فصل: فَوَائِدُ: (في أحكام السقط)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الْجَنَائِزِ

فائدة‏:‏ الْجَنَائِزُ بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَيُقَالُ بِالْفَتْحِ لِلْمَيِّتِ وَبِالْكَسْرِ لِلنَّعْشِ عليه الْمَيِّتُ وَيُقَالُ عَكْسُهُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وإذا لم يَكُنْ الْمَيِّتُ على السَّرِيرِ لَا يُقَالُ له جِنَازَةٌ وَلَا نَعْشٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ له سَرِيرٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ‏.‏

يَعْنِي من حِينِ شُرُوعِهِ في الْمَرَضِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وقال في الْمُبْهِجِ تَجِبُ الْعِيَادَةُ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وقال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مَرَّةً وقال في أَوَاخِرِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى عِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَرْضُ كِفَايَةٍ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّصُّ وَصَوَّبَ ذلك فَيُقَالُ هو وَاجِبٌ على الْكِفَايَةِ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ السُّنَّةُ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ مَرَّةً وَاحِدَةً وما زَادَ نَافِلَةٌ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏في عيادة المريض‏]‏

الْأُولَى قال أبو الْمَعَالِي بن مُنَجَّا ثَلَاثَةٌ لَا تُعَادُ وَلَا يُسَمَّى صَاحِبُهَا مَرِيضًا وَجَعُ الضِّرْسِ وَالرَّمَدُ وَالدُّمَّلُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ‏:‏ «ثَلَاثَةٌ لَا تُعَادُ» فَذَكَرَهُ‏.‏ رَوَاهُ النَّجَّادُ عن أبي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وقال في الْآدَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ على خِلَافِ هذا وَكَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ لَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ بَلْ هو ضَعِيفٌ وَذَكَرَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَوْضُوعَاتِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ في تَارِيخِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عن يحيى بن أبي كَثِيرٍ قَوْلُهُ وَعَنْ زَيْدِ بن أَرْقَمَ قال عَادَنِي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من وَجَعِ عَيْنِي انْتَهَى‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ عِنْدَ الْمَرِيضِ وَعَنْهُ قَدْرُهُ كما بين خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الناس وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ في الْجُمْلَةِ انْتَهَى وهو الصَّوَابُ ثُمَّ رَأَيْت النَّاظِمَ قَطَعَ بِهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَعُودُ الْمَرِيضُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وقال عن قُرْبٍ وَسَطَ النَّهَارِ ليس هذا وَقْتُ عِيَادَةٍ فقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُكْرَهُ إذَنْ نَصَّ عليه قال الْمَجْدُ لَا بَأْسَ بِهِ في آخِرِ النَّهَارِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ على أَنَّ الْعِيَادَةَ في رَمَضَانَ لَيْلًا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَتَكُونُ الْعِيَادَةُ غِبًّا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ خِلَافُ ذلك قال وَيُتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الناس وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ قال وَمُرَادُهُمْ في ذلك كُلِّهِ في الْجُمْلَةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُعَادُ وقال في النَّوَادِرِ تَحْرُمُ عِيَادَتُهُ وَعَنْهُ لَا يُعَادُ الدَّاعِيَةُ فَقَطْ وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَصْلَحَةَ في ذلك وَأَمَّا من‏.‏

جَهَرَ بِالْمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا مع بَقَاءِ إسْلَامِهِ فَهَلْ يُسَنُّ هَجْرُهُ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَه ابن عبد الْقَوِيِّ في آدَابِهِ وَالْآدَابُ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى لِابْنِ مُفْلِحٍ أو يَجِبُ إنْ اُرْتُدِعَ أو يَجِبُ مُطْلَقًا إلَّا من السَّلَامِ أو تَرْكُ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُكْرَهُ لِبَقِيَّةِ الناس فيه أَوْجُهٌ لِلْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَرْكُ الْعِيَادَةِ من الْهَجْرِ‏.‏

الْخَامِسَةُ تُكْرَهُ عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ وَعَنْهُ تُبَاحُ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ له بِالْبَقَاءِ وَالْكَثْرَةِ لِأَجْلِ الْجِزْيَةِ‏.‏

السَّادِسَةُ يُحْسِنُ الْمَرِيضُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ قال الْقَاضِي يَجِبُ ذلك قال الْمَجْدُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُغَلِّبُ رَجَاءَهُ على خَوْفِهِ وقال في النَّصِيحَةِ يُغَلِّبُ الْخَوْفَ وَنَصَّ أَحْمَدُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاحِدًا زَادَ في رِوَايَةٍ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ هَلَكَ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا هو الْعَدْلُ‏.‏

السَّابِعَةُ تَرْكُ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ فِعْلُهُ أَفْضَلُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفْصَاحِ وَقِيلَ يَجِبُ زَادَ بَعْضُهُمْ إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ‏.‏

وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَصَوْتِ مَلْهَاةٍ وَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ الْإِبِلِ فَقَطْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ نَصَّ عليه وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا قال وَكَذَا كُلُّ مَأْكُولٍ مُسْتَخْبَثٍ كَبَوْلٍ مَأْكُولٍ أو غَيْرِهِ وَكُلُّ مَائِعٍ نَجَسٍ وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيُّ وابن هَانِئٍ وَغَيْرُهُمْ ويحوز ‏[‏ويجوز‏]‏ بِبَوْلِ ما أُكِلَ لَحْمُهُ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ يَجُوزُ بدفلى وَنَحْوِهِ لَا يَضُرُّ نَقَلَ بن هَانِئٍ وَالْفَضْلُ في حشيشه تُسْكِرُ تُسْحَقُ وَتُطْرَحُ مع دَوَاءٍ لَا بَأْسَ إلَّا مع الْمَاءِ فَلَا وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الدَّوَاءَ الْمَسْمُومَ إنْ غَلَبَتْ منه السَّلَامَةُ زَادَ بَعْضُهُمْ وهو مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ ورجى نَفْعُهُ أُبِيحَ شُرْبُهُ لِدَفْعِ ما هو أَعْظَمُ منه كَغَيْرِهِ من الْأَدْوِيَةِ وَقِيلَ لَا وفي الْبُلْغَة لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِخَمْرٍ في مَرَضٍ وَكَذَا‏.‏

بِنَجَاسَةٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَظَاهِرُهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِطَاهِرٍ وفي الْغُنْيَةِ يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ ومنى نَجِسٍ وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ لَا بَأْسَ بِجَعْلِ الْمِسْكِ في الدَّوَاءِ وَيُشْرَبُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي يَجُوزُ اكْتِحَالُهُ بِمِيلِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال لأنها ‏[‏لأنه‏]‏ حَاجَةٌ وفي الْإِيضَاحِ يَجُوزُ بِتِرْيَاقٍ انْتَهَى وَلَا بَأْسَ بِالْحِمْيَةِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ‏.‏

الثَّامِنَةُ يُكْرَهُ الْأَنِينُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏ ‏[‏تذكير الميت بالتوبة والوصية‏]‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ‏.‏

أَنَّهُ سَوَاءٌ كان مَرَضُهُ مَخُوفًا أو لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ خُصُوصًا التَّوْبَةُ فَإِنَّهَا مَطْلُوبَةٌ في كل وَقْتٍ وَتَتَأَكَّدُ في الْمَرَضِ وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ هذا في الْمَرَضِ المخوف ‏[‏عصباته‏]‏ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَوَاشِي وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْوَصِيَّةِ‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا في التَّوْبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ فإذا نَزَلَ بِهِ تَعَاهَدَ بَلَّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أو شَرَابٍ وَنَدَّى شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَلَقَّنَهُ قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً ولم يَزِدْ على ثَلَاثٍ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ بِلُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُلَقِّنُ ثَلَاثًا وَيُجْزِئُ مَرَّةً ما لم يَتَكَلَّمُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَنَقَلَ مُهَنَّا وأبو طَالِبٍ يُلَقِّنُ مَرَّةً قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ على مَرَّةٍ ما لم يَتَكَلَّمْ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ تَكْرَارُ الثَّلَاثِ إذَا لم يَجِبْ أَوَّلًا لِجَوَازِ أَنْ‏.‏

يَكُونَ سَاهِيًا أو غَافِلًا وإذا كَرَّرَ الثَّلَاثَ عَلِمَ أَنَّ ثَمَّ مَانِعًا‏.‏

فائدة‏:‏

قال أبو الْمَعَالِي يُكْرَهُ تَلْقِينُ الْوَرَثَةِ لِلْمُحْتَضَرِ بِلَا عُذْرٍ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَلَقَّنَهُ قَوْلَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قال الْأَصْحَابُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بها إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِأَنْ يُلَقِّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ كما ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ فَلِهَذَا اقْتَصَرَ في الْخَبَرِ على الْأُولَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةَ يس‏.‏

قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَكَذَا يَقْرَأُ عِنْدَهُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِمَا وَاقْتَصَرَ الْأَكْثَرُ على ذلك وَقِيلَ يَقْرَأُ أَيْضًا سُورَةَ تَبَارَكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُوَجِّهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ‏.‏

وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه لَكِنَّ أَكْثَرَ النُّصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ على أَنْ يُجْعَلَ على جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ وهو الْأَفْضَلُ قال الْمَجْدُ وهو الْمَشْهُورُ عنه وهو أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ وَعَنْهُ مُسْتَلْقٍ على قَفَاهُ أَفْضَلُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَعَلَيْهَا الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال أبو الْمَعَالِي اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا‏.‏

قُلْت وَهَذَا الْمَعْمُولُ بِهِ بَلْ رُبَّمَا شَقَّ جَعْلُهُ على جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ‏.‏

وزاد جَمَاعَةٌ على هذه الرِّوَايَةِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَلِيلًا لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ منهم بن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ قَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وقال الْقَاضِي إنْ كان الْمَوْضِعُ وَاسِعًا فَعَلَى جَنْبِهِ وَإِلَّا فَعَلَى ظَهْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وإذا نَزَلَ بِهِ فَعَلَ كَذَا وَيُوَجِّهُهُ أَنَّهُ لَا يُوَجِّهُهُ قبل النُّزُولِ بِهِ وَتَيَقُّنِ مَوْتِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَوْلَى التَّوْجِيهُ قبل ذلك قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدة‏:‏

اسْتَحَبَّ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ تَطْهِيرَ ثِيَابِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ فإذا مَاتَ غَمَّضَ عَيْنَيْهِ‏.‏

هذا صَحِيحٌ فَلِلرَّجُلِ أَنْ يُغَمِّضَ ذَاتِ مَحَارِمِهِ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَمِّضَ ذَا مَحْرَمِهَا وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُكْرَهُ أَنْ يُغَمِّضَهُ جُنُبٌ أو حَائِضٌ أو يَقْرَبَاهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ تَغْمِيضِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رسول اللَّهِ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَجَعَلَ على بَطْنِهِ مِرْآةً أو نَحْوَهَا‏.‏

يَعْنِي من الْحَدِيدِ أو الطين وَنَحْوِهِ قال ابن عَقِيلٍ هذا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا وهو على ظَهْرِهِ قال فَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ شَيْءٌ عَالٍ لِيُجْعَلَ مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏ ‏[‏المسارعة بقضاء الدين‏]‏

قَوْلُهُ وَيُسَارِعُ في قَضَاءِ دِينِهِ‏.‏

وَكَذَا قال الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجِبُ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَتَجْهِيزِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ قال الْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْرِعَ في تَجْهِيزِهِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ‏.‏

لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بين ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ قال ولا يَنْبَغِي لِلتَّحْرِيمِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ كَقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ في الْحَرِيرِ‏.‏

لَا يَنْبَغِي هذا لِلْمُتَّقِينَ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهُ تَارَةً يَكُونُ فَجْأَةً وَتَارَةً يَكُونُ غير فَجْأَةٍ فَإِنْ كان غير فَجْأَةٍ بِأَنْ يَكُونَ عن مَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْمُسَارَعَةُ في تَجْهِيزِهِ إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ‏.‏

وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ من يَحْضُرُهُ إنْ كان قَرِيبًا ولم يَخْشَ عليه أو يَشُقَّ على الْحَاضِرِينَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لِمَا يُرْجَى له بِكَثْرَةِ الْجَمْعِ وَلَا بَأْسَ أَيْضًا أَنْ يَنْتَظِرَ وَلِيُّهُ جَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ لَا يَنْتَظِرُ وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ تَعْجِيلَهُ في رِوَايَةٍ عنه وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ كان مَوْتُهُ فَجْأَةً كَالْمَوْتِ بِالصَّعْقَةِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرَقِ وَنَحْوِ ذلك فَيُنْتَظَرُ بِهِ حتى يُعْلَمَ مَوْتُهُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحُ وَالْفُرُوعُ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ قال في الْفَائِقِ سَاغَ تَأْخِيرُهُ قَلِيلًا وَعَنْهُ يُنْتَظَرُ يَوْمًا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُتْرَكُ يَوْمًا وقال أَيْضًا يُتْرَكُ من غَدْوَةٍ إلَى اللَّيْلِ وَقِيلَ يُتْرَكُ يَوْمَانِ ما لم يُخَفْ عليه قال الْآمِدِيُّ أَمَّا الْمَصْعُوقُ وَالْخَائِفُ وَنَحْوُهُ فَيُتَرَبَّصُ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ عَلَامَةُ الْمَوْتِ يَوْمًا أو يَوْمَيْنِ وقال إنْ لم يَطُلْ مَرَضُهُ بُودِرَ بِهِ عِنْدَ ظُهُورِ عَلَامَاتِ الْمَوْتِ وقال الْقَاضِي يُتْرَكُ يَوْمًا أو ثَلَاثَةً ما لم يُخَفْ فَسَادُهُ‏.‏

قَوْلُهُ إذَا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ وَمَيْلِ أَنْفِهِ وَانْفِصَالِ كَفِيهِ وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ‏.‏

هَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وزاد في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَامْتَدَّتْ جِلْدَةُ وَجْهِهِ ولم يذكر في الْخُلَاصَةِ انْفِصَالَ كَفِيهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَيَقُّنَ مَوْتِهِ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ وَمَيْلِ أَنْفِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ تَنْبِيهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذلك يُعْتَبَرُ في كل مَيِّتٍ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا ذَكَرُوا ذلك في مَوْتِ الْفُجَاءَةِ وَنَحْوِهِ إذَا شَكَّ فيه‏.‏

قُلْت وَيُعْلَمُ الْمَوْتُ بِذَلِكَ في غَيْرِ الْمَوْتِ فَجْأَةً بِطَرِيقِ أَوْلَى‏.‏

الثَّانِي قَوْلُهُ إذَا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ‏.‏

رَاجِعٌ إلَى الْمُسَارَعَةِ في تَجْهِيزِهِ فَقَطْ في ظَاهِرِ كَلَامِ السَّامِرِيِّ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ قَالَهُ في الْحَوَاشِي قال وَظَاهِرُ كَلَامِ بن تَمِيمٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلِينُ مَفَاصِلِهِ وما بَعْدَهُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هو رَاجِعٌ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّجْهِيزِ قال وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏في أحكام الدفن والنعي‏]‏

الْأُولَى‏:‏ قال الْآجُرِّيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَشِيَّةً يُكْرَهُ تَرْكُهُ في بَيْتٍ وَحْدَهُ بَلْ يَبِيتُ معه أَهْلُهُ انْتَهَى‏.‏

وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ الْمَيِّتِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينَهُ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ وهو النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ بَلْ يُكْرَهُ نَصَّ عليه وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا يُعْجِبُنِي وَعَنْهُ يُكْرَهُ إعلام ‏[‏إعلان‏]‏ غَيْرِ قَرِيبٍ أو صَدِيقٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أو جَارٍ وَعَنْهُ أو أَهْلُ دِينٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ اسْتِحْبَابُهُ قال وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لِإِعْلَامِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَصْحَابَهُ بالجاشي ‏[‏بالنجاشي‏]‏ وَقَوْلُهُ عن الذي كان يَقُمْ الْمَسْجِدَ أَلَا آذَنْتُمُونِي انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ إذَا مَاتَ له أَقَارِبُ في دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ كَهَدْمٍ وَنَحْوِهِ ولم يُمْكِنْ تَجْهِيزُهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَدَأَ بِالْأَخْوَفِ فَالْأَخْوَفِ فَإِنْ اسْتَوَوْا بَدَأَ بِالْأَبِ ثُمَّ بالإبن ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ قَدَّمَ أَفْضَلَهُمْ جَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَخْوَفُ ثُمَّ الْفَقِيرُ ثُمَّ من سَبَقَ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو اسْتَوَوْا في الْأَفْضَلِيَّةِ قَدَّمَ أَسَنَّهُمْ فَإِنْ اسْتَوَوْا في السِّنِّ قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏متفرقة في أحكام الغسل‏]‏

قَوْلُهُ غُسْلُ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِغُسْلِهِ شُرُوطٌ‏.‏

منها أَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ طَهُورٍ‏.‏

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ له النِّيَّةُ وَإِنْ لم تُعْتَبَرْ له النِّيَّةُ صَحَّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال ابن تَمِيمٍ وَلَا يُغَسِّلُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا نَصَّ عليه وَفِيهِ وَجْهٌ يَجُوزُ إذَا لم تُعْتَبَرْ النِّيَّةُ وهو تَخْرِيجٌ لِلْمَجْدِ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

قُلْت الصَّحِيحُ ما قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وهو الْمَنْصُوصُ سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا له النِّيَّةَ أَمْ لَا‏.‏

وَأَمَّا إذَا حَضَرَ مُسْلِمٌ وَأَمَرَ كَافِرًا بِمُبَاشَرَةِ غُسْلِهِ فَغَسَّلَهُ نَائِبًا عنه صَحَّ غُسْلُهُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمَجْدُ يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَصِحَّ الْغُسْلُ هُنَا لِوُجُودِ النِّيَّةِ من أَهْلِ الْغُسْلِ فَيَصِحُّ كَالْحَيِّ إذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فَأَمَرَ كَافِرًا بِغَسْلِ أَعْضَائِهِ وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ إذَا بَاشَرَهَا ذِمِّيٌّ على الْمَشْهُورِ اعْتِمَادًا على نِيَّةِ الْمُسْلِمِ انْتَهَى‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وهو رِوَايَةٌ في الْفُرُوعِ وَوَجْهٌ في مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ إنْ صَحَّ غُسْلُ الْكَافِرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ غَسَلَهُ الْكَافِرُ وَقُلْنَا يَصِحُّ يَمَّمَهُ معه مُسْلِمٌ وَيَأْتِي غُسْلُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وَمِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُ الْغَاسِلِ عَاقِلًا وَيَجُوزُ كَوْنُهُ جُنُبًا وَحَائِضًا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِيهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى وَعَنْهُ في الْحَائِضِ لَا يُعْجِبُنِي وَالْجُنُبُ أَيْسَرُ وَقِيلَ الْمُحْدِثُ مِثْلُهُمَا وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا وَعَكْسُهُ‏.‏

قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً عَارِفًا بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ وقال‏.‏

أبو الْمَعَالِي يَجِبُ ذلك نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَنْبَغِي إلَّا ذلك وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْمَعْرِفَةُ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْعَدَالَةُ‏.‏

وَيَصِحُّ غُسْلُ الْمُمَيِّزِ لِلْمَيِّتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَيَجُوزُ من مُمَيِّزٍ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالصَّحِيحُ السُّقُوطُ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ مُمَيِّزًا وَاقْتَصَرَ عليه وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ غُسْلُ الْمُمَيِّزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال كَأَذَانِهِ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ قال الْمَجْدُ وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِغُسْلِهِ لم يُعْتَدَّ بِهِ كما لم يُعْتَدَّ باذانه لآنه ليس اهلا لِأَدَاءِ الْفَرْضِ بَلْ يَقَعُ فِعْلُهُ نَفْلًا انْتَهَى‏.‏

وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ حَكَى بَعْضُهُمْ في جَوَازِ كَوْنِهِ غَاسِلًا لِلْمَيِّتِ وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ رِوَايَتَيْنِ وَطَائِفَةٌ وَجْهَيْنِ قال وَالصَّحِيحُ السُّقُوطُ كما تَقَدَّمَ قال في الْفُرُوعِ وفي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي من الْمَلَائِكَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وقال في الِانْتِصَارِ يَكْفِي إنْ عَلِمَ وَكَذَا قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَذَكَرَ بن شِهَابٍ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَيُتَوَجَّهُ في مُسْلِمِي الْجِنِّ كَذَلِكَ وَأَوْلَى لِتَكْلِيفِهِمْ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ‏.‏

وَتَأْتِي النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَأْتِي كذلك ‏[‏ذلك‏]‏ هُنَاكَ أَيْضًا هل يُشْتَرَطُ الْعَقْلُ‏.‏

قَوْلُهُ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عليه وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ دُفِنَ قبل الْغُسْلِ من أَمْكَنَ غُسْلُهُ لَزِمَ نَبْشُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ نَبْشُهُ إذَا لم يُخْشَ تَفَسُّخُهُ زَادَ بَعْضُهُمْ أو تَغَيُّرُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ نَبْشُهُ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ من دُفِنَ غير مُتَوَجِّهٍ إلَى‏.‏

الْقِبْلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن عَقِيلٍ قال أَصْحَابُنَا يُنْبَشُ إلَّا أَنْ يُخَافَ أَنْ يَتَفَسَّخَ‏.‏

وَقِيلَ يَحْرُمُ نَبْشُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَ بن تَمِيمٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ نَبْشُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا‏.‏

وَلَوْ دُفِنَ قبل تَكْفِينِهِ فَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ من دُفِنَ قبل الْغُسْلِ على ما تَقَدَّمَ وقال في الْوَسِيلَةِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا كَسَتْرِهِ بِلَا تُرَابٍ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالنَّاظِمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وفي الْمُنْتَخَبِ فيه رِوَايَتَانِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَلَوْ بلى قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَمَعَ تَفَسُّخِهِ لَا يُنْبَشُ فإذا بَلِيَ كُلُّهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُنْبَشَ‏.‏

وَلَوْ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ فذكر بن الْجَوْزِيِّ في نَبْشِهِ وَجْهَيْنِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ نَبْشِهِ‏.‏

وَلَوْ دُفِنَ قبل الصَّلَاةِ عليه فَكَالْغُسْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ نَصَّ عليه لِيُوجِدَ شَرْطَ الصَّلَاةِ وهو عَدَمُ الْحَائِلِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال ابن شِهَابٍ وَالْقَاضِي لَا يُنْبَشُ ويصلي على الْقَبْرِ وهو مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِإِمْكَانِهَا عليه وَعَنْهُ يُخَيَّرُ قال بَعْضُهُمْ فَكَذَا غَيْرُهَا‏.‏

وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وهو من الْمُفْرَدَاتِ كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ وَدَفْنِهِ في بُقْعَةٍ خَيْرٍ من بُقْعَتِهِ وَدَفْنِهِ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَلَا حَنُوطٍ وَكَإِفْرَادِهِ لِإِفْرَادِ جَابِرِ بن عبد اللَّهِ لِأَبِيهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ‏.‏

قال الْقَاضِي في أَحْكَامِهِ يُمْنَعُ من نَقْلِ الْمَوْتَى من قُبُورِهِمْ إذَا دُفِنُوا في مُبَاحٍ‏.‏

وَيَأْتِي إذَا وَقَعَ في الْقَبْرِ ما له قِيمَةٌ أو كُفِّنَ بِغَصْبٍ أو بَلَغَ مَالُ غَيْرِهِ هل يُنْبَشُ وَهَلْ يَجُوزُ نَقْلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَوْلَى الناس بِهِ وصية‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ الْوَصِيُّ على الْوَلِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْغُسْلِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَوْ صَحَّحْنَا الْوَصِيَّةَ بِالصَّلَاةِ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏في شروط من يلي الغسل‏]‏

حَيْثُ قُلْنَا يُغَسِّلُ الْوَصِيُّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ أَبُوهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا من النِّكَاحِ بِتَقْدِيمِ الِابْنِ على الْأَبِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ جَدُّهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ على الْجَدِّ فَقَطْ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْأَخُ وَبَنُوهُ على الْجَدِّ حَكَاهَا الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ من عَصَبَاتِهِ‏.‏

نَسَبًا وَنِعْمَةً فَيُقَدَّمُ الْأَخُ من الْأَبَوَيْنِ على الْأَخِ من الْأَبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي إذْ قُلْنَا هُمَا سَوَاءٌ في وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَكَذَا هُنَا وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً وَاخْتَارَهَا وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها ذَكَرَهُ في كِتَابِ النِّكَاحِ‏.‏

قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَمُّ من الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَعْمَامُ الْأَبِ وَنَحْوِهِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ من الْأَبَوَيْنِ أو الْأَبِ ثُمَّ وَجَدْت الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوا ذلك‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ‏.‏

كَالْمِيرَاثِ في التَّرْتِيبِ ثُمَّ من بَعْدِهِمْ الْأَجَانِبُ قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال في الْفُرُوعِ قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أو صَاحِبُ النَّظْمِ ثُمَّ بَعْدَ ذَوِي الْأَرْحَامِ صَدِيقُهُ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ عن هذا الْقَوْلِ تَقْدِيمَ الْجَارِ على الْأَجْنَبِيِّ قال وفي تَقْدِيمِهِ على الصَّدِيقِ نَظَرٌ انْتَهَى وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ثُمَّ ذَوِي رَحِمِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ أصدقائه ‏[‏أصدقاؤه‏]‏ من الْأَجَانِبِ ثُمَّ غَيْرُهُمْ الْأَدْيَنُ الْأَعْرَفُ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ هذا كُلِّهِ في الْأَحْرَارِ أَمَّا الرَّقِيقُ فإن سَيِّدَهُ أَحَقُّ بِغُسْلِ عَبْدِهِ بِلَا نِزَاعٍ وقال أبو الْمَعَالِي لَا حَقَّ لِلْقَاتِلِ في الْمَقْتُولِ إنْ لم يَرِثْهُ لِمُبَالَغَتِهِ في قَطِيعَةِ الرَّحِمِ قال في الْفُرُوعِ ولم أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُتَّجَهُ في قَتْلٍ لَا يَأْثَمُ فيه انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا الصَّلَاةَ عليه فإن الْأَمِيرَ أَحَقُّ بها بَعْدَ وَصِيِّهِ‏.‏

هذا الذي ذَكَرْنَاهُ قبل ذلك من الْأَوْلَوِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ في التَّقْدِيمِ إنَّمَا هو في غُسْلِهِ أَمَّا الصَّلَاةُ عليه فَأَحَقُّ الناس بها وَصِيُّهُ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ الْأَمِيرُ كما قال وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَمِيرُ على الْوَصِيِّ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبُ على الْوَصِيِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عن ابن أَحْمَدَ نَقَلَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْوَلِيُّ على السُّلْطَانِ جَزَمَ بِه ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالصَّلَاةِ عليه وهو صَحِيحٌ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالصَّلَاةِ عليه حُكْمُهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ بِالنِّكَاحِ على ما يَأْتِي في أَثْنَاءِ بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَإِبْخَاسُ الْأَبِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏في أحكام الوصية‏]‏

إحداها صِحَّةُ وَصِيَّتُهُ إلَى فَاسِقٍ يَنْبَنِي على صِحَّةِ إمَامَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ إلَيْهِ وَإِنْ صَحَّحْنَا إمَامَتَهُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو وَصَّى بِالصَّلَاةِ عليه إلَى اثْنَيْنِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ في هذه الصُّورَةِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ يُصَلِّيَانِ مَعًا صَلَاةً وَاحِدَةً قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وقال فيه نَظَرٌ وَقِيلَ يُصَلِّيَانِ مُنْفَرِدَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّالِثَةُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَمِيرِ هُنَا هو السُّلْطَانُ وهو الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أو نَائِبُهُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ السُّلْطَانُ وَغَيْرُهُ قُدِّمَ السُّلْطَانُ فَإِنْ لم يَحْضُرْ فَأَمِيرُ الْبَلَدِ فَإِنْ لم يَحْضُرْ أَمِيرُ الْبَلَدِ فَالْحَاكِمُ قَالَهُ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَذَكَرَ غَيْرُ صَاحِبِ الْفُصُولِ إنْ لم يَكُنْ الْأَمِيرُ فَالنَّائِبُ من قَبْلِهِ في الْإِمَامَةِ فَإِنْ لم يَكُنْ فَالْحَاكِمُ‏.‏

الرَّابِعَةُ ليس تَقْدِيمُ الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ على سَبِيلِ الْوُجُوبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

إذَا عملت ‏[‏علمت‏]‏ ذلك فَبَعْدَ الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمُ في الصَّلَاةِ عليه أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ على ما تَقَدَّمَ في غُسْلِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَعَمُّ الْأَبِ وابن الْأَخِ من الْأَبَوَيْنِ على من كان لِأَبٍ منهم وَجَعَلَهُمَا الْقَاضِي في التَّسْوِيَةِ كَالنِّكَاحِ وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وقال في الْفُصُولِ في تَقْدِيمِ أَخٍ الْأَبَوَيْنِ على أَخٍ لِأَبٍ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا هُمَا سَوَاءٌ قال وهو الْأَشْبَهُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي أَنَّهُ قِيلَ في التَّرْجِيحِ بِالْأُمُومَةِ وَجْهَانِ كَنِكَاحٍ وَتَحَمُّلِ‏.‏

عَقْلٍ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لها في وِلَايَةِ الصَّلَاةِ وقال في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ يُقَدَّمُ بَعْدَ الْأَمِيرِ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ فَيُحْتَمَلُ ما قال الْأَصْحَابُ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الِابْنِ على الْأَبِ ولم أَرَهُ هُنَا لِلْأَصْحَابِ ثُمَّ الزَّوْجِ بَعْدَ الْعَصَبَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَا أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عن أَحْمَدَ تَقْدِيمُ الْعَصَبَاتِ على الزَّوْجِ قال في الْكَافِي هذا أَشْهَرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَنَقَلَ بن الْحَكَمِ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ على الْعَصَبَةِ كَغُسْلِهَا وَهِيَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في الْخِلَافِ وابن الزَّاغُونِيِّ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ قال ابن عَقِيلٍ وَهِيَ أَصَحُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ الشَّرِيفُ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ على ابْنِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاقْتَصَرَ بن تَمِيمٍ على كَلَامِ الشَّرِيفِ وأبطله ‏[‏فأبطله‏]‏ أبو الْمَعَالِي بِتَقْدِيمِ أَبٍ على جَدٍّ‏.‏

وفي بَعْضِ نُسَخِ الْخِلَافِ لِلْقَاضِي الزَّوْجُ أَوْلَى من بن الْمَيِّتَةِ منه وفي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْلَى من سَائِرِ الْعَصَبَاتِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَاسَ عليه ابْنُهُ منها وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَخَرَّجُ من تَقْدِيمِ الزَّوْجِ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ على ذَوَاتِ قَرَابَتِهِ‏.‏

وَعِنْدَ الْآجُرِّيِّ يُقَدَّمُ السُّلْطَانُ ثُمَّ الْوَصِيُّ ثُمَّ الزَّوْجُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو تَقْدِيمُ الْعَصَبَاتِ على الزَّوْجِ يُقَدَّمُ ذَوُو الْأَرْحَامِ على الزَّوْجِ أَيْضًا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ثُمَّ السُّلْطَانُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَالْمُرَادُ ثُمَّ الزَّوْجُ إنْ لم يُقَدَّمْ على عَصَبَةٍ انْتَهَى‏.‏

فَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ إذَا قَدَّمْنَا الْعَصَبَةَ على الزَّوْجِ يُقَدَّمُ عليه ذَوُو الْأَرْحَامِ وإذا قَدَّمْنَاهُ على الْعَصَبَةِ فَيُقَدَّمُ على ذَوِي الْأَرْحَامِ بِطَرِيقِ أَوْلَى‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ في الْأَحْرَارِ وَأَمَّا لو كان الْمَيِّتُ رَقِيقًا فإن سَيِّدَهُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عليه من السُّلْطَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ السُّلْطَانُ أَحَقُّ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وهو احْتِمَالٌ في مُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏في الأَولى بالصلاة على الجنازة‏]‏

من قَدَّمَهُ الْوَلِيُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَوَكِيلُ كُلٍّ يَقُومُ مَقَامَهُ في رُتْبَتِهِ إذَا كان مِمَّنْ يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لِلْفِعْلِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَأَوْلَى وقال أبو الْمَعَالِي فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ بِمَكَانٍ تَفُوتُ الصَّلَاةُ بِحُضُورِهِ تَحَوَّلَتْ لِلْأَبْعَدِ فَلَهُ مَنْعُ من قُدِّمَ بِوَكَالَةٍ وَرِسَالَةٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

وَلَوْ قَدَّمَ الْوَصِيُّ غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنَّهُ ليس له ذلك وَيَنْتَقِلُ إلَى من بَعْدَ الْوَصِيِّ أو يَفْعَلُهُ الْوَصِيُّ‏.‏

وَلَوْ تَسَاوَى اثْنَانِ في الصِّفَاتِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يُقَدَّمُ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَسَنُّ قال الْقَاضِي يُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْأَسَنِّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إجَابَةِ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَنَظْمِهَا النِّهَايَةُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وقال فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لو اجْتَمَعَ اثْنَانِ من أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ وَاسْتَوَيَا وَتَشَاحَّا في الصَّلَاةِ عليه أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ على الْعَبْدِ الْقَرِيبِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِتَقْدِيمِ الْقَرِيبِ‏.‏

وَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْمُكَلَّفُ على الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَالْمَرْأَةِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَلَوْ تَقَدَّمَ أَجْنَبِيٌّ وَصَلَّى فَإِنْ صلى الْوَلِيُّ خَلْفَهُ صَارَ إذْنًا قال أبو الْمَعَالِي وَيُشْبِهُ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ إذَا أُجِيزَ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لَا يُعِيدُ غَيْرُ الْوَلِيِّ قال وَتَشْبِيهُهُ الْمَسْأَلَةَ بِتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ يَقْتَضِي مَنْعَ التَّقْدِيمِ بِلَا إذْنٍ قال وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَتَقْدِيمِ غَيْرِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ بِلَا إذْنٍ كما تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ هُنَا لِمَنْعِ الصَّلَاةِ ثَانِيًا وَكَوْنُهَا نَفْلًا عِنْدَ كَثِيرٍ من الْعُلَمَاءِ انْتَهَى وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت فَلَوْ صلى الْأَبْعَدُ أو أَجْنَبِيٌّ مع حُضُورِ الْأَوْلَى بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ كَصَلَاةِ غَيْرِ إمَامِ الْمَسْجِدِ الرَّاتِبِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وقد حَصَلَ وَلَيْسَ فيها كَبِيرُ افْتِيَاتٍ تَشِحُّ بِهِ الْأَنْفُسُ عَادَةً بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ‏.‏

وَلَوْ مَاتَ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فقال في الْفُصُولِ يُقَدَّمُ أَقْرَبُ أَهْلِ الْقَافِلَةِ إلَى الْخَيْرِ وَالْأَشْفَقُ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ كَالْإِمَامَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ الناس بِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ من نِسَائِهَا‏.‏

حُكْمُ غُسْلِ الْمَرْأَةِ إذَا أَوْصَتْ حُكْمُ الرَّجُلِ إذَا أَوْصَى على ما سَبَقَ‏.‏

وَأَمَّا الْأَقَارِبُ فَأَحَقُّ الناس يَغْسِلُهَا أُمُّهَا ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا وَإِنْ عَلَتْ ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى كَالْمِيرَاثِ وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ لِاسْتِوَائِهِمَا في الْقُرْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَكَذَا بِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وقال في الْهِدَايَةِ يُقَدَّمُ بَنَاتُ الْأَخِ على بَنَاتِ الْأُخْتِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ من كانت عَصَبَةً وَلَوْ كانت ذَكَرًا فَهِيَ أَوْلَى لَكِنَّهُ سَوَّى بين الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو في غَايَةِ الْإِشْكَالِ قال وَالضَّابِطُ في ذلك أَنَّ أَوْلَى النِّسَاءِ ذَاتُ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ ثُمَّ ذَاتُ الرَّحِمِ غَيْرُ الْمَحْرَمِ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ‏.‏

فَالْأَقْرَبُ فإذا اسْتَوَتْ امْرَأَتَانِ في الْقُرْبِ مع الْمَحْرَمِيَّةِ فيهما ‏[‏فيها‏]‏ أو عَدَمِهَا فَعِنْدَنَا هُمَا سَوَاءٌ اعْتِبَارًا بِالْقُرْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ فَقَطْ‏.‏

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ من كانت في مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ لو كانت ذَكَرًا فَهِيَ أَوْلَى وَبِهِ قال أبو الْخَطَّابِ في بِنْتَيْ الْأَخِ وَالْأُخْتِ دُونَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ولم يَحْضُرْنِي لِتَفْرِقَتِهِ وَجْهٌ انْتَهَى‏.‏

وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ من يُقَدَّمُ من الرِّجَالِ وقال ابن عَقِيلٍ يُقَدَّمُ في الصَّلَاةِ عليه حتى وَالِيهِ وَقَاضِيهِ ثُمَّ بَعْدَ أَقَارِبِهَا الْأَجْنَبِيَّاتُ ثُمَّ الزَّوْجُ أو السَّيِّدُ على الصَّحِيحِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ غُسْلُ صَاحِبِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وابن المنذور ‏[‏المنذر‏]‏ وابن عبد الْبَرِّ إجْمَاعًا وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَنَفَى الْخِلَافَ فيه قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الذي قَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كان قبل الدُّخُولِ أو بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إنْ أُبِيحَتْ الرَّجْعِيَّةُ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ أو حُرِّمَتْ وَكَذَا لو وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا تَغْسِلُهُ وَالْحَالَةُ هذه‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُغَسِّلُهُ مُطْلَقًا كَالصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيمَنْ أَبَانَهَا في مَرَضِهِ‏.‏

وحكى عنه رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ تُغَسِّلُهُ لِعَدَمِ من يُغَسِّلُهُ فَقَطْ فَيَحْرُمُ عليها النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ قال في الْإِفَادَاتِ وَلِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ غُسْلُ الْآخَرِ لِضَرُورَةٍ‏.‏

فائدة‏:‏

قال أبو الْمَعَالِي وَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أو قَبَّلَتْ ابْنَهُ لِشَهْوَةٍ لم تُغَسِّلْهُ لِرَفْعِ ذلك حِلَّ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ وطىء أُخْتَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَاتَ‏.‏

في الْعِدَّةِ لم تُغَسِّلْهُ إلَّا أَنْ تَضَعَ عَقِيبَ مَوْتِهِ لِزَوَالِ الْحُرْمَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

أَثْبَتَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَالْخُلَاصَةُ وَالتَّلْخِيصُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَحَكَى الْمَجْدُ أَنَّ بن حَامِدٍ وَغَيْرَهُ أَثْبَتَهَا ولم يُثْبِتْهَا الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ قال في الْفُرُوعِ وحكى عنه الْمَنْعُ مُطْلَقًا فَذَكَرَهَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ‏.‏

وَأَمَّا الرَّجُلُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ له أَنْ يُغَسِّلَ امْرَأَتَهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وقال هو الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وَنَصَرَهُ هو وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا وقال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يُغَسِّلُهَا مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَعَنْهُ يُغَسِّلُهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وقد سُئِلَ هل يُغَسِّلُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فقال كِلَاهُمَا وَاحِدٌ إذَا لم يَكُنْ من يُغَسِّلُهُمَا فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

حَمَلَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ على التَّنْزِيهِ ونفى الْقَوْلِ بِذَلِكَ وَحَمَلَه ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي على ظَاهِرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَوْفَقُ لِنَصِّ أَحْمَدَ‏.‏

قَوْلُهُ وَكَذَا السَّيِّدُ مع سَرِيَّتِهِ وَهِيَ معه‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ غُسْلَ سُرِّيَّتِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ من وَجْهٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا أو أَنَّ النَّفْيَ إذَا انْتَهَى تَقَرَّرَ حُكْمُهُ وَعَنْهُ لَا يُغَسِّلُهَا وَلَا تُغَسِّلُهُ وَقِيلَ له تَغْسِيلُهَا دُونَهَا‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا أُمُّ الْوَلَدِ مع السَّيِّدِ وهو مَعَهَا كَالسَّيِّدِ مع أَمَتِهِ وَهِيَ معه على ما تَقَدَّمَ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ في أُمِّ الْوَلَدِ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ لِلْأَمَةِ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ في الْأَمَةِ من وَجْهٍ كَقَضَاءِ دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ حَيْثُ جَازَ الْغُسْلُ جَازَ النَّظَرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرِ الْعَوْرَةِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَجَوَّزَهُ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ بِلَا لَذَّةٍ وَجَوَّزَ في الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ اللَّمْسَ وَالْخَلْوَةَ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَلَامِ بن شِهَابٍ‏.‏

وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي في نَظَرِ الْفَرْجِ فَمَرَّةً أَجَازَهُ بِلَا لَذَّةٍ وَمَرَّةً مَنَعَ‏.‏

قال وَالْمُعِينُ في الْغُسْلِ وَالْقِيَامِ عليه كَالْغَاسِلِ في الْخَلْوَةِ بها وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وقال ابن تَمِيمٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ من الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ بَعْدَ الْمَوْتِ ما عَدَا الْفَرْجَ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن ذلك فقال قد اُخْتُلِفَ في نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى امْرَأَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏فيمن يلي غسل الميت‏]‏

تَرْكُ التَّغْسِيلِ من الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالسَّيِّدِ أو من فَعَلَهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُقَدَّمُ على الزَّوْجَةِ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا قال في الْفُرُوعِ هو الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في السَّيِّدِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَيْضًا أَنَّ الْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ تُقَدَّمُ على الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقيل ‏[‏وقياس‏]‏ لَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في السَّيِّدِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ أَوْلَى من أُمِّ الْوَلَدِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَفِيهِ وَجْهٌ هُمَا سَوَاءٌ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قاله ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وفي تَقْدِيمِ أُمِّ الْوَلَدِ على زَوْجَتِهِ وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ فَحَكَى‏.‏

الْخِلَافَ في أَنَّ الزَّوْجَةَ هل هِيَ أَوْلَى من أُمِّ الْوَلَدِ أو أُمُّ الْوَلَدِ أَوْلَى من الزَّوْجَةِ وَأَطْلَقَهُمَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الذي رَأَيْنَاهُ هل الزَّوْجَةُ أَوْلَى أو هُمَا سَوَاءٌ فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ على نَقْلٍ في ذلك‏.‏

وفي تَقْدِيمِ زَوْجٍ على سَيِّدٍ وَعَكْسِهِ وَتَسَاوِيهِمَا فَيَقْرَعُ أَوْجُهٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَوَاشِي قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الزَّوْجُ أَوْلَى من السَّيِّدِ في أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ تَسَاوِيهِمَا‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ ما صَحَّحَهُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مع سَرِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَلَا الْمُعْتَدَّةَ من زَوْجٍ وقد قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ من زَوْجٍ فَإِنْ كانت في اسْتِبْرَاءٍ فَوَجْهَانِ وَلَا الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا انْتَهَى‏.‏

وَهَذَا فيه إشْكَالٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ غُسْلِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ وهو كَالصَّرِيحِ من قَوْلِهِمْ إذَا اجْتَمَعَ سَيِّدٌ وَزَوْجٌ هل يُقَدَّمُ الزَّوْجُ أو السَّيِّدُ كما تَقَدَّمَ فَلَوْ لم يُجَوِّزُوا لِلسَّيِّدِ غُسْلَهَا لَمَّا تَأَتَّى الْخِلَافُ في الْأَوْلَوِيَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ ولم يَحْضُرْنِي عن ذلك جَوَابٌ‏.‏

وَلَعَلَّ هذا من كَلَامِ أبي الْمَعَالِي فإن هذه الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ كَلَامِ أبي الْمَعَالِي في الْفُرُوعِ فَيَكُونُ من تَتِمَّةِ كَلَامِهِ وَيَكُونُ قَوْلًا لَا تَفْرِيعَ عليه‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏غسل السيد مكاتبته‏]‏

لِلسَّيِّدِ غَسْلُ مُكَاتَبَتِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ لها غَسْلُهُ إنْ لم يَشْتَرِطْ وَطْأَهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَلِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غُسْلُ ماله دُونَ سَبْعِ سِنِينَ‏.‏

من ذَكَرٍ أو أُنْثَى وَلَوْ كان دُونَهَا بِلَحْظَةٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ في غُسْلِ الرَّجُلِ لِلْجَارِيَةِ وقال لَا أَجْتَرِئُ عليه وَعَنْهُ يُمْنَعُ من غُسْلِهَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال هو أَوْلَى من قَوْلِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَعَنْهُ غُسْلِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ دُونَ سَبْعٍ إلَى ثَلَاثٍ وقال الْخَلَّالُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الْغَرِيبِ غُسْلُ ابْنَةِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا وَحَكَى ابن تَمِيمٍ وَجْهًا لِلرَّجُلِ غُسْلُ بِنْتِ خَمْسٍ فَقَطْ‏.‏

قَوْلُهُ وفي غُسْلِ من له سَبْعٌ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا‏.‏

أَحَدُهُمَا ليس له ذلك وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ قال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ فَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ على قَوْلٍ لِأَبِي بَكْرٍ وَهَذَا الْوَجْهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على جَوَازِ غُسْلِ من له دُونَ سَبْعِ سِنِينَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ لها غُسْلُهُ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ قَوْلَ أبي بَكْرٍ انْتَهَى وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ له فيها قَوْلَانِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ غُسْلُهُ دُونَ الرَّجُلِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ فَقَالَا وَلِلْأُنْثَى غُسْلُ ذَكَرٍ له سَبْعُ سِنِينَ وَلَا عَكْسَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ فَجَعَلَهُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ من الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنَّمَا حَكَيَا الْوَجْهَيْنِ كما ذَكَرْنَاهُمَا أَوَّلًا وهو أَوْلَى‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا غُسْلُ من له أَكْثَرُ من سَبْعِ سِنِينَ قَوْلًا وَاحِدًا وهو صَحِيحٌ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ صَرَّحَ بِهِ أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ غُسْلُ من له سَبْعٌ إلَى عَشْرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَمْكَنَ الْوَطْءَ أَمْ لَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال فَلَا عَوْرَةَ إذَنْ وقال ابن تَمِيمٍ وَالصَّحِيحُ أنها لَا تُغَسِّلُهُ إذَا بَلَغَ عَشْرًا وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ تُحَدُّ الْجَارِيَةُ بِتِسْعٍ وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُمَا غُسْلُهُمَا إلَى الْبُلُوغِ وَحَكَاهُ أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بين نِسَاءٍ أو امْرَأَةٌ بين رِجَالٍ أو خُنْثَى مُشْكِلٌ يُمِّمَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يُصَبُّ عليه الْمَاءُ من فَوْقِ الْقَمِيصِ وَعَنْهُ التَّيَمُّمُ وَصَبُّ الْمَاءِ سَوَاءٌ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ التَّيَمُّمُ بِحَائِلٍ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ أو بِدُونِ حَائِلٍ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَمَسُّ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ يَمَسُّ بِحَائِلٍ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏ولاية الخنثى للغسل‏]‏

يَجُوزُ أَنْ يَلِيَ الْخُنْثَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالرِّجَالُ أَوْلَى مِنْهُنَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ هُنَّ أَوْلَى منهم وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا يَدْفِنُهُ‏.‏

وَكَذَا لَا يُكَفِّنُهُ وَلَا يَتَّبِعُ جِنَازَتَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَجُوزُ ذلك اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وأبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ‏.‏

قال أبو حَفْصٍ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَعَلَّ ما رَوَاه ابن مُشَيْشٍ قَوْلٌ قَدِيمٌ أو يَكُونُ قَرَابَةً بَعِيدَةً وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ إذَا كانت قَرِيبَةً مِثْلَ ما رَوَاهُ حَنْبَلٌ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ فِعْلُ ذلك بِهِ دُونَ غُسْلِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَلِيَ قَرَابَتَهُ الْكَافِرَ وَعَنْهُ يَجُوزُ دَفْنُهُ خَاصَّةً قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُنَا قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا غُسِّلَ أَنَّهُ كَثَوْبٍ نَجَسٍ فَلَا يُوَضَّأُ وَلَا ينوى الْغُسْلَ وَيُلْقَى في حُفْرَةٍ‏.‏

قُلْت هذا مُتَعَيَّنٌ قَطْعًا‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وإذا أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهَا رَكِبَ وَسَارَ أَمَامَهَا‏.‏

قُلْت قد روى ذلك الطَّبَرَانِيُّ وَالْخَلَّالُ من حديث كَعْبِ بن مَالِكٍ أَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ ثَابِتَ بن قَيْسٍ بِذَلِكَ لَمَّا مَاتَتْ أُمُّهُ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ فَيُعَايَى بها‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كان الْكَافِرُ قَرَابَةً أو زَوْجَةً أو أُمَّ وَلَدٍ فَأَمَّا إنْ كانت أَجْنَبِيَّةً فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُمْنَعُ من فِعْلِ ذلك بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَسَوَّى في التَّبْصِرَةِ بين الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا‏.‏

واما غُسْلُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ في أَوَّلِ الْفَصْلِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ لا يَجِدَ من يُوَارِيهِ غَيْرَهُ فَيَدْفِنُهُ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ إذَا لم يَكُنْ له أَحَدٌ لَزَمَنَا دَفْنُهُ ذِمِّيًّا كان أو حَرْبِيًّا أو مُرْتَدًّا في ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا‏.‏

وقال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ لَا يَلْزَمُنَا ذلك وقال أبو الْمَعَالِي أَيْضًا من لَا أَمَانَ له كَمُرْتَدٍّ فَنَتْرُكُهُ طُعْمَةَ الْكَلْبِ وَإِنْ غَيَّبْنَاهُ فَكَجِيفَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا أَخَذَ في غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ على ما تَقَدَّمَ في حَدِّهَا‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا صَغِيرًا دُونَ سَبْعٍ فإنه يُغَسَّلُ مُجَرَّدًا بِغَيْرِ سُتْرَةٍ وَيَجُوزُ مَسُّ عَوْرَتِهِ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏فيمن يقدم في الغسل‏]‏

يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ في الْغُسْلِ بِمَنْ يَخَافُ عليه ثُمَّ الْأَقْرَبُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ بَعْدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُقَدَّمُ عليه الْأَسَنُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ يُقَدَّمُ الْأَخْوَفُ ثُمَّ الْفَقِيرُ ثُمَّ من سَبَقَ‏.‏

قَوْلُهُ وَجَرَّدَهُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْخِرَقِيُّ فإذا أَخَذَ في غُسْلِهِ سَتَرَ من سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وقال الْقَاضِي يُغَسَّلُ في قَمِيصٍ وَاسِعٍ الْكُمَّيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالتَّعْلِيقِ وَالشَّرِيفِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن الْجَوْزِيِّ انْتَهَى وهو الذي ذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُعْجِبُنِي أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ يُدْخِلُ يَدَهُ من تَحْتِ الثَّوْبِ فَإِنْ كان الْقَمِيصُ ضَيِّقَ الْكُمَّيْنِ فَتَقَ الدَّخَارِيصَ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَرَّدَهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال في الْبُلْغَةِ وَلَا يَنْزِعُ قَمِيصَهُ إلَّا أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ فَيَفْتُقُ‏.‏

الْكُمَّ أو رَأْسَ الدَّخَارِيصِ أو يُجَرِّدُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَسْتُرُ الْمَيِّتَ عن الْعُيُونِ‏.‏

فَيَكُونُ تَحْتَ سِتْرٍ كَسَقْفٍ أو خَيْمَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد يُغَسَّلُ في بَيْتٍ مُظْلِمٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَحْضُرُ إلَّا من يُعِينُ في غُسْلِهِ‏.‏

وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ الْحُضُورُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لِوَلِيِّهِ الدُّخُولُ عليه كَيْفَ شَاءَ وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يُغَطَّى وَجْهُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ أَنَّهُ يُسَنُّ ذلك وَأَوْمَأَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَغَيَّرَ لِدَمٍ أو غَيْرِهِ فَيُظَنُّ بِهِ السُّوءُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنْ فَعَلَهُ أو تَرَكَهُ فَلَا بَأْسَ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُهُ في كل أَحْوَالِهِ وَكَذَا على مُغْتَسَلِهِ مُسْتَلْقِيًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ وقال وَنُصُوصُهُ يَكُونُ كَوَقْتِ الِاحْتِضَارِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ إلَى قَرِيبٍ من الْجُلُوسِ وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ عَصْرًا رَفِيقًا وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ‏.‏

يَفْعَلُ بِهِ ذلك كُلَّ غَسْلَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا في الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَعَنْهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا في الثَّالِثَةِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ غَيْرُ الْحَامِلِ فإنه لَا يَعْصِرُ بَطْنَهَا لِئَلَّا يُؤْذِيَ الْوَلَدَ صَرَّحَ بِه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَوَاشِي وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَلُفُّ على يَدِهِ خِرْقَةً وَيُنَجِّيهِ‏.‏

وَصِفَتُهُ أَنْ يَلُفَّهَا على يَدِهِ فَيَغْسِلُ بها أَحَدَ الْفَرْجَيْنِ ثُمَّ يُنَجِّيهِ وَيَأْخُذُ‏.‏

أُخْرَى لِلْفَرْجِ الْآخَرِ وفي الْمُجَرَّدِ يَكْفِي خِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْفَرْجَيْنِ وَحُمِلَ على أنها غُسِلَتْ وَأُعِيدَتْ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَتِهِ وَلَا النَّظَرُ إليها ‏[‏فيها‏]‏‏.‏

يَعْنِي إذَا كان الْمَيِّتُ كَبِيرًا فَإِنْ كان صَغِيرًا فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن عَقِيلٍ بَدَنُهُ كُلُّهُ عَوْرَةٌ إكْرَامًا له من حَيْثُ وَجَبَ سِتْرُ جَمِيعِهِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ ولم يَجُزْ أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا من يُعِينُ على أَمْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ وقال في الْغُنْيَةِ كَقَوْلِ الْأَصْحَابِ مع أَنَّهُ قال جَمِيعُ بَدَنِهِ عَوْرَةٌ لِوُجُوبِ سَتْرِ جَمِيعِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّيَّةَ لِغُسْلِهِ فَرْضٌ قال في الْفُرُوعِ فَرْضٌ على الْأَصَحِّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَرْضٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجْهًا قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وابن أبي مُوسَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِحُصُولِ تَنْظِيفِهِ بِدُونِهَا وهو الْمَقْصُودُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ صَحَّ غُسْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏هل يعتبر نفس فعل الغسل أم لا‏؟‏‏]‏

لَا يُعْتَبَرُ نَفْسُ فِعْلِ الْغُسْلِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

قال في الْحَوَاشِي وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ قال ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ قال في التَّلْخِيصِ وَلَا بُدَّ من إعَادَةِ غسل الْغَرِيقِ على الْأَظْهَرِ فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْفِعْلِ قَالَهُ في الْحَوَاشِي‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ لو تُرِكَ الْمَيِّتُ تَحْتَ مِيزَابٍ أو أُنْبُوبَةٍ أو مَطَرٍ أو كان غَرِيقًا فَحَضَرَ من يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ وَنَوَى غُسْلَهُ إذَا اشْتَرَطْنَاهَا وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فيه أَجْزَأَ ذلك وَعَلَى الثَّانِي لَا تُجْزِئُهُ‏.‏

وإذا كان الْمَيِّتُ مَاتَ بِغَرَقٍ أو بِمَطَرٍ فقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يَجِبُ تَغْسِيلُهُ وَلَا يُجْزِئُ ما أَصَابَهُ من الْمَاءِ نَصَّ عليه‏.‏

قال الْمَجْدُ هذا إنْ اعْتَبَرْنَا الْفِعْلَ أو لم يَكُنْ ثُمَّ نَوَى غُسْلَهُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قال وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا حَاجَةَ إلَى غُسْلِهِ إذَا لم يُعْتَبَرْ الْفِعْلُ وَلَا النِّيَّةُ وقال في الْفَائِقِ وَيَجِبُ غُسْلُ الْغَرِيقِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ ومأخذهما ‏[‏ومأخذها‏]‏ وُجُوبُ الْفِعْلِ‏.‏

قَوْلُهُ ويسمى‏.‏

حُكْمُ التَّسْمِيَةِ هُنَا في الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ حُكْمُهَا في الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَيُدْخِلُ إصْبَعَيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالْمَاءِ بين شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وفي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَفْعَلُ ذلك بِخِرْقَةٍ خَشِنَةٍ مَبْلُولَةٍ أو بِقُطْنَةٍ يَلُفُّهَا على الْخَلَّالِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا الْأَوْلَى نَصَّ عليه وَاقْتَصَرَ عليه وَكَذَا الزَّرْكَشِيُّ وقال ابن أبي مُوسَى يَصُبُّ الْمَاءَ على فيه وَأَنْفِهِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِيهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

فِعْلُ ذلك مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ وَاجِبٌ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْخِلَافِ وَكَالْمَضْمَضَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذلك بِخِرْقَةٍ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ ويوضيه ‏[‏ويوضئه‏]‏‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ وُضُوءَهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِقِيَامِ مُوجِبِهِ وهو زَوَالُ عَقْلِهِ وَقِيلَ وَاجِبٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من تَعْلِيقِهِ وابن الزَّاغُونِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَضْرِبُ السِّدْرَ فَيَغْسِلُ بِرَغْوَتِهِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَسَائِرَ بَدَنِهِ‏.‏

هو اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وهو الذي ذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَغْسِلُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ إلَّا رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وإذا ضَرَبَ السِّدْرَ وَغَسَلَ بِرَغْوَتِهِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ أو رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَسَائِرَ بَدَنِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَغْسِلَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجْعَلُ السِّدْرَ في كل مَرَّةٍ من الْغَسَلَاتِ نَصَّ عليه‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَمَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيُّ أَنَّ السِّدْرَ يَكُونُ في الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِقَوْلِهِ يَفْعَلُ ذلك ثَلَاثًا بَعْدَ ذِكْرِ السِّدْرِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَجْعَلُ السِّدْرَ في أَوَّلِ مَرَّةٍ اخْتَارَهُ‏.‏

جَمَاعَةٌ منهم أبو الْخَطَّابِ وَعَنْهُ يَجْعَلُ السِّدْرَ في الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيَكُونُ في الثَّالِثَةِ الْكَافُورُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَيْضًا ثَلَاثًا بِسِدْرٍ وَآخِرُهَا بِمَاءٍ‏.‏

وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُمْرَجُ جَسَدُهُ كُلَّ مَرَّةٍ بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُصَبُّ عليه الْمَاءُ بَعْدَ ذلك وَيُدْلَكُ قال في الْفُرُوعِ وَيُمْرَخُ بِسِدْرٍ مَضْرُوبٍ أَوَّلًا‏.‏

واما صِفَةُ السِّدْرِ مع الْمَاءِ فقال الْخِرَقِيُّ يَكُونُ في كل الْمِيَاهِ شَيْءٌ من السِّدْرِ قال في الْمُغْنِي وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ السِّدْرِ يَسِيرًا وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ الْقَرَاحُ بَعْدَ ذلك قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في الْأَوَّلِ وَنَصُّهُ في الثَّانِي قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُذَرُّ السِّدْرُ فيه وَإِنْ غَيَّرَهُ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَذَهَبَ كَثِيرٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ من أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ مع الْمَاءِ سِدْرٌ يُغَيِّرُهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فقال ابن حَامِدٍ يُطْرَحُ في كل الْمَاءِ شَيْءٌ يَسِيرٌ من السِّدْرِ لَا يُغَيِّرُهُ وقال الذي وَجَدْت عليه أَصْحَابَنَا أَنَّهُ يَكُونُ في الْغَسْلَةِ وَزْنُ دِرْهَمٍ وَنَحْوُهُ من السِّدْرِ فإنه إذَا كان كَثِيرًا سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ‏.‏

وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ تَبِعَهُمَا يُغَسَّلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بثفل ‏[‏بثقل‏]‏ السِّدْرِ ثُمَّ يُغَسَّلُ بَعْدَ ذلك بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَالِاعْتِدَادُ بِالْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ زَالَ السِّدْرُ أو بَقِيَ منه شَيْءٌ‏.‏

وقال الْآمِدِيُّ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ من الْغَسَلَاتِ التي فيها السِّدْرُ في عَدَدِ الْغَسَلَاتِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَقُومُ الْخِطْمِيُّ وَنَحْوُهُ مَقَامَ السِّدْرِ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَبْدَأُ في غُسْلِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ ثُمَّ بِالْكَتِفِ إلَى الرَّجُلِ ثُمَّ الْأَيْسَرُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَرْفَعُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ وَيَغْسِلُ ظَهْرَهُ وَوَرِكَهُ وَفَخِذَهُ وَيَفْعَلُ بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وهو الذي في‏.‏

الْكَافِي وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا قال في الْحَوَاشِي وهو أَشْبَهُ بِفِعْلِ الْحَيِّ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا يَغْسِلُ الْأَيْسَرَ قبل إكْمَالِ غَسْلِ الْأَيْمَنِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُقَلِّبُهُ على جَنْبِهِ مع غَسْلِ شِقَّيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُقَلِّبُهُ بَعْدَ غَسْلِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ يَفْعَلُ ذلك ثَلَاثًا‏.‏

يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ ذلك مع الْوُضُوءِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَحَكَى رِوَايَةً قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ يوضأ ‏[‏يوضئ‏]‏ لِكُلِّ غَسْلَةٍ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّثْلِيثِ غَيْرُ الْوُضُوءِ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فَلَا يوضأ ‏[‏يوضئ‏]‏ إلَّا أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ منه شَيْءٌ فَيُعَادُ وُضُوءُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏في حكم الاقتصار على مرة واحدة في الغسل‏]‏

يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ في غُسْلِهِ على مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَيُمِرُّ في كل مَرَّةٍ يَدَهُ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِه ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَفْعَلُ ذلك عَقِبَ الثَّانِيَةِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ يَلِينُ فَهُوَ أَمَكْنُ وَعَنْهُ يَفْعَلُ ذلك عَقِبَ الثَّالِثَةِ وَقِيلَ هل يُمِرُّ يَدَهُ ثَلَاثًا أو مَرَّتَيْنِ أو مَرَّةً فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُنَقَّ بِالثَّلَاثِ أو خَرَجَ منه شَيْءٌ غَسَلَهُ إلَى خَمْسٍ فَإِنْ زَادَ فَإِلَى سَبْعٍ‏.‏

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا لم يُنَقَّ بِالثَّلَاثِ غَسَلَ إلَى خَمْسٍ فَإِنْ لم يُنَقَّ بِالْخَمْسِ غَسَلَ إلَى سَبْعٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ على سَبْعٍ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَنَقَلَ بن وَاصِلٍ يُزَادُ إلَى خَمْسٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُزَادُ على سَبْعٍ إلَى أَنْ ينقى ‏[‏ينفي‏]‏ وَيَقْطَعُ على وِتْرٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال إنَّمَا يَذْكُرُ أَصْحَابُنَا ذلك لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ غَالِبًا وَلِذَلِكَ لم يُسَمِّ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَوْقَهَا عَدَدًا وَقَوْلُ أَحْمَدَ لَا يُزَادُ على سَبْعٍ مَحْمُولٌ على ذلك أو على ما إذَا غَسَلَ غُسْلًا مُنَقِّيًا إلَى سَبْعٍ ثُمَّ خَرَجَتْ منه نَجَاسَةٌ انْتَهَى‏.‏

قُلْت قد ثَبَتَ في صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ في بَعْضِ رِوَايَاتِ حديث أُمِّ عَطِيَّةَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أو خَمْسًا أو سَبْعًا أو أَكْثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا خَرَجَ منه شَيْءٌ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَغْسِلُ إلَى خَمْسٍ فَإِنْ خَرَجَ منه شَيْءٌ بَعْدَ ذلك فَإِلَى سَبْعٍ نَصَّ عليه قال الْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فيه لِأَنَّ هذا الْغُسْلَ وَجَبَ لِزَوَالِ عَقْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ ليس بِمُمْتَنِعٍ أَنْ يَبْطُلَ الْغُسْلُ بِأَنْ لَا يُوجِبَ الْغُسْلَ كَخَلْعِ الْخُفِّ لَا يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلِ وَيَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بِهِ انْتَهَى مع أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ قَطَعُوا أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ لَا تَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ بَلْ تُغْسَلُ النَّجَاسَةُ وَيُوَضَّأُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَيَأْتِي إذَا خَرَجَ منه شَيْءٌ بَعْدَ السَّبْعِ قَرِيبًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَمَسَتْهُ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ وَانْتَقَضَ طُهْرُ الْمَلْمُوسِ غُسِّلَ على قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ فَيُعَايَى بها وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَوَضَّأُ فَقَطْ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي‏.‏

فَائِدَتَانِ‏:‏

إحْدَاهُمَا قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَإِطْلَاقُهُ يَعُمُّ الْخَارِجَ النَّاقِضَ من غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَأَنَّهُ يُوجِبُ إعَادَةَ غُسْلِهِ وقد نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَنَقَلَ عنه أبو دَاوُد أَنَّهُ قال هو أَسْهَلُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا يُعَادُ الْغُسْلُ من ذلك لِأَنَّ في كَوْنِهِ حَدَثًا من الْحَيِّ خِلَافًا فَنَقَصَتْ رُتْبَتُهُ عن الْمُجْمَعِ عليه هُنَا‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا يُعَادُ الْغُسْلُ من يَسِيرِهِ كما يُنْقَضُ وُضُوءُ الْحَيِّ انْتَهَى‏.‏

وَقَدَّمَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى بن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَوْتِهِ وَعَلَّلَه ابن عَقِيلٍ بِزَوَالِ عَقْلِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا خَرَجَ من السَّبِيلَيْنِ شَيْءٌ وَكَذَا لو خَرَجَ من غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ على رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَجَمِيعِ ذلك من مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ لَا غَيْرُ فَيُعَايَى بِهِنَّ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ في الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ كَافُورًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْعَلُ الْكَافُورُ في كل الْغَسَلَاتِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ مع الْكَافُورِ سِدْرٌ على الصَّحِيحِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال الْخَلَّالُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقِيلَ يُجْعَلُ وَحْدَهُ في مَاءٍ قَرَاحٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمَاءُ الْحَارُّ وَالْخِلَالُ وَالْأُشْنَانُ يُسْتَعْمَلُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ‏.‏

إنْ اُحْتِيجَ إلَى شَيْءٍ من ذلك فإنه يَسْتَعْمِلُهُ من غَيْرِ خِلَافٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لم يَحْتَجْ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ كُرِهَ في الْخِلَالِ وَالْأُشْنَانِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُكْرَهُ في الْمَاءِ الْحَارِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ مُوجِبُهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَاسْتَحَبَّه ابن حَامِدٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ في الْحَمَّامِ نَقَلَهُ مُهَنَّا‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏في حكم أخذ شيء من شعر الميت أو نحوه‏]‏

قَوْلُهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ بِلَا نِزَاعٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ كَذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقَلِّمُهَا قَدَّمَه ابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ إنْ طَالَتْ وَفَحُشَتْ أُخِذَتْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحْدَاهَا يَأْخُذُ شَعْرَ إبْطَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَأْخُذُهُ وَقِيلَ إنْ فَحُشَ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَأْخُذُ شَعْرَ عَانَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ فَحُشَ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا وقال أبو الْمَعَالِي وَيَأْخُذُ ما بين فَخِذَيْهِ‏.‏

فَعَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ أَخْذِهِ يَكُونُ بِنَوْرَةٍ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ قال في الْفُصُولِ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ من الْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِحَلْقٍ أو قَصٍّ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ وقال نَصَّ عليه‏.‏

قُلْت وهو الْمَذْهَبُ فإن أَحْمَدَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَعَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ إطْلَاقُ الْخِلَافِ‏.‏

وَقِيلَ يُزَالُ بِأَحَدِهِمَا قال ابن تَمِيمٍ وَيُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ بِالنُّورَةِ أو بِالْحَلْقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَعَلَى كل قَوْلٍ لَا يُبَاشِرُ ذلك بيده بَلْ يَكُونُ عليها حَائِلٌ‏.‏

وَكُلُّ ما أُخِذَ فإنه يُجْعَلُ مع الْمَيِّتِ كما لو كان عُضْوًا سَقَطَ منه وَيُعَادُ غُسْلُ الْمَأْخُوذِ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ جَزْءٌ منه كَعُضْوٍ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَحْرُمُ خَتْنُهُ بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ‏.‏

الرَّابِعَةُ يَحْرُمُ حَلْقُ رَأْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُكْرَهُ قال وهو أَظْهَرُ قال الْمَرُّوذِيُّ لَا يَقُصُّ وَقِيلَ يَحْلِقُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

الْخَامِسَةُ يُسْتَحَبُّ خِضَابُ شَعْرِ الْمَيِّتِ بِحِنَّاءٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِلشَّائِبِ دُونَ غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَمَلَ نَصَّ أَحْمَدَ عليه وقال أبو الْمَعَالِي يُخَضَّبُ من كان عَادَتُهُ الْخِضَابَ في الْحَيَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُسَرَّحُ شَعْرُهُ وَلَا لِحْيَتُهُ‏.‏

هَكَذَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال الْقَاضِي يُكْرَهُ ذلك وَقِيلَ لَا يُسَرَّحُ الْكَثِيفُ وَاسْتَحَبَّ بن حَامِدٍ يُمَشَّطُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ ما تَقَدَّمَ من ذلك كُلِّهِ في غَيْرِ الْمُحْرِمِ فاما الْمُحْرِمُ فإنه لَا يَأْخُذُ منه شيئا مِمَّا تَقَدَّمَ على ما يَأْتِي قَرِيبًا‏.‏

قوله وَيُضْفَرُ شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَيُسْدَلُ من وَرَائِهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو بَكْرٍ يُسْدَلُ أَمَامَهَا‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يُنَشِّفُهُ بِثَوْبٍ‏.‏

لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ وقال في الْوَاضِحِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لِلْحَيِّ في رِوَايَةٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وفي الْوَاضِحِ أَيْضًا لِأَنَّهُ من كَمَالِ غُسْلِ الْحَيِّ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ تَنْشِيفَ الْمَيِّتِ مُسْتَحَبٌّ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ غُسْلِ الْمَيِّتِ رِوَايَةً بِكَرَاهَةِ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ كَدَمِ الشَّهِيدِ وفي الْفُصُولِ في تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ ما يَدُلُّ على الْوُجُوبِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَتَنَجَّسُ ما نَشَّفَ بِهِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَتَنَجَّسُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ منه شَيْءٌ بَعْدَ السَّبْعِ حَشَاهُ بِالْقُطْنِ فَإِنْ لم يُمْسِكْ فَبِالطِّينِ الْحُرِّ‏.‏

إذَا خَرَجَ منه بَعْدَ السَّبْعِ شَيْءٌ سَدَّ الْمَكَانَ بِالْقُطْنِ وَالطِّينِ الْحُرِّ وَلَا يُكْرَهُ حَشْوُ الْمَحَلِّ إنْ لم يَسْتَمْسِكْ بِذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ حَكَاهَا ابن أبي مُوسَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يُغْسَلُ الْمَحَلُّ‏.‏

وَيُوَضَّأُ وَلَا يُزَادُ على السَّبْعِ رِوَايَةً وَاحِدَةً لَكِنْ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ غُسِلَ الْمَحَلُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت فَإِنْ لم يَعْدُ الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فيه الِاسْتِجْمَارُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُوَضَّأُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَاب وَعَنْهُ لَا يُوَضَّأُ لِلْمَشَقَّةِ وَالْخَوْفِ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَهُمَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ لم يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يُلْجِمُ الْمَحَلَّ بِالْقُطْنِ فَإِنْ لم يَمْنَعْ حَشَاهُ بِهِ قال وَصَرَّحَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ فيها يَعْنِي بِهِ أَبَا الْمَعَالِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ منه شَيْءٌ بَعْدَ وَضْعِهِ في أَكْفَانِهِ لم يَعُدْ إلَى الْغُسْلِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا هو الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وهو أَصَحُّ وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ وَيَطْهُرُ كَفَنُهُ وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ إنْ كان غُسِلَ دُونَ سَبْعٍ وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ من الْخَارِجِ إذَا كان كَثِيرًا قبل تَكْفِينَهُ وَبَعْدَهُ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَنَصُّهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ خُرُوجُ الدَّمِ أَيْسَرُ وَتَقَدَّمَ الِاحْتِمَالُ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُصَبُّ عليه الْمَاءُ وَلَا يُغَسَّلُ كَالْحَلَالِ لِئَلَّا يَتَقَطَّعَ شَعْرُهُ‏.‏

تَنْبِيهٌ

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا تُخَمَّرُ رَأْسُهُ أَنَّهُ يغطى سَائِرَ بَدَنِهِ فيغطى رِجْلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الْمَنْعُ من تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصُ قال الْخَلَّالُ هو وَهْمٌ من نَاقِلِهِ وقال لَا أَعْرِفُ هذا في الْأَحَادِيثِ وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ عن أبي عَبْد اللَّهِ غَيْرُ حَنْبَلٍ وهو عِنْدِي وَهْمٌ من حَنْبَلٍ وَالْعَمَلُ على أَنَّهُ يغطى جَمِيعَ بَدَنِ الْمُحْرِمِ إلَّا رَأْسَهُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلَيْنِ وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ من تَغْطِيَتِهِمَا في حَيَاتِهِ فَهَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت فَلَا يُقَالُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ خَرَجَ على الْمُعْتَادِ إذْ في الحديث أَنَّهُ يُكَفَّنُ في ثَوْبَيْهِ أَيْ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يُغَطَّى من سُرَّتِهِ إلَى رِجْلَيْهِ انْتَهَى‏.‏

وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ تَحْرِيمِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُحَرِّمُ تَغْطِيَةَ قَدَمَيْ الْحَيِّ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ وَالْجُمْجُمِ وَنَحْوِهِ وقد اسْتَيْقَنَا تَحْرِيمَ ذلك بَعْدَ الْمَوْتِ مع كَوْنِهِ ليس بِمُعْتَادٍ فيه وَإِنَّمَا الْمُعْتَادُ فيه سَتْرُهُمَا بِالْكَفَنِ فَكَانَ التَّحْرِيمُ أَوْلَى انْتَهَى‏.‏

وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ يغطى وَجْهَهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ بِنَاءً على أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ في حَالِ حَيَاتِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يغطى وَجْهَهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحداها يُجَنَّبُ الْمُحْرِمُ الْمَيِّتُ ما يُجَنَّبُ في حَيَاتِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ لَا يَجِبُ الْفِدَاءُ على الْفَاعِلِ بِهِ ما يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لو فَعَلَهُ حَيًّا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَجِبُ عليه الْفِدْيَةُ وقال في التَّبْصِرَةِ يَسْتُرُ على نَفْسِهِ بِشَيْءٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ وظاهر ‏[‏ظاهر‏]‏ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ بَقِيَّةَ كَفَنِهِ كَحَلَالٍ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكَفَّنُ في ثَوْبَيْهِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُسْتَحَبُّ ذلك فَيَكُونُ كما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ الْجَوَازَ انْتَهَى‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

هذا كُلُّهُ في أَحْكَامِ الْمُحْرِمِ فَأَمَّا إنْ كان الْمَيِّتُ امْرَأَةً فإنه يَجُوزُ إلْبَاسُهَا الْمَخِيطَ وَتُجَنَّبُ ما سِوَاهُ وَلَا يُغَطَّى وَجْهُهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا تُمْنَعُ الْمُعْتَدَّةُ إذَا مَاتَتْ من الطِّيبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تُمْنَعُ‏.‏

قَوْلُهُ وَالشَّهِيدُ لَا يُغَسَّلُ‏.‏

سَوَاءٌ كان مُكَلَّفًا أو غَيْرَهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّ‏.‏

غُسْلَهُ مُحَرَّمٌ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ قَطَعَ أبو الْمَعَالِي بِالتَّحْرِيمِ وَحَكَى رِوَايَةً عن أَحْمَدَ وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ‏.‏

وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت لم أَقِفْ على تَصْرِيحٍ لِأَصْحَابِنَا هل غُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ أو مَكْرُوهٌ فَيُحْتَمَلُ الْحُرْمَةُ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا‏.‏

يَعْنِي فَيُغَسَّلُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَنْهُ لَا يُغَسَّلُ أَيْضًا‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحْدَاهَا حُكْمُ من طَهُرَتْ من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ حُكْمُ الْجُنُبِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَكَذَا كُلُّ غُسْلٍ وَجَبَ قبل الْقَتْلِ كَالْكَافِرِ يُسْلِمُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقِيلَ في الْكَافِرِ لَا يُغَسَّلُ وَإِنْ غُسِّلَ غَيْرُهُ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ‏.‏

وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ في أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أو نِفَاسِهَا فَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ في بَابِ الْغُسْلِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لو مَاتَ وَعَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ فَهَلْ يُوَضَّأُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَوَاشِي‏.‏

قُلْت الذي ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُوَضَّأُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْغُسْلِ وهو ظَاهِرُ الحديث‏.‏

الثَّانِيَةُ لو كان على الشَّهِيدِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ الدَّمِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تُغَسَّلُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ بِبَقَائِهَا كَالدَّمِ‏.‏

فَعَلَى الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لو لم تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِزَوَالِ الدَّمِ لم يَجُزْ إزَالَتُهَا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِغَسْلِهَا منهم صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

الثَّالِثَةُ صَرَّحَ الْمَجْدُ بِوُجُوبِ بَقَاءِ دَمِ الشَّهِيدِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَذَكَرُوا رِوَايَةَ كَرَاهَةِ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ كَدَمِ الشَّهِيدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَحَبَّ كَفَّنَهُ في غَيْرِهَا‏.‏

يَعْنِي إنْ إحب كَفَّنَ الشَّهِيدَ في ثِيَابٍ غَيْرِ الثِّيَابِ التي قُتِلَ فيها وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَشَذَّ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ فَجَعَلَ ذلك مُسْتَحَبًّا وَتَبِعَهُ على ذلك أبو مُحَمَّدٍ‏.‏

قُلْت جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْنُهُ في ثِيَابِهِ التي قُتِلَ فيها نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي في الْخِلَافِ قال في الْفُرُوعِ وَيَجِبُ دَفْنُهُ في بَقِيَّةِ ثِيَابِهِ في الْمَنْصُوصِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

فَلَا يُزَادُ على ثِيَابِهِ وَلَا يُنْقَصُ عنها بِحَسَبِ الْمَسْنُونِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ أو النَّقْصِ لِيَحْصُلَ الْمَسْنُونُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّخْرِيجِ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى عليه في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ الصَّلَاةُ عليه اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في التَّنْبِيهِ وأبو الْخَطَّابِ وحكى عنه تَحْرُمُ الصَّلَاةُ عليه وَعَنْهُ إنْ شَاءَ صلى وَإِنْ شَاءَ لم يُصَلِّ‏.‏

فَعَلَيْهَا الصَّلَاةُ أَفْضَلُ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن تَمِيمٍ‏.‏

وَعَنْهُ تَرْكُهَا أَفْضَلُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ في الْأَفْضَلِيَّةِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في الشَّهِيدِ الذي لَا يُغَسَّلُ فَأَمَّا الشَّهِيدُ الذي يُغَسَّلُ فإنه يُصَلَّى عليه على سَبِيلِ الْوُجُوبِ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

فائدة جَلِيلَةٌ ‏[‏أحكام الشهيد‏]‏‏:‏

قِيلَ سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ حَيٌّ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ له بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُ له وَقِيلَ لِقِيَامِهِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ حتى قُتِلَ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ ما أُعِدَّ له من الكرامة ‏[‏الكراهة‏]‏ بِالْقَتْلِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شَهِدَ لِلَّهِ بِالْوُجُودِ وَالْإِلَهِيَّةِ بِالْفِعْلِ كما شَهِدَ غَيْرُهُ بِالْقَوْلِ وَقِيلَ لِسُقُوطِهِ بِالْأَرْضِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شَهِدَ له بِوُجُوبِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ من أَجْلِ شَاهِدِهِ وهو دَمُهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ شَهِدَ له بِالْإِيمَانِ وَبِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ بِظَاهِرِ حَالِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُشْهَدُ له بِالْأَمَانِ من النَّارِ وَقِيلَ لِأَنَّ عليه شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ إلَّا مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ الذي يَشْهَدُ يوم الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ‏.‏

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ قَوْلًا ذَكَرَ السَّبْعَةَ الْأُولَى بن الْجَوْزِيِّ وَالثَّلَاثَةَ التي بَعْدَهَا ابن قُرْقُورٍ في الْمَطَالِعِ وَالْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ بن حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ في كِتَابِ الْجِهَادِ وقال وَبَعْضُ هذا يَخْتَصُّ بِمَنْ قُتِلَ في سَبِيلِ اللَّهِ وَبَعْضُهَا يَعُمُّ غَيْرَهُ انْتَهَى‏.‏

وَلَا يَخْلُو بَعْضُهَا من نَوْعِ تَدَاخُلٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سَقَطَ من دَابَّتِهِ أو وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ‏.‏

يَعْنِي غُسِّلَ وصلى عليه وَكَذَا لو سَقَطَ من شَاهِقٍ فَمَاتَ أو رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ منها قال الْأَصْحَابُ وَكَذَا لو مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَكَذَا من عَادَ عليه سَهْمُهُ فيها نَصَّ عليه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى‏.‏

عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عليه وحكى رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَدِيمًا فِيمَنْ سَقَطَ عن دَابَّتِهِ أو عَادَ عليه سِلَاحُهُ فَمَاتَ أو سَقَطَ من شَاهِقٍ أو في بِئْرٍ ولم يَكُنْ ذلك بِفِعْلِ الْعَدُوِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في شَرْحِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ قَدَّمَهُ الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا عَادَ عليه سِلَاحُهُ فَقَتَلَهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عليه وَنَصَرَاهُ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ‏.‏

هَكَذَا عِبَارَةُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وزاد أبو الْمَعَالِي وَلَا دَمَ في أَنْفِهِ وَدُبُرِهِ أو ذَكَرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ أو حُمِلَ فَأَكَلَ أو طَالَ بَقَاؤُهُ‏.‏

يَعْنِي لو جُرِحَ فَأَكَلَ فإنه يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عليه وَكَذَا لو جُرِحَ فَشَرِبَ أو نَامَ أو بَالَ أو تَكَلَّمَ زَادَ جَمَاعَةٌ أو عَطَسَ نَصَّ عليه منهم بن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَلَوْ لم يَطُلْ الْفَصْلُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُغَسَّلُ إلَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ أو أَكَلَ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فقال الصَّحِيحُ عِنْدِي التَّحْدِيدُ بِطُولِ الْفَصْلِ أو الْأَكْلِ لِأَنَّهُ عَادَةُ ذَوِي الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَطُولُ الْفَصْلِ دَلِيلٌ عليها فَأَمَّا الشُّرْبُ وَالْكَلَامُ فَيُوجَدَانِ مِمَّنْ هو في السِّيَاقِ قال ابن تَمِيمٍ وهو أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

قُلْت وهو عَيْنُ الصَّوَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يُغَسَّلُ في ذلك كُلِّهِ إلَّا مع جِرَاحَةٍ كَثِيرَةٍ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ مَعَهَا‏.‏

قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ إنْ لم يَتَطَاوَلْ بِهِ ذلك فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الشُّهَدَاءِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِتَقَضِّي الْحَرْبِ فَمَتَى مَاتَ وَهِيَ قَائِمَةٌ لم يُغَسَّلْ وَلَوْ وُجِدَ منه‏.‏

شَيْءٌ من ذلك وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا غُسِّلَ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت وكذا نَقَلَه ابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ عن مَذْهَبِنَا انْتَهَى‏.‏

قال الْآمِدِيُّ إذَا خَرَجَ الْمَجْرُوحُ من الْمَعْرَكَةِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ تَقَضِّي الْقِتَالِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ من الْمَوْتَى قال ابن تَمِيمٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيَامِ الْحَرْبِ فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ قَائِمَةٌ لم يُغَسَّلْ وَإِنْ انْقَضَتْ قبل مَوْتِهِ غُسِّلَ ولم يُعْتَبَرْ خُرُوجُهُ من الْمَعْرَكَةِ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ إنَّمَا يُتْرَكُ غُسْلُ من قُتِلَ في الْمَعْرَكَةِ وَإِنْ حُمِلَ وَفِيهِ رَوْحٌ غُسِّلَ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ أو طَالَ بَقَاؤُهُ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ عُرْفًا‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا كَقَتِيلِ اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُلْحَقُ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُغَسَّلُ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا على الْأَصَحِّ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُلْحَقُ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

قد يُقَالُ دخل في كَلَامِهِ إذَا قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ وهو أَحَدُ الطَّرِيقَتَيْنِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَقِيلَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ قَتِيلِ الْكُفَّارِ وهو الْمَنْصُوصُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يَلْحَقُ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ إنْ قُتِلَ في مُعْتَرَكٍ بين الْمُسْلِمِينَ كَقَتِيلِ الْبُغَاةِ وَالْخَوَارِجِ في الْمَعْرَكَةِ أو قَتَلَهُ الْكُفَّارُ صَبْرًا في غَيْرِ حَرْبٍ كَخُبَيْبٍ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏عن غسل الشهيد‏]‏

إحداها قِيلَ إنَّمَا لم يُغَسَّلْ الشَّهِيدُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ لِكَثْرَةِ الشُّهَدَاءِ في الْمَعْرَكَةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لم يُصَلَّ عليهم لم يُغَسَّلُوا وَقِيلَ وهو الصَّحِيحُ لِئَلَّا يَزُولَ أَثَرُ الْعِبَادَةِ الْمَطْلُوبُ بَقَاؤُهَا‏.‏

وَإِنَّمَا لم يُصَلِّ عليهم قِيلَ لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَالصَّلَاةُ إنَّمَا شُرِعَتْ في حَقِّ الْمَوْتَى وَقِيلَ لِغِنَاهُمْ عن الشَّفَاعَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ الشَّهِيدُ غَيْرُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ بِضْعَةُ عَشَرَ مُفَرَّقَةٌ في الْأَخْبَارِ وَمِنْ أَغْرَبِهَا‏:‏ «مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ» رَوَاه ابن مَاجَهْ وَالْخَلَّالُ مَرْفُوعًا وَأَغْرَبُ منه من عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وابن مُنَجَّا وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَوْنُ الْعِشْقِ شَهَادَةً مُحَالٌ وَرَدَّهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وإذا وُلِدَ السِّقْطُ لِأَكْثَرَ من أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عليه‏.‏

أَنَّهُ لو وُلِدَ لِدُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عليه وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْفُصُولِ لم يَجُزْ أَنْ يُصَلَّى عليه وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ فقال‏:‏

بَعْدَ أَرْبَعِ الشُّهُورِ سِقْطٌ يُغَسَّلُ *** وصلى وَلَوْ لم يَسْتَهِلَّ نَقَلُوا

وَعَنْهُ مَتَى بَانَ فيه خَلْقُ الْإِنْسَانِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عليه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وابن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالتَّلْخِيصِ وقال وقد ضَبَطَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْحَيَاةِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏في أحكام السقط‏]‏

إحْدَاهَا يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ هذا الْمَوْلُودِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُسَمَّى إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يُبْعَثُ قَبْلَهَا وقال الْقَاضِي في الْمُعْتَمَدِ يُبْعَثُ قَبْلَهَا وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو قَوْلُ كَثِيرٍ من الْفُقَهَاءِ وقال في نِهَايَةِ المبتدى ‏[‏المبتدئ‏]‏ لَا يُقْطَعُ بِإِعَادَتِهِ وَعَدَمِهَا كَالْجَمَادِ وقال في الْفُصُولِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عليه كَالْعَلَقَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ وَلَا يُحَاسَبُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ من لم يَسْتَهِلَّ أَيْضًا وَإِنْ جُهِلَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى سُمِّيَ بِاسْمٍ صَالِحٍ لَهُمَا كَطَلْحَةَ وَهِبَةَ اللَّهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو كان السِّقْطُ من كَافِرٍ فإن حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَكَمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُصَلَّى على كل مَوْلُودٍ يُولَدُ على الْفِطْرَةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ من مَاتَ في سَفِينَةٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عليه بَعْدَ تَكْفِينَهُ وَأُلْقِيَ في الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ في الْقَبْرِ مع خَوْفِ فَسَادٍ أو حَاجَةٍ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ يُثْقَلُ بِشَيْءٍ وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَصْحَابِنَا قال وَلَا مَوْضِعَ لنا الْمَاءُ فيه بَدَلٌ عن التُّرَابِ إلَّا هُنَا فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ يُمِّمَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عليه مِثْلُ اللَّدِيغِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يُيَمَّمُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْظِيفُ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى في الْمُحْتَرِقِ وَنَحْوِهِ يُصَبُّ عليه الْمَاءُ كَمَنْ خِيفَ عليه بِمَعْرَكَةٍ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَنْ خِيفَ تَلَاشِيهِ بِهِ يُغَسَّلُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي فِيمَنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهُ من تَحْتِ هَدْمٍ لَا يُصَلَّى عليه لِتَعَذُّرِ الْغُسْلِ كَمُحْتَرِقٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَعَلَى الْغَاسِلِ سَتْرُ ما رَآهُ إنْ لم يَكُنْ حَسَنًا‏.‏

شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا رَأَى غير الْحَسَنِ الثَّانِيَةُ إذَا رَأَى حَسَنًا الْأُولَى صَرِيحَةٌ في كَلَامِهِ وَالثَّانِيَةُ مَفْهُومَةٌ من كَلَامِهِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ عليه سَتْرُ غَيْرِ الْحَسَنِ وهو ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَعَلَى الْغَاسِلِ لِأَنَّ على ظاهره في الْوُجُوبِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إظْهَارُ الْحَسَنِ بَلْ يُسْتَحَبُّ قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُ الْغَاسِلَ سِتْرُ الشَّرِّ لَا إظْهَارُ الْخَيْرِ في الْأَشْهَرِ فِيهِمَا نَقَلَ بن الْحَكَمِ لَا يحدث بِهِ أَحَدًا وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَالتَّحَدُّثُ بِهِ حَرَامٌ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ أبو الْمَعَالِي في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَجِبُ سَتْرُ ما رَآهُ من قَبِيحٍ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَجِبُ إظْهَارُ الْحَسَنِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إنْ كان الْمَيِّتُ مَعْرُوفًا بِبِدْعَةٍ أو قِلَّةِ دِينٍ أو فُجُورٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِظْهَارِ الشَّرِّ عنه وَسَتْرُ الْخَيْرِ عنه لِتُجْتَنَبَ طَرِيقَتُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْكَافِي وأبو الْمَعَالِي وابن تَمِيمٍ وابن عَقِيلٍ فقال لَا بَأْسَ عِنْدِي بِإِظْهَارِ الشَّرِّ عنه لِتُحْذَرَ طَرِيقُهُ انْتَهَى‏.‏

لَكِنْ هل يُسْتَحَبُّ ذلك أو يُبَاحُ قال في النُّكَتِ فيه خِلَافٌ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ يَدُلُّ على ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ كَفَنُ الْمَيِّتِ في مَالِهِ مُقَدَّمًا على الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارُوهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ على دَيْنِ الرَّهْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏ ‏[‏متفرقة‏]‏

الْأُولَى الْوَاجِبُ لِحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى ثَوْبُ وَاحِدٍ بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ وَصَّى بِأَقَلَّ منه لم تُسْمَعْ وَصِيَّتُهُ وَكَذَا لِحَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وأبو مُحَمَّدٍ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَحَكَى رِوَايَةً قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ فَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ صَحَّ قال ابن تَمِيمٍ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا وَاحِدًا وقال في التَّلْخِيصِ إذَا قُلْنَا يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لم تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِأَقَلَّ منها انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يُقَدَّمُ الثَّلَاثَةُ على الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ لَا على الدَّيْنِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَ في تَقْدِيمِهَا على الدَّيْنِ وَجْهَيْنِ وقال أبو الْمَعَالِي إنْ كُفِّنَ من بَيْتِ الْمَالِ فَثَوْبٌ وَاحِدٌ وفي الزَّائِدِ لِلْجَمَالِ وَجْهَانِ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ ثَلَاثَةٌ لِلرَّجُلِ وَخَمْسَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَيَأْتِي ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْوَاجِبُ من ذلك ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجِبُ مَلْبُوسُ مِثْلِهِ في الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إذَا لم يُوَصِّ بِدُونِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وقال في الْفُصُولِ يَكُونُ بِحَسَبِ حَالِهِ كَنَفَقَتِهِ في حَيَاتِهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ الْجَدِيدُ أَفْضَلُ من الْعَتِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ما لم يُوَصِّ بِغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ الْعَتِيقُ الذي ليس بِبَالٍّ أَفْضَلُ قاله ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يصلى فيه أو يُحْرِمُ فيه ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَيَضَعُهُ لِكَفَنِهِ فَرَآهُ حَسَنًا وَعَنْهُ يُعْجِبُنِي جَدِيدٌ أو غَسِيلٌ وَكُرِهَ لُبْسُهُ حتى يُدَنِّسَهُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَحْسِينِهِ وَلَا يَجِبُ وَكَذَا قال في الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ يُسْتَحَبُّ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحَيْضِ‏.‏

الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ في الْكَفَنِ أَنْ لَا يَصِفَ الْبَشَرَةَ وَيُكْرَهُ إذَا كان يَحْكِي هَيْئَةَ الْبَدَنِ وَإِنْ لم يَصِفْ الْبَشَرَةَ نَصَّ عليه وَيُكْرَهُ أَيْضًا بِشَعْرٍ وَصُوفٍ وَيَحْرُمُ بِجُلُودٍ وَكَذَا بِحَرِيرٍ لِلْمَرْأَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الْفُرُوعِ وَجَعَلَهُ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ احْتِمَالًا لِابْنِ عَقِيلٍ‏.‏

قُلْت صَرَّحَ بِهِ في الْفُصُولِ ولم يَطَّلِعْ على النَّصِّ‏.‏

وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ‏.‏

وَيَجُوزُ التَّكْفِينُ بِالْحَرِيرِ عِنْدَ الْعَدَمِ لِلضَّرُورَةِ وَيَكُونُ ثَوْبًا وَاحِدًا وَالْمُذَهَّبُ مِثْلُ الْحَرِيرِ فِيمَا تَقَدَّمَ من الْأَحْكَامِ‏.‏

وَيُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِمُزَعْفَرٍ وَمُعَصْفَرٍ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ فيه كما سَبَقَ في سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَيَجِيءُ الْخِلَافُ فَلَا يُكْرَهُ لها لَكِنَّ الْبَيَاضَ أَوْلَى انْتَهَى‏.‏

وزاد في الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ بِمَا فيه النُّقُوشُ وهو مَعْنَى ما في الْفُصُولِ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَيَحْرُمُ تَكْفِينَ الصَّبِيِّ بِحَرِيرٍ وَلَوْ قُلْنَا بِجَوَازِ لُبْسِهِ في حَيَاتِهِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

الْخَامِسَةُ لَا يُكْرَهُ تَعْمِيمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن حَمْدَانَ‏.‏

السَّادِسَةُ لو سُرِقَ كَفَنُ مَيِّتٍ كُفِّنَ ثَانِيًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ ثَانِيًا وَثَالِثًا في الْمَنْصُوصِ وَسَوَاءٌ قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ أو لَا ما لم يُصْرَفْ في دَيْنٍ أو وَصِيَّةٍ وَلَوْ جبى له كَفَنٌ فما فَضَلَ فَلِرَبِّهِ فَإِنْ جُهِلَ كُفِّنَ بِهِ آخَرُ نَصَّ عليه فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ تُصْرَفُ الْفَضْلَةُ في كَفَنِ آخَرَ وَلَوْ عَلِمَ رَبُّهَا جَزَمَ بِهِ في‏.‏

الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه وفي مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ هو كَزَكَاةٍ في رِقَابٍ أو غُرْمٍ وَجَعَلَ المجد ‏[‏المد‏]‏ اخْتِلَاطُهُ كَجَهْلِ رَبِّهِ قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ الْفَضْلَةُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَرَثَةُ رَبِّهِ فَهُوَ إذْنٌ وَاضِحٌ مُتَعَيَّنٌ قَالَا لِضَعْفٍ وَسَهْوٍ وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ أو أَخَذَهُ بِكَفَنِهِ تَرَكَهُ وَإِنْ كان تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ فَهُوَ له دُونَ الْوَرَثَةِ قَطَعَ بِه ابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَأَمَّا لو استغنى عنه قبل الدَّفْنِ فإنه لِلْأَجْنَبِيِّ إجْمَاعًا قَالَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في الْقَطْعِ وَالسَّرِقَةِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكُنْ له مَالٌ فَعَلَى من تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ‏.‏

ثُمَّ في بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ من بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى كل مُسْلِمٍ عَالِمٍ قال في الْفُرُوعِ أطلقه ‏[‏أطلقها‏]‏ الأصحاب ‏[‏لأصحاب‏]‏ قال في الْفُنُونِ قال حَنْبَلٌ وَيَكُونُ بِثَمَنِهِ كَالْمُضْطَرِّ وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ بِهِ تَعَيَّنَ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُكَفَّنُ ذِمِّيٌّ من بَيْتِ الْمَالِ لِلْعَدَمِ كَمُرْتَدٍّ وَقِيلَ يَجِبُ كَالْمَخْمَصَةِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُنْفَقُ عليه لَكِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وابن تَمِيمٍ زَادَ بَعْضُهُمْ لِمَصْلَحَتِنَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو وُجِدَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَوُجِدَ جَمَاعَةٌ من الْأَمْوَاتِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجْمَعُ في الثَّوْبِ ما يُمْكِنُ جَمْعُهُ فيه منهم قال في الْفُرُوعِ هو الْأَشْهَرُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ قال ابن تَمِيمٍ وقال شَيْخُنَا يُقَسَّمُ الْكَفَنُ بَيْنَهُمْ وَيَسْتُرُ بِمَا يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم عَوْرَتَهُ وَلَا يُجْمَعُونَ فيه‏.‏

وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ تَفْرِيعًا على الْأَوَّلِ قُلْت فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ بين كل اثْنَيْنِ حَاجِزٌ من عَسْبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى‏.‏

قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ هذا‏.‏

وَلَوْ لم يَجِدْ ما يَسْتُرَ كُلَّ الْمَيِّتِ سَتَرَ رَأْسَهُ وَبَاقِيَهُ بِحَشِيشٍ أو وَرَقٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وما فَضَلَ يَسْتُرُ بِهِ رَأْسَهُ وما يَلِيهِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْحَوَاشِي وقال في الْفُرُوعِ وَهَلْ يُقَدَّمُ سَتْرُ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ من بَاقِيهِ بِحَشِيشٍ أو كَحَالِ الْحَيَاةِ فيه وَجْهَانِ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ فَبُذِلَ لَهُمَا كَفَنَانِ وكان أَحَدُ الْكَفَنَيْنِ أَجْوَدَ ولم يُعَيِّنُ الْبَاذِلُ ما لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فإنه يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَقَطَعَ بِهِ وقال في كَلَامِ أَحْمَدَ ما يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَخَذَ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ في ذلك‏.‏

فائدة‏:‏

يُقَدَّمُ الْكَفَنُ على دَيْنِ الرَّهْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امْرَأَتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وحكى رِوَايَةً وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مع عَدَمِ التَّرِكَةِ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لم يَكُنْ لها تَرِكَةٌ فَعَلَى من تَجِبُ عليه نَفَقَتُهَا لو كانت خَالِيَةً من الزَّوْجِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الرَّجُلِ في ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ يُبْسَطُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ بَعْدَ تَجْمِيرِهَا‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي يُجَمِّرُهَا ثَلَاثًا قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ وِتْرًا بَعْدَ رَشِّهَا بِمَاءِ وَرْدٍ وَغَيْرِهِ لِيَعْلَقَ بها الْبَخُورُ‏.‏