فصل: حرف الفاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الفاء

 باب الفاء مع الهمزة

‏{‏فأد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه عادَ سَعْداً وقال: إنك رجُلٌ مَفْؤُود> المَفْؤُود‏:‏ الذي أصِيب فُؤَادُه بوَجَع‏.‏ يُقال‏:‏ فُئِد الرجُل فهو مَفْؤُودٌ، وفأدْتُه إذا أَصَبتَ فُؤَادَه‏.‏

ومنه حديث عطاء <قِيل له: رجُل مَفْؤُود يَنْفُث دَماً، أحَدَثٌ هُو؟ قال: لا> أي يُوجِعُه فُؤَاده فَيَتَقَيَّأُ دَماً‏.‏ والفُؤاد‏:‏ القَلْب‏.‏ وقيل‏:‏ وسَطه‏.‏ وقيل‏:‏ الفُؤاد‏:‏ غِشَاء القَلْب، والقَلْب حَبَّتُه، وسُوَيْدَاؤه، وجَمْعُه‏:‏ أفْئِدة‏.‏

ومنه الحديث <أتاكم أهْلُ اليمن، هُم أرَقّ أفْئِدةً وألْيَنُ قُلوبا> ‏.‏

‏{‏فأر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ في الحِلّ والحرَم، منها الفَأرة> الفأرة مَعْروفة، وهي مهموزة‏.‏ وقد يُترك همزُها تخفيفا‏.‏

وفيه ذكر <جِبَال فَارَانَ> وهو اسمٌ عِبْرَانيٌّ لجبال مكَّة، له ذِكر في أعْلام النُّبوّة، وألِفُه الأولى ليست همزة‏.‏

‏{‏فأس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <فجعل إحْدى يديه في فأس رَأسه> هو طَرَف مؤخِّره المُشْرفُ على القَفَا، وجَمْعه‏:‏ أفْؤُس ثم فُؤُوس‏.‏

ومنه الحديث <فَلَقَد رأيتُ الفُؤُوسَ في أصولها وإنها لنَخْل عُمٌّ> هي جمع الفَأس الذي يُشَقُّ به الحَطب وغيره‏.‏ وهو مَهْموز، وقد يُخَفَّف‏.‏

‏{‏فأل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه كان يَتَفَاءل ولا يَتَطَير> الفأل مَهْموز فيما يَسُرُّ ويَسُوء، والطِّيَرَة لا تكون إلا فيما يَسُوء، وربما اسْتعملت فيما يَسُرّ‏.‏ يقال‏:‏ تفاءلْت بكذا وتفألت على التخفيف والقَلْب‏.‏ وقد أولع الناس بتَرك همْزِه تخفيفا‏.‏ وإنَّما أحَبَّ الفأل؛ لأنّ الناس إذا أمَّلُوا فائدة اللّه تعالى، ورَجَوْا عائدَتَه عند كلّ سبب ضَعِيف أو قَويّ فهم على خير، ولو غَلِطوا في جهة الرجاء فإنَّ الرَّجاء لهم خير‏.‏ وإذا قَطَعوا أمَلَهم ورَجَاءَهم من اللّه كان ذلك من الشَّرّ‏.‏ وأما الطِّيَرة فإنَّ فيها سُوءَ الظَّنّ بالله وتوقُّعَ البلاء‏.‏ ومعنى التفاؤل مِثْل أن يكون رجُل مَرِيض فيَتَفاءل بما يَسْمع من كلام، فيَسْمَع آخَرَ يقول‏:‏ يا سَالم، أو يكون طَالِب ضالَّة فيَسْمع آخَرَ يقول‏:‏ يا واجِد، فيقَع في ظَنِّه أنه يَبْرأُ مِن مَرَضه ويجِدُ ضَالَّتَه‏.‏

ومنه الحديث <قيل: يا رسولَ اللّه: ما الفَأل؟ فقال: الكَلِمَة الصَّالِحة> ‏.‏ وقد جاءت الطِّيَرة بمعنى الجِنس، والفَأل بمعنى النَّوْع‏.‏

ومنه الحديث <أصْدَق الطِّيَرة الفأل> وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

‏{‏فأم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <يكون الرجُل على الفِئَام من الناس> الفِئَام مَهْموز‏:‏ الجماعة الكثيرة‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏{‏فأى‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عمر وجماعته <لمَّا رَجَعوا من سَرِيَّتِهم قال لهم: أنا فِئَتُكم (الذي في الهروي: <وفي الحديث فقلنا: نحن الفَرّارون يا رسول اللّه. فقال: بل أنتم العَكَّارون، وأنا فِئتكم> أراد قول اللّه تعالى <أو مُتَحَيِّزاً إلى فِئَةٍ> يمهِّد بذلك عذرهم> ‏)‏ > الفِئَة‏:‏ الفِرْقَة والجماعة من الناس في الأصل، والطَّائِفة التي تُقِيم وراء الجيش، فإن كان عليهم خَوْفٌ أو هَزِيمة التَجَأُوا إليهم، وهو من فَأيْتُ رأسَه وفَأوْتُه إذا شَقَقْتَه‏.‏ وجمع الفِئة‏:‏ فِئات وفِئون‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

 باب الفاء مع التاء

‏{‏فتت‏}‏ * في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر <أمِثْلِي يُفْتَات عليه في أمر بَنَاتِه؟> أي يُفْعَل في شأنهنّ شيءٌّ بغير أمْرِه‏.‏ وليس هذا مَوْضِعه، لأنه من الفَوْت، وسنُوضِّحه في بابه‏.‏

‏{‏فتح‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <الفتَّاح> هو الذي يفتح أبواب الرزق والرَّحْمة لعباده‏.‏ وقيل‏:‏ معناه الحاكم بينهم‏.‏ يقال‏:‏ فتح الحاكم بين الخَصْمَيْن إذا فَصَل بينهما‏.‏ والفاتح‏:‏ الحاكِم‏.‏ والفتَّاح‏:‏ من أبْنِية المبالغَة‏.‏

وفيه <أوتيتُ مفَاتِيح الكَلِم> وفي رواية <مَفاتحَ الكَلم> هما جمع مِفْتاح ومِفْتَح، وهما في الأصل‏:‏ كلُّ ما يُتَوَصَّل به إلى استخراج المُغْلقَات التي يَتَعذَّر الوُصُول إليها، فأخْبر أنه أوتيَ مَفاتِيح الكَلم، وهو ما يَسَّر اللّه له من البَلاغة والفصاحة والوُصول إلى غوامض المعاني، وبدائع الحِكَم، ومَحاسِن العبارات والألفاظ التي أُغْلِقَت على غيره وتَعذَّرت‏.‏ ومَن كان في يَده مفَاتيح شيء مَخْزُون سَهُلَ عليه الوصول إليه‏.‏

ومنه الحديث <أوتِيتُ مَفاتِيحَ خزائن الأرض> أراد ما سَهَّل اللّه له ولأمِته من افْتِتاح البِلاد المُتَعَذِّرات، واسْتِخْراج الكُنوز المُمْتَنِعات‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه كان يَسْتَفْتح بِصَعاليك المُهاجرين> أي يَسْتَنْصِرُ بهم‏.‏

ومنه قوله تعالى <إنْ تَسْتَفْتِحُوا فقد جاءَكُم الفَتْحُ> ‏.‏

ومنه حديث الحديبية <أهو فَتْح؟> أي نَصْر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ما سُقِيَ بالفَتْح ففيه العُشْر> وفي رواية <ما سُقِي فَتْحاً> الفتح‏:‏ الماء الذي يَجْري في الأنهار على وجه الأرض‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الصلاة <لا يُفْتَح على الإمام> أراد به إذا أُرْتجَ عليه في القراءة وهو في الصلاة لا يَفْتَح له المأموم ما أُرْتِجَ عليه‏:‏ أي لا يُلَقِّنُه‏.‏ ويقال‏:‏ أراد بالإمام السُّلطان، وبالفتح الحُكم‏:‏ أي إذا حَكم بشيء فلا يُحْكم بِخِلافه‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <ما كنت أدْرِي ما قوله عز وجل <رَبَّنا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْن قَوْمِنا> حتى سَمِعت بنت ذي يزَن تقول لزوجها‏:‏ تعالَ أُفاتِحْك> أي أحاكِمْك‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لا تُفَاتِحُوا أهلَ القَدَر> أي لا تُحاكِمُوهُم‏.‏ وقيل‏:‏ لا تَبْدَأوهُم بالمجادَلة والمُنَاظَرة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي الدَّرْداء <ومَنْ يَأتِ بَاباً مُغْلقَاً يَجِدْ إلى جَنْبه بَاباً فُتُحاً> أي واسِعا، ولم يُرد المفتوح، وأرَادَ بالباب الفُتُح الطَّلَبَ إلى اللّه تعالى والمسألة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي ذَرّ <قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ فَتُوح> أي واسعة الإحْليل‏.‏

‏{‏فتخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ وفيه <كان إذا سَجَد جَافَى عَضُدَيْه عن جَنْبَيْه وفَتَخ أصابع رجْلَيه> أي نَصَبَها وغَمَز مَوْضع المفاصِل منها، وثناها إلى بطن الرِّجل وأصل الفَتخ‏:‏ اللِّين‏.‏ ومنه قيل للعُقاب‏:‏ فَتْخاء، لأنَّها إذا انْحَطَّت كسرت جَناحَيْها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ امْرَأة أتَتْه وفي يَدها فُتُخٌ كثيرة> وفي رواية <فُتُوخ> هكذا رُوي، وإنما هو <فَتَخ> ‏(‏وهي رواية الهروي‏)‏ بفتحتين، جمع فَتَخْةَ، وهي خَواتِيُم كِبارٌ تُلْبس في الأيْدِي، ورُبما وُضِعَت في أصابع الأرْجُل‏.‏ وقيل‏:‏ هي خَواتيمُ لا فُصُوص لها، وتُجْمع أيضا على‏:‏ فَتَخات وفِتَاخ‏.‏

ومنه حديث عائشة <في قوله تعالى <ولا يُبْدِين زِيَنَتُهَّن إلَّا ما ظَهَر منها> قالت‏:‏ القُلْب والفَتَخَة> وقد تكرر ذكرها في الحديث مُفْرَداً ومَجْموعا‏.‏

‏{‏فتر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهى عن كلِّ مُسْكر ومُفْتِر> المُفْتِر‏:‏ الذي إذا شُرِب أحْمَى الْجَسَدَ وصار فيه فُتُور، وهو ضَعْف وانكِسار‏.‏ يُقال‏:‏ أفْتَر الرجُل فهو مُفْتر‏:‏ إذا ضَعُفَت جفونه وانكسر طَرْفُه‏.‏ فإما أنْ يكون أفْتَره بمعْنى فَتَره‏:‏ أي جَعله فاترا، وإمّا أنْ يكون أفْتَر الشَّرابُ إذا فَتَر شارِبه، كأقْطَف الرجلُ إذا قطَفَت دابَّتُه‏.‏

وفي حديث ابن مسعود <أنه مِرِض فَبَكى فقال: إنما أَبْكي لأنه أصابني على حال فَتْرةٍ ولم يُصِيْبني في حال اجتِهاد> أي في حال سكون وتَقْليل من العِبادات والمُجاهَدات‏.‏ والفَتْرة في غَير هذا‏:‏ ما بين الرَّسولَين مِن رُسل اللّه تعالى من الزَّمان الذي انْقَطَعت فيه الرّسالة‏.‏

ومنه <فتْرة ما بَيْن عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام> ‏.‏

‏{‏فتق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يسأل الرجلُ في الجائحة أو الفَتْق> أي الحرب تكون بين القَوم وتَقَع فيها الجراحات والدِّماء، وأصله الشَّق والفَتْح، وقد يُراد بالفَتْق نَقْضُ العهد‏.‏

ومنه حديث عروة بن مسعود <اذْهَب فقد كان فَتْقٌ نَحْو جُرَش> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مَسِيره إلى بدر <خرج حتى أفْتَق بَيْن الصَّدْمَتَين> أي خَرَج من مَضِيق الوادي إلى المتَّسِع‏.‏ يُقال‏:‏ أفْتَق السَّحابُ إذا انْفَرج‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم <كان في خاصِرَتَيْه انْفِتاق> أي اتِّساع، وهو مَحْمودٌ في الرّجال، مذمومٌ في النساء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عائشة <فَمُطِرُوا حتى نَبَت العُشْب وسَمِنَت الإبِل حتى تَفَتَّقَت> أي انْتَفَخت خَواصِرها واتَّسعت من كَثْرة ما رَعَت، فسُمَّي عامَ الفَتْق‏:‏ أي عام الْخِصب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث زيد بن ثابت <قال: في الفَتَق الدِّية> الفَتَق بالتحريك‏:‏ انْفِتَاق المثَانة‏.‏ وقيل‏:‏ انْفِتَاق الصِّفاق إلى داخِلٍ في مَراقِّ البطن‏.‏ وقيل‏:‏ هو أن يَنْقَطع اللَّحْم المشْتَمِل على الأُنْثَيَين‏.‏ وقال الفرّاء‏:‏ أفْتَق الْحَيُّ إذا أصاب إبَلهم الفَتَقُ، وذلك إذا انْفَتَقت خواصِرها سِمَناً فتَموت لذلك، وربمَّا سَلِمَت‏.‏ وقد فَتِقَت فَتَقاً‏.‏ قال رُؤبة‏:‏

لَم تَرْجُ رِسْلاً بعْدَ أعْوَام الفَتَقْ*

وفيه ذكر <فُتُق> بضمتين‏:‏ مَوْضع في طريق تَبالَة، سَلَكه قُطْبَة بن عامر لمَّا وجَّهه رسول اللّه ليُغِير على خَثْعَم سنة تِسْع‏.‏

‏{‏فتك‏}‏ * فيه <الإيمَانُ قَيَّد الفَتْك> الفَتْك‏:‏ أن يأتِيَ الرَّجُلُ صاحِبَه وهو غَارٌّ غَافِل فيَشُدَّ عليه فَيَقْتُله، والغِيَلة‏:‏ أن يَخْدعه ثم يَقْتُلَه في مَوْضع خَفِيٍّ‏.‏ وقد تكرر ذكر <الفَتْك> في الحديث‏.‏

‏{‏فتل‏}‏ * فيه <ولا يُظْلَمون فَتِيلا> الفَتِيل‏:‏ ما يكون في شَقِّ النَّواة‏.‏ وقيل ما يُفْتَل بين الأصْبَعين من الوَسخ‏.‏

وفي حديث الزبير وعائشة <فلم يَزل يَفْتِل في الذِّرْوَة والغارِب حتى أجابَتْه> هو مَثَل المُخادَعَة، وقد تقدّم في الذال والغين‏.‏

ومنه حديث حُيَيّ بن أخْطَب <لم يَزل يَفْتِل في الذِّرْوَة والغارِب> ‏.‏

وفي حديث عثمان <ألَسْتَ تَرْعى مَعْوتَها وفَتْلَتها؟> الفَتْلة‏:‏ واحِد الفَتْل، وهو ما كان مَفْتولا من وَرَق الشجَر، كَوَرَق الطَّرْفاء والأَثْل ونحوهما‏.‏ وقيل‏:‏ الفَتْلة‏:‏ حَمْل السَّمُر والعُرْفُط‏.‏ وقيل ‏(‏في الأصل‏:‏ <وهو نور العضاه> وأثبتنا ما في ا، واللسان‏)‏ نَوْر العِضَاه إذا انْعَقَد‏.‏ وقد أفْتَلتْ إفْتالا‏:‏ إذا أخْرَجَت الفَتْلة‏.‏

‏{‏فتن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قَيْلة <المُسْلم أخو المُسْلم يَتَعاونان على الفُتَّان> يُروَى بضم الفَاء وفتحها، فالضم جَمع فاتِن‏:‏ أي يُعاوِن أحدُهما الآخر على الذَّين يُضِلُّون الناسَ عن الحقِّ ويَفْتِنُونهم، وبالفتح هو الشَّيطان؛ لأنه يَفْتِن الناس عن الدِّين‏.‏ وفَتَّان‏:‏ من أبْنَية المُبالَغة في الفتْنَة‏.‏

ومنه الحديث <أفَتَّانٌ أنْتَ يا مُعَاذُ! > ‏.‏

وفي حديث الكسوف <وإنَّكم تُفْتَنُون في القبور> يُريد مَسْألة مُنكَر ونَكِير، من الفِتْنة‏:‏ الامْتِحانِ والاخْتِبار‏.‏ وقد كَثُرت اسْتِعاذتُه من فِتْنَة القَبْر، وفِتْنَة الدَّجّال، وفِتْنَة المَحْيا والممَات، وغير ذلك‏.‏

ومنه الحديث <فَبِي تُفْتَنُون، وعَنَّي تُسْألون> أي تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إيمانُكم بِنُبوتي‏.‏

ومنه حديث الحسن <إنَّ الذَّيِنَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ> قال‏:‏ <فَتَنُوهم بالنار> ‏:‏ أي امْتَحَنُوهم وعَذَّبُوهم‏.‏

ومنه الحديث <المؤمِن خُلِقَ مُفْتَناً> أي مُمْتَحنا، يمْتَحِنه اللّه بالذَّنْب ثم يَتُوب، ثم يعُود ثم يَتُوب‏.‏ يقال‏:‏ فَتَنْتُه أفْتِنُه فَتْناً وفُتُنونا إذا امْتَحَنْتَه‏.‏ ويقال فيها‏:‏ أفْتَنْتُه أيضا‏.‏ وهو قليل‏.‏ وقد كَثُر استِعمالها فيما أخْرَجه الاخْتِبارُ للْمكْرُوه، ثم كَثُر حتى اسْتُعْمِل بمعنى الإثْم، والكُفْر، والقِتال، والإحْرَاق، والإزَالة، والصَّرف عن الشيء‏.‏* وفي حديث عمر <أنه سمع رجُلا يَتَعوذ من الفِتَن، فقال: أتَسْألُ ربَّك أن لا يرزُقَك أهْلاً ولا مَالاً؟> تأوّل قوْل اللّه تعالى <إنَّما أموالُكم وأولادُكم فِتْنَةٌ> ولم يُرد فِتَن القِتال والاخْتِلاف‏.‏

‏{‏فتا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا يَقُولَنّ أحَدُكم عَبْدِي وأمَتِي، ولكن فَتايَ وفَتاتي> أي غُلَامي وجاريَتِي، كأنه كَرِه ذِكْر العُبودية لغير اللّه تعالى‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عِمْرانَ بن حُصَين <جَذَعةٌ أحَبُّ إليَّ مِن هَرِمَة، اللّهُ أحَقّ بالفَتاء والكَرَم> الفَتاء بالفتح والمدّ‏:‏ المصدَرُ مِن الفَتِيّ السِّنّ‏.‏ يقال‏:‏ فَتِيٌّ بَيِّن الفَتَاء‏:‏ أي طَرِيُّ السِّنّ‏.‏ والكَرمُ‏:‏ الحُسْنُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ أربعة تَفَاتَوْا إليه عليه السلام> ‏:‏ أي تَحاكَمُوا، من الفَتْوى‏.‏ يُقال‏:‏ أفْتَاه في المسئلة يُفْتِيه إذا أجابَه‏.‏ والاسْم‏:‏ الفَتْوَى‏.‏

ومنه الحديث <الإثْم مَا حَكَّ في صَدْرك وإن أفْتَاك الناسُ عنه وأفْتَوْك> أي وإن جَعَلوا لك فيه رُخصة وجَوازاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ امْرأةً سألت أمّ سَلَمة أن تُريَها الإناء الذي كان يَتَوضَّأ منه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخْرَجَتْه، فقالت المرأة: هذا مكُّوك المُفْتِي> قال الأصمعيّ‏:‏ المُفْتِي‏:‏ مِكيال هِشام بن هُبَيْرة‏.‏ وأفْتَى الرجُلُ إذا شَرِب بالمُفْتي ‏(‏الذي في اللسان والقاموس‏:‏ <والفُتَيُّ، كسُمَيّ: قدح الشُّطّار> ‏)‏ وهو قَدَح الشُّطّار، أرادَت تشَبْيه الإناء بِمَكُّوك هِشام، أو ‏(‏في الأصل‏:‏ <وأرادت> والمثبت من ا، واللسان‏)‏ أرادت مَكُّوك صاحب المُفْتِي فحَذَفَت المضاف، أو مَكُّوك الشَّارِب، وهو ما يُكَال به الخَمْر‏.‏

وفي حديث البخاري‏:‏

الحَرْب أوّل ما تكون فُتَيَّة*

هكذا جاء على التَّصْغير‏:‏ أي شابَّة‏.‏ ورواه بعضهم <فَتِيَّة> بالفتح‏.‏

 باب الفاء مع الثاء

‏{‏فثأ‏}‏ * في حديث زياد <لَهُوَ أحَبُّ إليَّ من رَثيئةٍ فُثِئَت بِسُلالة> أي خُلِطَت به وكُسِرت حِدَّتُها‏.‏ والفَثْء‏:‏ الكسر‏.‏ يقال‏:‏ فَثَأته أفْثَؤُه فَثْأ‏.‏

‏{‏فثر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أشراط الساعة <وتكون الأرض كَفاثُور الفِضَّة> الفاثُور‏:‏ الخِوَان‏.‏ وقيل‏:‏ هو طَسْت أو جامٌ من فِضَّة أو ذَهَب‏.‏

ومنه <قيل لقُرْص الشمس: فاثُورُها> ‏.‏

ومنه حديث علي <كان بين يدَيْه يومَ عِيد فَاثُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء> ‏:‏ أي خِوُانَ‏.‏

 باب الفاء مع الجيم

‏{‏فجأ‏}‏ * فيه ذِكر <مَوْت الفَجْأة> في غير مَوضع‏.‏ يقال‏:‏ فَجِئَه الأمْرُ، وفَجأه فُجاءةً بالضم والمدّ، وفاجَأه مُفاجَأة إذا جاءه بَغْتَة من غير تَقَدُّم سبب، وقيَّده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مَدٍّ على الْمَرة‏.‏

‏{‏فجج‏}‏ * في حديث الحج <وكُلُّ فِجَاج مكّة مَنْحَر> الفِجَاج‏:‏ جمع فَجٍّ، وهو الطريق الواسع‏.‏ وقد تكرر في الحديث واحدا ومجموعا‏.‏

ومنه الحديث <أنه قال لعُمَر: ما سَلكْتَ فجّاً إلا سَلك الشيطانُ فجّاً غيره> وفَجُّ الرَّوْحاء سَلَكه النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى بدر، عامَ الفتح والحج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه كان إذا بال تَفاجَّ حتى نَأوِى له> التَّفَاجُّ‏:‏ المُبالَغة في تفريج ما بين الرجْلين، وهو من الفَجّ‏:‏ الطريق‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث أمّ مَعْبد <فتَفاجَّت عليه ودَرَّت واجْتَرت> ‏.‏

وحديث عُبادة المازني <فَركِبت الفَحْلَ فتَفاجَّ للبَوْل> ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <حين سُئل عن بَنِي عامِر فقال: جملٌ أزْهرُ مُتَفَاجُّ> أراد أنه مُخْصِب في ماء وشجَر، فهو لا يزال يَبُول لكثرة أكْله وشُربه‏.‏

‏{‏فجر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <لَأنْ يُقَدَّمَ أحدُكم فتُضْربَ عُنُقه خيرٌ له من أنْ يخَوض غَمراتِ (في الأصل: <في غمرات> وقد أسقطنا <في> حيث سقطت من ا، واللسان، والهروي‏)‏ الدنيا، يا هادِيَ الطَّريقِ جُرْتَ، إنَّما هو الفَجْرُ أو البَحْرُ> يقول‏:‏ إن انْتَظرتَ حتَّى يُضِيء لك الفَجْر أبْصَرْتَ قَصْدك، وإن خَبَطْتَ الظَّلْماء ورَكِبْت العَشْواء هَجَمَا بِك على المكْروه، فضرَبَ الفجْر والبَحْر مثَلا لِغَمرات الدنيا‏.‏ ورُوي <البَجْر> بالجيم‏.‏ وقد تقدّم في حرف الباء‏.‏

منه الحديث <أُعَرِّس إذا أفْجَرْتُ، وأرْتَحِل إذا أسْفَرْتُ> أي أنْزِل للنَّوم والتعَّريس إذا قَرُبْت من الفَجْر، وأرْتَحل إذا أضاء‏.‏

وفيه <إنَّ التُّجار يُبْعَثون يومَ القيامة فُجَّاراً إلَّا من اتَّقَى اللّه> الفُجَّار‏:‏ جمع فاجر، وهو المُنْبَعِث في المَعاصِي والمحَارِم‏.‏ وقد فَجَر يَفْجُر فُجُورا‏.‏ وقد تقدّم في حرف التاء معنى تَسْمِيَتِهم فُجَّارا‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <كانوا يَرَوْن العُمْرَة في أشهر الحج مِن أفْجر الفُجُور> أي من أعظم الذنوب‏.‏

ومنه الحديث <إنَّ أمَةً لآلِ رسول اللّه فَجَرتْ> أي زنَت‏.‏

ومنه حديث أبي بكر <إيَّاكُم والكَذِبَ فإنه مع الفُجُور، وهما في النار> يُريد المَيْل عن الصِّدق وأعْمِال الخَير‏.‏

وحديث عمر <اسْتَحْمَله أعرابيٌّ وقال: إن ناقتي قد نَقِبَتْ، فقال له: كذبتَ ولم يَحْمله، فقال:

أقْسَمَ باللّه أبو حَفْصٍ عُمَرْ ** ما مَسَّها مِنْ نَقَبٍ ولا دَبَرْ

فاغْفِرْ له اللَّهُمَّ إن كان فَجَرْ

أي كَذَب ومال عن الصِّدْق.

[ه] ومنه حديثه الآخر <أنَّ رجُلا استأذنه في الجِهاد فمنَعه لضَعْف بَدَنه، فقال له: إنْ أطْلَقْتَني وإلَّا فَجَرْتُك> أي عصَيْتُك وخالَفْتُك ومَضَيْتُ إلى الغَزْوِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه ما جاء في دعاء الوِتْر <ونخْلَعُ ونَتُركُ مَن يَفْجُرُك> أي يَعْصِيك ويُخَالِفُك‏.‏

ومنه حديث عاتكة ‏(‏في اللسان ‏:‏ <عائشة> ‏)‏ <يا لَفُجَرُ> هو مَعْدول عن فاجر للمبالغة، ولا يُسْتَعمل إلَّا في النِّداء غالبا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن الزبير <فَجَّرْتَ بنَفْسك> أي نسَبْتَها إلى الفجُور، كما يقال‏:‏ فَسَّقْته وكَفَّرْته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كنتُ يومَ الفِجَار أُنَبِّل على عُمومَتي> هو ‏(‏في الأصل‏:‏ <هي> وأثبتنا ما في ا‏.‏ قال هروي‏:‏ <هي ثلاثة أفجرة كانت بين قريش...إلخ> وفي الصحاح‏:‏ <اربعة أفجرة> ‏)‏ يوم حرب كانت بين قُريش ومَن معها من كِنانة، وبين قَيْس عَيْلانَ في الجاهِلية‏.‏ سُمّيت فجاراً لأنها كانت في الأْشهر الحُرُم‏.‏

‏{‏فجفج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عثمان <إن هذا الفَجْفَاجَ لا يَدْرِي أين اللّهُ عزّ وجلّ> هو المِهْذار المِكْثُار من القول‏.‏ ويُرْوَى <البَجْبَاج> وهو بمعناه أو قريب منه‏.‏

‏{‏فجا‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث الحج <كان يَسِير العَنَقَ، فإذا وَجَدَ فَجْوَة نَصَّ> الفَجْوَة‏:‏ الموضع المُتَّسع بين الشيئين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <لا يُصَلِّيّن أحدكم وبينه وبين القِبْلة فَجْوَة> أي لا يَبْعُد من قِبْلَته ولا سُتْرِته، لئلا يَمُرَّ بين يديه أحَدٌ‏.‏ وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏

 باب الفاء مع الحاء

‏{‏فحجْ‏}‏ * فيه <أنَّه بَال قائما فَفَحَّجَ رِجْليه> أي فَرَّقَهما وبَاعد ما بينهما‏.‏ والفَحَج‏:‏ تَبَاعُدُ ما بين الفَخِذَين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث في صفة الدجال <أنه أعْوَرُ أفْحجُ> ‏.‏

وحديث الذي يُخَرّب الكعبة <كأنّي به أسْودُ أفْحَجُ، يَقْلَعها حَجَراً حَجراً> ‏.‏

‏{‏فحش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن اللّه يُبْغِض الفاحِشَ المُتَفَحِّش> الفاحِش‏:‏ ذُو الفُحْش في كلامه وفِعَاله‏.‏ والمتَفَحِّش‏:‏ الذي يَتكلَّف ذلك ويَتَعمدَّه‏.‏ وقد تكرر ذِكْر <الفُحْش والفاحِشة والفواحش> في الحديث‏.‏ وهو كلّ ما يَشْتدّ قُبْحه من الذنوب والمعاص‏.‏ وكثيرا ما تَرد الفاحِشة بمعنى الزّنا‏.‏ وكل خَصْلة قبيحة فهي فاحِشة، من الأقوال والأفعال‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <قال لعائشة: لا تقَولِي ذلك فإن اللّه لا يُحِبّ الفُحْش ولا التفَاحُش> أراد بالفُحْش التَّعَدّي في القَول والجواب، لا الفحشَ الذي هو من قَذَع الكلام ورَدِيئه‏.‏ والتَّفَاحُش‏:‏ تَفَاعُل منه، وقد يكون الفُحْش بمعنى الزيادة والكَثْرة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث بعضهم، وقد سُئل عن دَمِ البراغِيث فقال <إن لم يكن فاحشاً فلا بأس> ‏.‏

‏{‏فحص‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث زَواجه بزينب وَوَليمَتها <فُحِصت الأرضُ أفاحِيصَ> أي حُفِرت‏.‏ والأفاحِيص‏:‏ جمع أُفْحُوص القَطاة، وهو موضعها الذي تَجْثِمُ فيه وتَبِيض، كأنها تَفْحَص عنه التراب‏:‏ أي تَكْشفه‏.‏ والفَحْص‏:‏ البَحْث والكَشْف‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <مَن بَنَى للّه مسجدا ولو كمفَحْصَ قَطاة> المفَحْص‏:‏ مَفْعَل، من الفَحْص، كالأُفْحوص، وجمعه‏:‏ مَفَاحِص‏.‏

ومنه الحديث <أنه أوْصَى أُمَرَاء جَيْش مُؤْتَة: وسَتجدون آخَرين، للشيطان في رؤوسهم مَفاحِص فافْلِقُوها بالسُّيوف> أي أنَّ الشيطان قد اسْتَوْطَن رُؤوسهم فجعلها له مَفَاحصَ، كما تَسْتَوْطن القَطَا مَفاحصَها، وهو من الاستعارات اللَّطيفة؛ لأنَّ من كلامهم إذا وَصفوا إنسانا بِشدة الْغَيّ والإنْهماك في الشَّر قالوا‏:‏ قد فَرْخ الشيطانُ في رأسه وعَشَّشَ في قَلْبه، فذهب بهذا القول ذلك المذهب‏.‏‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث أبي بكر <وسَتَجِد قَوما فَحَصُوا عن أوْسَاط رُؤوسهم الشَّعَر، فاضْرب ما فَحَصُوا عنه بالسَّيف> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <إنّ الدَّجاجة لتَفْحَصُ في الرَّماد> أي تَبْحَثه وتتَمَرغ فيه‏.‏

وفي حديث قُسّ <ولا سَمِعْتُ له فَحْصا> أي وَقْعَ قَدَم وصَوْتَ مَشْي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث كعب <إن اللّهَ بارَك في الشَّام، وخَصَ بالتَّقْديس مِن فَحْصِ الأُرْدُنّ إلى رَفَح> الأُرْدُنّ‏:‏ النَّهر المعروف تَحْتَ طَبَرِيَّة، وفَحْصُه‏:‏ ما بُسِط منه وكُشِف من نواحيه، ورَفَح‏:‏ قَرْية معروفة هناك‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الشفاعة <فأنْطَلقُ حتى آتيَ الفَحْصَ> أي قُدَّام العَرْش، هكذا فُسّر في الحديث، ولعَلَّه من الفَحْص‏:‏ البَسْط والكَشْف‏.‏

‏{‏فحل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّه دَخَل على رجُل من الأنصار وفي ناحِية البيت فَحْلٌ من تلك الفُحول، فأمَر به فكُنِس ورُشَّ فَصَلَّى عليه> الفَحْل ها هنا‏:‏ حَصِير مَعْمول من سَعَف فُحَّال النَّخْل، وهو فَحْلُها وذَكَرُها الذي تُلَقَّح منه، فسُمّي الحصيرُ فَحْلا مَجازا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عثمان <لا شُفْعَةَ في بِئر ولا فَحْل> أراد به فَحْلَ النَّخْلة؛ لأنه لا يَنْقَسم‏.‏ وقيل‏:‏ لا يُقال له إلا فُحَّال، ويُجْمع الفَحْل على فُحول، والفُحَّال على فَحاحِيل‏.‏ وإنَّما لم تَثْبُت ‏(‏في ا <لم يُثْبت> ‏)‏ فيه الشُّفْعة؛ لأنّ القَوم كانت لهم نَخِيل في حائط فَيَتَوارثونَها ويَقْتَسِمونها، ولهم فَحْل يُلْقِحُون منه نَخِيلَهم، فإذا باع أحَدُهم نَصِيَبه المقْسُوم من ذلك الحائط بِحقُوقه من الفُحَّال وغيره، فلا شُفْعَةَ للشُّركاء في الفُحَّال؛ لأنه لا تُمْكِن قِسْمَتُه ‏(‏قال الهروي‏:‏ <وهذا مذهب أهل المدينة رضي اللّه عنهم> ا ه‏.‏ وانظر اللسان‏.‏ ففيه بسط لما أجمل المصنف في هذه المسألة‏)‏ ‏.‏

وفي حديث الرضاع ذِكر <لَبن الفَحْل> وسَيَرِد في حرف اللام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر <أنه بَعَث رجُلا يشتري له أُضحَّية، فقال: اشْتَرِه كَبْشاً فَحِيلا> الفَحِيل‏:‏ المُنْجِب في ضِرَابه‏.‏ واخْتار الفَحْلَ على الخَصِيِّ والنَّعْجة طَلَبَ نُبْله وعِظَمه ‏(‏في الهروي ةاللسان‏:‏ <وطلب نُبَله وعظَمه> ‏)‏ ‏.‏ وقيل‏:‏ الفَحِيل‏:‏ الذي يُشْبه الفُحُولة في عِظَم خَلْقه‏.‏

وفيه <لِمَ يَضْرب أحَدُكم امْرَأته ضَرْبَ الفَحْل؟> ‏.‏ هكذا جاء في رواية، يُريد فَحل الإبل إذا عَلا ناقَةً دُونه أو فَوْقَه في الكَرَم والنَّجَابة، فإنهم يضْربونه على ذلك ويَمْنَعونه عنه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عُمر <لما قَدِم الشام تَفَحَّل له أمَرَاء الشام> أي أنَّهم تَلَقَّوه مُتَبَذِّلين غير مُتَزَيِّنين، مُتَقَشِّفِين، مأخوذ من الفَحْل ضِدّ الأنثَى؛ لأن التَّزَيُّن والتَّصَنُّع في الزِّيّ من شأن الإناث‏.‏

وفيه ذكر <فِحْل> بكسر الفاء وسكون الحاء‏:‏ مَوْضِع بالشَّام كانت به وقْعَة للمسلمين مع الروم‏.‏ ومنه يومُ فِحْل‏.‏

وفيه ذكر <فَحْلَيْن> على التَّثْنية‏:‏ مَوْضع في جَبَل أحُد‏.‏

‏{‏فحم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ <اكْفِتُوا صِبْيانَكم حتى تذهب فَحْمةُ العِشاء> هي إقْبالُه وأوّل سَوادِه‏.‏ يقال للظُّلْمة التي بَيْن صَلاتَي العِشاء‏:‏ الفَحْمَة، وللظُّلْمة التي بين العَتَمة والغَدَاة‏:‏ العَسْعَسة‏.‏

وفي حديث عائشة مع زينب بنت جحش <فلم ألْبَثْ أن أفْحَمْتُها> أي أسْكَتُّها‏.‏

‏{‏فحا‏}‏ * فيه <مَن أكَل مِن فِحَاَ أرضنا لم يَضُرَّه ماؤها> الفِحا بالكسر والفتح‏:‏ واحد الأفْحاء‏:‏ تَوابِلُ القُدور‏.‏ وقد فَحَيْتُ القِدْر‏:‏ أي جَعلتُ فيها التَّوابِل، كالفُلْفُل والكَمُّون ونحوهما، وقيل‏:‏ هو البَصَل‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث معاوية <قال لقوم قَدِموا عليه: كُلُوا من فِحَا أرْضِنا فقلَّما أكَل قَوم من فِحَا أرْضٍ فَضَرَّهم ماؤها>‏.‏

 باب الفاء مع الخاء

‏{‏فخخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث صَلاة اللَّيل <أنه (الضمير يعود على ابن عباس كما يستفاد من عبارة الهروي) نام حتى سُمِع فَخِيخُه> أي غَطِيطُه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث علي‏:‏

أفْلَحَ من كانَ له مِزَخَّهْ ** يَزُخُّها ثُم يَنام الفَخَّه

أي يَنامَ نَوْمَةً يُسْمَع فَخِيخُه فيها‏.‏

وفي حديث بلال‏:‏

ألَا لَيْت شِعْرِي هَل أبِيَتَّن لَيْلَة ** بَفخٍّ وحَوْلي إذْخِرٌ وَجَلِيلُ

فَخٌّ‏:‏ مَوضع عند مكَّة‏.‏ وقيل‏:‏ وَادٍ دُفِنَ به عبد اللّه بن عمر، وهو أيضا ماء أقْطَعه النبي صلى اللّه عليه وسلم عُظَيْمَ بن الحارث المُحارِبيّ> ‏.‏

‏{‏فخذ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لَمَّا نَزَلت> وأنْذِرْ عَشِيرتَكَ الأقْرَبين> بَات يُفَخِّذ عَشيرتَهَ> أي يُناديهم فَخِذاً فَخِذاً، وهُم أقْرَب العَشِيرة إليه‏.‏ وقد تكرر ذكر <الفَخِذ> في الحديث‏.‏ وأوّل العَشِيرة الشَّعْب، ثم القَبِيلة، ثم الفَصِيلة، ثم العِمَارة، ثم البَطْن، ثم الفَخِذ‏.‏ كذا قال الجوهري‏.‏

‏{‏فخر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنا سَيِّدُ وَلد آدم ولا فَخْرَ> الفَخْر‏:‏ ادِّعاء العِظَم والكِبْر والشَّرف‏:‏ أي لا أقوله تَبَجُّحا، ولكن شُكْراً للّه وتَحَدُّثا بِنِعَمه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه خَرج يَتَبَّرز فأتَبَعه عُمرُ بإِدَاوَة وفَخَّارة> الفَخَّار‏:‏ ضَرْب من الْخَزَف معروف تُعْمل منه الجِرَار والكِيزَان وغَيرهما‏.‏

‏{‏فخم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفته عليه الصلاة والسلام <كان فَخْماً مُفَخماً> أي عَظِيما مُعَظَّما في الصدور والعُيون، ولم تكن خِلْقَته في جِسْمه الضَّخامة‏.‏ وقيل‏:‏ الفَخَامة في وجْهه‏:‏ نُبْلُه وامْتِلأوه مع الجمال والمهَابة‏.‏

 باب الفاء مع الدال

‏{‏فدح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <وعَلَى المسلمين أن لا يترُكوا في الإسلام مَفْدُوحا في فِدَاء أو عَقْل> المَفْدُوح‏:‏ الذي فَدَحَه الدَّين‏:‏ أي أثْقَله‏.‏ وقَدْ فَدَحَه يَفْدَحُه فَدْحاً فهو فادح‏.‏

ومنه حديث ابن ذِي يزن <لِكَشْفِكَ الكَرْب الذي فَدَحَنا> أي أثْقَلَنا‏.‏

‏{‏فدد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إن الجَفَاء والقَسْوَةَ في الفَدَّادين> الفَدَّادُون بالتشديد‏:‏ الذين تَعْلو أصْواتُهم في حُرُوثهم ومَواشِيهم، واحِدُهم‏:‏ فَدَّاد‏.‏ يُقال‏:‏ فَدَّ الرجُلُ يَفِدُّ فَدِيداً إذا اشْتَدَّ صَوْته‏.‏ وقيل‏:‏ هم المُكْثرون من الإبل‏.‏ وقيل‏:‏ هم الجَمَّالُون والبَقَّارُون والحَمَّارُون والرُّعْيان‏.‏ وقيل‏:‏ إنما هو <الفَدَادِين> مُخَفَّفا، واحِدها‏:‏ فَدَّان، مُشَدَّدٌ، وهي البَقَر التي يُحْرَث بها، وأهلُها أهلُ جَفاء وغِلْظَة‏.‏

ومنه الحديث <هلَك الفَدّادُون إلا مَن أعْطى في نَجْدتِها ورِسْلِها> أراد الكَثِيري الإبل، كان إذا مَلَك أحَدُهم المِئتين من الإبل إلى الألْف قيل له فَدَّادٌ‏.‏ وهو في مَعْنى النَسَب، كَسَرّاج وعَوَّاج‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومن الأوّل حديث أبي هريرة <أنه رأى رجُلَين يُسْرِعان إلى الصَّلاة، فقال: مالَكُما تفَدَّانِ فَديدَ الإبل!> يقال‏:‏ فَدَّ الإنسانُ والجَمُل يَفِدُّ إذا عَلا صَوْتُه، أراد أنهما كانا يَعْدُوَان فُيْسَمع لعَدْوهما صَوْت‏.‏

وفيه <إنّ الأرض تقول للميت: رُبّما مَشَيْتَ عليَّ فَدَّاداً> قيل‏:‏ أراد ذَا أمَلٍ كَثِير وخُيَلاء وسَعْيٍ دائم‏.‏

‏{‏فدر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أمّ سَلمة <أُهْدِيَتْ لي فِدْرَيةٌ من لَحْم> أَي قِطْعة‏.‏ والفِدْرة‏:‏ القِطْعة من كل شيء، وجَمْعُها‏:‏ فِدَر‏.‏

ومنه حديث جَيْش الخَبَط <فكُنا نَقْتَطِع منه الفِدَر كالثَّور> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث مجاهد <قال: في الفادِر العظيم من الأرْوَى بَقَرَةٌ> الفادِر والفَدُورُ‏:‏ المُسِنّ من الوُعُول، وهو من فَدَرَ الفَحْلُ فُدُوراً إذا عَجز عن الضِرَاب، يعني في فِدْيَته بَقَرة‏.‏

‏{‏فدع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عمر <أنه مَضَى إلى خَيْبر فَفَدعَه أهلُها> الفَدَع بالتحريك‏:‏ زَيْغٌ بَيْن القَدَم وبين عَظْم السَاق، وكذلك في اليَدِ، وهو أن تَزُول المَفاصل عن أماكنها‏.‏ ورَجُلٌ أفْدَعُ بِّين الفَدَع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي صفة ذي السُوَيْقَتَين الذي يَهْدم الكعبة‏:‏ <كأنّي به أُفَيْدِعَ أُصَيْلِعَ> أُفَيْدع‏:‏ تصْغير أفْدَع‏.‏

‏{‏فدغ‏}‏ * فيه <أنه دعا على عُتَيْبة بن أبي لهب فَضَغَمه الأَسُد ضَغْمَةً فدَغَه> الفَدْغ‏:‏ الشَّدْخ والشَّق اليسير‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إذاً تَفْدَغ قُرَيشٌ الرَّأسَ> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث في الذَّبْح بالحجَر <إن لم يَفْدَغِ الحُلْقومَ فكُلْ> لأنّ الذَّبْح بالحجَر يَشْدَخ الجلِد، ورُبَّما لا يقْطع الأوْداج فيكون كالمَوْقُوذ‏.‏

ومنه حديث ابن سِيرِين <سُئل عن الذَّبيحة بالعود فقال: كُلْ ما لم يَفْدَغ> يُريد ما قَتَل بِحَدِّه فكُلْه، وما قَتَل بِثِقَله فلا تَأكُلْه‏.‏

‏{‏فدفد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فَلَجأوا إلى فَدْفَدٍ فأحاطوا بهم> الفَدْفَد‏:‏ الموضِع الذي فيه غِلَظ وارْتفاع‏.‏* ومنه الحديث <كان إذا قَفَل من سَفَرٍ فَمرّ بفَدْفَدٍ أو نَشْزٍ كَبَّر ثلاثا>‏.‏

ومنه حديث قُسّ <وأرْمُقُ فَدْفَدها> وجَمْعُه‏:‏ فَدافِد‏.‏

ومنه حديث ناجِية <عَدلْتُ برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخَذْتُ به في طريقٍ لهَا فَدافِدُ> أي أماكِنُ مُرْتَفِعة‏.‏

‏{‏فدم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنَّكم مَدْعُوّون يومَ القيامة مُفدَّمةً أفواهُكم بالفِدام> الفِدام‏:‏ ما يُشَدّ على فَمِ الإبْرِيق والكُوز مِن خِرْقةٍ لتَصْفِيَة الشَّراب الذي فيه‏:‏ أي أنهم يُمْنَعون الكلامَ بأفواهِهم حتى تَتَكَّلم جوارِحُهم، فشَبَّه ذلك بالفِدام‏.‏ وقيل‏:‏ كان سُقاة الأعاجِم إذا سَقَوْا فَدَّمُوا أفواهَهم‏:‏ أي غَطَّوها‏.‏

ومنه الحديث <يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامة عليهم الفَدام>‏.‏

ومنه حديث علي <الحِلْم فِدامَ السَّفيه> أي الحلْم عنه يُغَطّي فاهُ ويُسْكِتُه عن سَفَهِه‏.‏

وفيه <أنه نَهى عن الثَّوْب المُفْدَم> هو الثوب المُشبَع حُمْرَةًُ كأنه الذي لا يُقْدر على الزيادة عليه لِتَناهي حُمْرته، فهو كالمُمْتَنِع من قَبُول الصِّبغ‏.‏

ومنه حديث علي <نهانِي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنْ أقْرَأ (في ا: <أن أقرأ القرآن> ‏)‏ وأنا راكِع، وألبس المُعَصْفَر المُفْدَم>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عُرْوة <أنه كَرِه المُفْدَمَ للمُحْرِم ولم يَر بالمُضَرَّج بَأساً> المُضَرَّجُ‏:‏ دون المُفْدَم، وبعدَه المُوَرّد‏.‏

ومنه حديث أبي ذَرّ <إنّ اللّه ضَرب النَّصارى بِذُلٍّ مُفْدَم> أي شديد مُشْبَع، فاسْتَعاره من الذَّوات لِلْمَعاني‏.‏

‏{‏فدا‏}‏ * قيد تكرّر ذكر <الفِداء> في الحديث‏.‏ الفِداء بالكسر والمدّ، والفتح مع القَصْر‏:‏ فَكَاك الأسِير‏.‏ يقال‏:‏ فَداه يَفْدِيه فِداءً وفَدىً، وفاداه يُفادِيه مُفاداةً إذا أعْطَي فِداءه وأنْقَذَه، وفَدّاه بنَفْسِه وفدَاه إذا قال له‏:‏ جُعِلْتُ فِداك‏.‏ والفِدْية‏:‏ الفِداء‏.‏ وقيل‏:‏ المُفاداة‏:‏ أن تَفْتَكَّ الأسِيرَ بأسِيرٍ مِثْله‏.‏

وفيه‏:‏

فاغْفِرْ فِداءً لك ما اقْتَفَيْنا*

إطْلاق هذا اللفظ مع اللّه تعالى مَحْمُول على المجاز والاسْتِعارة؛ لأنه إنما يُفَدَّي من المَكارِه مَن تَلْحَقُه، فيكون المرادُ بالفِداء التعظيمَ والإكْبار؛ لأن الإنسان لا يُفَدِّي إلا من يُعَظِّمه، فيَبْذُل نفسه له‏.‏ ويُروى <فِدَاءٌ> بالرفع على الابِتداء، والنَّصْب على المصْدر‏.‏

 باب الفاء مع الذال

‏{‏فذذ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <هذه الآية الفاذَّة الجامِعَة> أي المُنْفَرِدَة في مَعْناها‏.‏ والفَذُّ‏:‏ الواحِد‏.‏ وقَدْ فَذَّ الرجُل عن أصحابه إذا شَذَّ عنهم وبَقِي فَرْداً‏.‏

 باب الفاء مع الراء

‏{‏فرأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قال لأبي سفيان (هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. انظر ص 290 من الجزء الأول) : كُلُّ الصَّيْد في جَوْف الفَرَإ> ‏:‏ الفرأ مَهْموز مَقْصور‏:‏ حِمَار الوحَش، وجَمْعه‏:‏ فِرَاء ‏(‏وأَفْراءٌ، كما في القاموس‏)‏‏.‏ قال له ذلك يَتَألَّفُه على الإسلام، يعني أنت في الصَّيْد كحِمَار الوَحْش، كُلّ الصَّيْد دُونَه‏.‏ وقيل‏:‏ أراد إذا حَجَبْتُك قَنِعَ كُلُّ مَحْجوب ورَضِي، وذلك أنَّه كان حَجَبه وأذِنَ لغَيْره قَبْله‏.‏

‏{‏فربر‏}‏ * فيه ذكر <فِرَبْر> وهي بكسر الفاء وفتحها‏:‏ مدينة ببلادِ التُّرك معروفة، وإليها يُنسب محمد بن يوسف الفِرَبْري، رَاوِيَة كتاب البخاري عنه‏.‏

‏{‏فرث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أم كلثوم بنت علي <قالت لأهْل الكُوفة: أتَدْرُون أيَّ كَبِدٍ فَرَثْتم لرسول اللّه؟> الفَرْث‏:‏ تَفْتِيتُ الكَبِد بالغَمِّ والأذى‏.‏

‏{‏فرج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <العَقْلُ على المسلمين عاّمًة فلا يُتْرَك في الإسلام مُفْرَج> قيل‏:‏ هو القتيل يُوجَد بأرض فَلَاةٍ، ولا يكون قريباً من قَرْية؛ فإنه يُودَى من بيت المال ولا يُطَلّ دَمُه‏.‏ وقيل‏:‏ هو الرجل يكون في القَوْم من غَيرهم فَيَلْزَمُهم أن يَعقلوا عنه‏.‏ وقيل‏:‏ هو أن يُسْلم الرجُل ولا يُوالي أحَداً حتى إذا جَنَى جِنايةً كانت جِنَايَتُه على بيت المال لأنه لا عاقِلَةَ له‏.‏ والمُفْرَج‏:‏ الذي لا عَشِيرة له‏.‏ وقيل‏:‏ هُو المُثْقَل بحَقِّ دِيَة أو فِدَاءٍ أو غُرْم‏.‏ ويُروى بالحاء المهملة، وسيجيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه صلَّى وعليه فَرُّوجٌ من حَرِير> وهو الْقَباء الذي فيه شَقٌّ من خَلْفه‏.‏

وفي حديث صلاة الجمعة <ولا تَذَرُوا فًرًجَاتِ الشيطان> جمْع فُرْجَة، وهي الخَلَل الذي يكون بين المُصَلِّين في الصُّفوف، فأضافها إلى الشَّيْطان تَفْظِيعا لِشَأنِها، وحَمْلاً على الاحِتراز منها‏.‏ وفي رواية <فُرَج الشَّيطان> جمع فُرْجَة، كَظُلْمة وظُلَم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <قَدِم رجُل من بعض الفُروج> يعني الثُّغور، واحدها‏:‏ فَرْج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي عهْد الحَجّاج <اسْتَعْمَلْتُ على الفَرْجَيْن والمِصْرَيْن> فالفَرْجَان‏:‏ خُرَاسان وسِجِسْتان، والمِصْرَان‏:‏ البَصْرة والكوفة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي جعفر الأنصاري <فَملأتُ ما بَيْن فَرَوجي> جَمْع فَرْج، وهو ما بين الرِّجلين‏.‏ يقال للفَرَس‏:‏ ملأ فرجه وفُرُوجه إذا عدَا وأسْرع، وبه سُمِّي فَرْج المرأة والرِّجُل لأنهما بَيْن الرِّجْلَين‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الزبير <أنه كان أجْلَعَ فَرِجاً> الفَرِج‏:‏ الذي يَبْدُو فَرْجُه إذا جَلس ويَنْكَشِف، وقد فَرِج فَرْجا، فهو فَرِجٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عَقِيل <أدْرِكُوا القَوْمَ على فَرْجَتِهم> أي على هَزِيمَتهم، ويُروى بالقاف والحاء‏.‏

‏{‏فرح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ولا يُتْرك في الإسلام مُفْرَحٌ> هو الذي أثْقَله الدَّين والغُرْم‏.‏ وقد أفْرَحَه يُفْرِحُه إذا أثْقَله‏.‏ وأفْرَحَه إذا غَمَّه‏.‏ وحقيقتُه‏:‏ أزَلْتُ عنه الفَرَح؛ كأَشْكَيْتُه إذا أزَلْتَ شَكْواه‏.‏ والمُثْقَل بالحُقوق مَغْمُوم مَكْروب إلى أن يَخْرُج منها‏.‏ ويُرْوَى بالجيم وقد تقدم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عبد اللّه بن جعفر <ذَكَرَتْ أمُّنا يُتْمَنا وجَعَلت تُفْرَحُ له> قال أبو موسى‏:‏ هكذا وجَدْته بالحاء المهملة، وقد أضْرَب الطَّبَرانيُّ عن هذه الكلمة فتَركَها من الحديث، فإن كان بالحاء فهو من أفْرَحَه إذا غَمَّه وأزال عنه الفَرَح، وأفْرَحه الدَّينُ إذا أثْقَله، وإن كانت بالجيم فهو من المُفْرَج الذي لا عَشيرة له، فكأنها أرادت أنّ أباهُم تُوُفِّي ولا عَشيرةَ لهم، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم <أتَخافين العَيْلَة وأنا وَلُّيهم؟>‏.‏

وفي حديث التَّوبة <لَلّهُ أشدُّ فَرَحاً بِتَوْبِة عَبْده> الفَرَح ها هنا وفي أمثاله كناية عن الرِّضَى وسُرْعة والقَبول، وحُسْن الجَزاء، لِتَعَذُّرِ إطْلاق ظاهر الفَرح على اللّه تعالى‏.‏

‏{‏فرخ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه نَهى عن بَيْع الفُروخ بالمَكيل من الطعام> الفُروخ من السُّنْبُل‏:‏ ما اسْتَبان عاقَبتُه وانَعَقد حَبُّه‏.‏ وقيل‏:‏ أفَرخ الزَّرع إذا تَهَيَّأ للانْشِقاق، وهو مِثْل نَهْيه عن المُخاضَرة والمُحاقلة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي <أتاه قَوم فاسْتأمَرُوه في قَتْل عثمان فنَهاهم، وقال: إن تَفْعلوا فَبَيْضاً فلْتُفْرِخُنَّه> أراد إن تَقْتُلوه تُهِيجُوا فتْنَةً يتولَّد منها شرٌّ كثير، كما قال بعضهم‏:‏

أرَى فِتْنةً هاجَتْ وباضَتْ وفَرَّخَتْ ** ولو تُرِكتْ طارَت إليها فراخَها

ونَصَبَ <بَيْضاً> بفعل مُضْمَر دَلَّ الفعل المذكور عليه، تقديره‏:‏ فَلْتُفْرِخُنَّ بَيْضاً فلْتُفِرخُنَّه كما تقول‏:‏ زيداً ضَربْت، أي ضَرَبْت زيدا ضَرَبْت، فحذف الأوّل، وإلَّا فلا وجه لصحَّته بدون هذا التَّقدير؛ لأنّ الفاء الثانية لا بُدّ لها من معطوف عليه، ولا تكون لجواب الشَّرط الأُولى لذلك‏.‏ ويقال‏:‏ أفْرَخَت البَيْضَة إذا خَلَتْ من الفَرْخ، وأفْرَخَتْها أمُّها‏.‏

ومنه حديث عمر <يا أهلَ الشام تَجَهَّزوا لأهْل العِراق، فإنَّ الشيطانَ قد باض فيهم وفَرّخ> أي اتخَذَهُم مَقَرّاً ومَسْكناً لا يُفارِقُهم، كما يُلازم الطائر موضع بَيْضِه وأفْرَاخِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث معاوية <كتب إلى ابن زِياد: أفْرِخْ رُوعَك (في الأصل و ا، واللسان <رَوْعك> بفتح الراء‏.‏ وأثبتناه بضمها من الهروي، والقاموس ‏(‏روع‏)‏ غير أن رواية الهروي <أفْرَخ رُوعُك> ورواية القاموس‏:‏ <لِيُفْرخْ رُوعُك>‏.‏ قال الهروي‏:‏ <وكان أبو الهيثم يقول: أفْرَخ رُوعُه. بضم الراء. والرُّوع: موضع الرُّوع>‏.‏ وقال صاحب القاموس‏:‏ <الرَّوع: الفَزَع، والفَزَع لا يخرج من الفَزَع، إنما يخرج من موضع الفزع، وهو الرُّوع، بالضم> ‏)‏ قد ولَّيْنَاك الكوفة> وكان يَخاف أن يُولِّيَها غيره‏.‏ وأصل الإفْرَاخ‏:‏ الانْكِشاف‏.‏ وأفْرَخ فُؤادُ الرَّجُل إذا خَرج رَوْعُه وانْكَشَفَ عنه الفَزَع، كما تُفْرِخ البَيْضة إذا انْفَلَقَتْ عن الفَرْخ فخَرج منها، وهو مَثَل قديم للعَرب‏.‏ يقولون‏:‏ أفْرَخْ رُوعَك، ولْيُفْرِخُ روعك‏:‏ أي لِيَذْهَب فَزَعُك وخَوْفُك، فإنَّ الأْمر ليس على ما تُحاذِر‏.‏

وفي حديث أبي هريرة <يا بَنِي فَرُّوخ> قال الليث‏:‏ بَلَغَنا أنَّ فَرُّوخ كان مِن ولد إبراهيم بعد إسحاق وإسماعيل، فكَثُر نَسْلُه ونَما عَدَدُه فَولد العجَم الذين في وسَط البلاد، هكذا حكته الأزهري عنه‏.‏

‏{‏فرد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <سَبق المُفَرِّدُون> وفي رواية <طُوبى للْمُفَرِّدين> قيل‏:‏ وما المُفَرِّدون‏؟‏ قال‏:‏ الذين أُهْتِرُوا ‏(‏في الأصل واللسان‏:‏ <اهَتُّزوا> وهو خطأ صوابه من ا، ومما يأتي في مادة <هتر> ‏)‏ في ذِكر اللّه تعالى> يقال‏:‏ فَرَدَ برأيه وأفْرَد وفَرَّد واسْتَفْرَد بمعنى انْفَرَدَ به‏.‏ وقيل‏:‏ فَرّد الرجل إذا تَفَقَّه واعْتَزل الناس، وخَلا بمُراعَاة الأمْر والنَهْي‏.‏ وقيل‏:‏ هم الهَرْمى الذي هَلَك أقْرَانُهم من الناس وبَقُوا يَذْكُرون اللّه‏.‏* وفي حديث الحُدَيْبية <لأُقَاتلنَّهُم حتى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي> أي حتى أمُوت‏.‏ السَّالِفة‏:‏ صَفْحَة العُنُق، وكَنَى بانْفرادها عن الموت؛ لأنها لا تَنْفرد عمَّا يليها إلَّا به‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <لا تُعَدُّ (في ا: <لا تَعُدُّوا فاردتَكم> ‏)‏ فارِدَتُكم> يعني الزَّائدة على الفَريضَة، أي لا تُضَمُّ إلى غيرها فتُعَدّ مَعهَا وتُحْسَب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه‏:‏ جاء رجُل يشكو رَجُلاً من الأنصار شجَّه فقال‏:‏

يا خَيْرَ مَنْ يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ * أوْهَبَه ‏(‏قال في الفائق 2/264‏:‏ <أوْهَبَهُ: إما أن يكون بدلا من المنادى، أو منادى ثانيا حُذِف حَرْفُه> ‏)‏ لنَهْدَةٍ وَنَهْدِ

لا تُسْبَيَّن سَلَبِي وجِلْدِي أراد النَّعْل التي هي طَاقٌ واحِد، ولم تُخْصَف طَاقاً على طَاقٍ ولم تُطَارَق، وهم يُمْدُحون بِرِقَّة النِّعال، وإنَّما يَلْبَسها مُلُوكهم وسَاداتُهم‏.‏ أراد‏:‏ يا خيرَ الأكابر مِنَ العَرب، لأنَّ لبْس النِّعال لهم دون العَجم‏.‏

وفي حديث أبي بكر <فمنكم المُزَدِلُف صاحِب العِمَامة الفَرْدَة> إنما قيل له ذلك؛ لأنه كان إذا ركب لم يَعْتَمَّ مَعَه غَيْرُه إجْلالاً له‏.‏

وفيه ذِكر <فَرْدَة> بفتح الفاء وسكون الراء‏:‏ جَبَل في دِيارِ طَيٍّ يقال له‏:‏ فَرْدَة الشَّمُوس، وماءٌ لَجْرم في دِيار طَيٍّ أيضا، له ذكر في حديث زيد الخيل، وفي سَرِيَّة زيد بن حارِثة‏.‏ وبعضهم يقول‏:‏ هو <ذُو القَرَدة> بالقاف‏.‏ وبعضهم يَكْسِر الراء‏.‏

وفي قصيد كعب‏:‏

تَرْمى الغُيُوبَ بِعْيَنْي مُفْرَدٍ لَهِقٍ*

المُفْرَدُ‏:‏ ثَوْر الوحْش، شَبَّه به النَّاقة‏.‏

‏{‏فردوس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ قد تكرر فيه ذكر <الفِرْدَوْس> وهو البُسْتان الذي فيه الكَرْم والأشجار، والجمع‏:‏ فَرادِيس، ومنه جَنَّة الفِردوس‏.‏

‏{‏فرر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه قال لِعَدِيّ بن حاتم: ما يُفِرُّك إلَّا أن يقال لا إله إلا اللّه> أفْرَرْتُه أُفِرَّه‏:‏ فَعَلْتُ به ما يَفِرُّ منه ويَهْرُب‏:‏ أي يَحْمِلك على الفِرَار إلَّا التَّوحيد‏.‏ وكثير من المُحدِّثين يقولونه بفتح الياء وضم الفاء، والصحيح الأوّل‏.‏

ومنه حديث عاتكة‏:‏

أفَرَّ صِياحُ القوم عَزْم قلُوبِهِمْ ** فَهُنَّ هَوَاءٌ والحُلُومُ عَوَازِبُ

أي حَمَلَها على الفِرَار، وجعَلها خاليَةً بَعِيدةً غائبةَ العُقُول‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث الهجرة <قال سُرَاقة: هَذانِ فَرُّ قُرَيش، ألَا أرُدُّ على قُريش فَرَّها> يقال‏:‏ فَرَّ يَفِرُّ فَرّاً فهو فَارٌّ إذا هرَب‏.‏ والفَرُّ‏:‏ مصدر وُضِع موضع الفاعل، ويَقع على الواحد والاثنين والجميع‏.‏ يقال‏:‏ رجل فَرٌّ، ورَجُلان فرٌّ، ورِجال فرٌّ‏.‏ أراد به النبيَّ وأبا بكر لمَّا خرجا مُهاجِريْن‏.‏ يعني هذانِ الفَرَّان‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته عليه الصلاة والسلام <ويَفْتَرُّ عن مِثْل حَبِّ الغَمَام> أي يَبَتَّسم ويَكْشِرُ حتى تَبْدُو أسنانه من غير قَهْقَهة، وهو من فَرَرْتُ الدَّابة أفُرُّها فرّاً إذا كشَفْتَ شَفَتَها لتَعْرِف سنَّها‏.‏ وافْتَرَّ يَفْتَرُ‏:‏ افْتَعل منه، وأراد بحَبّ الغمَام البَرَدَ‏.‏

ومنه حديث ابن عمر <أراد أن يَشْتَرَي بَدَنَة فقال: فُرَّها> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث عمر <قال لابن عباس: كان يَبْلُغني عنك أشياءُ كَرِهْت أن أفُرَّك عنها> أي أكْشِفك‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه خطبة الحَجاج <فقد فُرِرْتُ عن ذَكاءٍ وتجْربَة> ‏.‏

‏{‏فرز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <مَن أخَذَ شَفْعاً فهو له، ومَن أخَذَ فِرْزاً فهو له> الفِرْز‏:‏ الفَرْد، وأنكره الأزهري‏.‏ والفِرْز‏:‏ النَّصِيب المَفْرُوز‏.‏ وقد فَرَزْتُ الشيء وأفْرَزْتُه إذا قَسَمْتَه‏.‏

‏{‏فرس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <اتَّقُوا فِراسَة المؤمن فإنه يَنْظر بنور اللّه> يقال بمعْنَيَيْن، أحَدُهما‏:‏ ما دَلَّ ظاهر الحديث عليه، وهو ما يوُقِعُه اللّه تعالى في قُلوب أوليائه، فيَعْلَمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظَّنّ والحَدْس، والثاني‏:‏ نَوع يُتَعَلَّم بالدلائل والتجارب والخَلْق والأخلاق، فَتُعْرف به أحوالُ الناس، وللنَّاس فيه تَصانيفُ قَديمة وحَدِيثة‏.‏

ومنه الحديث <أفْرَسُ الناسِ ثلاثةٌ> كَذا وكذا وكَذا‏:‏ أي أصْدَقُهم فِرَاسَةً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه <أنه عَرض يَوْما الخَيْل وعنده عُيَيْنَة بن حصْن فقال له: أنا أعْلَم بالخَيْل مِنك، فقال: وأَنا أَفْرَسُ بالرّجال مِنْك> أي أَبْصَرُ وأَعْرَف‏.‏ ورجُل فارسٌ بالأمْر‏:‏ أَي عالِم به بَصِير‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <عَلِّموا أولادَكم العَوْم والفَرَاسَة> الفَراسَة بالفتح‏:‏ رُكوب الخَيْل ورَكُضها، من الفُروسِيَّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <أَنه كَرِه الفَرْسَ في الذبائح> وفي رواية <نَهى عن الفَرْسِ في الذَّبيحة> هو كَسْر رَقَبتها قبل أن تَبْرُد‏.‏

ومنه حديثه الآخر <أمَر مُنَادِيَه فَنادَى ألّا تَنْخَعوا ولا تَفْرِسُوا> وبه سُمِّيت فَرِيسة الأسَد ويُروى عن عمر بن عبد العزيز مِثْله‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث يأجوج ومأجوج <يُرْسل اللّه عليهم النَّغَفَ فيُصْبِحون فَرْسَى> أي قَتْلى، الواحِد‏:‏ فَرِيس، من فَرس الذِّئبُ الشَّاة وافْتَرسَها إذا قَتَلها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قَيْلة <ومعها ابْنة لها أخَذتْها (في اللسان: <أحْدَبها> ‏)‏ الفَرْسَة> أي ريح الحَدَب فيَصِير صاحبُها أحْدَب‏.‏ والفَرْسَة أيضا‏:‏ قَرْحَة تأخُذ في العُنُق فتَفْرِسُها أي تَدُقُّها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الضَّحَّاك <في رجُلٍ آلى من امْرَأته ثم طَّلَقها، فقال: هما كَفَرَسَيْ رِهان، أيُّهُما سَبَق أُخِذَ به> أي إنّ العِدّة وهي ثَلاثة أطْهار أو ثلاث حِيَض إن انْقَضَت قبل انْقضاء وقْت إيلائِه، وهُو أربعة أشْهُر فقَد بانَت المرأة منه بتلِك التَّطْليقة، ولاَ شيءَ عليه من الإيلاء؛ لأن ‏[‏الأربعة‏]‏ ‏(‏من الهروي، واللسان‏)‏ الأشْهُر تَنْقَضي وليْسَت له بزوجَة، وإن مَضت ‏[‏الأربعة‏]‏ ‏(‏من الهروي، واللسان‏)‏ الأْشُهر وهي العِدّة بانت منه بالإيلاء مع تلِكْ التطَّلْيقة، فكانت اثْنَتَين، فَجعلَهما كفَرَسَي رِهانٍ يَتَسابقَان إلى غاية‏.‏

وفيه <كنت شاكِياً بفارس، فكُنْت أصَلّي قاعِدا فَسَألت عن ذلك عائشة> يريد بلادَ فارِس‏.‏ ورَواه بعضهم بالنون والقاف جَمْع نِقْرِس، وهو الألم المعروف في الأقدْام‏.‏ والأوّل الصحيح‏.‏

‏{‏فرسخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث حُذَيفة <ما بَيْنكم وبَيْن أن يُصَبَّ عليكم الشَّرُّ فَراسِخَ إلا مَوْتُ رجُل> يَعْني عُمر بن الخطاب‏.‏ كلُّ شيء دائم كَثير لا يَنْقَطِع‏:‏ فَرْسَخ، وفَرَاسخ اللَّيْل والنَّهار‏:‏ سَاعاتُهما وأوقاتُهما‏.‏ والفَرْسَخ من المسافَة المعْلومَة من الأرض مأخُوذ منه‏.‏

‏{‏فرسك‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر <كَتَب إليه سُفيان بن عبد اللّه الثَّقفيّ، وكان عامِلاً له على الطَّائف: إنّ قِبَلَنا حِيطَاناً فيها من الفِرْسِك ما هو أكْثَرُ غَلَّةً من الكَرْم> الفِرْسِك‏:‏ الخَوْخ‏.‏ وقيل‏:‏ هو مِثْل الخَوْخ من العِضَاه، وهو أجْرَد أمْلَسُ، أحْمَرُ وَأصْفَر، وطَعْمُه كطَعْم الخَوْخ‏.‏ ويقال له الفِرْسِق أيضا‏.‏

‏{‏فرسن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا تَحْقِرَنّ من المعروف شيئاً ولو فِرْسِن شاة> الفِرْسن‏:‏ عَظْمٌ قَليل اللَّحْم، وهو خُفُّ البَعير، كالحَافر للدّابة، وقد يُسْتَعار للشاة فيُقال فِرْسِن شاة، والذي للشَّاة هو الظِّلْف‏.‏ والنون زائدة، وقيل أصلية‏.‏

‏{‏فرش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهَى عن افْتِراش السَّبُع في الصلاة> هو أن يَبْسُط ذِراعَيْه في السُّجود ولا يَرْفَعُهُما عن الأرض، كما يَبْسُط الكلْب والذّئب ذِراعَيْه‏.‏ والافتِراش‏:‏ افتعال، من الفَرْش والفِرَاش‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <الولَدُ للفراش ولِلْعاهِر الحَجَر> أي لمالك الفِراش، وهو الزَّوْج والمَوْلى‏.‏ والمرأة تُسَمِّى فِراشاً لأن الرجُل يَفْتَرِشُها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عبد العزيز <إلا أن يكون مالاً مُفْتَرَشا> أي مَغْصوبا قد انبَسَطت فيه الأيدي بغير حَقٍّ، من قولهم‏:‏ افْتَرش عِرْضَ فلان إذا اسْتَباحَه بالوقيعة فيه‏.‏ وحَقيقَتُه جعَله لنَفْسِه فِراشاً يَطَؤُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طَهْفة <لكُم العارِض والفَرِيش> هي النَّاقة الحديثَة الوَضْع كالنُّفَساء من النِّساء‏.‏ وقيل‏:‏ الفَرِيش من النَّبات‏:‏ ما انْبَسط على وجه الأرض ولم يَقُم على ساقٍ‏.‏ ويقال‏:‏ فَرسٌ فَريش إذا حَمَل عليها صاحِبُها بعد النَّتَاج بَسْبع ‏(‏في الهروي‏:‏ <لتسع> ‏)‏ ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث خُزَيمة <وتركتِ الفَرِيشَ مُسْتَحِلكا> أي شَدِيد السَّوادِ من الاْحتراق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <فجاءت الحُمَّرَةُ فجَعَلت تُفرِّش> هو أن تَفْرش جَناحَيْها وتَقْرُب من الأرض وتُرَفْرِف‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أُذَيْنة <في الظُّفر فَرْشٌ مِن الإبِل> الفَرْش‏:‏ صِغار الإبل‏.‏ وقيل‏:‏ هو من الإبل والبَقَر والغَنَم ما لا يَصْلح إلَّا للذَّبح‏.‏

وفيه ذكر <فَرْش> بفتح الفاء وسكون الراء‏:‏ وادٍ سَلَكه النبي صلى اللّه عليه وسلم حِين سار إلى بدر‏.‏

وفيه <فتَتَقَادَع بهم جَنبَتَا (في ا واللسان: <جنبة> والمثبت في الأصل، وسيأتي في ‏(‏قدع‏)‏ ‏)‏ الصِّراط تَقَادُع الَفَراش في النَّار> هو بالفتح‏:‏ الطَّير الذي يُلْقي نَفْسه في ضوء السِّراج، واحِدَتُها‏:‏ فَراشَة‏.‏* ومنه الحديث <جعَل الفَراش وهذه الدَّوابّ تَقَع فيها> وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفي حديث علي <ضَرْبٌ يَطِير منه فَرَاشُ الهَامِ> الفَراش‏:‏ عِظَاٌم رِقاق تَلِي قِحْفَ الرأس‏.‏ وكل عَظْم رَقيق‏:‏ فَرَاشَة‏.‏ ومنه فَراشة القُفْل‏.‏

ومنه حديث مالك <في المنقِّلة التي تطير فَرَاشُها خمسة عشر> المُنَقِّلة من الشِّجاج‏:‏ التي تُنَقِّلُ العِظَام‏.‏

‏{‏فرشح‏}‏ ‏(‏س ‏[‏ه‏]‏ ‏)‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عمر <كان لا يُفَرْشِح رِجْلَيه في الصلاة> الفَرْشَحَة‏:‏ أن يُفَرِّج بين رجْليه ويُبَاعِد بينهما في القيام، وهو التَّفَحُّج‏.‏

‏{‏فرص‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الحيض <خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكة فتَطّهري بها> وفي رواية <خُذِي فِرْصَة من مِسْك> الفِرْصَة بكسر الفاء‏:‏ قِطْعة من صُوف أو قُطْن أو خِرْقة‏.‏ يقال‏:‏ فَرَصْتُ الشيء إذا قطَعْتَه‏.‏ والمُمَّسكة‏:‏ المُطَيّبة بالمِسْك‏.‏ يُتَتَبَّع بها أثَرُ الدَّم فيَحْصُل منه الطِّيب والتّنْشِيف‏.‏ وقوله <مِن مِسْك> ظاهِرُه أنّ الفِرْصة منه، وعليه المذْهب وقولُ الفقهاء‏.‏ وحَكى أبو داود في رواية عن بعضهم <قرْصَة> بالقاف‏:‏ أي شيئاً يَسِيراً مِثل القَرْصَة بطرف الأصبعين‏.‏ وحكى بعضهم عن ابن قُتَيْبة <قَرْضَة> بالقاف والضاد المعجمة‏:‏ أي قِطْعَة، من القَرْض‏:‏ القَطْع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ فيه <إنِّي لأكره أن أرَى الرجُل ثائراً فَرِيص (في الأصل: <فرائص> والمثبت من ا، واللسان، والهروي، والفائق 2/257‏)‏ رَقَبَته‏.‏ قائما على مُرَيَّته ‏(‏قال الزمخشري‏:‏ <تصغير المرأة، استضعاف لها واستصغار، لِيُرِىَ أن الباطش بمثلها في ضعفها لئيم> الفائق 2/258‏)‏ يَضْرِِبُها> الفَريصة‏:‏ اللَّحْمَة التي بين جَنْب الدَّابة وكَتِفها لا تزال تُرْعَد‏.‏ وأراد بها ها هنا عَصَب الرَّقبة وعُرُوقها، لأنها هي التي تَثُور عند الغَضَب‏.‏ وقيل‏:‏ أراد شَعَر الفَريصة، كما يقال‏:‏ ثائر الرأس، أي ثائر الرأس، أي ثائر شعَر الرَّأس‏.‏ وجَمْع الفَريصة‏:‏ فَريصٌ، وفَرائصُ، فاستعارها للرَّقَبة وإن لم يكن لها فرائص؛ لأن الغَضَب يُثير عُروقها‏.‏

ومنه الحديث <فَجِيءَ بهما تُرْعَد فَرائِصُهما> أي تَرْجُف من الخَوف‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <رَفع اللّه الحَرجَ إلَّا مَن افْتَرص مُسْلما ظُلْماً> هكذا رُوي بالفاء والصاد المهملة، من الفَرْص‏:‏ القَطْع، أو من الفُرْصَة‏.‏ النَّهْزة‏.‏ يقال افْتَرصها‏:‏ أي انْتَهزَها، أراد‏:‏ إلَّا مَن تمكَّن من عِرْض مُسْلم ظلماً بالغِيبة والوقيعة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث قَيْلة <ومَعها ابْنَة لها أخَذَتْها الفَرْصَة> أي ريحُ الحَدَب‏.‏ ويقال بالسين وقد تقدّمت‏.‏

‏{‏فرض‏}‏ *في حديث الزكاة <هذه فَرِيضة الصَّدَقة التي فَرَضها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على المسلمين> أي أوْجَبها عليهم بأمْر اللّه تعالى‏.‏ وأصل الفَرض‏:‏ القَطْع‏.‏ وقد فَرضه يَفْرِضه فَرْضاً، وافْتَرضَه افْتِراضا‏.‏ وهو الواجب سِيَّان عند الشافعي، والفَرْض آكَدُ من الواجب عند أبي حنيفة‏.‏ وقيل‏:‏ الفَرْض ها هنا بمعْنى التقدير‏:‏ أي قَدَّر صَدَقة كلّ شيء وبَيَّنه عن أمْر اللّه تعالى‏.‏

وفي حديث حُنَين <فإنّ له علينا ستَّ فَرائض> الفَرائض‏:‏ جَمْع فَريضَة؛ وهو البَعير المأخُوذُ في الزكاة، سُمِّي فَريضةً‏:‏ لأنه فَرْض واجِب على ربّ المال، ثم اتُّسِع فيه حتى سُمِّي البَعير فَرِيضَةً في غَيْر الزكاة‏.‏

ومنه الحديث <مَن مَنَع فَرِيضَةً من فرائض اللّه> ‏.‏

والحديث الآخر <في الفَرِيضة تَجِب عليه ولا تُوجَده عنده> يعْني السّنّ المُعَيَّن للإخْرَاج في الزكاة‏.‏ وقيل‏:‏ هو عامٌّ في كل فَرْض مَشْروع من فَرائض اللّه تعالى‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طَهْفة <لكم في الوَظِيفَة الفَرِيضةُ> أي الهَرِمة المُسنة، يَعْني هي لكم لا تُؤَخذ منكم في الزكاة‏.‏ ويُروَى <عليكم في الوَظِيفَة الفَرِيضةُ> أي في كل نِصَابٍ ما فَرِض فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <لكم الفارِضُ والفَرِيض> الفَرِيض والفَارِض‏:‏ المُسِنّ من الإبل‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عمر <العِلم ثلاثة، منها فَرِيضةٌ عادِلة> يُريد الْعَدل في القِسْمة بِحَيث تكون على السِّهام والأنْصِباء المذكورة في الكِتاب والسُّنَّة‏.‏ وقيل‏:‏ أراد أنها تكون مُسْتَنْبَطَةً من الكتاب والسُّنَّة، وإن لم يَرِد بها نَصٌّ فيهما، فتكون مُعَادِلةً للنَّصِّ‏.‏ وقيل‏:‏ الفَريضَة العادِلة‏:‏ ما اتَّفَق عليه المسلمون‏.‏

وفي حديث عَدِيّ <أتَيْتُ عُمر بن الخطاب في أُناسٍ من قومي، فَجَعل يَفْرِض للرجُل من طَيٍّ في أَلْفَيْن ويُعْرِض عَني> أي يَقْطع ويُوِجِب لكلّ رجُل منهم في العَطاء ألفَيْن من المال‏.‏

وفي حديث عمر <اتَّخَذ عامَ الجَدْب قِدْحاً فيه فَرْض> الفَرْض‏:‏ الحزُّ في الشيء والقَطْع والقِدْح‏:‏ السَّهم قبل أن يُعْمَل فيه الرِّيش والنَّصْل‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة مريم عليها السلام <لم يَفْتَرِضْها وَلَدٌ> أي لم يُؤثِّر فيها ولم يَحُزِّها، يعني قَبْل المَسِيح عليه السلام‏.‏

وفي حديث ابن عمر <أن النبي صلى اللّه عليه وسلم اسْتَقْبَل فَرْضَتَي الجَبَل> فُرْضَة الجَبَل‏:‏ ما انْحَدر من وسَطه وجانبه‏.‏ وفُرْضَة النَّهر‏:‏ مَشْرَعَته‏.‏

ومنه حديث موسى عليه السلام <حتى أرْفَأ به عِند فُرْضَة النَّهر> ‏.‏ وجَمْع الفُرْضة‏:‏ فُرْض‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث الزُّبير <واجعلوا السُّيوفَ للمنايا فُرَضاً> أي اجعلوا السُّيوف مَشَارِعَ للمنايا، وتَعَرّضوا للشَّهادة‏.‏

‏{‏فَرْضَخَ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الدَّجّال <أن أمَّه كانت فِرْضَاخِيَّة> أي ضَخْمَة عَظِيمة الثَّدْيَين‏.‏ يقال‏:‏ رجُلٌ فِرْضاخ وامْرأة فِرْضَاخَة، والياء ‏(‏في الأصل‏:‏ <والتاء> والتصحيح من ا واللسان‏)‏ للمُبالغة‏.‏

‏{‏فرط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَا فَرَطُكم على الحَوْض> أي مُتَقَدِّكُم إليه‏.‏ يقال‏:‏ فَرَط يَفْرِط، فَهُو فارِطٌ وفَرَطٌ إذا تقَدَّم وسَبَق القوم ليَرْتادَ لهم الماء، ويُهَيّء لهم الدِّلاء والأَرِشيَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الدعاء للطِّفل الميِّت <اللهم اجْعَلْه لنا فَرَطا> أي أجْراً يَتَقَدَّمُنا‏.‏ يقال‏:‏ افْتَرط فُلان ابْناً له صَغيرا إذا مات قَبْله‏.‏

وحديث الدعاء أيضا <على ما فَرَط منِّي> أي سَبَق وتقدّم‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <أنا والنَّبِيُّون فُرَّاط القَاصِفين> ‏(‏في الهروي واللسان <فُرّاطٌ لقاصفين> وقد أشار صاحب الدر النثير في مادة ‏(‏قصف‏)‏ إلى روايتين‏)‏ فُرَّاط‏:‏ جَمْع فارِط‏:‏ أي مُتَقَدّمون إلى الشّفاعة‏.‏ وقيل‏:‏ إلى الحَوْض‏.‏ والقاصِفون‏:‏ المُزْدَحِمُون‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <قال لعائشة: تَقدَمِين على فَرَطِ صِدْق> يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبا بكر، وأضافَهُما إلى صِدْق وصْفاً لهمَا ومَدْحا‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث أم سلمة <قالت لعائشة: إنّ رسول اللّه نَهاك عن الفُرْطَة في الدِّين> يعني السَّبْق والتَّقَدُّم ومُجاوَزة الحَدِّ‏.‏ الفُرْطَة بالضم‏:‏ اسم للخروج والتَّقَدُّم، وبالفتح المرَّة الواحِدة‏.‏

وفيه <أنه قال - وهو بطَرِيق مكة -: من يَسْبقنا إلى الإثاية فيَمْدُرُ حَوْضَها ويُفْرِطُ فيه فيَملؤه حتى نأتِيَه> أي يُكْثِر من صَبِّ الماء فيه‏.‏ يقال‏:‏ أفْرَط مَزَادتَه إذا مَلأها، من أفْرط في الأمْر إذا جاوَز فيه الحَدّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سُراقة <الذي يُفْرِط في حَوْضِه> أي يَمْلؤه‏.‏

ومنه قصيد كعب‏:‏

تَنْفِي ‏(‏الرواية في شرح ديوانه ص 7‏:‏ <تَجْلُو> ‏)‏ الرّيَاحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطَه*

أي مَلَأَه‏.‏ وقيل‏:‏ أفْرَطَه ها هنا بمعنى تركَه‏.‏

ومنه حديث سَطِيح‏:‏

إنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أفْرَطَهُمْ*

أي تركهم وزال عَنْهم‏.‏

ومنه حديث علي <لا يُرَى الجاهلُ إلا مُفْرِطا أو مُفَرِّطا> هُو بالتخفيف‏:‏ الْمُسْرِف في العَمَل، وبالتشديد‏:‏ المُقَصِّر فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إنه نام عن العِشَاء حتى تَفَرَّطتْ> أي فات وقْتُها قبل أدائِها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث توبة كعب <حتى أسْرَعوا وتَفَارطَ الغَزْوُ> وفي رواية <تَفَرَّط الغَزْوُ> ‏(‏وهي رواية الهروي‏)‏ أي فات وقْتُه وتقدّم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ضُباعة <كان الناسُ إنما يَذْهَبون فَرْطَ اليَوْمين فَيَبْعَرُون كما تَبْعَر الإبل> أي بَعْدَ يَوْمَين‏.‏ يقال‏:‏ آتِيك فَرْطَ يوم أو يَوْمَين‏:‏ أي بَعْدَهُما، ولَقِيتُه الفَرْطَ بعد الفَرْط أي الحِينَ بَعْد الحِين‏.‏

‏{‏فرطم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفة الدَّجّال وشِيعَته <خِفَافُهم مُفَرْطَمَة> الفُرْطُومة‏:‏ مِنْقار الخُفّ إذا كان طويلا مُحَدَّدَ الرَّأس، وحكاه ابن الأعرابي بالقاف‏.‏

‏{‏فرع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا فَرَعَةَ ولا عَتِيرةَ> الفَرَعَة بفتح الراء والفَرَع‏:‏ أوّل ما تَلده الناقة كانوا يَذْبَحونه لآلهتهم، فَنُهيَ المسلمون عنه‏.‏ وقيل‏:‏ كان الرجُل في الجاهلية، إذا تَمَّت إبلُه مائةً قدّم بكر فنَحَره لصَنَمه، وهو الفَرَع‏.‏ وقد كان المسلمون يَفْعلونه في صَدْر الإسلام ثم نُسِخ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فَرِّعُوا إن شِئتم، ولكن لا تَذْبَحوه غَرَاةً حتى يَكْبَر> أي صَغِيرا لَحْمُه كالغَراة، وهي القِطعة من الغِرَا‏.‏

والحديث الآخر <أنه سُئل عن الفَرَع فقال: حَقّ، وأَن تَتْرُكه حتى يكون ابن مَخَاض أو ابن لَبُون خَيْرٌ من أن تَذْبَحه يَلْصَق لحمُه بِوَبَرِه>‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ جارِيَتَيْن جاءتَا تَشَتَّدان إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يُصَلّي فأخَذَتا بِرُكْبَتَيْه فَفَرَع بَيْنَهُما> أي حجز وفَرَّق‏.‏ يقال‏:‏ فَرَع وفَرّع، يَفْرِع، ويُفَرِّع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <اخْتَصَم عنده بَنُو أبو لهب فقام يُفرِّع بينهم> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث عَلْقمة <كان يُفَرِّع بين الغنم> أي يفَرِّق، وذكره الهروي في القاف‏.‏ قال أبو موسى‏:‏ وهو من هفواته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن زِمْل <يكاد يَفْرَع الناسَ طُولاً> أي يَطُولهم ويَعْلُوهم‏.‏

ومنه حديث سَوْدة <كانت تَفْرع النِّساء طُولاً> ‏.‏

وفي حديث افتتاح الصلاة <كَان يَرْفع يديه إلى فُرُوع أُذُنَيه> أي أعالِيهما، وفَرْع كل شيء‏:‏ أعلاه‏.‏

ومنه حديث قيام رمضان <فما كُنَّا نَنصرف إلا في فُرُوع الفجْر> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي <إنّ لهم فِرَاعَها> الفِرَاع‏:‏ ما علا من الأرض وارْتَفَع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث عطاء <وسُئل: مِن أين أرْمي الجْمَرَتين؟ قال: تفْرَعُهُما> أي تَقِف على أعْلاهُما وتَرْمِيهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أيُّ الشَّجَر أبْعَدُ من الخَارِف؟ قالوا: فَرْعُها، قال: وكذلك الصَّفُّ الأوّل> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أعْطَى العَطايا يوم حُنَين فارِعَةً من الغَنائم> أي مُرْتَفِعة صاعِدَة من أصْلها قبْل أن تُخَمَّس‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث شُرَيْح <أنه كان يَجْعل المُدَبَّر مِن الثُّلُث، وكان مَسْرُوقٌ يَجْعَله فارعا من الْمَال> أي من أصْله‏.‏ والفارِع‏:‏ المُرْتَفِع العالي ‏(‏عبارة الهروي‏:‏ <المرتفع العالي الهَيِّء الحَسَنُ> ‏)‏ ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <قيل له: الفُرعان أفضَل أم الصُّلْعَان؟ فقال: الفُرْعان؛ قِيل: فأنْتَ أصْلَع، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أفْرَعَ> الفُرْعان‏:‏ جَمْع الأفْرَع، وهو الوَافِي الشعر‏.‏ وقيل‏:‏ الذي له جُمَّة‏.‏ وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم ذا جُمَّة‏.‏

وفيه <لا يَؤُمَّنَّكم أنْصَرُ وَلا أزَنُّ ولا أفْرَعُ> الأفرع ها هنا‏:‏ المُوَسْوَس‏.‏

وفيه ذكر <الفُرْع> وهو بضم الفاء وسكون الراء‏:‏ مَوْضع معروف بين مكة والمدِينة‏.‏

‏{‏فرعل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي هريرة <سُئِل عن الضَّبُع فقال: الفُرْعُل تِلك نَعْجَةٌ من الغَنَم> الفُرْعُل‏:‏ ولَد الضَّبُع، فسَمَّاها به، أرادَ أنها حَلال كالشَّاة‏.‏

‏{‏فرغ‏}‏ * في حديث الغسل <كان يُفْرِغ على رأسِه ثلاث إفْراغات> جَمْع إفْرَاغَة، وهي المرّة الواحِدة من الإفْرَاغ‏.‏ يقال‏:‏ أفْرَغْتُ الإناء إفْرَاغا، وفَرَّغْتُه تَفْرِيغا إذا قَلَبْتَ ما فيه‏.‏

وفي حديث أبي بكر <افْرُغ إلى أضْيافِك> أي اعْمِد واقْصِدْ، ويَجُوز أن يكون بمَعْنى التَّخَلّي والفَرَاغ؛ لِيَتَوَفَّر على قِرَاهُم والاشْتِغال بأمْرهم‏.‏ وقد تكرر المعْنَيان في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ رجُلا من الأنصار قال: حَمَلْنا رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم على حِمَارٍ لَنا قَطُوفٍ فنَزَل عنه فإذا هو فِرَاغٌ لا يُسَايَرُ> أي سريع المَشْيِ واسع الخَطْوِ‏.‏

‏{‏فرفر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عَوْن بن عبد اللّه <ما رأيت أحَدًا يُفَرْفِرُ الدنيا فَرْفَرَةَ هذا الأعْرَج> يعني أبَا حَازِم، أي يَذُمُّها ويُمَزِّقُها بالذَّمّ والوَقِيعَة فيها‏.‏ يقال‏:‏ الذِّئب يُفَرْفِرُ الشَّاة أي يُمَزِّقُها‏.‏

‏{‏فرق‏}‏ ‏(‏س ه‏)‏ في حديث عائشة <أنه كان يَغْتَسِل من إناء يقال له الفَرَق> الفَرَق بالتحريك‏:‏ مِكْيَال يسع سِتَّةَ عشر رِطْلا، وهي اثنا عشر مُدّاً، أو ثلاثة آصُع عند أهْل الحجاز‏.‏ وقيل‏:‏ الفَرَق خمسة أقْسَاط، والقِسْط‏:‏ نصف صاع، فأمّا الفَرْق بالسكون فمائةٌ وعشرون رِطْلا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ما أسْكَر الفَرْقُ منه فالحُسْوة منه حَرام> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <من اسْتَطاع أن يكون كصاحِب فَرْق (قال الزمخشري: <فيه لغتان؛ تحريك الراء، وهو الفصيح، وتسكينها> الفائق 2/264 وقال الهروي‏:‏ <قال أحمد بن يحيى: قل فَرق، بفتح الراء، ولا تقل: فَرْق. قال: والفَرَق: اثنا عشرا مَدّاً> ‏.‏ وفي اللسان‏:‏ <قال أبو منصور: والمحدِّثون يقولون: الفَرْق. وكلام العرب: الفَرَق> ثم ذكر نحو ما في الهروي‏)‏ الأَرُزِّ فليكن مثله> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <في كل عَشرة أفْرُقِ عَسَل فَرَقٌ> الأفْرُق‏:‏ جَمْع قِلَّة لِفَرَق، مثل جَبَل وأجْبُل‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث بدء الوحي <فَجُئِثْتُ منه فَرَقا> الفَرَق بالتحريك‏:‏ الخَوْف والفَزَع‏.‏ يقال‏:‏ فَرِق يفْرَق فَرَقا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي بكر <أبِاللّهِ تُفَرِّقني؟ > أي‏:‏ تُخَوِّفُني‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته عليه الصلاة والسلام <إن انْفَرَقَت عَيقصتُه فَرَق> أي إن صار شَعره فِرْقين بِنْفسِه في مَفْرَقه تَركه، وإن لم يَنْفَرِق لم يَفْرِقْه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الزكاة <لا يُفرَّق بين مُجْتَمِع ولا يُجمع بين مُتَفَرِّق خَشْيَةَ الصدقة> قد تقدم شَرْح هذا في حرف الجيم والخاء مَبْسوطا‏.‏ وذهب أحمد إلى أن معناه‏:‏ لو كان لرجُل بالْكُوفة أربعون شاة وبالبَصْرة أربعون كان عليه شَاتَان لقوله <لا يُجْمع بين مُتَفَرِّق> ؛ ولو كان له بِبَغْداد عشْرُون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه‏.‏ ولو كانت له إبلٌ في بلْدانٍ شَتَّى؛ إن جُمِعت وجَبَت فيها الزكاة، وإن لم تُجْمع لم تَجِب في كل بلد لا يَجِب عليه فيها شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <البَيِّعان بالخِيار ما لم يتَفَرَّقا> وفي رواية <ما لم يَفْتَرِقا> اخْتَلف الناس في التَّفَرُّق الذي يصح ويلزم البيعُ بوجوبه، فقيل‏:‏ هو التَّفَرّق بالأبدان، وإليه ذهَب مُعظَم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأحمد‏.‏ وقال أبو حنيفة ومالك وغيرُهما‏:‏ إذا تَعاقدا صحَّ البَيعُ وإن لم يتفرّقا‏.‏ وظاهر الحديث يشهد للقول الأوّل، فإنَّ رواية ابن عمر في تمامه <أنه كان إذا بايع رجُلا فأراد أن يُتِمَّ البَيْعَ مَشَى خُطُواتٍ حتى يُفَارِقَه> وإذا لم يُجْعل التَّفرّقُ شَرْطا في الانْعِقاد لم يكن لذِكْره فائدة، فإنه يَعْلم أن المشتري ما لم يُوجَد منه قَبول البيع فهو بالخيار، وكذلك البائع خِيارُه ثابت في مِلْكه قبل عَقْد البيع‏.‏ والتَّفَرُّقُ والافْتِراق سَواء، ومنهم من يَجْعل التَّفرّق بالأبدان، والافْتراق في الكلام‏.‏ يقال‏:‏ فَرَقْتُ بين الكلامَيْن فافْتَرقا، وفَرّقْت بين الرجُلين فتفَرَّقا‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <صَلَّيت مع النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم بِمنىً رَكعتين، ومع أبي بكر وعمر تفرّقَت بكم الطُّرُق> أي ذهب كلٌّ منكم إلى مَذهب ومال إلى قَوْل وتَركْتم السُّنة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <فَرِّقوا عن المَنِيَّة واجعلوا الرَّأس رأسين> يقول‏:‏ إذا اشْتَريْتم الرَّقيق أو غيره من الحيوان فلا تُغَالَوا في الثمن واشْتَرُوا بِثَمن الرأس الواحد رأسين، فإن مات الواحِد بَقِيَ الآخر، فكأنَّكم قد فَرّقتم مالَكم عن المَنِيَّة‏.‏

وفي حديث ابن عمر <كان يُفَرِّق بالشَّكّ ويجْمَع باليَقين> يعني في الطَّلاق، وهو أن يَحْلف الرجُل على أمْر قد اختلف الناس فيه ولا يُعْلَم مَن المُصيب منهم، فكأن يُفرِّق بين الرجل والمرأة احْتياطاً فيه وفي أمثاله من صور الشَّك، فإن تبَيَّنَ له بعد الشك اليَقينُ جمع بينهما‏.‏

وفيه <من فارق الجماعة فمِيتَتُه جاهِلَّية> معناه كلُّ جماعة عَقَدَت عَقْد يُوَافِق الكتاب والسُّنة فلا يجوز لأحدٍ أن يُفارقهم في ذلك العَقْد، فإن خالفهم فيه اسْتَحقَّ الوعيد‏.‏ ومعنى قوله <فمِيتَتُه جاهلية> ‏:‏ أي يموت على ما مات عليه أهل الجاهِليَّة من الضَّلال والجَهْل‏.‏

وفي حديث فاتحة الكتاب <ما أُنْزِل في التَّوراة ولا الإنجيل ولا الزَّبور ولا في الفُرْقان مِثْلُها> الفُرْقان من أسماء القُرآن‏:‏ أي أنه فَارِقٌ بين الحق والباطل، والحلال والحرام‏.‏ يقال‏:‏ فَرَقْت بين الشّيئين أفْرُقُ فَرْقاً وفُرْقَانا‏.‏

ومنه الحديث <مُحمَّدٌ فَرْقٌ بين الناس> أي يَفْرُق بين المؤمنين والكافرين بتَصْديقه وتكذيبه‏.‏

‏(‏س‏)‏ * ومنه الحديث في صقته عليه الصلاة والسلام <أنَّ اسمه في الكُتُب السالفة فارِق لِيَطا> أي يَفْرُق بين الحق والباطل‏.‏

وفي حديث ابن عباس <فَرَق لي رَأيٌ> أي بَدَا وظَهر‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ الرواية <فرِق> على ما لم يُسَمَّ فاعِلَه‏.‏

وفي حديث عثمان <قال لخَيْفان: كيف تركْت أفارِيق العرب؟ > الأفاريق‏:‏ جمع أفْرَاق، وأفْرَاق‏:‏ جمع فِرْق، والفِرْق والفَرِيق والفِرْقَة بمَعْنى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ما ذِئْبان عادِيان أصابا فَريقة غنم؟ > الفريقة‏:‏ القطعة من الغَنَم تشذُّ عن معظمها‏.‏ وقيل‏:‏ هي الغَنم الضالّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي ذر <سُئِل عن مالِه فقال: فِرْقٌ لنا وذَودٌ> الفِرْق‏:‏ القِطْعة من الغَنم‏.‏

ومنه حديث طَهْفة <بارِكْ لهم في مَذْقِها وفِرْقِها> وبعضهم يقوله بفتح الفاء، وهو مِكْيال يُكَال به اللَّبَن‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <تأتي البقرة وآلُ عِمْران كأنهما فِرْقَان مِن طَيْرٍ صَوَافَّ> أي قِطعتان‏.‏

وفيه <عُدُّوا مَن أفرَق مِن الحَيِّ> أي بَرَأ من الطَّاعون‏.‏ يقال‏:‏ أفْرق المريضُ من مَرضه إذا أفاق‏.‏ وقيل‏:‏ إنّ ذلك لا يقال إلا في عِلَّة تُصيب الإنسان مرَّة، كالجُدَرِيّ والحَصْبَة‏.‏

وفيه <أنه وصَف لسَعْد في مَرَضِه الفَرِيقَة> هي تَمْرٌ يُطْبَخ بحُلْبَة، وهو طَعام يُعْمَل للُّنَفساء‏.‏

‏{‏فرقب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث إسلام عمر <فأقْبَل شَيْخٌ عليه حِبَرَةٌ وثَوْبٌ فُرْقُبِيٌّ> هو ثَوْب مِصْريّ أبْيَضُ من كَتّان‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ <الفُرْقُبِيَّة والثُّرُقبِيَّة: ثِياب مِصْريَّة بِيض من كَتَّان. ورُوِي بقافَين> مَنسوب إلى قُرْقُوب، مع حَذْف الواوِ في النَّسِب، كَسابُرِيّ في سابُور‏.‏

‏{‏فرقع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث مجاهد <كَرِه أن يُفَرْقِعَ الرجُل أصابِعه في الصلاة> فَرْقَعة الأصابع‏:‏ غَمْزُها حتى يُسْمَع لمَفاصِلها صَوْت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <فافْرَنْقَعُوا عنه> أي تَحَوَّلوا وتَفَرّقوا‏.‏ والنون زائدة‏.‏

‏{‏فرك‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <نهى عن بيع الحَبّ حتى يُفْرِك> أي يَشْتَدّ ويَتْنَهي‏.‏ يقال‏:‏ أفْرَك الزرع إذا بَلَغ أن يُفْرَك باليَد، وفَرَكْتُه فهو مَفْرُوك وفَرِيك‏.‏ ومَنْ رَواه بفتح الراء فمعناه‏:‏ حتى يَخْرُج من قِشْره‏.‏* وفيه <لا يَفْرَك مُؤمنٌ مُؤمنة> أي لا يُبْغِضها‏.‏ يقال‏:‏ فَرِكَت المرأةُ زَوْجَها تَفْرَكُه فِرْكا بالكسر، وفَرْكا وفُرُوكاً، فهي فَرُوك، كأنه حَثَّ على حُسْن العِشْرة والصُّحبة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن مسعود <أتاه رجُل فقال: إني تَزوّجْت امْرأةً شابَّة وإنّي أخاف أن تَفْرَكَني، فقال: إن الحُبَّ من اللّه والفَرْكَ من الشيطان> ‏.‏

‏{‏فرم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أنس <أيَّام التَّشْريق أيَّام لَهْو وفِرَام> هو كِناية عن المُجَامَعة، وأصله من الفَرْم، وهو تَضْييق المرأة فَرْجَها بالأشياء العَفِصَة، وقد اسْتَفْرَمَت إذا احْتَشَت بذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عبد الملك <كتب إلى الحَجَّاج لمَّا شَكَا منه أنس بن مالك: يا ابْن المُسْتَفْرِمَة بِعَجَم (في الهروي: <بحَبِّ الزبيب> ‏.‏ وهي رواية الزمخشري أيضا‏.‏ الفائق 1/193‏)‏ الزَّبيب> أي المُضَيِّقَة فَرْجَها بِحَبّ الزّبيب، وهو مما يُسْتَفْرَم به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث أنّ الحسين بن علي قال لرجُل‏:‏ عليك بِفِرام أمِّك> سُئل عنه ثعلب فقال‏:‏ كانت أمُّه ثَقَفِيَّة، وفي أحْراحِ نساء ثَقيفٍ سَعَة، ولذلك يُعَالِجْنَ بالزبيب وغيره‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الحسن <حتى تكونوا أذلَّ من فَرَم الأمَة> هو بالتحريك‏:‏ ما تُعَالج به المَرْأة فَرْجها ليَضِيق‏.‏ وقيل‏:‏ هو خِرْقة الحَيْض‏.‏

‏{‏فره‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث جُرَيْج <دابَّةٌ فارِهةٌ> أي نَشِيطَةٌ حادّة قَويَّة‏.‏ وقد فَرُهَت فَراهَةً وفَرَاهيَة‏.‏

‏{‏فرأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنّ الخَضِرَ جَلَس على فَرْوةٍ بَيْضاء فاهْتَزَّت تَحْتَه خَضْرَاء> الفَرْوة‏:‏ الأرض اليابِسة‏.‏ وقيل‏:‏ الهَشِيم اليابِسُ من النَّبات‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث علي <اللهم إنِّي قد مَلِلْتهم ومَلُّوني، وسَئِمْتُهم وسَئِمُوني، فَسَلِّط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذَّيَّالَ المَنَّان، يَلْبَس فَرْوَتَها، ويأكُل خَضِرَتَها> أي يَتَمَتَّع بنعْمَتِها لُبْساً وأكْلاً‏.‏ يقال‏:‏ فُلانٌ ذُو فَرْوة وثَرْوَة بمْعنىً‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ <ومعناه <يَلْبَسُ الدَّفِيءَ اللّين من ثِيابها، ويأكُل الطَّرِيَّ الناعِم من طَعامها، فضَرب الفَرْوة والخَضِرَة لذلك مَثَلا، والضَّمير للدّنيا. وأراد بالْفَتَى الثَّقَفيّ الحجّاج بن يوسف، قيل: إنه وُلِدَ في السَّنَة التي دَعَا فيها عَلِيّ بهذه الدَّعْوة> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <وسُئل عن حَدّ الأمة فقال: إن الأمَةَ ألْقَت فَرْوَة رأسِها من وراء الدَّار> ورُوي <من وَراء الجِدار> أراد قنِاعَها، وقيل‏:‏ خِمَارَها‏:‏ أي ليس عليها قِنَاع ولا حِجَاب، وأنها تَخْرُج مُبَتَذّلَة إلى كل مَوضع تُرْسَل إليه لا تَقْدِر على الامتتناع‏.‏ والأصل في فَرْوَة الرأس‏:‏ جِلْدَته بما عليها من الشَّعَر‏.‏

ومنه الحديث <إنّ الكافر إذا قُرِّب المُهْلُ مِن فِيه سَقَطَت فَرْوَةُ وجهه> أي جِلْدَته، استعارها من الرِّأس للوجه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الرؤيا <فلم أرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه> أي يَعْمل عَمَله ويقطع قَطْعَه‏.‏ ويروى <يَفْرِي فَرْيَهُ> بسكون الراء والتخفيف، وحُكي عن الخليل أنه أنكر التَّثْقِيل وغَلَّط قائله‏.‏ وأصل الفَرْي‏:‏ القَطْع‏.‏ يقال‏:‏ فَرَيْتُ الشيءَ أفْرِيه فَرْياً إذا شَقَقْتَه وقَطَعْته للإصلاح، فهو مَفْرِيّ وفَرِيّ، وأفْرَيْتُه‏:‏ إذا شَقَقْتَه على وجه الإفساد‏.‏ تقول العَرب‏:‏ تَركْته يَفْرِي الفَرِيَّ‏:‏ إذا عَمل العَمل فأجادَه‏.‏

ومنه حديث حسان <لأفْرِيَنَّهم فَرْيَ الأدِيم> أي أقْطَعُهم بالهجاء كما يُقْطَع الأدِيم‏.‏ وقد يُكْنَى به عن المُبالغة في القَتْل‏.‏

ومنه حديث غزوة مُؤْتَة <فجعَل الرُّوميُّ يَفْرِي بالمسلمين> أي يُبالغ في النِّكاية والقَتْل‏.‏

وحديث وَحْشِيّ <فرأيت حَمْزة يَفْرِي الناسَ فَرْياً> يعني يَوم أحُدٍ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <كُلْ ما أفْرَى الأْوَادجَ غَيْرَ مُثَرِّد> أي ما شَقَّها وقطَعها حتى يَخْرُج ما فيها من الدَّم‏.‏

وفيه <مِنْ أفْرَى الفِرَي أن يُرِيَ الرجُلُ عيْنَيه ما لم تَريَا> الِفَري‏:‏ جَمع فِرْية وهي الكَذْبة، وأفْرَى‏:‏ أفْعَلُ منه للتَّفْضيل‏:‏ أي مِن أكْذَب الكَذِبات أن يقول‏:‏ رأيت في النوم كذا وكذا ولم يكن رأي شيئاً؛ لأنه كَذِبٌ على اللّه، فإنه هو الذي يُرْسل مَلَك الرُّؤْيا لِيُرِيَه المنام‏.‏

ومنه حديث عائشة <فقد أعظَم الفِرْيَةَ على اللّه> أي الكَذِب‏.‏

ومنه حديث بَيْعة النِّساء <ولايَأتِينَ ببُهتانٍ يَفْتَرِينَه> يقال‏:‏ فَرَى يَفْرِي فَرْياً، وافْتَرى يَفْتَرِي افْتِراءً، إذا كذب، وهو افْتِعال منه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏فرياب‏}‏ * فيه ذكر <فِرْيَاب> هي بكسر الفاء وسكون الراء‏:‏ مدينة ببلاد الترك‏.‏ وقيل‏:‏ أصْلُها‏:‏ فِيْريَاب، بزيادة ياء بعد الفاء، ويُنْسَب إليها بالحَذف والإثْبات‏.‏

 باب الفاء مع الزاي

‏{‏فزر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ رجُلا من الأنصار أخَذَ لَحْىَ جَزُورٍ فضَرب به أنْفَ سَعْد فَفَزَره> أي شَقَّه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث طارِق بن شِهاب <خَرجْنا حُجَّاجاً فأوْطَأ رجُل منَّا راحِلَته ظَبْياً فَفَزَرَ ظَهْرَه> أي شقَّه وفَسَخه‏.‏

‏{‏فزز‏}‏ * في حديث صَفِيَّة <لا يُغْضِبُه شيءٌ ولا يَسْتَفِزُّه> أي لا يَسْتَخِفُّه‏.‏ ورَجُلٌ فَزٌّ‏:‏ أي خفيف‏.‏ وأفْزَزْتُه إذا أزعَجْتَه وأفْزَعُتَه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏فزع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قال للأنْصار: إنَّكم لتَكْثُرون عند الفَزَع، وتَقِلُّون عند الطَّمَع> الفَزَع‏:‏ الخوف في الأصل، فوُضِعَ مَوْضِع الإغاثة والنَّصْر؛ لأنَّ مَنْ شأنُه الإغاثةُ والدَّفْعُ عن الحريم مُرَاقِبٌ حَذِرٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لقد فَزِع أهلُ المدينة لَيْلا فرَكِبَ فرَساً لأبي طلحة> أي اسْتَغاثُوا‏.‏ يقال‏:‏ فَزِعْت إليه فَأفزَعَنِي‏.‏ أي اسْتَغَثْت إليه فأغاثَني، وأفْزَعْتُه إذا أغَثْتَه، وإذا خَوّفْتَه‏.‏

ومنه حديث الكسوف <فافْزَعُوا إلى الصلاة> أي الْجَأُوا إليها، واسْتَغِيثُوا بها على دَفْع الأمْرِ الحادِث‏.‏

ومنه صفة علي <فإذا فُزِعَ فُزِعَ إلى ضَرِسٍ حَدِيد> أي إذا اسْتُغِيثَ به التُجِىء إلى ضَرِس، والتَّقْدير‏:‏ فإذا فُزِعَ إليه فُزِعَ إلى ضَرِس، فَحُذِف الجَارُ واسْتَتر الضمير‏.‏

ومنه حديث المخزومية <ففَزِعُوا إلى أُسَامة> أي اسْتَغاثوا به‏.‏

وفيه <أنه فَزِعَ من نوْمه مُحْمَرّاً وجْهُه> ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي رواية <أنه نام فَفَزِع وهو يَضْحك> أي هَبَّ وانْتَبه‏.‏ يقال‏:‏ فَزِعَ من نومه، وأفْزَعْته أنا، وكأنه من الفَزَع‏:‏ الخَوْفِ؛ لأنّ الذي يُنَبَّه لا يخلو من فَزَعٍ ما‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ألا أفْزَعْتُموني> أي أنْبَهْتُموني‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مَقتل عمر <فَزِّعوه بالصلاة> أي نَبِّهُوه‏.‏

وفي حديث فضل عثمان <قالت عائشة للنبي صلى اللّه عليه وسلم: مَالي لم أرَكَ فَزِعْتَ لأبي بكر وعمر كما فزعتَ لعُثْمان؟ فقال: إنّ عثمانَ رَجُلُ حَيِيٌّ> يقال‏:‏ فَزْعْتَ لِمَجيء فُلان إذا تأهَّبْتَ له مُتَحوِّلا من حالٍ إلى حال، كما يَنْتَقِل النائم من حال النَّوم إلى حال اليَقظة‏.‏ ورواه بعضهم بالراء والغين المعجمة، من الفَراغ والاهتمام، والأوّل أكثر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمرو بن مَعْدِيكرِب <قال له الأْشَعث: لَأُضَرِّطَنَّك، فقال: كَلاَّ إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَة> أي صحيحة تَنْزِل بها الأفْزاع‏.‏ والمُفَزَّع‏:‏ الذي كُشِفَ عنه الفَزَع وأُزِيل ‏(‏قال الهروي‏:‏ <ومن جعله جبانا أراد يفزع من كل شيء. قال الفراء: وهذا مثل قولهم: رجلٌ مُغَلَّب، أي غالب، ومُغَلَّب، أي مغلوب> ‏)‏ ‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <وذكر الوَحْي قال: فإذا جاء فُزِّعَ عن قلوبهم> أي كُشِف عنها الفَزَع‏.‏

 باب الفاء مع السين

‏{‏فسح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفته عليه الصلاة والسلام <فَسِيحُ ما بَيْن المَنْكِبَين> أي بَعيد ما بينهما، لِسَعَة صَدْره‏.‏ ومَنْزل فَسِيح‏:‏ أي واسِع‏.‏

ومنه حديث علي <اللهُم افْسَح له مُفْتَسحاً في (في اللسان: <مُنْفَسحاً> ‏)‏ عَدْلك> أي أوْسِع له سَعَةً في دارِ عَدْلك يوم القيامة‏.‏ ويُرْوَى <في عَدْنِك> بالنون، يعني جَنَّة عَدْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أمّ زَرْع <وبَيْتُها فُسَاح (يروى <فياح> وسيأتي‏)‏ > أي واسِعٌ‏.‏ يقال‏:‏ بَيْت فَسِيح وفُسَاح، كَطَوِيل وطُوَال‏.‏

‏{‏فسخ‏}‏ * فيه <كان فَسْخُ الحجّ رُخْصَةً لأصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم> هو أن يَكُون قد نوى الحج أوّلاً ثم يَنْقُضه ويُبْطِله ويَجْعله عُمْرة ويُحِلّ، ثم يَعُود يُحْرِم بحَجَّة، وهو التَّمَتُّع، أو قريب منه‏.‏

‏{‏فسد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <كَرِه عَشْرَ خِلال، منها إفْسَادُ الصَّبِيّ، غَيْرَ مُحَرِّمه> هو أن يَطأ المَرْأة المُرْضِع، فإذا حَمَلت فَسَد لَبَنُها، وكان من ذلك فَسَاد الصَّبِي، ويُسَمَّى الغِيَلة‏.‏ وقوله <غير مُحَرِّمه> ‏:‏ أي أنه كَرِهَه ولم يَبْلغ ‏[‏به‏]‏ ‏(‏من ا، واللسان‏)‏ حَدّ التحريم‏.‏

‏{‏فسط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <عليكمُ بالجَماعة، فإنّ يَد اللّه على الفُسْطاط> هو بالضم والكسر‏:‏ المدينة التي فيها مُجْتَمَع الناس‏.‏ وكل مدينة فُسْطاط‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ <هو ضَرْب من الأْبِنَية في السَّفر دون السُّرادِق> وبه سُمِّيت المدينة‏.‏ يقال لِمْصر والبَصْرة‏:‏ الفُسْطاط‏.‏ ومعنى الحديث أنّ جَماعة أهل الإسلام في كَنَف اللّه وَوِقايَته، فأقِيُموا بَيْنَهُمْ ولا تُفَارِقوهم ‏(‏عبارة الزمخشري‏:‏ <...في كَنَف اللّه، وواقيتُه فوقهم، فأقيموا بين ظَهْرانَيْهم، ولا تفارقوهم> الفائق 2/275‏)‏‏.‏* ومن الثاني الحديث <أنه أتَى على رجُل قد قُطِعَت يَدُه في سَرِقة وهو في فُسْطاط، فقال: مَن آوَى هذا المُصَاب؟ فقالوا: خُرَيْم بن فَاتِك، فقال: اللهُم بارك على آل فَاتِك، كما آوَى هذا المُصَاب> ‏.‏

ومن الأوّل حديث الشَّعْبِيّ <في العَبْد الآبِق إذا أُخِذَ في الفُسْطاط ففيه عَشْرة دراهم، وإذا أُخِذَ خارِجَ الفُسْطاط ففيه أرْبَعُون> ‏.‏

‏{‏فسق‏}‏ * فيه <خَمْسٌ فَواسِقُ يُقْتَلْنَ في الحِلّ والحَرَم> أصل الفُسوق‏:‏ الخُروج عن الاسْتِقامة، والجَوْرُ، وبه سُمِّي العَاصِي فاسِقا، وإنَّما سُمِّيت هذه الحيواناتُ فَواسِقَ، على الاسْتِعارة لخُبْثهِنَ‏.‏ وقيل لخُروجِهّن من الحُرْمة في الحِلّ والحرَم‏:‏ أي لا حُرْمةَ لهنّ بِحال‏.‏

ومنه الحديث <أنه سَمَّى الفأرةَ فُوَيْسِقَة> تصغير فاسِقة؛ لخروجها من جُحْرها على الناس وإفسادِها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة، وسُئِلت عن أكْل الغُراب فقالت‏:‏ <ومَن يأكله يعد قوله فاسِق؟> قال الخطَّابي‏:‏ أراد بتَفْسِيقها تَحْريم أكلها‏.‏

‏{‏فسكل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ أسماء بنت عُمَيس قالت لِعَلِيّ: إنّ ثلاثةً أنْت آخِرُهم لَأخْيار، فقال عَلِيّ لِأوْلادِها: قد فَسْكَلَتْني أمُّكم> أي أخَّرَتْني وجَعَلَتْني كالفِسْكِل، وهو الفَرس الذي يجيء في آخر خَيل السِّباق‏.‏ وكانت تَزوّجَت قبله بجعفر أخِيه، ثم بأبي بكر الصدّيق بعد جعفر‏.‏

‏{‏فسل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لعن اللّه المُفَسِّلة والمُسَوِّفَة> المفسلة‏:‏ التي إذا طَلبها زوجُها لِلوطء قالت‏:‏ إنّي حائض وليست بحائض، فَتُفَسِّل الرجُل عنها وتُفَتِّر نشَاطه، من الفُسُولة‏:‏ وهي الفُتور في الأمْر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حُذَيفة <اشْتَرى ناقةً من رجُلَين وشَرط لهما من النَّقْد رِضَاهُما، فأخْرَج لهما كِيساً فأفْسَلا عليه، ثم أخْرج كِيساً آخر فأفْسَلا عليه> أي أرْذَلَا عليه وزَيَّفا مِنها‏.‏ وأصله من الفَسْل‏:‏ وهو الرَّديء الرَّذل من كل شيء‏.‏ يقال‏:‏ فَسله وأفْسَلَه‏.‏

ومنه حديث الاستسقاء‏:‏

سِوَى الحَنْظَلِ العَامِيِّ والعِلْهِزِ والفَسْلِ*

ورُوي بالشين المعجمة‏.‏ وسيذكر‏.‏

‏{‏فسا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث شُرَيح <سُئل عن الرجل يُطَلِّق المرأة ثم يَرْتَجِعها فيَكْتُمها رَجْعَتها حتى تَنْقَضِي عِدّتها، فقال: ليس له إلَّا فَسْوةُ الضَّبُع> أي لا طائل له في ادِّعاء الرَّجْعة بعد انقضاء العِدّة‏.‏ وإنما خَصَّ الضَّبُع لحُمقِها وخُبْثها‏.‏ وقيل‏:‏ هي شجَرة تَحمِل الخَشْخاش، ليس في ثَمرها كبيرُ طائل‏.‏ وقال صاحب <المنهاج> في الطِب‏:‏ هي القَعْبَل، وهو نبات كَرِيه الرائحة، له رأس يُطْبَخ ويُؤكل باللَّبَن، وإذا يَبِس خرج منه مِثْل الوَرْس‏.‏

 باب الفاء مع الشينْ

‏{‏فشج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ أعرابيا دخل المسجد فَفَشَج فبَال> الفشج‏:‏ تفَرْيج ما بين الرِّجْلين، وهو دون التَّفَاجّ‏.‏ قال الأزهري‏:‏ رواه أبو عبيد بتشديد الشين‏.‏ والتَّفْشيج‏:‏ أشَدُّ من الفَشْج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث جابر <فَفَشَجَت ثم بالت> يعني الناقة‏.‏ هكذا رواه الخطّابي‏:‏ ورواه الحُمَيْدِيّ <فشَجَّت وبالت> بتشديد الجيم، والفاء زائدة للعطف‏.‏ وقد تقدّم في حرف الشين‏.‏

‏{‏فشش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <قال أبو هريرة: إنَّ الشيطان يَفُشُّ بين ألْيَتَيْ أحَدِكم حتى يُخيِّلَ إليه أنه أحْدَث> أي ينَفْخُ نفَخْا ضعيفا‏.‏ يقال‏:‏ فَشَّ السِّقاءَ‏:‏ إذا أخْرج منه الريح‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <لا يَنْصَرف حتى يَسْمَعَ (في ا: <لا تنصرف حتى تسمع> ‏)‏ فَشِيشَها> أي صوت رِيحها‏.‏ والفَشِيش‏:‏ الصَّوت‏.‏

ومنه <فَشيش الأفعى> وهو صوت جِلْدها إذا مَشَتْ في اليَبِيس‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي المَوالِي <فأتَت جارية فأقْبَلَتْ وأدْبَرت، وإني لأسْمع بين فَخِذَيْها مِن لَفَفِها مِثلَ فَشيش الحرَابِش (سبق في صفحة 368 من الجزء الأول، في الخاشية <الحرايش> بالياء التحتية، خطأ‏)‏ > الحرابش‏:‏ جنْس من الحيَّات، واحِدها‏:‏ حِرْبِش‏.‏

ومنه حديث عمر <جاءه رَجُل فقال: أتَيْتُك من عند رجُل يكْتُب المَصاحِفَ من غيْر مُصحَف، فغَضِب، حتى ذَكَرْت الزِّقَّ وانْتِفَاخَه، قال: مَن؟ قال: ابن أمِّ عَبْد، فَذَكرت الزِّق وانْفِشَاشَه> يُريد أنه غَضِب حتى انْتفخَ غيظا، ثم لمَّا زَال غَضَبُه انْفَشَّ انْتِفاخُه‏.‏ والانْفِشَاش‏:‏ انْفِعَال من الفَشّ‏.‏

ومنه حديث ابن عمر مع ابن صَيَّاد <فقلت له: اخْسَأْ فلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَك، فكأنه كان سِقَاءً فُشَّ> السِّقاء‏:‏ ظَرْف الماء، وفُشَّ‏:‏ أي فُتِح فانْفَشَّ ما فيه وخرج‏.‏

وفي حديث ابن عباس <أعْطِهِم صَدَقَتك وإنْ أتاك أهْدَلُ الشَفَّتَيَنْ مُنْفَشّ المَنْخَرَيْن> أي مُنْفَتِحُهما مع قُصُور الْمَارِن وانْبطاحِه، وهو من صِفات الزَّنْج والحَبش في أُنُوفِهم وشِفَاهِهم، وهو تأويل قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ <أطِيُعوا ولو أُمِّرَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّع> ‏.‏ والضمير في <أعطهم> لأولي الأمر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث موسى وشعيب عليهما السلام <ليس فيها عَزُوزٌ ولا فَشُوش> هي التي يَنْفَشّ لبَنُها من غير حَلْب‏:‏ أي يَجْرِي، وذلك لسَعَة الإحْلِيل، ومِثْله الفَتُوح والثَّرُور‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث شَقِيق <أنه خَرج إلى المسْجد وعليه فِشَاشٌ له> هو كِسَاء غَلِيظ‏.‏

‏{‏فشغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث النَّجاشي <أنه قال لقُريش: هل تَفَشَّغَ فيكم الوَلَد؟> أي هل يكون للرجُل منكم عشرة من الوَلَد ذكورٌ ‏(‏في الأصل‏:‏ <ذكورا> والمثبت من ا، واللسان‏)‏‏؟‏ قالوا‏:‏ <نَعَم وأكثرُ> ‏.‏ وأصْله من الظُّهور والعُلُوِّ والاْنِتشار‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الأشْتَر <أنه قال لِعلِيّ: إن هذا الأمر قد تَفَشَّغَ> أي فَشَا وانْتَشَر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث ابن عباس <ما هذه الفُتْيا التي تَفَشَّغَت في الناس> ويُروَى <تَشَغَّفَت وتَشَعَّفَت، وتَشَعَّبَت> وقد تقدّمت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <أنّ وَفْد البصْرة أتَوْه وقد تَفَشَّغوا> أي لَبِسوا أخْشَنَ ‏(‏في الفائق 2/278‏:‏ <أخَسَّ لباسهم> ‏)‏ ثيابهِم ولم يَتَهيَّأوا لِلِقائه‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ <وأنا لا آمَنُ أن يكون مُصَحَّفا من <تَقَشَّفُوا> ‏.‏ والتَّقَشُّف‏:‏ أن لا يَتَعَهَّد ‏(‏في الفائق‏:‏ <أن لا يتعاهد> ‏)‏ الرجُل نفسَه> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هريرة <أنه كان آدَمَ ذا ضَفيرتَين أفْشَغَ الثَّنِيّتَين> أي ناتِىء الثَّنِيّتَين خارجَتَين عن نَضَد الأسنان‏.‏

‏{‏فشفش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الشَّعْبِيّ <سَمَّيْتُك الفَشْفاشَ> يعني سَيْفَه، وهو الذي لم يُحْكَم عملُه‏.‏ ويقال‏:‏ فَشْفَش في القَوْل إذا أفْرَط في الكَذِب‏.‏

‏{‏فشل‏}‏ ‏)‏ في حديث علي يَصف أبا بكر <كنتَ للدِّين يَعْسوباً، أوّلاً حِين نَفَر الناس عنه، وآخِراً حِين فَشِلوا> الفَشَل‏:‏ الجزَع والجُبْن والضَّعف‏.‏

ومنه حديث جابر <فِينا نَزَلت: إذْ هَمَّتْ طائِفتانِ مِنْكُم أن تَفْشَلا> ‏.‏

وفي حديث الاستسقاء‏:‏

سِوَى الحَنْظَل العامِيِّ والعِلْهِز الفَشْلِ*

أي الضعيف، يعني الفَشْل مُدّخِرُه وآكِلُه، فصَرف الوصْف إلى العِلْهِز، وهو في الحقيقة لآكِله‏.‏ ويُروى بالسين المهملة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏فشا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ضُمُّوا فَواشِيَكم> الفَواشِي‏:‏ جمع فاشِية، وهي الماشِية التي تَنْتَشِر من المال، كالإبِل‏.‏ والبَقر والغنم السائمة؛ لأنها تَفْشو، أي تَنْتَشِر في الأرض‏.‏ وقد أفْشَى الرجل‏:‏ إذا كَثُرَت مَواشِيه‏.‏

ومنه حديث هَوازِن <لمَّا انْهَزمُوا قالوا: الرَّأيُ أن نُدْخِل في الحِصْن ما قَدَرْنا عليه من فاشِيَتِنا> أي مَواشِينا‏.‏

ومنه حديث الخاتم <فلما رآه أصحابه قد تَخَتَّم به فَشَتْ خَواتِيم الذَّهب> أي كثُرت وانْتَشَرت‏.‏

ومنه الحديث <أفْشَى اللّهُ ضَيْعَته> أي كَثَّر عليه مَعاشَه لِيْشَغَله عن الآخرة‏.‏ ورواه الهروي في حرف الضاد، <أفْسَد اللّه ضَيْعَته> والمعروف المرْوِيُّ <أفْشَى> ‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود <وآيَةُ ذلك أن تَفْشُوَ الْفَاقَة> ‏(‏ضبطت في الأصل‏:‏ <تُفْشُو> وأثبت ضبط ا، واللسان‏)‏ ‏.‏

 باب الفاء مع الصاد

‏{‏فصح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <غُفِرَ له بعَدَد كُلّ فَصِيح وأعْجَم> أرادَ بالفَصِيح بَنِي آدَمَ، وبالأعْجَم البهائم‏.‏ هكَذا فُسِّر في الحديث‏.‏ والفَصِيح في اللغة‏:‏ المُنْطَلِق اللّسَان في القول، الذي يَعْرِف جَيِّد الكلام من رَدِيئه‏:‏ يقال‏:‏ رجُلٌ فَصِيحٌ، ولسانٌ فَصِيحٌ، وكلاٌم فَصِيحٌ، وقد فَصُح فَصاحَة، وأفْصَح عن الشيء إفْصَاحا إذا بَيَّنَه وكَشَفه‏.‏

‏{‏فصد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان إذا نزل عليه الوَحْيُ تَفَصَّد عَرَقاً> أي سال عَرَقُه، تَشْبيها في كَثْرَته بالفِصَاد، و <عَرَقاً> منصوب على التمييز‏.‏

وفي حديث أبي رَجاء <لما بلغَنَا أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قد أخَذَ في القَتْل هربْنَا، فاسْتَثَرْنا شِلْوَ أرْنَبٍ دَفِيناً وفَصَدْنا عليها، فَلا أنْسَى تِلْك الأكْلة> أي فَصدْنا على شِلْوِ الأرْنَب بَعِيراً وأسَلْنا عليه دمَه وطبَخْناه وأكَلْناه‏.‏ كانوا يَفْعلون ذلك ويُعالُجِونه ويأكْلُونه عند الضَّرُورة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه المَثَل <لم يُحْرَم مَن فُصِدَ له> ‏(‏هكذا ضبطت في الأصل‏:‏ <فُصِد> بكسر الصاد المهملة وضبطت في الهروي بكسرها مع التسكين ضبط قلم وفوقها كلمة <معا> ‏.‏ قال في اللسان‏:‏ <لم يُحْرمْ من فُصْدَ به، بإسكان الصاد> ثم قال‏:‏ <ويروى: لم يحرم من فُزْدَ له. أي فُصِد له البعير، ثم سكنت الصاد تخفيفا، كما قالوا في ضُرِب: صُرْب، وفي قُتِل: قُتْل> ‏)‏ أي لم يُحْرَم مَن نال بَعْضَ حاجَتِه، وإن لم يَنَلْها كُلَّها‏.‏

‏{‏فصع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <نَهى عن فَصْع الرُّطَبَة> هو أن يُخْرِجَها من قِشْرها لِتَنْضَج عاجلاً‏.‏ وفَصَعْتُ الشيء من الشيء‏:‏ إذا أخْرَجْتَه وخَلَعْتَه‏.‏‏{‏فصفص‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الحسن <ليْسَ في الفَصَافِص صَدقَةٌ> جَمْع فِصْفِصَة، وهي الرّطْبَة من عَلَف الدَّوَابّ‏.‏ وتُسَمَّى القَتَّ، فإذا جَفَّ فهو قَضْب‏.‏ ويقال‏:‏ فِسْفِسَة، بالسين‏.‏

‏{‏فصل‏}‏ * في صفة كلامه عليه الصلاة والسلام <فَصْلٌ لا نزْرٌ ولا هَذَر> أي بَيِّن ظاهر، يَفْصِل بين الحقّ والباطل‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ <إنه لَقَول فَصْل> أي فاصِل قاطع‏.‏

ومنه حديث وَفْد عبد القيس <فَمُرْنا بأمْرٍ فَصْل> أي لا رَجْعَةَ فيه ولا مَرَدَّ له‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <من أنْفَقَ نَفَقَةً فاصِلَةً في سبيل اللّه فبسَبْعمائة> جاء في الحديث أنَّها التي فَصَلَت بين إيمانه وكُفْره‏.‏ وقيل‏:‏ يَقْطَعُها من مالِه ويَفْصِل بينها وبين مال نَفْسه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <مَن فَصَل في سبيل اللّه فمات أو قُتِل فهو شَهيد> أي خَرَجَ من مَنْزله وبَلَدِه‏.‏

ومنه الحديث <لا رَضَاعَ بَعْد فِصَال> أي بَعْد أن يُفْصَل الوَلَدُ عن أمِّه، وبه سُمِّي الفَصِيل من أولاد الإبل، فَعِيل بمْعنى مفعول‏.‏ وأكْثَر ما يُطْلق في الإبل‏.‏ وقد يُقال في البقر‏.‏

ومنه حديث أصحاب الغارِ <فاشْتَريْتُ به فَصِيلا من البَقَر> وفي رِواية <فَصِيلَة> وهو ما فُصِل عن اللَّبن من أولاد البَقَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنّ العبَّاسَ كان فصِيَلَة النبيّ عليه الصلاة والسلام> الفَصِيَلة‏:‏ مِن أقْرَب عَشِيرة الإنسان‏.‏ وأصْل الفَصِيَلةِ‏:‏ قِطْعَة من لَحْم الفَخِذ‏.‏ قال الهروي‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أنس <كان على بَطْنهِ فَصِيلٌ من حَجَر> أي قِطْعَة منه، فَعِيل بمعنى مفعول‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث النَّخَعِيّ <في كُلّ مَفْصِل من الإنسان ثلث دِية الأصْبَع> يُريد مَفْصِل الأَصابع، وهو ما بَيْن كل أُنْمَلَتْين‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث ابن عمر <كانت الفَيْصَل (في الهروي: <كانت الفصل> ‏)‏ بَيْني وَبيْنَه> أي القَطيعة التَّامَّة‏.‏ والياء زائدة‏.‏

ومنه حديث ابن جُبَير <فَلَو عَلِم بها لكانت الفَيْصَلَ بيني وبينه> ‏.‏

‏{‏فصم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صِفة الجنة <دُرَّة بَيْضاءُ ليس فيها قَصْمٌ (في الأصل، وا، واللسان: <وَصمٌ> وأثبت ما في الهروي، والفائق 2/351، وهي رواية المصنف في <قصم> ‏.‏ ويلاحظ أنه لم يذكره في <وصم> ‏)‏ ولا فَصْم> الفَصْم‏:‏ أن يَنْصَدع الشيء فلا يَبِين، تَقُول‏:‏ فصَمْتُه فانْفَصم‏.‏

ومنه حديث أبي بكر <إني وجَدْتُ في ظَهْري انْفِصاماً> أي انْصِداعا‏.‏ ويُروَى بالقاف وهو قَريب منه‏.‏

ومنه الحديث <اسْتَغْنوا عن الناس ولو عن فِصْمَة السِّواك> أي ما انْكَسر منها ويُرْوى بالقاف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <فيُفْصِمُ عَنّي وقد وَعَيْت> يعني الوَحْي‏:‏ أي يُقْلِع‏.‏ وأفْصَم المطَر إذا أقْلَع وانكَشَف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة <فيُفْصِم عنه الوَحْيُ وإنّ جَبينَه ليَتَفَصَّد عَرَقا> ‏.‏

‏{‏فصا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفة القرآن <لَهُو أشدّ تَفَصِّياً من قلوب الرجال مِن النَّعَم من عُقُلها> أي أشد خُروجا‏.‏ يُقال‏:‏ تَفَصَّيْتُ من الأْمر تَفَصِّياً‏:‏ إذا خرجْتَ منه وتَخَلَّصْت‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث قَيْلة <قالت الحُدَيْباء حين انْتَفَجَت الأرْنَبُ: الفَصْيَةَ، واللّه لا يَزالُ كَعْبُك عالِيا> أراد بالفَصْيَة الخُروجَ من الضِّيق إلى السَّعَة‏.‏ والفَصْيَةَ‏:‏ الاسم من التفَصِّي‏:‏ أرادت أنها كانت في مَضِيق وشِدّة من قِبَل بَناتِها ‏(‏في اللسان‏:‏ <من قِبل عمِّ بناتّها> ‏)‏ فخرَجَت منه إلى السَّعة والرَّخاء‏.‏

 باب الفاء مع الضاد

‏{‏فضج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمرو بن العاص <قال لمعاوية: لقد تَلافَيْتُ أمْرَك وهو أشدُّ انْفِضاجاً من حُقّ الكَهُول> أي أشدُّ اسْتِرخاءً وضَعْفاً من بَيْت العَنْكَبوت‏.‏

‏{‏فضح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أن بلاَلاً أتَى ليُؤْذنَه (ضبطت في الأصل: <لِيُؤذِّنه> وفي اللسان‏:‏ <ليُؤذِّن بالصبح> وأثبت ضبط ا، والهروي‏)‏ بصلاة الصُّبح‏.‏ فشَغَلَت عائشةُ بلالاً حتى فَضَحه الصُّبح> أي دَهَمَتْه ‏(‏في الهروي‏:‏ <وَهَّمَتْه> ‏)‏ فُضْحَةُ الصُّبح، وهي بياضه‏.‏ والأْفَضح‏:‏ الأبْيض ليس بشديد البَياض‏.‏ وقيل‏:‏ فَضَحَه‏:‏ كَشَفه وبَيَّنَه للأعْيُن بضَوْئه‏.‏ ويُروى بالصاد المهملة وهو بمعناه‏.‏ وقيل‏:‏ معناه أنه لمّا تَبَيَّن الصُّبح جِدّا ظَهَرت غَفْلَتُه عن الوقْت، فصار كما يَفْتَضحُ بعَيْب ظهرَ منه‏.‏

‏{‏فضخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي <قال له: إذا رأيت فَضْخ الماء فاغْتَسِل> أي دَفْقَه، يُريد المَنيَّ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وقد تكرر ذكر <الفَضيخ> في الحديث، وهو شَراب يُتَّخَذ من البُسْر المفْضُوخ‏:‏ أي المَشْدوخ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي هريرة <نَعْمِد إلى الحُلْقانة فنَفْتَضِخُه> أي نَشْدَخُه باليَد‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وسُئل ابنُ عمر عن الفَضِيخ فقال‏:‏ <ليس بالفضيخ، ولكن هو الفَضوخ> الفَضُوخ‏:‏ فَعُول، من الفَضِيخة، أراد أنه يُسْكِرُ شارِبَه فيَفْضَخه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي <إنْ قَرَبْتَها فَضَخت رأسَك بالحجارة> ‏.‏

‏{‏فضض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ وفي حديث العباس <أنه قال: يا رسول اللّه إني امْتَدَحْتك، فقال: قل لا يَفْضُضِ اللّه فاك، فأنْشَده الأبيات القافيّة> أي لا يُسْقط اللّه أسْنانَك‏.‏ وتَقْديره‏:‏ لا يَكْسر اللّه أسْنانَ فِيك، فحذف المُضاف‏.‏ يقال‏:‏ فَضَّه إذا كَسَره‏.‏

ومنه حديث النابغة الجَعْدِيّ <لمّا أنشدَه القَصِيدة الرائية قال: لا يَفْضُضِ اللّه فاك، فعاش مائة وعشرين سنةً لم تَسْقط له سنٌّ> ‏.‏

ومنه حديث الحُديبية <ثم جِئتَ بهم لبَيْضَتِك لتَفُضَّها> أي تَكْسِرها‏.‏

ومنه حديث معاذ في عذاب القبْر <حتى يَفضّ كل شيء منه> ‏.‏

وحديث ذي الكِفْل <لا يَحِلّ لك أن تَفُضَّ الخاتَم> هو كناية عن الوَطء، وفَضَّ الخَاتَم والخَتْمَ إذا كَسَره وفَتَحه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث خالد <الحمدُ للّه الذي فَضَّ خَدَمَتَكم> أي فَرَّق جَمْعَكم وكَسره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر <أنه رَمَى الجَمْرة بسَبع حَصَيات ثم مَضَى، فلما خرج من فَضَض الحَصَى أقْبَل على سَلْمان بن رَبيعة فكلَّمه> أي ما تَفَرّق منه، فَعَلٌ بمعنى مفعول‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة <قالت لمروان: إنَّ النبيَّ لَعن أباك، وأنت فَضَضٌ من لعنة اللّه> أي قِطْعة وطائفة منها‏.‏ ورواه بعضهم <فُظاظَة من لعنة اللّه> بظَاءين، من الفَظِيظ، وهو ماء الكَرِش، وأنكره الخطَّابي‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ <افْتَظَظْت الكَرِش [إذا] (من الفائق 3/303) ) اعْتَصْرَت ماءها، كأنه (في الأصل، وا: <كأنها> والمثبت من الفائق واللسان‏)‏ عُصَارة من اللَّعْنة، أو فُعَالَة من الفَظِيظ‏:‏ ماء الفَحْل‏:‏ أي نُطْفَة من اللعنة> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث سعيد بن زيد <لو أنّ أَحَداً (في الأصل <أُحداً> وفي الهروي، واللسان‏:‏ <أحَدَكم> ‏.‏ وفي الفائق 2/283 <رجلا> وأثبت ما في ا‏)‏ انْفَضَّ ممَّا صُنِع بابن عَفَّان لَحُقَّ له أنْ يَنْفَضَّ> أي يَتَفّرق ويَتَقَطَّع‏.‏ ويُروى بالقاف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث غزوة هَوازِن <فجاء رجلٌ بنُطْفَةٍ في إدَاوَة فافْتَضَّها> أي صَبَّها، وهو افْتِعال من الفَضّ، وفَضَضُ‏:‏ ما انتشر منه إذا اسْتُعْمِل‏.‏ ويُروى بالقاف‏:‏ أي فتح رأسها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كانت المرأةُ إذا تُوُفّيَ عنها زَوجهُا دخَلَت حِفْشاً ولَبِسَت شَرَّ ثيابها حتى تَمُرّ عليها سَنَة، ثم تُؤتَى بدَابَّة؛ شاةٍ أو طَيْر فتَفْتَضُّ به، فَقَلما تَفْتَضّ بشيء إلاَّ مات> أي تَكْسِر ما هي فيه من العِدّة، بأن تأخُذ طائرا فَتْمَسح به فَرْجَها وتَنْبِذه فلا يكاد يعيش‏.‏ ويروى بالقاف والباء الموحدة وسيجيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن العزيز <سُئل عن رجل قال عن امرأة خَطبها: هي طالِقٌ إن نكَحْتُها حتى آكُل الفَضِيض> هو الطَّلْع أول ما يظهر‏.‏ والفَضِيض أيضا في غير هذا‏:‏ الماء ساعةَ يَخْرُج من العين أو يَنْزِل من السَّحاب‏.‏

وفي حديث الشَّيْب <فقبض ثلاثة أصابع من فِضَّة فيها من شَعر> ‏.‏ وفي رواية <من فضة أو من قُصَّة> والمراد بالفضَّة شيء مَصُوغ منها تُرِك فيه الشعر‏.‏ فأمّا بالقاف والصاد المهملة فهي الخُصْلة من الشعر‏.‏

‏{‏فضفض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث سَطِيح‏:‏

أبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاء والبَدَنْ*

الفَضْفَاض‏:‏ الواسع، وأرادَ واسِع الصَّدْر والذِّرَاع، فكَنى عنه بالرِّدَاء والبَدن‏.‏ وقيل‏:‏ أراد به كثرة العَطاء‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن سِيرِين <قال: كنت مع أنس في يوم مَطير والأرضُ فَضْفاض> أي قد عَلاها الماء من كَثْرة المطر‏.‏

‏{‏فضل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا يُمْنَع فَضْلُ الماء> هو أن يسقي الرجلُ أرضه ثم تَبْقى من الماء بَقِيَّة لا يَحْتاج إليها فلا يجوز له أن يَبيعها، ولا يمنعَ منها أحَداً يَنْتَفع بها، هذا إذا لم يكن الماءُ مِلكَه، أو على قَول مَن يرى أنَّ الماء لا يُمْلَك‏.‏

وفي حديث آخر <لا يُمْنَع فَضْلُ الماء ليُمْنَع به الكَلَأُ> هو نَقْع البِئر المُباحة‏:‏ أي ليس لأحَدٍ أن يَغْلِب عليه ويَمْنَعَ الناس منه حتى يَحوزَه في إناءٍ ويَمْلِكه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <فَضْلُ الإزَار في النار> هو ما يجرُّه الإنسان من إزارِه على الأرض، على معنى الخُيَلاء والكِبْر‏.‏

وفيه <إن للّه ملائكةً سَيَّارةً فُضْلا> أي زيادة عن الملائكة المُرَتَّبين مع الخلائق‏.‏ ويُروى بسكون الصاد وضمها‏.‏ قال بعضهم‏:‏ والسكون أكثر وأصْوَب، وهما مصدر بمعنى الفَضْلة والزِّيادة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث امرأة أبي حُذَيفة <قالت: يا رسول اللّه إنّ سالماً مَوْلَى أبي حُذْيفة يراني فُضُلاً> أي مُتَبَذِّلة في ثِياب مِهْنَتِي‏.‏ يقال‏:‏ تَفَضلت المرأة إذا لَبِسَت ثياب مِهْنَتها، أو كانت في ثوب واحِد، فهي فُضُل والرجل فُضُلٌ أيضا‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي حديث المغيرة في صِفَة امْرأة <فُضُلٌ ضَباثٌ (رواية اللسان: <صَبَأَتْ> غير أنه ذكرها مُصْلَحة في مادة ‏(‏ضبث‏)‏ ‏)‏ كأنها بُغاث> وقيل‏:‏ أراد أنَّها مُخْتَالَة تُفْضِل من ذَيْلها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <شَهِدْت في دار عبد اللّه بن جُدعان حِلْفاً لو دُعيت إلى مِثْله في الإسلام لأجبْتُ> يعني حِلْف الفُضُول، وسُمِّي به تَشْبيها بِحِلْفٍ كان قديماً بمكة أيَّام جُرْهُم، على التَّنَاصُف، والأخْذ للضعيف من القوي، وللغَرِيب من القاطِن، قام به رجال من جُرْهُم كُلُّهم يُسَمَّى الفَضْل، منهم الفَضْل بن الحارث، والفَضْل بن وَداعَة، والفَضل بن فَضالة‏.‏

وفيه <أنَّ اسْم دِرْعه عليه الصلاة والسلام كانت ذَاتَ الفُضُول> وقيل‏:‏ ذُو الفُضول، لِفَضْلةٍ كان فيها وسَعَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن أبي الزِّناد <إذا عَزَب المالُ قَلَّت فَواضِلُه> أي بَعُدَت الضَّيْعةُ قَلَّ المَرْفِقُ منها ‏(‏الذي في اللسان‏:‏ <قلّ الرِّفقُ منها لصاحبها، وكذلك الإبل إذا عَزَبَتْ قلَّ انتفاع ربِّها بدَرِّها> ‏)‏ ‏.‏

‏{‏فضا‏}‏ في حديث دعائه للنابغة <لا يُفْضي اللّه فَاك> هكذا جاء في رواية ‏(‏الرواية الأخرى‏:‏ <لا يفضض> وسبقت‏)‏ ، ومعناه ألاَّ يَجْعله فَضاء لا سِنّ فيه‏.‏ والفضاء‏:‏ الخالي الواسِع من الأرض‏.‏

وفي حديث معاذ في عذاب القَبر <ضَرَبه بمِرْضافَةٍ وسَط رأسِه حتى يُفْضِيَ منه كلُّ شيء> أي يَصِير فَضاء‏.‏ وقد فضا ‏(‏في الأصل‏:‏ <فَضِيَ> والمثبت من ا، والقاموس‏)‏ المكانُ وأفْضَى إذا اتَّسَع‏.‏ هكذا جاء في رواية‏.‏

 باب الفاء مع الطاء

‏{‏فطأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <أنه رأى مُسَيْلمةَ أصْفَرَ الوجْه، أفْطَأ الأْنِف، دَقيق السَّاقَيْن> الفَطَأ‏:‏ الفَطَس‏.‏ ورجُلٌ أفْطَأُ كأفْطَس‏.‏

‏{‏فطر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كلُّ مولودٍ يُولد على الفِطْرة> الفَطْرُ‏:‏ الابْتداء والاخِتراع‏.‏ والفِطْرة‏:‏ الحالة منه، كالجِلْسة والرِّكْبة‏.‏ والمعنى أنه يُولد على نوع من الجِبِلَّة والطبع المُتَهِّيء لِقَبُول الدِّين، فلو تُرِك عليها لاسْتَمرّ على لُزومها ولم يُفارقها إلى غيرها، وإنما يَعْدل عنه مَن يَعْدِل لآفَةٍ من آفات البَشَر والتَّقْلِيد، ثم تمثَّل بأولاد اليهود والنصارى في اتِّباعهم لآبائهم والمَيْل إلى أدْيانِهم عن مُقْتَضى الفِطْرة السَّليمة‏.‏ وقيل‏:‏ معناه كل مولود يُولد على مَعْرفة اللّه والإقْرار به‏.‏ فلا تَجِدُ أحدا إلاَّ وهو يُقِرّ بأنّ له صانِعا، وإن سَمَّاه بغير اسمه، أو عَبد معه غيره‏.‏ وقد تكرر ذكر الفِطْرة في الحديث‏.‏

ومنه حديث حُذيفة <على غَيِر فطْرِة محمد> أرادَ دين الإسلام الذي هو مَنْسوب إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <عَشْرٌ من الفِطْرة> أراد من السُّنَّة، يعني سُنَن الأنبياء عليهم السلام التي أُمِرنا أن نَقتَدِيَ بهم ‏[‏فيها ‏(‏من ا، واللسان‏)‏ ‏]‏ ‏.‏

وفي حديث علي <وجَبَّار القلوب على فِطَرَاتِها> أي على خِلَقِها‏.‏ جَمْع فِطَر، وفِطَرٌ جمع فِطْرَة، أو هي جمع فِطْرَة كَكِسْرة وكِسَرات، بفتح طاء الجمع‏.‏ يقال‏:‏ فِطْرِات وفِطَرَات وفِطِرَات‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن عَبّاس <قال: ما كنت أدْرِي ما فاطِرُ السَّمواتِ والأرض حتى احْتَكم إليّ أعْرابِياَّن في بِئر، فقال أحَدُهما: أنا فَطَرْتُها> أي ابْتَدَأتُ حَفْرها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إذا أقْبَل الليل وأدْبَر النهار فقد أفْطَر الصَّائم> أي دخل في وقْت الفِطْر وجازَ له ‏(‏في اللسان‏:‏ <حان> ‏)‏ أن يُفْطِر‏.‏ وقيل‏:‏ معناه أنه قد صار في حُكْم المُفْطِرين وإن لم يأكل ولم يَشْرب‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أفْطَر الحاجِمُ والمحْجُوم> أي تَعرَّضا للإفْطار‏.‏ وقيل‏:‏ حان ‏(‏في ا‏:‏ <جاز> ‏)‏ لهما أن يُفطرا‏.‏ وقيل‏:‏ هو على جهة التَّغْليظ لهما والدُّعاء عليهما‏.‏

وفيه <أنه قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى تَفَطَّرَتْ قدماه> أي تشقَّقَت‏.‏ يقال‏:‏ تَفَطَرَّت وانْفَطرت بمعنى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <سُئل عن المَذْي فقال: هو الفَطْر> ويُروى بالضم، فالفتح من مصدر‏:‏ فَطَر نابُ البعير فَطْراً إذا شَقَّ اللَّحْمَ وطَلَع، فشبَّه به خُروج المَذْي في قِلَّته، أو هو مصدر‏:‏ فَطْرتُ الناقة أفْطُرُها‏:‏ إذا حَلَبْتَها بأطراف الأصابع فلا يخرج إلاَّ قليلا‏.‏ وأمّا بالضم فهو اسْم ما يَظْهر من اللَّبن على حلَمة الضَّرْع‏.‏

ومنه حديث عبد الملك <كيف تَحْلُبها، مَصْراً أم فَطْرا؟> هو أن يَحْلِبُهَا بأصبْعين وطَرَف الإبْهام‏.‏ وقيل بالسَّبَّابة والإبْهام‏.‏

وفي حديث معاوية <ماءٌ نَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِير> أي طَرِيّ قَريبٌ حديث العمل‏.‏

‏{‏فطس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أشراط الساعة <تُقاتِلون قوما فُطْسَ الأُنُوف> الفَطَس‏:‏ انْخِفاض قَصَبة الأنف وانْفِراشُها، والرجُل أفْطَسُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه في صفة تَمْرة العَجْوة <فُطْسٌ خُنْسٌ> أي صِغار الحَبّ لاطِئَةُ الأقْماع‏.‏ وفُطْسٌ‏:‏ جمع فَطْساء‏.‏

‏{‏فطم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أعْطَى عَلِيّاً حُلَّةً سِيَرَاء وقال: شَقِّقْها خُمُراً بين الفَواطِم> أراد بهِنّ فاطمةَ بنتَ رسول اللّه زَوْجَته، وفاطمة بنت أسَدٍ أمّه، وهي أوّل هاشِمَّية ولَدت لِهاشِميّ، وفاطمة بنت حَمْزة عمّه‏.‏

ومنه <قيل للحسن والحسين: ابْنَا الفَواطِم> أي فاطمة بنت رسول اللّه أمّهما، وفاطمة بنت أسَدٍ جَدَّتهما، وفاطمة بنت عبد اللّه بن عَمْرو بن عِمْران بن مَخْزُوم، جدّة النبي لأبيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن سِيرين <بلغه أن ابن عبد العزيز أقْرَع بين الفُطُم فقال: ما أَرى هذا إلاَّ من الاسْتِسْقام بالأزْلام> الفُطُم‏:‏ جَمْع فَطيم من اللَّبن‏:‏ أي مَفطوم، وجَمْع فَعِيل في الصفات على فُعُل قليل في العَربيَّة‏.‏ وما جاء منه شُبِّه بالأسماء، كنَذير ونُذُر، فأما فعيل بمعنى مفعول فلم يَرِدْ إلاَّ قليلا، نحو عَقِيم وعُقُم، وفَطِيم وفُطُم‏.‏ وأراد الحديث الإقْراع بين ذَرارِيّ المسلمين في العَطاء‏.‏ وإنما أنْكَره لأنّ الإقْراع لتَفْضيل بعضهم على بعض في الفَرْض‏.‏

ومنه حديث امرأة رافع، لمّا أسْلم ولم تُسْلم <فقال: ابْنَتِي وهي فَطيم> أي مَفْطومة‏.‏ وفَعيل يَقع على الذكر والأنثى، فلهذا لم تَلْحَقْه الهاء‏.‏

 باب الفاء مع الظاء

‏{‏فظظ‏}‏ * في حديث عمر <أنتَ أفَظُّ وأغْلَظُ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> رجُلٌ فَظٌّ‏:‏ سَيِّء الخُلُق‏.‏ وفلان أفَظُّ من فلان‏:‏ أي أصْعَب خُلُقاً وأشْرَس‏.‏ والمراد ها هنا شِدّة الخُلُق وخُشُونة الجانِب، ولم يُرِد بهما المبالغة في الفَظَاظة والغِلْظة بينهما‏.‏ ويجوز أن يكونا للمُفاضَلة، ولكن فيما يَجب من الإنْكار والغِلْظَة على أهل الباطل، فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان رؤوفا رحيما كما وصَفه اللّه تعالى، رَفِيقا بأمَّته في التَّبْليغ، غير فَظٍّ ولا غَليظٍ‏.‏

ومنه الحديث <أنّ صِفَته في التَّوراة ليس بِفَظٍّ ولا غَليظٍ> ‏.‏

وفي حديث عائشة <قالت لمَروان: أنْت فُظَاظَةٌ من لَعْنة اللّه> قد تقدم بيانُه في الفاء والضاد‏.‏

‏{‏فظع‏}‏ * فيه <لا تَحلُّ المسألة إلا لذي غُرْم مُفْظِع> المُفْظِع‏:‏ الشديد الشَّنيُع، وقد أفْظَع يُفْظِع فهو مُفْظِع‏.‏ وفَظُع الأمر فهو فَظِيع‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لم أرَ مَنْظَراً كاليوم أفْظَع> أي لم أرَ مَنْظرا فَظِيعا كاليوم‏.‏ وقيل‏:‏ أراد لم أرَ مَنْظرا أفْظَع منه، فحذَفها، وهو في كلام العرب كثير‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لمّا أُسْرِيَ بي وأصْبحْتُ بمكة فَظِعْتُ بأمْري> أي اشْتَدَّ عليَّ وهِبْتُه‏.‏

ومنه الحديث <أُرِيت أنه وُضِع في يَدَيّ سِواران من ذَهب فَفظِعْتُهما> هكذا رُوي مُتَعدِّيا حَمْلا على المعنى؛ لأنه بمعنى أكْبَرْتُهما وخِفْتُهما‏.‏ والمعروف‏:‏ فَظِعْت به أو منه‏.‏

ومنه حديث سَهْل بن حُنَيف <ما وضَعْنا سُيوفَنا على عواتِقنا إلى أمْرٍ يُفْظِعُنا إلاَّ أسْهَل بِنَا> أي يوقعنا في أمْر فَظيع شديد‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

 باب الفاء مع العين

‏{‏فعم‏}‏ * في صفته عليه الصلاة والسلام <كان فَعْمَ الأوصال> أي ممْتَلىء الأعضاء‏.‏ يقال‏:‏ فَعَمْتُ الإناء وأفْعَمْتُه إذا بالَغْتَ في مَلْئِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لو أنَّ امْرأةً من الحور العِين أشْرَفَت لأفْعَمتْ ما بين السماء والأرض ريحَ المسْك> أي مَلأتْ، ويُرْوى بالغين‏.‏

ومنه حديث أسامة <وأنهم أحاطوا لَيْلا بحاضِرٍ فَعْمٍ> أي ممْتَلِىءٍ بأهْله‏.‏

ومنه قصيد كعب‏:‏

ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها*

أي مُمْتلِئة الساق‏.‏

‏{‏فعا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عباس <لا بأس للمُحْرِم بقَتْل الأفعَوْ> يريد الأفعى، فقَلَب الألف في الوقف واواً، وهي لغة شهيرة‏.‏ وقد تقدمت في الهمزة‏.‏

 باب الفاء مع الغين

‏{‏فغر‏}‏ * في حديث الرؤيا <فيَفْغُر فَاه فيُلْقِمُه حَجَراً> أي يَفْتَحه، وقد فَغَرَ فاهُ‏.‏

ومنه حديث أنس <أخَذ تمْرَاتٍ فلاكَهُنّ ثم فَغَرَ فا الصَّبيِّ وتَرَكها فيه> ‏.‏

ومنه حديث عصا موسى عليه السلام <فإذا هي حيَّةٌ عظيمة فاغِرَةٌ فَاهَا>

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث النابغة الجَعْدِي <كُلّما سَقَطت له سِنٌّ فَغَرَت سِنّ> أي طلَعَت، كأنها تَنْفطر وتنفَتِح للنَّبات‏.‏ قال الأزهري‏:‏ صوابُه <ثَغَرت> بالثاء، إلا أن تكون الفاء مُبْدَلةً منها‏.‏

‏{‏فغم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لو أنّ امْرأة من الحُور العِين أشْرَفت لأفْغَمتْ ما بين السماء والأرض ريحَ المسْك> يقال‏:‏ فَغَمْتُ وأفْغَمْت‏:‏ أي مَلأت‏.‏ ويُروى بالعين المهملة، وقد تقدّم، تقول‏:‏ فَغَمَتْني ريحُ الطِّيب‏:‏ إذا سَدَّت خَياشِيَمك ومَلأتْه‏.‏* وفيه <كُلُوا الوَغْم واطْرَحوا الَفْغم> الوَغْم‏:‏ ما تَساقَط من الطَّعام، والفَغمْ‏:‏ ما يَعْلَق بين الأْسنان منه‏:‏ أي كُلوا فُتَات الطَّعام وارْمُوا ما يُخْرِجُه الخِلال‏.‏ وقيل‏:‏ هو بالعَكْس‏.‏

‏{‏فغا‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <سَيِّدُ رَياحين الجنَّة الفَاغِيَة> هي نَوْرُ الْحِنَّاء‏.‏ وقيل‏:‏ نور الرَّيْحان‏.‏ وقيل‏:‏ نَوْرُ كلِّ نَبْت من أنوار الصَّحْراء التي لا تُزْرَع‏.‏ وقيل‏:‏ فاغِيَة كلّ نَبْت‏:‏ نَوْرُه‏.‏

ومنه حديث أنس <كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تُعْجِبُه الفاغية>

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الحسن، وسُئِل عن السَّلَف في الزَّعْفَران فقال‏:‏ <إذا فَغَا> أي إذا نَوَّر‏.‏ ويجوز أن يُريد‏:‏ إذا انْتَشَرتْ رائحتُه، مِن فَغَتِ الرَّائحة فَغْواً‏.‏ والمعروف في خُروج النَّوْر من النَّبَات‏:‏ أفْغَى، لَا فَغَا‏.‏