فصل: بَابُ الْجَعَالَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

الجزء الثاني عشر

بَابُ الْجَعَالَةِ

فائدة‏:‏ ‏[‏تعريف الجعالة‏]‏

قَوْلُهُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ من رَدَّ عَبْدِي أو لُقَطَتِي أو بَنَى لي هذا الْحَائِطَ فَلَهُ كَذَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ زَيْدٌ شيئا مَعْلُومًا لِمَنْ يَعْمَلُ له عَمَلًا مَعْلُومًا أو مَجْهُولًا مُدَّةً مَجْهُولَةً‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهِيَ في اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ جَعْلُ الشَّيْءِ من الْمَالِ لِمَنْ يَفْعَلُ أَمْرَ كَذَا‏.‏

قال وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا قال الْمُصَنِّفُ لِتَنَاوُلِهِ الْفَاعِلَ الْمُبْهَمَ وَالْمُعَيَّنَ وما قال لَا يَتَنَاوَلُ الْمُعَيَّنَ انْتَهَى‏.‏

قُلْت لَكِنَّهُ يَدْخُلُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ من رَدَّ عَبْدِي يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ في رَدِّ الْآبِقِ‏.‏

وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّ لِرَدِّ الْآبِقِ جُعْلًا مُقَدَّرًا بِالشَّرْعِ‏.‏

فَالْمُسْتَفَادُ إذَنْ بِالْعَقْدِ ما زَادَ على الْمُقَدَّرِ الْمَشْرُوعِ‏.‏

فَوُجُودُ الْجَعَالَةِ يُوجِبُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ من الْمُقَدَّرِ وَالْمَشْرُوطِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا ما شَرَطَهُ له وَإِنْ كان أَقَلَّ من دِينَارٍ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْجَعَالَةُ نَوْعُ إجَارَةٍ لِوُقُوعِ الْعِوَضِ في مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا تُمَيَّزُ بِكَوْنِ الْفَاعِلِ لَا يَلْتَزِمُ الْفِعْلَ وَبِكَوْنِ الْعَقْدِ قد يَقَعُ مُبْهَمًا لَا مع مُعَيَّنٍ وَيَجُوزُ في الْجَعَالَةِ الْجَمْعُ بين تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ لَا كَالْإِجَارَةِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في الْإِجَارَةِ أَيْضًا‏.‏

قَوْلُهُ فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعَلُ اسْتَحَقَّهُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ‏.‏

وَإِنْ بَلَغَهُ في أَثْنَائِهِ اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ‏.‏

فَإِنْ تَلِفَ الْجُعْلُ كان له مِثْلُهُ إنْ كان مِثْلِيًّا وَإِلَّا قِيمَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال في التَّبْصِرَةِ إذَا عَيَّنَ عِوَضًا مَلَكَهُ بِفَرَاغِ الْعَمَلِ فَلَوْ تَلِفَ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو رَدَّهُ من نِصْفِ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنَةِ أو قال من رَدَّ عَبْدَيَّ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا فَلَهُ نِصْفُ الْجُعْلِ وَإِنْ رَدَّهُ من ثُلُثِ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ وَمِنْ ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَيْنِ‏.‏

فَيَسْتَحِقُّ إذَا رَدَّهُ من أَقْرَبَ من الْمَوْضِعِ الذي عَيَّنَهُ بِالْقِسْطِ‏.‏

وَإِنْ رَدَّهُ من مَسَافَةٍ أَبْعَدَ من الْمُعَيَّنَةِ فَلَهُ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَصِحُّ على مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ وَعَمَلٍ مَجْهُولٍ إذَا كان الْعِوَضُ مَعْلُومًا‏.‏

يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا كَالْأُجْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَصِحَّ الْجَعَالَةُ مع الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ إذَا كان الْجَهْلُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ نحو أَنْ يَقُولَ من رَدَّ عَبْدِي الْآبِقَ فَلَهُ نِصْفُهُ وَمَنْ رَدَّ ضَالَّتِي فَلَهُ ثُلُثُهَا‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قال الْأَمِيرُ في الْغَزْوِ من جاء بِعَشَرَةِ رؤوس فَلَهُ رَأْسٌ جَازَ‏.‏

وَقَالُوا إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ على قَلْعَةٍ أو طَرِيقٍ سَهْلٍ وكان الْجُعْلُ من مَالِ الْكُفَّارِ كَجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ فَيَخْرُجُ هُنَا مِثْلُهُ انْتَهَى‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا‏.‏

فَإِنْ شَرَطَ عِوَضًا مَجْهُولًا فَسَدَ الْعَقْدُ‏.‏

وَإِنْ قال فَلَكَ ثُلُثُ الضَّالَّةِ أو رُبُعُهَا صَحَّ على ما نُصَّ عليه في الثَّوْبِ يُنْسَجُ بِثُلُثِهِ وَالزَّرْعِ يُحْصَدُ وَالنَّخْلِ يُصْرَمُ بِسُدُسِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وفي الْغَزْوِ من جاء بِعَشَرَةِ أرؤس فَلَهُ رَأْسٌ جَازَ‏.‏

وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ‏.‏

وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا بِجَوَازِ الْجَهَالَةِ التي لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ وَنَظَرَ بِمَسْأَلَةِ الثُّلُثِ وَاسْتَشْهَدَ بِنَصِّهِ الذي حَكَيْنَاهُ في الْغَزْوِ وَبِمَا إذَا جَعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ على قَلْعَةٍ أو طَرِيقٍ سَهْلٍ وكان الْجُعْلُ من مَالِ الْكُفَّارِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا كَجَارِيَةٍ يُعَيِّنُهَا لِلْعَامِلِ قال فَيَخْرُجُ هُنَا مِثْلُهُ انْتَهَى‏.‏

وقد قُطِعَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ مع اشْتِرَاطِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ مَعْلُومًا فَظَاهِرُهُ أَنَّ جُعْلَ جُزْءٍ مُشَاعٍ من الضَّالَّةِ ليس بِمَجْهُولٍ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا كانت الْجَهَالَةُ تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ لم تَصِحَّ الْجَعَالَةُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وكذا إنْ كانت لَا تَمْنَعُ التَّسْلِيمَ على الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال من دَاوَى لي هذا حتى يَبْرَأَ من جُرْحِهِ أو مَرَضِهِ أو رَمَدِهِ فَلَهُ كَذَا لم يَصِحَّ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ جَعَالَةٌ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ في الْإِجَارَةِ‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ إجَارَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا في أَصْلِ الْجُعْلِ أو قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَاعِلِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ في قَدْرِهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ في قَدْرِ الْجُعْلِ قِيَاسًا على اخْتِلَافِ الْأَجِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ في قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي وَتَبِعَهُ من بَعْدَهُ على ذلك وهو تَخْرِيجٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فَعَلَيْهِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ في قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَاعِلِ تَجُوزُ منه فإنه ليس بِجَاعِلٍ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا في أَصْلِ الْجَعَالَةِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت إنَّمَا حُكِمَ بِكَوْنِهِ جَاعِلًا في الْمَسْأَلَتَيْنِ في الْجُمْلَةِ‏.‏

أَمَّا في اخْتِلَافِهِمْ في قَدْرِ الْجُعْلِ فَهُوَ جَاعِلٌ بِلَا رَيْبٍ‏.‏

وَأَمَّا في اخْتِلَافِهِمْ في أَصْلِ الْجُعْلِ فَلَيْسَ بِجَاعِلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ وهو جاعل ‏[‏جاهل‏]‏ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَعْمِ غَرِيمِهِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ من بَابِ إطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُتَوَاطِئِ إذَا أُرِيدَ بِهِ بَعْضُ مَحَالِّهِ وهو كَثِيرٌ شَائِعٌ في كَلَامِهِمْ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو اخْتَلَفَا في قَدْرِ الْمَسَافَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ جُعْلٍ فَلَا شَيْءَ له‏.‏

وَلَوْ كان الْعَمَلُ تَخْلِيصَ مَتَاعِ غَيْرِهِ من فَلَاةٍ وَلَوْ كان هلاكه ‏[‏هلاكا‏]‏ فيه مُحَقَّقًا أو قَرِيبًا منه كَالْبَحْرِ وَفَمِ السَّبُعِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَلَهُ احْتِمَالٌ بِذَلِكَ في غَيْرِ الْمُجَرَّدِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ في ذلك بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَكَذَلِكَ لو انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ فَخَلَّصَ قَوْمٌ الْأَمْوَالَ من الْبَحْرِ فإنه يَجِبُ لهم الْأُجْرَةُ على الْمُلَّاكِ ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَأَلْحَقَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ بِذَلِكَ الْعَبْدَ إذَا خَلَّصَهُ من فَلَاةٍ مُهْلِكَةٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

ذَكَرَهُ في بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ‏.‏

وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذلك هُنَاكَ‏.‏

وَحَكَى الْقَاضِي احْتِمَالًا في الْعَبْدِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ كَاللُّقَطَةِ‏.‏

وَأُورِدَ في الْمُجَرَّدِ على نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ خَلَّصَ من فَمِ السَّبُعِ شَاةً أو خَرُوفًا أو غيرهما ‏[‏غيرهم‏]‏ أَنَّهُ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُخَلِّصِ‏.‏

وقال الْمَجْدُ في مُسَوَّدَتِهِ وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ظَاهِرِهِ في وُجُوبِ الْأُجْرَةِ على تَخْلِيصِ الْمَتَاعِ من الْمَهَالِكِ دُونَ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ اهل في الْجُمْلَةِ لِحِفْظِ نَفْسِهِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ يَكُونُ صَغِيرًا أو عَاجِزًا وَتَخْلِيصُهُ أَهَمُّ وَأَوْلَى من الْمَتَاعِ وَلَيْسَ في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَفْرِقَةٌ انْتَهَى‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو تَلِفَ ما خَلَّصَهُ من هَلَكَةٍ لم يَضْمَنْهُ مُنْقِذُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهُ حَكَاهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَفِيهِ بَعْدُ‏.‏

الثَّانِيَةُ مَتَى كان الْعَمَلُ في مَالِ الْغَيْرِ إنْقَاذًا له من التَّلَفِ الْمُشْرِفِ عليه كان جَائِزًا كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا خِيفَ مَوْتُهُ صُرِّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَاقْتَصَرَ عليه في آخِرِ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ وقال وَيُفِيدُ هذا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ما نَقَصَ بِذَبْحِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمْ وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِغَيْرِ جُعْلٍ فَلَا شَيْءَ له غير الْمُعَدِّ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ‏.‏

فَأَمَّا الْمُعَدُّ لِأَخْذِهَا فَلَهُ الْأُجْرَةُ قَطْعًا كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارِي وَالْحَجَّامِ وَالْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ وَالدَّلَّالِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَرْصُدُ نَفْسَهُ لِلتَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ فإذا عَمِلَ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ نُصَّ عليه‏.‏

وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في بَابِ الْإِجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا في رَدِّ الْآبِقِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنُصَّ عليه‏.‏

وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لِرَادِّهِ من غَيْرِ جَعَالَةٍ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُصَنِّفَ في كَوْنِ هذا رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أو أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ فإن له بِالشَّرْعِ دِينَارًا أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال في الرِّعَايَةِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كان يُسَاوِيهِمَا أو لَا وَسَوَاءٌ كان زَوْجًا أو ذَا رَحِمٍ في عِيَالِ الْمَالِكِ أو لَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ رَدَّهُ من خَارِجِ الْمِصْرِ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أو بَعُدَتْ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالْفَائِقُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ‏.‏

وَعَنْهُ من الْمِصْرِ عَشَرَةٌ قال الْخَلَّالُ اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّوَايَةُ‏.‏

قال الْقَاضِي هذه رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَجَزَمَ بِه ابن الْبَنَّا في خِصَالِهِ وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وقال الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ من خَارِجِ الْمِصْرِ دِينَارٌ أو عَشَرَةُ دَرَاهِمَ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ رَدَّ الْآبِقَ فَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ‏.‏

وَعَنْهُ اثنى عَشَرَ‏.‏

وَعَنْهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا من خَارِجِ الْمِصْرِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ في الْمُغْنِي إذَا رَدَّهُ من الْمِصْرِ دِينَارٌ أو عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وفي الْكَافِي دِينَارٌ أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وفي رِوَايَةٍ اخرى دِينَارٌ‏.‏

وفي خِلَافَيْ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ دِينَارٌ أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا في رِوَايَةٍ وفي أُخْرَى عَشَرَةُ دَرَاهِمَ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي وابن الْبَنَّا وَالْحَلْوَانِيِّ‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ إذَا رَدَّهُ من دَاخِلِ الْمِصْرِ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ قَوْلًا وَاحِدًا نُصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ وقال لَا أَعْلَمُ نَصًّا بِخِلَافِهِ‏.‏

وفي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ لِلْقَاضِي لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ إذَا جاء بِهِ من الْمِصْرِ أَنَّ له عَشَرَةَ دَرَاهِمَ‏.‏

وَقَالَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ‏.‏

وَنَقَلَهُ أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وَالتَّنْبِيهِ‏.‏

وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ ولم يُورِدُوا سِوَاهُ‏.‏

قال فَأَمَّا في الْمُقْنِعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَالْأَعْلَامِ لِابْنِ بَكْرُوسٍ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ من التَّقْدِيرِ بِالدِّينَارِ أو اثْنَيْ عَشَرَ وفي دَاخِلِ الْمِصْرِ كما في خَارِجِهِ فَلَا يَثْبُتُ‏.‏

وَأَصْلُ ذلك كُلِّهِ قَوْلُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ من رَدَّ آبِقًا اسْتَحَقَّ دِينَارًا أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا سَوَاءٌ جاء بِهِ من الْمِصْرِ أو خَارِجِ الْمِصْرِ في إحْدَى‏.‏

الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى إنْ جاء بِهِ من الْمِصْرِ اسْتَحَقَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَإِنْ جاء بِهِ من خَارِجِ الْمِصْرِ اسْتَحَقَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا‏.‏

فَمِنْهُمْ من حَكَى ذلك كُلَّهُ وَمِنْهُمْ من اخْتَصَّ الْعَشَرَةَ في الْمِصْرِ بِنَاءً على أنها مَعْنَى الدِّينَارِ وَأَنَّ الدِّينَارَ قد يُقَوَّمُ بِالْعَشَرَةِ والإثني عَشَرَ فَيَكُونُ دَاخِلًا في الرِّوَايَةِ الْأُولَى‏.‏

قال وَهَذَا الذي قَالَهُ الْقَاضِي من اسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ أو الِاثْنَيْ عَشَرَ في الْمِصْرِ لَا أَصْلَ له في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَلْبَتَّةَ وَلَا دَلِيلَ عليه انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ‏.‏

قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ نَاقِلَ هذه الرِّوَايَةِ هو الْقَاضِي وهو الثِّقَةُ الْأَمِينُ في النَّقْلِ بَلْ هو نَاقِلُ غَالِبِ رِوَايَاتِ الْمَذْهَبِ وَلَا يَلْزَمُ من عَدَمِ اطِّلَاعِ الْحَارِثِيِّ على هذه الرِّوَايَةِ أَنْ لَا تَكُونَ نُقِلَتْ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ خُصُوصًا وَأَنَّهُ قد تَابَعَهُ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامُ الْمُحَقِّقُونَ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لو رَدَّهُ الْإِمَامُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَنَقَلَ حَرْبٌ إنْ رَدَّهُ الْإِمَامُ فَلَا شَيْءَ له وَجَزَمَ بِه ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ‏.‏

وقال وَذَلِكَ لِانْتِصَابِهِ لِلْمَصَالِحِ وَلَهُ حَقٌّ في بَيْتِ الْمَالِ على ذلك‏.‏

وكذا قال الْحَارِثِيُّ وَقَطَعَ بِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في عَامِلِ الزَّكَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ منه ما أَنْفَقَ عليه في قُوتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ أَمْ لَا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ من غَيْرِ خِلَافٍ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ‏.‏

وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَاشْتَرَطَ أبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ الْعَجْزَ عن اسْتِئْذَانِ الْمَالِكِ وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَلَا يَتَوَقَّفُ الرُّجُوعُ على تَسْلِيمِهِ بَلْ لو أَبَقَ قبل ذلك فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عليه نُصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا عَلَفُ الدَّابَّةِ كَالنَّفَقَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَرَادَ اسْتِخْدَامَهُ بَدَلَ النَّفَقَةِ فَفِي جَوَازِهِ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا أبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ في الْكِفَايَةِ كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَذَكَرَهُمَا في الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذلك في الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَكَذَا هُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ جَوَازَ أَخْذِ الْآبِقِ لِمَنْ وَجَدَهُ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عليه أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَيَرْتَدَّ أو يَشْتَغِلَ بِالْفَسَادِ في الْبِلَادِ بِخِلَافِ الضَّوَالِّ التي تَحْفَظُ نَفْسَهَا‏.‏

إذَا عَلِمَ ذلك فَهُوَ أَمَانَةٌ في يَدِهِ إذَا أَخَذَهُ إنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عليه وَإِنْ وَجَدَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَ الْعَبْدُ أَنَّهُ سَيِّدُهُ أو أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً‏.‏

فَإِنْ لم يَجِدْ سَيِّدَهُ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ فَيَحْفَظُهُ لِصَاحِبِهِ أو يَبِيعُهُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فيه‏.‏

وَلَيْسَ لِوَاجِدِهِ بَيْعُهُ وَلَا تَمَلُّكُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ لِأَنَّهُ يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَقَوْلُهُمَا يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ دَلِيلٌ على أَنَّهُمَا أَرَادَا الْكَبِيرَ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَنْحَفِظُ بِنَفْسِهِ‏.‏

وَيَأْتِي في بَابِ اللُّقَطَةِ‏.‏

فَإِنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا فَجَاءَ سَيِّدُهُ فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ كان أَعْتَقَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْحَارِثِيُّ ذَكَرَهُ في اللُّقَطَةِ‏.‏

الثَّالِثَةُ الْعَبْدُ وَغَيْرُهُ أَمَانَةٌ في يَدِهِ لَا ضَمَانَ عليه إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى نُصَّ عليه على ما تَقَدَّمَ‏.‏

الرَّابِعَةُ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ فِيمَا تَقَدَّمَ إذَا جاء بِهِمَا إلَى السَّيِّدِ‏.‏

فَإِنْ مَاتَ قبل وُصُولِهِمَا إلَيْهِ فَلَا جُعْلَ لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ بِالْمَوْتِ فَالْعَمَلُ لم يَتِمَّ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فإنه يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ حَالَ الْحَيَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بتخليص ‏[‏بتلخيص‏]‏ مَتَاعِ غَيْرِهِ من مهلكه‏.‏

بَابُ اللُّقَطَةِ

فائدة‏:‏ ‏[‏تعريف اللقطة‏]‏

قَوْلُهُ وَهِيَ الْمَالُ الضَّائِعُ من رَبِّهِ، هو تَعْرِيفٌ لِمَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ وَكَذَا قال غَيْرُهُ، قال الْحَارِثِيُّ وَعَلَى هذا سُؤَالَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا قد يَكُونُ الْمُلْتَقَطُ غير ضَائِعٍ كَالْمَتْرُوكِ قَصْدًا لِأَمْرٍ يَقْتَضِيهِ وَمِنْهُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ وَالشَّيْءُ الذي يُتْرَكُ ثِقَةً بِهِ كَأَحْجَارِ الطَّحْنِ وَالْخَشَبِ الْكِبَارِ‏.‏

وَالثَّانِي أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا في الْتِقَاطِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْتِقَاطِهِ يَكُونُ خَارِجًا عَمَّا ذُكِرَ‏.‏

وَمَنْ قال من الْأَصْحَابِ لَا يُلْتَقَطُ إنَّمَا قال لِأَجْلِ كَوْنِهِ مُمْتَنِعًا بِنَابِهِ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالٍ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَيُعْصَمُ من السُّؤَالِ أَنْ يُضَافَ إلَى الْحَدِّ ما جَرَى مَجْرَى الْمَالِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا ما لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ‏.‏

يَعْنِي هِمَّةَ أَوْسَاطِ الناس وَلَوْ كَثُرَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وجزم بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَمَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ بِالسَّوْطِ وَالشِّسْعِ وَالرَّغِيفِ‏.‏

وَمَثَّلَهُ في الْإِرْشَادِ وَتَذْكِرَةِ ابن عقيل وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَمَاعَةٍ بِالتَّمْرَةِ وَالْكِسْرَةِ وَشِسْعِ النَّعْلِ وما أَشْبَهَهُ‏.‏

وَمَثَّلَهُ في الْمُغْنِي بِالْعَصَا وَالْحَبْلِ وما قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ ذلك‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ ما لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَحَنْبَلٍ أَنَّهُ ما كان مِثْلَ التَّمْرَةِ وَالْكِسْرَةِ وَالْخِرْقَةِ وما لَا خَطَرَ له فَلَا بَأْسَ‏.‏

وقال في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ الذي يُعَرَّفُ من اللُّقَطَةِ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا ما لَا قِيمَةَ له‏.‏

وَسُئِلَ الْإِمَامُ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ الرَّجُلُ يُصِيبُ الشِّسْعَ في الطَّرِيقِ أَيَأْخُذُهُ قال إذَا كان جَيِّدًا مِمَّا لَا يُطْرَحُ مِثْلُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كان رَدِيئًا قد طَرَحَهُ صَاحِبُهُ فَلَا بَأْسَ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ فَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُوَافِقُ ما قال في الْمُغْنِي وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَبْلَ وَالسَّوْطَ وَالرَّغِيفَ يَزِيدُ على التَّمْرَةِ وَالْكِسْرَةِ‏.‏

قال وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ على ما قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك كُلِّهِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ الْمُصَنِّفَ إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ في الشِّسْعِ فَقَطْ انْتَهَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وما قَلَّ كَتَمْرَةٍ وَخِرْقَةٍ وَشِسْعِ نَعْلٍ وَكِسْرَةٍ وَقِيلَ وَرَغِيفٍ انْتَهَى‏.‏

فحكى في الرَّغِيفِ الْخِلَافُ‏.‏

وَقِيلَ هو ما دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ‏.‏

قال في الْكَافِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ تَعْرِيفُ ما لَا يُقْطَعُ فيه السَّارِقُ‏.‏

وَقِيلَ هو ما دُونَ قِيرَاطٍ من عَيْنٍ أو وَرَقٍ اخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لَا يَجِبُ تَعْرِيفُ الدَّانِقِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى دَانِقًا من ذَهَبٍ‏.‏

وكذا قال صَاحِبُ التَّلْخِيصِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ ما فَوْقَ دَانِقٍ ذَهَبٍ‏.‏

وقال أَيْضًا وَعَنْهُ يُعَرَّفُ الدِّرْهَمُ فَأَكْثَرُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو وَجَدَ كَنَّاسٌ أو نَخَّالٌ أو مُقَلِّشٌ قِطَعًا صِغَارًا مُتَفَرِّقَةً مَلَكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ وَإِنْ كَثُرَتْ‏.‏

قَوْلُهُ فَيُمْلَكُ بِأَخْذِهِ بِلَا تَعْرِيفٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ مُدَّةً يُظَنُّ طَلَبُ رَبِّهِ له اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها ما قَالَهُ في التَّبْصِرَةِ إنَّ الصَّدَقَةَ بِذَلِكَ أَوْلَى‏.‏

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَدَلِهِ إذَا وَجَدَ رَبَّهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقُوَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا تَقْتَضِيهِ لِقَوْلِهِ فَيُمْلَكُ بِأَخْذِهِ بِلَا تَعْرِيفٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في التَّبْصِرَةِ يَلْزَمُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُهُمْ فيه يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في التَّمْرَةِ يَجِدُهَا أو يُلْقِيهَا عُصْفُورٌ أَيَأْكُلُهَا‏.‏

قال لَا قال أَيُطْعِمُهَا صَبِيًّا أو يَتَصَدَّقُ بها قال لَا يَعْرِضُ لها‏.‏

نَقَلَهَا أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ عبد الْوَهَّابِ الْوَرَّاقِ‏.‏

وَمِنْهَا لَا يُعَرِّفُ الْكَلْبَ إذَا وَجَدَهُ بَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ إذَا كان مُبَاحًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُعَرِّفُ سَنَةً وَيَأْتِي قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي الضَّوَالُّ التي تَمْتَنِعُ من صِغَارِ السِّبَاعِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالظِّبَاءِ وَالطَّيْرِ وَالْفُهُودِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فوائد‏:‏

منها الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحُمُرَ مِمَّا يَمْتَنِعُ من صِغَارِ السِّبَاعِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هو قَوْلُ الْقَاضِي في آخَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَأَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ الْحُمُرَ بِالشَّاةِ وَنَحْوِهَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو أَوْلَى‏.‏

وَمِنْهَا قال الْحَارِثِيُّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَمْتَنِعُ الْتِقَاطُهُ كما اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ لَفْظِهِ هُنَا وَصَرِيحُ لَفْظِهِ في الْمُغْنِي اعْتِبَارًا بِمَنَعَتِهِ بِنَابِهِ‏.‏

وَجَوَّزَ الْتِقَاطَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وهو أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ في الْمَنْعِ وَلَيْسَ في مَعْنَى الْمَمْنُوعِ وفي أَخْذِهِ حِفْظُهُ على مُسْتَحِقِّهِ أَشْبَهَ الْأَثْمَانَ وَأَوْلَى من جِهَةِ أَنَّهُ ليس مَالًا فَيَكُونُ أَخَفَّ‏.‏

وَعَلَى هذا هل يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ فيه وَجْهَانِ وَفِيهِمَا طَرِيقَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا بِنَاءُ الْخِلَافِ على الْخِلَافِ في تَمَلُّكِ الشَّاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي‏.‏

وَالْأُخْرَى بِنَاءُ الِانْتِفَاعِ على التَّمَلُّكِ لِمَا يُتَمَلَّكُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَبِنَاءُ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِمَا ضَاعَ منه بِالْقِيمَةِ لو تَلِفَ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا فَيُؤَدِّي إلَى الِانْتِفَاعِ مَجَّانًا وهو خِلَافُ الْأَصْلِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ أَخْذُ ما يَمْتَنِعُ من صِغَارِ السِّبَاعِ وَحِفْظُهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَلَا يكتفي فيها بِالصِّفَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ من ذلك لِحِفْظِهِ لِرَبِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا إذَا خِيفَ عليها كما لو كانت في‏.‏

أَرْضِ مَسْبَعَةٍ أو قَرِيبًا من دَارِ الْحَرْبِ أو بِمَوْضِعٍ يَسْتَحِلُّ أَهْلُهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ أو في بَرِيَّةٍ لَا مَاءَ فيها وَلَا مَرْعَى وَلَا ضَمَانَ على آخِذِهَا لِأَنَّهُ إنْقَاذٌ من الْهَلَاكِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو كما قال وَجَزَمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ بِوُجُوبِ أَخْذِهَا وَالْحَالَةُ هذه لَكَانَ له وَجْهٌ‏.‏

وَمِنْهَا قَطْعُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ بِجَوَازِ الْتِقَاطِ الصَّيُودِ الْمُتَوَحِّشَةِ التي إذَا تُرِكَتْ رَجَعَتْ إلَى الصَّحْرَاءِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْجِزَ عنها صَاحِبُهَا وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ عَدَمُ الْجَوَازِ‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ إنَّمَا حكى ذلك عنه في طَيْرٍ مُتَوَحِّشَةٍ‏.‏

وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ من ذلك‏.‏

وَمِنْهَا قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَمَاعَةٌ أَحْجَارُ الطَّوَاحِينِ وَالْقُدُورُ الضَّخْمَةُ وَالْأَخْشَابُ الْكَبِيرَةُ وَنَحْوُهَا مُلْحَقَةٌ بِالْإِبِلِ في مَنْعِ الِالْتِقَاطِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بَلْ أَوْلَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ جَوَازُ الِالْتِقَاطِ وَكَذَا نصة في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ‏.‏

وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ في الْخَشَبَةِ الْكَبِيرَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَهَا ضَمِنَهَا‏.‏

يَعْنِي إذَا تَلِفَتْ وَيَضْمَنُ نَقْصَهَا إذَا تَعَيَّبَتْ‏.‏

لَكِنَّ إتْلَافَهَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قد كَتَمَهَا أو لَا‏.‏

فَإِنْ كان ما كَتَمَهَا وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا كَغَاصِبٍ‏.‏

وَإِنْ كان كَتَمَهَا حتى تَلِفَتْ ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا مَرَّتَيْنِ على الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ إمَامًا كان أو غَيْرَهُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وقال بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَضْمَنُهُ كَغَاصِبٍ وَنَصُّهُ وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ يَضْمَنُ ضَالَّةً مَكْتُومَةً بِالْقِيمَةِ مَرَّتَيْنِ لِلْخَبَرِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى نَائِبِ الْإِمَامِ زَالَ عنه الضَّمَانُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هذا يَنْبَنِي على أَنَّ لِنَائِبِ الْإِمَامِ أَخْذَهَا ابْتِدَاءً لِلْحِفْظِ وهو شَيْءٌ قَالَهُ مُتَأَخِّرُو أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَكَذَا لو أَمَرَهُ بِرَدِّهَا إلَى مَوْضِعِهَا وَرَدَّهَا بريء قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ منه لم يَلْزَمْهُ تَعْرِيفُهَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّالِثُ سَائِرُ الْأَمْوَالِ كَالْأَثْمَانِ وَالْمَتَاعِ وَالْغَنَمِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ وَالْأَفْلَاءِ‏.‏

يَعْنِي يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت وَكَذَا مَرِيضٌ لَا يَنْبَعِثُ وَلَوْ كان كَبِيرًا‏.‏

وَعَنْهُ في شَاةٍ وَفَصِيلٍ وَعِجْلٍ وَفَلْوٍ لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ لَا يَلْتَقِطُ الشَّاةَ وَنَحْوَهَا إلَّا الْإِمَامُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ في الْعَرْضِ رِوَايَةً لَا يَلْتَقِطُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ وَالْجَارِيَةَ وهو صَحِيحٌ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ كَالشَّاةِ وَكَذَا كُلُّ جَارِيَةٍ تَحْرُمُ على الْمُلْتَقِطِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَصِغَارُ الرَّقِيقِ مُطْلَقًا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ على ذلك‏.‏

وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ بِالتَّعْرِيفِ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فيها نَظَرٌ فإن اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَإِنْ كان مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عن نَفْسِهِ فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لم يُقْبَلْ إقْرَارُهُ لِأَنَّ الطِّفْلَ لَا قَوْلَ له وَلَوْ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ في ذلك لَاعْتُبِرَ في تَعْرِيفِهِ سَيِّدَهُ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عليها وَقَوِيَ على تَعْرِيفِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ إنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَخْذُهَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ من هذا الْقَوْلِ وُجُوبَ أَخْذِهَا وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وقوى على تَعْرِيفِهَا أَنَّ الْعَاجِزَ عن التَّعْرِيفِ ليس له أَخْذُهَا‏.‏

وهو صَحِيحٌ وَكَذَا الْحَكَمُ إنْ لم يَأْمَنْ نَفْسَهُ عليها‏.‏

وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ يَمْلِكُهَا ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَخَذَهَا بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ طَرَأَ قَصْدُ الْخِيَانَةِ قال في التَّلْخِيصِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ كما لَا يَضْمَنُ لو كان أَوْدَعَهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وهو الصَّحِيحُ انْتَهَى‏.‏

وَالثَّانِي يَضْمَنُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وهو الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا في التَّضْمِينِ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ الْكِتْمَانِ وَيُخَالِفُ الْمُودَعَ فإنه مُسَلَّطٌ من جِهَةِ الْمَالِكِ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْوَدِيعَةِ قبل قَوْلِهِ وَإِنْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ وَدِيعَةً‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ حِكَايَةً عن صَاحِبِ التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى أَخَذَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا أو فَرَّطَ فيها ضَمِنَهَا‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا الْتَقَطَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مِمَّا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ أو لَا‏.‏

فَإِنْ كانت مِمَّا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ ضَمِنَهَا إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ أو نَائِبُهُ بِذَلِكَ فإنه لَا يَضْمَنُ بِلَا نِزَاعٍ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَإِنْ كانت مِمَّا لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ إذَا رَدَّهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ أو لَا‏.‏

فَإِنْ كان بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا لم يَضْمَنْ‏.‏

وَإِنْ كان بِغَيْرِ إذْنٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَزُولُ عنه الضَّمَانُ لو أَخَذَهَا وَدَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَخَذَ من نَائِمٍ شيئا لم يَبْرَأْ منه إلَّا بِتَسْلِيمِهِ له بَعْدَ انْتِبَاهِهِ وَكَذَلِكَ السَّاهِي‏.‏

قَوْلُهُ وَهِيَ على ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا حَيَوَانٌ فَيُخَيَّرُ بين أَكْلِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ وَبَيْنَ حِفْظِهِ وَالْإِنْفَاقِ عليه من مَالِهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ لم يذكر أَصْحَابُنَا له تَعْرِيفًا وَمُرَادُهُ إذَا اسْتَوَتْ الثَّلَاثَةُ عِنْدَهُ‏.‏

أَمَّا إذَا كان أَحَدُهُمَا أَحَظَّ فإنه يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ لِمَالِكِهِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وفي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ في بَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ وَجَبَ عليه نَفَقَةُ الْحَيَوَانِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ إنْ رَأَى من الْمَصْلَحَةِ بَيْعَهَا وَحِفْظَ ثَمَنِهَا أو بَيْعَ الْبَعْضِ في مُؤْنَةِ ما بَقِيَ أو أَنْ يَسْتَقْرِضَ على الْمَالِكِ أو يُؤَجِّرَ في الْمُؤْنَةِ فَعَلَ انْتَهَى‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَبِيعُ بَعْضَ الْحَيَوَانِ‏.‏

وَأَفْتَى أبو الْخَطَّابِ وابن الزَّاغُونِيِّ بِأَكْلِهِ بِمَضْيَعَةٍ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ وَإِلَّا لم يَجُزْ تَعْجِيلُ ذَبْحِهِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ‏.‏

وقال أبو الْحُسَيْنِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وابن بَكْرُوسٍ لَا يَتَصَرَّفُ قبل الْحَوْلِ في شَاةٍ وَنَحْوِهَا بِأَكْلٍ وَلَا غَيْرِهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَنَحْوُهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ‏.‏

قال في زَادِ الْمُسَافِرِ وَضَالَّةُ الْغَنَمِ إذَا أَخَذَهَا يُعَرِّفُهَا سَنَةً وهو الْوَاجِبُ فإذا مَضَتْ السَّنَةُ ولم يَعْرِفْ صَاحِبَهَا كانت له مِثْلَ ما الْتَقَطَ من غَيْرِهَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وقد قال الشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ لَا تُمْلَكُ الشَّاةُ قبل الْحَوْلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

وَكَذَا حَكَى السَّامِرِيُّ قال إنْ كانت اللُّقَطَةُ حَيَوَانًا يَجُوزُ أَخْذُهُ كَالْغَنَمِ وما حُكْمُهُ حُكْمُهَا لم يَمْلِكْهَا قبل الْحَوْلِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْحَيَوَانَ يُعَرَّفُ كَغَيْرِهِ وهو مُقْتَضَى كَلَام صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَأَبِي الْبَرَكَاتِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا يَنْفِي اخْتِيَارَ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ عَاجِلٌ وَهَذَا أَعْنِي الْحِفْظَ من غَيْرِ تَخْيِيرٍ هو الصَّحِيحُ فَكَانَ قبل ذلك أَوْلَى الْأُمُورِ الْحِفْظُ مع الْإِنْفَاقِ ثُمَّ الْبَيْعُ وَحِفْظُ ثَمَنِهِ ثُمَّ الْأَكْلُ وَغُرْمُ الْقِيمَةِ انْتَهَى‏.‏

وقال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ‏:‏

وَالشَّاةُ في الْحَالِ وَلَوْ في الْمِصْرِ *** تُمْلَكُ بِالضَّمَانِ إنْ لم يبرى

قَوْلُهُ وَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ وَالرُّجُوعُ هو الْمَنْصُوصُ في الْآبِقِ وَالْآبِقُ من نَحْوِ الضَّالَّةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِرْشَادِ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ يَرْجِعُ مع تَرْكِ التَّعَدِّي فَإِنْ تَعَدَّى يُحْسَبُ له‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ إنْ كانت النَّفَقَةُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ وَإِنْ لم تَكُنْ بِإِذْنِهِ فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ‏.‏

يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عن غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَوَى الرُّجُوعَ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ فَكَذَا هُنَا‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَمِنْهُمْ من رَجَّحَ هُنَا عَدَمَ الرُّجُوعِ لِأَنَّ حِفْظَهَا لم يَكُنْ مُتَعَيِّنًا بَلْ كان مُخَيَّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْعِهَا وَحِفْظِ ثَمَنِهَا‏.‏

وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَنْفَقَ غير مُتَطَوِّعٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بها وَإِنْ كان مُحْتَسِبًا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ إنْ كان بِإِذْنِ حَاكِمٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ولم يَشْهَدْ بِالرُّجُوعِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَإِنْ أَنْفَقَ مُحْتَسِبًا بها وَأَشْهَدَ على ذلك فَهَلْ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي ما يُخْشَى فَسَادُهُ فَيُخَيَّرُ بين بَيْعِهِ وَأَكْلِهِ‏.‏

يَعْنِي إذَا اسْتَوَيَا وَإِلَّا فَعَلَ الْأَحَظَّ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ أَكْلُ الْحَيَوَانِ وما يَخْشَى فَسَادَهُ بِقِيمَتِهِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

وقال في الْمُغْنِي يَقْتَضِي قَوْلُ أَصْحَابِنَا إنَّ الْعُرُوضَ لَا تُمْلَكُ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ بين الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ وَذَكَرَ نَصًّا يَدُلُّ على ذلك انْتَهَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ ما لَا يَبْقَى‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ فيه وَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ يَتَخَيَّرُ بين بَيْعِهِ وَأَكْلِهِ كَذَا أَوْرَدُوا مُطْلَقًا‏.‏

وَقَيَّدَ أبو الْخَطَّابِ بِمَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ فإنه قال عَرَّفَهُ بِقَدْرِ ما يَخَافُ فَسَادَهُ ثُمَّ هو بِالْخِيَارِ‏.‏

قال وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ ما يَخَافُ فَسَادَهُ وَهْمٌ وَإِنَّمَا هو بِقَدْرِ ما لَا يَخَافُ‏.‏

قُلْت وَتَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ على هذه الْعِبَارَةِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةٍ‏.‏

وَمَشَى على الصَّوَابِ في الْخُلَاصَةِ فقال عَرَّفَهُ ما لم يُخْشَ فَسَادُهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَالْمَذْهَبُ الْإِبْقَاءُ ما لم يَفْسُدْ من غَيْرِ تَخْيِيرٍ على ما مَرَّ نَصُّهُ في الشَّاةِ وهو الصَّحِيحُ فإذا دَنَا الْفَسَادُ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ مَضْمُونًا عليه‏.‏

وَالثَّانِيَةُ الْبَيْعُ وَحِفْظُ الثَّمَنِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ انْتَهَى‏.‏

وَمَعَ تَعَذُّرِ الْبَيْعِ أو الصَّدَقَةِ يَجُوزُ له أَكْلُهُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا يُبَاعُ فإن الْبَائِعَ الْمُلْتَقِطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كان يَسِيرًا أو كَثِيرًا تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ أو لَا‏.‏

وَعَنْهُ يَبِيعُ الْيَسِيرَ وَيَرْفَعُ الْكَثِيرَ إلَى الْحَاكِمِ‏.‏

وَعَنْهُ يَبِيعُهُ كُلَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ وَإِلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو تَرَكَهُ حتى تَلِفَ ضَمِنَهُ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ كَالْعِنَبِ فَيَفْعَلَ ما يَرَى فيه الْحَظَّ لِمَالِكِهِ‏.‏

أَيْ من التَّجْفِيفِ وَالْبَيْعِ وَالْأَكْلِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي‏.‏

ولم يَجْعَلْ له الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ الْأَكْلَ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ قبل انْقِضَاءِ التَّعْرِيفِ فِيمَا يَبْقَى وهو خِلَافُ الْأَصْلِ وَاقْتَصَرُوا على الْأَحَظِّ من التَّجْفِيفِ وَالْبَيْعِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَقْوَى‏.‏

وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ من رِوَايَةِ مُهَنَّا وَإِسْحَاقَ التَّسْوِيَةُ بين هذا النَّوْعِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

وَكَذَا كَلَامُ بن أبي مُوسَى قال فيجرى فيه ما مَرَّ من الْخِلَافِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيُعَرِّفُ الْجَمِيعَ يَعْنِي وُجُوبًا بِالنِّدَاءِ عليه في مَجَامِعِ الناس كَالْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ في أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ حَوْلًا كَامِلًا من ضَاعَ منه شَيْءٌ أو نفقه‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ‏.‏

وَوَقْتُ التَّعْرِيفِ النَّهَارُ وَيَكُونُ في الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ في كل يَوْمٍ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ مَرَّةً في كل أُسْبُوعٍ من شَهْرٍ ثُمَّ مَرَّةً في كل شَهْرٍ‏.‏

وَقِيلَ على الْعَادَةِ بِالنِّدَاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَكُونُ ذلك على الْفَوْرِ‏.‏

وَقِيلَ يُعَرِّفُهَا بِقُرْبِ الصَّحْرَاءِ إذَا وَجَدَهَا فيها‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت في أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ منه‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ قَوْلُهُ وَيُعَرِّفُ الْجَمِيعَ الْحَيَوَانَ وَغَيْرَهُ وهو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا الْحُسَيْنِ وابن عَقِيلٍ وابن بَكْرُوسٍ وَالشَّرِيفَيْنِ وَغَيْرَهُمْ قالوا لَا يَتَصَرَّفُ في شَاةٍ وَلَا في غَيْرِهَا قبل الْحَوْلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ تَعَرُّفَ الشَّاةِ وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لم يَذْكُرُوا لِلْحَيَوَانِ تَعْرِيفًا‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ ما يُخْشَى فَسَادُهُ يُعَرَّفُ بِمِقْدَارِ ما لَا يُخَافُ فَسَادُهُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وَالسَّامِرِيِّ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَالْأَصَحُّ أنها تُعَرَّفُ حَوْلًا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ أَنَّهُ لَا يُعَرِّفُهَا في نَفْسِ الْمَسَاجِدِ وهو صَحِيحٌ بَلْ يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَحْرُمُ وَقَالَه ابن بَطَّةَ في إنْشَادِهَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَخَّرَ التَّعْرِيفَ عن الْحَوْلِ الْأَوَّلِ مع إمْكَانِهِ أَثِمَ وَسَقَطَ التَّعْرِيفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَخَرَجَ عَدَمُ السُّقُوطِ من نَصِّهِ على تَعْرِيفِ ما يُوجَدُ من دَفْنِ الْمُسْلِمِينَ وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ في الْمُغْنِي‏.‏

قال ‏[‏قاله‏]‏ الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

فَيَأْتِي بِهِ في الْحَوْلِ الثَّانِي أو يُكْمِلُهُ إنْ أَخَلَّ بِبَعْضِ الْأَوَّلِ‏.‏

وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لو تَرَكَ التَّعْرِيفَ في بَعْضِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَهُ‏.‏

وفي الصَّدَقَةِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ في الْعُرُوضِ‏.‏

أَمَّا إنْ تَرَكَ التَّعْرِيفَ في الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِعَجْزِهِ عنه كَالْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ أو لِنِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ أو ضَاعَتْ فَعَرَّفَهَا الثَّانِي في الْحَوْلِ الثَّانِي فَقِيلَ يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ وَلَا يَمْلِكُهَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَقِيلَ يَمْلِكُهَا وَلَا يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْمُنَادِي عليه‏.‏

يَعْنِي على الْمُلْتَقِطِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وقال أبو الْخَطَّابِ ما لَا يُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ وما يُقْصَدُ حِفْظُهُ لِمَالِكِهِ يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ عليه‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ ما لَا يُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ يَرْجِعُ عليه بِالْأُجْرَةِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْفُنُونِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا‏.‏

وَقِيلَ على رَبِّهَا مُطْلَقًا‏.‏

وَعِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ الْأُجْرَةُ من نَفْسِ اللُّقَطَةِ كما لو جَفَّفَ الْعِنَبَ وَنَحْوَهُ‏.‏

وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخَذَهَا الْحَاكِمُ من رَبِّهَا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لم تُعَرَّفْ دَخَلَتْ في مِلْكِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ حُكْمًا كَالْمِيرَاثِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنُصَّ عليه‏.‏

قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَاخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْمِلْكَ قهرى يَثْبُتُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ كَالْإِرْثِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجُزِمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ لَا يَمْلِكُهُ حتى يَخْتَارَ وهو رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا في الْوَاضِحِ فَيَتَوَقَّفُ على الرِّضَى كَالشِّرَاءِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لُقَطَةَ الْحَرَمِ كَغَيْرِهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ عَدَمُ الْفَرْقِ هو الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَنُصَّ عليه‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ وَقَدَّمَهُ في المحرر ‏[‏المحرز‏]‏ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تُمْلَكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ بِحَالٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ من الْمُتَأَخِّرِينَ‏.‏

قال في الْفَائِقِ أَيْضًا وهو الْمُخْتَارُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

قال في الِانْتِصَارِ وَنُقِلَ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّ اللُّقَطَةَ لَا تُمْلَكُ مُطْلَقًا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وهو غَرِيبٌ لَا تَفْرِيعَ عليه وَلَا عَمَلَ‏.‏

وَعَنْهُ يَتَمَلَّكُهَا فَقِيرٌ غَيْرُ ذَوِي الْقُرْبَى‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُ لَكِنْ يَأْكُلُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ مع فَقْرِهِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَأَنْكَرَهُ الْخَلَّالُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ غير الْأَثْمَانِ كَالْأَثْمَانِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ هذا الْأَظْهَرُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَمْلِكُ إلَّا الْأَثْمَانَ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هذا أَشْهَرُ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتُمْلَكُ الْأَثْمَانُ وَلَا تُمْلَكُ الْعُرُوض على الْأَصَحِّ انْتَهَيَا‏.‏

وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْقَاضِي نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ فقال‏:‏

مُلْتَقِطُ الْأَثْمَانِ مُذْ عَرَّفَهَا *** حَوْلًا فَقَهَرَ ذَا الْغِنَى يَمْلِكُهَا

قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ وَهِيَ الْمَشْهُورُ في النَّقْلِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الشَّاةَ وَنَحْوَهَا تُمْلَكُ دُونَ الْعُرُوضِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ له الصَّدَقَةُ بِغَيْرِهَا على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

يَعْنِي على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غير الْأَثْمَانِ‏.‏

وَعَلَى هذا قال الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ إنْ شَاءَ سَلَّمَ إلَى الْحَاكِمِ وَبَرِئَ وَإِنْ شَاءَ لم يُسَلِّمْ وَعَرَّفَهَا أَبَدًا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا تُدْفَعُ إلَيْهِ وَهَلْ له الصَّدَقَةُ بها على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ هُنَا‏.‏

إحْدَاهُمَا له الصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْخَلَّالُ كُلُّ من رَوَى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَى عنه أَنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً وَيَتَصَدَّقُ بها‏.‏

قال في الْفَائِقِ هو الْمَنْصُوصُ أَخِيرًا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ يَتَصَدَّقُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ليس له ذلك بَلْ يُعَرِّفُهَا أَبَدًا نَقَلَهُ عنه طَاهِرُ بن مُحَمَّدٍ‏.‏

وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ في الْغَصْبِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ بَقِيَتْ في يَدِهِ غُصُوبٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتَصَدَّقُ انْتَهَى‏.‏

لَكِنْ قال الْخَلَّالُ هذا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عنه وَكُلُّ من رَوَى عنه رَوَى عنه أَنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً وَيَتَصَدَّقُ بها‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أَنَّهُ إنْ كان يَسِيرًا بَاعَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ كان كَثِيرًا رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وقال نَقَلَهُ مُهَنَّا وَرَدَّهُ الْمَجْدُ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسْعِينَ‏.‏

وَتَقَدَّمَتْ هذه الْمَسْأَلَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَنَظَائِرُهَا في أَوَاخِرِ الْغَصْبِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ بَقِيَتْ في يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

تَلَخَّصَ لنا مِمَّا تَقَدَّمَ في هذه الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ اللُّقَطَةَ تَدْخُلُ في مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ حَيْثُ قُلْنَا تُمْلَكُ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ التَّسْوِيَةُ بين لُقَطَةِ الْحَرَمِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَأَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ قالوا لَا يَمْلِكُ غير الْأَثْمَانِ وهو الْمَشْهُورُ عنه وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

لَكِنْ على الْمُصْطَلَحِ الذي تَقَدَّمَ في الْخُطْبَةِ يَكُونُ الْمَذْهَبُ الْمِلْكَ في الْكُلِّ قَهْرًا‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ يُتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ في الصَّدَقَةِ في غَيْرِ الْأَثْمَانِ أَنْ يَأْتِيَا فِيمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ من اللُّصُوصِ إذَا لم يَعْرِفْ رَبَّهُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو الْتَقَطَ اثْنَانِ وَعَرَّفَا مَلَكَاهَا‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاخْتِيَارِ لو اخْتَارَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مَلَكَ النِّصْفَ وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو رَأَى اللُّقَطَةَ اثْنَانِ فقال أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ هَاتِهَا فَأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ لِلْآخِذِ وأن أَخَذَهَا لِلْآمِرِ فَهِيَ له أَعْنِي لِلْآمِرِ كما في التَّوْكِيلِ في الِاصْطِيَادِ ذَكَرَ ذلك الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ في اللُّقَطَةِ حتى يَعْرِفَ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَقَدْرَهَا وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا وَيُسْتَحَبُّ ذلك عِنْدَ وُجْدَانِهَا‏.‏

الْأَوْلَى مَعْرِفَةُ ذلك عِنْدَ الْتِقَاطِهَا‏.‏

وَإِنْ أَخَّرَ مَعْرِفَةَ ذلك إلَى مَجِيءِ صَاحِبِهَا جَازَ‏.‏

فَإِنْ لم يَجِئْ وَأَرَادَ التَّصَرُّفَ فيها بَعْدَ الْحَوْلِ لم يَجُزْ حتى يَعْرِفَ صِفَتَهَا‏.‏

وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ خَلْطَهَا بِمَالِهِ على وَجْهٍ لَا تَتَمَيَّزُ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي تَجِبُ حَالَةَ الْأَخْذِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَحَالَةَ إرَادَةِ التَّصَرُّفِ وُجُوبًا مُضَيَّقًا‏.‏

فائدة‏:‏

الْوِعَاءُ هو ظَرْفُهَا وَالْوِكَاءُ هو الْخَيْطُ الذي تُشَدُّ بِهِ وَالْعِفَاصُ‏.‏

قال في الْمُسْتَوْعِبِ هو الشَّدُّ وَالْعَقْدُ وَقِيلَ هو صِمَامُ الْقَارُورَةِ‏.‏

وَذَكَرَ ابن عقيل في التَّذْكِرَةِ أَنَّهُ الصُّرَّةُ وهو ظَرْفُهَا‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْوِعَاءُ الذي تَكُونُ فيه من خِرْقَةٍ أو غَيْرِهَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوِكَاءُ ما يُشَدُّ بِهِ وَالْعِفَاصُ هو صِفَةُ شَدِّهِ وَعَقْدِهِ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ سِدَادَةُ الْقَارُورَةِ وَقِيلَ بَلْ الْوِعَاءُ انْتَهَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ الْعِفَاصُ مَقُولٌ على الْوِعَاءِ وَوَرَدَ احْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا‏.‏

وَالْعِفَاصُ في هذه الرِّوَايَةِ صِمَامُ الْقَارُورَةِ أَيْ الْجِلْدُ الْمَجْعُولُ على رَأْسِهَا يُقَالُ عليه أَيْضًا فَيَتَعَرَّفُ الْوِعَاءَ كِيسًا هو أو غير ذلك وَهَلْ هو من خِرَقٍ أو جُلُودٍ أو وَرَقٍ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ وَيَتَعَرَّفُ هل هو إبْرَيْسَمٌ أو كَتَّانٌ‏.‏

وَإِنْ كان ثِيَابًا تَعَرَّفَ لَفَائِفَهَا أو مَائِعًا تَعَرَّفَ ظَرْفَهُ خِرَقٌ أو خَشَبٌ أو جِلْدٌ‏.‏

وَيَتَعَرَّفُ الْوِكَاءَ وهو ما يُرْبَطُ بِهِ سَيْرٌ أَمْ خَيْطٌ أَمْ شرابه‏.‏

قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَيَتَعَرَّفُ الرَّبْطَ هل هو عُقْدَةٌ أو عُقْدَتَانِ وَأُنْشُوطَةٌ أو غَيْرُهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَالْإِشْهَادُ عليها‏.‏

يَعْنِي يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عليها وَيَكُونَانِ عَدْلَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ الْإِشْهَادُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وابن أبي مُوسَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو الْمَنْصُوصُ‏.‏

تنبيه‏:‏

يَكُونُ الْإِشْهَادُ عليها لَا على صِفَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَكُونُ عليها وَعَلَى صِفَتِهَا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

قَوْلُهُ فَمَتَى جاء طَالِبُهَا فَوَصَفَهَا لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ‏.‏

يَعْنِي من غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ بِلَا نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ غَلَبَ على ظَنِّهِ صِدْقُهُ أو لَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ إذَا وَصَفَهَا إلَّا مع ظَنِّ صدقة وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وقال في الْمُبْهِجِ وَالتَّبْصِرَةِ جَازَ الدَّفْعُ‏.‏

وَنَقَلَ بن هَانِئٍ وَيُوسُفُ بن مُوسَى لَا بَأْسَ بِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَصَفَهَا فَقَطْ‏.‏

أَمَّا إذَا قَامَتْ له بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَزِمَهُ دَفْعُهَا وهو وَاضِحٌ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الْحَارِثِيُّ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الدَّفْعِ إذَا وَصَفَهَا فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالْقَاسِمُ بن الْحَسَنِ بن الْحَدَّادِ في كُتُبِهِمْ الْخِلَافِيَّةِ إذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ لَزِمَ الدَّفْعُ وَنُصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مُشَيْشٍ‏.‏

وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ إذَا جاء بِالصِّفَةِ وَالْوَزْنِ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَزِيَادَتُهَا الْمُنْفَصِلَةُ لِمَالِكِهَا قبل الْحَوْلِ وَلِوَاجِدِهَا بَعْدَهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَكُونُ لِصَاحِبِهَا أَيْضًا اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْأَبِ إذَا اسْتَرْجَعَ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ أَيْضًا عن الْوَجْهِ الثَّانِي بِنَاءً على الْمُفْلِسِ‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ هُمَا مَبْنِيَّانِ على الْخِلَافِ في مِثْلِهِ في الْمَبِيعِ الْمُرْتَجَعِ من الْمُفْلِسِ وَالْمَوْهُوبِ الْمُرْتَجَعِ من الْوَلَدِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ في الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ إذَا رَجَعَ فيها الْأَبُ فَإِنَّهَا لِلْوَلَدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على ما يَأْتِي في الْهِبَةِ‏.‏

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ في الْمَبِيعِ الْمَأْخُوذِ من الْمُفْلِسِ فَالْخِلَافُ فيها قَوِيٌّ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ أنها لِلْبَائِعِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أنها لِلْمُفْلِسِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فَهِيَ لِمَالِكِهَا على كل حَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ أو نَقَصَتْ قبل الْحَوْلِ لم يَضْمَنْهَا‏.‏

مُرَادُهُ إذَا لم يُفَرِّطْ فيها لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ في يَدِهِ‏.‏

وَإِنْ كان بَعْدَهُ ضَمِنَهَا وَلَوْ لم يُفَرِّطْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَرُوهُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُهَا إذَا تَلِفَتْ‏.‏

حَكَى بن أبي مُوسَى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَوَّحَ في مَوْضِعٍ إذَا أَنْفَقَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَالتَّعْرِيفِ لم يَضْمَنْهَا لِحَدِيثِ عِيَاضِ بن حِمَارٍ رضي اللَّهُ عنه‏.‏

وَقِيلَ لَا يَرُدُّهَا إنْ كانت بَاقِيَةً‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ‏.‏

فَأَمَّا على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فإنه لَا يَضْمَنُهَا إذَا لم يُفَرِّطْ بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو قال مَالِكُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّلَفِ لِلْمُلْتَقِطِ أَخَذْتَهَا لِتَذْهَبَ بها وقال الْمُلْتَقِطُ بَلْ لِأُعَرِّفهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ نَقَلَهُ عنه الْحَارِثِيُّ في آخِرِ الْبَابِ‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا تَصَرَّفَ في اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كانت مِثْلِيَّةً ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ لم تَكُنْ مِثْلِيَّةً ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا يوم عَرَفَ رَبَّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا يوم مَلَكَهَا قَطَعَ بِه ابن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا يوم غَرِمَ بَدَلَهَا‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَدْرَكَهَا رَبُّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ مَبِيعَةً أو مَوْهُوبَةً فَلَيْسَ له إلَّا الْبَدَلُ كما في التَّلَفِ وَلَوْ أَدْرَكَهَا في زَمَنِ الْخِيَارِ فَوَجْهَانِ‏.‏

أَصَحُّهَا وُجُوبُ الْفَسْخِ وَالرَّدِّ إلَيْهِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي عَدَمُ الْوُجُوبِ وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَوْ كان عَادَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أو شِرَاءٍ أو غَيْرِ ذلك أَخَذَهُ الْمَالِكُ قَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ‏.‏

وَلَوْ أَدْرَكَهُ مَرْهُونًا مَلَكَ انْتِزَاعَهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ وَانْتِفَاءِ إذْنِهِ في الرَّهْنِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

قُلْت وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُ الِانْتِزَاعِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ‏.‏

وَالرَّابِعَةُ تَدْخُلُ اللُّقَطَةُ في مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ من غَيْرِ عِوَضٍ يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ وُجُوبُ الْعِوَضِ بِظُهُورِ الْمَالِكِ كما يَتَجَدَّدُ بِهِ زَوَالُ الملك ‏[‏المالك‏]‏ عن الْعَيْنِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَنَصَرَهُ‏.‏

وقال الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ بِعِوَضٍ كَالْقَرْضِ‏.‏

ثُمَّ قال إنَّمَا تجب ‏[‏يملك‏]‏ الْقِيمَةَ بِحُضُورِ الْمَالِكِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا تَنَاقُضٌ‏.‏

وقال ما قَالَهُ الْقَاضِي وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَفَهَا اثْنَانِ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَكَذَا قال في الْمُذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ‏.‏

وفي الْأُخْرَى يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَالْمَذْهَبُ الْقُرْعَةُ وَدَفْعُهَا إلَى الْقَارِعِ مع يَمِينِهِ نُصَّ عليه‏.‏

وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في كِتَابَيْهِ‏.‏

وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كما في تَدَاعِي الْوَدِيعَةِ‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَذَا أَشْبَهُ بِأُصُولِنَا فِيمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا في يَدِ غَيْرِهِمَا انْتَهَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَصَحَّحَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هذا أَقْيَسُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا إذَا وَصَفَاهَا مَعًا أو وَصَفَهَا الثَّانِي قبل دَفْعِهَا إلَى الْأَوَّلِ‏.‏

أَمَّا إذَا وَصَفَهَا وَاحِدٌ وَدُفِعَتْ إلَيْهِ ثُمَّ وَصَفَهَا آخَرُ فإن الثَّانِيَ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ إنْ زَادَ في وَصْفِهَا اُحْتُمِلَ تَخْرِيجُهُ على بَيِّنَةِ النِّتَاجِ وَالنَّسَّاجِ فَإِنْ رَجَّحْنَا بِهِ هُنَاكَ رَجَّحْنَا بِهِ هُنَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو ادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَصَفَهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ حَلَفَ وَأَخَذَهَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَمِثْلُهُ وَصْفُهُ مَغْصُوبًا وَمَسْرُوقًا ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ على قِيَاسِ قَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ في دَفْنِ الدَّارِ فَمَنْ وَصَفَهُ فَهُوَ له‏.‏

وَقِيلَ لَا كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَرَهْنٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلَا تَتَعَذَّرُ الْبَيِّنَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَلْزَمُ مُدَّعِيَ اللُّقَطَةِ مع صِفَتِهَا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْتِقَاطِ الْعَبْدِ لها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ لَا يَصِحُّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ صَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أنها له أَخَذَهَا من الْوَاصِفِ فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا من شَاءَ من الْوَاصِفِ أو الدَّافِعِ إلَيْهِ وهو الْمُلْتَقِطُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَلَا ضَمَانَ عليه‏.‏

إنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَاصِفِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَلَا ضَمَانَ عليه قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَإِنْ لم يَكُنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بين تَضْمِينِ الْوَاصِفِ وَالدَّافِعِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هو قَوْلُ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قُلْت منهم الْقَاضِي ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فَإِنْ ضَمِنَ الدَّافِعُ رَجَعَ على الْوَاصِفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قد أَقَرَّ له بِالْمِلْكِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ شَيْءٌ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الدَّفْعِ إلَيْهِ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ فَعَلَ ما أُمِرَ بِهِ وَلَا مَنْدُوحَةَ عنه كما لو كان بِقَضَاءِ قَاضٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَمَتَى ضَمِنَ الدَّافِعُ رَجَعَ على الْوَاصِفِ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا لم يَعْتَرِفْ له بِالْمِلْكِ‏.‏

فَأَمَّا إنْ اعْتَرَفَ له بِالْمِلْكِ فإنه لَا يَرْجِعُ عليه ألبته‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بين كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ غَنِيًّا أو فَقِيرًا مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا عَدْلًا أو فَاسِقًا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عليها‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ فَإِنْ كان الْفَاسِقُ لَا يُؤْمَنُ على تَعْرِيفِهَا ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ في تَعْرِيفِهَا وَحِفْظِهَا‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وأبو الْحَسَنِ بن الْبَنَّا وأبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَيُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أو السُّلْطَانُ بها أَقَرَّهَا في يَدِهِ وَضَمَّ إلَيْهِ مُشْرِفًا يُشْرِفُ عليه وَيَتَوَلَّى تَعْرِيفَهَا‏.‏

وَقِيلَ يُضَمُّ إلَى الذِّمِّيِّ عَدْلٌ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إنْ عَلِمَ بها الْحَاكِمُ أَقَرَّهَا في يَدِهِ وَضَمَّ إلَيْهِ مُشْرِفًا عَدْلًا يُشْرِفُ عليه وَيُعَرِّفُهَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَلَا بُدَّ من مُشْرِفٍ يُشْرِفُ عليه‏.‏

وَقِيلَ تُنْزَعُ لُقَطَةُ الذِّمِّيِّ من يَدِهِ وَتُوضَعُ على يَدِ عَدْلٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهَا صَبِيٌّ أو سَفِيهٌ قام وَلِيُّهُ بِتَعْرِيفِهَا فإذا عَرَّفَهَا فَهِيَ لِوَاجِدِهَا‏.‏

وَكَذَا الْمَجْنُونُ قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال الْأَصْحَابُ يَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ أَبْقَاهَا بِيَدِ الصَّبِيِّ بَعْدَ عِلْمِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ في يَدِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عليه وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَهَا في مَالِهِ نَصَّ عليه في صَبِيٍّ كَإِتْلَافِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وفي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو كان الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا فَعَرَّفَ قال الْحَارِثِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ‏.‏

وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ يَعْقِلُ التَّعْرِيفَ فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ وَاقْتُصِرَ على كَلَامِهِمَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهَا عَبْدٌ فَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهَا منه وَتَرْكُهَا معه وَيَتَوَلَّى تَعْرِيفَهَا إذَا كان عَدْلًا‏.‏

لِلْعَبْدِ أَنْ يَلْتَقِطَ وَأَنْ يُعَرِّفَهَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ له ذلك في الْأَصَحِّ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ على الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ‏.‏

وَقِيلَ ليس له ذلك بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَعَنْ أبي بَكْرٍ يَتَوَقَّفُ الْتِقَاطُهُ على إذْنِ السَّيِّدِ ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ أَخْذًا من قَوْلِهِ في التَّنْبِيهِ إذَا الْتَقَطَ الْعَبْدُ فَضَاعَتْ منه أو أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا‏.‏

قال فَسَوَّى بين الْإِتْلَافِ وَالضَّيَاعِ ولم يُفَرِّقْ بين الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ فَدَلَّ على عَدَمِ الصِّحَّةِ بِدُونِ إذْنٍ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وفي اسْتِنْبَاطِ السَّامِرِيِّ نَظَرٌ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَتْلَفَهَا قبل الْحَوْلِ فَهِيَ في رَقَبَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَتْلَفَهَا بَعْدَهُ فَهِيَ في ذِمَّتِهِ‏.‏

هذا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ إذَا أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي ذِمَّتِهِ على الْأَظْهَرِ‏.‏

وَيَأْتِي كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ على هذا الْقَوْلِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهَا فَهِيَ في ذِمَّتِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهَا فَهِيَ في رَقَبَتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ هل يَحْصُلُ له الْمِلْكُ من غَيْرِ تَمْلِيكِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا فيه خِلَافٌ سَبَقَ في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْفَوَائِدِ التي ذُكِرَتْ هُنَاكَ‏.‏

فَمَتَى أَتْلَفَهَا أو فَرَّطَ حتى تَلِفَتْ فَإِنْ كان قبل الْحَوْلِ فَهِيَ في رَقَبَتِهِ نُصَّ عليه وَعَلَى السَّيِّدِ الْفِدَاءُ أو التَّسْلِيمُ‏.‏

وَإِنْ كان بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهَا فَهِيَ في ذِمَّتِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهَا فَهِيَ في رَقَبَتِهِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ على تَقْدِيرِ أَنَّ السَّيِّدَ لم يَمْلِكْ لِكَوْنِهِ لم يَتَمَلَّكْ اسْتِنَادًا إلَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ على التَّمَلُّكِ وَفِيهِ بُعْدٌ‏.‏

وقال في الشَّرْحِ أَيْضًا وَيَصْلُحُ أَنْ يَنْبَنِيَ على اسْتِدَانَةِ الْعَبْدِ هل تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو ذِمَّتِهِ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو تَخْرِيجٌ حَسَنٌ لِشِبْهِ الْغُرْمِ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ بِأَدَاءِ الْمُقْتَرَضِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ لِأَبِي عبد اللَّهِ في ضَمَانِ ما أَتْلَفَهُ الْعَبْدُ قَوْلَانِ أَيْ رِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا في رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ‏.‏

وَالْأُخْرَى في ذِمَّتِهِ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ‏.‏

قال السَّامِرِيُّ ولم يُفَرَّقْ قبل الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ لَا يُتَّجَهُ الْفَرْقُ في التَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ بين ما قبل الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا انْتَهَى‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ عن كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمَنْ تَابَعَهُ كَلَامُهُمْ مُتَوَجَّهٌ إنْ قُلْنَا إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ كما صَرَّحَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ فَالْجِنَايَةُ على مَالِ السَّيِّدِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَلَا بِرَقَبَتِهِ بَلْ الذي يَنْبَغِي أَنْ تَتَعَلَّقَ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ قِيلَ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَلَا السَّيِّدَ تَعَيَّنَ التَّعَلُّقُ بِرَقَبَتِهِ كَجِنَايَتِهِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْكَافِي وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْعَبْدُ فَحُكْمُ ذلك حُكْمُ جِنَايَتِهِ انْتَهَى‏.‏

وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ جِنَايَتَهُ في رَقَبَتِهِ وَإِنْ خَرَقَ ثَوْبَ رَجُلٍ فَهُوَ دَيْنٌ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْعَبْدِ بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَهَلْ تَدْخُلُ في الْمُهَايَأَةِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَدْخُلُ في الْمُهَايَأَةِ بَلْ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِير‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَدْخُلُ في الْمُهَايَأَةِ فإذا وَجَدَهَا في نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ له جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحَكَمُ في النَّادِرِ من كَسْبِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

تنبيه‏:‏

الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في دُخُولِ نَوَادِرِ الْأَكْسَابِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَالرِّكَازِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

فوائد‏:‏

ُ‏.‏

منها لو وَجَدَ لُقَطَةً في غَيْرِ طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ فَهِيَ لُقَطَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ كَالرِّكَازِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَجَعَلَهُ في الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا له‏.‏

وَمِنْهَا لو أَخَذَ مَتَاعَهُ أو ثَوْبَهُ وَتَرَكَ له بَدَلَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لُقَطَةٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ وابن بُخْتَانَ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وابن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَعْرِفُهُ مع قَرِينَةِ سَرِقَةٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ‏.‏

قُلْت وهو عَيْنُ الصَّوَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ‏.‏

وقال قد يُقَالُ فيه بِمَعْنَى مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ‏.‏

وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْعُ الْأَخْذِ فيها‏.‏

فَعَلَيْهَا هل يَتَصَدَّقُ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ‏.‏

إنْ قُلْنَا يُعَرِّفُهُ أو يَأْخُذُ حَقَّهُ بِنَفْسِهِ أو بِإِذْنِ حَاكِمٍ فيه أَوْجُهٌ‏.‏

وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ الْقَوْلُ بِأَخْذِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ أَقْرَبُ إلَى الرِّفْقِ بِالنَّاسِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا قَوِيٌّ على أَصْلِ من يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَوَقَّفُ على اللَّفْظِ‏.‏

أَمَّا على التَّوَقُّفِ فَلَا يُكْتَفَى بِمِثْلِ هذا‏.‏

قال وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَمِنْهَا لو وَجَدَ في جَوْفِ حَيَوَانٍ دُرَّةً أو نَقْدًا فَهُوَ لُقَطَةٌ لِوَاجِدِهِ على‏.‏

الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَصَحَّحَهُ‏.‏

وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ تَكُونُ لُقَطَةً لِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَكَلَهُ عِنْدَهُ فَهُوَ له‏.‏

فَأَمَّا إنْ كانت الدُّرَّةُ غير مَثْقُوبَةٍ في السَّمَكَةِ فَهِيَ لِلصَّيَّادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ ابْتِلَاعُهَا من مَعْدِنِهَا‏.‏

وَمِنْهَا لو وَجَدَ لُقَطَةً بِدَارِ الْحَرْبِ وهو في الْجَيْشِ عَرَّفَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا في الْمَغْنَمِ نُصَّ عليه‏.‏

وَإِنْ كان دخل بِأَمَانٍ عَرَّفَهَا ثُمَّ هِيَ له إلَّا أَنْ يَكُونَ في جَيْشٍ فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا‏.‏

وَإِنْ دخل مُتَلَصِّصًا عَرَّفَهَا ثُمَّ هِيَ كَالْغَنِيمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ له من غَيْرِ تَعْرِيفٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ وَكَيْفَ يُعَرِّفُ ذلك‏.‏

وَمِنْهَا مُؤْنَةُ رَدِّ اللُّقَطَةِ على رَبِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ لِتَبَرُّعِهِ‏.‏

وَمَعْنَاهُ في شَرْحِ الْمَجْدِ في عَدَمِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِتَلَفِ الْمَالِ قبل التَّمَكُّنِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ على الْمُلْتَقِطِ‏.‏

وَمِنْهَا ضَمَانُهَا بِمَوْتِهِ كَالْوَدِيعَةِ‏.‏

وَقِيلَ بِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَوَارِثُهُ كَهُوَ‏.‏

ومنها ‏[‏منها‏]‏ الِالْتِقَاطُ يَشْتَمِلُ على أَمَانَةٍ وَاكْتِسَابٍ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَلِلنَّاسِ خِلَافٌ في الْمُغَلَّبِ مِنْهُمَا منهم من قال الْكَسْبُ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ مَآلُ الْأَمْرِ‏.‏

وَمِنْهُمْ من قال الْأَمَانَةُ وهو الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ الشَّيْءِ إلَى أَهْلِهِ وَلِأَجْلِهِ شُرِعَ الْحِفْظُ وَالتَّعْرِيفُ أَوَّلًا وَالْمِلْكُ آخِرًا عِنْدَ ضَعْفِ التَّرَجِّي لِلْمَالِكِ‏.‏

وَمِنْهَا لو اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَ في ثَوْبِهِ دَرَاهِمَ لَا يَعْلَمُ من صَرَّهَا فَهِيَ له وَلَا تَعْرِيفَ‏.‏

وَلِلْإِمَامِ احمد رَحِمَهُ اللَّهُ نَصٌّ يُوجِبُ التَّعْرِيفَ وَيَنْفِي الْمِلْكَ‏.‏

وَمِنْهَا لو أَلْقَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَإِنْ جَهِلَ الْمَالِكَ فلقطه فَإِنْ عَلِمَهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ ضَمِنَ بِحَبْسِ مَالِ الْغَيْرِ من غَيْرِ إذْنٍ وَلَا تَعْرِيفٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو سَقَطَ طَائِرٌ في دَارِهِ فقال في الْمُغْنِي لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ وَلَا إعْلَامُ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ وَهَذَا ما لم يَنْقَطِعْ عنه‏.‏

أَمَّا إنْ انْقَطَعَ وَجَبَ حِفْظُهُ وَالدَّفْعُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ ضَائِعٌ عنه‏.‏