ غرب بفتح الراء وسكونها، وبالإضافة، وغير الإضافة‏.‏ وقيل‏:‏ هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يَدْرِي، وهو بالفتح إذا رَماه فأصاب غيْرَه‏.‏ والهروي لم يُثْبِت عن الأزهري إلا الفتح‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحسَن <ذكر ابن عبَّاس فقال: كان مِثَجّاً يَسِيل غَرْباً> الغَرْب‏:‏ أحَدُ الغُرُوب، وهي الدُّموع حين تَجْرِي‏.‏ يقال‏:‏ بِعَيْنه غرب إذا سال دَمْعُها ولم يَنْقَطع، فَشبَّه به غَزَارَةَ عِلْمِه وأنَّه لا يَنْقَطِع مَدَدُه وجَرْيُه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث النابغة <تَرِفُّ غُروبُه> هي جمع غَرْب، وهو ماء الفَمِ وحِدّة الأْسنان‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث ابن عباس <حِينَ اخْتُصِم إليه في مَسِيل المَطر فقال: المَطرُ غَرْبٌ، والسَّيْل شَرْق> ، أراد أنّ أكْثَر السَّحاب يَنْشَأ من غَرْب القِبْلَة، والعَيْن هُناك‏:‏ تقول العَرب‏:‏ مُطِرْنا بالعين، إذا كان السَّحاب ناشِئا من قِبْلَة العراق‏.‏ وقوله <والسَّيْل شَرْق> يُريد أنه يَنْحطُّ من ناحِية المَشْرِق، لأن ناحِية المشْرق عَالِيةٌ وناحِيَة المَغْرِب مُنْحَطَّة‏.‏ قال ذلك القُتَيْبِيّ‏.‏ ولعَلَّه شيء يَخْتَصُّ بتلك الأرض التي كَانَ الخِصَام فيها‏.‏

وفيه <لا يزالُ أهلُ الغَرْب ظاهرين على الحَقِّ> قيل‏:‏ أرادَ بهم أهْل الشَّام، لأنهم غَرْب الحِجاز‏.‏ وقيل‏:‏ أرادَ بالغَرْب الحِدّةَ والشوَّكَة‏.‏ يُريد أهْل الجِهَاد‏.‏ وقال ابن المَدِيني‏:‏ الغَرْب ها هنا الدَّلْوُ، وأرَادَ بهم العَرَب؛ لأنَّهم أصْحابها وهُمْ يَسْتَقُون بها‏.‏

وفيه <ألاَ وَإنّ مَثَل آجالِكم في آجال الأمَم قبْلَكم كما بَيْن صَلاِة العَصْر إلى مُغَيْرِبان الشَّمْس> أي إلى وَقْتِ مَغِيبها‏.‏ يقال‏:‏ غَرَبَت الشمس تَغْرُب غُروبا ومُغَيْرِبَاناً، وهو مُصَغَّر على غير مُكبَّره، كأنهم صَغَّرُوا مَغْرِبَاناً، والمَغْرِب في الأصل‏:‏ مَوْضع الغُروب، ثم اسْتُعمِل في المَصْدر والزَّمان، وقِياسُه الفَتحُ ولكِن اسْتُعْمِل بالكسر، كالمشْرِق والمسْجد‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي سعيد <خَطبَنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى مُغَيْرِبان الشمس> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنَّه ضَحِك حتى اسْتَغْرَب> أي بالَغ فيه‏.‏ يقال‏:‏ أغْرَب في ضَحِكه واسْتَغْرب، وكأنه من الغَرْب‏:‏ البُعْد‏.‏ وقَيل‏:‏ هو القَهْقَهة‏.‏

ومنه حديث الحسن <إذا اسْتَغْرَب الرجُلُ ضَحِكا في الصلاة أعادَ الصلاة> وهو مذهب أبي حنيفة، ويَزِيد عليه إعادَة الوُضوء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي دعاء ابن هُبَيْرة <أعُوذ بِك من كلِّ شيطانٍ مُسْتَغْرِب، وكُل نَبَطِيٍّ مُسْتَعرِب> قال الحرْبي‏:‏ أظُنُّه الذي جَاوَزَ القَدْرَ في الخُبْث، كأنه من الاسْتغِرْاب في الضَّحك‏.‏ ويجوز أن يكون بمعنة المُتَنَاهِي في الحِدّة، من الغَرْب‏:‏ الحِدَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنَّه غَيَّر اسْم غُرَاب> لِمَا فيه من البُعْد، وَلأنَّه من خُبْث الطيور‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عائشة <لمَّا نَزل <ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهنّ> فأصْبَحْنَ على رؤِسهن الغِرْبَان> شَبَّهَت الخُمُر في سَوادِها بالغِرْبَان جمع غُرَاب، كما قال الكُمَيْت‏:‏

كَغِرْبَانِ الكرُوُم الدَّوَالحِ*

‏{‏غربب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إن اللّه يُبْغِضُ الشَّيْخ الغِرْيبب> الغِرْبيبُ‏:‏ الشدَّيد السَّوادِ، وجمعُه غَرابِيب، أرادَ الذي لا يَشِيبُ‏.‏ وقيل‏:‏ أراد الذي يُسَوِّد شعره‏.‏

‏{‏غربل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أعْلِنُوا النّكاح (في الأصل و ا: <بالنكاح> والمثبت من الهروي واللسان، والدر النثير، والفائق 2/225‏)‏ واضْرِبوا عليه بالغِرْبال> أي بالدُّفّ لأنه يُشْبه الغِرْبال في اسْتِدَارَته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كيف بكم إذا كنتم في زمان يُغَرْبَل فيه الناس غُرْبَلَة؟> أي يَذْهَب خِيارُهم ويَبْقَى أرْذَالُهم‏.‏ والمُغَرْبَل‏:‏ المُنْتقَى، كأنه نُقِّيَ بالغِرْبَال‏.‏

ومنه حديث مكحول <ثم أتَيْت الشامَ فَغَرْبَلْتُها> أي كشَفْت حال مَن بها وَخَبْرتهم، كأنه جَعلَهَم في غِرْبَال ففَرَق بين الَجِّيد والرَّديء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن الزُّبير <أتَيْتُموني فَاتِحِي أفْوَاهِكُم كأنكم الغِرْبِيل> قيل‏:‏ هو العُصْفور‏.‏

‏{‏غرث‏}‏ * فيه <كلُّ عَالِمٍ غَرْثَانُ إلى عِلْم> أي جائع‏.‏ يُقال‏:‏ غَرِث يَغْرَث غَرَثاً فهو غَرْثان، وامْرأة غَرْثى‏.‏ ومنه شعر حسان في عائشة‏:‏

وَتُصْبحُ غَرْثَي من لُحوم الغَوافِلِ*

ومنه حديث علي <أبِيتُ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَي> ‏.‏

ومنه حديث أبي حَثْمة ‏(‏في الأصل واللسان‏:‏ <خثمة> بالخاء المعجمة، وفي ا‏:‏ <خيثمة> ‏.‏ وهو في الفائق 1/231، أبو عمرة، عبد الرحمن بن محصن الأنصاري‏.‏ والمصنف اضطرب في كنية هذا الرجل، فمرة يذكرها <أبو حثمة> بالحاء المهملة، وأخرى‏:‏ <أبو عمرة> وحديث هذا الرجل مفرَّق على المواد ‏(‏تحف‏.‏ حرش‏.‏ خرس‏.‏ خرف‏.‏ رقل‏.‏ صلع‏.‏ صمت‏.‏ ضرس‏.‏ علل‏)‏ وانظر أسد الغابة 5/168، 263، الإصابة 7/41، 138‏)‏ عند عمر يذُمّ الزَّبيب <إن أكَلْتُهُ غَرِثْتُ> وفي رواية <وإنْ أتْركْه أغْرَثْ> أي أجُوع، يعني أنه لا يَعْصِم من الجوع عِصْمَةَ التَّمْر‏.‏

‏{‏غرر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه جَعل في الجَنين غُرَّةً عبْداً أو أمَة> الغُرّة‏:‏ العبْد نَفْسُه أو الأمة، وأصل الغُرَّة‏:‏ البياض الذي يكون في وجْه الفَرس، وكان أبو عمرو بن العَلاء يقول‏:‏ الغُرّة عبْدٌ أبيضُ أو أمَةٌ بَيْضاء، وسُمِي غُرَّةً لِبيَاضِه، فلا يُقبَل في الدِّية عبدٌ أسْودُ ولا جارية سَوْداء‏.‏ وليس ذلك شَرْطاً عند الفُقهاء، وإنما الغُرّة عندهم ما بَلغ ثمنُه نِصفَ عُشْر الدِّية ‏(‏في الهروي، واللسان‏:‏ <الغرة من العبيد الذي يكون ثمنه عُشْر الدية> ‏)‏ من العبيد والإماء‏.‏ وإنما تجب الغُرّة في الجَنين إذا سَقَط مَيِّتاً، فإن سقط حَيّاً ثم مات ففيه الدِّية كاملة‏.‏ وقد جاء في بعض رِوايات الحديث <بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أو أمَة أو فَرَس أو بَغْل> ‏.‏ وقيل‏:‏ إنَّ الفَرس والبَغْل غَلَطٌ من الراوي‏.‏

وفي حديث ذي الْجَوْشَن <ما كنت لأقيِضَه (في اللسان: <لِأَقْضِيَه> ‏.‏ وأقيضه‏:‏ أي أُبْدِله وأعوضه عنه‏.‏ انظر ‏(‏قيض‏)‏ فيما يأتي‏)‏ اليومَ بغُرّة> سَمَّى الفَرس في هذا الحديث غُرّة، وأكثر ما يُطْلق العبد والأمَة‏.‏ ويجوز أن يكون أراد بالغُرَّة النَّفيس من كلّ شيء، فيكون التقدير‏:‏ ما كنت لأَقِيضَه بالشيء النَّفيس المرْغُوب فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <غُرٌّ مُحَجَّلون من آثار الوضوء> الغُرُّ‏:‏ جمع الأغَر، من الغُرّة‏:‏ بياضِ الوجْه، يُريد بَياض وجُوهِهم بنور الوُضوء يوم القيامة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <في صَوْم الأيام الغُرِّ> أي البِيضِ الليالي بالقَمَر، وهي ثالث عشَر، ورابع عشر، وخامس عشر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إياكُم ومُشَارَّةَ الناسِ، فإنها تَدْفِنُ الغُرَّة وتُظْهر العُرَّة> الغُرّة ها هنا‏:‏ الحَسَنُ والعَمل الصالح، شبَّهه بِغُرّة الفَرس، وكل شيء تُرْفَع قيمتَهُ فهو غُرّة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <عليكم بالأبكار فإنَّهنّ أغَرُّ غُرَّةً> يَحْتَمِل أن يكون من غُرّة البَياض وصَفاء اللَّون ‏(‏قال الهروي‏:‏ <وذلك أن الأْيمة والتعنيس يحيلان اللون> ‏)‏ ، ويَحْتَمل أن يكون من حُسْن الخُلُق والعِشْرة، ويؤيدِّه الحديث الآخر‏:‏

‏[‏ه‏]‏ <عليكم بالأبكار فإنَّهنّ أغَرُّ أخلاقا> أي أنَّهنّ أبْعَدُ من فِطْنَة الشَّرّ ومعرفته، من الغِرَّة‏:‏ الغَفْلة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <ما أجِدُ لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإسلام مَثَلاً إلاَّ غَنَما ورَدَت فَرُمِيَ أوّلها فَنَفر آخِرُها> غُرَّة الإسلام‏:‏ أوّلُه، وغُرّة كل شيء‏:‏ أوّلُه‏.‏

وفي حديث علي <اقْتُلُوا الكَلْبَ الأسْود ذَا الغُرَّتَيْن> هما النُّكْتَتان البَيْضَاوَان فَوْق عَيْنَيه‏.‏

‏(‏س ‏[‏ه‏]‏‏)‏ وفيه <المؤمِن غِرٌّ كريم> أي ليس بذي نُكْر، فهو يَنْخَدِع لانْقِيادِه وَلينِه، وهو ضِدُّ الخَبِّ‏.‏ يقال‏:‏ فَتىً غِرٌّ وفَتاةٌ غِرٌّ، وقد غَرِرْتَ تَغِرُّ غَرارَة‏.‏ يُريد أنَّ المؤمنَ المحمودَ من طَبْعه الغَرارة، وقِلةُ الفِطْنة للشَّرّ، وتركُ البحث عنه، وليس ذلك منه جَهلا، ولكنه كَرَمٌ وحُسْن خُلُق‏.‏

ومنه حديث الجنة <يَدْخُلُني غِرَّة الناس> أي البُلْهُ الذين لم يُجَرّبوا الأمور، فَهمُ قَليلُو الشَّرّ مُنْقادُون، فإنَّ مَنْ آثرَ الخُمول وإصْلاح نَفْسِه والتَّزوُّد لِمَعاده، ونَبذَ أمُور الدنيا فليس غِرّاً فيما قَصَد له، ولا مَذْموما بنوع من الذَّم‏.‏

‏[‏ه‏]‏ومنه حديث ظَبْيان <إنَّ مُلوك حِمْيَر مَلَكُوا مَعاقِلَ الأرض وقَرارَها، ورُءوسَ المُلُوك وغِرارَها> الغِرَار والأغرار‏:‏ جمع الغِرِّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عمر <إنَّك ما أخَذْتَها بَيْضاء غَرِيرة> هي الشَّابَّة الحديثة التي لم تُجَرِّب الأمور‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه قَاتَل محارِب بن خَصَفة> فَرأوْا مِن المسلمين غِرَّة فصَلى صلاة الخوف> الغِرَّة‏:‏ الغَفْلة‏:‏ أي كانوا غافلين عن حِفْظ مَقامِهم، وما هُم فيه من مُقابلة العَدُوّ‏.‏

ومنه الحديث <أنه أغار على بَنِي المصْطَلِق وهم غارُّون> أي غافِلون‏.‏

ومنه حديث عمر <كتَب إلى أبي عُبَيدة أن لا يُمْضِيَ أمْرَ اللّه إلاَّ بَعِيدُ الغِرّة حصَيف العُقْدة> أي مَن بَعُد حفْظُه لغَفْلة المسلمين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <لا تَطْرُقوا النِّساءَ ولا تَغْتَرُّوهُنّ> أي لا تَدْخُلوا إليهنّ على غِرَّة‏.‏ يُقال‏:‏ اغْتَرَرْتُ الرَّجُل إذا طَلَبْتَ غِرَّتَه، أي غَفْلَته‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سارق أبي بكر <عَجِبْتُ من غِرَّتِه باللّه عزَّ وجَلّ> أي اغتِرَارِه‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <أنه نَهى عن بَيْع الغَرَر> هو ما كان له ظاهِر يَغُرّ المشتَرِيَ، وباطِنٌ مجهول‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ بَيْع الغرَر‏:‏ ما كان على غَيْر عُهْدَة ولا ثِقة، وتَدخُل فيه البيوع التي لا يُحيِط بِكُنْهِها المُتَبَايعان، من كل مَجْهول‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مُطَرِّف <إنّ لي نَفْسا واحِدة، وإنّي أكْره أن أغَرِّرَ بها> ‏.‏ أي أحْمِلها على غَيْرِ ثِقَة، وبه سُمّي الشيطان غَرُوراً، لأنه يَحْمِل الإنسان على مَحَابِّه، وورَاء ذلك ما يَسُوء‏.‏* ومنه حديث الدعاء <وتَعَاطى ما نَهَيْتَ عنه تَغْريراً> أي مُخَاطَرَة وغَفْلَة عن عاقِبة أمْره‏.‏

ومنه الحديث <لأنْ أغْتَرَّ بهذه الآية ولا أقاتِل، أحَبُّ إليّ من أنْ أغْتَر بهذه الآية> يُريد قوله تعالى <فقاتلِوا التي تَبْغي> وقوله <ومَنْ يَقْتُلْ مؤمِنا متَعَمِّدا> المعنى أنْ أخاطِر بِتْركي مُقْتَضى الأمْرِ بالأُولَى أحَبُّ إليّ من أن أخاطِر بالدُّخول تَحت الآية الأخْرى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أيُّما رَجُل بايَعَ آخر فإنَّه لا يُؤمَّر واحِدٌ منهما تَغِرَّةَ أنْ يُقْتَلا> التَّغِرَّة‏:‏ مصْدر غَرَّرْتُه إذا ألْقَيْتَه في الغَرَر، وهي من التَّغْرير، كالتَّعِلَّة من التَّعْليل‏.‏ وفي الكلام مضاف محذوف تقديره‏:‏ خَوْفَ تَغِرَّة أنْ يُقْتَلا‏:‏ أي خَوْفَ وقُوعِها في القتل، فحذف المُضاف الذي هو الخوْف، وأقام المُضاف إليه الذي هو تَغِرَّة مُقامَه، وانْتَصب على أنه مفعول له‏.‏ ويجوز أن يكون قوله <أن يُقْتَلا> بدلا من <تغرة> ويكون المُضاف مَحْذوفاَ كالأوّل‏.‏ ومَن أضاف <تَغِرّة> إلى <يُقْتَلا> فمعناه خَوْفَ تَغِرَّته قَتْلَهما‏.‏ ومعْنى الحديث‏:‏ أنّ البَيْعة حقُّها أنْ تقع صادِرة عن الْمُشورة والاتِّفاق، فإذا اسْتَبَدَّ رجُلان دُون الجماعة فبايع أحدهُما الآخَر، فذلك تَظَاهُر منهما بِشَقّ العصَا واطِّراح الجماعة، فإن عُقِد لِأحَدٍ بَيْعة فلا يكون المعقودُ لَه واحِداً منهما، ولِيَكُونا مَعزولَين من الطائفة التي تَتَّفق على تَمْييز الإمام منها؛ لأنه إن عُقِد لواحدٍ منْهما وقد ارْتَكَبَا تِلك الفَعْلة الشَّنيعة التي أحْفَظَت الجَماعة، من التَّهاوُن بهم والاسْتغناء عن رأيهم لم يؤَمن أن يُقْتَلا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <أنه قَضى في ولد المغرور بغُرَّة> هو الرجُل يتَزوّج امْرأة على أنها حُرة فتظْهر مَمْلوكة، فَيَغْرَم الزوجُ لموْلَى الأمَة غُرَّةً عَبْداً أو أمةً، ويَرجع بها على مَن غَرَّه، ويكون وَلَدُه حُرّاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لا غِرَارَ في صَلاة ولا تَسْليم> الغِرَارُ‏:‏ النُّقصان‏.‏ وغِرَار النَّوم‏:‏ قِلَّتُه‏.‏ ويُريد بغِرَار الصَّلاة نُقْصانَ هَيْآتها وأركانِها‏.‏ وغرَارُ التَّسليم‏:‏ أن يقول المُجِيبُ‏:‏ وعَلَيْك، ولا يقول‏:‏ السَّلام‏.‏ وقيل‏:‏ أراد بالغرار النَّوْم‏:‏ أي ليْسَ في الصلاة نوم‏.‏ <والتسليم> يُرْوَى بالنَّصْب والجِرّ، فَمَنْ جَرَّه كان معطُوفا على الصلاة كما تقدم، ومن نصب كان معطوفا على الغِرَار، ويكون المعنى‏:‏ لا نَقْصَ ولا تَسْليمَ في صلاة؛ لأن الكلام في الصلاة بَغْير كلامها لا يجوز‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <لا تُغارُّ التَّحيّة> أي لا يُنْقص السلام‏.‏

وحديث الأوْزاعيّ <كانوا لا يَرون بِغِرَار النوم بَأساً> أي لا ينْقُض قليلُ النوم الوُضُوءَ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة تَصِف أباها <فقالت: رَدَّ نَشْر الإسلام على غَرِّه> أي على طَيّهِ وكَسْرِه‏.‏ يقال‏:‏ اطْوِ الثَّوب على غَرِّه الأول كما كان مَطْوِيّاً، أرادت تدبيره أمْرَ الرِّدّة ومُقابلة دَائِها بدَوَائها‏.‏

وفي حديث معاوية <كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يَغُرّ عليا بالعلم> أي يُلقمهُ إيَّاه‏.‏ يقال‏:‏ غَرّ الطَّائر فَرْخَه إذا زَقَّه‏.‏

ومنه حديث علي <مَن يُطِع اللّه يَغُرّه كما يَغُرّ الغُرَابُ بُجَّه (البُجّ، بالضم: فرخ الطائر. (قاموس) ) > أي فرْخَه‏.‏

ومنه حديث ابن عمر، وذَكَر الحسَن والحُسين رضي اللّه عنهم فقال‏:‏ <إنَّما كانا يُغَرّان العِلْمَ غَرّاً> ‏.‏

وفي حديث حاطب <كنتُ غَرِيراً فيهم> أي مُلْصَقاً مُلازماً لهم‏.‏ قال بعض المتأخرين‏:‏ هكذا الرواية‏.‏ والصواب من جِهَة العَربيَّة <كنتُ غَرِيّاً> أي مُلْصَقا‏.‏ يقال‏:‏ غَرِىَ فُلانٌ بالشيء إذا لَزِمَه‏.‏ ومنه الغِرَاء الذي يُلْصَق به‏.‏ قال‏:‏ وذكره الهرويّ في العين المهملة، وقال <كنت عَرِيرا> ‏:‏ أي غرِيباً‏.‏ وهذا تصحيف منه‏.‏ قلت‏:‏ أمَّا الهروي فلم يُصَحّف ولا شَرح إلاَّ الصحيح، فإنَّ الأزهريّ والجوهريّ والخَطّابيّ والزمخشريّ ذكَرُوا هذه اللَّفْظة بالعَين المهملة في تَصانِيفهم وشَرحُوها بالغَريب، وكَفاك بواحِدٍ منهم حُجَّةً للهروي فيما رَوَى وشَرح‏.‏

‏{‏غرز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه صلى اللّه عليه وسلم حَمَى غَرَزَ النَّقيع لخيل المسلمين> الغَرَز بالتَّحريك‏:‏ ضَرْب من الثُّمام لا وَرَقَ له‏.‏ وقيل‏:‏ هو الأسَلُ، وبه سُمِيت الرِّماح على التَّشْبيه‏.‏ والنَّقيع بالنون‏:‏ موضعٌ قريب من المدينة كان حِمىً لِنَعَم الفَيْء والصَّدَقة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أنَّه رأى في المَجاعة رَوْثاً فيه شعير، فقال: لَئِن عِشْتُ لأجْعَلَنّ له من غَرَز النَّقِيع ما يُغْنِيه عن قُوتِ المسلمين> أي يَكُفُّه عن أكْل الشَّعير‏.‏ وكان يومئذ قُوتاً غالبا للناس، يعني الخَيلَ والإبِلَ‏.‏

ومنه حديثه الآخر <والذي نَفْسي بِيَده لَتُعَالِجُنّ غَرَزَ النَّقيع> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <قالوا: يا رسول اللّه إنَّ غَنَمنا قد غَرَزَت> أي قَلَّ لَبنُها‏.‏ يقال‏:‏ غَرَزت الغَنَمُ غِرَازاً، وغَرَّزَها صاحِبُها إذا قَطع حَلْبَها وأراد أن تَسْمَن‏.‏

ومنه قصيد كعب‏:‏

تمِرُّ مِثْل عَسِيب النَّخْلِ ذَا خَصْلٍ * بِغَارِزٍ ‏(‏رواية شرح ديوانه ص 13 <في غارِزٍ> ‏)‏ لم تَخَوَّنْه الأحَالِيل

الغَارِزُ‏:‏ الضَّرْع الذي قد غَرَز وقَلَّ لَبنُه‏.‏ ويُرْوَى <بِغَارِب> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عطاء، وسُئْل عن تَغْريز الإبِل فقال <إن كان مُباهاة فلا، وإن كان يُريدُ أن تَصْلح للبَيْع فنَعَم> ويجوز أن يكون تَغْرِيزها نَتاجَها وتَنْمِيَتَها، من غَرَز الشَّجَر والوجه الأوّل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كما تَنْبُتُ التَّغَاِريُز> هي فَسائل النَّخْل إذا حُوِّلت من مَوْضع إلى موضع فغُرِزَت فيه، الواحِد‏:‏ تَغْرِيز‏.‏ ويقال له‏:‏ تَنْبِيت أيضا، ومِثله في التَّقْدير التَّنَاوِير، لِنَوْر الشجَر، ورواه بعضُهم بالثاء المثلثة والعين المهملتين والرَّاءيْن، وقد تقدّم‏.‏

وفي حديث أبي رافع <مرّ بالحسَن بن علي وقد غَرزَ ضَفْر رَأسِهِ> أي لَوى شَعره وأدْخَل أطْرافَه في أصُوله‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الشَّعْبِيّ <ما طَلَع السِّمَاكُ قَطُّ إلَّا غَارِزاً ذَنَبَه في بَرْدٍ> أراد السِّمَاك الأعْزَل، وهو الكوكب المعروف في بُرْج الميزان، وطُلوعُه يكون مع الصُّبح لخمسةٍ تَخْلو من تَشْرين الأّول، حيئنذ يَبْتَدئ البرْد، وهو من غَرَز الجرادُ ذَنَبه في الأرض، إذا أراد أنْ يَبِيض‏.‏

وفيه <كان إذا وَضَع رِجْله في الغَرْز - يُريد السَّفَر - يقول: بسم اللّه> الغَرْز‏:‏ رِكاب كُورِ الجَمل إذا كان من جِلْد أو خَشَب‏.‏ وقيل‏:‏ هو الكُّور مُطْلقا، مِثْل الرِّكاب للسَّرْج‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ رجُلا سأله عن أفْضَل الجِهاد فسَكَت عنه حتى اغْتَرزَ في الجمرة الثالثة> أي دخل فيها كما تَدْخل قَدَمَ الرِاكِب في الغَرْز‏.‏

‏(‏س‏)‏ منه حديث أبي بكر <أنه قال لعُمَر: اسْتَمْسِك بِغَرْزِه> أي اعْتَلِق به وأمْسِكْه، واتَّبِع قوله وفِعْله، ولا ُتخالفِه، فاسْتعارَ له الغَرْز، كالذي يُمْسِك بركاب الرَّاكِب ويَسِير بِسَيْره‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <الجُبْنُ والجُرْأة غَرَائزُ> أي أخْلاقٌ وطَبائعُ صالحة أو رَدِيئة، واحِدتها‏:‏ غَريزة‏.‏

‏{‏غرس‏}‏ * فيه ذكر <بئر غَرْس> بفتح الغين وسكون الراء والسين المهملة‏:‏ بئر بالمدينة تكرر ذكرها في الحديث‏.‏ قال الواقدِيّ‏:‏ كانت مَنازِلُ بَنِي النَّضِير بناحِية الغَرْس‏.‏

‏{‏غرض‏}‏ * ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا تُشَدّ الغُرُضُ إلَّا إلى ثلاثة مَساجِد> ويُرْوَى <لا يُشَدّ الغُرُضُ> ‏(‏وهي رواية الهروي‏)‏ الغُرْضَة والغَرْض‏:‏ الحِزام الذي يُشَدّ على بَطْن الناقة، وهو البِطَان، وجمع الغُرْضة‏:‏ غُرُض‏.‏ والمَغْرِض‏:‏ الموضع الذي يُشَدُّ عليه، وهو مِثْل حَديثه الآخر‏:‏ <لا تُشَدّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثة مَساجد> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كان إذا مَشَى عُرِف في مَشْيه أنه غَير غَرِضٍ ولا وَكِلٍ> الغَرِض‏:‏ القَلِق الضَّجِر‏.‏ وقد غَرِضْتُ بالمَقام أغْرَض غَرَضاً‏:‏ أي ضَجِرْتُ ومَلِلْتُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عَدِي <فَسِرْتُ حتى نَزَلْتُ جَزيرة العَرب، فأقَمْتُ بها حتى اشْتَدّ غَرَضِي> أي ضَجَرِي ومَلَالَتي‏.‏ والغَرَض أيضا‏:‏ شِدّة النّزَاع نحو الشَّيء والشَّوق إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الدَّجّال <أنه يَدْعُو شابّاً مُمْتِلئا شَباباً، فيَضْربه بالسيف فيَقْطَعه جَزْلتين رَمْيَة الغَرَض> الغَرَض‏:‏ الهَدف‏.‏ أراد أنه يكون بُعْدُ ما بَين القِطْعَتَين بِقَدْر رَمْيَة السَّهْم إلى الهَدف‏.‏ وقيل‏:‏ مَعناه وَصْف الضَّربة‏:‏ أي تُصِيبُه إصَابَة رَمْيَة الغَرَض‏.‏

ومنه حديث عُقْبة بن عامر <تَخْتَلِف بين هذين الغَرَضين وأنت شيخٌ كبير> ‏.‏

وفي حديث الغِيبة <فقَاءتْ لحماً غَرِيضاً> أي طَرِيّاً‏.‏

ومنه حديث عمر <فُيؤتى بالخُبْزِ لَيّنا وباللَّحْم غَرِيضا> ‏.‏

‏{‏غرغر‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ فيه <إن اللّه يَقْبَل تَوبَة العبْد ما لَم يُغَرْغِر> أي ما لم تَبْلغ رُوحُه حُلْقومَه، فيكون بمنزلة الشيء الذي يَتَغَرْغَرُ به المريض‏.‏ والَغْرَغرة‏:‏ أن يُجْعَل المشْروبُ في الفم ويُرَدَّد إلى أصْل الَحْلق ولا يُبْلَع‏.‏

ومنه الحديث <لا تُحَدِّثْهم بما يُغَرْغِرهم> أي لا تُحَدِّثْهم بما لا يَقْدِرُون على فَهْمِه، فيَبْقى في أنفُسِهم لا يَدْخُلها، كما يَبْقَى الماء في الحَلْق عند الغَرْغَرة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الزُّهْري، عن بَنِي إسرائيل <فجَعل عِنَبَهم الأرَاكَ، ودَجَاجَهُم الغِرْغِرَ> هَو دجَاج الحَبش‏.‏ قيل‏:‏ لا يُنْتَفَع بلَحْمِه لرائحِتِه ‏(‏وذلك لأنه يتغذى بالعَذِرَة‏.‏ كما أفاد الهروي‏)‏ ‏.‏

‏{‏غرف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهى عن الغَارِفة> الغَرْف‏:‏ أن تُقْطَع ناصِيةُ المرأة ثم تُسَوَّى على وَسَط جَبِينها‏.‏ وغَرَف شعره‏:‏ إذا جَزَّه‏.‏ فمعنى الغَارِفة أنَّها فاعِلة بمعنى مفعولة، كعيشَةٍ راضية بمعنى مَرْضِيَّة، وهي التي تَقْطَعها المرأة وتُسَوِّيها‏.‏ وقيل‏:‏ هي مصدر بمعنى الغَرْف، كالرَّاغِيَة والثَّاغِيَة واللَّاغِيَة‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ <لا تَسْمَعُ فيها لاغِيَةٌ> أي لَغْوٌ‏.‏ وقال الخطّابي‏:‏ يُريد بالغَارِفَة التي تَجزُّ ناصِيتَها عند المُصِيبَة‏.‏‏{‏غرق‏}‏ * فيه <الحَرِقُ شهيد، والغَرِقُ شَهيد> الغَرِق بكسر الراء‏:‏ الذي يَمُوت بالغَرَق‏:‏ وقيل‏:‏ هو الذي غَلَبَه الماءُ ولم يَغْرَق، فإذا غَرِق فهو غَرِيق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <يأتِي على النَّاس زمانٌ لا يَنْجُو [منه (من الهروي. وفي اللسان: <فيه> ‏)‏ ‏]‏ إلاَّ مَنْ دَعَا دُعَاءَ الغَرِق> كأنَّه أرادَ إلاَّ مَن أخْلَص الدُّعاء؛ لأن مَن أشْفَى على الهلاك أخْلَصَ في دُعائه طَلَبَ النَّجاةِ‏.‏

ومنه الحديث <اللهم إنّي أعوذ بك من الغَرَق والحَرق> الغَرَق بفتح الراء‏:‏ المَصْدَر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <فلمَّا رآهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم احمرَّ وَجْهُه واغْرَوْرَقَتْ عيناه> أي غَرِقَتا بالدُّموع، وهو افْعَوْعَلَت من الغَرَق‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث وَحْشِي <أنه مات غَرِقاً في الخَمْر> أي متُنَاهِياً في شُرْبها والإكْثار منه، مُسْتَعار مِن الغَرِق‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <فعَمِل بالمَعاصِي حتى أغْرَق أعْمالَه> أي أضاع أعماله الصَّالِحةَ بما ارْتَكَب من المَعاصِي‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي <لقد أغْرَق في النَّزْع> أي بَالغَ في الأمْر وانتهى فيه‏.‏ وأصْلُه من نَزْع القَوْس ومدِّها، ثم اسْتُعِير لِمَنْ بالغ في كلّ شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن الأكوع <وأنا على رجْلي فأغْتَرِفُها> يقال‏:‏ اغْتَرق الفَرسُ الخيْلَ إذا خالَطها ثم سَبَقَها‏.‏ واغْتَرِاق النَّفَس‏:‏ اسْتِيعابُه في الزَّفير‏.‏ ويُروى بالعين المهملة، وقد تقدَّم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي وذَكَر مَسْجِد الكُوفة <في زَاوِيِته فار التَّنُّوُر، وفيه هَلك يَغُوثُ ويَعُوقُ وهو الغَارُوق> هو فاعُول من الغَرَق، لأنَّ الغرق في زمان نوح عليه السلام كان منه‏.‏

وفي حديث أنس <وغُرَقاً فيه دُبَّاء> هكذا جاء في رواية، والمعروف <مَرَقاً> ‏.‏ والغُرَق‏:‏ المرق‏.‏ قال الجوهريّ <الغُرْقَة بالضم: مثل الشُّربة من اللَّبن وغيره، والجَمْع غُرَق> ‏.‏

ومنه الحديث <فتكون أصُولُ السَّلْق غُرْقَة> وفي رواية أخرى <فصارت غُرقَة> وقد رواه بعضهم بالفاء‏:‏ أي ممَّا يُغْرف‏.‏

‏{‏غرقد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أشراط الساعة <إلا الغَرْقَد، فإنَّه من شَجَر اليهود> ‏.‏ وفي رواية <إلاَّ الغَرْقَدة> ‏(‏وهي رواية الهروي‏.‏ والزمخشري في الفائق 2/219‏)‏ هو ضَرْب من شجر العِضَاه وشَجَر الشَّوك‏.‏ والغَرْقَدَة‏:‏ واحدتهُ‏.‏ ومنه قيل لمَقْبَرة أهل المدينة‏:‏ <بَقِيع الغَرْقَد>، لأنه كان فيه غَرْقَدٌ وقُطِع‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏غرل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يُحْشَر الناس يوم القيامة عُرَاةً حُفاةً غُرْلاً> الغُرْلُ‏:‏ جمع الأغْرَل، وهو الأقْلَف‏.‏ والغُرْلَة‏:‏ القُلْفة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي بكر <لأن أحْمِل عليه غُلاماً رَكب الخَيل على غُرْلَتِه أحَبُّ إليَّ من أن أحْمِلَك عليه> يُريد رَكبَها في صِغَره واعْتادَها قبل أن يُخْتَن‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث طلحة <كان يَشُور نَفْسَه على غُرْلَتِه> أي يَسْعَى ويَخِف وهو صَبِيٌ‏.‏

وحديث الزِّبْرِقان <أحَبُّ صِبْيانا إلينا الطَّويلُ الغُرْلَة> إنَّما أعْجَبه طُولُها لتمام خَلْقِه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏غرم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الزَّعيم غارِم> الزَّعيم‏:‏ الكَفِيل، والغَارِم‏:‏ الذي يَلْتَزِم ما ضَمِنَه وتكَفَّل به ويُؤدِّيه‏.‏ والغُرْم‏:‏ أداء شيء لازِم‏.‏ وقد غَرِمَ يَغْرَم غُرْماً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <الرَّهْنُ لمن رَهَنَه، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه> أي عليه أداء ما يَفُكُّه به‏.‏

ومنه الحديث <لا تَحِلّ المسئلة إلاَّ لذي غُرْمٍ مُفْظِع> أي حاجَة لاِزمة من غَرامة مُثْقَلة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث في الثَّمر المُعَلَّق <فمن خرج بشيء منه فعليه غرامه مثْلَيْه والعُقُوبة> قيل‏:‏ هذا كان في صَدْرِ الإسلام، ثم نُسخ، فإنه لا وَاجِبَ على مُتْلِف الشيء أكثَر من مِثْله‏.‏ وقيل‏:‏ هو على سَبيل الوَعيد ليُنْتَهى عنه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <في ضالَّة الإبل المَكْتُومة غَرامَتُها ومِثْلُها معَها>

ومنه الحديث <أعُوذ بك من المَأثَم والمَغْرَم> هو مَصدْرٌ وُضِع مَوْضع الاسم، ويُرِيدُ به مَغْرَم الذُّنوب والمَعاصِي‏.‏ وقيل‏:‏ المَغْرَم كالغُرْم، وهو الدَّيْن، ويُريدُ به ما اسْتُدِين فيما يْكَرُهه اللّه، أو فيما يَجُوز ثم عَجز عن أدائه، فأمّا دَيْنٌ احتاج إليه وهو قادر عَلى أدَائه فلا يُسْتَعاذُ منه‏.‏

ومنه حديث أشراط الساعة <والزكاة مَغْرَماً> أي َيرى رَبُّ المال أنّ إخْراج زَكاتِه غَرامَةٌ يَغْرَمُها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث معاذ <ضَرَبَهم اللّه بذُلٍّ مُغْرَم> أي لازِم دائِم‏.‏ يقال‏:‏ فُلَان مُغْرَم بكذا أي لَاِزم له ومُولَع به‏.‏

وفي حديث جابر <فاشْتَدّ عليه بَعْض غُرّامِه في التَّقَاضِي> الغُرَّام‏:‏ جمع غَرِيم كالغُرَماء، وهم أصحاب الدَّين، وهو جمعٌ غَرِيب‏.‏ وقد تكرر ذكرها في الحديث مفردا ومجموعا وتَصْريفاً‏.‏

‏{‏غرنق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <تلْك الغَرانِيقُ العُلَى> الغَرَانِيق ها هنا‏:‏ الأصْنَام، وهي في الأْصل الذكُور من طَيْر الَماء، واحِدُها‏:‏ غُرْنُوق وغُرْنَيْق، سُمَّي به لبياضه‏.‏ وقيل‏:‏ هو الكُرْكِيُّ‏.‏ والغُرْنُوق أيضا‏:‏ الشَّابُّ النَّاعِمُ الأبْيّض‏.‏ وكانوا يَزْعمون أن الأصنام تُقَرِّبُهم من اللّه وتَشْفَع لهم، فشُبِّهَت بالطيور التي تَعْلُو في السَّماء وتَرْتَفع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <فكأنِّي أنْظُر إلى غُرْنُوق من قُريش يَتَشَحَّط في دَمِه> أي شابٍّ ناعِم‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <لمَّا أُتِى بجَنَازتِه الوَادِي أقْبَل طائرٌ غُرْنُوق أبْيَضُ كأنه قُبْطِيَّة حتى دَخَل في نَعْشِه، قال الرَّاوي: فَرَمَقْتُه فلم أرَه خرج حتى دُفِن> ‏.‏

‏{‏غرن‏}‏ * فيه ذكر <غُرَان> هو بضم الغَيْن وتخفيف الراء‏:‏ وَاد قَرِيبٌ من الحُدَيْبِية نزل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مَسِيره، فأمَّا <غُرَاب> بالباء فجَبل بالمدينة على طريق الشام‏.‏

‏{‏غرا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الفَرَع <لا تَذْبَحْها وهي صَغِيرة لم يَصْلُبْ لحمُها فيَلْصَقَ بَعْضُها ببَعض كالغِرَاء> الغِرَاء بالمدّ والقَصْر‏:‏ هو الذي يُلْصَق به الأشياء ويُتَّخذ من أطراف الجُلود والسمك‏.‏

ومنه الحديث <فَرِّعُوا إنْ شِئتم ولكنْ لا تَذْبَحوه غَرَاةً حتى يَكْبَر> الغَرَاة بالفتح والقَصْر‏:‏ القِطْعة من الغِرَا، وهي لُغة في الْغِراء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لَبَّدْتُ رَأسي بِغِسْل أو بِغِرَاء> ‏.‏

وحديث عمْرو بن سَلَمة الجَرْمي <فكأنما يَغْرَي في صَدْري> أي يَلْصق به‏.‏ يقال‏:‏ غَرِيَ هذا الحديث في صدري بالكسر يَغْرَى بالفتح، كأنه أُلْصق بالغِرَاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث خالد بن عبد اللّه‏:‏

لاَ غَرْوَ إلاَّ أكْلَةٌ بهَمْطَةٍ*

الغَرْوُ‏:‏ العَجَب‏.‏ وغَرَوْت‏:‏ أي عَجِبْت، ولاَ غَرْوَ‏:‏ أي ليس بِعَجب‏.‏ والهَمْط‏:‏ الأخْذ بِخُرْقٍ وظلم‏.‏

ومنه حديث جابر <فلمَّا رأوه أُغرُوا بي تلك الساعة> أي لجُّوا في مُطالَبتي وألَحُّوا>‏.‏