فصل: باب الجيم مع الخاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب الجيم مع الخاء

‏{‏جخجخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا أردتَ العِزّ فجخْجِخْ في جُشَم> أي نَادِ بهِم وتَحوَّل ألَيْهم‏.‏

‏{‏جَخَّ‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث البراء <أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سجد جَخَّ> أي فتَح عَضُدَيه عن جَنْبَيْه، وجَافاهُما عنهما‏.‏ ويُروى جَخَّي بالياء، وهو الأشهر، وسَيَرد في موضعه‏.‏

‏{‏جخر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفة عين الدّجال <ليس بنَاتِئة ولا جَخْراءَ> قال الأزهري‏:‏ الجَخْراء‏:‏ الضَّيّقة التي لها غَمَص ورَمَص‏.‏ ومنه قيل للمرأة جَخْراء، إذا لم تكُن نَظِيفةَ المكَان‏.‏ ويُرْوى بالحاء المهملة‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏جخف‏}‏ * في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <فالتفت إليّ - يَعْني الفارُوق رضي اللّه عنه - فقال: جَخْفاً جَخْفاً> أي فَخْراً فَخْراً، وشرَفاً شرَفاً‏.‏ ويُروى جَفْخاً، بتقديم الفاء، على القَلْب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه نام وهو جالس حتى سَمِعْتُ جَخِيفَة، ثم صلَّى ولم يتوضأ> الجَخِيف‏:‏ الصَّوت من الجَوْف، وهو أشَدُّ من الغَطيط‏.‏

‏{‏جخا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان إذا سجَد جَخَّى> أي فَتَح عَضُدَيه وَجافاهُما عن جَنْبَيْه، ورفع بَطْنه عن الأرض، وهو مثل جَخَّ‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حذيفة رضي اللّه عنه <كالكوز مُجَخِّياً> المجَخِّي‏:‏ المائل عن الاستقامة والاعتدال، فشَبَّه القَلْب الذي لا يَعِي خَيْراً بالكُوز المائل الذي لا يَثْبُت فيه شيء‏.‏

 باب الجيم مع الدال

‏{‏جدب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <وكانت فيها أجَادِبُ أمْسَكَت الْمَاء> الأجَادب‏:‏ صِلاَب الأرض الَّتي تُمْسِك الماء فلا تَشْرَبُه سريعا‏.‏ وقيل هي الأرض التي لا نبَات بها، مأخُوذٌ من الجَدْب، وهو القحْط، كأنه جَمْعُ أجْدُب، وأجْدُب جَمْع جَدْب، مثْل كَلْب وأكْلُب وأكالِب‏.‏ قال الخطابي‏:‏ أمَّا أجَادب فهو غَلَط وتَصْحِيف، وكأنه يريد أن اللفظة أجَارِد، بالراء والدال، وكذلك ذكره أهل اللغة والغريب‏.‏ قال‏:‏ وقد رُوي أحَادِبُ، بالحاء المهملة‏.‏ قلت‏:‏ والذي جاء في الرواية أجادب بالجيم، وكذلك جاء في صحيحي البخاري ومسلم‏.‏

وفي حديث الاستسقاء <هلَكَت الأموالُ وأجْدَبَت البِلاد> أي قُحطتْ وغَلَت الأسعار‏.‏ وقد تكرر ذكر الجَدْب في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه جَدب السَّمَر بَعْد العِشاء> أي ذَمَّه وعابه‏.‏ وكل عائب جادِبٌ ‏(‏أنشد الهروي لذي الرمة‏:‏

فيالكَ من خدٍّ أَسِيلٍ ومنطقٍ ** رخيمٍ ومن خَلْقٍ تَعلّل جادٍبُه

أي لم يجد مقالا، فهو يتعلل بالشيء القليل، وليس بعيب‏)‏‏.‏

‏{‏جدث‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <في جَدَث يَنْقَطع في ظُلْمتِه آثَارُها> الجدَث‏:‏ القَبْر، ويُجْمَع على أجْدَاث‏.‏ومنه الحديث <نُبَوِّئُهم أجْدَاثَهم> أي نُنْزِلُهم قُبورَهم‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏جدح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <انْزِل فاجْدَحْ لنا> الجَدْح‏:‏ أن يُحَرّك السَّويقُ بالماء ويُخَوّض حتى يسْتَوي‏.‏ وكذلك اللَّبَن ونَحْوه، والمِجْدَح‏:‏ عُود مُجَنَّح الرأس تُساط به الأشْرِبة، وربَّما يكون له ثلاث شُعَب‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <جَدَحُوا بَيْني وبَيْنَهُم شِرْباً وبِيئاً> أي خَلَطُوا‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لقد اسْتَسْقَيْتُ بِمجَادِيح السماء> المجاَدِيح‏:‏ واحِدُها مِجْدَح، والياء زائدة للإشباع، والقياس أن يكون واحدها مِجْدَاح، فأمّا مِجْدَح فجمْعُه مَجادِح‏.‏ والمِجْدَح‏:‏ نَجْم من النجوم‏.‏ قِيلَ هو الدَّبَران‏.‏ وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثَافِي؛ تَشْبِيهاً بالمِجْدح الذي له ثلاث شُعَب، وهو عند العرب من الأنْواء الدَّالَّة عَلَى المَطر، فَجعل الاستِغفار مُشَبَّهاً بالأنواء، مُخاطَبَة لهم بما يعرفونه، لا قوْلاً بالأنْواء‏.‏ وجاء بلفظ الجمْع لأنه أراد الأنْواء جَمِيعَها التي يَزْعُمون أنَّ من شأنِها المَطَر‏.‏

‏{‏جدجد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فأتَيْنَا عَلَى جُدْجُدٍ مُتَدَمِّن> الجُدْجُد بالضم‏:‏ البئر الكثيرة الماء‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ إنما هو الجُدّ، وهو البئر الجيّدة الموضع من الكلأ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عطاء <الجُدْجُد يَمُوت في الوَضوء قال: لا بأس به>‏.‏ وهو حيوان كالجَراد يُصَوّت في الليل‏.‏ قيل هو الصَّرْصَر‏.‏

‏{‏جدد‏}‏ * في حديث الدعاء <تباركَ اسْمُك وتعالى جَدُّك> أي عَلاَ جَلاَلُك وعظَمَتُك‏.‏ والجَدُّ‏:‏ الحظُّ والسَّعادة والغنَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <ولا يَنْفَع ذا الجَدّ منك الجَدُّ> أي لا ينفع ذا الغِنَى منك غِنَاه، وإنَّما ينفعُه الإيمانُ والطاعة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث القيامة <وإذا أصحاب الجَدّ مَحْبُوسون> أي ذوُو الحظّ والغِنى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أنس رضي اللّه عنه <كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جَدّ فينَا> أي عَظُم قدرُه وصار ذَا جَدّ‏.‏

وفي الحديث <كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا جَدّ في السَّير جَمع بين الصَّلاتَين> أي إذا اهْتَّم به وأسرع فيه‏.‏ يقال جَدّ يَجُدّ وَيَجِدُّ، بالضم والكسر‏.‏ وجَدّ به الأمرُ وأجَدّ‏.‏ وجَدّ فيه وأجَدّ‏:‏ إذا اجتهد‏.‏

ومنه حديث أحُد <لئن أشهدني اللّه مع النبي صلى اللّه عليه وسلم قتالَ المشركين ليَريَنَّ اللّه ما أجِدُّ> أي ما أجْتَهِد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نَهى عن جَداد الليل> الجدَاد بالفتح والكسر‏:‏ صِرَام النخل، وهو قطع ثمرتها‏.‏ يقال جدّ الثَّمرةَ يَجُدُّها جَدًّا‏.‏ وإنَّما نَهى عن ذلك لأجل المساكين حتى يحضُروا في النهار فيُتَصَدّق عليهم منه ‏(‏زاد الهروي‏:‏ لقوله تعالى <وآتو حقه يوم حصاده>‏)‏‏.‏

ومنه الحديث <أنه أوصَى بِجَادِّ مائةِ وسْق للأشْعَرَيّين، وبِجَادِّ مائة وسْق للشّيْبيّين> الجادّ‏:‏ بمعنى المجْدُود‏:‏ أي نخْل يُجَدّ منه ما يَبلغ مائةَ وسْق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <قال لعائشة رضي اللّه عنها: إنّي كنت نَحَلْتُك جَادّ عشْرين وسْقاً>‏.‏

والحديث الآخر <من ربط فرسا فله جادُّ مائةٍ وخمسين وسْقاً> كان هذا في أوّل الإسلام لعِزَّة الخيل وقلتها عندهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لا يأخذنّ أحدُكم متاع أخيه لاعِباً جَادًّا> أي لا يأخذه على سبيل الهزْل، ثم يَحْبِسُه فيَصير ذلك جِدًّا‏.‏ والجدّ بكسر الجيم‏:‏ ضدّ الهزل‏.‏ يقال جَدّ يَجِدُّ جِدًّا‏.‏

ومنه حديث قُس‏:‏

أجِدَّكُما لا تَقْضيان كِرَاكُما*

أي أبِجِدٍّ منكما، وهو منصوب على المصدر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأضاحي <لا يُضَحّي بجَدَّاء> الْجدّاء‏:‏ ما لا لبن لها من كل حَلُوبة، لآفَة أيْبَسَتْ ضَرْعها‏.‏ وتجدد الضَّرعُ‏:‏ ذهب لبنه‏.‏ والجَدَّاء من النساء‏:‏ الصغيرة الثدي‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في صفة امرأة <قال: إنها جَدَّاء> أي صغيرة الثَّديين‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي سفيان <جُدَّ ثدْيا أمّك> أي قُطِعا، من الجد‏:‏ القطع، وهو دعاء عليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <كان لا يبالي أن يصلي في المكان الجَدَد> أي المسْتَوِي من الأرض‏.‏

ومنه حديث أسر عقبة بن أبي مُعَيط <فوَحِل به فرسه في جَدَد من الأرض>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن سيرين <كان يختار الصلاة على الجُدّ إن قدَر عليه> الجُدّ بالضم‏:‏ شَاطِئ النَّهر‏.‏ والجُدَّة أيضا‏.‏ وبه سمّيت المدينة التي عند مكة‏:‏ جُدَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عبد اللّه بن سَلاَم رضي اللّه عنه <وإذا جَوادُّ مَنْهج عن يَمِيني> الجَوادُّ‏:‏ الطُّرُق، واحدها جادّة، وهي سَواء الطريق ووسَطه‏.‏ وقيل هي الطَّريق الأعظم التي تجْمع الطُّرُق ولا بُدّ من المرور عليها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ما على جَدِيد الأرض> أي وجْهها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي قصَّة حُنين <كإمْرار الحدِيد على الطّسْت الجَدِيد> وصف الطّسْت وهي مؤنثة، بالجدِيد وهو مُذكر، إمّا لأنّ تأنيثها غير حقيقي فأوّلَه على الإناء والظرف، أو لأنَ فعيلا يُوصَف به المؤنث بلا عَلامة تأنيث، كما يُوصف به المُذَكَّر، نحو امرأة قَتِيل، وكَف خَضِيب‏.‏ وكقوله تعالى <إنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ>‏.‏‏{‏جدر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الزبير رضي اللّه عنه <أنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال له: احْبِس الماء حتى يَبْلغ الجَدْر> هو ها هنا المُسَنَّاة‏.‏ وهو ما رُفع حول المزرعة كالجِدَار‏.‏ وقيل هو لغة في الجِدَار‏.‏ وقيل هو أصل الجِدار‏.‏ وروي الجٌدُر بالضم، جمع جِدَار‏.‏ ويُروَى بالذال‏.‏ وسيجيء‏.‏

ومنه قوله لعائشة رضي اللّه عنها <أخاف أن يدخُل قلوبَهم أن أدْخِل الجَدْر في البيت> يريد الحِجْر، لما فيه من أصُول حائط البيت‏.‏

وفيه <الكَمْأة جُدَريُّ الأرض> شبَّهها بالجُدَرِي، وهو الحَبُّ الذي يظهر في جسد الصَّبي لظُهورها من بطن الأرض، كما يظهر الجُدَرِي من باطن الجِلْد، وأراد به ذَمَّها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مسروق <أتيْنا عبد اللّه في مُجَدَّرِين ومُحَصَّبِين> أي جماعة أصابهم الجُدَرِيّ والحَصْبة‏.‏ والحصْبة‏:‏ شِبْه الجُدَرِي تظهر في جلد الصَّغير‏.‏

وفيه ذكر <ذي الجَدْر> بفتح الجيم وسكون الدال‏:‏ مَسْرَح على سِتَّة أميال من المدينة كانت فيه لِقَاح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أغير عليها‏.‏

‏{‏جدس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث معاذ رضي اللّه عنه <من كانت له أرض جادِسَة> هي الأرض التي لم تُعْمر ولم تُحْرَث، وجَمْعها جَوادِس‏.‏

‏{‏جدع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <نهى أن يُضَحِّي بجَدْعاء> الجَدْع‏:‏ قطْع الأنف، والأُذن - والشَّفة، وهو بالأنْفِ أخصُّ، فإذا أُطْلق غَلَب عليه‏.‏ يقال رجل أجْدَع ومَجْدوع، إذا كان مقطوع الأنف‏.‏

ومنه حديث المولود على الفِطرة <هل تُحسُّون فيها من جَدْعاء> أي مَقْطوعة الأطراف، أو وَاحِدها‏.‏ ومعنى الحديث‏:‏ أن المولود يُولد على نَوْع من الجِبِلَّة، وهي فِطْرةُ اللّه تعالى وكَونُه مُتهيّئاً لقَبول الحق طبْعاً وطَوْعاً، لو خَلَّتْه شياطين الإنس والجنّ وما يَخْتار لم يَخْتر غَيرها، فضرب لذلك الجْمعاءَ والجَدْعاء مثلا‏.‏ يعني أن البهيمة تُولد مُجْتَمِعةَ الخلْق، وشَوِيَّة الأطراف، سَليمةً من الجدْع، لولا تَعَرُّضُ الناس إليها لبَقِيت كما وُلِدَتْ سليمة‏.‏

ومنه الحديث <أنه خطب على نَاقَتِه الجَدْعاء> هي المقطوعة الأُذن، وقيل لم تكن ناقَتُه مقطوعة الأُذن، وإنما كان هذا اسماً لها‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <اسمعوا وأطيعوا وإن أمِّر عليكم عبدٌ حبشيٌّ مُجدَّعُ الأطراف> أي مُقَطَّع الأعضاء، والتَّشديد للتكثير‏.‏

وفي حديث الصديق رضي اللّه عنه <قال لابنه يا غُنْثَر فَجدَّع وسَبَّ> أي خاصمه وذمَّمه‏.‏ والمجادَعة‏:‏ المُخَاصمة‏.‏

‏{‏جدف‏}‏ * فيه <لا تُجَدِّفُوا بِنِعَم اللّه> أي تكْفُروها وتَسْتَقِلُّوها‏.‏ يقال منه جَدَّف يُجَدِّف تَجْدِيفاً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث كعب <شرّ الحديث التَّجْدِيف>أي كُفْر النّعْمة واسْتِقْلال العطاء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه سأل رجلا اسْتَهْوته الجِنُّ، فقال: ما كان طَعامُهم؟ قال: الفول وما لم يُذْكَر اسم اللّه عليه. قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجَدَف> الجَدف بالتَّحريك‏:‏ نبات يكون باليَمَنِ لا يَحْتاج آكلُه معه إلى شُرْب ماء‏.‏ وقيل‏:‏ هو كلُّ ما لا يُغَطَّى من الشَّراب وغَيْره‏.‏ قال القُتَيْبي‏:‏ أصله من الجَدْف‏:‏ القطع، أراد ما يُرْمى به عن الشراب من زبَد أو رَغْوة أو قَذًى، كأنه قُطع من الشَّراب فَرُمى به، هكذا حكاه الهروي عنه‏.‏ والذي جاء في صحاح الجوهري‏:‏ أن القَطع هو الجذْف، بالذال المعجمة، ولم يذكره في الدال المهملة، وأثبته الأزهري فيهما‏.‏

‏{‏جدل‏}‏ * فيه <ما أوتِيَ قَوْم الجدَلَ إلا ضَلُّوا> الجدَل‏:‏ مُقابَلة الحُجَّة بالحجَّة‏.‏ والمُجَادَلَةُ‏:‏ المُناظَرةُ والمخاصَمة‏.‏ والمراد به في الحَديث الجدل على الباطل، وطَلبُ المغالَبة به‏.‏ فأما الجَدَل لإظْهار الحقّ فإنَّ ذلك مَحْمودٌ، لقوله تعالى ‏{‏وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏}‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنا خاتم النبيين في أمّ الكتاب، وإنَّ آدم لمُنْجَدِلٌ في طينَتِه> أي مُلْقًى على الجَدَالة، وهي الأرض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن صيَّاد <وهو مُنْجَدِل في الشَّمس>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث علي <حين وقف على طلحة رضي اللّه عنهما فقال - وهو قَتِيل - أعْزِزْ عَليّ أبا مُحمد أنْ أرَاك مُجَدَّلاً تَحْت نُجوم السماء> أي مَرْمِيًّا ملقًى على الأرض قَتيلا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث معاوية <أنه قال لصَعْصَعة: ما مَرَّ عليك جَدَّلْتَه> أي رَمَيْتَه وَصَرَعته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <العَقِيقَة تُقْطَع جُدُولاً ولا يُكْسَر لها عَظْم> الجُدُول جَمْعُ جَدْل، بالكسر والفتح، وهو العضْو‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كتَب في العَبْد إذا غزَا على جَدِيلَتِه لا يَنْتَفِع مولاه بشيء من خِدْمَتِه: فأسْهِمْ له> الجَدِيلة‏:‏ الحالة الأولى‏.‏ يقال‏:‏ القومُ على جَدِيلة أمْرِهِم‏:‏ أي على حالَتِهم الأولى‏.‏ ورَكِب جَدِيلَة رأيِه‏:‏ أي عَزِيمَته‏.‏ والجَدِيلَة‏:‏ الناحِية، أراد أنه إذَا غَزا مُنْفَردا عن مَوْلاَه غَيْر مَشْغول بِخِدْمَتِه عن الغَزْوِ‏.‏

ومنه قول مجاهد في تفسير قوله تعالى <قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ> قال <على جَدِيلَتِه>‏:‏ أي طرِيقَتِه وناحيَتِه‏.‏ قال شَمِر‏:‏ مَا رَأيْتُ تَصْحِيفا أشْبَه بالصَّوابِ ممَّا قَرأ مالِك بنُ سُليمان، فإنه صحّف قولَه على جَدِيلته فقال‏:‏ على حَدٍّ يَلِيه‏.‏

وفي حديث البراء بن عازب رضي اللّه عنه في قوله تعالى <قدْ جَعَلَ ربُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا> قال‏:‏ جَدْوَلاً، وهو النَّهر الصغير‏.‏‏{‏جدا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أُتِيَ رَسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بِجَدايا وَضَغَابِيسَ> هي جْمْع جَدَاية، وهي من أولاد الظّباء ما بلغ ستَة أشهر أو سَبْعَة، ذَكَراً كان أو أنْثَى، بمنزلة الجَدْي من الْمَعز‏.‏

ومنه الحديث الآخر <فجاءه بِجَدْي وجَدَاية>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الاستسقاء <اللهم اسْقِنا جَداً طَبَقاً> الجَدا‏:‏ المطر العَامُّ‏.‏ ومنه أُخِذ جَدَا العَطِيَّةِ والجَدْوَى‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه <شِعر خُفاف بن نُدْبة السّثلَمي يَمْدح الصدّيق رضي اللّه عنه:

لَيْسَ لِشَيءٍ غيْرِ تَقْوَى جَدَا ** وكُلُّ خَلْقٍ عُمْرُه لِلْفَنَا

هو من أجْدَى عليه يُجْدِي إذا أعطاه.

(س) ومنه حديث زيد بن ثابت رضي اللّه عنه <أنه كتب إلى معاوية يَسْتَعْطِفه لأهل المدينة ويَشْكُو إليه انْقِطاع أعْطِيَتهم والمِيرَة عنهم، وقال فيه: وقد عَرفُوا أنه ليس عند مَروان مَالٌ يُجَادُونه عليه> يقال جَدَا، واجْتَدى، واسْتَجْدَى، إذا سَأل وطَلَب‏.‏ والمجَادَاةُ مفاعَلة منه‏:‏ أي ليس عنده مال يَسْألونه عليه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث سعد رضي اللّه عنه <قال: رميت يوم بدر سُهَيْلَ بن عمرو فَقَطعْتُ نَساه، فانْثَعَبَتْ جَدِيَّة الدم> الجَدِيَّة‏:‏ أوّلُ دفْعَة من الدَّم‏.‏ ورواه الزمخشري فقال‏:‏ فانْبَعَثَتْ جَدِيَّة الدم، أي سالت‏.‏ ورُوي فاتَّبَعَتْ جَدِية الدم‏.‏ قيل هي الطَّرِيقة من الدم تُتَّبَعُ لِيُقْتَفَى أثرُها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مروان <أنه رمَى طَلحةَ بن عبيد اللّه يوم الجمَل بسَهْم فَشكَّ فخِذَه إلى جَدْيَة السَّرْج> الجَدْية بسكُون الدال ‏(‏وبكسرها مع تشديد الياء، كما في القاموس‏)‏‏:‏ شيء يُحْشى ثم يُربَط تحت دَفَّتِي السَّرْج والرَّحْل، ويُجمع على جَدَيَات وجِدًى بالكسر ‏(‏في صحاح الجوهري بالفتح، وحكاه عنه في اللسان‏)‏‏.‏

ومنه حديث أبي أيوب <أُتي بدابَّة سَرْجُها نُمور> فنَزع الصُّفة يعني المِيثَرة، فقِيل‏:‏ الجَدَيات نُمور، فقال‏:‏ إنما يُنهى عن الصُّفَّة>‏.‏

 باب الجيم مع الذال

‏{‏جذب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه عليه السلام كان يُحِبُّ الجَذَب> الجَذَب بالتحريك‏:‏ الجُمَّار، وهو شَحْم النَّخْل، واحدتها جَذَبَة‏.‏

‏{‏جذذ‏}‏ * فيه <أنه قال يوم حُنَيْن: جُذُّوهُم جَذًّا> الجَذُّ‏:‏ القَطْع‏:‏ أي اسْتَأصلُوهم قَتْلا‏.‏

ومنه حديث مازنٍ <فَثُرْتُ إلى الصَّنَم فكَسرْته أجْذَاذاً> أي قِطَعاً وكِسَراً، واحِدُها جَذٌّ‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أصُولُ بِيدٍ جَذَّاء> أي مقطُوعة، كنَى به عن قُصور أصحابه وتَقاعُدِهِم عن الغَزْوِ، فإنَّ الجُنْد للأَمير كاليَدِ، وَيُرْوَى بالحاء المهملة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أنس <أنه كان يأكل جَذيذَة قبْل أن يَغْدُوَ في حاجَتِه> أراد شَرْبَةً من سَويق أو نحو ذلك، سُمّيْت به لأنها تُجَذْ‏:‏ أي تُدَقُّ وتُطْحَن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أنه أمر نَوْفاً البِكَالِيَّ أن يأخذ من مِزْوَدِه جَذِيذاً>‏.‏وحديثه الآخر <رأيت عليًّا رضي اللّه عنه يَشْرب جَذِيذاً حين أفْطَر>‏.‏

‏{‏جذر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الزبير رضي اللّه عنه‏:‏ احْبِس الماء حَتَّى يَبْلُغ الجَذْر> يُريد مَبْلَغ تَمام الشُّرب، من جَذْر الحِساب، وهُو بالفتح والكَسْر‏:‏ أصْل كُلّ شيء‏.‏ وقيل أراد أصل الحائط‏.‏ والمحفُوظ بالدال المهملة‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث حذيفة <نَزلَت الأمانة في جَذْر قُلوب الرّجال> أي في أصْلها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث عائشة رضي اللّه عنها <سألْتُه عن الجَذْر قال: هو الشَّاذَرْوَانُ الفارغ من البنَاء حَوْل الكعبة>‏.‏

‏{‏جذع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث المَبْعَث <أنَّ وَرَقة بنَ نَوْفَل قال: يا لَيْتَنِي فيها جَذَعاً> الضَّمير في فيها للنُّبُوّة‏:‏ أي يا ليْتَني كنْتُ شابًّا عند ظُهُورها، حتى أبَالِغ في نُصْرَتِها وحِمَايَتِها‏.‏ وجَذَعاً منْصُوب على الحال من الضَّمير في فيها؛ تقديرُه ليْتَني مُسْتِقِرٌّ فيَها جَذَعا‏:‏ أي شابًّا‏.‏ وقيل هو منصوب بإضمار كَانَ، وضُعّف ذلك؛ لأن كان النَّاقصةَ لا تُضْمر إلا إذا كان في الكلام لَفْظٌ ظاهر يَقْتَضيها، كقولهم‏:‏ إنْ خَيْراً فَخيرٌ، وإن شَرًّا فَشَرٌّ؛ لأنَّ إنْ تَقْتضِي الفعلَ بشَرْطيَّتِها‏.‏ وأصْل الجَذَع من أسْنان الدَّوابّ، وهو ما كان منها شابًّا فَتِيًّا، فهو من الإبل ما دخل في السَّنَة الخامسة، ومن البَقر والمَعْز ما دخل في السَّنَة الثَّانية، وقيل البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تَمَّت له سَنَةٌ، وقيل أقَل منها‏.‏ ومنهم من يُخالِف بَعْضَ هذا في التَّقدير‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ ومنه حديث الضَّحِيَّة <ضَحَّيْنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالجَذَع من الضَّأن، والثّنِيّ من المَعْز> وقد تكرر الجَذَع في الحديث‏.‏

‏{‏جذعم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي رضي اللّه عنه <أسْلَم أبو بكر وأنَا جَذْعَمَةٌ> وفي رواية <أسْلَمْتُ وأنا جَذْعَمة> أرادَ وأنا جَذَع‏:‏ أي حَدِيث السّنّ، فزاده في آخره مِيماً توكِيداً، كما قالوا زُرْقم وسُتْهُم ‏(‏للأزرق، ولعظيم الاست‏.‏ ‏(‏اللسان - جذع>، والهاء للمبالغة‏.‏‏{‏جذل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يُبْصر أحَدُكم القَذَى في عَين أخيه، ولا يُبْصر الْجِذْل في عَيْنه> الجِذل بالكسر والفَتْح‏:‏ أصلُ الشَّجرة يُقْطع، وقد يُجْعل العُود جِذْلاً‏.‏

ومنه حديث التَّوْبَة <ثم مَرَّت بِجِذل شجَرة فتَعَلَّق به زِمَامُها>‏.‏

وحديث سفينة <أنه أشاط دَم جَزُور بِجِذْل> أي بعود‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث السقيفة <أنا جُذَيْلُها المُحَكَّك> هو تَصْغِير جِذْل، وهو العُود الذي يُنْصَب للإبل الجَرْبَى لتَحْتَكَّ به، وهو تَصْغِير تَعْظِيم‏:‏ أي أنا ممَّن يُسْتَشْفى برأيه كما تَسْتَشْفى الإبلُ الجَرْبَى بالاحْتِكاك بهذا العُود‏.‏

‏{‏جذم‏}‏ * فيه <من تَعَلَّم القرآن ثم نَسِيَه لَقِي اللّه يوم القيامة وهو أجْذَمُ> أي مَقطوع اليَدِ، من الجَذْم‏:‏ القَطْع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <من نَكَث بَيْعتَه لَقي اللّهَ وهو أجْذَم لَيْسَت له يَدٌ> قال القتيبي‏:‏ الأجْذَم ها هنا الذي ذهَبَتْ أعضاؤه كلُّها، وليْسَت اليَدُ أوْلَى بالعُقُوبة من باقي الأعضاء‏.‏ يُقال‏:‏ رجُل أجْذَمُ ومَجْذُومٌ إذا تَهافَتَتْ أطْرافُه من الجُذَام، وهو الدَّاء المَعْروف‏.‏ قال الجوهري‏:‏ لا يُقال للمَجْذُوم أجْذَم‏.‏ وقال ابن الأنباري رَدًّا على ابن قُتَيْبَة‏:‏ لو كان العِقَاب لا يَقَع إلاَّ بالجَارِحَة الَّتي باشَرَت المعْصِية لما عُوقب الزَّانِي بالجَلْد والرَّجْم في الدُّنيا، وبالنَّار في الآخرة‏.‏ وقال ابن الأنباري‏:‏ معنَى الحديث أنه لَقِيَ اللّه وهو أجْذَم الحُجَّةِ، لاَ لِسَان له يَتَكَلَّم، ولا حُجَّة في يَدِه‏.‏ وقَولُ علي رضي اللّه عنه‏:‏ ليْسَت له يَدٌ‏:‏ أي لا حُجَّة له‏.‏ وقيل معناه لَقِيَه مُنْقَطِعَ السَّبب، يَدلُّ عليه قوله‏:‏ القرآن سَبَيٌ بِيَدِ اللّه وسَبَبٌ بأيديكم، فمن نَسِي فقد قَطع سَبَبَه‏.‏ وقال الخطابي‏:‏ معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابي، وهو أن من نَسِي القرآن لَقِي اللّه خَالِيَ اليدِ من الخَيْر صِفْرَها من الثَّواب، فكنَى باليَدِ عمَّا تحْوِيه وتَشْتَمل عليه من الخير قلت‏:‏ وفي تَخْصِيص عليّ بذِكْر اليَدِ مَعْنًى ليس في حديث نسْيان القرآن، لأن البَيْعة تُباشرُها اليَدُ من بَيْن الأعضاء، وهُو أن يَضَع المبايع يدَه في يد الإمام عنْد عَقْد البَيْعة وأخْذِها عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كل خُطْبَة ليْسَت فيها شهادة فهي كاليَدِ الجَذْمَاء> أي المقْطُوعة‏.‏

ومنه حديث قتادة في قوله تعالى <والرَّكْبُ أسفلَ منكم> قال <انْجَذَم ابو سُفيان بالْعِير> أي انْقَطع بها من الرَّكْب وسَار

‏(‏س‏)‏ وحديث زيد بن ثابت <أنه كتَب إلى معاوية: إن أهْل المدينة طَالَ عليهم الجَذْم والجَذْب> أي انْقِطاع المِيرة عَنْهم‏.‏

وفيه <أنه قال لِمَجْذُوم في وفد ثَقِيف: ارْجِعْ فَقد بَايَعْتُكَ> المجْذوم‏:‏ الذي أصابه الجُذَام، وهو الدَّاء المعروف، كأنه من جُذِم فهو مَجْذُوم‏.‏ وإنَّما رَدّه النبي صلى اللّه عليه وسلم لِئلاّ يَنْظُر أصحابُه إليه فيَزْدَرُونه ويَروْن لأنْفُسِهم عليه فَضْلا فيَدْخُلهم العُجْب والزَّهْو، أوْ لِئلاَّ يَحْزَن المجذُوم برُؤية النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه رضي اللّه عنهم، وما فَضَلُوا به عليه، فيَقلُّ شُكْره عَلَى بلاَء اللّه تعالى‏.‏ وقيل لأن الجذام من الأمراض المُعْدِيه، وكانت العرب تتطير منه وتَتَجَنَّبُه، فردَّه لذلك، أو لئلا يَعْرِض لأحَدِهم جُذام فيَظُنَّ أن ذلك قد أعْدَاه‏.‏ ويَعْضُد ذلك‏:‏

الحديث الآخر <أنه أخَذ بيدِ مَجْذوم فوَضَعها مع يده في القَصْعة، وقال: كُلْ ثِقَةً باللّه وتَوَكُّلا عليه> وإنما فَعل ذلك لِيُعْلِم النَّاسَ أن شيئا من ذلك لا يكون إلا بتَقْدير اللّه تعالى، وَرَدّ الأوَّل لئلا يأَثم فيه الناسُ، فإنَّ يَقينَهم يقصُر عن يَقينه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لا تُديموا النَّظر إلَى المجْذُومين> لأنه إذا أدَام النَّظَر إليه حَقَره، وَرأى لنَفْسه فَضْلا وَتأذَّى به المَنْظُور إليه‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أرْبَع لا يَجُزْنَ في البَيْع ولا النّكاح: المجْنُونة، والمَجْذُومَة، والبَرْصَاء، والعَفْلاَء.

(ه) وفي حديث الأذان <فَعَلاَ جِذْم حَائط فأذَّنَ> الجِذْم‏:‏ الأصْل، أَراد بَقِيَّة حائط أو قِطْعَة من حائط‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث حاطِب <لم يَكُن رجُل من قُريش إلاَّ وَلَه جِذْم بمكة> يُريد الأهْلَ والعَشِيرة‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <أنه أتِيَ بتَمْر من تَمْر اليَمامة، فقال: ما هذا؟ فَقِيل: الجُذَامِيّث، فَقال اللّهم بارك في الْجُذَاميّ> قِيل هُو تَمْر أحْمَر اللَّون‏.‏

‏{‏جذا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <مَثَل المُنَافِق كالأرْزَة المُجْذِيَة> هي الثَّابتَة المُنْتَصبَة‏.‏ يقال جَذَتْ تَجْذُو، وأجْذَتْ تُجْذِي‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <فَجَذا على رُكْبَتَيْه> أي جَثَا، إلاَّ أنَّه بالذَال أدَلُّ على اللُّزوم والثُّبُوت منْه بالثَّاء‏.‏

ومنه حديث فَضالة <دخَلْت على عبد الملك بن مروَانَ وقد جَذَا مِنْخَراه وشَخَصَتْ عَيْناه، فعَرفْنا فيه الموتَ> أي انْتَصَب وامْتدَّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <مَرَّ بقَوْم يُجْذُون حَجَراً> أي يَشِيلُونه ويَرْفَعُونه‏.‏ ويُرْوَى <وهم يَتَجاذَوْن مِهْرَاساً> المهراس‏:‏ الحجر العظِيم الذي تُمْتَحنُ برفْعِه قُوّةُ الرَّجُل وشدَّته‏.‏

 باب الجيم مع الراء

‏{‏جرأ‏}‏ * في حديث الزبير رضي اللّه عنهما وبنَاءِ الكعبة <تَركَها، حتى إذا كان الموْسِم وقَدِم الناس يريد أن يُجَرّئهم على أهْل الشَّام> هُو من الجَرَاءة‏:‏ الإقْدَام على الشيء، أراد أنْ يَزِيد في جَرَاءتِهم عليهم ومُطالَبَتهم بإحْراق الكعبة‏.‏ ويُروى بالحاء المهملة والباء، وسَيُذكر في موضعه‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <قال فيه ابنُ عمر: لكنَّه اجْتَرأ وَجَبُنَّا> يُريد أنَّه أقْدَم على الإكْثار من الحديث عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، وجَبُنَّا نَحْن عنه، فكَثُر حَدِيثه وقَلَّ حَدِيثُنا‏.‏

ومنه الحديث <وقومُه جُرَآء عليه> بوَزْن عُلَماء، جَمْع جَرِيء‏:‏ أي مُتَسَلّطِين عليه غَيرَ هائبين له‏.‏ هكذا رواه وشرحه بعضُ المتأخرين‏.‏ والمعروف حُرآء، بالحاء المهملة، وسيجيء‏.‏

‏{‏جرب‏}‏ * في حديث قُرّة المُزَنيّ <قال أتيتُ النبي صلّى اللّه عليه وسلم فأدْخَلْت يَدِي في جُرُبَّانه> الجُرُبَّان بالضم وتَشْديد الباء‏:‏ جَيْبُ القَميص، والألف والنُّون زائدتان‏.‏

ومنه الحديث <والسَّيف في جُرُبَّانِه> أي في غمْده‏.‏

وفيه ذِكر <جُراب> بضم الجيم وتخفيف الرَّاء بئر قَديمة كانت بمكة‏.‏

وفي حديث الحوض <ما بَيْن جَنْبَيه كما بَيْن جَرْبَاء وأذْرُح> هما قريتان بالشَّام بينَهُما ثلاث ليَالٍ، وكتب لهما النبي صلّى اللّه عليه وسلم أمَاناً، فأمَّا جَرْبة بالهاء، فَقَرْية بالمغْرِب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع بن ثابت‏.‏

‏{‏جرث‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <أنه أباح أكل الجِرِّيث> وفي رواية أنه كان يَنْهَى عنه، هُو نَوْع من السَّمك يُشْبه الحيَّات‏.‏ ويقال له بالفارِسِية‏:‏ الْمَارْمَاهِي‏.‏

‏{‏جرثم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الأسْدُ جُرْثومة العَرب، فمن أضَلَّ نَسبَه فَلْيأتهم> الأسْد بسكون السّين‏:‏ الأزْدُ، فأبدل الزَّاي سينا‏.‏ والجرْثومَة‏:‏ الأصل‏.‏وفي حديث آخر <تَميم بُرْثُمَتُها وجُرْثُومَتُها> الجُرثُمة‏:‏ هي الجُرْثومة، وجمْعُها جَراثيم‏.‏‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <مَنْ سَرَّه أن يَتقَحَّم جَراثيم جَهَنم فَلْيقْضِ في الجَدِّ>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث ابن الزبير <لما أراد هَدْم الكعبة وبِنَاءَها كانت في المسجد جَراثيم> أي كان فيه أماكِنُ مُرْتفِعةٌ عن الأرض مُجتَمِعةٌ من تراب أو طين، أراد أنّ أرْضَ المسْجد لم تكن مُسْتَوِية‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث خزيمة <وعَادَ لَها النِّقَادُ مُجْرَنْثِماً> أي مُجْتًمِعاً مُنْقَبضاً‏.‏ والنِّقَادُ‏:‏ صِغار الغَنَم، وإنَّما تَجمَّعَت من الْجَدْب لأنها لم تَجدْ مَرْعًى تَنْتَشِر فيه، وإنَّما لم يَقُل مُجْرَنْثِمَةً لأنّ لفظ النّقَادِ لَفْظ الاسم الواحد، كالجِدَارِ والخِمَار‏.‏ ويُروَى مُتَجَرْثِماً، وهو مُتَفَعْلِلٌ منه، والتَّاء والنُّون فيه زائدتان‏.‏

‏{‏جرج‏}‏ * في مناقب الأنصار <وقُتِلَتْ سَرَواتُهم وجَرِجُوا> هكذا رواه بعضهم بجِيمَيْن، من الجَرج‏:‏ الاضْطِرَاب والقَلَق‏.‏ يقال جَرِجَ الخَاتَم إذا جَال وقَلِقَ، والمشهور في الرواية جُرِحُوا بالجيم والحاء، من الجراحة‏.‏

‏{‏جرجر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الذي يَشْرب في إنَاء الذَّهَب والفِضَّة إنما يُجَرْجِر في بَطْنِه نارَ جهَنم> أي يُحْدِر فيها نار جهنم، فجعل الشُّرب والجَرْع جَرْجَرة، وهي صَوْت وُقُوع الماء في الجَوف‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ يُروى برَفْع النار، والأكثر النَّصْب، وهذا القَول مَجاز، لأنّ نار جهنم على الحقيقة لا تُجَرْجِرُ في جَوْفِه، والجَرْجَرة‏:‏ صَوْت البَعير عند الضَّجر، ولكِنَّه جَعل صَوت جَرْع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة - لِوُقُوع النَّهْيِ عنها واسْتِحْقاق العقاب على استِعْمالها - كجَرْجَرة نار جهنم في بطْنِه من طَرِيق المجاز؛ هذا وجْهُ رفْع النار‏.‏ ويكون قد ذكر يُجَرْجرُ بالياء للفصْل بيْنَه وبَيْن النار‏.‏ فأمَّا على النَّصْب فالشَّارِب هو الفاعِل، والنَّار مفعولة، يُقال جَرْجَر فلان الْماء إذا جرعَه جَرْعاً مُتَواتِراً له صَوْت‏.‏ فالمعْنى كأنَّما يَجْرَع نار جهنم‏.‏

ومنه حديث الحسن <يَأتِي الْحُبَّ فَيَكْتَازُ مِنْه ثم يُجَرْجِرُ قائما> أي يَغْتَرِف بالكُوز من الْحُبّ، ثم يَشْرَبه وهو قائم‏.‏

والحديث الآخر <قوْم يَقْرأون القرآن لا يُجاوز جَرَاجرَهم> أي حُلُوقَهم، سَمَّاها جَراجرَ لِجرْجَرة الماء‏.‏

‏{‏جرجم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قتادة، وذكر قصَّة قوم لُوط <ثم جَرْجَم بَعْضها على بعض> أي أسْقَط‏.‏ والمُجَرْجَم‏:‏ المَصْرُوع‏.‏

ومنه حديث وهب <قال: قال طالُوتُ لداود عليه السلام: أنت رجُل جَريء، وفي جِبَالِنَا هذه جَراجِمَة (في الدر النثير: <وروي بالحاء أوله. وهو تصحيف>‏.‏ وانظر <حرج> فيما يأتي‏)‏ يَحْتَرِبُون النَّاس> أي لُصُوص يَسْتَلبُون الناس ويَنْهَبُونَهم‏.‏

‏{‏جرح‏}‏ * فيه <العَجْمَاء جَرْحُها جُبَار> الجَرْح ها هنا بفَتْح الجيم على المصْدَر لاَ غير، قاله الأزهري‏:‏ فأما الجُرْح بالضم فهُو الاسْم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث بعض التابعين <كثُرت هذه الأحاديث واسْتجْرحَت> أي فسَدت وقَلَّ صِحَاحُها، وهو اسْتَفْعل، من جَرَح الشَّاهدَ إذا طَعَن فيه وردّ قوله‏.‏ أراد أنّ الأحاديث كَثُرتْ حتى أحْوَجَت أهلَ العلم بها إلى جَرْح بعض رُواتها ورَدّ روَايته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ قول عبد الملك بن مروان <وعَظْتُكُم فلَم تزْدَادُوا على الموْعِظة إلا اسْتِخْرَاجاً> أي إلاَّ ما يُكْسِبُكم الجَرْح والطَّعْن عليكم‏.‏

‏{‏جرد‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في صفته صلى اللّه عليه وسلم <أنه كان أنْور المُتَجَرَّد> أي ما جُرّد عنه الثّيابُ من جسَده وكُشِف، يُريد أنه كان مُشْرِقَ الجَسد‏.‏

وفي صفته أيضا <أنه أجْردُ ذُو مَسْرُبَة> الأجْرَد الذي ليس على بَدَنه شَعَر، ولم يكن كذلك، وإنَّما أراد به أنّ الشَّعَر كان في أماكن من بدنه، كالمسْرُبة، والساعِدَين، والسَّاقَين، فإنّ ضِدّ الأجْرَد الأشْعَرُ، وهو الذي على جميع بدَنه شَعَرٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أهل الجنة جُرْد مُرْد>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث أنس رضي اللّه عنه <أنه أخْرَج نَعْلَين جَرْدَاوَيْن، فقال: هَاتَان نَعْلاَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم> أي لا شَعَر عليهما‏.‏

وفيه <القُلوب أربعة: قلْب أجْرَدُ فيه مثل السراج يُزْهر> أي ليس فيه غلٌّ ولا غشٌّ، فهو على أصل الفطْرة، فُنور الإيمان فيه يُزْهر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <تجَرَّدُوا بالحج وإن لم تُحْرِمُوا> أي تَشَبَّهُوا بالحاجّ وإن لم تكونوا حُجَّاجاً‏.‏ وقيل يُقال‏:‏ تجَرَّد فُلانٌ إذا أفْرَده ولم يَقْرِن ‏(‏في الدر النثير‏:‏ <قلت: لم يحك ابن الجوزي والزمخشري سواه، قال في الفائق: أي جيئوا بالحج مجرداً مفرداً، وإن لم تقرنوا الإحرام بالعمرة>‏.‏ انظر الفائق ‏(‏جرد>‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <جَرّدوا القُرآن ليَرْبُوَ فيه صغيركم ولا يَنأى عنه كبيرُكم> أي لا تقْرنوا به شيئا من الأحاديث ليكون وحده مُفْرَدا‏.‏ وقيل‏:‏ أراد أن لا يتعلَّموا من من كُتب اللّه شيئاً سِوَاه‏.‏ وقيل أراد جَرّدوه من النقّضطْ والإعْراب وما أشْبَههُما‏.‏ والام في لِيَرْبُوَ من صِلَة جَرّدوا‏.‏ والمعنى اجْعَلوا القرآن لهذا، وخُصُّوه به واقْصروه عليه دُون النّسْيان والإعْراض عنه، ليَنْشأ على تَعَلّمه صغارُكم، ولا يَتَباعد عن تِلاوَته تَدَبُّرِه كِبارُكم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشُّرَاة <فإذا ظَهَروا بَيْن النَّهْرَين لم يُطَاقُوا، ثم يَقِلُّون حتى يكون آخرهم لُصُوصا جَرّادين> أي يُعْرون الناس ثيابَهُم ويَنْهَبُونها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الحجاج <قال لأنس: لأجَرِّدَنَّك كما يُجَرَّد الضَّبُّ> أي لأسْلُخَنك سَلْخ الضَّبّ؛ لأنه إذا شُوِي جُرِّد من جِلْده‏.‏ ورُوي <لأجْرُدَنَّك> بتخفيف الرَّاء‏.‏ والجَرْدُ‏:‏ أخذُ الشيء عن الشَّيء جَرْفا وعَسْفاً‏.‏ ومنه سُمّي الجارُود، وهي السّنَة الشّديدة المَحْل؛ كأنَّها تُهلِك النَّاس‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <وبها سَرْحَة سُرَّ تَحْتها سبعون نَبِيًّا لم تُعْبَلْ ولم تُجَرِّد> أي لم تُصِبْها آفة تُهلِك ثَمرتها ولا وَرقها‏.‏ وقِيل هُو من قَولهم جُرِدَت الأرض فهي مَجْرُودة‏:‏ إذا أكلها الجَراد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <ليسَ عِندنا من مال المسْلمين إلاَّ جَرْدُ هذه القَطِيفة> أي التي انْجَرد خَمْلُها وخَلَقَت‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <قالت لها امرأة: رأيت أمِّي في المنام وفي يَدها شَحْمة، وعلى فَرْجها جُرَيْدَة> تَصغير جَرْدَة، وهي الخِرْقة البَالية‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <إثْنِي بِجَريدة> الجَريدة‏:‏ السَّعَفَة، وجَمْعُها جَرِيدٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كُتِب القرآن في جَرائدَ> جَمْع جَرِيدَة‏.‏وفي حديث أبي موسى رضي اللّه عنه <وكانت فيها أجَارِدُ أمْسكَت الْمَاء> أي مَواضِعُ مُنْجَرِدَة من النَّبات‏.‏ يُقال‏:‏ مكان أجْرَدُ وأرض جَرْدَاء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <تَفْتَح الأرْياف فيَخْرج إليها الناس، ثم يَبْعَثُون إلى أهَاليهم: إنكم في أرْض جَرَدِيَّة> قيل هي مَنسُوبة إلى الجَرَد - بالتَّحريك - وهي كل أرض لا نبَات بها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن حَدْرَد <فرمَيْتُه على جُرَيْدَاء مَتْنه> أي وَشَطه، وهو موضع القَفا المُتجَرّد عن اللحْم، تَصْغير الجَرْدَاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي قصة أبي رِغال <فَغنَّتْه الجَرَدَتَان> هُما مُغَنّيَتان كانتَا بمكة في الزَّمن الأوّل مشهورتان بحُسْن الصَّوت والغِنَاء‏.‏

‏{‏جرذ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ ذكْر <أمّ جُرْذَان> هُو نَوْع من التَّمرِ كبَار‏.‏ قيل‏:‏ إنّ نَخْله يَجْتَمع تَحْته الفَأْر، وهو الذي يُسَمَّى بالكُوفة المُوشان، يَعْنُون الفَارَ بالْفارِسيَّة‏.‏ والجُرْذَانُ جمع جُرَذ‏:‏ وهو الذَّكَر الكبير من الْفَأر‏.‏

‏{‏جرر‏}‏ * فيه <قال يا محمدُ بِمَ أخَذْتَني؟ قال: بِجَرِيرة حُلَفَائك> الجَرِيرة‏:‏ الجِنَاية والذَّنْب، وذلك أنه كان بَيْن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين ثَقِيف مُوَادعَة، فلما نَقَضُوها ولم يُنْكِر عليهم بَنو عقيل، وكانوا معهم في العهد، صاروا مثْلَهم في نَقْض العهد، فأخَذ بِجَريرَتِهم‏.‏ وقيل معناه أُخِذْت لتُدْفع بك جَرِيرة حُلَفائك من ثَقِيف، ويَدُل عليه أنه فُدِي بَعْدُ بالرجُلَين اللَّذين أسَرَتْهُما ثَقِيف من المسْلمين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث لَقيط <ثم بايَعه على أن لا يَجُرّ إلاّ نفْسَه> أي لا يُؤخَذ بِجَريرة غيره من وَلد أوْ وَالد أو عَشِيرة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <لا تُجَارّ أخاك ولا تُشَارِّه> أي لا تَجنِ عليه وتُلْحِق به جَرِيرة، وقيل معناه لا تُماطلْه، من الجَرِّ وهو أن تَلْوِيَه بحقّهِ وتَجُرَّه من مَحلّه إلى وَقت آخر‏.‏ ويُروى بتخفيف الراء، من الجَرْي والمُسابَقة‏:‏ أي لا تُطاوِلْه ولا تُغَالِبْه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد اللّه <قال طعَنْتُ مُسَيلمة ومَشَى في الرمح، فناداني رجل: أن اجْرِرْه الرُّمْح، فلم أفهم. فنادَاني: ألْقِ الرمح من يَديْك> أي اتْرُك الرمح فيه‏.‏ يقال أجْرَرْتُه الرمحَ إذا طَعَنْتَه به فَمشى وهو يَجُرّه، كأنك أنت جعلْته يَجُرّه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أجِرَّ لي سراويلي> قال الأزهري‏:‏ هُو من أجْرَرْتُه رسَنَه‏:‏ أي دَع السَّراويل عليّ أجُرّه‏.‏ والحديث الأوَّل أظهرَ فيه الإدغام على لغة أهل الحجاز، وهذا أدْغَم على لغة غيرهم‏.‏ ويجوز أن يكون لَمَّا سَلبه ثيابَه وأراد أن يأخُذ سَرَاوِيله قال‏:‏ أجِرْ لي سراويلي، من الإجَارة، أي أبْقِه عليَّ، فيكون من غير هذا الباب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لا صَدقةَ في الإِبل الجَارَّة> أي التي تُجرّ بأزِمَّتها وتُقَاد، فاعلة بمعنى مفعولة، كأرضٍ غامِرة‏:‏ أي مَغْمورة بالماء، أراد ليْس في الإبل العَوامل صَدَقة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه شهد الفتح ومعه فَرس حَرُون وجمل جَرُورٌ> هو الذي لا يَنْقاد، فعُول بمعنى مفعول‏.‏

وفيه <لَوْلا أن يَغْلبكم الناس عليها - يعني زَمْزَم - لنزَعْتُ معكم حتَّى يُؤثِّر الجَرِيرُ بِظهْرِي> الجَرِير‏:‏ حَبْل من أدَمٍ نحو الزّمام، ويُطْلَق على غيره من الحِبال المَضْفورة‏.‏

ومنه الحديث <ما من عَبْد ينَام بالليل إلاَّ عَلى رأسه جَرِير مَعْقُود>‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <أنه قال له نُقادة الأسدي: إنّي رَجُل مُغْفِل فأيْن أسِمُ؟ قال: في مَوْضع الجَرير من السَّلِفة> أي في مُقَدَّم صَفحة العُنُق‏.‏ والمُغْفِل الذي لا وَسْم على إبله‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <أنَّ الصحابة نازعُوا جَرِير بْنَ عبد اللّه رضي اللّه عنهم زِمَامه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: خَلُّوا بَيْن جَرِير والْجَرِير> أي دَعُوا لَه زِمَامه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <من أصبح على غير وِتر أصبح وعلى رأسه جَرِيرٌ سَبْعون ذراعا>‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <أن رجُلا كان يَجُرُّ الجَرِير فأصَاب صاعَيْن من تَمْر، فتَصدَّق بأحدهما> يُريد أنه كان يَسْتَقي الماء بالحَبْل‏.‏

وفيه <هَلُمَّ جَرًّا> قد جاءتْ في غير موْضع، ومعناها اسْتدامة الأمْر واتّصَاله‏.‏ يقال كان ذلك عام كذا وهَلُمَّ جَرًّا إلى اليَوْم، وأصله من الجَرّ‏:‏ السَّحْب‏.‏ وانْتَصَب جَرًّا عَلَى المَصْدر أو الحَال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <قالت: نَصبْت على باب حُجْرَتي عَبَاءة، وعَلَى مَجرِّ بَيْتي سِتْرا> الْمَجَرُّ هُو الموْضع المُعْترِض في البَيْت الذي تُوضَع عليه أطراف العَوارِض، ويسَمَّى الجائز‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <المَجَرّة بابُ السماء> المجَرَّة‏:‏ هي البيَاض المعْتَرِض في السماء، والنَّسْرَان من جَانِبيْها‏.‏

وفيه <أنه خَطب على نَاقته وهي تَقْصَع بجِرَّتِها> الجِرَّة‏:‏ ما يُخْرِجه البعير من بطْنِهِ ليَمضُغَه ثم يَبْلَعه‏.‏ يقال‏:‏ اجْتَر البعير يَجْترُّ‏.‏ والقَصْع‏:‏ شدَّة المضْغ‏.‏

ومنه حديث أم معبد <فضَرب ظَهْر الشَّاة فاجْتَرَّت ودَرَّت>‏.‏ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <لا يصْلح هذا الأمرُ إلا لمن لا يَحْنِق على جِرَّته> أي لا يَحْقد على رعيَّتِه‏.‏ فضَرب الجِرَّة لذلك مَثَلا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الشُّبْرُم <أنه حارٌّ جارٌّ>‏:‏ جار إتْباع لحارّ، ومنهم من يَرْوِيه بَارّ، وهو إتْبَاع أيضا‏.‏

وفي حديث الأشربة <أنه نهى عن نبيذ الجَرّ، وفي رواية، نبيذ الجرَار> الجرُّ والجِرَارُ‏:‏ جمع جَرَّة، وهو الإناء المعروف من الفَخَّار، وأراد بالنَّهي عن الجِرَار المدْهونة؛ لأنها أسْرَع في الشّدَّة والتَّخْمِير‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عبد الرحمن <رأيته يَوْم أحُدٍ عنْد جَرِّ الجبل> أي أسْفَله‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أنه سُئل عن أكل الجِرِّيّ، فقال: إنما هو شيء تُحَرّمه اليهود> الجرّيُّ‏:‏ بالكسر والتشديد‏:‏ نَوع من السَّمك يُشْبه الحيَّة، ويُسَمَّى بالفارسية‏:‏ مَارْمَاهِي‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أنه كان يَنْهَى عن أكلِ الْجِرّيّ والجِرِّيث>‏.‏

وفيه <أن امرأة دخلت النار من جَرَّا هِرَّة> أي من أجْلها‏.‏

‏{‏جرز‏}‏ * فيه <أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيْنا هو يَسِير على أرض جُرُزٍ مُجْدِبَة مثل الأيّم> الجرز‏:‏ الأرض التي لا نبات بها ولا ماء‏.‏

ومنه حديث الحجاج، وذكر الأرض، ثم قال <لتُوجَدَنَّ جُرُزاً لا يَبْقى عليها من الحيوان أحدٌ>‏.‏

‏{‏جرس‏}‏ * فيه <جَرستْ نحْلُه العُرْفُطَ> أي أكلت‏.‏ يقال للنَّحْل‏:‏ الجوارِس‏.‏ والْجَرْسُ في الأصل‏:‏ الصَّوت الخَفِيُّ‏.‏ والعُرْفُط شجر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فيسمعُون صوت جَرْس طَير الجَنَّة> أي صوت أكلها، قال الأصمعي‏:‏ كنت في مجلس شُعْبة، فقال‏:‏ يسمعون صَوْتَ جرش طير الجنة، بالشين، فقلت‏:‏ جَرْس، فنظر إليّ وقال‏:‏ خُذُوها عنه فإنه أعْلم بهذا منَّا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فأقبل القوم يَدِبُّون ويُخْفُون الجَرْسَ> أي الصَّوت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سعيد بن جُبير، في صِفة الصَّلْصَال، قال <أرْضٌ خِصْبة جَرِسَة> الجرِسة‏:‏ الَّتي تُصَوِّت إذا حُركت وقُلبت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم <وكانت ناقةً مجَرَّسَة> أي مُجَرَّبة مُدَرَّبة في الركوب والسير‏.‏ والمجرَّسُ من الناس‏:‏ الذي قد جَرَّب الأمور وخَبرها‏.‏‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <قال له طلحة: قد جَرَّسَتك الدُّهُور> أي حَنكَتْك وأحْكَمتْك، وجعلتك خبيراً بالأمور مُجَرّبا‏.‏ ويروى بالشين المعجمة بمعناه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لا تَصْحَب الملائكةُ رُفقَةً فيها جَرَس> هو الجُلْجُل الذي يُعلَّق على الدَّوابّ، قيل إنما كَرِهَه لأنه يَدُلُّ على أصحابه بِصَوْته‏.‏ وكان عليه السلام يحبُّ أن لا يَعْلم العدوّ به حتى يأتيهم فجأة‏.‏ وقيل غير ذلك‏.‏

‏{‏جرش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <لَوْ رَأيتُ الوُعُول تَجْرُش ما بين لابَتَيْها ما هِجْتُها> يعني المدينة‏.‏ الجرْشُ‏:‏ صَوْت يحصل من أكل الشيء الخَشِن، أرادَ لَوْ رأيتُها تَرْعَى ما تَعَرَّضْتُ لها، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم حرّم صَيْدها‏.‏ وقيل هو بالسين المهملة بمعناه‏.‏ ويُروَى بالخاء والشين المعَجمَتين، وسيأتي في بابه إن شاء اللّه تعالى‏.‏

وفيه ذِكر <جُرَش> هو بضم الجيم وفتح الراء‏:‏ مِخْلاف من مخَاليف اليمن‏.‏ وهو بفَتْحهما‏:‏ بلد بالشام، ولهما ذكر في الحديث‏.‏‏{‏جرض‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <هل يَنْتَظر أهل بضَاضَة الشَّباب إلاَّ عَلَز القَلق وغَصَصَ الجرَض> الجرَض بالتحريك‏:‏ أن تَبْلُغ الرُّوحُ الحلْق، والإنسان جَريض‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏جرع‏}‏ * في حديث المقداد رضي اللّه عنه <مَا بِه حاجَة إلى هَذهِ الجُرْعَة> تروى بالضم والفتح، فالضَّمُّ‏:‏ الاسم من الشُّرب الْيَسِير، والفتح‏:‏ المرَّة الواحدة منه‏.‏ والضم أشْبَه بالحديث‏.‏ ويروى بالزاي وسيجيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحسن بن علي رضي اللّه عنهما <وقيل له في يَوم حارّ: تَجرَّع فقال: إنما يَتَجَرّع أهل النَّار> التَّجرُّع‏:‏ شرْبٌ في عَجلة‏.‏ وقيل هو الشُّرب قليلا قليلا، أشار به إلى قوله تعالى <يتجرَّعُه ولا يكادُ يُسيغُه>‏.‏

وفي حديث عطاء <قال قلت للوليد: قال عمر وَدْدْت أنّي نَجَوْت كَفَافاً فقال: كذَبْتَ، فَقُلْت: أوَ كُذّبْتُ؟ فأفْلتُّ منه بِجُرَيْعَة الذَّقَن> الجُرَيْعَةُ تَصْغِير الْجُرْعَةِ، وهو آخِر ما يَخْرُج من النَّفْس عند الموت، يعني أفلتُّ على الهلاك، أي أنه كان قَرِيباً من الهلاك كقُرْب الجُرْعة من الذَّقَن‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي قصة العباس بن مِرداس وشعره‏.‏وكَرّي على الُهْر بالْأَجْرَعِ*

الأجْرَع‏:‏ المكان الواسع الذي فيه حُزُونَة وخُشُونة‏.‏

وفي حديث قس <بَيْن صُدُور جِرْعَان> هُو بكسْر الجيم‏:‏ جمع جرَعَة بفتح الجيم والراء، وهي الرَّمْلة التي لا تُنْبِت شيئاً ولا تُمسْك ماء‏.‏

ومنه حديث حذيفة <جِئت يوم الجَرَعة فإذا رجُل جالس> أراد بها ها هنا اسْم مَوْضع بالكُوفة كان به فِتْنة في زمن عثمان بن عفَّان رضي اللّه عنه‏.‏

‏{‏جرف‏}‏ * في حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <أنه كان يَسْتَعْرض الناس بالجُرْف> هو اسْم مَوضع قريب من المدينة، وأصْلُه ما تَجْرُفُه السُّيول من الأوْدية‏.‏ والجَرْف‏:‏ أخْذُكَ الشيءَ عن وجْه الأرض بالْمِجْرفة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث ذِكْر <الطَّاعون الجَارِف>، سُمّي جَارِفاً لأنه كان ذَرِيعاً، جَرف النَّاس كجرْف السَّيل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ليْسَ لابْن آدم إلاَّ بَيْتٌ يُكِنُّه، وثَوْبٌ يُوَارِيه، وجِرَفُ الخُبْز> أي كِسْرُه، الواحدة جِرْفة ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قلت‏:‏ زاد ابن الجوزي ضم الجيم في المفرد والجمع مع الراء واللام‏)‏ ويروى باللام بدل الراء ‏(‏قال في الدر النثير‏:‏ وفات المصنف مادة ‏(‏جرل‏)‏ وفي السير في غزوة الحديبية <سلك بهم طريقاً وعراً أجرل> أي كثير الحجارة، والجرل بفتحتين، والجرول‏:‏ الحجارة‏)‏‏.‏

‏{‏جرم‏}‏ * فيه <أعظم المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأل عن شيء لم يُحرّم فَحرِّم من أجل مسْألته> الجُرْم‏:‏ الذَّنب‏.‏ وقد جَرَم، واجْترم، وتجرّم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لا تَذْهَبُ مائةُ سَنَة وعلى الأرض عَيْن تَطْرِف، يريد تَجرُّم ذلك القَرْن>‏.‏ يقال تَجرَّم ذلك الْقَرن‏:‏ أي انْقَضى وانْصَرم‏.‏ وأصْلُه من الجَرْم‏:‏ القَطْع‏.‏ ويُروى بالخاء المعجمة من الخَرم‏:‏ القَطْع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث قيس بن عاصم <لا جَرَم لأفُلَّنَّ حَدّها> هذه كلمة تَرِد بمعْنى تَحْقِيق الشَّيء‏.‏ وقد اخْتُلف في تقديرها، فقِيل‏:‏ أصْلُها التَّبْرِئة بمعنى لا بُدَّ، ثم اسْتُعْمِلت في معْنى حَقًّا‏.‏ وقيل جَرَم بمعْنى كسَبَ‏.‏ وقيل بمعْنى وجَبَ وحُقَّ، و <لا> رَدٌّ لما قَبْلَها من الْكَلاَم، ثم يُبْتَدأ بها، كقوله تعالى <لا جَرَمَ أن لَهُم النارَ> أي ليس الأمرُ كَما قالوا، ثم ابْتَدَأ فقال‏:‏ وجَبَ لهم النَّار‏.‏ وقيل في قوله تعالى <لا يَجْرِمَنّكم شِقاقي> أي لا يَحْملَنَّكم ويَحْدُوكم‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

وفي حديث علي <اتقوا الصُّبْحة فإنها مَجْفَرة مَنْتَنَة لِلجِرْم> قال ثعلب‏:‏ الجِرْم‏:‏ البَدَن‏.‏

ومنه حديث بعضهم <كان حسَنَ الجِرْم> وقيل الجِرْم هُنا‏:‏ الصَّوْت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <والذي أخْرَج العِذْق من الجَرِيمة، والنَّار من الوثِيمَة> الجَرِيمَة‏:‏ النواة‏.‏

‏{‏جرمز‏}‏ * في حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كان يَجْمَع جَرامِيزَه ويَثِبُ على الفَرس> قيل هي اليدان والرِّجْلان، وقيل هي جُمْلة البَدن، وتَجَرْمَزَ إذا اجْتَمع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث المغيرة <لمَّا بُعِث إلى ذي الحاجبين قال: قالت لي نَفْسي لَوْ جَمَعْتَ جَرَامِيزَك فَوَثَبْتَ وقَعَدْتَ مع العِلْج>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث الشَّعْبِيّ، وقد بلَغَه عن عكْرمة فُتْيَا في طَلاق، فقال <جَرْمَزَ مَوْلَى ابن عباس> أي نكَص عن الجوَاب، وفرّ منه وانْقَبض عنه‏.‏

وحديث عيسى بن عمر <قال: أقْبَلْتُ مُجْرَمِّزاً حتى اقْعَنْبَيْتُ بين يَدَيِ الحسَن> أي تَجَمَّعْت وانقبضت‏.‏ والاقْعِنْبَاء‏:‏ الجلوس‏.‏

‏{‏جرن‏}‏ * فيه <أنّ ناقته عليه السلام تَلَحْلَحَتْ عند بَيْتِ أبي أيوب، وأرْزَمَتْ، ووَضعَت جِرَانَها> الجِرَان‏:‏ باطن العُنُق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <حتى ضرَب الحَقُّ بِجرَانه> أي قَرَّ قَرارُه واسْتَقام، كما أن البعير إذا برَك واسْتَراح مدّ عُنُقَه على الأرض‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحدود <لا قَطْع في ثَمر حتى يُؤوِيَه الجَرِينُ> هو موضع تَجْفيف التَّمْرِ، وهُوَ له كالبَيْدَر للحِنْطة، ويُجْمع على جُرُن بضَمَّتَين‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه أُبَيٍّ مع الغُول <أنه كان له جُرُنٌ من تَمْر>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث ابن سِيرين في المُحَاقَلة <كانوا يَشْتَرِطُون قُمَامَة الجُرُنِ> وقد جُمع جِرَانُ البَعير على جُرُن أيضا‏.‏

ومنه الحديث <فإذا جَملان يَصْرِفان، فَدَنا منهما فوَضعَا جُرُنَهُما على الأرض>‏.‏

‏{‏جرا‏}‏ * فيه <أنه صلى اللّه عليه وسلم أُتِيَ بقِنَاع جِرْو> الجِرْوُ‏:‏ صِغار القِثَّاء وقيل الرُّمَّان أيضا‏.‏ ويُجْمَع على أجْرٍ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <أنه أهْدِيَ له أَجْرٍ زُغْبٌ> الزُّغْبُ‏:‏ الذي زِئْبِرُه عليه ‏(‏الزئبر‏:‏ ما يعلو الثوب الجديد، مثل ما يعلو الخزّ‏.‏ الصحاح ‏(‏زبر>‏.‏

والقِنَاع‏:‏ الطَّبَق‏.‏

وفي حديث أم اسماعيل عليه السلام <فأرسَلُوا جَرِيًّا> أي رسولا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <قُولوا بِقَولِكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشيطان> أي لا يَسْتَغْلِبَنَّكم فيتَّخِذكم جَريًّا‏:‏ أي رَسُولا ووكِيلاً‏.‏ وذلك أنهم كانوا مَدَحُوه فكَرِه لهم المبالغَة في المدْح، فنَهاهُم عنه، يُريد‏:‏ تَكَلَّمُوا بما يَحْضُرُكُم من القول، ولا تَتَكَلفُوه كأنكم وُكَلاء الشيطان ورُسُلُه، تَنْطقُون عن لسانه‏.‏

وفيه <إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ منها: صَدَقة جارِية> أي دَارّة مُتَّصِلة، كالوُقُوف المُرْصَدة لأبواب البِرّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <الأرْزَاق جارِيَة> أي دَارّة مُتَّصِلة‏.‏

وفي حديث الرياء <من طَلَب العلم لِيُجَارِي به العُلَماء> أي يَجْري معهم في المُنَاظَرة والجِدَال ليُظْهِر عِلْمَه إلى الناس رِياء وسُمْعَة‏.‏

ومنه الحديث <تَتَجارى بهم الأهْوَاء كما يَتجارى الكَلَبُ بصاحِبه> أي يَتواقَعُون في الأهواء الفاسدة، ويَتَدَاعَوْن فيها، تَشْبِيها بِجَرْي الفَرس‏.‏ والكَلَبُ بالتحريك‏:‏ داء معروف يعْرض للكَلْب، فَمن عَضَّه قَتَله‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا أجْرَيْت الْماء على الماء أجْزَأ عنك> يُريد إذا صَبَبْتَ الْمَاء على البَوْل فقد طَهُر المحَلُّ، ولا حاجة بك إلى غَسْله ودَلْكه منه‏.‏ومنه الحديث <وأمسك اللّه جِرْية الماء> هي بالكسر‏:‏ حالة الجريان‏.‏

ومنه <وقال قلم زكرِيّا الجِرْية، وجَرَت الأقلام مع جِرية الماء> كلُّ هذا بالكَسر‏.‏

 باب الجيم مع الزاي

‏{‏جزأ‏}‏ * فيه <مَنْ قَرأ جُزْءَهُ من الليل> الجزْء‏:‏ النَّصِيب والقطعة من الشيء، والجمع أجْزَاء‏.‏ وجَزَأتُ الشَّيء‏:‏ قَسَمْتُه، وجَزّأتُه للتَّكْثِير‏.‏

ومنه الحديث <الرُّؤيا الصَّالحة جُزءٌ من سِتَّة وأربعين جزءًا من النُّبُوّة> وإنما خصَّ هذا العدد لأن عُمْر النبي صلى اللّه عليه وسلم - في أكثر الروايات الصحيحة - كان ثَلاَثاً وستّين سَنَة، وكانت مُدّة نُبُوّته منها ثلاثا وعشرين سَنَة؛ لأنه بُعث عند اسْتيفاء الأربعين، وكان في أوّل الأمْر يرَى الوحْي في المنام، ودام كذلك نِصْفَ سَنة، ثم رأى الملَك في اليَقَظة، فإذَا نُسِبَتْ مُدّة الوَحْي في النَّوم - وهي نِصْف سَنَة - إلى مُدّة نُبُوَّته، وهي ثلاث وعِشْرون سنة، كانت نِصْفَ جُزء من ثلاثة وعِشْرين جُزْءًا‏.‏ وذلك جُزْء وَاحدٌ من ستَّة وأربعين جُزءًا‏.‏ وقد تعاضَدَت الروايات في أحاديث الرُّؤيا بهذا العدَد، وجاء في بعضها <جُزْء من خمسة وأربعين جُزءًا> وَوَجْه ذلك أن عُمْرَه صلى اللّه عليه وسلم لم يكُن قد اسْتَكْمَل ثلاثا وستين، ومات في أثْناء السَّنة الثالثة والسّتين، ونِسْبَة نِصْف السَّنة إلى اثْنَتَيْن وعشرين سَنَة وبَعْضِ الأخْرَى نِسْبَةُ جُزْء من خَمْسة وأربعين جُزءًا‏.‏ وفي بعض الروايات <جزءٌ من أربعين> ويكون مَحْمُولاً على مَن رَوَى أن عُمْره كان ستّين سنة، فيكون نِسْبة نِصْف سَنة إلى عشرين سَنة كنسْبة جزءٍ إلى أربعين‏.‏

ومنه الحديث <الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النُّبوّة> أي إن هذه الخِلاَل من شمَائل الأنبياء، ومن جُمْلة الخِصال المعْدُودة من خِصالهم، وأنَّها جزء مَعْلُوم من أجزاء أفْعَالِهم، فاقْتَدوا بهم فيها وتابِعُوهم ‏[‏عليها‏]‏ ‏(‏الزيادة من ا‏)‏ وليس المعْنى أن النُّبوّة تَتَجزَّأ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوّة، فإن النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة‏.‏ ولا مُجْتَلبَة بالأسباب، وإنَّما هي كرامة من اللّه تعالى‏.‏ ويجوز أن يكون أراد بالنبوّة ها هنا ما جاءت به النبوّة ودعَت إليه من الخيْرات‏.‏ أي أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جُزءًا مما جاءت به النبوّة ودعا إليه الأنبياء‏.‏

ومنه الحديث <أنَّ رجُلا أعْتَقَ ستة مَمْلوكين عند مَوْته لم يكن له مال غَيْرهم، فدَعاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَجَزَّأهُم أثْلاثا، ثم أقْرَع بَيْنَهُم وأرَقَّ أربعة> أي فَرَّقَهُم أجزاء ثلاثةً، وأراد بالتَّجْزِئة أنه قَسَمهم على عبْرة القِيمَة دُون عَددِ الرُّؤس، إلاَّ أنَّ قِيمَتهم تَسَاوت فيهم فخرَج عَددُ الرؤس مُساوِياً للْقِيَم‏.‏ وعَبِيدُ أهل الحجاز إنَّما هُم الزُّنُوج والحبَش غالبا، والقِيَمُ فيهم مُتساوية أو مُتَقَارِبَة، ولأنَّ الغَرض أن تَنْفُذ وصِيَّتُهُ في ثُلث مالِه، والثُّلثُ إنما يُعْتَبَر بالقِيمَة لا بالعَدَد‏.‏ وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأحمد‏.‏ وقال أبو حنيفة رحمهم اللّه‏:‏ يَعْتِق ثُلُثُ كُلّ واحد منهم، ويُسْتَسْعَى في ثُلَثَيْه‏.‏وفي حديث الأضحية <ولن تُجْزِئ عن أحَد بَعْدَك> أي لنْ تَكْفي، يقال أجْزَأني الشيءُ‏:‏ أي كَفَاني، ويُروَى بالباء، وسيجيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ليس شيء يُجْزِئ من الطَّعام والشراب إلا اللَّبَن> أي ليس يَكْفي، يقال جَزَأت الإبلُ بالرُّطْب ‏(‏الرطب‏:‏ الرِّعْي الأخضر من البقل والشجر، وتضم الطاء وتسكن‏.‏ القاموس ‏(‏رطب> عن الْمَاء‏:‏ أي اكْتَفَتْ‏.‏

وفي حديث سهل <ما أجْزَأ مِنَّا اليوم أحَدٌ كما أجْزَأ فُلانٌ> أي فَعَل فعْلا ظَهَر أثَرُه، وقام فيه مَقَاماً لم يَقُمْه غيرُه ولا كفَى فيه كِفَايَتَه‏.‏ وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه صلى اللّه عليه وسلم أُتِيَ بِقِنَاع جَزْء> قال الخطّابي‏:‏ زَعَم رَاوِيه أنه اسْم الرُّطَب عند أهل المدينة، فإن كان صحيحا فكأنهم سَمَّوه بذلك للاجْتِزاء به عن الطَّعام، والمحفوظ <بِقِناع جِرْوٍ> بالراء وهو القِثَّاء الصِّغار‏.‏ وقد تقدم‏.‏

‏{‏جزر‏}‏ * فيه ذكر <الجَزُور> في غير موضع، الجَزُور‏:‏ البَعِير ذكرا كان أو أنثى، إلا أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة، تقول الجَزُورُ، وَإن أردْت ذكَرا، والجمْع جُزُرٌ وجَزَائر‏.‏

ومنه الحديث <أن عمر رضي اللّه عنه أعْطَى رجُلا شَكَا إليه سُوء الحال ثلاثة أنْيَاب جَزَائر>‏.‏ومنه الحديث <أنه بَعَث بَعْثاً فَمرُّوا بأعْرابِيّ له غَنَم، فقالوا أجْزِرْنا> أي أعْطِنَا شاة تَصْلُح للذَّبح‏.‏

‏[‏ه‏]‏ والحديث الآخر <فقال: يا راعي أجْزِرْني شاةً>‏.‏

وحديث خَوَّات <أبْشِر بِجَزْرَة سَمِينة> أي شَاةٍ صَالِحَة لأن تجْزَر‏:‏ أي تُذْبَح لِلأكْل‏.‏ يقال‏:‏ أجْزَرْتُ القومَ إذا أعْطَيْتَهم شاة يَذْبَحُونَها، ولا يُقال إلاَّ في الغَنَم خاصَّة‏.‏

ومنه حديث الأضحية <فإنما هي جَزْرَة أطْعَمَها أهْلَه> وتُجْمع على جَزَر بالفَتْح‏.‏

ومنه حديث موسى عليه السلام والسَّحَرة <حتَّى صارت حِبَالُهم للثُّعْبَان جَزَراً> وقد تُكْسَر الجيم‏.‏

ومن غريب ما يروى في حديث الزكاة <لا تأخُذُوا من جَزَرَات أمْوال النَّاس> أي ما يكون قد أعِدَّ للْأكْل، والمشْهُور بالحاء المهملة‏.‏

وفيه <أنه نهَى عن الصَّلاة في المَجْزِرَة والمَقْبُرة> المجْزِرَة ‏(‏قال في المصباح <المجزر: موضع الجزر، مثل جعفر، وربما دخلته الهاء فقيل: مجزرة> وفي الصحاح بكسر الزاي‏)‏‏:‏ الموضع الذي تُنْحر فيه الإبل وتُذْبح فيه البَقَر الشَّاء، نهَى عَنْها لأجْل النَّجَاسَة التي فيها مِن دِماء الذَّبائح وأرْوائِها، وجمعها المجَازِر‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <اتَّقُوا هذه المجَازِرَ فإن لها ضَرَاوَةً كضَرواة الْخمْر> نهى عن أماكِن الذَّبح، لأن إلْفَهَا وإدَامَة النّظَر إليها، ومُشاهَدة ذَبح الحيوانات مما يُقَسّي القَلْب، ويُذهب الرحمة منه، ويَعْضُده قولُ الأصْمَعي في تفْسِيره أنه أراد بالمجَازِر النَّدِيَّ، وهو مُجْتَمع القوم، لأن الجُزُر إنَّما تُنْحَر عند جَمْع الناس‏.‏ وقيل إنما أراد بالمجَازِر إدْمان أكْل اللُّحوم، فكَنى عنها بأمْكِنَتها ‏(‏في الدر النثير‏:‏ قلت هذا أصح، وبه جزم ابن الجوزي‏)‏‏.‏

وفي حديث الضحية <لا أعْطِي منها شيئاً في جُزَارَتِها> الجُزَارة بالضم‏:‏ ما ياخُذ الجَزَّار من الذَّبِيحة عن أجْرته، كالعُمَالةِ للْعَامِل‏.‏ وأصْل الجُزَارة‏.‏ أطْرَاف البَعِير‏:‏ الرأسُ، واليَدان، والرجْلان، سُمّيت بذلك لأن الجَزَّار كان يأخذها عن أجْرَته، فَمُنِع أن يأخذ من الضحية جزءا في مُقَابَلة الأجْرة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <أرأيتَ إنْ لَقِيتُ غَنَم ابن عَمّي أأجْتَزِرُ منْها شاة> أي آخُذُ منها شاة أذْبَحُها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحجاج <قال لأنس رضي اللّه عنه: لأجْزُرَنَّك جَزْرَ الضَّرَب> أي لأسْتَأصلَنَّك، والضَّرَب بالتَّحْريك‏:‏ الغليظ من العسَل‏.‏ يقال جَزَرْتُ العَسَل إذا اسْتَخْرجْتَه من مَوْضعه، فإذا كان غليظا سَهُل اسْتِخْراجُه‏.‏ وقد تقدم هذا الحديث في الجيم والراء والدال‏.‏ والهرَوي لم يذكُره إلا ها هنا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه <ما جَزرَ عنه البَحْرُ فكُلْ> أي ما انْكَشَفَ عَنْه الْماءُ من حَيوان البَحْر، يُقال جَزَر الماءُ يجزُر جَزْراً‏:‏ إذا ذَهَب ونَقَص‏.‏ ومنْه الجَزْرُ والمَدُّ، وهو رُجُوع الماء إلى خَلْف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إن الشيطان يَئِس أن يُعْبَد في جَزِيرة العَرب> قال أبو عبيد‏:‏ هُو اسْم صُقْع من الأرض، وهو مَا بَيْنَ حَفْر أبي موسى الأشعري إلى أقْصَى اليَمن في الطُّول، وما بين رَمْل يَبْرين إلى مُنْقَطَع السَّماوَة في العَرْض‏.‏ وقيل‏:‏ هو من أقْصَى عَدَن إلى رِيف العِراق طُولاً، ومن جُدَّة وساحِل البحر إلى أطراف الشام عرْضا‏.‏ قال الأزهري‏:‏ سمّيت جزيرة لأن بَحْر فارس وبَحر السُّودَان أحاطا بِجانِبَيْها، وأحاط بالجانِب الشّمَالي دَجْلة والفُرَات‏.‏ وقال مالك بن أنس‏:‏ أراد بجزيرة العرب المدينة نفْسَها‏.‏ وإذا أطْلِقت الجزيرة في الحديث ولم تُضَف إلى العَرب فإِنَّما يُراد بها ما بَيْن دَجْلة والفُرَات‏.‏

‏{‏جزز‏}‏ * في حديث ابن رَواحة <إنا إلى جَزَاز النَّخْل> هكذا جاء في بعض الروايات بِزَايَيْن، يُريدُ به قَطْع التَّمر‏.‏ وأصْلُه من الجَزّ وهو قَصُّ الشَّعَر والصُّوف‏.‏ والمشهور في الروايات بدَالَيْن مهماَتَين‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث حماد في الصَّوم <وإن دَخَل حَلْقَك جِزَّةٌ فلا يَضُرُّك> الجِزَّة بالكسر‏:‏ ما يُجَزُّ من صُوف الشَّاة في كلّ سَنَة، وهو الذي لم يُسْتَعمل بَعْد ما جُزَّ، وجمعها جِزَزٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث قتادة في اليَتِيم <له ماشِيةٌ يَقُوم وَليُّه على إصلاحها ويُصِيب من جِزَزهَا ورِسْلِها وعَوارِضِها>‏.‏

‏{‏جزع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ <أنه وقَفَ على مُحَسِّر فَقرَع راحِلَته فَخبَّتْ حتى جَزَعَه> أي قَطَعَه، ولا يكون إلاَّ عَرْضاً، وجِزْعُ الوادي‏:‏ مُنْقَطَعُه* ومنه حديث مسيره إلى بَدْر <ثمَّ جَزَع الصَّفَيْرَاء>‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الضحية <فتَفَرّق الناس إلى غُنَيْمَة فتجزَّعُوها> أي اقْتَسَمُوها‏.‏ وأصله من الجَزْع‏:‏ القَطْع‏.‏

والحديث الآخر <ثم انْكفَأ إلى كَبْشَيْن أمْلَحَيْن فَذَبَحهُما، وإلى جُزيْعَة من الغَنم فقَسَمها بَيْننَا> الجُزَيْعَة‏:‏ القِطْعة من الغَنم، تَصْغِير جِزْعة بالكسْر، وهو القَلِيل من الشيء‏.‏ يقال‏:‏ جَزَع له جِزْعَة من المال‏:‏ أي قَطع له منه قِطْعة، هكذا ضبطه الجوهري مصَغَّرا ‏(‏انظر الصحاح ‏(‏جزع‏)‏ تحقيق الأستاذ عبد الغفور عطار، فقد ضبطها بالشكل بفتح الجيم وكسر الزاي على وزن <فعيلة>، حيث لم يضبط الجوهري بالعبارة‏)‏، والذي جاء في المُجْمَل لابن فارس بفتح الجيم وكسْر الزَّاي‏.‏ قال‏:‏ هي القِطْعة من الغَنَم، كأنها فَعِيلة بمعْنى مَفْعُولة، وما سَمِعْناها في الحديث إلا مُصَغّرة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث المِقْدَاد رضي اللّه عنه <أتاني الشيطان فقال: إنَّ محمدا يأتِي الأنْصَار فيُتْحِفُونه؛ ما به حَاجَاةٌ إلى هذه الجُزَيْعَة> هي تَصْغِير جزْعة، يريد القليل من اللَّبن‏.‏ هكذا ذكره أبو موسى وشرحه، والذي جاء في صحيح مسلم‏:‏ ما به حاجَة إلى هذه الجِزْعَة، غير مُصَغَّرة، وأكْثرُ ما يُقْرأ في كتاب مُسْلم‏:‏ الجُرْعَة بِضمّ الجيم وبالراء، وهي الدفْعَة من الشُّرب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <انْقَطع عِقْدٌ لهَا من جَزْع ظَفَار> الجَزْع بالفتح‏:‏ الخَرَزُ اليَماني، الواحدة جَزْعة، وقد كثرت في الحديث‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <أنه كان يُسَبِّح بالنَّوَى المُجَزَّع> وهو الذي حَكَّ بَعْضُه بعضا حتى ابْيَضَّ الموضُع المَحْكوك منه وبقي الباقي على لونه، تَشْبِيهاً بالجزْع‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لمَّا طُعِن جَعَل ابن عباس يُجْزعه> أي يقول له ما يُسْلِيه ويُزيل جَزَعه، وهو الحُزْن والخَوف‏.‏

‏{‏جزف‏}‏ * فيه <ابْتَاعُوا الطعام جُزَافاً> الجَزْف والجُزَاف‏:‏ المجْهُول القَدْر، مَكِيلاً كان أو مَوْزُونا‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏جزل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الدجّال <أنه يَضْرب رجُلا بالسَّيف فيَقْطَعه جِزْلَتَين> الجِزْلَة بالكسْر‏:‏ القطْعة، وبالفتح المَصْدر‏.‏

ومنه حديث خالد رضي اللّه عنه <لَّما انْتَهى إلى العُزَّى ليَقْطَعهَا فَجزلهَا باثْنَتَيْن>‏.‏

وفي حديث موْعِظة النِّسَاء <قالت امرأة منْهُن جَزْلَة> أي تامَّة الخَلْق‏.‏ ويجوز أن تكون ذاتَ كلام جَزْل‏:‏ أي قَوِيّ شديد‏.‏

ومنه الحديث <اجْمَعُوا لي حَطبا جَزْلا> أي غَلِيظا قَوِيًّا‏.‏

‏{‏جزم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث النَّخَعِي <التَّكْبير جَزْم، والتَّسْليم جَزْم> أراد أنهُما لاَ يُمدَّان، ولا يُعْربُ أوَاخِر حُروفِهما، ولكنْ يُسَكَّن فيقال اللّه أكْبَرْ، والسَّلام عليْكُم ورحمة اللّهْ‏.‏ والجزم‏:‏ القَطْع، ومنه سُمّي جَزْم الإعراب وهو السُّكون‏.‏

‏{‏جزا‏}‏ * في حديث الضحية <لا تَجْزِي عن أحَد بَعْدَك> أي لا تَقْضِي‏.‏ يقال جَزَى عنّي هذا الأمرُ‏:‏ أي قَضَى‏.‏

ومنه حديث صلاة الحائض <قَدْ كُنَّ نِسَاءُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَحِضْنَ، فأمَرهُنّ أن يَجْزِينَ> أي يَقْضِينَ‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ جزَاه اللّه خيرا‏:‏ أي أعْطاه جَزَاء ما أسْلَف من طاعته‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وبنو تميم يقولون‏:‏ أجْزَأت عنه شاة، بالهمز‏:‏ أي قَضَت‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا أجْرَيْتَ الماء على الماء جَزَى عنْك> ويُروى بالهمز‏.‏

ومنه الحديث <الصَّوم لي وأنا أجْزِي به> قد أكْثَر الناسُ في تأويل هذا الحديث، وأنه لِمَ خصَّ الصَّوم والجزاء عليه بنَفْسه عزَّ وجَلَّ، وإن كانت العِبادات كُلّها له وجَزاؤها منه، وذَكروا فيه وُجُوهاً مَدَارُها كُلّها على أن الصَّوم سِرٌّ بَيْن اللّه والعَبْد لا يَطَّلِع عليه سِوَاه، فلا يكون العبْدُ صائما حَقيقة إلا وهو مُخْلِص في الطاعة، وهذا وأن كان كما قالوا فإنَّ غَيرَ الصَّوم من العِبَادات يُشَارِكُه في سِرّ الطاعة، كالصلاة على غير طَهارة، أو في ثَوْب نَجِس ونحو ذلك من الأسرار المقْتَرِنَة بالعبادات التي لا يَعْرِفُها إلا اللّهُ وصاحِبُها‏.‏ وأحْسَن ما سَمْعْتُ في تأويل هذا الحديث أن جميع العِبَادات التي يَتَقَرَّب بها العِبَاد إلى اللّه عزَّ وجل - من صلاة، وحَجّ، وصَدَقة، واعْتِكاف، وتَبَتُّل، ودُعاء، وقُرْبان، وهَدْي، وغيرذلك من أنواع العبادات - قَدْ عَبَدَ المشْرِكون بها آلِهتَهم، وما كانوا يتَّخذُونه من دون اللّه أنْداداً، ولم يُسْمَع أن طائفة من طَوائف المشركين وأرباب النِّحَل في الأزمان المُتَقَادِمة عَبَدت آلهتَها بالصَّوم، ولا تقَرَّبَتْ إليها به، ولا عُرف الصوم في العبادات إلا من جهَة الشرائع، فلذلك قال اللّه عز وجل‏:‏ الصوم لي وأنا أجْزِي به‏:‏ أي لم يُشَارِكْني أحدٌ فيه، ولا عُبد به غيري، فأنَا حينئذ أجْزي به وأتَوَّلى الجزاء عليه بنَفْسي، لا أكِلُه إلى أحد من مَلَك مُقرّب أو غيره على قَدْر اخْتصاصه بي‏.‏

وفيه ذكر <الجزْية> في غير موضع، وهي عبارة عن الْمَال الذي يُعْقَد للْكِتَابي عليه الذِّمَّة، وهي فِعْلة، من الجزَاء، كأنها جَزَت عن قتله‏.‏

ومنه الحديث <ليس على مُسْلم جِزْية> أراد أنَّ الذّميّ إذا أسْلم وقدْ مَرَّ بَعْضُ الحوْل لم يُطَالَب من الجِزْية بِحصَّة ما مضَى من السَّنَة‏.‏ وقيل أراد أن الذّمي إذا أسْلم وكان في يده أرض صُولح عَليها بِخَراج تُوضَع عن رَقَبَتِه الجِزْيَة وعن أرْضِه الخَراجُ‏.‏

ومنه الحديث <من أخذ أرْضاً بِحِزْيتها> أراد به الخَرَاج الذي يُؤدَّى عنها، كأنه لازمٌ لصاحب الأرض كما تَلْزَم الجِزْية الذّمّيَّ‏.‏ هكذا قال الخطَّابي، وقال أبو عبيد‏:‏ هو أن يُسْلم وله أرض خَرَاج فتُرفع عنه جِزية رأسه وتُتْرك عليه أرْضُه يُؤدّي عنها الخراج‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أن دُهْقَانا أسْلم على عهده، فقال له: إنْ أقمْتَ في أرضك رفَعْنا الجِزْية عن رأسك وأخَذْناها من أرْضِك، وأن تَحولت عنها فنحن أحَقُّ بها>‏.‏

وحديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أنه اشترى من دُهْقان أرْضا على أن يَكْفِيه جزْيتها> قيل إنَّ اشْتَرى ها هنا بمعنى اكْترى، وفيه بُعْدٌ؛ لأنه غير معروف في اللغة‏.‏ قال القُتَيْبي‏:‏ إنْ كان محفوظا، وإلاَّ فأرَى أنه اشْترى منه الأرض قبلَ أن يؤدّيَ جزْيتها للسَّنَة التي وَقَع فيها البَيْع، فضَمَّنه أن يَقُوم بِخراجها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنَّ رجُلا كان يُدايِنُ الناسَ، وكان له كاتبٌ ومُتجَازٍ> المُتَجازي‏:‏ المُتَقاضي يقال‏:‏ تَجَازَيْت دَيْنِي عليه‏:‏ أي تقاضَيْته‏.‏

 باب الجيم مع السين

‏{‏جسَد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه <أن امرأته ليْسَ عليها أثر المجاسِد> هي جَمْع مُجْسَد بضمّ الميم‏:‏ وهو المصْبُوغ المُشْبع بالْجَسَد، وهو الزعفران أو العُصْفر‏.‏

‏{‏جسر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث نوف بن مالك <قال: فوقَع عُوجٌ على نِيل مصر فجَسرهُم سَنَةً> أي صَارَ لهم جسراً يَعْبُرون عليه، وتُفتَح جِيمهُ وتُكْسر‏.‏

وفي حديث الشَّعبِي <أنه كان يقول لسيفِه: اجْسُرْ جَسَّارُ> جَسَّار‏:‏ فعَّل من الجسارة وهي الجرَاءة والإقْدَام على الشيء‏.‏

‏{‏جسس‏}‏ * فيه <لا تجَسَّسُوا> التَّجَسُّسُ بالجِيم‏:‏ التَّفْتيش عن بوَاطِن الأمور وأكْثَر ما يُقال في الشَّرّ‏.‏ والجَاسُوس‏:‏ صاحب سرّ الشَّرّ‏.‏ والنَّامُوسُ‏:‏ صاحب سر الخير‏.‏ وقيل التَّجَسَّس بالجيم أن يَطْلُبَه لِغَيره، وبالحاء أن يَطْلُبَه لنَفْسِه‏.‏ وقيل بالجيم‏:‏ الْبَحثُ عن العَوْرَات، وبالحاء‏:‏ الاسْتِمَاع، وقيل مَعْناها واحِدٌ في تَطَلُّب مَعرفة الأخبار‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث تميم الدَّارِي <أنا الجسَّاسَة> يعني الدَّابَّة التي رآها في جَزيرة البَحْر، وإنما سُمّيت بذلك لأنها تَجُسُّ الأخْبار للدَّجال‏.‏