فصل: بَابُ: حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

الجزء الثامن

بَابُ‏:‏ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ

قَوْلُهُ أَحَدُهَا ما فُتِحَ عَنْوَةً وَهِيَ ما أُجْلِيَ عنها أَهْلُهَا بِالسَّيْفِ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ بين قِسْمَتِهَا‏.‏

كَمَنْقُولٍ وَلَا خَرَاجَ عليها بَلْ هِيَ أَرْضُ عُشْرٍ‏.‏

وَوَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِلَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ الْوَقْفُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

زَادَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أو يَتْرُكُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِخَرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ يُؤْخَذُ مِمَّنْ تُقَرُّ بيده من مُسْلِمٍ أو ذِمِّيٍّ بِلَا أُجْرَةٍ وَتَخْيِيرُ الْإِمَامِ في الْأَرْضِ التي فُتِحَتْ عَنْوَةً بين قِسْمَتِهَا وَبَيْنَ دَفْعِهَا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ تُقْسَمُ بين الْغَانِمِينَ كَالْمَنْقُولِ‏.‏

وَعَنْهُ أنها تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ عليها ولا يُعْتَبَرُ لها التَّلَفُّظُ بِالْوَقْفِ بَلْ تَرْكُهُ لها من غَيْرِ قِسْمَةٍ وَقْفٌ لها كما لو قَسَمَهَا بين الْغَانِمِينَ لَا يُحْتَاجُ معه إلَى لَفْظٍ وَتَصِيرُ أَرْضَ عُشْرٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ في الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَالْمَنْقُولِ قَالَهُ الْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَجَمَاعَةٌ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ بين الْغَانِمِينَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُخَمِّسُهَا حَيْثُ قالوا كَالْمَنْقُولِ قال وَعُمُومُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْقَاضِي وَقِصَّةُ خَيْبَرَ تَدُلُّ على أنها لَا تُخَمَّسُ لِأَنَّهَا فَيْءٌ وَلَيْسَتْ بِغَنِيمَةٍ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُوقَفُ وَالْأَرْضُ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ وَقَفَهَا وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهَا كما يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَلَيْسَ في الْفَيْءِ خُمُسٌ وَرَجَّحَ ذلك‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لو جَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيْئًا صَارَ ذلك حُكْمًا بَاقِيًا فيها دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْغَانِمِينَ وَيَأْتِي ذلك في كِتَابِ الْبَيْعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا لِلْإِمَامِ الْخِيَرَةُ فأنه يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَصْلَحِ كالتخيير ‏[‏كالتخير‏]‏ في الْأُسَارَى قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ أو يُمَلِّكُهَا لِأَهْلِهَا أو غَيْرِهِمْ بِخَرَاجٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لو مَلَّكَهَا بِغَيْرِ خَرَاجٍ لم يَجُزْ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ ما فَعَلَهُ الْإِمَامُ من وَقْفٍ وَقِسْمَةٍ ليس لِأَحَدٍ نَقْضُهُ‏.‏

وقال أَيْضًا في الْمُغْنِي في الْبَيْعِ إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ صَحَّ بِحُكْمِهِ كَالْمُخْتَلِفَاتِ وَكَذَا بَيْعُ الْإِمَامِ لِلْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْحُكْمِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي ما جَلَا عنها أَهْلُهَا خَوْفًا فَتَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عليها‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَنْوَةِ قِيَاسًا عليها فَلَا تَصِيرُ وَقْفًا حتى يَقِفَهَا الْإِمَامُ‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَيْءِ الْمَنْقُولِ‏.‏

قَوْلُهُ الثَّالِثُ ما صُولِحُوا عليه وهو ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَالِحَهُمْ على أَنَّ الْأَرْضَ لنا وَيُقِرَّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ فَهَذِهِ تَصِيرُ وَقْفًا أَيْضًا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تَصِيرُ وَقْفًا بِوَقْفِ الْإِمَامِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَتَكُونُ قبل وَقْفِهَا كَفَيْءٍ مَنْقُولٍ‏.‏

فائدة‏:‏

هذه الدَّارُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا دَارُ إسْلَامٍ فَيَجِبُ على سَاكِنِهَا من أَهْلِ الذِّمَّةِ الْجِزْيَةُ وَنَحْوُهَا وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ أَهْلِهَا على وَجْهِ الْمِلْكِ لهم ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ الْأَرْضَ مِلْكًا لِأَهْلِهَا وَعَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ وَعَلَيْهَا الْخَرَاجُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ

‏.‏

قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي‏.‏

قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يُصَالِحَهُمْ على أنها لهم وَلَنَا الْخَرَاجُ عنها فَهَذِهِ مِلْكٌ لهم‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يُمْنَعُونَ من إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أو بَاعُوا الْمِلْكَ من مُسْلِمٍ مُنِعُوا إظْهَارَهُ‏.‏

قَوْلُهُ خَرَاجُهَا كَالْجِزْيَةِ إنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامٍ وَلَا غَيْرِهِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ الذي ضَرَبَهُ عُمَرُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى مُسْلِمٍ فَلَا خَرَاجَ عليه‏.‏

أنها لو انْتَقَلَتْ إلَى ذِمِّيٍّ من غَيْرِ أَهْلِ الصُّلْحِ أَنَّ عليه الْخَرَاجَ وهو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا خَرَاجَ عليها وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمَرْجِعُ في الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ من الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْخَلَّالُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَعَامَّةِ شُيُوخِنَا‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ دُونَ النَّقْصِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ دُونَ النَّقْصِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وقال ابن أبي مُوسَى لَا يَجُوزُ النَّقْصُ عن الدِّينَارِ بِحَالٍ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ قال وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ في الْخَرَاجِ خَاصَّةً وَلَا تَجُوزُ في الْجِزْيَةِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في رِوَايَتِهِ وقال نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو أَصَحُّ‏.‏

وَذَكَر في الْوَاضِحِ رِوَايَةً يَجُوزُ النَّقْصُ في الْجِزْيَةِ فَقَطْ‏.‏

وَعَنْهُ يُرْجَعُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ في الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَّا أَنَّ جِزْيَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وَعَنْهُ يُرْجَعُ إلَى ما ضَرَبَهُ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه لَا يُزَادُ عليه وَلَا يُنْقَصُ منه‏.‏

وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَى وَهَذِهِ في الْبُلْغَةِ‏.‏

وَيَأْتِي حَدُّ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْفَقِيرِ في بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

قَوْلُهُ وَقَدْرُ الْقَفِيزِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ يَعْنِي بِالْمَكِّيِّ فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ قِيلَ إنَّ قَدْرَهُ ثَلَاثُونَ رِطْلًا‏.‏

وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّ قَدْرَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَالُوا نَصَّ عليه‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الْمَنْقُولُ عن أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَفَسَّرَهُ الْقَاضِي بِالْمَكِّيِّ‏.‏

فائدتان‏:‏

الْأُولَى هذا الْقَفِيزُ قَفِيزُ الْحَجَّاجِ وهو صَاعُ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه نَصَّ عليه وَالْقَفِيزُ الْهَاشِمِيُّ مَكُّوكَانِ وهو ثَلَاثُونَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً‏.‏

الثَّانِيَةُ مِمَّا قَدَّرَهُ عُمَرُ على جَرِيبِ الزَّرْعِ دِرْهَمَانِ وَقَفِيزٌ من طَعَامِهِ وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وقال هو الْأَشْهَرُ عن عُمَرَ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَخَرَاجُ عُمَرَ على جريبي ‏[‏جريب‏]‏ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ وَالْحِنْطَةِ أَرْبَعَةٌ وَالرُّطَبَةِ سِتَّةٌ وَالنَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ وَالْكُرُومِ عَشْرَةٌ وَالزَّيْتُون اثْنَا عَشَرَ وَعَنْ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ وَضَعَ على كل جَرِيبٍ عَامِرٍ أو غَامِرٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا‏.‏

وَقِيلَ من نَبْتُهُ فمن ‏[‏في‏]‏ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ مِثْلُهُمَا وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَقِيلَ على جَرِيبِ شَجَرِ الْخِبْطِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ انْتَهَى‏.‏

قَوْله وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وهو ذِرَاعٌ وَسَطٌ وَقَبْضَتُهُ وَإِبْهَامُهُ قَائِمَةٌ‏.‏

هَكَذَا قال الْأَصْحَابُ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ بَلْ ذِرَاعٌ هَاشِمِيَّةٌ وَهِيَ أَطْوَلُ من ذِرَاعِ الْبُرِّ بِإِصْبَعَيْنِ وَثُلُثَيْ إصْبَعٍ‏.‏

وقال الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عن الْأَوَّلِ هِيَ الذِّرَاعُ الْعُمَرِيَّةُ‏.‏

قال شَارِحُ الْمُحَرَّرِ وهو الذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ‏.‏

فَظَاهِرُهُ أَنَّ الذِّرَاعَ الْأُولَى هِيَ الثَّانِيَةُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا وَظَاهِرُ من حَكَى الْخِلَافَ التَّنَافِي وهو الصَّوَابُ وَلَعَلَّ في النُّسْخَةِ غَلَطًا أو يَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ ذِرَاعَانِ ذِرَاعُ عُمَرَ وَذِرَاعٌ زَادُوهَا‏.‏

قَوْلُهُ وما لَا يَنَالُهُ الْمَاءُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ فَلَا خَرَاجَ عليه‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْوَاضِحِ فِيمَا لَا نَفْعَ بِهِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الْخَرَاجُ على الْأَرْضِ التي لها مَاءٌ تُسْقَى بِهِ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ وَعَلَى الْأَرْضِ التي يُمْكِنُ زَرْعُهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ قال ابن عَقِيلٍ وَالدَّوَالِيبُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَمْكَنَ إحْيَاؤُهُ فلم يَفْعَلْ وَقِيلَ أو زَرَعَ ما لَا مَاءَ له فَرِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا خَرَاجَ على ما يُمْكِنُ إحْيَاؤُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي‏.‏

وَقَوْلُهُ وَقِيلَ أو زَرَعَ ما لَا مَاءَ له ذَكَرَ هذا الْقَوْل ابن عَقِيلٍ أَنَّ حَنْبَلِيًّا قَالَهُ وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا اعْتَرَضَ عليه بِأَنَّ هذا غَلَطٌ لِأَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في أَرْضٍ لَا مَاءَ لها‏.‏

وَلَا زُرِعَتْ فإذا زُرِعَتْ وَجَدَ حَقِيقَةَ التَّصَرُّفِ بَعْدُ كَالْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ ذَكَرَه ابن الصَّيْرَفِيِّ في الْإِجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ وَجَبَ نِصْفُ خَرَاجِهِ في كل عَامٍ‏.‏

هَكَذَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وما يُرَاحُ عَامًا وَيُزْرَعُ عَامًا عَادَةً‏.‏

وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ كان ما يَنَالُهُ الْمَاءُ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ حتى يُرَاحَ عَامًا وَيُزْرَعَ عَامًا‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ أَيْضًا يُؤْخَذُ خَرَاجُ ما لم يُزْرَعْ عن أَقَلِّ ما يُزْرَعُ وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وقال أَيْضًا الْبَيَاضُ الذي بين النَّخْلِ ليس فيه إلَّا خَرَاجُ الْأَرْضِ وَكَذَا قال في التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ يَبِسَتْ الْكُرُومُ بِجَرَادٍ أو غَيْرِهِ سَقَطَ من الْخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ من النَّفْعِ قال وإذا لم يُمْكِنْ النَّفْعُ بِبَيْعٍ أو إجَارَةٍ أو عُمَارَةٍ أو غَيْرِهَا لم يَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان بِأَرْضِ الْخَرَاجِ شَجَرٌ وَقْتَ الْمَوْقِفِ فثمره الْمُسْتَقْبَلِ لِمَنْ يُقِرُّ بيده وَفِيهِ عُشْرُ الزَّكَاةِ كَالْمُتَجَدِّدِ فيها وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ هو لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا عُشْرٍ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْخَرَاجُ على الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ على الْمُسْتَأْجِرِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ له أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ ويهدى له لِيَدْفَعَ عنه الظُّلْمَ في خَرَاجِهِ‏.‏

نَصَّ عليه فَالرِّشْوَةُ ما يُعْطَى بَعْدَ طَلَبِهِ وَالْهَدِيَّةُ الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً قاله في التَّرْغِيبِ وَأَمَّا الآخذ فإنه حَرَامٌ عليه بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ‏.‏

وَيَأْتِي في بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يُحْتَسَبُ بِمَا ظَلَمَ في خَرَاجِهِ من الْعُشْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ غَصْبٌ‏.‏

وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا خَرَاجَ على الْمَسَاكِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَإِنَّمَا كان أَحْمَدُ يُخْرِجُ عن دَارِهِ لِأَنَّ بَغْدَادَ كانت مَزَارِعَ وَقْتَ فَتْحِهَا‏.‏

وَيَأْتِي في كِتَابِ الْبَيْعِ هل على مَزَارِعِ مَكَّةَ خَرَاجٌ وَهَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً أو صُلْحًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ في إسْقَاطِ الْخَرَاجِ عن إنْسَانٍ جَازَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَدَعُ خَرَاجًا وَلَوْ تَرَكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كان له هذا فَأَمَّا من دُونَهُ فَلَا‏.‏

بَابُ‏:‏ الْفَيْءِ

قَوْلُهُ‏:‏ وهو ما أُخِذَ من مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَجَزَمَ بن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

وَالْعُشْرُ ما تَرَكُوهُ فَزَعًا وَخُمُسُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَمَالُ من مَاتَ لَا وَارِثَ له‏.‏

قد تَقَدَّمَ حُكْمُ قَسْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَأَنَّهُ يُقْسَمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ في خُمُسِهِ الذي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم هل يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ أَمْ لَا في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ‏.‏

قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ‏.‏

يُصْرَفُ الْفَيْءُ في مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُقَاتِلَةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَاخْتَارَ أبو حَكِيمٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا حِصَّةَ لِلرَّافِضَةِ فيه وَذَكَرَه ابن الْقَيِّمِ في الهدى عن مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُفْرَدُ عَبْدٌ بِالْإِعْطَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ وَقِيلَ يُفْرَدُ بِالْإِعْطَاءِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُخَمَّسُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ يُخَمَّسُ وَاخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ‏.‏

قال الْقَاضِي ولم أَجِدْ عن أَحْمَدَ بِمَا قال الْخِرَقِيُّ نَصًّا‏.‏

قُلْت وَأَثْبَتَهُ رِوَايَةً في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فَعَلَى هذا يُصْرَفُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قَسَمَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ ثُمَّ خُمُسُ الْخُمُسِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا كُلُّهَا في الْمَصَالِحِ وَبَقِيَّةُ خُمُسِ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ في كَشْفِ الْمُشْكِلِ كان ما لم يُوجِفْ عليه مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً هذا اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ من أَصْحَابِنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ منه فَضْلٌ قُسِمَ بين الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ‏.‏

مُرَادُهُ إلَّا الْعَبِيدَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهِيَ أَصَحُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَبِي حَكِيمٍ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا‏.‏

وَقِيلَ يَدَّخِرُ ما بَقِيَ بَعْدَ الْكِفَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِالْمُهَاجِرِينَ وَيُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُقَدِّمُ بَنِي هَاشِمٍ على بَنِي الْمُطَّلِبِ ثُمَّ بَنِي عبد شَمْسٍ ثُمَّ بَنِي نَوْفَلٍ ثُمَّ بَنِي عبد الْعُزَّى ثُمَّ بَنِي عبد الدَّارِ‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ يُفَاضَلُ بَيْنَهُمْ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وفي جَوَازِ التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ فَحَصَلَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَهُمْ بَلْ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَهُمْ لِمَعْنًى فِيهِمْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ اخْتَارَ أبو عبد اللَّهِ أَنْ لَا تَفَاضُلَ مع جَوَازِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِفِعْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ‏.‏

وَعَنْهُ له التَّفْضِيلُ بِالسَّابِقَةِ إسْلَامًا أو هِجْرَةً ذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ ذلك مُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَيَفْعَلُ ما يَرَاهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ فَقَدْ فَضَّلَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ ولم يُفَضِّلْ أبو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عليهم أَجْمَعِينَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا اسْتَوَى اثْنَانِ من أَهْلِ الْفَيْءِ في دَرَجَةٍ فقال في الْمُجَرَّدِ يُقَدَّمُ أَسَنُّهُمَا ثُمَّ أَقْدَمُهُمَا هِجْرَةً‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَدَّمُ بِالسَّابِقَةِ في الْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدِّينِ ثُمَّ بِالسَّبْقِ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ وَلِيُّ الْأَمْرِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ رَتَّبَهُمَا على رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ نَقَلَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ الْعَطَاءُ الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْقِتَالَ وَيَكُونُ عَاقِلًا حُرًّا بَصِيرًا صَحِيحًا ليس بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ من الْقِتَالِ فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا غير مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَالزَّمَانَةِ وَنَحْوِهَا خَرَجَ من الْمُقَاتِلَةِ وَسَقَطَ سَهْمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ له فيه حَقٌّ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ دُفِعَ إلَى وَرَثَتِهِ حَقُّهُ وَمَنْ مَاتَ من أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ دُفِعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كِفَايَتُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ فإذا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ وَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا في الْمُقَاتِلَةِ فُرِضَ لهم وَإِنْ لم يَخْتَارُوا تُرِكُوا‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُفْرَضُ لهم ‏[‏ثم‏]‏ إذَا اخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا في الْمُقَاتِلَةِ إذَا كان بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فائدة‏:‏

بَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ وَيَحْرُمُ الْأَخْذُ منه إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ في بَابِ اللُّقَطَةِ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا‏.‏

وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ أَيْضًا في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَا يَجُوزُ له الصَّدَقَةُ بِهِ وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْإِمَامِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ في السَّرِقَةِ منه وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقال أَيْضًا لو أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ‏.‏

وقال أَيْضًا لَا يُتَصَوَّرُ في الْمُشْتَرَكِ عن عَدَمِ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَنْ يَكُون مَمْلُوكًا نحو بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُبَاحَاتِ وَالْوَقْفِ على مُطْلَقٍ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْإِعْطَاءِ أو بِالِاسْتِعْمَالِ أو بِالْفَرْضِ وَالتَّنْزِيلِ أو غَيْرِهِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ في بَيْتِ الْمَالِ أَنَّ الْمَالِكَ له غَيْرُ مُعَيَّنٍ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ في إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِلَا إذْنٍ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ وَتَرْتِيبُهَا فَافْتَقَرَ إلَى إذْنِهِ‏.‏

وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ هل بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَمْ لَا‏؟‏ وَفائدة الْخِلَافِ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْأَمَانِ

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى حُرًّا أو عَبْدًا مُطْلَقًا أو أَسِيرًا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ‏.‏

وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا يَصِحُّ منهم بِشَرْطِ أَنْ تُعْرَفَ الْمَصْلَحَةُ فيه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ في الْمَرْأَةِ بِدُونِ هذا الشَّرْطِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يَصِحُّ أَمَانُ الْمَرْأَةِ عن الْقَتْلِ دُونَ الرِّقِّ‏.‏

وقال وَيُشْتَرَطُ في أَمَانِ الْإِمَامِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ على عَشْرِ سِنِينَ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ على عَشْرِ سِنِينَ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْكَافِرِ وَلَوْ كان ذِمِّيًّا وهو كَذَلِكَ وَلَا أَمَانُ الْمَجْنُونِ أو الطِّفْلِ وَالْمُغْمَى عليه وهو كَذَلِكَ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ السَّكْرَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَرَّجَ الصِّحَّةَ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الْمُكْرَهِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وفي أَمَانِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهَادِي وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ‏.‏

في خِلَافَيْهِمَا وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَصِحُّ أَمَانُهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وَحَمَلَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ على غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ شَيْخِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ‏.‏

فائدة‏:‏

يَصِحُّ أَمَانُ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ وَالْكَافِرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فإنه قال بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صِحَّةَ الْأَمَانِ وَقِيلَ يَصِحُّ لِلْأَسِيرِ من الْإِمَامِ وَقِيلَ وَالْأَمِيرِ انْتَهَى وهو مُشْكِلٌ‏.‏

وَيَصِحُّ من غَيْرِ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ الْكَافِرِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ من غَيْرِ الْإِمَامِ كما لو كان فيه ضَرَرٌ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَأَمَّا آحَادُ الرَّعِيَّةِ فَلَيْسَ له أَمَانٌ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَصِحُّ انْتَهَيَا‏.‏

قَوْلُهُ وَأَمَانُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْعَشَرَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلِلْقَافِلَةِ وَكَذَا لِلْحِصْنِ‏.‏

مُرَادُهُ بِالْقَافِلَةِ إذَا كانت صَغِيرَةً وَكَذَا إذَا كان الْحِصْنُ صَغِيرًا يَعْنِي عُرْفًا وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ الْقَافِلَةَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يُشْتَرَطُ في الْقَافِلَةِ وَالْحِصْنِ أَنْ يَكُونَ مِائَةً فَأَقَلَّ اخْتَارَه ابن البنا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ الْحِصْنُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْسَانًا أَنْ لَا يُجَارَ على الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ قال لِكَافِرٍ قِفْ أو أَلْقِ سِلَاحَك فَقَدْ أَمَّنَهُ‏.‏

وَكَذَا قَوْلُهُ قُمْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ أَمَانًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ ذلك فَهُوَ على هذا كِنَايَةٌ لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَهُ الْكَافِرُ أَمَانًا رُدَّ إلَى مَأْمَنِهِ وُجُوبًا ولم يَجُزْ قَتْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ نَظَائِرِهِ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْأَمَانِ فَظَنَّهُ أَمَانًا فَهُوَ أَمَانٌ وَكُلُّ شَيْءٍ يَرَى الْعِلْجُ أَنَّهُ أَمَانٌ فَهُوَ امان وقال إذَا اشْتَرَاهُ لِيَقْتُلَهُ فَلَا يَقْتُلُهُ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ فَقَدْ أَمَّنَهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَهَذَا يَقْتَضِي انْعِقَادَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْعِلْجُ وَإِنْ لم يَقْصِدْهُ الْمُسْلِمُ وَلَا صَدَرَ منه ما يَدُلُّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ جاء بِمُشْرِكٍ فَادَّعَى أَيْ الْمُشْرِكُ أَنَّهُ أَمَّنَهُ فَأَنْكَرَ يَعْنِي الْمُسْلِمُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ يَعْنِي الْمُسْلِمَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُسْلِمِ في الْأَظْهَرِ‏.‏

وَعَنْهُ قَوْلُ الْأَسِيرِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ قَوْلُ من يَدُلُّ الْحَالُ على صِدْقِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلٍ إنِّي أَمَّنْته على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يُقْبَلُ في الْأَصَحِّ كَإِخْبَارِهِمَا أَنَّهُمَا أَمَّنَاهُ كَالْمُرْضِعَةِ على طِفْلِهَا‏.‏

قال الْقَاضِي هو قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أعطى أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا فَفَتَحَهُ وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي دَاوُد وَأَبِي طَالِبٍ وَإِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ‏.‏

وحرم اسْتِرْقَاقُهُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن هَانِئٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَخْرُجُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ وابن عَقِيلٍ في رِوَايَتَيْهِ انْتَهَى‏.‏

وَاخْتَارَهُ في التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَسْلَمَ وَاحِدٌ من أَهْلِ حِصْنٍ وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ على عَشْرِ سِنِينَ وفي جَوَازِ إقَامَتِهِمْ في دَارِنَا هذه الْمُدَّةَ بِلَا جِزْيَةٍ وَجْهَانِ انْتَهَى‏.‏

وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي لَا يَجُوزُ سَنَةً فَصَاعِدًا إلَّا بِجِزْيَةٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ عَقْدُهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ مُطْلَقًا ذكره ‏[‏وذكره‏]‏ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ دخل دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أو تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ قُبِلَ منه‏.‏

وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ تُصَدِّقُهُ عَادَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إنْ لم يُعْرَفْ بِتِجَارَةٍ ولم يُشْبِهْهُمْ أو كان معه آلَةُ حَرْبٍ لم يُقْبَلْ منه وَيُحْبَسُ حتى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَيَعْمَلُ في ذلك بِالْقَرَائِنِ‏.‏

وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم تُصَدِّقْهُ عَادَةٌ أو لم يَكُنْ معه تِجَارَةٌ وَادَّعَى أَنَّهُ جاء مُسْتَأْمَنًا فَهُوَ كَالْأَسِيرِ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فيه على ما تَقَدَّمَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو دخل أَحَدٌ من الْمُسْلِمِينَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ بِتِجَارَةٍ أو رِسَالَةٍ لم يَخُنْهُمْ في شَيْءٍ وَيَحْرُمُ عليه ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ أو حَمَلَتْهُ الرِّيحُ في مَرْكَبٍ إلَيْنَا فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَعَنْهُ يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَنَقَل ابن هَانِئٍ إنْ دخل قَرْيَةً فَأَخَذُوهُ فَهُوَ لِأَهْلِهَا‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو شَرَدَتْ إلَيْنَا دَابَّةٌ منهم أو فَرَسٌ أو نَدَّ بَعِيرٌ أو أَبَقَ رَقِيقٌ وَنَحْوُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ منهم إلَيْنَا إلَّا بِإِذْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ وَلِلتَّاجِرِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ دُخُولُهُ لِسِفَارَةٍ أو لِسَمَاعِ قُرْآنٍ أَمَانٌ بِلَا عَقْدٍ لَا لِتِجَارَةٍ على الْأَصَحِّ فِيهِمَا بِلَا عَادَةٍ‏.‏

نَقَلَ حَرْبٌ في غُزَاةٍ في الْبَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا يَقْصِدُونَ بَعْضَ الْبِلَادِ لم يَتَعَرَّضْ لهم‏.‏

قَوْلُهُ وإذا أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمَنُ مَالَهُ مُسْلِمًا أو أَقْرَضَهُ إيَّاهُ ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَقِيَ الْأَمَانُ في مَالِهِ وَيَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ‏.‏

وَكَذَا إنْ أَوْدَعَهُ لِذِمِّيٍّ أو أَقْرَضَهُ إيَّاهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يُنْقَضُ في مَالِهِ وَيَصِيرُ فَيْئًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إن هذا اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ‏.‏

فَعَلَى هذا يُعْطَاهُ إنْ طَلَبَهُ وَإِنْ مَاتَ بَعَثَ بِهِ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له وَارِثٌ فَهُوَ فَيْءٌ‏.‏

وَيَأْتِي حُكْمُ مَالِ من نَقَضَ الْعَهْدَ من أَهْلِ الذِّمَّةِ في بَابِ أَحْكَامِهِمْ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اُسْتُرِقَّ من كان مُسْتَأْمَنًا أو ذِمِّيًّا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَالُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وُقِفَ مَالُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا أَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَكَاهُ في الشَّرْحِ عن الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

وَقِيلَ يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا بِمُجَرَّدِ اسْتِرْقَاقِهِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ عَتَقَ رُدَّ إلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَهُوَ فَيْءٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ هو لِوَارِثِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا أَسَرَ الْكُفَّارُ مُسْلِمًا فأطلقوه بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً‏.‏

وَكَذَا لو شَرَطُوا أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُطْلَقًا‏.‏

لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لهم‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَهْرَبَ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ إنْ الْتَزَمَ الشَّرْطَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ما يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ في الْتِزَامِ الْإِقَامَةِ أَبَدًا لِأَنَّ الْهِجْرَةَ وَاجِبَةٌ عليه فَفِيهِ الْتِزَامٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يَمْنَعُوهُ من دِينِهِ فَفِيهِ الْتِزَامُ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ لم يَشْتَرِطُوا شيئا أو شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَيَسْرِقَ وَيَهْرَبَ‏.‏

إذَا أَطْلَقُوا ولم يشرطوا ‏[‏يشترطوا‏]‏ عليه شيئا فَتَارَةً يُؤَمِّنُونَهُ وَتَارَةً لَا يُؤَمِّنُونَهُ فَإِنْ لم‏.‏

يُؤَمِّنُوهُ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَيَسْرِقَ وَيَهْرَبَ نَصَّ عليه وَإِنْ أَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ لَا غير وَلَيْسَ له الْقَتْلُ وَلَا السَّرِقَةُ فَلَوْ سَرَقَ رَدَّ ما أَخَذَ منهم نَصَّ على ذلك كُلِّهِ وَإِنْ شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا فَكَذَلِكَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وقال الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْإِقَامَةُ إذَا قُلْنَا يلزمه ‏[‏لزمه‏]‏ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ على ما نَذْكُرُهُ في الْمَسْأَلَةِ التي بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ مَالًا فَإِنْ عَجَزَ عنه عَادَ إلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لهم إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ‏.‏

إذَا كانت امْرَأَةً لم تَرْجِعْ إلَيْهِمْ بِلَا نِزَاعٍ لِخَوْفِ قَتْلِهَا‏.‏

وَأَلْحَقَ في نَظْمِ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ الصَّبِيَّ بِالْمَرْأَةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه أَنْ يَبْدَأَ بِفِدَاءِ جَاهِلٍ لِلْخَوْفِ عليه وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَبْدَأَ بِفِدَاءِ الْعَالِمِ لِشَرَفِهِ وَحَاجَتِنَا إلَيْهِ وَكَثْرَةِ الضَّرَرِ بِفِتْنَتِهِ انْتَهَى‏.‏

وَإِنْ كان رَجُلًا وَشَرَطُوا عليه مَالًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ لهم نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَرْجِعُ الرَّجُلُ أَيْضًا‏.‏

وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْهُدْنَةِ

مَعْنَى الْهُدْنَةِ أَنْ يَعْقِدَ الْإِمَامُ أو نَائِبُهُ عَقْدًا على تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً وَيُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ وَالذِّمَّةِ إلَّا من الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّهُ قال في التَّرْغِيبِ لِآحَادِ الْوُلَاةِ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مع أَهْلِ قَرْيَةٍ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ من كل مُسْلِمٍ وهو احْتِمَالٌ في الْهِدَايَةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْهُدْنَةِ إلَّا حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْجِهَادِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَجُوزُ عَقْدُ ذلك وَنَحْوُهُ مع الْقُوَّةِ أَيْضًا وَالِاسْتِظْهَارُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْإِرْشَادِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُحَرَّرِ وَيَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ مع قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِظْهَارِهِمْ مُدَّةَ أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وَلَا يَجُوزُ فَوْقَهَا‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ وَالْحَالَةُ هذه دُونَ عَامٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ بِمَالٍ مَنًّا لِلضَّرُورَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وقال في الْفُنُونِ يَجُوزُ لِضَعْفِنَا مع الْمَصْلَحَةِ‏.‏

وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ لِحَاجَةٍ وَقَالَهُ أبو يَعْلَى الْكَبِيرُ في الْخِلَافِ في الْمُؤَلَّفَةِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَجُوزُ بِمَالٍ مَنًّا‏.‏

وَقِيلَ بِلَا ضَرُورَةٍ أو لِتَرْكِ تَعْذِيبِ أَسِيرٍ مُسْلِمٍ أو قَتْلِهِ أو أَسِيرٍ غَيْرِهِ أو خَوْفًا على من عِنْدَهُمْ من ذلك انْتَهَى‏.‏

قُلْت هذا الْقَوْلُ مُتَعَيِّنٌ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ ضَعِيفٌ أو سَاقِطٌ‏.‏

قَوْلُهُ فَمَتَى رَأَى الْمَصْلَحَةَ في عَقْدِ الْهُدْنَةِ جَازَ له عَقْدُهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَإِنْ طَالَتْ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

قال في الْمُنْتَخَبِ يَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَعَنْهُ لَا يجوز ‏[‏يحوز‏]‏ أَكْثَرُ من عَشْرِ سِنِينَ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيَكُونُ أَيْضًا جَائِزًا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ على عَشْرٍ بَطَلَ في الزِّيَادَةِ يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وفي الْعَشْرِ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ قال في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ زَادَ فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ‏.‏

وَيَأْتِي في تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو هَادَنَهُمْ أَكْثَرَ من قَدْرِ الْحَاجَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا لم يَصِحَّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَصِحُّ وَتَكُونُ جَائِزَةً وَيُعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِنَبْذِ الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ وَإِتْمَامِ الْمُؤَقَّتَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال هَادَنْتُكُمْ ما شِئْنَا وَشَاءَ فُلَانٌ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَلَوْ قال نُقِرُّكُمْ على ما أَقَرَّكُمْ اللَّهُ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَصِحُّ أَيْضًا وَأَنَّ مَعْنَاهُ في قَوْلِهِ ما شِئْنَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ أو رَدِّ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ أو صَدَاقِهِنَّ أو سِلَاحِهِمْ أو إدْخَالِهِمْ الْحَرَمَ بَطَلَ الشَّرْطُ‏.‏

إذَا شَرَطَ في الْمُهَادَنَةِ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أو رَدَّ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ أو سِلَاحِهِمْ أو إدْخَالِهُمْ الْحَرَمَ بَطَلَ الشَّرْطُ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَا لو شَرَطَ رَدَّ صَبِيٍّ إلَيْهِمْ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ مُمَيِّزٍ وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ الطِّفْلِ دُونَ الْمُمَيِّزِ وَقِيلَ وَجَزَمَ غَيْرُهُمْ بِذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا إذَا شَرَطَ رَدَّ مُهُورِهِنَّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الشَّرْطِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ على الْأَصَحِّ قال النَّاظِمُ في الْأَظْهَرِ وَعَنْهُ لَا يَبْطُلُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أو كَذَا أو كَذَا أو رَدَّ مَهْرِهَا في رِوَايَةٍ بَطَلَ الشَّرْطُ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ رِوَايَةً بِرَدِّ مَهْرِ من شَرَطَ رَدَّهَا مُسْلِمَةً وهو أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذلك كما لو لم يَشْتَرِطْ ذِكْرَهُ في آخِرِ الْجِهَادِ في فَصْلِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَالصُّلْحِ‏.‏

وَأَمَّا الْعَقْدُ حَيْثُ قُلْنَا يَبْطُلُ الشَّرْطُ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وابن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً على الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ في الْبَيْعِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إلَّا فِيمَا إذَا شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَظَاهِرُ الْوَجِيزِ صِحَّةُ الْعَقْدِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو دخل نَاسٌ من الْكُفَّارِ في عَقْدٍ بَاطِلٍ دَارَ الْإِسْلَامِ مُعْتَقِدِينَ الْأَمَانَ كَانُوا آمِنِينَ وَيُرَدُّونَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يُقِرُّونَ في دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ من جاء من الرِّجَالِ مُسْلِمًا جَازَ‏.‏

قال الْأَصْحَابُ جَازَ ذلك لِحَاجَةٍ‏.‏

وَلَا يَمْنَعُهُمْ أَخْذَهُ وَلَا يُجْبِرُهُ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ سِرًّا بِقِتَالِهِمْ وَالْفِرَارِ منهم‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ يَعْرِضُ له أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَيْهِمْ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لو هَرَبَ منهم عَبْدٌ لِيُسْلِمَ فَأَسْلَمَ لم يُرَدَّ إلَيْهِمْ وهو حُرٌّ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى وقال وَقِيلَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَذِلُّ وَجَاءَ سَيِّدُهُ في طَلَبِهِ فَلَهُ قِيمَتُهُ من الْفَيْءِ‏.‏

قال قُلْت وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ما يُشْبِهُ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَضْمَنُ ما أَتْلَفُوهُ لِمُسْلِمٍ وَلَا يُحَدُّونَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا لَزِمَهُ الْقَوَدُ وَإِنْ قَذَفَهُ حُدَّ وَإِنْ سَرَقَ مَالَهُ قُطِعَ على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُطِعَ في الْأَقْيَسِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ حِمَايَةُ من هَادَنَهُ من الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا حِمَايَتُهُمْ من أَهْلِ الذِّمَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ لم يَجُزْ لنا شِرَاؤُهُمْ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً مَنْصُوصَةً يَجُوزُ شِرَاؤُهُمْ من سَابِيهِمْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ شِرَاءِ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْمُهَادِنِينَ منهم وَأَهْلِيهِمْ كَحَرْبِيٍّ بَاعَ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ يَحْرُمُ شِرَاؤُهُمْ كَذِمِّيٍّ بَاعَهُمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ‏.‏

وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ إنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ وَلَدَهُ أو وَرَحِمَهُ على نَفْسِهِ وَبَاعَهُ من مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ‏.‏

نَقْلُ الشَّالَنْجِيِّ لَا بَأْسَ فَإِنْ دخل بِأَمَانٍ لم يَشْتَرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِتَوَصُّلِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ لم يَكُنْ صَحِيحًا كَدُخُولِهِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فِرَارًا منهم نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على الْعِتْقِ على الْحَرْبِيِّ بِالرَّحِمِ هل يَحْصُلُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ انْتَهَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَصِحُّ شِرَاءُ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ منه‏.‏

قُلْت إنْ عَتَقَ عليه بِالْمِلْكِ فَلَا وَكَذَا إنْ قَهَرَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَمَلَكَهُمَا وَبَاعَهُمَا وَإِنْ قَهَرَ زَوْجَتَهُ وَمَلَكَهَا وَبَاعَهَا صَحَّ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عليها انْتَهَى‏.‏

وَمَنَعَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ في الزَّوْجَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو سَبَى بَعْضُهُمْ أَوْلَادَ بَعْضٍ وَبَاعُوهُمْ صَحَّ الْبَيْعُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ منهم نَبَذَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَيَجِبُ إعْلَامُهُمْ قبل الْإِغَارَةِ عليهم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا خِيفَ منه الْخِيَانَةُ لم يُنْقَضْ عَهْدُهُ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ إنْ صَدَرَ من الْمُهَادِنِينَ خِيَانَةٌ فَإِنْ عَلِمُوا أنها خِيَانَةٌ اغْتَالَهُمْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ‏.‏

قال الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بن الْقَيِّمِ في الهدى في غَزْوَةٍ الْفَتْحِ إنَّ أَهْلَ الْعَهْدِ إذَا حَارَبُوا في ذِمَّةِ الْإِمَامِ وَعَهْدِهِ صَارُوا بِذَلِكَ أَهْلَ حَرْبٍ نَابِذِينَ لِعَهْدِهِ فَلَهُ أَنْ يُبَيِّتَهُمْ وَإِنَّمَا يُعْلِمُهُمْ إذَا خَافَ منهم الْخِيَانَةَ وَأَنَّهُ يُنْتَقَضُ عَهْدُ الْجَمِيعِ إذَا لم يُنْكِرُوا عليهم‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ بِنَقْضِ عَهْدِ رِجَالِهِمْ تَبَعًا لهم‏.‏

الثَّانِيَةُ لو نَقَضَ الْهُدْنَةَ بَعْضُ أَهْلِهَا فَأَنْكَرَ عليهم الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ أو فِعْلٍ ظَاهِرٍ أو أَعْلَمُوا الْإِمَامَ بِذَلِكَ كان النَّاقِضُ من خَالَفَ منهم دُونَ غَيْرِهِمْ وَإِنْ سَكَتُوا عَمَّا فَعَلَهُ النَّاقِضُ ولم يُنْكِرُوهُ ولم يُكَاتِبُوا الْإِمَامَ انْتَقَضَ عَهْدُ الْكُلِّ وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في نَقْضِ الْعَهْدِ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَجُوزُ قَتْلُ رَهَائِنِهِمْ إذَا قَتَلُوا رَهَائِنَنَا جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ‏.‏

الرَّابِعَةُ مَتَى مَاتَ الْإِمَامُ أو عُزِلَ لَزِمَ من بَعْدَهُ الْوَفَاءُ بِعَقْدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ‏.‏

وَجَوَّزَ بن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَقْضَ ما عَقَدَهُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ نَحْوُ صُلْحِ بَنِي تَغْلِبَ لِاخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ‏.‏

بَاب‏:‏ عَقْدِ الذِّمَّةِ

تنبيه‏:‏ تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْهُدْنَةِ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ إلَّا من الْإِمَامِ أو نَائِبِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلَانِ آخَرَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجِبُ عَقْدُهَا إذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ ما لم يَخَفْ غَائِلَةً منهم‏.‏

قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إلَّا لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ وَافَقَهُمْ في التَّدَيُّنِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ كَالسَّامِرَةِ وَالْفَرَنْجِ وَمَنْ له شُبْهَةُ كِتَابٍ وَهُمْ الْمَجُوسُ‏.‏

لَا يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ عَقْدُهَا لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ إلَّا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ من الْعَرَبِ نَقَلَهَا الْحَسَنُ بن ثَوَابٍ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّ من دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ وَيُقَرُّونَ بِجِزْيَةٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ في النِّكَاحِ وَيَتَوَجَّهُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ منهم وَلَوْ لم تَحِلَّ نِسَاؤُهُمْ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الرَّدِّ على الرَّافِضِيِّ أَخْذَ الْجِزْيَةِ من الْكُلِّ وَأَنَّهُ لم يَبْقَ أَحَدٌ من مُشْرِكِي الْعَرَبِ بَعْدَ نُزُولِ الْجِزْيَةِ بَلْ كَانُوا قد أَسْلَمُوا‏.‏

وقال في الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ من أَخَذَهَا من الْجَمِيعِ أو سَوَّى بين الْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ فَأَمَّا الصَّابِئُ فَيُنْظَرُ فيه فَإِنْ انْتَسَبَ إلي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ فَهُوَ من أَهْلِهِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

هذا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِه ابن البنا في عُقُودِهِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالصَّابِئُ إنْ وَافَقَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى في دِينِهِمْ وَكِتَابِهِمْ فَهُوَ منهم وَإِلَّا فَهُوَ كَعَابِدِ وَثَنٍ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يُقْتَلُ مُطْلَقًا إنْ قال الْفَلَكُ حَيٌّ نَاطِقٌ وَالْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ آلِهَةٌ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ من تَدَيَّنَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِثْلَ السَّامِرَةِ وَالْفَرَنْجِ‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُمْ جِنْسٌ من النَّصَارَى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ يُوَافِقُونَ النَّصَارَى فَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ لَكِنْ يُخَالِفُونَهُمْ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يُسْبِتُونَ فإذا أَسْبَتُوا فَهُمْ من الْيَهُودِ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ من ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ فإنه قال هُمْ يُسْبِتُونَ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ في ذَبِيحَةِ الصَّابِئَةِ رِوَايَتَانِ مَأْخَذُهُمَا هل هُمْ من النَّصَارَى أَمْ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

صِفَةُ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ يَقُولَ أَقْرَرْتُكُمْ بِالْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ أو ما يُؤَدِّي ذلك فيقول أَقْرَرْتُكُمْ على ذلك أو نَحْوُهُمَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فيه ذِكْرُ قَدْرِ الْجِزْيَةِ وفي الِاسْتِسْلَامِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثِ نَبِيِّنَا صلى اللَّهُ عليه وسلم أو وُلِدَ بين أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ من أَحَدِهِمَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ إذَا تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثِ نَبِيِّنَا محمد صلى اللَّهُ عليه وسلم فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَلُ منه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرُ مُسْلِمٍ أُقِرَّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ وَلَا تُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت من صَارَ كِتَابِيًّا بَعْدَ عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو جَهِلَ وَقْتَهُ لَا تُقْبَلُ جِزْيَتُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ قبل بَعْثِ نَبِيِّنَا صلى اللَّهُ عليه وسلم تُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ في التَّبْصِرَةِ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُقْبَلُ منه مُطْلَقًا‏.‏

وَذَكَرَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ أَنَّهُ لو تَنَصَّرَ أو تَهَوَّدَ قبل الْبَعْثَةِ وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ لَا تُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ وَإِلَّا قُبِلَتْ‏.‏

وَأَطْلَقَهُ هو وَالْأَوَّلُ في الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ من تَمَجَّسَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ أو قَبْلَهَا بَعْدَ التَّبْدِيلِ أو قَبْلَهُ حُكْمُ من تَنَصَّرَ أو تَهَوَّدَ على ما تَقَدَّمَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ على ذلك بِأَتَمَّ من هذا في آخِرِ بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أو تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ لم يُقِرَّ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا وُلِدَ بين أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ من أَحَدِهِمَا‏.‏

يَعْنِي وَاخْتَارَ دِينَ من تُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في قَبُولِ الْجِزْيَةِ منه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ وَتُعْقَدُ له الذِّمَّةُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالتَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ منه الْجِزْيَةُ وَلَا يُقْبَلُ منه غَيْرُ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ من نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ تُقْبَلُ منهم الْجِزْيَةُ لِلْآيَةِ وَكَحَرْبِيٍّ منهم لم يَدْخُلْ في الصُّلْحِ إذَا بَذَلَهَا على الصَّحِيحِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لَا تُؤْخَذُ منهم وَلَوْ بَذَلُوهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

وفي الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ احْتِمَالٌ تُقْبَلُ إذَا بَذَلُوهَا‏.‏

فائدة‏:‏

ليس لِلْإِمَامِ نَقْضُ عَهْدِهِمْ وَتَجْدِيدُ الْجِزْيَةِ عليهم على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ وقد عَقَدَهُ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه مَعَهُمْ هَكَذَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَاخْتَارَ بن عَقِيلٍ جَوَازَ ذلك لِاخْتِلَافِ الْمَصْلَحَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وقد فَعَلَهُ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ رضي اللَّهُ عنه وَجَعَلَ ذلك جَمَاعَةٌ كَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَجَزَمَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ بِالْفَرْقِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ في هذا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ ذلك من نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ‏.‏

وَكَذَا زمناهم ‏[‏زمانهم‏]‏ وَمَكَافِيفِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ وَنَحْوِهِمْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُؤْخَذُ من هَؤُلَاءِ قال الْمُصَنِّفُ هذا أَقْيَسُ فَالْمَأْخُوذُ منه جِزْيَةٌ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ فَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ الْأَظْهَرُ إنْ قِيلَ إنَّهَا كَالزَّكَاةِ في الْمَصْرِفِ أُخِذَتْ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عليهم كَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهِمْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُؤْخَذُ من فَقِيرٍ وَلَا مِمَّنْ له مَالٌ غَيْرُ زَكَوِيٍّ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال الْخِرَقِيُّ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وهو رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عن أَحْمَدَ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تُؤْخَذُ من كِتَابِيٍّ غَيْرِهِمْ‏.‏

كَمَنْ تَنَصَّرَ من الْعَرَبِ من تَنُوخَ وَبَهْرَاءَ أو تَهَوَّدَ من كِنَانَةَ وَحِمْيَرَ أو تَمَجَّسَ من تَمِيمٍ وَنَحْوِهِمْ‏.‏

وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَذُكِرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وقال الْقَاضِي تُؤْخَذُ من نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ‏.‏

كَبَنِي تَغْلِبَ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ من كان من الْعَرَبِ من أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَأَبَاهَا إلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً وَلَهُ شَوْكَةٌ يَخْشَى الضَّرَرَ منها تَجُوزُ مُصَالَحَتُهُمْ على ما صُولِحَ عليه بَنُو تَغْلِبَ وهو الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ أَحْمَدَ أَوَّلًا وَإِطْلَاقُ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ وَلِهَذَا قَطَعَ بِهِ أبو الْبَرَكَاتِ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ قَوْلُ أبي مُحَمَّدٍ في الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ شَرَطَ مع ذلك أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ بِقَدْرِ ما يَجِبُ عليهم من الْجِزْيَةِ أو أَزْيَدَ وَلَيْسَ هذا في كَلَامِ أَحْمَدَ وَلَا مُشْتَرَطَ في بَنِي تَغْلِبَ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مُصَالَحَةُ مثلهم ‏[‏مثله‏]‏ مِمَّنْ يُخْشَى ضَرَرُهُ بِشَوْكَةٍ من الْعَرَبِ إذَا أَبَى دَفْعَهَا إلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا جِزْيَةَ على صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا زَمِنٍ وَلَا أَعْمَى‏.‏

وَكَذَا لَا جِزْيَةَ على شَيْخٍ فَانٍ بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمْ‏.‏

وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ‏.‏

وَكَذَا لَا جِزْيَةَ على رَاهِبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ عليه الْجِزْيَةُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَلَا يَبْقَى بيده مَالٌ إلَّا بَلَغَتْهُ فَقَطْ وَيُؤْخَذُ ما بيده قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قال وَيُؤْخَذُ منهم ما لنا كَالرِّزْقِ الذي لِلدُّيُورِ وَالْمَزَارِعِ إجْمَالًا قال وَيَجِبُ ذلك‏.‏

وقال أَيْضًا وَمَنْ له تِجَارَةٌ أو زِرَاعَةٌ وهو مُخَالِطٌ لهم أو مُعَاوِنُهُمْ على دِينِهِمْ كَمَنْ يَدْعُو إلَيْهِ من رَاهِبٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ إجْمَاعًا وَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْجِزْيَةُ الْوَظِيفَةُ الْمَأْخُوذَةُ من الْكَافِرِ لِإِقَامَتِهِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ في كل عَامٍ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ هذا التَّفْرِيعِ أَنَّ الْجِزْيَةَ أُجْرَةُ الدَّارِ مُشْتَقَّةٌ من جَزَاهُ بِمَعْنَى قَضَاهُ‏.‏

قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ مُشْتَقٌّ من الْجَزَاءِ إمَّا جَزَاءً على كُفْرِهِمْ لِأَخْذِهَا منهم صِغَارًا أو جَزَاءً على أَمَانِنَا لهم لِأَخْذِهَا منهم رِفْقًا‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا أَصَحُّ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو يَرْجِعُ إلَى أنها عُقُوبَةٌ أو أُجْرَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا عَبْدٍ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَحَكَاه ابن المنذر إجْمَاعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ عليه الْجِزْيَةُ إذَا كان لِكَافِرٍ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تَجِبُ على عبد الْمُسْلِمِ الذِّمِّيِّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُهُمَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَا تَلْزَمُ عَبْدًا وَعَنْهُ لِمُسْلِمٍ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا‏.‏

وفي التَّبْصِرَةِ عن الْخِرَقِيِّ تَلْزَمُ عَبْدًا مُسْلِمًا عن عَبْدِهِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَلْزَمُ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ بِقَدْرِ ما فيه من الْحُرِّيَّةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا في وُجُوبِ الْجِزْيَةِ على عَبْدٍ ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أو كَافِرٌ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فِيمَا إذَا كان الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا‏.‏

إحْدَاهُمَا تَجِبُ عليه الْجِزْيَةُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وإذا عَتَقَ لَزِمَتْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ سَوَاءٌ كان مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا هذا الصَّحِيحُ عن أَحْمَدَ انْتَهَيَا‏.‏

وقال في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَتُؤْخَذُ مِمَّنْ صَارَ أَهْلًا لها في آخِرِ الْحَوْلِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا جِزْيَةَ عليه قال الْخَلَّالُ هذا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عنه وَوَهَنَهَا‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا جِزْيَةَ عليه إذَا كان الْمُعْتِقُ له مُسْلِمًا‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ فَيُعْطَى حُكْمَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا فَقِيرٍ يَعْجِزُ عنها‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ نَصَّ عليه وَفِيهِ احْتِمَالٌ تَجِبُ عليه وَيُطَالَبُ بها إذَا أَيْسَرَ لِأَنَّهُ من أَهْلِ الْقِتَالِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان مُعْتَمِلًا وَجَبَتْ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ تَجِبُ على الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الْوُجُوبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَبْعَدُ دَلِيلًا وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَجِبُ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا تَجِبُ على فَقِيرٍ عَاجِزٍ لَا حِرْفَةَ له أو له حِرْفَةٌ لَا تَكْفِيهِ نَصَّ عليه‏.‏

وقال في مَكَان آخَرَ وَتَلْزَمُ الْفَقِيرَ الْمُحْتَرِفَ الْحِرْفَةَ التي تَقُومُ بِكِفَايَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ‏.‏

فائدة‏:‏

تَجِبُ الْجِزْيَةُ على الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَجِبُ عليه‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْكَافِي وَهَذَا الْمَذْهَبُ وأطلقهما في الْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لو بَانَ رَجُلًا أُخِذَتْ منه لِلْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ من ذَكَرَهُ منهم الْقَاضِي‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَلِلْمَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ بَلَغَ أو أَفَاقَ أو اسْتَغْنَى وَكَذَا لو عَتَقَ وَقُلْنَا عليه الْجِزْيَةُ فَهُوَ من أَهْلِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ هو مُخَيَّرٌ بين الْعَقْدِ وَبَيْنَ أَنْ يُرَدَّ إلَى مَأْمَنِهِ فَيُجَابُ إلَى ما يَخْتَارُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ منه في آخِرِ الْحَوْلِ بِقَدْرِ ما أَدْرَكَ‏.‏

يَعْنِي إذَا بَلَغَ أو أَفَاقَ أو اسْتَغْنَى في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَكَذَا لو عَتَقَ في أَثْنَائِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَنْهُ لَا جِزْيَةَ على عَتِيقٍ مُسْلِمٍ وَعَنْهُ وَعَتِيقٍ ذِمِّيٍّ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ كان يُجَنُّ ثُمَّ يُفِيقُ لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ فإذا بَلَغَتْ حَوْلًا أُخِذَتْ منه‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ إذَا لم يَتَعَسَّرْ ضَبْطُهُ‏.‏

وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهُ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إذَا كان يُجَنُّ وَيُفِيقُ لَا يَخْلُو عن ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ‏.‏

أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ غير مَضْبُوطٍ مِثْلَ من يُفِيقُ سَاعَةً من أَيَّامٍ أو من يَوْمٍ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِالْأَغْلَبِ‏.‏

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا مِثْلَ من يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمَيْنِ أو أَقَلَّ أو أَكْثَرَ إلَّا أَنَّهُ مَضْبُوطٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ من حَالِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُلَفَّقُ إفَاقَتُهُ فَعَلَى هذا الْوَجْهِ في أَخْذِ الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تُلَفَّقُ أَيَّامُهُ فإذا بَلَغَتْ حَوْلًا أُخِذَتْ منه‏.‏

وَالثَّانِي يُؤْخَذُ منه في آخِرِ كل حَوْلٍ بِقَدْرِ ما أَفَاقَ منه‏.‏

وَإِنْ كان يُجَنُّ ثُلُثَ الْحَوْلِ وَيُفِيقُ ثُلُثَيْهِ أو بِالْعَكْسِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ‏.‏

فإذا اسْتَوَتْ إفَاقَتُهُ وَجُنُونُهُ مِثْلَ من يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا أو يُجَنُّ نِصْفَ الْحَوْلِ وَيُفِيقُ نِصْفَهُ عَادَةً لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْأَغْلَبُ‏.‏

الْحَالُ الثَّالِثُ أَنْ يُجَنَّ نِصْفَ حَوْلٍ ثُمَّ يُفِيقُ إفَاقَةً مُسْتَمِرَّةً أو يُفِيقُ نِصْفَهُ‏.‏

ثُمَّ يُجَنُّ جُنُونًا مُسْتَمِرًّا فَلَا جِزْيَةَ عليه في الثَّانِي وَعَلَيْهِ في الْأَوَّلِ الْجِزْيَةُ بِقَدْرِ ما أَفَاقَ كما تَقَدَّمَ انْتَهَيَا‏.‏

قَوْلُهُ وَتُقْسَمُ الْجِزْيَةُ بَيْنَهُمْ فَيُجْعَلُ على الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا‏.‏

وقد تَقَدَّمَ أَنَّ مَرْجِعَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيُنْقِصَ على قَدْرِ ما يَرَاهُ فَلَا تَفْرِيعَ عليه‏.‏

وَتَفْرِيعُ الْمُصَنِّفِ هُنَا على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ مُقَدَّرَةٌ بِمِقْدَارٍ لَا يُزَادُ عليه وَلَا يَنْقُصُ منه وَهَذَا التَّقْدِيرُ على هذه الرِّوَايَةِ لَا نِزَاعَ فيه وهو تَقْدِيرُ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عن كُلٍّ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا دِينَارًا أو قِيمَتَهَا نَصَّ عليه لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فيها‏.‏

قَوْلُهُ وَالْغَنِيُّ منهم من عَدَّهُ الناس غَنِيًّا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وَقِيلَ الْغَنِيُّ من مَلَكَ نِصَابًا وَحَكَى رِوَايَةً‏.‏

وَقِيلَ من مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقِيلَ الْغَنِيُّ من مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارًا وَهِيَ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَنْ مَلَكَ دُونَهَا إلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَمُتَوَسِّطٌ وَمَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافٍ فما دُونَهَا فَفَقِيرٌ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ عُرْفًا جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ الذي قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى بَذَلُوا الْوَاجِبَ عليهم لَزِمَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ‏.‏

وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَيْضًا دَفْعُ من قَصَدَهُمْ بِأَذًى وَلَا مَطْمَعَ بِالذَّبِّ عَمَّنْ بِدَارِ الْحَرْبِ‏.‏

قال في التَّرْغِيبِ وَالْمُنْفَرِدُونَ بِبَلَدٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِبَلَدِنَا يَجِبُ ذَبُّ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ على الْأَشْبَهِ انْتَهَى‏.‏

وَلَوْ شَرَطْنَا أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ لم يَصِحَّ الشَّرْطُ‏.‏

وَيَأْتِي ذلك في أَثْنَاءِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ وَالْمَنْعُ من أَذَاهُمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ عنه الْجِزْيَةُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْإِيضَاحِ لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ‏.‏

قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ‏.‏

وَمَنَعَ في الِانْتِصَارِ وُجُوبَهَا أَصْلًا وَأَنَّهَا مُرَاعَاةٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ أُخِذَتْ من تَرِكَتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ يَسْقُطُ وَنَصَرَهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو مَاتَ في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ أنها تَسْقُطُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ تَجِبُ بِقِسْطِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا إذَا طَرَأَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ في آخِرِ الْحَوْلِ وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ وَتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ وَيُصْفَعُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُقْبَلُ منهم إرْسَالُهَا مع غَيْرِهِمْ لِزَوَالِ الصَّغَارِ عَنْهُمْ كما لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا بِنَفْسِهِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ على قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا فَإِنْ قِيلَ الْمَذْكُورُ مُسْتَحَقٌّ أو مُسْتَحَبٌّ‏.‏

قِيلَ فيه خِلَافٌ وَيَتَفَرَّعُ عليه عَدَمُ جَوَازِ التَّوْكِيلِ إنْ قِيلَ هو مُسْتَحَقٌّ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَكَذَا عَدَمُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْجِزْيَةِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَحْصُلُ بِأَدَاءِ الضَّامِنِ فَتَفُوتُ الْإِهَانَةُ وَإِنْ قِيلَ هو مُسْتَحَبٌّ انْعَكَسَتْ هذه الْأَحْكَامُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهَلْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِذِمِّيٍّ في أَدَاءِ جِزْيَتِهِ أو أَنْ يَضْمَنَهَا أو أَنْ يُحِيلَ الذي عليه بها يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ كما سَبَقَ انْتَهَى‏.‏

قُلْت فَعَلَى الْمَنْعِ يعايى بها في الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ‏.‏

وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ فَأَطْلَقُوا الِامْتِهَانَ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهِ وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الْأَصْحَابُ لَا نَأْمَنُ نَقْضَ الْأَمَانِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ من الْعِوَضِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وعند ‏[‏عند‏]‏ أبي الْخَطَّابِ يَصِحُّ وَيَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عليهم ضِيَافَةَ من يَمُرُّ بِهِمْ من الْمُسْلِمِينَ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ وَقَدْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْعَلَفِ وَعَدَدَ من يُضَافُ‏.‏

إذَا شَرَطَ عليهم الضِّيَافَةَ فَيَشْتَرِطُ تَبْيِينَ ذلك لهم كما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُبَيِّنُ لهم الْمَنْزِلَ وما هو على الْغِنَى وَالْفَقْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في ذلك كُلِّهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ إطْلَاقُ ذلك كُلِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَاخْتَارَهُ‏.‏

وَقِيلَ تُقْسَمُ الضِّيَافَةُ على قَدْرِ جِزْيَتِهِمْ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَعِبَارَتُهُمْ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ إطْلَاقُ ذلك كُلِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَاخْتَارَهُ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ شَرَطَ الضِّيَافَةَ مُطْلَقًا صَحَّ في الظَّاهِرِ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ إنْ أَطْلَقَ قَدْرَ الضِّيَافَةِ فَالْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَقْسِمُ الضِّيَافَةَ على قَدْرِ جِزْيَتِهِمْ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ ذلك من غَيْرِ شَرْطٍ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَجِبُ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَلْزَمُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بِلَا شَرْطٍ وَقِيلَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا يَزِيدُ على ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو جَعَلَ الضِّيَافَةَ مَكَانَ الْجِزْيَةِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْمُغْنِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَنَصَرَهُ لَكِنْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهَا أَقَلَّ من الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا الْجِزْيَةُ مُقَدَّرَةٌ الْأَقَلَّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ على ذلك جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهِمْ وما شَرَطَ عليهم أَقَرَّهُمْ عليه‏.‏

وَكَذَا لو قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لو كان ذلك ظَاهِرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاعْتُبِرَ في الْمُسْتَوْعِبِ ثُبُوتُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وإن ‏[‏وإذا‏]‏ لم يَعْرِفْ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ‏.‏

يَعْنِي وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ مَعَهُمْ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عَقْدَ الذِّمَّةِ مَعَهُمْ على ما يؤدى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ رَجَعَ عليهم‏.‏

بَابُ‏:‏ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ

فائدة‏:‏ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ بَذْلُ الْجِزْيَةِ وَالْتِزَامُ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ من جَرَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عليهم ‏[‏عليها‏]‏‏.‏

فَلِذَلِكَ قال الْمُصَنِّفُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ في ضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ عليهم فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ‏.‏

وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَعَنْهُ إنْ شَاءَ لم يُقِمْ عليهم حَدَّ زِنًى بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ اخْتَارَه ابن حامد وَمِثْلُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ بَعْضِهِمْ من بَعْضٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُلْزِمُهُمْ التَّمَيُّزَ عن الْمُسْلِمِينَ في شُعُورِهِمْ بِحَذْفِ مَقَادِمِ رؤوسهم ‏[‏رءوسهم‏]‏‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَا كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ هو حَلْقُ شَعْرِ التَّحْذِيفِ من الْعِذَارِ وَالنَّزْعَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَكُنَاهُمْ فَلَا يَكْتَنُوا بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ كَأَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي عبد اللَّهِ‏.‏

وَكَذَا أبو الْحَسَنِ وأبو بَكْرٍ وأبو مُحَمَّدٍ وَنَحْوُهَا وَكَذَا الْأَلْقَابُ كَعِزِّ الدِّينِ وَنَحْوِهِ يُمْنَعُونَ من ذلك كُلِّهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقد كَنَّى الْإِمَامُ أَحْمَدُ طَبِيبًا نَصْرَانِيًّا فقال يا أَبَا إِسْحَاقَ‏.‏

وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ بِهِ فإن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِأَسْقُفِ نَجْرَانَ يا أَبَا الْحَارِثِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وقال عُمَرُ رضي اللَّهُ عنه يا أَبَا حَسَّانَ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ بِالْجَوَازِ لِلْمَصْلَحَةِ وَيُحْمَلُ ما روى عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ بُدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ تَجُوزُ لِلْحَاجَةِ‏.‏

قال في الْآدَابِ رَأَيْته بِخَطِّ الزَّرِيرَانِيِّ وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو سَلَّمَ عليه ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ رُدَّ على سَلَامِي‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا مِثْلُ بُدَاءَتِهِمْ بِالسَّلَامِ قَوْلُهُ لهم كَيْفَ أَصْبَحْت وَكَيْفَ أَمْسَيْت وَكَيْفَ أنت وكيف ‏[‏كيف‏]‏ حَالُك نَصَّ عليه وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يَجُوزُ بِالنِّيَّةِ كما قَالَهُ الْخِرَقِيُّ يقول أَكْرَمَك اللَّهُ قال نعم يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ قَوْلُهُ هَدَاك اللَّهُ زَادَ أبو الْمَعَالِي وَأَطَالَ بَقَاءَك وَنَحْوُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمْ قِيلَ له وَعَلَيْكُمْ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ بِالْوَاوِ في وَعَلَيْكُمْ أَوْلَى وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا بِالْوَاوِ‏.‏

قُلْت جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال ابن الْقَيِّمِ في بَدَائِعِ الْ

فوائد‏:‏

وَأَحْكَامِ الذِّمَّةِ له وَالصَّوَابُ إثْبَاتُ الْوَاوِ وَبِهِ جَاءَتْ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَهَا الثِّقَاتُ الإثبات انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَيْكُمْ بِلَا وَاوٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا سَلَّمُوا على مُسْلِمٍ لَزِمَهُ الرَّدُّ عليهم قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَرُدُّ تَحِيَّتَهُ وقال يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ له أَهْلًا وَسَهْلًا وَجَزَمَ في مَوْضِعٍ آخَرَ بِمِثْلِ ما قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

الثَّانِيَةُ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُصَافَحَتَهُمْ قِيلَ له فَإِنْ عَطَسَ أَحَدُهُمْ يقول له يَهْدِيكُمْ اللَّهُ قال إيشَ يُقَالُ له كَأَنَّهُ لم يَرَهُ‏.‏

وقال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لم يَسْتَحِبَّهُ كما لَا يُسْتَحَبُّ بُدَاءَتُهُ بِالسَّلَامِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فيه الرِّوَايَتَانِ قال وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي يُكْرَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وابن عَقِيلٍ وَإِنَّمَا بَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ‏.‏

وَإِنْ شَمَّتَهُ كَافِرٌ أَجَابَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وفي تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ فَيُكْرَهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ في بَابِ الْجَنَائِزِ ولم يذكر رِوَايَةَ التَّحْرِيمِ‏.‏

وَذَكَرَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ رِوَايَةً بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَيُبَاحُ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَرَجَاءِ إسْلَامِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ وَأَنَّ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ يُعَادُ وَيُعْرَضُ عليه الْإِسْلَامُ‏.‏

قُلْت هذا هو الصَّوَابُ وقد عَادَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَبِيًّا يَهُودِيًّا كان يَخْدُمُهُ وَعَرَضَ عليه الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ‏.‏

نَقَلَ أبو دَاوُد أَنَّهُ إنْ كان يُرِيدُ أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَنَعَمْ‏.‏

وَحَيْثُ قُلْنَا يُعَزِّيهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ما يقول في تَعْزِيَتِهِمْ في آخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَيَدْعُو بِالْبَقَاءِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ‏.‏

زَادَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قَاصِدًا كَثْرَةَ الْجِزْيَةِ‏.‏

وقد كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الدُّعَاءَ بِالْبَقَاءِ وَنَحْوِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ لآنه شَيْءٌ فُرِغَ منه‏.‏

وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَيَسْتَعْمِلُه ابن عقيل وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ هُنَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُمْنَعُونَ من تَعْلِيَةِ الْبُنْيَانِ على الْمُسْلِمِينَ‏.‏

أَنَّهُ سَوَاءٌ كان الْمُسْلِمُ مُلَاصِقًا أو لَا وَسَوَاءٌ رضي الْجَارُ بِذَلِكَ أو لَا وهو صَحِيحٌ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ زَادَ بن الزَّاغُونِيِّ يَدُومُ بِدَوَامِ الْأَوْقَاتِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ رِضَاهُ سَقَطَ حَقُّ من يَحْدُثُ بَعْدَهُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ قِسْمَةُ مَنَافِعَ لَا تَلْزَمُ لِسُقُوطِ حَقِّ من يَحْدُثُ بَعْدَهُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وكذا لو كان الْبِنَاءُ لِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لآن ما لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِاجْتِنَابِهِ فَمُحَرَّمٌ‏.‏

فائدة‏:‏

لو خَالَفُوا وَفَعَلُوا وَجَبَ هَدْمُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وفي مُسَاوَاتِهِمْ وَجْهَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يُمْنَعُونَ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا يُعْلُونَ على جَارٍ مُسْلِمٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُمْنَعُونَ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً من مُسْلِمٍ لم يَجِبْ نَقْضُهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ نَقْضُهَا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وَلَوْ انْهَدَمَتْ هذه الدَّارُ أو هُدِمَتْ لم تُعَدْ عَالِيَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بَلَى‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو بَنَى مُسْلِمٌ دَارًا عِنْدَ دُورِهِمْ دُونَ بُنْيَانِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ من إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا‏.‏

وَاسْتَثْنَى الْأَصْحَابُ ما اشْتَرَطُوهُ فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا على أنها لنا‏.‏

فائدة‏:‏

في لُزُومِ هَدْمِ الْمَوْجُودِ منها في الْعَنْوَةِ وَقْتَ فَتْحِهَا وَجْهَانِ وَهُمَا في التَّرْغِيبِ إنْ لم يُقِرَّ بِهِ أُخِذَ بِجِزْيَةٍ وَإِلَّا لم يَلْزَمْ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَبَقَاؤُهُ ليس تَمْلِيكًا فَيَأْخُذُهُ لِمَصْلَحَةٍ‏.‏

وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَإِلَيْهِ مَالَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَوَازَ هَدْمِهَا مع عَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْنَا‏.‏

وَقِيلَ يُمْنَعُ من هَدْمِهَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَشْهَرُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُونَ من رَمِّ شَعَثِهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْكَافِي وقال رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ الْمَنْعُ من ذلك اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال ابن هُبَيْرَةَ كَمَنْعِ الزِّيَادَةِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَنَصَرَهَا الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وفي بِنَاءِ ما اسْتُهْدِمَ منها وَلَوْ كُلَّهَا رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا الْمَنْعُ من ذلك وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ‏.‏

قال ابن هُبَيْرَةَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَيُمْنَعُ من بِنَائِهَا إذَا انْهَدَمَتْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ ذلك قال في الْخُلَاصَةِ وَيَبْنُونَ ما اسْتُهْدِمَ على الْأَصَحِّ وقال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ عن الْخِلَافِ بِنَاءً على أَنَّ الْإِعَادَةَ هل هِيَ اسْتِدَامَةٌ أو إنْشَاءٌ‏.‏

وَقِيلَ إنْ جَازَ بِنَاؤُهَا جَازَ بِنَاءُ بِيعَةٍ مُسْتَهْدَمَةٍ بِبَلَدٍ فَتَحْنَاهُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَلَوْ فُتِحَ بَلَدٌ عَنْوَةً وَفِيهِ كَنِيسَةٌ مُنْهَدِمَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ بِنَاؤُهَا فيه طَرِيقَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ منه مُطْلَقًا‏.‏

وَالثَّانِي بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حُكْمُ الْمَهْدُومِ ظُلْمًا حُكْمُ الْمَهْدُومِ بِنَفْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَقِيلَ يُعَادُ الْمَهْدُومُ ظُلْمًا قال في الْفُرُوعِ وهو أَوْلَى‏.‏

الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ من إظْهَارِ الْمُنْكَرِ وَضَرْبِ النَّاقُوسِ وَالْجَهْرِ بِكِتَابِهِمْ‏.‏

يَعْنِي يَجِبُ الْمَنْعُ من ذلك كُلِّهِ‏.‏

وَيُمْنَعُونَ أَيْضًا من إظْهَارِ عِيدٍ وَصَلِيبٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ على مَيِّتٍ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيُمْنَعُونَ من إظْهَارِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ في رَمَضَانَ‏.‏

وَاخْتَارَه ابن الصَّيْرَفِيِّ وَنَقَلَهُ عن الْقَاضِي‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقد يَكُونُ هذا مَبْنِيًّا على تَكْلِيفِهِمْ قال وَالْأَظْهَرُ يُمْنَعُونَ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ انْتَهَى‏.‏

قُلْت هذا مِمَّا يُقْطَعُ بِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ من إظْهَارِ ذلك فَقَطْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك فِيمَنْ أُبِيحَ له الْفِطْرُ من الْمُسْلِمِينَ في أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لم يُفْطِرْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ في رَمَضَانَ مُنِعُوا ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ وَظَاهِرُهُ لَا في غَيْرِ سُوقِنَا إنْ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ‏.‏

‏.‏

وَيُمْنَعُونَ أَيْضًا من إظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ أَظْهَرُوهُمَا أَتْلَفْنَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا نَصَّ عليه‏.‏

وَيُمْنَعُونَ أَيْضًا من شِرَاءِ الْمُصْحَفِ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَكِتَابُ حَدِيثٍ وَفِيهِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَامْتِهَانُ ذلك وَلَا يَصِحَّانِ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَقِيلَ في الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَجْهَانِ‏.‏

وَاقْتَصَرَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ على الْمُصْحَفِ وَسُنَنِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم‏.‏

وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْتَرُوا ثَوْبًا مُطَرَّزًا بِذِكْرِ اللَّهِ أو كَلَامِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ وَالْبُطْلَانُ‏.‏

وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَعْلِيمُهُمْ الْقُرْآنَ لَا الصَّلَاةَ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم‏.‏

وَالْمَنْصُوصُ التَّحْرِيمُ على ما يَأْتِي قَرِيبًا وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَتَعْلِيمُهُمْ بَعْضَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْكَرَاهَةُ أَظْهَرُ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ من دُخُولِ الْحَرَمِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ غير مُكَلَّفٍ‏.‏

وَقِيلَ لهم دُخُولُهُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِالْمَنْعِ من الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا الْحَرَمِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ‏.‏

وَقِيلَ يُمْنَعُونَ من دُخُولِ الْحَرَمِ إلَّا لِضَرُورَةٍ‏.‏

وقال ابن الْجَوْزِيِّ يُمْنَعُونَ من دُخُولِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ‏.‏

قال ابن تَمِيمٍ في أَوَاخِرِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ ليس لِلْكَافِرِ دُخُولُ الْحَرَمَيْنِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَطَعَ بِه ابن حامد‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ من دُخُولِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وهو صَحِيحٌ فَيَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ قُلْت بِإِذْنِ مُسْلِمٍ‏.‏

وَقِيلَ يُمْنَعُونَ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ وحكى عن بن حَامِدٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَيُمْنَعُونَ من الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ الْحِجَازَ هو الْحَاجِزُ بين تِهَامَةَ وَنَجْدٍ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ وَفَدَكَ وما وَالَاهَا من قُرَاهَا‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْهُ تَبُوكُ وَنَحْوُهَا وما دُونَ الْمُنْحَنَى وهو عَقَبَةُ الصَّوَّانِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلُوا لِلتِّجَارَةِ لم يُقِيمُوا في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ اكثر من أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ‏.‏

هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقِيمُونَ أَكْثَرَ من ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فعليهما ‏[‏فعليه‏]‏ إنْ كان له دَيْنٌ حَالٌّ أَجْبَرَ غَرِيمَهُ على وَفَائِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَفَاؤُهُ لِمَطْلٍ أو تَغَيُّبٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ له الْإِقَامَةُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ‏.‏

قُلْت لو أَمْكَنَ الِاسْتِيفَاءُ بِوَكِيلٍ مُنِعَ من الْإِقَامَةِ‏.‏

وَإِنْ كان دَيْنُهُ مُؤَجَّلًا لم يُمَكَّنْ من الْإِقَامَةِ وَيُوَكِّلُ من يَسْتَوْفِيهِ‏.‏

قُلْت فَيَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ من الْإِقَامَةِ إذَا تَعَذَّرَ الْوَكِيلُ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وَعَنْهُ إنْ مَرِضَ لم يُخْرَجْ حتى يَبْرَأَ‏.‏

يَعْنِي يَجُوزُ إقَامَتُهُ حتى يَبْرَأَ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ وَتَجُوزُ الْإِقَامَةُ أَيْضًا لِمَنْ يُمَرِّضُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُدْفَنُ بِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ شَقَّ نَقْلُ الْمَرِيضِ وَالْمَيِّتِ جَازَ إبْقَاءُ الْمَرِيضِ وَدَفْنُ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ لهم دُخُولُ الْمَسَاجِدِ‏.‏

يَعْنِي مَسَاجِدَ الْحِلِّ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

إحْدَاهُمَا ليس لهم دُخُولهَا مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا أَظْهَرُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ كَاسْتِئْجَارِهِ لِبِنَائِهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمُذْهَبِ‏.‏

قال في الشَّرْحِ جَازَ في الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْكَافِي وَتَبِعَه ابن منجا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ إذَا كان لِمَصْلَحَةٍ‏.‏

وَقَدَّمَ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ الْجَوَازَ لِحَاجَةٍ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لهم دُخُولُهَا بِلَا إذْنِ مُسْلِمٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا أَصَحُّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ هذا أَظْهَرُ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بِلَا إذْنٍ إذَا كان لِمَصْلَحَةٍ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هل يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ دُخُولُ مَسَاجِدِ الْحِلِّ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

فَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ وَكَلَامِ الْقَاضِي يَقْتَضِي جَوَازَهُ مُطْلَقًا لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ لِيَرِقَّ قَلْبُهُ وَيُرْجَى إسْلَامُهُ‏.‏

وقال أبو الْمَعَالِي إنْ شُرِطَ الْمَنْعُ في عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مُنِعُوا وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَرَوَى أَحْمَدُ عن النبي عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا يَدْخُلُ مَسَاجِدَنَا بَعْدَ عَامِنَا هذا غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَخَدَمِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَكُونُ لنا رِوَايَةٌ بِالتَّفْرِقَةِ بين الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال في الْآدَابِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ ظَهَرَ من هذا أَنَّهُ هل يَجُوزُ لِكَافِرِ دُخُولُ مَسَاجِدِ الْحِلِّ فيه رِوَايَتَانِ ثُمَّ هل الْخِلَافُ في كل كَافِرٍ أو في أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَطْ فيه طَرِيقَتَانِ وَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ مع إذْنِ مُسْلِمٍ لِمَصْلَحَةٍ أو لَا يُعْتَبَرُ أو يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُسْلِمِ فَقَطْ فيه ثَلَاثُ طُرُقٍ انْتَهَى‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ منهم من أَطْلَقَهَا يَعْنِي الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ وَمِنْهُمْ من قَيَّدَهَا بِالْمَصْلَحَةِ وَمِنْهُمْ من جَوَّزَ ذلك بِإِذْنِ مُسْلِمٍ وَمِنْهُمْ اعْتَبَرَهُمَا مَعًا انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ هل يَجُوزُ دُخُولُهَا وهو جُنُبٌ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ الْغُسْلِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَقَدَّمَ هذا هُنَاكَ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فإنه مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ ابْتِذَالَهَا بِأَكْلٍ وَنَوْمٍ ذَكَرَهُ في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يجوز ‏[‏ويجوز‏]‏ اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ لِعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَكَلَامُ الْقَاضِي في أَحْكَامِ الْقُرْآنِ يدل ‏[‏دل‏]‏ على أَنَّهُ لَا يَجُوزُ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُمْنَعُونَ من قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وقال الْقَاضِي في التَّخْرِيجِ لَا يُمْنَعُونَ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا على أَنَّهُمْ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ‏.‏

وَيَأْتِي هل يَصِحُّ إصْدَاقُ الذِّمِّيَّةِ إقْرَاءَ الْقُرْآنِ في الصَّدَاقِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّجَرَ ذِمِّيٌّ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا أُخِذَ منه الْعُشْرُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً يَلْزَمُ الذِّمِّيَّ الْعُشْرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَاضِحِ‏.‏

وَذَكَرَ بن هُبَيْرَةَ عنه يَجِبُ الْعُشْرُ على الْحَرْبِيِّ ما لم يَشْتَرِطْ أَكْثَرَ‏.‏

وفي الْوَاضِحِ يُؤْخَذُ من الْحَرْبِيِّ الْخُمُسُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ من تَاجِرِ الْمِيرَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا شَيْءٌ إذَا كان حَرْبِيًّا اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ لِلْإِمَامِ تَرْكَ الْعُشْرِ عن الْحَرْبِيِّ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ من ذلك إلَّا بِشَرْطٍ وَتَرَاضٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ الذِّمِّيُّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ يُؤْخَذُ منه الْجِزْيَةُ وفي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا شَيْءَ عليهم غَيْرُهَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا‏.‏

وَالثَّانِيَةُ عليهم نِصْفُ الْعُشْرِ في أَمْوَالِهِمْ‏.‏

وَعَلَى ذلك هل يَخْتَصُّ ذلك بِالْأَمْوَالِ التي يَتَّجِرُونَ بها إلَى غَيْرِ بَلَدِنَا على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَخْتَصُّ بها‏.‏

وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ في ذلك وَفِيمَا لَا يَتَّجِرُونَ بِهِ من أَمْوَالِهِمْ وَثِمَارِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ‏.‏

قال وَأَهْلُ الْحَرْبِ إذَا دَخَلُوا إلَيْنَا تُجَّارًا بِأَمَانٍ أُخِذَ منهم الْعُشْرُ دَفْعَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ عَشَّرُوا هُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلَتْ إلَيْهِمْ أَمْ لَا‏.‏

وَعَنْهُ إنْ فَعَلُوا ذلك بِالْمُسْلِمِينَ فَعَلَ بِهِمْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

وَأُخِذَ الْعُشْرُ منهم من الْمُفْرَدَاتِ قال نَاظِمُهَا‏.‏

وَالْكَافِرُ التَّاجِرُ إنْ مَرَّ على *** عَاشِرِنَا نَأْخُذُ عُشْرًا انْجَلَى

حتى وَلَوْ لم ذَا عليهم شَرْطًا *** أو لم يَبِيعُوا عِنْدَنَا ما سَقَطَا

أو لم يَكُونُوا يفعلون ‏[‏يفعلوا‏]‏ ذَاكَ بِنَا *** هذا هو الصَّحِيحُ من مَذْهَبِنَا

انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الذِّمِّيَّ التَّغْلِبِيَّ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وهو أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْكَافِي وَذَلِكَ ضِعْفُ ما على الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُ التَّغْلِبِيَّ الْعُشْرُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ بِخِلَافِ ذِمِّيٍّ غَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قال النَّاظِمُ وهو بَعِيدٌ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّاجِرَةَ كَالرَّجُلِ في جَمِيعِ ما تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وقال الْقَاضِي ليس على الْمَرْأَةِ عُشْرٌ وَلَا نِصْفُ عُشْرٍ إلَّا إذَا دَخَلَتْ الْحِجَازَ تَاجِرَةً فَيَجِبُ عليها ذلك لِمَنْعِهَا منه‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ لَا نَعْرِفُ هذا التَّفْصِيلَ عن أَحْمَدَ وَلَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ الصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَمْنَعُ دَيْنُ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ كما يَمْنَعُ الزَّكَاةَ إنْ ثَبَتَ ذلك بِبَيِّنَةٍ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو كان معه جَارِيَةٌ فَادَّعَى أنها زَوْجَتُهُ أو ابْنَتُهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَمْ لَا فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُصَدَّقُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْح ابن رَزِينٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ ذلك لَا يُعْرَفُ إلَّا من جِهَتِهِ

‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُصَدَّقُ وقال في الرَّوْضَةِ لَا عُشْرَ في زَوْجَتِهِ وَسُرِّيَّتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ من أَقَلَّ من عَشَرَةِ دَنَانِيرَ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كان التَّاجِرُ ذِمِّيًّا أو حَرْبِيًّا نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ من أَقَلَّ من عِشْرِينَ دِينَارًا وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ في تِجَارَتَيْهِمَا‏.‏

قُلْت اخْتَارَه ابن حامد وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَأُطْلِقَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ‏.‏

وَذُكِرَ في التَّبْصِرَةِ عن الْقَاضِي أَنَّهُ قال إنْ بَلَغَتْ تِجَارَتُهُ دِينَارًا فَأَكْثَرَ وَجَبَ فيه‏.‏

إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ مُسَاوٍ لِلذِّمِّيِّ في هذه الْأَقْوَالِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هذه الْأَقْوَالَ في الذِّمِّيِّ وَإِنْ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا وَبَلَغَتْ تِجَارَتُهُ كَذِمِّيٍّ انْتَهَى‏.‏

وَنَقَلَ صَالِحٌ اعْتِبَارَ الْعِشْرِينَ لِلذِّمِّيِّ وَالْعَشَرَةِ لِلْحَرْبِيِّ‏.‏

وقال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ يُعَشَّرُ لِلذِّمِّيِّ بِعَشَرَةٍ وَلِلْحَرْبِيِّ خمسة ‏[‏بخمسة‏]‏ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يَجِبُ في نِصْفِ ما يَجِبُ في مِقْدَارِهِ من الذِّمِّيِّ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ في كل عَامٍ مَرَّةً‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

قال في الْكَافِي هذا الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ أَيْضًا‏.‏

وقال ابن حَامِدٍ يُؤْخَذُ من الْحَرْبِيِّ كلما دخل إلَيْنَا وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا‏.‏

وَظَاهِرُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ الْإِطْلَاقُ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُعَشَّرُ ثَمَنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وَعَنْهُ يُعَشَّرَانِ جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَالْغُنْيَةِ وَزَادُوا أَنَّهُ يُؤْخَذُ عُشْرُ ثَمَنِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَخَرَّجَ الْمَجْدُ يُعَشَّرُ ثَمَنُ الْخَمْرِ دُونَ الْخِنْزِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ وَالْمَنْعُ من أَذَاهُمْ وَاسْتِنْقَاذُ من أُسِرَ منهم‏.‏

يَلْزَمُ الْإِمَامَ حِمَايَتُهُمْ من مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزُ وَالْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَأَمَّا اسْتِنْقَاذُ من أُسِرَ منهم فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِلُزُومِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وقال الْقَاضِي إنَّمَا يَجِبُ فِدَاؤُهُمْ إذَا اسْتَعَانَ بِهِمْ الْإِمَامُ في الْقِتَالِ فَسُبُوا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مع بَعْضٍ أو اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ خُيِّرَ بين الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ تَرْكِهِمْ‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ أَعْنِي الْخِيرَةَ في الْحُكْمِ وَعَدَمِهِ وَبَيْنَ الِاسْتِعْدَاءِ وَعَدَمِهِ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ عنه‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ الأعداء وَالْحُكْمُ بَيْنَهُمْ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي‏.‏

وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ وَإِلَّا خُيِّرَ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ تَظَالَمُوا في حَقِّ آدَمِيٍّ لَزِمَهُمْ الْحُكْمُ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ قال في الْمُحَرَّرِ وهو أَصَحُّ عِنْدِي‏.‏

وقال في الرَّوْضَةِ في إرْثِ الْمَجُوسِ يُخَيَّرُ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ التَّخْيِيرُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُ ما تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ على الْخِلَافِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ وَيَلْزَمُهُمْ حُكْمُنَا لَا شَرِيعَتُنَا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَتَى قُلْنَا له الْخِيرَةُ جَازَ له أَنْ يعدى وَيَحْكُمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا كما لو كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ اتِّفَاقًا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يوم السَّبْتِ ذَكَرَه ابن عقيل أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ أو لَا يُحْضِرُهُ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ السَّبْتَ مُسْتَثْنًى من عَمَلٍ في إجَارَةٍ ذَكَرَ ذلك في الْفُرُوعِ وَاقْتَصَرَ عليه قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وفي بَقَاءِ تَحْرِيمِ يَوْمِ السَّبْتِ عليهم وَجْهَانِ‏.‏

وَيَأْتِي هذا أَيْضًا في بَابِ الْوَكَالَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو تَحَاكَمَ إلَيْنَا مُسْتَأْمَنَانِ خُيِّرَ في الْحُكْمِ وَعَدَمِهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَايَعُوا بُيُوعًا فَاسِدَةً وَتَقَابَضُوا لم يُنْقَضْ فِعْلُهُمْ وَإِنْ لم يَتَقَابَضُوا فَسَخَهُ سَوَاءٌ كان قد حَكَمَ بَيْنَهُمْ حَاكِمُهُمْ أو لَا‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ إذَا لم يَتَقَابَضُوا بُيُوعَهُمْ وَكَانَتْ فَاسِدَةً يَفْسَخُهَا‏.‏

وَلَوْ كان قد أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِالْقَبْضِ نَفَذَ حُكْمُهُ وَهَذَا لِالْتِزَامِهِمْ بِحُكْمِهِ لَا لِلُزُومِهِ لهم‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَغْوٌ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ وهو الْإِسْلَامُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ هُمَا رِوَايَتَانِ‏.‏

وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ الْقَبْضَ اُحْتُمِلَ نَقْضُهُ وَإِمْضَاؤُهُ انْتَهَى‏.‏

وَعَنْهُ في الْخَمْرِ الْمَقْبُوضَةِ دُونَ ثَمَنِهَا يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ أو وَارِثِهِ بِخِلَافِ خِنْزِيرٍ لِحُرْمَةِ عَيْنِهِ فَلَوْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ فَلَهُ الثَّمَنُ قَالَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ لِثُبُوتِهِ قبل إسْلَامِهِ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أو تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ لم يُقِرَّ ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه‏.‏

هذه إحْدَى الرِّوَايَاتِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ منه إلَّا الْإِسْلَامُ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَا يُقِرُّ على غَيْرِ الْإِسْلَامِ‏.‏

وَعَنْهُ يُقِرُّ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ‏.‏

وَعَنْهُ يُقِرُّ على أَفْضَلِ مِمَّا كان عليه كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ في وَجْهٍ ذَكَرَهُ في الْوَسِيلَةِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اتَّفَقُوا على التَّسْوِيَةِ بين الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ لِتَقَابُلِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا حَيْثُ قُلْنَا لَا يُقِرُّ فِيمَا تَقَدَّمَ وأبي هُدِّدَ وَضُرِبَ وَحُبِسَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ وهو رِوَايَةٌ في الشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

الثَّانِي حَيْثُ قُلْنَا يُقْتَلُ فَهَلْ يُسْتَتَابُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى الِاسْتِتَابَةُ لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أو انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لم يُقِرَّ‏.‏

إذَا انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لم يُقَرَّ عليه هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قُلْت وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِه ابن منجا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ يُقَرُّ على دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عليه كما إذَا تَمَجَّسَ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَجَزَمَ بِه ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه‏.‏

وَعَنْهُ يُقْبَلُ منه أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْإِسْلَامُ أو الدِّينُ الذي كان عليه أو دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

واما إذَا انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لم يُقِرَّ عليه ولم يُقْبَلْ منه إلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ وهو الْمَذْهَبُ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ جَزَمَ بِه ابن منجا في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ‏.‏

وَعَنْهُ يُقْبَلُ منه الْإِسْلَامُ أو دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ‏.‏

وَعَنْهُ أو دِينُهُ الْأَوَّلُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ أُقِرَّ‏.‏

إذَا انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَجُوسِيًّا أو غير مَجُوسِيٍّ فَإِنْ كان غير مَجُوسِيٍّ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَرُّ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ انْتَقَلَ غَيْرُ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٌّ إلَى دِينِهِمَا قبل البعث ‏[‏البعثة‏]‏ فَلَهُ حُكْمُهَا وَكَذَا بَعْدَهَا‏.‏

وَعَنْهُ إنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ وَعَنْهُ وَإِنْ تَمَجَّسَ انْتَهَى‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ منه إلَّا الْإِسْلَامُ‏.‏

فَإِنْ لم يُسْلِمْ قُتِلَ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ‏.‏

وَإِنْ كان مَجُوسِيًّا فَانْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَرُّ نَصَّ عليه‏.‏

قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ منه إلَّا الْإِسْلَامُ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو دِينُهُ الذي كان عليه وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ تَمَجَّسَ الْوَثَنِيُّ فَهَلْ يُقَرُّ على رِوَايَتَيْنِ

‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

إحْدَاهُمَا يُقَرُّ عليه وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ منه إلَّا الْإِسْلَامُ أو السَّيْفُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لو تَهَوَّدَ أو تَنَصَّرَ أو تَمَجَّسَ كَافِرٌ قبل الْبِعْثَةِ وَقَبْلَ التَّبْدِيلِ أُقِرَّ بِلَا نِزَاعٍ وَأُخِذَتْ منه الْجِزْيَةُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَإِنْ كان قبل الْبِعْثَةِ وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ فَهَلْ هو كما قبل التَّبْدِيلِ أو كما بَعْدَ الْبِعْثَةِ فيه خِلَافٌ سَبَقَ في بَابِ الْجِزْيَةِ‏.‏

وَإِنْ كان بَعْدَ الْبِعْثَةِ أو قَبْلَهَا وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كما بَعْدَ الْبِعْثَةِ فَهَذَا مَحَلُّ هذه الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هو في هذا الْأَخِيرِ فَلْيُعْلَمْ ذلك صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ ال

تنبيه‏:‏

على بَعْضِ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ وإذا امْتَنَعَ الذِّمِّيُّ من بَذْلِ الْجِزْيَةِ أو الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ هذا الشَّرْطَ لِغَيْرِهِ انْتَهَى‏.‏

وكذا لو أَبَى من الصَّغَارِ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

وَكَذَا لو لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُقِيمًا بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ‏.‏

وَكَذَا لو قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ بِلَا خِلَافٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى على مُسْلِمٍ بِقَتْلٍ أو قَذْفٍ أو زِنًا أو قَطْعِ طَرِيقٍ أو تَجَسُّسٍ أو إيوَاءِ جَاسُوسٍ أو ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أو كِتَابِهِ أو رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِسُوءٍ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَكَذَلِكَ لو فَتَنَ مُسْلِمًا عن دِينِهِ أو أَصَابَ مُسْلِمَةً بِاسْمِ نِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَة وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ولم يذكر الْقَذْفَ في الْكَافِي وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ بَلْ عَدَّا ذلك ثَمَانِيَةً ولم يَذْكُرَاهُ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ في غَيْرِ الْقَذْفِ وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ شُرِطَ عليهم أو لَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو حَفْصٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يُنْتَقَضُ على الْمَنْصُوصِ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَيَّدَ أبو الْخَطَّابِ الْقَتْلَ بِالْعَمْدِ وهو حَسَنٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْإِطْلَاقُ‏.‏

وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ ما لم يُشْتَرَطْ عليهم لَكِنْ يُقَامُ‏.‏

عليه الْحَدُّ فِيمَا يُوجِبُهُ وَيُقْتَصُّ منه فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَيُعَزَّرُ فِيمَا سِوَى ذلك بِمَا يَنْكَفُّ بِهِ أَمْثَالُهُ عن فِعْلِهِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ إنْ لم نَنْقُضْهُ في غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ أو كِتَابِهِ أو رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِسُوءٍ وَشَرَطَ عليه فَوَجْهَانِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ النَّقْضَ بِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ‏.‏

وَأَمَّا الْقَذْفُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ عَهْدُهُ بِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ يُنْقَضُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وهو أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

وَذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وَحَكَى أبو مُحَمَّدٍ رِوَايَةً في الْمُقْنِعِ بِالنَّقْضِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مُخَرِّجَهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ في الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَإِنْ قَذَفَ مُسْلِمًا لم يُنْقَضْ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ بَلَى وَإِنْ فَتَنَهُ عن دِينِهِ وَعَدَّدَ ما تَقَدَّمَ اُنْتُقِضَ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ بِنَاءً على نَصِّهِ في الْقَذْفِ وَالْأَصَحُّ التَّفْرِقَةُ انْتَهَى‏.‏

وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ إذَا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ وَعَدَّدَ ما تَقَدَّمَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ نَصًّا وَخَرَجَ لَا من قَذْفِ مُسْلِمٍ نَصًّا وَقَدَّمَ هذه الطَّرِيقَةَ في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ ما إذَا سَحَرَهُ فَآذَاهُ في تَصَرُّفِهِ حُكْمُ الْقَذْفِ نَصَّ عَلَيْهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَظْهَرَ مُنْكَرًا أو رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابِهِ وَنَحْوِهِ لم يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الشَّارِحُ قال غَيْرُ الْخِرَقِيِّ من أَصْحَابِنَا لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ واختاره ‏[‏واختار‏]‏ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ إنْ كان مَشْرُوطًا عليهم وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا حُكْمُ كل ما شُرِطَ عليهم فَخَالَفُوهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ بين الْخِرَقِيِّ وَالْجَمَاعَةِ إذَا اشْتَرَطَ عليهم‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ لَا خِلَافَ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا لم يَشْتَرِطْ عليهم لَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُمْ وَإِنْ اشْتَرَطَ عليهم فَقَوْلَانِ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أتى بِمَا مُنِعَ منه في الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ فيه وَجْهَانِ وَإِنْ لَزِمَ أو شُرِطَ تَرْكُهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ‏.‏

وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَ في مُنَاظَرَاتِهِ في رَجْمِ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا يَحْتَمِلُ نَقْضُ الْعَهْدِ وَيُنْتَقَضُ بِإِظْهَارِ ما أُخِذَ عليهم سَتْرُهُ مِمَّا هو دِينٌ لهم فَكَيْفَ بِإِظْهَارِ ما ليس بِدَيْنٍ انْتَهَى‏.‏

وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ مع الشَّرْطِ فَقَطْ‏.‏

قال ابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ يَلْزَمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ ما ذُكِرَ في شُرُوطِ عُمَرَ وَذَكَرَه ابن رزين‏.‏

لَكِنْ قال ابن شِهَابٍ من أَقَامَ من الرُّومِ في مَدَائِنِ الشَّامِ لَزِمَتْهُمْ هذه الشُّرُوطُ شُرِطَتْ عليهم أو لَا قال وما عَدَا الشَّامَ فقال الْخِرَقِيُّ إنْ شُرِطَ عليهم في عَقْدِ الذِّمَّةِ‏.‏

اُنْتُقِضَ الْعَهْدُ بِمُخَالَفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ قال وَمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ بِمُخَالَفَةِ شَيْءٍ مِمَّا صُولِحُوا عليه حَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في نَصْرَانِيٍّ لَعَنَ مُسْلِمًا تَجِبُ عُقُوبَتُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ وَأَمْثَالُهُ عن ذلك وفي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَوْلٌ يُقْتَلُ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ في الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَسَوَاءٌ لَحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أو لَا نَقَلَهُ عبد اللَّهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ‏.‏

وقال في الْعُمْدَةِ وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ في أَوْلَادِهِ كَوَلَدٍ حَادِثٍ بَعْدَ نَقْضِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ نَقَلَهُ عبد اللَّهِ‏.‏

ولم يُقَيِّدْ في الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ الْوَلَدَ الْحَادِثَ بِدَارِ الْحَرْبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ وَلَوْ عَلِمُوا بِنَقْضِ عَهْدِ أَبِيهِمْ أو زَوْجِهِنَّ ولم يُنْكِرُوهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ يُنْتَقَضُ إذَا عَلِمُوا ولم يُنْكِرُوا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الصُّغْرَى كَالْهُدْنَةِ‏.‏

قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحِلَّهُمَا في الْمُمَيِّزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَحَصَلَ له ذُرِّيَّةٌ عِنْدَنَا ثُمَّ نُقِضَ الْعَهْدُ فَهُوَ كَذِمِّيٍّ ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَقْضُ عَهْدِهِ في ذُرِّيَّتِهِ في الْمُهَادَنَةِ‏.‏

وَكَذَا من لم يُنْكِرْ عليهم أو لم يغير ‏[‏يغزلهم‏]‏ لهم أو لم يُخْبِرْ بِهِ الْإِمَامَ وَنَحْوُهُ في بَابِ الْهُدْنَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا انْتَقَضَ عَهْدُهُ خُيِّرَ الْإِمَامُ فيه كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ‏.‏

فَيُخَيَّرُ فيه كما تَقَدَّمَ في أَثْنَاءِ كِتَابِ الْجِهَادِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِه ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ هذا الْمَنْصُوصُ‏.‏

قُلْت هو الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ من نَقَضَ الْعَهْدَ بِغَيْرِ الْقِتَالِ أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُ من سَبَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم‏.‏

قُلْت وَهَذَا هو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وابن الْبَنَّا في الْخِصَالِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرُ وَالنَّظْمُ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ على الْمَذْهَبِ وَإِنْ أَسْلَمَ‏.‏

قال الشَّارِحُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ سَبَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عليه‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ ولم يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأَمَّا إنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فإنه يَكُونُ كَالْأَسِيرِ الْحَرْبِيِّ قَوْلًا وَاحِدًا جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ وفي مَالِهِ الْخِلَافُ الْآتِي قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ إذَا رُقَّ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ مَالٌ في بَلَدِ الْإِسْلَامِ ما حُكْمُهُ في بَابِ الْأَمَانِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَسْلَمَ من انْتَقَضَ عَهْدُهُ حَرُمَ قَتْلُهُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَالْمُرَادُ غَيْرُ السَّابِّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإنه يُقْتَلُ وَلَوْ أَسْلَمَ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ عَمَّنْ حَرُمَ قَتْلُهُ وَكَذَا يَحْرُمُ رِقُّهُ‏.‏

وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ رُقَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَقِيَ رِقُّهُ‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ أَحْمَدَ قال فِيمَنْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ يُقْتَلُ قِيلَ له فَإِنْ أَسْلَمَ قال يُقْتَلُ وَإِنْ أَسْلَمَ هذا قد وَجَبَ عليه‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا فِيمَنْ قَهَرَ قَوْمًا من الْمُسْلِمِينَ وَنَقَلَهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْمُحَارِبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَالُهُ فَيْءٌ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَيُنْقَضُ عَهْدُهُ في مَالِهِ كما يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ في نَفْسِهِ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَاهُ في أَثْنَاءِ بَابِ الْأَمَانِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ في بَابِ نَقْضِ الْعَهْدِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ في مَالِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ له وَرَثَةٌ فَهُوَ فَيْءٌ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ إرْثٌ فإذا تَابَ قبل قَتْلِهِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُذَهَّبِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا‏.‏

وقال وَقِيلَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مَبْنِيٌّ على انْتِقَاضِ الْعَهْدِ في الْمَالِ بِنَقْضِهِ في صَاحِبِهِ فَإِنْ قِيلَ يُنْتَقَضُ كان فَيْئًا وَإِنْ قِيلَ لَا يُنْتَقَضُ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت هذه طَرِيقَةُ صَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَمَاعَةٍ‏.‏