فصل: المجلد الثالث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


المجلد الثالث

 حرف الصاد

 باب الصاد مع الهمزة

‏{‏صأصأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أن عُبَيْد اللّه بن جَحْش كان أسْلَم وهاجر إلى الحَبَشة، ثم ارتَدَّ وتنصَّر، فكانَ يَمُرُّ بالمسلمين فيقول: فَقَّحْنا وصَأْصَأْتُم> أي أبْصَرْنا أمُرَنا ولم تُبْصِرُوا أمْرَكم‏.‏ يقال صَأْصَأَ الجِرْوُ إذ حَرَّك أجْفَانه لينظُر قبل أن يُفَقِّح، وذلك أن يُريد فَتْحها قبل أوانها‏.‏

 باب الصاد مع الباء

‏{‏صبأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث بني جُذَيمة <كانو يقولون لمَّا أسْلَمُوا: صَبأْنا صَبَأْنا> قد تكرَّرت هذه اللفظةُ في الحديث‏.‏ يقال صَبأ فُلان إذ خَرج من دينٍ إلى غيره، من قولهم صَبأ نابُ البعير إذا طلع‏.‏ وصَبأتِ النُّجومُ إذ خرجَت من مَطَالِعها ‏.‏ وكانت العرَبُ تُسمِّي النبي صلى اللّه عليه وسلم الصَّابئ؛ لأنه خرج من دِين قُرَيش إلى دين الإسلام‏.‏ ويُسمُّون من يَدْخُل في الإسلام مَصْبُوًّا؛ لإنهم كانُوا لا يَهْمِزُون ، فأبْدَلُوا من الهمزة وَاواً‏.‏ ويُسمُّون المسلمين الصُّباةَ بغير همز؛ كأنّه جَمعُ الصَّابي غير مهموز، كقَاضٍ وقُضَاةٍ، وغازٍ وغُزَاةٍ‏.‏

‏{‏صبب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فى صفته صلى الله عليه وسلم <إذا مَشى كأنَّما يَنْحطُّ فى صَبَب> أي فى موضِعٍ مُنْحَدِرٍ ‏.‏ وفي رواية <كأنما يَهْوِي من صَبُوب> يُروى بالفتح والضمِّ، فالفتح اسم لما يُصَبُّ على الإنسان من ماء وغيره، كالطَّهُور والغَسُول، والضم وجمع صَبَبٍ‏.‏ وقيل الصَّبَب والصَّبُوب‏:‏ تَصَوَّب نهر أو طَرِيق‏.‏

ومنه حديث الطواف <حتى إذا انْصَبَّت قَدَماه في بَطْنِ الوادِي> أي انحدَرَت فى المسْعَى‏.‏

ومنه حديث الصلاة <لم يَصُبَّ رأسَه> أي لم يُمِلْه إلى أسْفَل‏.‏

ومنه حديث أسامة <فجعل يرفَعُ يده إلى السماء ثم يَصُبُّها عليَّ أعْرِف أنه يدعُو لي>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفى حديث مسيره إلى بدر <أنه صَبَّ في ذَفِرَانَ> أي مَضَى فيه مُنْحدرا ودَافِعا، وهو موضعٌ عند بَدْر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <وسئل أيُّ الطَّهُور أفضل؟ قال: أن تَقُوم وأنت صَبَب> أي يَنْصَبّ منك الماءُ، يعني يتَحدَّر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فقام إلى شَجْبٍ فاصْطَبَّ منه الماءَ> هو افتعل، من الصَّبِّ‏:‏ أي أخذه لنفْسه‏.‏ وتاءُ الافتعال مع الصَّاد تُقْلبُ طاء ليَسهل النُّطْقُ بهما؛ لأنَّهما من حروف الإطْباق‏.‏

وفي حديث بَرِيرَةَ <قالت لها عائشة رضي الله عنهما: إن أحَبَّ أهْلُكِ أن أصُبَّ لهم ثَمَنَكِ صَبَّةً واحدةً> أي دَفْعة واحدةً، من صَبَّ الماء يَصُبُّه صَبًّا إذا أفرغَه‏.‏

ومنه صفة علي رضي اللّه عنه لأبي بكر حين مات <كُنتَ على الكافرين عَذابا صَبًّا> هو مصدر بمعنى الفاعل والمفعول‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفى حديث واثلة بن الأْسَقع في غزوة تَبُوك <فخرجْت مع خير صاحب، زَادِي في الصُّبَّة> الصُّبة‏:‏ الجماعةُ من الناس‏.‏ وقيل هي شيء يُشبه السُّفْرة‏.‏ يريد كنت آكل مع الرفقة الذين صُحْبتُهم، وفي السُّفْرة التي كانوا يأكلون منها‏.‏ وقيل إنما هي الصِّنَّة بالنون، وهى بالكسر والفتح شِبْه السَّلَّة يوضع فيها الطعام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث شَقِيق <أنه قال لإبراهيم النَّخَعي: أَلَم أُنَبَّأْ أنَّكم صُبَّتان صُبَّتان> أي جماعتَان جماعتان‏.‏

وفيه <ألاَ هَلْ عَسَى أحد منكم أن يتَّخِذ الصُّبَّة من الغنم> أَي جماعة منها، تَشْبيها بجماعة من النَّاس‏.‏ وقد اختلف في عَدَدِها، فقيل ما بين العشْرين إلى الأرْبَعين من الضأنِ والمَعَز‏.‏ وقيل من المعز خاصة‏.‏ وقيل نحو الخمسين‏.‏ وقيل ما بين السِّتِين إلى السبعين‏.‏ والصُّبَّة من الإبل نحو خمسٍ أو ست‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <اشتريتُ صُبَّة من غَنَم>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفى حديث قتل أبي رافع اليهودي <فَوضَعت صَبِيبَ السَّيف في بَطْنه> أي طَرَفه وآخِرَ ما يبلغ سيلانه حين ضُرِب وعمل‏.‏ وقيل طرَفه مُطلقا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لتَسْمَعُ آيةً خيرٌ لك من صَبِيبٍ ذَهباً> قيل هو الجليد‏.‏ وقيل هو ذَهَب مَصْبُوب كثيرا غير معدُودٍ، وهو فعيلٌ بمعنى مفْعُول‏.‏ وقيل يحتمل أن يكون اسم جَبَل كما قال في حديث آخر‏:‏ <خيرٌ من صَبِيرٍ ذَهباً> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عُقبة بن عامر <أنه كان يَخْتصِبُ بالصَّبيب> قيل هو ماءُ ورَق السِّمْسم ‏(‏زاد الهروي‏:‏ أو غيره من نبات الأرض‏)‏، ولَونُ مائه أحمرُ يعلُوه سوادٌ‏.‏ وقيل هو عُصارة العُصْفر أو الحنَّاء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عُتبة بن غَزْوان <ولم يَبْقى منها إلاَّ صُبَابة كصُبابة الإناء> الصُّبابة‏:‏ البَقِيَّةُ اليَسيرة من الشراب تَبْقَى في أسْفل الإناءِ‏.‏

وفيه<لتَعُودُنَّ فيها أسَاوِدَ صُبًّا> الأساودُ‏:‏ الحياتُ‏.‏ والصُّب‏:‏ جَمع صَبُوب، على أن أصله صُبُبٌ، كَرسُول ورُسُل، ثم خُفِّف كَرُسْل فأدْغم، وهو غَريب من حيث الإدْغام‏.‏ قال النَّضر‏:‏ إنَّ الأسود إذا أراد أن يَنْهش ارْتفع ثم انْصَبَّ على الملْدُوغ‏.‏ ويُروى <صُبَّى> بوزن حُبْلَى ‏.‏ وسيذكر فى آخر الباب ‏.‏

‏{‏صبح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فى حديث المَوْلد ‏(‏في اللسان‏:‏ المبعث‏)‏ <أنه كان يَتِيما في حِجْر أبي طالب ، وكان يُقَرَّب إلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهُم فيَخْتَلِسُون ويكُفُّ> أي يُقَرِّب إليهم غَداؤهم ، وهو اسم على تَفْعيل كالتَّرعيب ‏(‏في الأصل و ا‏:‏ <الترغيب>، بالغين المعجمة‏.‏ وأثبتناه بالمهملة كما في الهروي واللسان‏.‏ قال في اللسان <التَّرْعيب للسَّنام المقطَّع. والتَّنْوير اسم لنَوْر الشجر> ‏)‏ والتَّنوير‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <أنه سُئل مَتَى تَحِل لنا الميتَة؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا، أو تَغْتَبِقوا، أو تَحْتَفُّوا بها بَقْلا> الاصْطِباحُ ها هنا ‏:‏ أكْلُ الصَّبُوح ، وهو الغَداء ‏.‏ والغَبُوق ‏:‏ العشاء‏.‏ وأصلُهما في الشُّرب، ثم اسْتُعمِلا في الأكل‏:‏ أى ليس لكم أن تَجْمَعُوهما ‏(‏في الأصل و ا‏:‏ <أن تجمعوا>‏.‏ والمُثبت من اللسان والهروي والدر النثير‏)‏ من المَيتَة‏.‏

قال الأزهري ‏:‏ قد أُنْكِر هذا على أبي عُبَيد ، وفُسِّر أنه أرَادَ إذا لم تجدوا لُبَيْنَة تَصْطَبحونها، أو شَرابا تَغْتَبِقُونه، ولم تَجِدُوا بَعْد عَدَمِكم ‏(‏في الأصل وا‏:‏ <بعد عدم الصّبوح>‏.‏ واثبتنا ما في اللسان والهروي‏)‏ الصَّبُوح والغَبُوق بَقْلةً تأكلونَها حَلَّت لكم الميتَة‏.‏ قال‏:‏ وهذا هو الصحيح ‏.‏

ومنه حديث الاستسقاء <وما لنا صَبيٌّ يَصْطبح> أي ليس عندنا لَبَن بقَدْر ما يشربه الصَّبي بُكْرَةً، من الجدب والقَحْط، فضلا عن الكبير‏.‏

ومنه حديث الشَّعْبِيّ <أعن صَبُوحٍ تُرَقِّقُ> قد تقدم معناه في حرف الراء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من تصبَّح سبع تَمْرَات عَجْوة> هو تَفَعَّل، من صَبحتُ القوم إذ سَقَيتهم الصَّبُوح ‏.‏ وصبَّحت بالتشديد لغة فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث جرير <ولا يَحْسُر صابحُها> أي لا يَكِلُّ ولا يَعْيَا صابِحُها، وهو الذي يَسْقِيها صباحا؛ لأنه يُوردها ماء ظاهراً على وجه الأرض ‏.‏

وفيه <أصْبِحُوا بالصُّبح فإنه أعْظَمُ للأجْر> أي صلُّوها عند طُلُوع الصُّبح ‏.‏ يقال أصْبح الرجل إذ دخل في الصُّبح ‏.‏

وفيه <أنه صَبَّح خَيبرَ> أي أتَاها صَباحا ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبى بكر‏:‏

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِه ** والموتُ أدْنَى من شِرَاكِ نَعْلِه

أي مأتِيٌّ بالموت صَباحاً لكونه فيهم وقْتَئِذٍ ‏.‏

وفيه لمَّا نزلت <وأنْذِر عَشِيرَتَك الأقْرَبين> صَعَّد على الصَّفَا وقال ‏:‏

<يا صَبَاحاه> هذه كلمةٌ يقولها المُسْتَغِيث، وأصلُها إذا صَاحُوا للغَارَة؛ لأنهم أكْثَر ما كانوا يُغِيرُون عندَ الصَّباح، ويُسمُّون يوم الغارَة يوم الصَّباح، فكأنّ القَائِل يا صبَاحاه يقول قد غَشِينَا العَدُوُّ ‏.‏ وقيل إن المُتقَاتلين كانوا إذا جاءَ الليلُ يَرْجعُون عن القتَال، فإذا عادَ النهار عاوَدُوه، فكأنه يريد بقوله يا صَباحاه‏:‏ قد جاء وقتُ الصَّباح فتأهَّبوا للقتال‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سَلَمة بن الأكوع <لمَّا أُخِذَت لِقَاحُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نادَى: يا صَباحاه> وقد تكرر فى الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <فأصْبِحي سِراجَك> أي أصْلحيها وأضيئيها‏.‏ والمِصْباحُ‏:‏ السِّراج‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث جابر في شُحُوم المَيتة <ويَسْتَصْبِح بها الناسُ> أي يُشْعِلون بها سُرُجَهم‏.‏

ومنه حديث يحي بن زكريا عليهما السلام <كان يَخْدُمُ بيت المقْدس نهارا، ويُصْبح فيه ليلاً> أي يُسْرِج السِّرَاج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نهى عن الصُّبْحَة> وهي النوم أولَ النَّهار؛ لأنه وقتُ الذِّكر، ثم وقت طلب الكَسْب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه وحديث أم زَرْع <أرْقُدُ فأتصبَّح> أرادَت أنَّها مكْفيَّة، فهي تنام الصُّحْبة‏.‏

وفي حديث المُلاَعنة <إنْ جاءَت به أصْبَحَ أصْهَبَ> الأصبَحُ‏:‏ الشديد حُمْرة الشعر‏.‏ والمصدر الصّبَح ؛ بالتحريك‏.‏

‏{‏صبر‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <الصَّبُور> هو الذي لا يُعاجل العُصَاة بالانْتِقام، وهو من أبْنِية المُبالغة، ومعناهُ قريبٌ من معنى الحَلِيم، والفرقُ بينهما أنَّ المُذْنب لا يأمَنُ العُقُوبة في صِفَة الصَّبُور كما يأمَنُها في صِفَة الحَلِيم‏.‏

ومنه الحديث <لا أحَدَ أصبَرُ على أذًى يَسْمَعُه من اللّه عز وجل> أي أشدُّ حِلماً عن فاعِل ذلك وتَرْكِ المُعاقبة عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الصوم <صُمْ شهر الصَّبر> هو شهرُ ومضان‏.‏ وأصل الصبر‏:‏ الحَبْس، فسُمِّي الصومُ صَبراً لما فيه من حَبْس النَّفس عن الطعام والشَّراب والنِّكاح‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نَهى عن قَتْل شيء من الدَّواب صَبْرا> هو أن يُمسَك شيءٌ من ذوات الرُّوح حيَّا ثم يُرْمى بشيء حتى يموت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <نهى عن المَصْبُورة (قال في اللسان: المصْبورة التي نهى عنها هي المحبوسَةُ على الموت)، ونهى عن صَبْر ذي الرُّوح>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث في الذي أمْسَك رَجُلا وقَتَله آخَر ‏[‏فقال ‏(‏الزيادة من اللسان والهروي‏)‏‏]‏ <اقْتُلُوا القاتل واصْبِرُوا الصَّابرَ> أي احْبِسُوا الذي حبسه للموت حتى يموت كفِعْله به‏.‏ وكلّ من قُتِل في غير معركة ولا حَرْب ولا خَطأ فإنه مقتول صَبْرا‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن صَبْر الرُّوح> وهو الخِصاء‏.‏ والخِصاء صبرٌ شديد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من حَلف على يمينٍ مَصْبُورة كاذِباً>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <من حَلف على يمين صَبْرٍ> أي أُلزِم بها وحُبِس عليها، وكانت لازمة لصاحِبها من جهة الحكم‏.‏ وقيل لها مَصبُورة وإن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المصْبُور، لأنه إنما صُبِر

من أجْلِها‏:‏ أي حُبِس، فوُصِفَت بالصَّبْر، وأضيفت إليه مجازا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أن الَّنبي صلى اللّه عليه وسلم طَعَن إنساناً بقَضِيبٍ مُدَاعَبَةً فقال له: أصبِرني قال: أصْطَبِرْ> أي أقِدْني من نَفْسِك‏.‏ قال‏:‏ استَقَد‏.‏ يقال صَبر فُلان من خَصْمه واصطبرَ‏:‏ أي اقْتَصَّ منه‏.‏ وأصْبره الحاكم‏:‏ أي أقَصَّه من خَصْمه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عثمان حين ضرب عمَّارا رضي اللّه عنهما، فلمَّا عُوتِبَ قال‏:‏ <هذه يَدِي لعمَّار فلْيَصْطِبَر>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس <في قوله تعالى <وكان عَرْشُه على المَاءِ> قال‏:‏ كان يَصَعَدُ بُخَارٌ من المَاءِ إلى السَّماءِ، فاستَصْبَر فعادَ، صَبِيرا، فذلك قوله <ثم استَوى إلى السَّماءِ وهي دُخَانٌ> الصَّبير‏:‏ سَحابٌَ أبيضٌ مُتَراكبٌ مُتَكاثِف، يَعْني تكاثَف البُخَارُ وتَرَاكَم فَصارَ سَحاَباً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث طَهْفة <ونسْتَحْلِب الصَّبِير>‏.‏

وحديث ظَبْيان <وسَقَوْهم بصَبِير النَّيطَلِ> أي بسَحَاب المَوت والهَلاَك‏.‏

وفيه <من فَعَل كذا وكذا كان له خَيْراً من صَبِيرٍ ذَهَبا> هو اسمُ جَبَل بالْيَمَن‏.‏ وقيل‏:‏ إنما هو مِثْل جَبَل صِيْرٍ، بإسقاط الباء الموحدة، وهو جبَل لِطَيِّىءٍ‏.‏ وهذه الكلمةُ جاءت في حدِيَثين لعَليّ ومعاذ‏:‏ أمّا حديثُ عليّ فهو صِيرٌ، وأمَّا رِوَايةُ مُعاذ فصَبير، كذا فرق بينهما بعضهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحسن <من أسلْفَ فلا يأخُذنَّ رهْنا ولا صَبِيرا> الصَّبيرُ‏:‏ الكَفِيل‏.‏ يقال صَبرت به أصْبُر بالضَّم‏.‏

وفيه <أنه مرَّ في السُّوق على صُبْرة طعام فأدخَل يدَه فيها> الصُّبرة‏:‏ الطعام المجْتَمِع كَالكُومَةِ، وجمعُها صُبَر‏.‏ وقد تكررت في الحديث مُفْرَدة ومَجْمُوَعة‏.‏

ومنه حديث عمر <دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وإن عندَ رِجْلَيه قَرَظا مصْبُورا> أي مَجْمُوَعا قد جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود <سِدْرَةُ المنْتَهى صُبْر الجنة> أي أعْلى نَوَاحيها‏.‏ وصُبْر كل شيء أعْلاه‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرِّ> هي بتشديد الراء‏:‏ شِدّة البرْد وقوّته، كحَماَرَّة القَيظِ‏.‏‏{‏صبع‏}‏ * فيه <ليس آدمي إلا وقلْبه بين أصبعين من أصابع اللّه تعالى>‏.‏

وفي حديث آخر <قَلبُ المُؤمِن بين أصبُعَين من أصاَبع اللّه يُقَلّبُه كيف يشاء> الأصابع‏:‏ جمع أصبع، وهي الجَارحة‏.‏ وذلك من صِفات الأجْسام، تعالى اللّه عزَّ وجل عن ذلك وتقدّس‏.‏ وإطلاقُها عليه مجازٌ كإطْلاق اليدِ، واليمينِ، والعَينِ، والسمع، وهو جَارٍ مَجْرَى التمثيل والكِنَاية عن سُرَعة تَقَلُّب القُلُوب، وإن ذلك أمرٌ معقُود بمشيئةِ اللّهِ تعالى‏.‏ وتخصيصُ ذِكر الأصابع كِنايةٌ عن أجزاء القُدْرة والبَطْشِ؛ لأن ذلك باليَدِ، والأصابعُ أجزاؤُها‏.‏

‏{‏صبغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فَيْنُبُتون كما تنْبُت الحِبَّة في حَمِيل السَّيل، هل رَأَيتُم الصَّبْغاء؟> قال الأزْهري‏:‏ الصَّبْغاءُ نَبتٌ معروفٌ‏.‏ وقيل هو نبت ضعيف كالثُّمَامِ‏.‏ قال القُتَيبي‏:‏ شبّه نَباَت لُحُومَهم بعد احْتِرَاقِها بنَبَات الطَّاقَة من النَّبْت حين تَطْلُع تكون صَبْغاءَ، فما يَليِ الشمسَ من أعالِيها أخضَر، وما يَليِ الظَّلَّ أبيضُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قتادة <قال أبو بكر: كَلاّ، لا يُعْطِيه أُصَيْبِغ قُرِيشٍ> يصفُه بالضعْف والعَجْز والهَوان، تشبيه بالأصْبغ وهو نوعٌ من الطُّيور ضَعيفٌ‏.‏ وقيل شبّهه بالصبغاءِ وهو النباتُ المذكورُ‏.‏ ويُرْوى بالضاد المعجمة والعين المهملة، تصغير ضَبُغ على غير قياس، تحقيراً له‏.‏

وفيه <فيُصْبَغ في النار صَبْغة> أي يُغْمَس كما يُغْمَس الثوبُ في الصَبّغ‏.‏

وفي حديث آخر <اصْبُغُوه في النار>‏.‏

وفي حديث علي في الحج <فوجَدَ فَاطمةَ رضي اللّه عنهما لَبِست ثياباً صَبِيغا> أي مَصْبُوغة غيرَ بِيض، وهو فعيل بمعنى مفعول‏.‏

وفيه <أكْذبُ النَّاس الصَبّاغُون والصَوّاغُوان> هم صَبَّاغو الثياب وصاغَةُ الحُلِيَ؛ لأنهم يمْطُلُون بالمواعيد‏.‏ رُوي عن أبي رافع الصَّائغ قال‏:‏ كان عمر رضي اللّه عنه يُمَازِحُني يقول‏:‏ أكذبُ الناس الصَّوّاغِ‏.‏ يقول اليوم وغداً‏.‏ وقيل أرادَ الذين يَصْبِغُونَ الكلامَ ويصُوغُونه‏:‏ أي يُغَيّرونه ويَخرُصُونه‏.‏ وأصلُ الصَّبغ التغيِيرُ‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <رأى قوماً يتَعادَوْن، فقال: ما لَهم؟ فقالوا: خرج الدَّجال، فقال: كَذْبةٌ كَذَبَها الصبَّاغون> وروي الصوَّاغُوان ‏(‏والصَّيّاغون أيضا/ كما في الفائق 2/11‏)‏‏.‏

‏{‏صبا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه رأى حُسَينا يلعَب مع صِبْوة في السّكَة> الصَبّوةُ والصَبّيةُ‏:‏ جمعُ صَبِيِّ، والواوُ القياسُ، وإن كانت الياءُ أكثر استعمالاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه كان لا يُصَبَيَّ رأسَه في الركُوع ولا يقْنِعُه> أي لا يَخْفِضه كثيراً ولا يُميِله إلى الأرض، منْ صبأ إلى الشيء يَصْبُو إذا ماَلَ‏.‏ وصَبَيّ رأسه تَصْبِيَة، شُدَدّ للتكثير‏.‏ وقيل هو مهموز من صبأ إذا خَرج من دين إلى دين‏.‏ قال الأزهري‏:‏ الصَّواب لا يُصَوْبُ‏.‏ ويرُوى لا يَصُبُّ‏.‏ وقد تقدم‏.‏

ومنه حديث الحسن بن علي <واللّه ما ترَك ذهباً ولا فِضَّةً ولا شيئا يُصْبَى إليه>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث النخعي <وشابٌّ ليْست له صَبْوة> أي مَيْلٌ إلى الهَوَى، وهي المرّة منه‏.‏

ومنه حديث النخعي <كان يُعْجِبُهم أن يكونَ للغلام إذا نَشَأ صَبْوٌة> إنما كان يُعجبهم ذلك لأنه إذا تاب إرْعَوَى كان أشَدَّ لإجْتهادهِ في الطّاعَة، وأكثر لنَدَمِه على ما فرَطَ منه، وأبْعَدَ له من أن يُعْجب بعَمَله أو يتَّكل عليه‏.‏

وفي حديث الفِتَن <لتعُودُنّ فيها أساوِدَ صُبًّي> هي جمعُ صابٍ كغازٍ وغُزًّى، وهم الذين يَصْبُون إلى الفِتْنة أي يمِيلُون إليها‏.‏ وقيل إنما هو صُبَّاءٌ جمع صابئ بالهمز كشاهدِ وشُهَّاد، ويُروى‏:‏ صُبٌ‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث هَوازِن <قال دُرَيد بن الصِّمة: ثم ألْقِ الصُّبَّي على مُتُون الخيل> أي الذين يَشْتَهُون ويَميلون إليها ويُحبُّون التقدُّم فيها والبِرَاز‏.‏

وفي حديث أم سلمة رضي اللّه عنها <لمَّا خطَبها النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت: إني امرأةٌ مُصْبِية مُؤْتِمَة> أي ذاتُ صِبيانٍ وأيْتامٍ‏.‏

 باب الصاد مع التاء

‏{‏صتت‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <إنَّ بَني اسْرَائيل لمَّا أُمِروا أن يَقْتل بَعْضهم بعضا قاموا صَتَّيْن> وأخرَجَه الهروي عن قَتادة‏:‏ إنَّ بني إسرائيل قاموا صَتِيَتَين‏:‏ الصَّتُ والصِّتِيتُ‏:‏ الفِرْقة من النَّاس‏.‏ وقيل هو الصَّف منهم‏.‏

‏{‏صتم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن صيَّاد <أنه وزَن تِسْعين فقال: صَتْما، فإذا هي مائةٌ> الصَّتْم‏:‏ التَّام‏.‏ ويقال أعْطيتُه ألْفا صَتْما‏:‏ أي تامًّا كاملاً‏.‏ والصَّتَم بفتح التاء وسكونها‏:‏ الصَّلْب الشديد‏.‏

 باب الصاد مع الحاء

‏{‏صحب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <اللّهم اصْحَبْنا بصُحْبة واقْلِبْنا بذِمَّة> أي احفَظْنا بحفْظِك في سفرِنا، وارجِعْنا بأمَانِك وعَهْدك إلى بَلدنا‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث قَيْلة <خَرجتُ أبتَغي الصَّحَابة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> الصَّحابة بالفتح‏:‏ جمعُ صاحبٍ، ولم يُجْمع فاعل على فَعالة إلا هذا‏.‏

وفيه <فأصحَبَت الناقةُ> أي انقَادت واسْتَرسلت وتَبعَت صاحبَها‏.‏

‏{‏صحح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الصَّوم مَصَحَّة> يروى بفتح الصاد وكسرها

‏(‏والفتح أعْلَى‏.‏ قاله في اللسان‏)‏ وهي مَفْعَلة من الصِحَّة‏:‏ العَافِية، وهو كقوله في الحديث الآخر <صُومُوا تَصِحُّوا>‏.‏

ومنه الحديث <لا يُوردنَّ ذُو عَاهة على مُصِحِّ>‏.‏

وفي حديث آخر <لا يُورِدَنَّ مُمْرِض على مُصِحٍّ> المُصِحُّ‏:‏ الذي صَحَّت ماشيتَهُ من الأمْراض والعَاهاتِ‏:‏ أي لا يُورِدَنَّ من إِبلُه مَرْضَى على من إِبلُه صِحاَح ويَسْقِيها مَعَها، كأنَّه كَرِه ذلك مَحَاَفَة أن يظهَر بمَالِ المُصح ما ظَهر بمال المُمْرض‏.‏ فيظُنّ أنها أعْدَتْها فيأثَم بذلك‏.‏ وقد قال عليه الصلاة والسلام <لا عَدْوَى>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <يُقَاسِم ابنُ آدم أهل النَّارِ قسْمَةً صَحاحاً> يعني قَابِيل الذي قَتَل أخاه هَابِيل‏:‏ أي أنه يُقَاسِمهم قِسْمة صحيحة، فله نِصفُها ولهم نِصفُها‏.‏ الصَّحَاح بالفتح بمعنى الصَّحيح‏.‏ يقال درهم صَحِيح وصَحَاح‏.‏ ويجوزُ أن يكون بالضم كطُوَال في طويل‏.‏ ومنهم من يَرْويه بالكسر ولا وَجْه له‏.‏

‏{‏صحر‏}‏ * فيه <كُفْن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ثَوبَين صُحَاريَّين> صُحَار‏:‏ قَريةٌ باليَمن نُسِب الثوبُ إليها‏.‏ وقيل هو من الصُّحرة، وهي حُمْرة خفِيَّةٌ كالغُبْرة‏.‏ يقال ثوب أصْحَرُ وصُحَارِىّ‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <فأصْحرْ لعَدُوّكِ وامْض على بَصِيرَتِك> أي كُنْ من أمْرِه على أمْرِ واضح منكشِفٍ، من أصْحَر الرجُل إذا خَرج إلى الصحْرَاءِ‏.‏

ومنه حديث الدعاء <فاصْحر بِي لغَضَبك فَرِيدا>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أم سلمة لعائشة رضي اللّه عنهما <سكَّنَ اللّهُ عُقَيراكِ فلا تُصْحِرِيها> أي لا تُبْرِزيها إلى الصَّحراء‏.‏ هكذا في هذا الحديث مُتَعدَيّا على حذف الجارّ وإيصاَل الفعل؛ فإنه غيرُ متعدٍّ

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عثمان <أنه رَأََى رجُلا يقطَعُ سَمُرة بصُحَيْراتِ اليمَام> هو اسمُ موضعٍ‏.‏ واليَمامُ‏:‏ شَجَر أو طَيرٌ‏.‏ والصُّحيراتُ‏:‏ جمعٌ مُصغَرَّ، واحدُة صُحْرة، وهي أرضٌ لَيّنةٌ تكون في وَسَط الحَرَّة‏.‏ هكذا قال أبو موسى، وفسَّر اليَمام بشَجَر أو طيرٍ‏.‏ أما الطَّير فصحيح، وأما الشجَرُ فلا يُعْرف فيه يَمَام بالياء، وإنما هو ثُمَام بالثاء المثلثة، وكذلك ضَبطه الحازِمي، وقال‏:‏ هو صُحَيرات الثُّمامة‏.‏ ويقال فيه الثُّمام بلا هاءٍ، قال‏:‏ وهي إحدى مَراحِل النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى بَدْر‏.‏

‏{‏صحصح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث جُهَيْش <وكأَيّنْ قطعنا إليك من كذا وكذا وتَنُوفَةٍ صَحْصَحٍ> الصَّحْصَح والصَّحْصَحَة والصَّحصَحَانُ‏:‏ الأرضُ المستويةُ الواسعةُ‏.‏ والتَّنُوفةُ‏:‏ البَرِّيّةُ‏.‏

ومنه حديث ابن الزبير <لمَّا أتاه قَتْلُ الضَّحَّاك. قال: إنَّ ثَعْلَب بن ثَعْلَبٍ حَفَر بالصَّحْصَحَة فأخْطأت اسْتُه الحُفْرة> وهذا مَثلٌ للعَرَب تَضْربُه فيمن لم يُصِب موضِع حاجَته‏.‏ يعني أن الضَّحَّاك طلبَ الإمَارَة والتقَدُّم فلم يَنلْها‏.‏

‏{‏صحف‏}‏ * فيه <أنه كتب لعُيَيْنة حِصْنٍ كتاباً، فلما أخَذَه قال: يا محمد أتُراني حَاملاً إلى قَوْمي كتاباً كصحيفة المُتَلمِّس> الصَّحيفة‏:‏ الكتابُ، والمتلمسُ شاعرٌ معروفٌ، واسمُه عبدُ المَسِيح بن جَرير، كان قَدِم هو وطَرَفة الشاعر على الملِك عمرو بن هِنْد، فنَقم عليهما أمْراً، فكتب إليهما كتابين إلى عامله بالبَحْرين يأمُره بقتلهما، وقال‏:‏ إنّي قد كَتبتُ لكما بجَائزةٍ‏.‏ فاجْتازَا بالحِيرَة، فأعْطى المتلمسُ صحيفته صَبيًّا فقرأَها فإذا فيها يأمُر عامِله بقَتْله، فألْقاها في الماءِ ومضَى الى الشام، وقال‏:‏ لطَرَفة‏:‏ افْعَل مثلَ فِعْلي فإِنَّ صَحيفَتَك مثلُ صَحِيفتِي، فأبى عليه، ومضَى بها إلى العَامِل، فأمضَى فيه حُكْمه وقَتله، فضُرِب بهما المثَل ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ولا تَسْأل المرأةُ طلاقَ أُخْتها لتستَفْرغ صَحْفَتها> الصحفة‏:‏ إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف‏.‏ وهذا مثَلٌ يرد به الإسْتِئْثَار عليها بحظِّها، فتكونُ كَمن اسْتَفرغ صَحْفَة غيره وقَلَب ما في إنائِه إلى إِناء نَفْسِه‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏{‏صحل‏}‏ ‏[‏ ه ‏]‏ فى صفته صلى اللّه عليه وسلم <وفى صَوْته صَحَل> هو بالتحريك كالبُحَّة، وألاّ يكون حادّ الصَّوْت‏.‏

ومنه حديث رُقَيقَة <فإِذا أنا بهَاتِف يَصرُخُ بصَوْت صَحِل>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفى حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه كان يَرْفع صَوتَه بالتَّلبية حتى يَصْحَل> أي يَبَحَّ‏.‏

وفى حديث أبي هريرة في حديث نَبْذ العَهْد في الحج <فكنتُ أُنادي حتى صَحِل صَوتِي >‏.‏

‏{‏صحن‏}‏ *في حديث الحسن <سألَه رجلٌ الصَّحْناة فقال: وهَلْ يأكُل المُسْلمون الصَّحناة؟

 باب الصاد مع الخاء

‏{‏صخب‏}‏ * في حديث كعب <قال في التوراة: محمَّدٌ عبْدِي، ليس بِفَظٍّ ولا غَليظ ولا صَخُوبٍ في الأسْواق> وفي رواية <ولا صَخَّاب> الصخَّب والسَّخَب‏:‏ الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ للخِصَام‏.‏ وفَعُول وفعَّال للمبالغة‏.‏

ومنه حديث خديجة <لا صَخَب فيه ولا نَصَب>‏.‏

وحديث أم أيمن <وهي تصخَب وتذمُر عليه>‏.‏

وفي حديث المنافقين <صُخُبٌ بالنهار> أي صَيَّاخُون فيه ومُتجَادِلُون‏.‏

‏{‏صخخ‏}‏ * في حديث ابن الزبَيْر وَبِنَاء الكَعْبة <فخافَ الناسُ أن تُصِيبهم صَاخَّةٌ من السماء> الصاخَّة‏:‏ الصحيةُ التي تَصُخُّ الأسْماع‏:‏ أي تَقْرَعُها وتُصِمُّها‏.‏

‏{‏صخد‏}‏ في قصيد كعب بن زهير‏:‏

يوماً يظلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً ** كأنَّ ضَاحِيَة بالنَّار مَمْلُولُ

المُصْطخِدُ‏:‏ المُنْتَصِب‏.‏ وكذلك المصْطَخِمُ‏.‏ يصفُ انتصابَ الحرْباء إلى الشمس في شِدَّة الحرِّ‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <ذَوَات الشَّنَاخِيب الصُّمِّ من صَياخيدِها> جمع صَيْخُود‏.‏ وهي الصخرةُ الشديدةُ‏.‏ والياء زائدة‏.‏

‏{‏صخر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <الصَّخرة من الجنَّة> يريد صخرةَ بيْت المقدس ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قلت‏:‏ قال في الملخص‏:‏ وقيل الحجر الأسود‏)‏‏.‏

 باب الصاد مع الدال

‏{‏صدأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إنَّ هذه القُلوب تصدأُ كما يَصْدأ الحَديدُ> هو أن يَرْكَبَها الرَّيْن بمباشَرة المعاصي والآثام، فيذهبَ بِجلاَئِها، كما يَعْلُو الصَّدأُ وجْه المِرْآة والسَّيف ونحوهما‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه سأل الأسْقُفَّ عن الخُلفَاء، فحدثه حتى انتهى إلى نعت الرابع منهم، فقال صَدأٌ من حَديد> <ويُروى صدَعٌ> أراد دوامَ لُبْس الحديد لاتِّصال الحُرُوب في أيَّام عليٍّ وما مُنِيَ به من مُقَاتلة الخَوارِج والبُغَاة، ومُلابَسة الأمور والمُشْكلة والخُطوب المُعْضلة‏.‏ ولذلك قال عمر رضي اللّه عنه‏:‏ وادَفْراهُ، تَضَجُّرا من ذلك واستِفْحَاشاً‏.‏ ورواه أبو عُبَيد غير مهموز، كأنَّ الصَّدا لُغَة في الصَّدَع، وهو اللطيفُ الجسْم‏.‏ أرادَ أنَّ عليًّا رضي اللّه عنه خفيفٌ يخف إلى الحُرُوب ولا يكْسَل لشدّة بأسِه وشَجَاعته‏.‏

‏{‏صدد‏}‏ * فيه <يُسْقَى من صَدِيد أهلِ النَّارِ> الصديد‏:‏ الدَّمُ والقيح الذي يَسِيل من الجَسَد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الصدِّيق رضي اللّه عنه في الكَفَن <إنَّما هو للمُهْل والصَّدِيد> ‏(‏رواية الهروي‏:‏ <إنما هما للمهل أو الصَّديد). قال: يعني ثوبي الكفن.

وفيه <فلا يُصَدّنَكم ذلك> الصَّدُّ‏:‏ الصَّرفُ والمنْعُ‏.‏ يقال صدَّه، وأصدَّه، وصَدَّ عنه‏.‏ والصدُّ‏:‏ الهجْران‏.‏

ومنه الحديث <فيَصدّ هذا ويَصدّ هذا> أي يُعْرِض بوجهه عنه‏.‏ والصَّدُّ‏:‏ الجَانِب‏.‏

‏{‏صدر‏}‏ * فيه <يَهْلِكون مَهْلَكا واحدا، ويَصْدُرُون مَصَادِرَ شَتًّى> الصَّدَر بالتحريك‏:‏ رجوعُ المُسَافِر من مَقْصِده، والشَّاربةِ من الوِرْد‏.‏ يقال صَدَر يَصْدُر صُدُورا وصَدَراً، يعني أنهم يُخْسَف بهم جَمِيعهم فيهلِكُون بأسْرهم خِيارِهم وشِرارِهم، ثم يَصْدُرُون بعد الهَلَكَة مَصادر مُتَفَرِّقة على قدْر أعمالِهم ونِيَّاتِهم؛ ففريقٌ في الجنة وفَريقٌ في السعير‏.‏

ومنه الحديث <للمهاجر إقامةُ ثلاثٍ بعد الصَّدَر> يعني بمكة بعد أن يَقْضِيَ نُسُكه‏.‏

ومنه الحديث <كان له رَكْوةٌ تُسمى الصَّادرَ> سُمِيّت به لأنه يُصْدر عنها بالَّريَّ‏.‏

ومنه الحديث <فأصْدَرتْنا رِكابُنا> أي صَرَفْتنا رِوَاءً، فلم نَحْتَجْ إلى المُقاَم بها للماءِ‏.‏

وفي حديث ابن عبد العزيز <قال لعُبَيد اللّه بن عبد اللّه بن عُتْبة: <حتَّى مَتَى تقول هذا الشعر؟ فقال:

لا بُدَّ للمصْدُور من أن يَسْعُلاَ*

المصدُورُ: الذي يَشْتَكي صَدْرَه، يقال صُدِرَ، فهو مَصْدُورٌ، يُرِيد أنَّ من أُصِيب صَدْرُه لا بُدَّ له أن يَسْعَل، يعني أنه يحدُثُ للإنسان حال يَتَمثَّل فيه بالشعر، ويُطَيَّبُ به نفسه ولا يكاد يمتَنِع منه.

(س) ومنه حديث الزهري <قيل له إن عُبَيد اللّه يقول الشعْرَ، قال: ويَستَطِيع المصْدُور أّلا ينفُث!

ومنه حديث عطاء <قيل له: رجل مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحَاً أحَدَثٌ هو؟ قال: لا> يَعْنِي يَبْزُق قَيْحا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الخَنْساء <أنها دَخَلت على عائشة رضي اللّه عنها وعليها خِمَار مُمَزَّقٌ وصِدَار شَعَر> الصَّدار‏:‏ القميصُ القصيرُ‏.‏ وقيل ثوبٌ رأسُه كالمِقْنَعة وأسفَلُه يُغَشَّي الصَّدرَ والمَنكبِين‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عبد الملك <أنه أُتِي بأسير مُصدَّر أزْبَر> المُصدَّر‏:‏ العظيمُ الصَّدْر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحسن <يضرِب أصْدَرَيِه> أي مَنكِبَيه‏.‏ ويُرْوى بالسين والزاي‏.‏ وقد تقدَّما‏.‏

‏{‏صدع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الاستسقاء <فتصدَّع السحابُ صِدْعا> أي تَقَطَّع وتفرَّق‏.‏ يقال صَدَعتُ الرِدّاء صَدْعا إذا شقَقَته‏.‏ والاسمُ الصدع بالكسر‏.‏ والصَدّع في الزجاجة بالفتح‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فأعطاني قُبْطِيَّةً وقال: اْصَدْعها صِدْعين> أي شُقْها بنصفين‏.‏

ومنه حديث عائشة <فصَدَعَت منه صِدْعةً فاخْتَمَرت بها>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إن المُصَدَّق يجعل الغَنَم صِدْعَين، ثم يأخذ منهما الصَّدَقةَ> أي فِرْقَين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فقال بعد ما تصدع القوم كذا وكذا>أي بعد ما تفرقوا‏.‏

وفي حديث أوْفَى بن دَلْهم <النّساءُ أربعٌ، منهن صَدَع تُفرَّق ولا تجْمَع>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر وَالأسقُفّ <كأنه صَدَعَ من حديد> في إحدى الرِّوايتين‏.‏ الصَّدَع‏:‏ الوعْل الذي ليس بالغليظِ ولا الدَّقيِق، وإنما يُوصف بذلك لاجتماع القوُّة فيه والخِفَّة‏.‏ شبهَّه في نَهْضَته إلى صِعاب الأمور وخِفَّته في الحروب حين يُفْضي الأمرُ إليه بالوَعل لتَوقُّله في رُؤس الجبالِ، وجعله من حديد مُبَالغة في وصْفِه بالشدَّة والبأسِ والصَّبرِ على الشدائد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث حذيفة <فإذا صَدَعٌ من الرجال> أي رجلٌ بين الرجُلين ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قلت‏:‏ قال الفارسي‏:‏ معناه جماعة في موضع من المسجد لأن الصَّديع رقعة جديدة في الثوب اَلْخَلق، فأولئك القوم في المسجد بمنزلة الرقعة في الثوب‏)‏‏.‏

‏{‏صدغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قتادة <قال: كان أهل

{صدف} (ه) فيه <كان إذا مرَّ بصَدَف مائل أسْرَع المشْيَ> الصَّدَف بفتحتين وضَمَّتين‏:‏ كلُّ بناءٍ عظيم مُرْتَفِع، تشبيهاً بصَدف الجبل، وهو ما قابَلك من جانبه‏.‏

ومنه حديث مُطَرّفٍ <من نامَ تحتَ صدَف مائلٍ يَنْوِي التوكُّلَ، فَلْيَرْمِ بنَفْسه من طَمَار وهو يَنْوي التوكُّلَ> يعني أنَّ الاحترَاسَ من المَهَاِلك واجبٌ، وإلقاءُ الرجل بيده إليها والتعرُّضُ لها جهْلٌ وخطأ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس <إذا مَطَرتِ السماءُ فَتَحَتِ الأصْدافُ أفواهَها> الأصدافُ‏:‏ جمعُ الصَّدَف، وهو غلافُ اللؤْلؤ، واحِدتُه صدفة، وهي من حيوان البَحْر‏.‏

‏{‏صدق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الزكاة <لا يُؤْخَذ في الصَّدقة هَرِمَة ولا تَيْس إلاَّ أن يشاءَ المُصَدَّق> رواه أبو عبيد بفتح الدال والتَّشديد، يريد صاحبَ الماشية‏:‏ أي الذي أخِذت صدَقةُ مالِه، وخالَفهَ عامَّةُ الرُّوَاة فقالوا بكسر الدَّال، وهو عاملُ الزَّكَاةِ الذي يَسْتَوْفِيها من أرْبابها‏.‏ يقال صدَّقهم يُصدَقّهم فهو مُصدَّق‏.‏ وقال أبو موسى‏:‏ الرواية بتشديد الصاد والدال مَعَاً، وكسر الدال، وهو صاحبُ المالِ‏.‏ وأصلُه المتصدَّق فأدْغمت التاء في الصاد‏.‏ والاسْتِثناءُ في التَيَّسْ خاصَّة؛ فإن الهرِمة وذات العُوار لا يجوز أخذُهما في الصَّدقة إلاّ أن يكونَ المالُ كلُّه كذلك عند بَعْضِهم‏.‏ وهذا إنما يتَّجه إذا كان الغَرضُ من الحديث النَّهي عن أخْذِ التَّيس لأنه فحل المَعَز، وقد نُهِى عن أخذِ الفحل في الصّدَقة لأنه مُضِرٌ برب المالِ، لأنه يَعزُّّ عليه، إلاَّ أن يسْمَح به فيؤخَذ، والذي شَرَحه الخطَّابي في <المعالم> أن المُصدّق بتخفيف الصاد العامل، وأنه وكيلُ الفُقَراء في القَبْض، فله أن يتصَرَّف لهم بما يَراه مما يُؤدَّي إليه اجتهادُه‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لا تُغَاُلوا في الصَّدَقات> هي جمع صَدُقة، وهو مهر المرأة‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ <وآتوا النساءَ صَدُقاتهنَّ نِحْلَةً> وفي رواية <لا تُغَاُلوا في صُدُق النَّساء> جمع صَدَاقٍ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ليس عند أبَوَيْنَا ما يُصَدِقَاَن عنَّا> أي يُؤَدّيان إلى أزْوَاجنا عنَّا الصَّدَاق‏.‏ يقال أصْدَقْتُ المرأة إذا سمّيتَ لها صدَاقاً، وإذا أعْطيتَها صدَاقها، وهو الصَّداق والصَدّاق والصَّدقَة أيضا ‏(‏وفيه أيضا‏:‏ الصَّدُقة، والصُّدُقة والصُّدْقة والصَّدْقة‏.‏ ‏(‏القاموس - صدق‏)‏ ‏)‏‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفيه ذكر <الصَدّيَقّ> قد جاء في غَير مَوضِع‏.‏ وهو ِفَعّيل للمبالغة في الصَدّق‏.‏ ويكون الذي يصدق قوله بالعمل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه أنه لَمّا قرأ <ولْتَنظرُ نفسٌ ما قدَّمت لغَد> قال‏:‏ تصدَّق رجلٌ من دِينارِه، ومن دِرْهَمِه، ومن ثوبه> أي ليَتَصَدَّقَ، لفْظُه الخَبَر ومعناه الأمْر، كقولهم في المثَل <أنْجَزَ حُرٌّ ما وَعَدَ>‏:‏ أي لِيُنْجِزْ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه <صَدَقَنِي سِنَّ بَكْرِهِ> هذا مثل يُضْرَبُ للصّادق خَبَرِه‏.‏ وقد تَقَدَّم في حرف السين‏.‏

‏{‏صدم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الصبرُ عند الصَّدْمَة الأُولى> أي عند قُوّة المصيبة وشِدّتها، والصَدْم‏:‏ ضَرْبُ الشيءِ الصُّلْب بمثْله‏.‏ والصَّدْمَةُ المرّة منه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مَسيره إلى بدر <خرج حتى أفْتَقَ من الصَّدْمَتين> ‏(‏بسكون الدال‏,‏ وقد تكسر ‏(‏القاموس - صدم‏)‏ ‏)‏ يَعْني من جَاِنَبِي الوادِي‏.‏ سُمَيّا بذلك كأنهما لتَقَابُلهما يَتَصادَمان، أو لأنَّ كل واحدةٍ منهما تَصْدِم من يَمُرُّ بها ويُقابلها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عبد الملك <كتب إلى الحجَّاج: إني قد ولَّيتُك العرَاقيين صَدْمَةً فسِرْ إليهما> أي دَفْعَةً واحدة‏.‏

‏{‏صدا‏}‏ * في حديث أنس في غزوة حنين <فجعل الرجُل يتصدَّى لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليَأْمُرَ بقتله> التَّصدي‏:‏ التَعّرّض للشيء‏.‏ وقيل هو الذي يسْتَشْرف الشيء ناظراً إليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما، وذكر أبا بكر <كان واللّه بَرًّا تّقياً لا يُصادَي غَرْبَهُ> أي لا تُدَارَي حِدّته ويسْكُن غَضَبه‏.‏ والمُصادَاة‏,‏ والمُدَارَاة، والمُداجاة سواء‏.‏ والغَرْب‏:‏ الحدَةّ‏.‏ هكذا رواه الزمخشري‏.‏ وفي كتاب الهروي <كان يُصَادَي منه غَرْب> ‏(‏وهي رواية الزمخشري أيضا‏,‏ لا كما ذكر ابن الأثير‏.‏ انظر الفائق 2/15‏)‏ بحذف حرف النَّفْي، وهو الأشبَه؛ لأن أبا بكر كانت فيه حِدَّةٌ يسيرةٌ‏.‏

وفيه <لترِدُنَّ يوم القيامة صَواديَ> أي عِطاشاً‏.‏ والصَّدَي‏:‏ العَطَش‏.‏

وفي حديث الحجاج <قال لأنسٍ رضي اللّه عنه: أَصَمَّ اللّه صَدَاك> أي أَهْلكك‏.‏ الصَّدَى‏:‏ الصَّوتُ الذي يسمعُه المُصوَّت عَقيبَ صياحِه راجعاً إليه من الجَبَل والبنَاء المرتَفع، ثم استُعِير للهَلاَك؛ لأنه إنما يُجِيب الحيَّ، فإذا هَلَك الرجلُ صمَّ صَداه كأنه لا يسْمعُ شيئاً فيُجِيَب عنه‏.‏ وقيل الصَّدَى الدماغُ‏.‏ وقيل موضعُ السمَّع منه‏.‏ وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

 باب الصاد مع الراء

‏{‏صرب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الجُشَمِيّ <قال له: هل تُنْتَج إبلُك وافيةً أعْيُنُها وآذَانُها، فتَجْدَع (رواية الهروي واللسان <فتجْدَعها وتقول ..> وهي رواية المصنف في <صرم> ‏)‏ هو بوزن صَرْبَي> هو بوزن سَكْري، من صَرَبْتُ اللَّبن في الضّرْع إذا جَمَعَتْه، ولم تَحْلُبْه‏.‏ وكانوا إذا جَدَعوها أَعْفَوْها من الحلْب إلا للضَّيف‏.‏ وقيل هي المشقوقةُ الأذن مثل البَحِيِرَةِ، أو المقطُوعة‏.‏ والباءُ بدل من الميم ‏(‏كما يقال‏:‏ ضربة لازِم ولازِب‏)‏‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن الزبير <فيأتي بالصَّرْبة من اللَّبن> وهي اللَّبن الحامضُ‏.‏ يقال جاء بِصَرْبَةٍ تَزْوِي الوجْه من حُمُوضَتِها‏.‏

‏{‏صرح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الوسْوَسة <ذاك صَريحُ الإيمان> أي كراهَتُكم له وتَفَادِيكم منه صريح الإيمان‏.‏ والصّريح‏:‏ الخالص من كل شيء، وهو ضد الكناية، يعني أن صريحَ الإيمان هو الذي يمنَعْكم من قَبول ما يُلْقِيه الشيطانُ في أنفُسِكم حتى يَصِير ذلك وسْوسَة لا تَتَمَكَّنُ في قلوبكم، ولا تَطْمئن إليه نُفُوُسُكم، وليس معناه أن الوسْوَسَةُ نفسها صريحُ الإيمان؛ لأنَّها إنَّما تتولَّد من فِعل الشيطان وتَسْويلهِ، فكيف يكون إِيماناً صَريحا‏:‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم مَعْبَد‏:‏

دعَاَهاَ بشاةٍ حائلٍ فَتَحَلَّبَتْ ** له بصَرِيحٍ ضُرَّةُ الشّاة مُزْبِدِ

‏(‏رواية الهروي‏:‏ * عليهِ صريحاً ضرَّةُ الشاة مُزْبِدِ*‏)‏

أي لَبنٍ خالص لم يُمذَق‏.‏ والضَّرَّة‏:‏ أصلُ الضرْعِ‏.‏

وفي حديث ابن عباس <سُئل متى يَحِل شِرَاءُ النَّخلْ؟ قال: حين يُصَرّحُ، قيلَ وما التَّصريحُ؟ قال: حتى يَسْتَبِيَن الحُلْوُ من المُرَّ> قال الخطابي‏:‏ هكذا يُروى ويُفَسَّر‏.‏ وقال‏:‏ الصواب يُصَوَّحُ بالواو‏.‏ وسَيُذْكر في موضعه‏.‏

‏{‏صرخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان يقومُ من اللَّيل إذا سَمِع صَوت الصَّارخ> يعني الدَّيك، لأنه كثيرُ الصَيّاح في الليل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه استُصْرِخَ على امْرَأته صَفِيَّة> استُصْرِخَ الإنسانُ وبه إذا أتَاه الصَّارخُ، وهو المُصَوَّت يُعْلِمْهُ بأمْر حَادثٍ يسْتَعين به عليه، أو يَنْعَي به مَيّتَا‏.‏ والاستصراخُ‏:‏ الاستغاثَة‏.‏ واسْتَصْرَخَتْهُ إذا حَمَلَته على الصُّراخ‏.‏

‏{‏صرد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <ذَاكرُ اللّه تعالى في الغَافِلين مَثَل الشَّجَرة الخَضْراء وسْطَ الشَّجَرَ الذي تَحاتَّ ورَُقَه من الصَّرِيد> الصَّرِيد‏:‏ البرْد، ويُروى من الجَلِيِدِ ‏(‏ورواية الزمخشري <من الضَّرِيب> وهو الصقيع‏.‏ ‏(‏الفائق 1/236‏)‏‏.‏ وهي رواية المصنف في <حت> وسبقت‏)‏‏.‏

ومنه الحديث <سُئل ابن عُمر عمَّا يموتُ في البَحْر صَرْداً، فقال: لا بأس به> يعني السَّمك الذي يموت فيه من البرْد‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <سألَهُ رجلٌ فقال: إني رجُلٌ مِصْرادٌ> هو الذي يشتدُّ عليه البرْدُ ولا يُطيقُه ويَقِلُّ له احتمالُه‏.‏ والمِصْراد أيضا القَوِيُّ على البَرد، فهو من الأضْداد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لن يدخُل الجنة إَّلا تصْرِيداً> أي قَليلا‏.‏ وأصل التَّصْريِد‏:‏ السَّقْىُ دون الَرّيَّ‏.‏ وصَرَّدَ له العطاءَ قَلله‏.‏

ومنه شعر عمر رضي اللّه عنه، يرثي عروة بن مسعود‏:‏

يُسْقَونَ فيها شَراباً غَيْرَ تَصْرِيدِ*

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه نَهَي المُحْرِمَ عن قتْل الصُّرَد> هو طائرٌ ضخْمُ الرأسِ والمِنْقَار، له رِيشٌ عظيم نِصْفُه أبيض ونصفه أسْود‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما <أنه نَهَي عن قتل أرْبع من الدَّواب: النَّمْلةِ، والنَّحْلةِ، والهُدْهدِ، والصُّرْدِ> قال الخطابي‏:‏ إِنما جاء في قَتْل الَّنمل عن نوعٍ منه خاصٍّ، وهو الكِبَار ذَوات الأرجُل الطَّوال؛ لأنها قَليلةُ الأذَى والضَّرر‏.‏ والنحلة فلِمَا فيها من المَنْفَعَة وهو العَسَلُ والشَّمع‏.‏ وأما الهُدهُد والصُّرَد فلتحريم لحْمهما؛ لأنَّ الحَيَوَانَ إذا نُهِي عن قَتْله ولم يكن ذلك لاحْتِرَامِه أوْ لضَرر فيه كان لتحريم لَحْمِه‏.‏ ألاَ ترى أنه نُهِي عن قتْل الحَيوان لِغَير مأكَلِةٍ‏.‏

ويقال إنَّ الهُدهُد مُنْتِن الريح فصار في مَعْنى الجَلاَّلة، والصُّرَد تتشَاءمَ به العربُ وتَتطيُّر بصَوتِه وشخْصِه‏.‏ وقيل إنما كَرِهُوه من اسمه؛ من التَّصْريِد وهو التَّقْلِيل‏.‏

‏{‏صردح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أنس رضي اللّه عنه <رأيت الناسَ في إمَارةِ أبي بَكْرِ جُمِعوا في صَرْدَحٍ يْنُفُذُهُم البَصَر، ويُسْمِعُهم الصَّوتُ> الصَّردح‏:‏ الأرضُ الملْساءُ، وجمعها صَرَادِحُ‏.‏

‏{‏صرر‏}‏ * فيه <ما أصَرَّ من اسْتَغْفَرَ> أصر على الشيء يُصِرُّ إصْرَارَاً إذا لَزِمَه ودَاوَمَه وثَبتَ عليه‏.‏ وأكثر ما يُسْتَعْمَلُ في الشَرّ والذُّنوب، يعني من أتْبَع الذنب الاستغفارِ فليس بِمُصِرٍّ عليه وإن تكرر منه‏.‏

ومنه الحديث <ويلٌ للمُصِرّين الذين يُصِرُّوَن على ما فَعلوه وهم يعلمون> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لا صَرُوَرَة في الإسلام> قال أبو عُبَيد‏:‏ هو في الحديث التَّبتَّل وتَركُ النِكَاحِ‏:‏ أي ليس يَنْبَغي لأحد أن يقول لا أتزوّجُ؛ لأنه ليسَ من أخْلاقِ المُؤمنين‏.‏ وهو فعل الرُّهبَان‏.‏ والصَّرُورة أيضا الذي لم يَحُجَّ قَط‏.‏ وأصلُه من الصَّرَّ‏:‏ الحبْسِ والمنْعِ‏.‏ وقيل أراد من قَتل في الحرَم قُتِل، ولا يُقبل منه أن يَقول إني صَرُوَرةٌ، ما حَجَجْت ولا عَرَفت حُرْمَة الحَرَمِ‏.‏ وكانَ الرجلُ في الجاهلية إذا أحْدث حدثا فلجأ إلى الكَعْبة لم يُهِجْ، فكان إذا لَقَيه وليُّ الدَّم في الحَرم قيل له هو صَرُورةٌ فلا تَهِجْه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه قال لجبريل عليه السلام: تَأتِيِني وأنتَ صارٌّ بيْن عَينَيك> أي مُقْبَضٌ جامعٌ بينَهما كما يَفْعل الحزِين‏.‏ وأَصْلُ الصَّر‏:‏ الجمْع والشدّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لا يَحِلُّ لرجل يُؤْمنُ باللّه واليومِ الآخِر أن يَحُلَّ صِرَار ناقةٍ بِغير إذْن صاحِبها، فإنه خَاتَمُ أهْلها> من عَادةِ العرَب أن تَصُرَّ ضُرُوع الحَلوُبات إذا أرسَلُوها إلى المَرْعَى سَارِحَة‏.‏ ويُسُّمون ذلك الرَّباطَ صِراراً، فإذا راحَتْ عَشِيًا حُلَّت تِلك الأصِرَّة وحُلِبَت، فهي مَصْرُورَة ومُصرَّرَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مالك بن نُوَيرَة حين جَمَع َبُنو يَرْبُوع صَدَقاتِهم ليوجهوا بها إلى أبي بكر، فمنعهم من ذلك وقال‏:‏

وقُلت خُذُوها هَذه صَدَقَاُتُكْم ** مُصَرَرَةٌ أخْلافَها لم تُجَرّدِ

سأجْعَلُ نَفْسي دُون ما تَحْذَرُوَنه ** وأرْهَنُكَم يَوماً بما قُلْتُهُ يَدَي

وعلى هذا المعنى تأوَّلُوا قولَ الشافعيّ رضي اللّه عنه فيما ذَهَبَ إليه من أمر المُصَرَّاةِ، وسيجيءُ مُبَيَّناً في موضِعِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عِمْرَان بن حُصَيْن <تكادُ تَنْصَرُّ من المِلْءِ> كأنّه من صَرَرْتُه إذَا شَدَدْتَه‏.‏ هكذا جاء في بعض الطُّرُق‏.‏ والمعروفُ تَتَضَرَّجُ‏:‏ أي تَنْشَقّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عليّ‏:‏ <أَخْرِجَا ما تُصِرّرَانه> أي ما تَجَمَعَاِنه في صُدُورِكما‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه <لمَّا بَعَثَ عبد اللّه بن عامِر إلى ابن عُمَر بأسيرٍ قد جُمِعَت يَدَاهُ إلى عُنُقِه ليَقْتُلَهُ، قال: أمَّا وهو مَصْرُورٌ فَلاَ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <حتى أتينا صِرَاراً> هي بِئرٌ قديمةٌ على ثلاثةِ أمْيال من المدينة من طَرِيق العِرَاق‏.‏ وقيل مَوْضِع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه نهى عمّا قتله الَصّرُّ من الجَرَادِ> أي البَرْد‏.‏

وفي حديث جعفر بن محمد <اطَّلَعَ عَلَيَّ ابن الحسين وأنا أنْتِفُ صِراً> هو عُصْفُوْرٌ أو طائرٌ في قَدّه أصْفَر الّلون، سُمَيّ بصَوْته‏.‏ يقال‏:‏ صَرَّ العُصفور يُصِرُ صُرُورَاً إذا صَاحَ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه كان يخطُبُ إلى جِذْع، ثم اتخَذ المِنْبَر فاصطَرَّت السَّارِية> أي صَوَّتَتْ وحنَّتْ‏.‏ وهو افتَعَلَتْ من الصَّرِير، فَقُلِبَت التاءُ طَاءً لأجْلِ الصَّاد‏.‏

وفي حديث سَطيح‏:‏

أزْرَقُ مُهْمَى الَّنابِ صَرَّارُ اْلأُذُنْ*

صَرَّ أُذُنَهُ وصَرَّرَها‏:‏ أي نَصَبَها وسَوَّاهَا‏.‏

‏{‏صرع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ما تعُدُّونَ الصُّرَعَة فيكم؟ قالوا: الذي لا يَصْرَعُه الرجال. قال: هو الَّذِي يملِكُ نَفْسُه عند الغضب> الصُّرَعَةُ بضم الصاد وفتح الرَّاء‏:‏ المُبَالِغُ في الصَرَّاع الذي لا يُغْلَبُ، فنقَلَهُ إلى الذي يَغْلِبُ نفْسَه عند الغَضَب ويَقْهَرُهَا، فَإِنّه إذا مَلَكَها كان َقد قَهَرَ أقوى أعْدَائِهِ وشَرَّ خُصُومه، ولذلك قال‏:‏ <أعْدَى عَدُوّ لكَ نَفْسُكَ التي بينَ جَنْبَيْك>‏.‏ وهذا من الألفاظ التي نَقَلها ‏(‏أي النبي عليه السلام‏.‏ والذي في اللسان‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏التي نقلها اللغويون عن وضعها‏.‏‏.‏الخ‏)‏عن وضْعِها اللّغَوُيُّ لضَربٍ من التَّوسُّع والمجاز، وهو من فَصيح الكلام؛ لأنه لما كان الغَضْبان بحالة شديدةٍ من الغَيْظِ، وقد ثارت عليه شَهْوَةُ الغَضَبِ، فَقَهَرَها بحِلْمه، وصَرَعَها بثَبَاته، كان كالصَّرَعة الذي يَصْرَع الرجال ولا يَصْرَعُونه‏.‏

وفيه <َمَثل المؤمنِ كالخَامة من الزَّرْع تَصْرَعُها الريحُ مرة وتعدلُها أخْرى> أي تُميلُها وتَرْميها من جانب إِلى جانب‏.‏

ومنه الحديث <أنه صُرِع عن دابّة فجُحِش شِقّه> أي سَقَط عن ظَهْرها‏.‏

والحديث الآخر <أنه أردفَ صَفية فعَثَرت ناقَتُه فصُرعا جميعاً>‏.‏

‏{‏صرف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا يقْبَلُ اللّه منه صَرْفا ولا عَدْلاً> قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصَّرف‏:‏ التوبةُ‏.‏ وقيل النافلةُ‏.‏ والعَدْل‏:‏ الفِدْية‏.‏ وقيل الفَرِيضة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الشفُّعْة <إذا صُرِّفت الطُّرُق فلا شُفْعَة> أي بُيَنّت مَصَاِرُفَها وشَوَارِعُهَا‏.‏ كأنه من التصرُّف والتَّصريف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي إِدريس الخَوْلانِيّ <من طَلَب صَرْف الحديث يْبتغِي به إقْباَلَ وجُوهه الناس إليه> أراد بصرْف الحديث ما يتَكلَّفُه الإنسانُ من الزيادة فيه على قَدْر الحاجة‏.‏ وإِنما كَره ذلك لما يدْخُله من الرَّياء والتَصَنُّع، ولما يُخَالطُه من الكَذب والتَّزيُّد‏.‏ يقال‏:‏ فُلاَن لا يُحْسِنُ صَرْفَ الكلامِ‏:‏ أي فَضْلَ بعضه على بَعْض‏.‏ وهو من صَرْفِ الدَّراهم وتَفَاضِلُها‏.‏ هكذا جاء في كتاب <الغَريب> عن أبي إدريس‏.‏ والح ديثُ مرفوع من رواية أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في سنن أبي داود‏.‏

وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أتيتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وهو نائم في ظلِّ الكعبة، فاستَيقظ مُحمارًّا وجْهُه كأنه الصَرّف> هو بالكسر شجر أحمر يُدْبغ به الأديمُ‏.‏ ويُسْمَّى الدمُ والشرابُ إذا لم يُمْزَجَا صِرْفا‏.‏ والصَرّف‏:‏ الخالص من كل شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومن حديث جابر رضي اللّه عنه <تغيَّر وجْهُه حتى صارَ كالصَّرف>

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <لتَعْرُكَنَكُم عَرْكَ الأديم الَصّرْف>‏.‏ أي الأحْمر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه دخل حائطاً من حَوَائِط المَدِينةِ، فإذا فيه جَمَلاَنِ يَصْرِفان ويُوعدان، فدنا منهُما فوضَعا جُرُنَهما> الصَّريفُ‏:‏ صوتُ ناب البَعير‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ إذا كان الصَّريفُ من الفُحُولة فهو من النَشَاطِ، وإذا كان من الإناث فهو من الإعياء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه‏:‏ <لا يَرُوعُه مِنها إلا صَرِيف أنيابِ الحِدْثانِ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أسمَعُ صَرِيفَ الأقلام>أي صوتَ جَرَيَانِها بما تَكْتُبُه من أقْضِيَة اللّهِ تعالى وَوَحْيِه، وما يَنْتَسِخُوْنَه من اللَّوح المحفوظ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث موسى عليه السلام <أنه كان يسمعُ صَرِيف القلم حين كَتَبَ اللّه تعالى له التوراةَ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الغار <ويَبِيتان في رِسْلِها وصَرِيفها> الصَّريفُ‏:‏ اللبنُ ساعةَ يُصْرف عن الّضرْع‏.‏

ومنه حديث ابن الأكْوع‏.‏

لَكِن غَذَاها اللبنُ الخَرِيفُ ** المَخْضُ والقَارِصُ والصَّرِيفُ

وحديث عمرو بن معد يكرب <أشربُ الَتّبَن من اللبن رَثِيَئةً أو صَرِيفاً>‏.‏

‏(‏س ه‏)‏ وفي حديث وَفْد عبد القيس <أَتُسَمْوُّنَ هذا الصَّرَفان> هو ضَرْب من أجْوَدِ التمر وأَوْزَنِهِ‏.‏

‏{‏صرق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أنه كان يأكُلُ يَوْم الِفطر قبل أن يخْرُج إلى المُصَلَّى من طَرَفِ الصَّرِيقة، ويقول إنه سُنَّة> الصَّريقَة‏:‏ الرُّقاقَة، وجمعُها صُرُق وصَرَاِئق‏.‏ وروى الخطابي في غريبه عن عطاء أنه كان يقول‏:‏ <لا أغْدو حتى آكُل من طرف الصَّرِيفَة> وقال‏:‏ هكذا رُوي بالفاء، وإنما هو بالقاف‏.‏

‏{‏صرم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الجُشَمِيَّ <فَتَجْدَعُهَا وتقول: هذه صُرُمُ> هي جمعْ صَرِيْم، وهو الذي صُرمت أذنه‏:‏ أي قُطِعَت‏.‏ والصَّرْم‏:‏ القَطْع‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لا يَحِلُ لمُسْلِم أن يُصَارِم مُسْلِمَا فوقَ ثلاثٍ> أي يَهْجُرَه ويقطع مُكالمته‏.‏

ومنه حديث عُتبة بن غَزْوان <إنَّ الدنيا قد آذَنَت بَصرْم> أي بانْقِطَاع وانقضاءِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <لا تَجوز المُصَرَّمة الأطباءِ> يعني المقْطوعةَ الضُّروع‏.‏ وقد يكون من انْقطاع اللَّبن، وهو أن يصيب الضَّرع داءٌ فيكْوَى بالنَارِ فلا يخرج منه لبن أبدا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديثه الآخر <لمَّا كان حين يُصْرَم النخل بَعث رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عبْد اللّه بن رَوَاحَة إلى خيبرَ> المشهورُ في الرواية فتحُ الراء‏:‏ أي حين يُقْطع ثَمرُ النَّخْل ويُجَدُّ والصَّرام‏:‏ قَطعُ الثَّمرة واجْتِناؤُها من النَّخْلة‏.‏ يقال هذا وقتُ الَصّرام والجداد‏.‏ ويُروى‏:‏ حين يُصْرِم النخلُ‏.‏ بكسر الراء، وهو من قولك أصْرَم النخلُ إذا جاءَ وقتُ صِرَامه‏.‏ وقد يُطلق الَصّرام على النخل نَفُسه لأنه يُصْرَم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لنَا ِمن دفئِهِمْ وصِرَامِهِمْ> أي من نَخْلِهِمْ‏.‏ وقد تكرّرت هذه اللفظة في الحديث‏.‏

ومنه <أنه غَيَّر اسمَ أصْرمَ فجعله زُرْعَة> كَرهه لما فيه من معنَى القَطْع‏.‏ وسمَّاهُ زُرْعَة لأنه من الزَّرْع‏:‏ النَّبَات‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <كان في وصِيّتِه: إن تُوُفِّيتُ وفي يَدِي صِرْمَةُ ابنِ الأكوعِ فسُنَّتُهاَ سُنَّةُ َثْمغٍ>‏.‏ الصَّرْمَةُ ها هنا القِطْعَةُ الخَفيفَةُ من النخل‏.‏ وقيل من الإبلِ‏.‏ وثَمْغٌ‏:‏ مالٌ كان لعمرَ رضي اللّه عنه وقَفَه‏:‏ أي سَبِيلُها سبيلُ هذا المال‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي ذَرّ <وكان يُغيرُ على الَصّرْمِ في عَمَاية الصُّبْح> الَصّرْمَ‏:‏ الجماعة يَنزِلون بإبلهم نَاحِيَة على ماءٍ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث المرأة صاحبة الماء <أنهم كانوا يُغيرُون على مَن حَولَهم ولا يُغَيِرونَ على الَصّرم الذي هي فيه>‏.‏

وفي كتابه لعمرو بن مُرّضة <في التَّيْعَة والَصّرَيْمة شاتَانِ إن اجْتَمعتا، وإن تفرّقَتَا فشاةٌ شاةٌ> الصُّرَيمةُ‏:‏ تصْغيرُ الَصّرمةِ، وهي القَطيعُ من الإبل والغنَم‏.‏ قيل هي من العِشْرين إلى الثلاثين والأْربَعين، كأنها إذا بَلغت هذا القَدَر تَسْتَقِلّ بنفْسِها فيقطَعُها صاحبُها عن مُعْظم إبله وغنَمِه‏.‏ والمرادُ بها في الحديث من مائة وإحدى وعشرين شاةً إلى المائتين، إذا اجتَمَعت ففيها شاتَان، وإن كانت لرجُلين وفُرِّق بينهما فعَلى كُلِّ واحد منهما شاةٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <قال لموْلاه: أَدْخِل رَبَّ الصُّرَيمة والغُنَيمة> يَعني في الحِمى والمَرْعَى‏.‏ يُريد صاحبَ الإبل القليلةِ والغَنم القَليلةِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <في هذا الأمَّة خمسُ فتَن، قدْ مضَت أربَعٌ وبقِيت واحدة، وهي الصَّيْرَمُ> يعني الداهيةَ المستأصِلَةَ، كالصَّيلَم، وهي من الصَّرم‏:‏ القَطْع‏.‏ والياء زائدةٌ‏.‏‏{‏صرا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث يوم القيامة <ما يَصْرِيني منك أي عَبْدِي> وفي رواية‏:‏ <ما يَصْرِيك منَيّ> أي ما يَقْطَعُ مسْأَلَتَك ويمنَعُك من سُؤالي‏:‏ يقال صَرَيتُ الشيءَ إذا قَطعْته‏.‏ وصَرَيتُ الماءَ وصَرَّيتُه إذا جَمَعتَه وحَبَسته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <من اشتَرَى مُصرَّاةً فهو بخَير النَّظَرين> المُصرَّاة‏:‏ النَاقَةُ أو البقَرَةُ أو الشَّاةُ يُصَرَّي اللَّبنُ في ضَرْعها‏:‏ أي يُجْمَع ويُحْبَس‏.‏ قال الأزهري‏:‏ ذكر الشافعي رضي اللّه عنه المُصرَّاةَ وفّسرها أنَّها التي تُصَرُّ أخْلافُها ولا تُحلَبُ أياماً حتى يجتمعَ اللبنُ في ضَرْعها، فإذا حلَبها المُشْتري اسْتَغْزَرَها‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ جائزٌ أن تكونَ سُمّيَت مُصرَّاة من صَرَّ أخْلافَها، كما ذُكر، إلاَّ أنَّهم لمّضا اجتمعَ لهم في الكلمة ثلاثُ راآت قُلبت إحْدَاها ياء، كما قالوا تَظنَّيتُ في تَظَنَّنْت‏.‏ ومثله تقَضى البازي في تَقَضَّض، والتَّصَدَىّ في تصدّد‏.‏

وكثيرٌ من أمْثَال ذلكَ أبدَلُوا من الأحْرفِ المكررة ياءً لإجتماع الأمثال‏.‏ قال‏:‏ وجائز أن تكونَ سُمَيّت مُصرَّاةً من الصَّرْي، وهو الجمعُ كما سبقَ‏.‏ وإِليه ذهبَ الأكثرُونَ‏.‏

وقد تكررت هذه اللفظةُ في الأحاديث، منها، قولهُ عليه السلام <لا تَصُرُّوا الإبل والغَنم> فإن كان من الصَّرَّ فهو بفتح التاء وضَمّ الصَّاد، وَإِن من الصَّرْيِ فيكونُ بضم التاء وفتح الصاد‏.‏ وإنما نَهَى عنه لأنه خِداعٌ وغِشٌّ‏.‏

وفي حديث أبي موسى <أنَّ رجُلاً استَفْتاهُ فقال: امْرَأتِي صَرِيَ لَبَنُها في ثَدْيِها، فَدَعَتْ جاريةً لها فَمَصَّتْه، فقال: حَرِمتُ عليك> أي اجتمع في ثَدْيِها حتى فَسَد طَعْمُه‏.‏ وتحريمُها على مذهب من يَرَى أن رَضَاع الكبير يُحرّم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه مَسح بيده النَّصْل الذي بَقي في لَبَّةِ رافع بن خَدِيج وتَفَل عليه فلم يَصْرِ> أي لم يَجْمع المِدَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الإسْراء في فَرْضِ الصَّلاة <علمتُ أنها أمر اللّه صِرَّي> أي حَتمٌ واجبٌ وعَزيمة وَجِدّ‏.‏ وقيل هي مُشْتَقَّة من صَرَى إذا قَطَع‏.‏ وقيل هي مُشْتقَّة من أصْرَرْتُ على الشيء إذا لَزِمْتَه، فإن كان من هذا من الصاد والراء المشدَّدة‏.‏ وقال أبو موسى‏:‏ إن صِرَيٌّ بوزن جِنْيٍ‏.‏ وصِرَّيُّ العَزْم‏:‏ أي ثابته ومسْتَقِرُّة‏.‏

ومن الأوّل حديث أبي سَمّال الأسَدِي، وقد ضلَّت ناقتُه فقال <أَيْمُنُكَ لَئن لم تَرُدَّها عليَّ لا عَبَدْتُك، فأصابَها وقد تَعَلَق زِمَامُها بعَوسَجَة فأخذها وقال: علِم ربَيّ أنها مِنّي صِرَّي> أي عَزِيمة قاطِعةٌ‏,‏ ويمينٌ لازِمة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عَرْض نَفْسه صلى اللّه عليه وسلم على القبائل <وإنما نَزلْنَا الصَّرَيَيْن، اليَمَامةَ والسَّمَامَة> هما تَثْنِيَةُ صَرًي وهو الماءُ المجتمعُ‏.‏ ويَرْوى الصَيّريْن‏.‏ وسيَجيءُ في موضِعِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن الزُّبير وبناء البيت <فأَمر بصَوارٍ فنُصِبَت حَولَ الكعبة> الصَّوارِي جَمْعُ الصَّارِي، وهو دَقَل السَّفِينة الذي يُنْصب في وسطها قائما ويكون عليه الشَرّاع‏.‏