فصل: كِتَابُ: الْحُدُودِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الْحُدُودِ

فائدة‏:‏

الْحُدُودُ جَمْعُ حَدٍّ وهو في الْأَصْلِ الْمَنْعُ وهو في الشَّرْعِ عُقُوبَةٌ تَمْنَعُ من الْوُقُوعِ في مِثْلِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا على بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأصحاب وقال في الْوَجِيزِ تَبَعًا لِلرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مُلْتَزِمٍ لِيَدْخُلَ الذِّمِّيُّ دُونَ الْحَرْبِيِّ قُلْت هذا الْحُكْمُ لَا خِلَافَ فيه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ إلَّا الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَتَطَلُّبِ الْإِمَامِ له لِيَقْتُلَهُ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ قَتْلُهُ وَقِيلَ يُقِيمُ الْحَدَّ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ لم يَضْمَنْهُ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ إلَّا السَّيِّدَ يَعْنِي الْمُكَلَّفَ فإن له إقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً على رَقِيقِهِ الْقِنِّ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَلِسَيِّدٍ إقَامَتُهُ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ ليس له ذلك وَقِيلَ ليس له إقَامَةُ الْحَدِّ على أَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ عَصَى الرَّقِيقُ عَلَانِيَةً أَقَامَ السَّيِّدُ عليه الْحَدَّ وَإِنْ عَصَى سِرًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عليه إقَامَتُهُ بَلْ يُخَيَّرُ بين سَتْرِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ في ذلك‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ قد يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ رَقِيقِهِ الْقِنِّ أَنَّهُ لو كان رَقِيقًا مُشْتَرَكًا لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِه ابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى‏.‏

الثَّانِي‏:‏ مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ ليس لِغَيْرِ السَّيِّدِ إقَامَةُ الْحَدِّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقِيلَ لِلْوَصِيِّ إقَامَتُهُ على رَقِيقِ مُوَلِّيهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ له الْقَتْلُ في الرِّدَّةِ وَالْقَطْعُ في السَّرِقَةِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا‏:‏ ليس له ذلك وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَنَصَرُوهُ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ له ذلك صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَمْلِكُ إقَامَتَهُ على مُكَاتَبِهِ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنِهَايَةِ ابن رزين وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي له إقَامَتُهُ عليه وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنه لَا يُقِيمُ الْحَدَّ على مُكَاتَبَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ يَعْنِي لَا يَمْلِكُ إقَامَةَ الْحَدِّ عليها وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ له إقَامَتُهُ عليها صَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ كانت ثَيِّبًا وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إنْ كانت مُحْصَنَةً فَالسُّلْطَانُ وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا حتى تُحَدَّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان السَّيِّدُ فَاسِقًا أو امْرَأَةً فَلَهُ إقَامَتُهُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ أن لا يملكه وهو لِلْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ يُقِيمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ في بَابِ الْمُكَاتَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي في الْكِتَابَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْلِكَهُ وهو وَجْهٌ وَرِوَايَةٌ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي هُنَا وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أو إقْرَارِ حَيْثُ قُلْنَا لِلسَّيِّدِ إقَامَتُهُ فَلَهُ إقَامَتُهُ بِالْإِقْرَارِ بِلَا نِزَاعٍ إذَا عَلِمَ شُرُوطَهُ وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لم يَعْلَمْ شُرُوطَهَا فَلَيْسَ له إقَامَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ عَلِمَ شُرُوطَ سَمَاعِهَا فَلَهُ إقَامَتُهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ له ذلك قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَمَنْ أَقَامَ على نَفْسِهِ ما يَلْزَمُهُ من حَدِّ زِنًا أو قَذْفٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ لم يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ وَيَأْتِي اسْتِيفَاؤُهُ حَدَّ قَذْفٍ من نَفْسِهِ في بَابِهِ بِأَتَمَّ من هذا وَتَقَدَّمَ في بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لو اقْتَصَّ الْجَانِي من نَفْسِهِ برضى ‏[‏برضا‏]‏ الْوَلِيِّ هل يَجُوزُ أو لَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ ثَبَتَ بِعِلْمِهِ فَلَهُ إقَامَتُهُ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ كَالْإِمَامِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُقِيمُ الْإِمَامُ الْحَدَّ بِعِلْمِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا من كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ إقَامَتِهِ بِعِلْمِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ في الْمَسَاجِدِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّحْرِيمَ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ ابن عقِيلٍ في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ في بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْوَقْفِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ في الْحَدِّ قَائِمًا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ قَاعِدًا فَعَلَيْهَا يُضْرَبُ الظَّهْرُ وما قَارَبَهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلِقٍ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ سَوْطُ الْعَبْدِ دُونَ سَوْطِ الْحُرِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَعَلُوا الْأَوَّلَ احْتِمَالًا وَنَسَبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَى الْمُصَنِّفِ فَقَطْ قال في الْبُلْغَةِ وَلْتَكُنْ الْحِجَارَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالْكَفِّيَّةِ وقال في الرِّعَايَةِ من عِنْدَهُ حَجْمُ السَّوْطِ بين الْقَضِيبِ والعصي ‏[‏والعصا‏]‏ أو بِقَضِيبٍ بين الْيَابِسِ وَالرَّطْبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُمَدُّ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُجَرَّدُ بَلْ يَكُونُ عليه الْقَمِيصُ وَالْقَمِيصَانِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ نَقَلَهُ عبد اللَّهِ وَالْمَيْمُونِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ على أَعْضَائِهِ إلَّا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وَمَوْضِعَ الْمَقْتَلِ تَفْرِيقُ الضَّرْبِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي يَجِبُ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ في الْحُدُودِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ وَلِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ قال صَاحِبُ الْفُرُوعِ وما قَالَهُ شَيْخُنَا أَظْهَرُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُعْتَبَرُ لِلْجَلْدِ النِّيَّةُ فَلَوْ جَلَدَهُ لِلتَّشَفِّي أَثِمَ وَيُعِيدُهُ ذَكَرَهُ في الْمَنْثُورِ عن الْقَاضِي قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُعْتَبَرُ وهو أَظْهَرُ قال ولم يَعْتَبِرُوا نِيَّةَ من يُقِيمُهُ أَنَّهُ حَدٌّ مع أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ لَا يُعْتَبَرُ وفي الْفُصُولِ قُبَيْلَ فُصُولِ التَّعْزِيرِ يُحْتَاجُ عِنْدَ إقَامَتِهِ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَضْرِبُ لِلَّهِ وَلِمَا وَضَعَ اللَّهُ ذلك وَكَذَلِكَ الْحِدَادُ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَوَلَّى وَأَمَرَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا يَضْرِبُ لَا عِلْمَ له بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَتْ نِيَّتُهُ وَالْعَبْدُ كَالْآلَةِ قال وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهُمَا كما نَقُولُ في غُسْلِ الْمَيِّتِ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ غَاسِلِهِ وَاحْتَجَّ في مُنْتَهَى الْغَايَةِ لِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْفَقِيرِ له جِهَاتٌ فَلَا بُدَّ من نِيَّةِ التَّمْيِيزِ كَالْجَلْدِ في الْحُدُودِ قال ذلك في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ إلَّا أنها تُضْرَبُ جَالِسَةً وَتُشَدُّ عليها ثِيَابُهَا نَصَّ عليه وَتُمْسَكُ يَدَاهَا لِئَلَّا تَنْكَشِفَ وقال في الْوَاضِحِ أَسْوَاطُهَا كَذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْجَلْدُ في الزنى أَشَدُّ الْجَلْدِ ثُمَّ جَلْدُ الْقَذْفِ ثُمَّ الشُّرْبِ ثُمَّ التَّعْزِيرِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ أَخَفُّهَا حَدُّ الشُّرْبِ إنْ قُلْنَا هو أَرْبَعُونَ جَلْدَةً ثُمَّ حَدُّ الْقَذْفِ وَإِنْ قُلْنَا حَدُّهُ ثَمَانُونَ بُدِئَ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثُمَّ بِحَدِّ الشُّرْبِ ثُمَّ بِحَدِّ الزنى ثُمَّ بِحَدِّ السَّرِقَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الضَّرْبَ في حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ فَلَهُ ذلك وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وزاد في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَبِالْأَيْدِي أَيْضًا وهو مَذْكُورٌ في الحديث وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ الشُّرَّاحُ بِذَلِكَ وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يُجْزِئُ بِطَرْفِ ثَوْبٍ وَنَعْلٍ وفي الْمُوجَزِ لَا يُجْزِئُ بِيَدٍ وَطَرْفِ ثَوْبٍ وقال في الْوَسِيلَةِ يُسْتَوْفَى بِالسَّوْطِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْكَافِي وَكَلَامِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ حَيْثُ قالوا يُضْرَبُ بِسَوْطٍ‏.‏

فائدة‏:‏

يَحْرُمُ حَبْسُهُ بَعْدَ الْحَدِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ من لم يَنْزَجِرْ بِالْحَدِّ وَضَرْبِ الناس فَلِلْوَالِي لَا الْقَاضِي حَبْسُهُ حتى يَتُوبَ وفي بَعْضِ النُّسَخِ حتى يَمُوتَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ قال أصحابنَا وَلَا يُؤَخَّرُ الْحَدُّ لِلْمَرَضِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب كما قال الْمُصَنِّفُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ في الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ يَعْنِي إذَا كان جَلْدًا فَأَمَّا الرَّجْمُ فَلَا يُؤَخَّرُ فَلَوْ خَالَفَ على هذا الِاحْتِمَالِ وَفَعَلَ ضَمِنَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ قال الْقَاضِي ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ تَأْخِيرُهُ لِقَوْلِهِ من يَجِبُ عليه الْحَدُّ وهو صَحِيحٌ عَاقِلٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ كان جَلْدًا وَخُشِيَ عليه من السَّوْطِ أُقِيمَ بِأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَالْعُثْكُولِ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ خِيفَ من السَّوْطِ لم يَتَعَيَّنْ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ من الْأصحاب وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ الْجَلْدُ بِالسَّوْطِ وَقِيلَ يُضْرَبُ بِمِائَةِ شِمْرَاخٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ فَإِنْ خِيفَ عليه بِالسَّوْطِ جَلَدَهُ بِطَرْفِ ثَوْبٍ أو عُثْكُولِ نَخْلٍ فيه مِائَةُ شِمْرَاخٍ يَضْرِبُهُ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً‏.‏

فائدة‏:‏

يُؤَخَّرُ شَارِبُ الْخَمْرِ حتى يَصْحُوَ نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْأصحاب لَكِنْ لو وُجِدَ في حَالِ سُكْرِهِ فقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ انتهى‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ بِهِ أَلَمٌ يُوجِبُ الزَّجْرَ سَقَطَ وَإِلَّا فَلَا انتهى‏.‏

وقال أَيْضًا الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لو تَلِفَ وَالْحَالَةُ هذه لَا يَضْمَنُهُ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا قُلْنَا لَا يَسْقُطُ بِهِ وَيُؤَخَّرُ قَطْعُ السَّارِقِ خَوْفَ التَّلَفِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وإذا مَاتَ الْمَحْدُودُ في الْجَلْدِ فَالْحَقُّ قَتْلُهُ وَكَذَا في التَّعْزِيرِ وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ في حَرٍّ أو بَرْدٍ أو مَرَضٍ وَتَلِفَ فَهَدَرٌ في الْأَصَحِّ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إذَا لم يَلْزَمْ التَّأْخِيرُ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ وَجَلَدَهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أو أَكْثَرَ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أو نِصْفَ الدِّيَةِ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ هذا الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْقَاضِي وَأصحابهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَقِيلَ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ على الْأَسْوَاطِ إنْ زَادَ على الْأَرْبَعِينَ وفي وَاضِحِ ابن عقِيلٍ إنْ وَضَعَ في سَفِينَةٍ كُرًّا فلم تَغْرَقْ ثُمَّ وَضَعَ قَفِيزًا فَغَرِقَتْ فَغَرَقُهَا بِهِمَا في أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي بِالْقَفِيزِ وَكَذَلِكَ الشِّبَعُ وَالرِّيُّ وَالسَّيْرُ بِالدَّابَّةِ فرسخ ‏[‏فرسخا‏]‏ وَالسُّكْرُ بِالْقَدَحِ وَالْأَقْدَاحِ وَذَكَرَهُ عن الْمُحَقِّقِينَ كما تَنْشَأُ الْغَضْبَةُ بِكَلِمَةٍ بَعْدَ كَلِمَةٍ وَيَمْتَلِئُ الْإِنَاءُ بِقَطْرَةٍ بَعْدَ قَطْرَةٍ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ وَجَزَمَ أَيْضًا في السَّفِينَةِ أَنَّ الْقَفِيزَ هو الْمُغْرِقُ لها وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ الْغَصْبِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرَتُهَا في الْإِجَارَةِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو أُمِرَ بِزِيَادَةٍ في الْحَدِّ فَزَادَ جَاهِلًا ضَمِنَهُ الْآمِرُ وَإِنْ كان عَالِمًا فَفِيهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْآمِرُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالثَّانِي يَضْمَنُ الضَّارِبُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو تَعَمَّدَ الْعَادُّ الزِّيَادَةَ دُونَ الضَّارِبِ أو أَخْطَأَ وَادَّعَى ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ وَتَعَمُّدُ الْإِمَامِ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُهُ في الْأَقْيَسِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ وَقِيلَ كَخَطَأٍ فيه الرِّوَايَتَانِ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان الْحَدُّ رَجْمًا لم يُحْفَرْ له رَجُلًا كان أو امْرَأَةً في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وفي الْآخَرِ إنْ ثَبَتَ على الْمَرْأَةِ بِإِقْرَارِهَا لم يُحْفَرْ لها وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ حُفِرَ لها إلَى الصَّدْرِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَحَكَاهُمَا في الْخُلَاصَةِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وابن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ الْحَفْرَ لها يَعْنُونَ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهَا أو بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَهُوَ أَسْتَرُ لها بِخِلَافِ الرَّجُلِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ بِلَا نِزَاعٍ وَيَجِبُ حُضُورُهُ هو أو من يُقِيمُهُ مَقَامَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يَجِبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَأَبْطَلَا غَيْرَهُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَجِيءُ الناس صُفُوفًا لَا يَخْتَلِطُونَ ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا‏.‏

فائدة‏:‏

يَجِبُ حُضُورُ طَائِفَةٍ في حَدِّ الزنى وَالطَّائِفَةُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ هذا قَوْلُ أصحابنَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا وَاحِدًا مع الذي يُقِيمُ الْحَدَّ لِأَنَّ الذي يُقِيمُ الْحَدَّ حَاصِلٌ ضَرُورَةً فَتَعَيَّنَ صَرْفُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ قال في الْكَافِي وقال أصحابنَا أَقَلُّ ذلك وَاحِدٌ مع الذي يُقِيمُ الْحَدَّ وَاخْتَارَ في الْبُلْغَةِ اثْنَانِ فما فَوْقَهُمَا لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ قال الْقَاضِي الطَّائِفَةُ اسْمُ الْجَمَاعَةِ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يُصَلُّوا‏}‏ وَلَوْ كانت الطَّائِفَةُ وَاحِدًا لم يَقُلْ فَلْيُصَلُّوا وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وقال في الْفُصُولِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ الطَّائِفَةُ اسْمُ جَمَاعَةٍ وَأَقَلُّ اسْمِ الْجَمَاعَةِ من الْعَدَدِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ قال جَمَاعَةٍ لَكَانَ كَذَلِكَ فَكَذَا إذَا قال طَائِفَةٍ

وَسَبَقَ في الْوَقْفِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ قُلْت كَلَامُ الْقَاضِي في اسْتِدْلَالِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لم يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا‏}‏ غَيْرُ قَوِيٍّ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يقول بهذا أَيْضًا وَلَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ عِنْدَهُ تَشْمَلُ الْجَمَاعَةَ وَتَشْمَلُ الْوَاحِدَ فَهَذِهِ الْآيَةُ شَمِلَتْ الْجَمَاعَةَ لَكِنْ ما نَفَتْ أنها تَشْمَلُ الْوَاحِدَ وذكر أبو الْمَعَالِي أَنَّ الطَّائِفَةَ تُطْلَقُ على الْأَرْبَعَةِ في قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ‏}‏ لِأَنَّهُ أَوَّلُ شُهُودِ الزنى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عن إقْرَارِهِ قُبِلَ منه وَإِنْ رَجَعَ في أَثْنَاءِ الْحَدِّ لم يُتْمَمْ هذا الْمَذْهَبُ في جَمِيعِ الْحُدُودِ أَعْنِي حَدَّ الزنى وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ في الزنى فَقَطْ وقال في الِانْتِصَارِ في الزنى يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ بِكِنَايَةٍ نَحْوِ مَزَحْت أو ما عَرَفْت ما قُلْت أو كُنْت نَاعِسًا وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا في سَارِقِ بَارِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تُمِّمَ الْحَدُّ إذَنْ ضَمِنَ الرَّاجِعُ لَا الْهَارِبُ فَقَطْ بالمال ‏[‏المال‏]‏ وَلَا قَوَدَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن رزين وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ لم يُتْرَكْ بِلَا نِزَاعٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان بِإِقْرَارٍ تُرِكَ يَعْنِي إذَا رُجِمَ بِإِقْرَارٍ فَهَرَبَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يُتْرَكُ فَلَا يَسْقُطُ عنه الْحَدُّ بِالْهَرَبِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تُمِّمَ الْحَدُّ بَعْدَ الْهَرَبِ لم يَضْمَنْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَشَرْحِ ابن رزين وَقِيلَ يَضْمَنُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ أَقَرَّ حُدَّ وَلَوْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ على إقْرَارِهِ فَقَدْ رَجَعَ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُتْرَكُ فَيُحَدُّ وَقِيلَ يقبل ‏[‏قبل‏]‏ رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ فيها قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ فيها قَتْلٌ فَإِنْ كانت من جِنْسٍ مِثْلُ أن زَنَى أو سَرَقَ أو شَرِبَ مِرَارًا أَجْزَأَ حَدٌّ وَاحِدٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ في السَّرِقَةِ قال في الْبُلْغَةِ فَقَطْعٌ وَاحِدٌ على الْأَصَحِّ وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةً إنْ طَالَبُوا مُتَفَرِّقِينَ قُطِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ قال أبو بَكْرٍ هذه رِوَايَةُ صَالِحٍ وَالْعَمَلُ على خِلَافِهَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإن ‏[‏وإذ‏]‏ كانت من أَجْنَاسٍ اُسْتُوْفِيَتْ كُلُّهَا وَيُبْدَأُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وَهَذَا على سَبِيلِ الْوُجُوبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فَلَوْ بدأ ‏[‏بدئ‏]‏ بِغَيْرِ الْأَخَفِّ جَازَ وَقَطَعَا بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا سَوَاءٌ كان فيها قَتْلٌ أو لم يَكُنْ وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مع حُدُودِ اللَّهِ بدأ ‏[‏بدئ‏]‏ بها وَبِالْأَخَفِّ وُجُوبًا قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وفي الْمُغْنِي إنْ بدأ ‏[‏بدئ‏]‏ بِغَيْرِهِ جَازَ فإذا زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا قُطِعَتْ يَدُهُ أَوَّلًا ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ للزنى ‏[‏للزنا‏]‏ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُؤَخَّرُ الْقَطْعُ وَيُؤَخَّرُ حَدُّ الشُّرْبِ عن حَدِّ الْقَذْفِ إنْ قِيلَ هو أَرْبَعُونَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حتى يَبْرَأَ من الذي قَبْلَهُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ طَلَبَ صَاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَهُ قبل بُرْئِهِ من قَطْعٍ فَوَجْهَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قَتَلَ وَارْتَدَّ أو سَرَقَ وَقَطَعَ يَدًا قُتِلَ وَقُطِعَ لَهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُقْتَلُ ويقطع ‏[‏وقطع‏]‏ لِلْقَوَدِ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَظْهَرَ لِهَذَا الْخِلَافِ‏.‏

فائدة‏:‏

في جَوَازِ الْخِلَافِ في اسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَأَنَّ على الْمَنْعِ هل يُعَزَّرُ أَمْ لَا وَأَنَّ الْأُجْرَةَ منه أو من الْمَقْتُولِ وَأَنَّهُ هل يَسْتَقِلُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أو يَكُونُ كَمَنْ قَتَلَ جَمَاعَةً فَيُقْرَعُ أو يُعَيِّنُ الْإِمَامُ وَأَنَّهُ هل يَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ كما قِيلَ فِيمَنْ قَتَلَ الرَّجُلَيْنِ وَغَيْرِ ذلك انتهى‏.‏

وقال الشَّارِحُ إذَا اتَّفَقَ الْحَقَّانِ في مَحِلٍّ وَاحِدٍ كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ قِصَاصًا صَارَ حَدًّا فَأَمَّا الْقَتْلُ فَإِنْ كان فيه ما هو خَالِصٌ لِحَقِّ اللَّهِ كَالرَّجْمِ في الزنى وما هو حَقٌّ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَاصِ قُدِّمَ الْقِصَاصُ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْقَتْلُ كَالْقَتْلِ في الْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ بدأ ‏[‏بدئ‏]‏ بِأَسْبَقِهِمَا لِأَنَّ الْقَتْلَ في الْمُحَارَبَةِ فيه حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَإِنْ سَبَقَ الْقَتْلُ في الْمُحَارَبَةِ استوفى وَوَجَبَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ دِيَتُهُ من مَالِ الْجَانِي وَإِنْ سَبَقَ الْقِصَاصُ قُتِلَ قِصَاصًا ولم يُصْلَبْ وَوَجَبَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ في الْمُحَارَبَةِ دِيَتُهُ وَكَذَا لو مَاتَ الْقَاتِلُ في الْمُحَارَبَةِ وَلَوْ كان الْقِصَاصُ سَابِقًا وَعَفَا وَلِيُّ الْمَقْتُولِ استوفى الْقَتْلُ لِلْمُحَارَبَةِ سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أو إلَى الدِّيَةِ وَإِنْ اجْتَمَعَ وُجُوبُ الْقَطْعِ في يَدٍ أو رِجْلٍ قِصَاصًا وَحَدًّا قُدِّمَ الْقِصَاصُ على الْحَدِّ الْمُتَمَحِّضِ لِلَّهِ وَإِنْ عَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ استوفى الْحَدُّ فإذا قَطَعَ يَدًا وَأَخَذَ الْمَالَ في الْمُحَارَبَةِ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا وَيُنْتَظَرُ بُرْؤُهُ فإذا بَرَأَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ انتهى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لو أَخَذَ الدِّيَةَ استوفى الْحَدُّ وَذَكَرَ بن الْبَنَّاءِ من قَتَلَ بِسِحْرٍ قُتِلَ حَدًّا وَلِلْمَسْحُورِ من مَالِهِ دِيَتُهُ فَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ قَتَلَ أو أتى حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ لم يُسْتَوْفَ منه فيه وَكَذَلِكَ لو لَجَأَ إلَيْهِ حَرْبِيٌّ أو مُرْتَدٌّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب كَحَيَوَانٍ صَائِلٍ مَأْكُولٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في الْحُدُودِ وَوَافَقَ أبو حَنِيفَةَ في القتل ‏[‏الحدود‏]‏ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُؤْخَذُ بِدُونِ الْقَتْلِ هَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ من قَاتِلٍ وَآتٍ حَدًّا لَا يُسْتَوْفَى منه وَعَنْهُ يُسْتَوْفَى فيه كُلُّ حَدٍّ وَقَوَدٍ مُطْلَقًا غير الْقَتْلِ قال وَكَذَا الْخِلَافُ في الْحَرْبِيِّ الْمُلْتَجِئِ إلَيْهِ وَالْمُرْتَدِّ وَلَوْ ارْتَدَّ فيه قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ فيه يُقْتَلُ فيه‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى أَنَّهُ لَا يُكَلَّمُ وَلَا يُوَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَلَا يُكَلَّمُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وزاد في الرَّوْضَةِ لَا يُوَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ الْأَلِفُ وَاللَّامُ في الْحَرَمِ لِلْعَهْدِ وهو حَرَمُ مَكَّةَ فَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ في التَّعْلِيقِ وَجْهًا أَنَّ حَرَمَهَا كَحَرَمِ مَكَّةَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ فَعَلَ ذلك في الْحَرَمِ اُسْتُوْفِيَ منه فيه هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى دَارِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ من لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ من خَارِجِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ لَا تَعْصِمُ من شَيْءٍ من الْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَتَرَدَّدَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذلك قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تُعْصَمُ وَاخْتَارَه ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو قُوتِلُوا في الْحَرَمِ دَفَعُوا عن أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال هذا ظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّحَه ابن الْجَوْزِيِّ وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى الطَّائِفَةُ الْمُمْتَنِعَةُ بِالْحَرَمِ من مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ لَا تُقَاتَلُ لَا سِيَّمَا إنْ كان لها تَأْوِيلٌ وفي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَاتَلُ الْبُغَاةُ إذَا لم يَنْدَفِعْ بَغْيُهُمْ إلَّا بِهِ وفي الْخِلَافِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ على جَوَازِ الْقِتَالِ فيها مَتَى عَرَضَتْ تِلْكَ الْحَالُ وَرَدَّهُ في الْفُرُوعِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ تَعَدَّى أَهْلُ مَكَّةَ أو غَيْرُهُمْ على الرَّكْبِ دَفَعَ الرَّكْبُ كما يُدْفَعُ الصَّائِلُ وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ مع الرَّكْبِ بَلْ قد يَجِبُ أن اُحْتِيجَ إلَيْهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ أتى حَدًّا في الْغَزْوِ لم يُسْتَوْفَ منه في أَرْضِ الْعَدُوِّ حتى يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَتُقَامُ عليه وهو صَحِيحٌ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَكَذَلِكَ لو أتى بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لو أتى بِشَيْءٍ من ذلك في الثُّغُورِ أَنَّهُ يُقَامُ عليه فيه وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأصحاب‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو أتى حَدًّا في دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ دخل دَارَ الْحَرْبِ أو أُسِرَ يُقَامُ عليه الْحَدُّ إذَا خَرَجَ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا قَتَلَ وَزَنَى وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أو زَنَى أو سَرَقَ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُقَامَ عليه ما أَصَابَ هُنَاكَ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ إنْ زَنَى الْأَسِيرُ أو قَتَلَ مُسْلِمًا ما أَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ يُقَامَ عليه الْحَدُّ إذَا خَرَجَ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يُقْتَلُ إذَا قَتَلَ في غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ لم يَجِبْ عليه هُنَاكَ حُكْمٌ‏.‏

بَابُ‏:‏ حَدِّ الزنى

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حتى يَمُوتَ وَهَلْ يُجْلَدُ قبل الرَّجْمِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ الْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يُجْلَدُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وابن حَامِدٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن شِهَابٍ انتهى‏.‏

وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُجْلَدُ قبل الرَّجْمِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَصَحَّحَهُمَا الشِّيرَازِيُّ قال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ اخْتَارَهَا شُيُوخُ الْمَذْهَبِ قال ابن شِهَابٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ ابن عقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ ابن رزين وَنِهَايَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْمُحْصَنُ من وطىء امْرَأَتَهُ في قُبُلِهَا في نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أو قَدْرِهَا وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ هذا الْمَذْهَبُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ على أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ في الْحَيْضِ وَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ في الْإِرْشَادِ أَنَّ الْمُرَاهِقَ يُحْصِنُ غَيْرَهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً قال في الْمُحَرَّرِ وَمَتَى اخْتَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا في تَحْصِينِ الْبَالِغِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقَةِ وَتَحْصِينِ الْبَالِغَةِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقِ فَإِنَّهُمَا على وَجْهَيْنِ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وقال في التَّرْغِيبِ إنْ كان أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أو مَجْنُونًا أو رَقِيقًا فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا على الْأَصَحِّ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ في نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ لَا يُحْصِنُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأصحاب‏.‏

فائدة‏:‏

جَزَمَ في الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا زَنَى ابن عشْرٍ أو بِنْتُ تِسْعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في أَثْنَاءِ بَابِ الْمُرْتَدِّ وَيَأْتِي في بَابِ التَّعْزِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ لِلذِّمِّيَّيْنِ وَكَذَا لِلْمُسْتَأْمَنَيْنِ فَلَوْ زَنَى أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأصحاب ويلزم ‏[‏ولزم‏]‏ الْإِمَامَ إقَامَتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ شَاءَ لم يُقِمْ حَدَّ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَمِثْلُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ وَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ قال في الْمُحَرَّرِ نَصَّ عليه‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمَلَ كَلَامُهُ كُلَّ ذِمِّيٍّ فَدَخَلَ الْمَجُوسِيُّ في ذلك وَتَبِعَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ على ذلك وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَصِيرُ الْمَجُوسِيُّ مُحْصَنًا بِنِكَاحِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ إحْدَاهُمَا‏:‏ تُحْصِنُهُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغني وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا تُحْصِنُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ فَعَلَى كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدُّهُ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَوْ كان لِرَجُلٍ وَلَدٌ من امْرَأَتِهِ فقال ما وَطِئْتهَا لم يَثْبُتْ إحْصَانُهُ بِمُجَرَّدِ ذلك بِلَا نِزَاعٍ وَيَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِقَوْلِهِ وَطِئْتهَا أو جَامَعْتهَا وَبِقَوْلِهِ أَيْضًا دَخَلْت بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَغُرِّبَ عَامًا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الْمُغَرَّبُ رَجُلًا أو امْرَأَةً قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ

وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْفَى إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ مع مَحْرَمِهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَعَ تَعَذُّرِهِ لِدُونِهَا وَعَنْهُ يُغَرَّبَانِ أَقَلَّ من مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ غَيْرُ الْجَلْدِ نَقَلَهُ أبو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ قَالَهُ في الِانْتِصَارِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا قال الزَّرْكَشِيُّ تُنْفَى الْمَرْأَةُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مع وُجُودِ الْمَحْرَمِ وَمَعَ تَعَذُّرِهِ هل تُنْفَى كَذَلِكَ أو إلَى ما دُونَهَا فيه رِوَايَتَانِ هذه طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَبِي مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي وَجَعَلَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ فيها مُطْلَقًا وَتَبِعَهُ أبو مُحَمَّدٍ في الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَعَكَسَ الْمَجْدُ طَرِيقَةَ الْمُغْنِي فَجَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا نُفِيَتْ مع مَحْرَمِهَا أَمَّا بِدُونِهِ فَإِلَى ما دُونَهَا قَوْلًا وَاحِدًا كما اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ انتهى‏.‏

فائدة‏:‏

لو زَنَى حَالَ التَّغْرِيبِ غُرِّبَ من بَلَدِ الزنى فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ قبل الْحَوْلِ مُنِعَ وَإِنْ زَنَى في الْآخَرِ غُرِّبَ إلَى غَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا لَا تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ إلَّا مع مَحْرَمٍ إنْ تَيَسَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأصحاب وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ أنها تُغَرَّبُ بِدُونِ مَحْرَمٍ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً بُذِلَتْ من مَالِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ من بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَمَالَ إلَيْهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ أَبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا اُسْتُؤْجِرَتْ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ مع الْأَمْنِ وَعَنْهُ تُغَرَّبُ بِلَا مَحْرَمٍ تَعَذَّرَ أو لم يَتَعَذَّرْ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لها ذَكَرَه ابن شِهَابٍ في الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ قُلْت وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا وقد يُخَافُ عليها أَكْثَرُ من قُعُودِهَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وهو الْمَذْهَبُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُنْفَى بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب ‏[‏المذهب‏]‏ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْيُ قُلْت وهو قَوِيٌّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان الزَّانِي رَقِيقًا فَحَدُّهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً بِكُلِّ حَالٍ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُغَرَّبُ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْأصحاب وَأَبْدَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِمَالًا بِنَفْيِهِ لِأَنَّ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه نَفَاهُ وَأَوَّلَه ابن الْجَوْزِيِّ على إبْعَادِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان نِصْفُهُ حُرًّا فَحَدُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ جَلْدَةً بِلَا نِزَاعٍ وَتَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَيُغَرَّبُ في الْمَنْصُوصِ بِحِسَابِهِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُغَرَّبَ وهو وَجْهٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَحَدُّ اللُّوطِيِّ يعنى الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ كَحَدِّ الزَّانِي سَوَاءً هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ حَدُّهُ الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالِ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتَابِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ قال ابن رَجَبٍ في كَلَامٍ له على ما إذَا زَنَى عَبْدُهُ بِابْنَتِهِ الصَّحِيحُ قَتْلُ اللُّوطِيِّ سَوَاءٌ كان مُحْصَنًا أو غير مُحْصَنٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال أبو بَكْرٍ لو قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لم أَرَ بِهِ بَأْسًا وَنَقَل ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْأصحاب قالوا لو رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذلك وهو مَرْوِيٌّ عن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ من الصَّحَابَةِ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ إذَا قُتِلَ الْفَاعِلُ كَزَانٍ فَقِيلَ يُقْتَلُ الْمَفْعُولُ بِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ وَقِيلَ بِالْفَرْقِ كَفَاعِلٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قال في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ دُبُرُ الْأَجْنَبِيَّةِ كَاللِّوَاطِ وَقِيلَ كَالزِّنَا وَأَنَّهُ لَا حَدَّ بِدُبُرِ أَمَتِهِ وَلَوْ كانت مُحَرَّمَةً بِرَضَاعٍ قُلْت قد يُسْتَأْنَسُ له بِمَا في الْمُحَرَّرِ في قَوْلِهِ وَالزَّانِي من غَيَّبَ الْحَشَفَةَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ حَرَامًا مُحْصَنًا فَسَمَّى الْوَاطِئَ في الدُّبُرِ زَانِيًا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ الزَّانِي بِذَاتِ محرمة كَاللِّوَاطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ حَدَّهُ الرَّجْمُ مُطْلَقًا حَتْمًا وهو منها وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ أَيْضًا لِخَبَرِ الْبَرَاءِ ابن عازِبٍ رضي اللَّهُ عنه وَأَوَّلَهُ الْأَكْثَرُ على عَدَمِ وَارِثٍ وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ على خَبَرِ الْبَرَاءِ رضي اللَّهُ عنه إلَّا رَجُلًا يَرَاهُ مُبَاحًا فَيُجَارُ قُلْت فَالْمَرْأَةُ قال كِلَاهُمَا في مَعْنًى وَاحِدٍ وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ أن خَبَرَ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الْمُسْتَحِلِّ وأن غير الْمُسْتَحِلِّ كَزَانٍ نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ على الْمُسْتَحِلِّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ أتى بَهِيمَةً فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي وهو رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في تَذْكِرَةِ ابن عقِيلٍ وَالْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ يَجِبُ الْحَدُّ في رِوَايَةٍ وَإِنْ سَلَّمْنَا في رِوَايَةٍ فَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فيه غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ ذلك وَلَوْ وَجَبَ الْحَدُّ مع أَنَّهُ احْتَجَّ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطِ بِوُجُوبِ ذلك بِهِ وَظَاهِرُهُ يَجِبُ ذلك وَإِنْ لم يَجِبْ الْحَدُّ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا هو الْمَشْهُورُ وَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى مع أَنَّ ما ذَكَرَهُ من عَدَمِ وُجُوبِ ذلك غَرِيبٌ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ على الْأَصَحِّ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ قال أبو بَكْرٍ الِاخْتِيَارُ قَتْلُهَا فَإِنْ تُرِكَتْ فَلَا بَأْسَ انتهى‏.‏

وَعَنْهُ لَا تُقْتَلُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وأطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ إنْ كانت تُؤْكَلُ ذُبِحَتْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحِلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ فَأَمَّا إنَّ قُلْنَا إنَّ حَدَّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ فَإِنَّهَا تُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ أو حَدُّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ إلَّا بِالشَّهَادَةِ على فِعْلِهِ بها أو بِإِقْرَارِهِ إنْ كانت مِلْكَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قِيلَ في تَعْلِيلِ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ لِئَلَّا يُعَيَّرَ فَاعِلُهَا لِذِكْرِهِ بِرُؤْيَتِهَا وَرَوَى بن بَطَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ قال من وَجَدْتُمُوهُ على بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ ما بَالُ الْبَهِيمَةِ قال لِئَلَّا يُقَالَ هذه هذه وَقِيلَ في التَّعْلِيلِ لِئَلَّا تَلِدَ خَلْقًا مُشَوَّهًا وَبِهِ عَلَّل ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَقِيلَ لِئَلَّا تُؤْكَلَ أَشَارَ إلَيْهِ ابن عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما في تَعْلِيلِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْلَ لَحْمِهَا وَهَلْ يَحْرُمُ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ أَكْلُهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب منهم الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ فَيَضْمَنُ النَّقْصَ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قال في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ إنْ كانت مِمَّا يُؤْكَلُ ذُبِحَتْ وَحَلَّتْ مع الْكَرَاهَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهَا لِصَاحِبِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا أنها لَا تُضْمَنُ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَضْمَنُ النَّقْصَ كما تَقَدَّمَ‏.‏

‏[‏فصل‏:‏ شروط وجوب الحد‏]‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ أَنْ يَطَأَ في الْفَرَجِ سَوَاءٌ كان قُبُلًا أو دُبُرًا وَأَقَلُّ ذلك تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ في الْفَرَجِ مُرَادُهُ بِالْحَشَفَةِ الْحَشَفَةُ الْأَصْلِيَّةُ من فَحْلٍ أو خَصِيٍّ أو قَدْرِهَا عِنْدَ الْعَدَمِ وَمُرَادُهُ بِالْفَرْجِ الْفَرَجُ الْأَصْلِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ وطىء دُونَ الْفَرْجِ أو أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ أَيْ تَسَاحَقَتَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال ابن عَقِيلٍ في إتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ يُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْحَدِّ لِلْخَبَرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَصْلٌ‏:‏

الثَّانِي‏:‏ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ فَإِنْ وطىء جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَلَا حَدَّ عليه هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ قال جَمَاعَةٌ من الْأصحاب ما لم يَنْوِ تَمَلُّكَهَا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحِلُّ هذا إذَا لم يَكُنْ الِابْنُ يَطَؤُهَا فَإِنْ كان الِابْنُ يَطَؤُهَا فَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ تَقَدَّمَتَا في بَابِ الْهِبَةِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو وطىء جَارِيَةً له فيها شِرْكٌ أو لِوَلَدِهِ أو وَجَدَ امْرَأَةً على فِرَاشِهِ ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ أو جَارِيَتَهُ أو دَعَا الضَّرِيرُ امْرَأَتَهُ أو جَارِيَتَهُ فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا فَوَطِئَهَا أو وطىء امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا أو حَيْضِهَا أو نِفَاسِهَا أو لم يَعْلَمْ بِالتَّحْرِيمِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أو نُشُوئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا حَدَّ عليه بِلَا نِزَاعٍ في ذلك وَقَوْلُهُ أو وطىء في نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ في صِحَّتِهِ فَلَا حَدَّ عليه كَنِكَاحِ مُتْعَةٍ وَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أو لَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ إذَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا في هذا النِّكَاحِ قال في الْفُرُوعِ فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ تَوَجَّهَ الْخِلَافُ قال وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ انتهى‏.‏

وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا وطىء في نِكَاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلَانِهِ عَالِمًا أو ادَّعَى الْجَهْلَ أو وطىء في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو وطىء جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَلَا حَدَّ عليه أَنَّهُ لو وطىء جَارِيَةَ وَالِدِهِ أَنَّ عليه الْحَدَّ وهو صَحِيحٌ فَلَوْ وطىء جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ كان عليه الْحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ بَلْ يُعَزَّرُ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو أُكْرِهَ على الزنى فَلَا حَدَّ عليه هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُطْلَقًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وقال أصحابنَا إنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى حُدَّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ أو الْغُلَامُ على الزنى بِإِلْجَاءٍ أو تَهْدِيدٍ أو مَنْعِ طَعَامٍ مع الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ ذَكَرَهَا في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَعَنْهُ فيها لَا حَدَّ بِتَهْدِيدٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال بِنَاءً على أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الْفِعْلُ بِالْإِكْرَاهِ بَلْ الْقَوْلُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَإِنْ خَافَتْ على نَفْسِهَا الْقَتْلَ سَقَطَ عنها الدَّفْعُ كَسُقُوطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ بِالْخَوْفِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ وطىء مَيِّتَةً أو مَلَكَ أمة أو أُخْتَهُ من الرَّضَاعِ فَوَطِئَهَا فَهَلْ يُحَدُّ أو يُعَزَّرُ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ إذَا وطىء مَيِّتَةً فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عليه الْحَدُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالنَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ بَعْضُ الناس يقول عليه حَدَّانِ فَظَنَنْته يَعْنِي نَفْسَهُ قال أبو بَكْرٍ هو قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَظُنُّ أَبَا عَبْدَ اللَّهِ أَشَارَ إلَيْهِ وَأَثْبَتَ بن الصَّيْرَفِيِّ فيه رِوَايَةً فِيمَنْ وطىء مَيِّتَةً أَنَّ عليه حَدَّيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ بَلْ يُحَدُّ حَدَّيْنِ للزنى ‏[‏للزنا‏]‏ وَلِلْمَوْتِ وَأَمَّا إذَا مَلَكَ أُمَّهُ أو أُخْتَهُ من الرَّضَاعِ وَوَطِئَهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عليه اخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي عليه الْحَدُّ قال الْقَاضِي قال أصحابنَا عليه الْحَدُّ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ وَمِقْدَارُهُ يَأْتِي الْخِلَافُ فيه في بَابِ التَّعْزِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو وطىء أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ لم يُحَدَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُعَزَّرُ قال في الْفُرُوعِ قال أَكْثَرُ أصحابنَا يُعَزَّرُ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يُعَزَّرُ وَلَا يُرْجَمُ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ وَيَأْتِي في بَابِ التَّعْزِيرِ مِقْدَارُ ما يُعَزَّرُ بِهِ في ذلك وَالْخِلَافُ فيه وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ وَطْئِهِ لِأَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ أَبَدًا بِرَضَاعٍ وَغَيْرِهِ وَعِلْمِهِ على ما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ في التي قَبْلَهَا فَكَذَا في هذه وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ إذَا وَطِئَهَا فَإِنْ كانت مُرْتَدَّةً أو مَجُوسِيَّةً فَلَا حَدَّ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ يَأْتِي في التَّعْزِيرِ إذَا وطىء أَمَةَ امْرَأَتِهِ بِإِبَاحَتِهَا له‏.‏

الثَّانِي‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ أو وطىء في نِكَاحٍ مُجْمَعٍ على بُطْلَانِهِ بِلَا نِزَاعٍ إذَا كان عَالِمًا وَأَمَّا إذَا كان جَاهِلًا تَحْرِيمَ ذلك فقال جَمَاعَةٌ من الْأصحاب إنْ كان يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ فَلَا حَدَّ عليه وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ ادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ ذلك فَلَا حَدَّ عليه وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ أو ادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ عليها فَلَا حَدَّ نَقَلَ مُهَنَّا لَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ بِقَوْلِهِ إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنْكَرَتْ هِيَ وقد أَقَرَّتْ على نَفْسِهَا بالزنى فَلَا تُحَدُّ حتى تُقِرَّ أَرْبَعًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو وطىء في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ في صِحَّتِهِ كَوَطْءِ الْبَائِعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ في مُدَّتِهِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِشَرْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وقال الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْخِيَارِ في الْبَيْعِ قَالَهُ أصحابنَا وَعَنْهُ لَا حَدَّ عليه اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في خِيَارِ الشَّرْطِ مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ وَلَوْ وطىء أَيْضًا في مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه كَشِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ عليه الْحَدُّ

وَإِنْ كان قبل الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ بِحَالٍ وَكَذَا الْحُكْمُ في حَدِّ من وطىء في عَقْدِ فُضُولِيٍّ وَعَنْهُ يُحَدُّ إنْ وطىء قبل الْإِجَازَةِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ يُحَدُّ قبل الْإِجَازَةِ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بها وحكى رِوَايَةً‏.‏

فائدة‏:‏

لو وطىء حَالَ سُكْرِهِ لم يُحَدَّ قال النَّاظِمُ لم يُحَدَّ في الْأَقْوَى مُطْلَقًا مِثْلُ الرَّاقِدِ وَقِيلَ يُحَدُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَحْكَامُ أَقْوَالِ السَّكْرَانِ وَأَفْعَالِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو زَنَى بِامْرَأَةٍ له عليها الْقِصَاصُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقيل ‏[‏قوله‏]‏ لَا حَدَّ عليه بَلْ يُعَزَّرُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو زَنَى بِصَغِيرَةٍ إنْ كان يُوطَأُ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ كان لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يُحَدُّ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال الْقَاضِي لَا حَدَّ على من وطىء صَغِيرَةً لم تَبْلُغْ تِسْعًا وكذلك لو اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ صَبِيٍّ لم يَبْلُغْ عَشْرًا فَلَا حَدَّ عليها قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى وطىء من أَمْكَنَ وَطْؤُهَا أو أَمْكَنَتْ الْمَرْأَةُ من يُمْكِنُهُ الْوَطْءَ فَوَطِئَهَا أَنَّ الْحَدَّ يَجِبُ على الْمُكَلَّفِ مِنْهُمَا وَلَا يَصِحُّ تَحْدِيدُ ذلك بِتِسْعٍ وَلَا بِعَشْرٍ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّوْقِيفِ وَلَا تَوْقِيفَ في هذا وَكَوْنُ التِّسْعِ وَقْتًا لِإِمْكَانِ الِاسْتِمْتَاعِ غَالِبًا لَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ قَبْلَهُ كما أن الْبُلُوغَ يُوجَدُ في خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا غَالِبًا وَلَا يُمْنَعُ من وُجُودِهِ قَبْلَهُ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو أَمْكَنَتْ الْعَاقِلَةُ من نَفْسِهَا مَجْنُونًا أو صَغِيرًا فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهَا الْحَدُّ تُحَدُّ الْعَاقِلَةُ بِتَمْكِينِهَا الْمَجْنُونَ من وَطْئِهَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ مَكَّنَتْ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُحَدُّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقِيلَ إنْ كان ابن عشْرٍ حُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَقَدَّمَ ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو مَكَّنَتْ من لَا يُحَدُّ لِجَهْلِهِ أو مَكَّنَتْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا أو اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ أَيْ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ في مَجْلِسٍ أو مَجَالِسَ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين يُقِرُّ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ بِمَجْلِسٍ أو مَجَالِسَ قال الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ تَدُلُّ إلَّا على مَجْلِسٍ إلَّا عن ذلك الشَّيْخِ بَشِيرِ بن الْمُهَاجِرِ عن بن بُرَيْدَةَ عن أبيه وَذَلِكَ مُنْكَرُ الحديث‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وهو بَالِغٌ عَاقِلٌ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وفي مَعْنَاهُمَا من زَالَ عَقْلُهُ بِنَوْمٍ أو إغْمَاءٍ أو شُرْبِ دَوَاءٍ وَكَذَا مُسْكِرٌ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فيه وَيَأْتِي حُكْمُ إقْرَارِهِ بِمَا هو أَعَمُّ من ذلك في كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَيَلْحَقُ أَيْضًا بِهِمَا الْأَخْرَسُ في الْجُمْلَةِ فَإِنْ لم تُفْهَمْ إشَارَتُهُ لم يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَقَطَعَ الْقَاضِي بِالصِّحَّةِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ احْتِمَالًا بِعَدَمِهَا وَيَلْحَقُ أَيْضًا بِهِمَا الْمُكْرَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ من زَنَى بها وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ من زَنَى بها قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ أَظْهَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي إنَّمَا حَكَيَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا شَهِدَ على إقْرَارِهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ هل يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ من زَنَى بها أَمْ لَا وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ حَكَى كما ذكرته ‏[‏ذكرها‏]‏ أَوَّلًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على إقْرَارِهِ أَرْبَعًا بالزنى ثَبَتَ الزنى بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَعَنْهُ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ وَيَأْتِي هذا في أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على إقْرَارِهِ أَرْبَعًا فَأَنْكَرَ أو صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَلَا حَدَّ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو رُجُوعٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُحَدُّ وقال في التَّرْغِيبِ لو صَدَّقَهُمْ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلِي وَصَدَّقَهُمْ مَرَّةً هَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال النَّاظِمُ إذَا صَدَّقَهُمْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ قالوا لو صَدَّقَهُمْ أَرْبَعًا حُدَّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُحَدُّ الشُّهُودُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ إنْ أَنْكَرُوا أَنَّهُ لو صَدَّقَهُمْ لم يُقْبَلْ رُجُوعُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَ عليه أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ هذا بِنَاءٌ منه على أَنَّ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ وهو الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ تُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في بَابِ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَصِفُونَ الزنى يَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ غَيَّبَ ذَكَرَهُ أو حَشَفَتَهُ أو قَدْرَهَا في فَرْجِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ مع ذلك أَنْ يَذْكُرُوا الْمَكَانَ وَلَا الْمَزْنِيَّ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ يُعْتَبَرُ ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الزَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وقال الزَّرْكَشِيُّ وَأَجْرَى الْمَجْدُ الْخِلَافَ في الزَّمَانِ أَيْضًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَجِيئُونَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ جاؤوا ‏[‏جاءوا‏]‏ مُتَفَرِّقِينَ أو مُجْتَمَعِينَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ سَوَاءٌ صَدَّقَهُمْ أو لَا نَصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِيئُوا في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ جاء بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قام الْحَاكِمُ أو شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَامْتَنَعَ الرَّابِعُ من الشَّهَادَةِ أو لم يُكْمِلْهَا فَهُمْ قَذَفَةٌ وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا جاء بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قام الْحَاكِمُ وَشَهِدَ في مَجْلِسٍ آخَرَ حتى كَمُلَ النِّصَابُ بِهِ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَعَنْهُ لَا يُحَدُّونَ لِكَوْنِهِمْ أَرْبَعَةً ذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ كَانُوا فُسَّاقًا أو عُمْيَانًا أو بَعْضُهُمْ فَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ قال الْقَاضِي هذا الصَّحِيحُ قال في الْكَافِي هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا حَدَّ عليهم كَمَسْتُورِ الْحَالِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَكَمَوْتِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ قبل وَصْفِهِ الزنى وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ يُحَدُّ الْعُمْيَانُ خَاصَّةً وَأَطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على رَجُلٍ بالزنى أحدهم ‏[‏وأحدهم‏]‏ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُمْ أُقِيمَ عليه الْحَدُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَحَدُهُمْ زَوْجًا حُدَّ الثَّلَاثَةُ وَلَاعَنَ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ هذا مَبْنِيٌّ على الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا فَأَمَّا على الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ بِحَالٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ أَرْبَعَةٌ وإذا ‏[‏وإذ‏]‏ الْمَشْهُودُ عليه مَجْبُوبٌ أو رَتْقَاءُ حُدُّوا لِلْقَذْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ عليه وَنَقَلَ أبو النَّضْرِ الشُّهُودُ قَذَفَةٌ وقد أَحْرَزُوا ظُهُورَهُمْ وَإِنْ شَهِدُوا عليها فَثَبَتَ أنها عَذْرَاءُ لم تُحَدَّ هِيَ وَلَا هُمْ وَلَا الرَّجُلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْوَاضِحِ تَزُولُ حَصَانَتُهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَأَطْلَقَ ابن رزين في مَجْبُوبٍ وَنَحْوِهِ قَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْعَذْرَاءِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في بَيْتٍ أو بَلَدٍ أو يَوْمٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في بَيْتٍ أو بَلَدٍ أو يَوْمٍ آخَرَ فَهُمْ قَذَفَةٌ وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ حُدُّوا لِلْقَذْفِ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يُحَدُّونَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قال الْمَجْدُ وَنَقَلَ مُهَنَّا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّوَايَةَ التي اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَاسْتَبْعَدَهَا الْقَاضِي ثُمَّ تَأَوَّلَهَا تَأْوِيلًا حَسَنًا فقال هذا مَحْمُولٌ عِنْدِي على أَنَّ الْأَرْبَعَةَ اتَّفَقُوا على أَنَّهُمْ شَاهَدُوا زِنَاهُ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ ولم يُشَاهِدُوا غَيْرَهَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا في الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَهَذَا لَا يَقْدَحُ في أَصْلِ الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ حَصَلَ في التَّأْوِيلِ سَهْوٌ أو غَلَطٌ في الصِّفَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ ليس في كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَمْنَعُهُ لَكِنْ في كَلَامِ أبي بَكْرٍ ما يَمْنَعُهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ قَوْلٌ جَيِّدٌ في نِهَايَةِ الْحُسْنِ وهو عِنْدِي يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ في اسْتِعْمَالِهِمَا في الْجُمْلَةِ فِيمَا اتَّفَقَا عليه دُونَ ما اخْتَلَفَا فيه انتهى‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الزَّرْكَشِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدُوا بزنى ‏[‏بزنا‏]‏ وَاحِدٍ فَأَمَّا إنْ شَهِدُوا بِزِنَاءَيْنِ لم تُكْمَلْ وَهُمْ قَذَفَةٌ حَقَّقَهُ أبو الْبَرَكَاتِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ جَرَيَانُ الْخِلَافِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قُلْت وَجَزَمَ بِمَا قال الْمَجْدُ كَثِيرٌ من الْأصحاب وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا زَانِيَةً وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا الْمَشْهُودُ عليه فَلَا يُحَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُحَدُّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قال الْمُصَنِّفُ وهو بَعِيدٌ قال في الْهِدَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ وَهِيَ اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ قال وَظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ على فِعْلٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الشُّهُودِ في كَوْنِهَا زَانِيَةً وَفِيهَا بُعْدٌ انتهى‏.‏

قال في التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا ظَاهِرُ هذه الرِّوَايَةِ الِاكْتِفَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا زَانِيَةً وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بها في زَاوِيَةِ بَيْتٍ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في زَاوِيَتِهِ الْأُخْرَى أو شَهِدَ أَنَّهُ زَنَى بها في قَمِيصٍ أَبْيَضَ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها في قَمِيصٍ أَحْمَرَ كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَكْمُلَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وهو تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِهِمْ فَعَلَيْهِ هل يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ أَنَّهُمْ يُحَدُّونَ على الصَّحِيحِ فإنه قال وَقِيلَ هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِالْبَيْتِ هُنَا الْبَيْتُ الصَّغِيرُ عُرْفًا فَأَمَّا إنْ كان كَبِيرًا كان كَالْبَيْتَيْنِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ زَنَى بها مُطَاوَعَةً وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بها مُكْرَهَةً لم تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ ولم تُقْبَلْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ يُحَدُّ الرَّجُلُ الْمَشْهُودُ عليه وَلَا حَدَّ لِلْمَرْأَةِ وَالشُّهُودِ وَاخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ أنها لَا تُحَدُّ وفي الزَّانِي وَجْهَانِ وقال في الْوَاضِحِ لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ منهم أَمَّا الشُّهُودُ فَلِأَنَّهُ كَمُلَ عَدَدُهُمْ على الْفِعْلِ كما لو اجْتَمَعُوا على وَصْفِ الْوَطْءِ وَالْمَشْهُودُ عليه لم تَكْمُلْ شَهَادَةُ الزنى في حَقِّهِ كَدُونِ أَرْبَعَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ أو شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ على وَجْهَيْنِ يَعْنِي على الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْمِيلِ شَهَادَتِهِمْ وَعَدَمِ قَبُولِهَا وهو الْمَذْهَبُ وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ لِقَذْفِ الْمَرْأَةِ بِلَا نِزَاعٍ بين الْأصحاب على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ وَالتَّكْمِيلِ أَحَدُهُمَا يُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ فَقَطْ لِقَذْفِهَا وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ أَيْضًا وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَ في الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْجَمِيعَ يُحَدُّونَ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ في وُجُوبِ الْحَدِّ في قَذْفِ الرَّجُلِ الْوَجْهَيْنِ وَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أو لَا يُحَدُّونَ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يُحَدُّونَ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالثَّانِي يُحَدُّونَ جَزَمَ به في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ وَالْوَاضِحِ‏.‏

تنبيه‏:‏

تَابَعَ الْمُصَنِّفُ في عِبَارَتِهِ أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَهَلْ يُحَدُّ الْجَمِيعُ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أو لَا يُحَدُّونَ له أو يُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ لِقَذْفِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ فيه وَجْهَانِ وفي الْعِبَارَةِ نَوْعُ قَلَقٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ قبل الْحَدِّ فَلَا شَيْءَ على الرَّاجِعِ وَيُحَدُّ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُحَدُّ الرَّاجِعُ مَعَهُمْ أَيْضًا قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ حُدَّ الْأَرْبَعَةُ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي قُلْت هذا الْمَذْهَبُ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَخَرَّجُوا لَا يُحَدُّ سِوَى الرَّاجِعِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْحَدِّ وهو قَوْلٌ في النَّظْمِ قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ في التَّرْغِيبِ يُحَدُّ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ لَا يُحَدُّ أَحَدٌ لِتَمَامِهَا بِالْحَدِّ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ حُدُّوا في الْأَظْهَرِ كما لو اخْتَلَفُوا في زَمَانِ أو مَكَانِ أو مَجْلِسِ أو صِفَةِ الزنى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان رُجُوعُهُ بَعْدَ الْحَدِّ فَلَا حَدَّ على الثَّلَاثَةِ وَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ رُبْعَ ما أَتْلَفُوهُ وَيُحَدُّ وَحْدَهُ وَيُحَدُّ وَحْدَهُ يَعْنِي إنْ وَرِثَ حَدَّ الْقَذْفِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّاجِعَ يُحَدُّ إنْ قُلْنَا يُورَثُ حَدُّ الْقَذْفِ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ خِيَارِ الشَّرْطِ في الْبَيْعِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ أبو النَّضْرِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ على رَجُلٍ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ على الشُّهُودِ أَنَّهُمْ هُمْ الزُّنَاةُ بها لم يُحَدَّ الْمَشْهُودُ عليه وَهَلْ يُحَدُّ الشُّهُودُ الْأَوَّلُونَ حَدَّ الزنى على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا‏:‏ يُحَدُّ الشُّهُودُ الْأَوَّلُونَ للزنى ‏[‏للزنا‏]‏ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال النَّاظِمُ هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُحَدُّونَ للزنى ‏[‏للزنا‏]‏ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابن رزين وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَمَلَتْ من لَا زَوْجَ لها وَلَا سَيِّدَ لم تُحَدَّ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ تُحَدُّ إذَا لم تَدَّعِ شُبْهَةً اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو ظَاهِرُ قِصَّةِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ وَالْمَجْمُوعِ رِوَايَةً أنها تُحَدُّ وَلَوْ ادَّعَتْ شُبْهَةً‏.‏