فصل: فائدة: (حكم قول العامل في إثبات الربح وعدمه)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الشَّرِكَةِ

فَوَائِدُ‏:‏ الْأُولَى‏:‏ الشَّرِكَةُ عِبَارَةٌ عن اجْتِمَاعٍ في اسْتِحْقَاقٍ أو تَصَرُّفٍ فَالْأَوَّلُ شَرِكَةُ مِلْكٍ أو اسْتِحْقَاقٍ وَالثَّانِي شَرِكَةُ عُقُودٍ وَهِيَ الْمُرَادُ هُنَا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ الْكِتَابِيِّ إذَا ولى الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَكَرِهَهَا الْأَزَجِيُّ‏.‏ وَقِيلَ تُكْرَهُ مُشَارَكَتُهُ إذَا كان غير ذِمِّيٍّ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ الْمَجُوسِيِّ نَصَّ عليه‏.‏ قُلْت وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَثَنِيُّ وَمَنْ في مَعْنَاهُ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ من في مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ تَحْرُمُ جرم بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَجَعَلَهُ الْأَزَجِيُّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ‏.‏

وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ الْحَرَامُ الثُّلُثَ حَرُمَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِلَّا كُرِهَتْ‏.‏

الْخَامِسَةُ‏:‏ قِيلَ الْعِنَانُ مُشْتَقٌّ من عَنَّ إذَا عَرَضَ فَكُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ عَنَّ له أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ قَالَهُ الْفَرَّاءُ وابن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَقِيلَ هو مَصْدَرٌ من الْمُعَارَضَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ مُعَارِضٌ لِصَاحِبِهِ بِمَالِهِ وَفِعَالِهِ‏.‏

وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ في الْمَالِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْفَارِسَيْنِ إذَا سَوَّيَا بين فَرَسَيْهِمَا وَتَسَاوَيَا في السَّيْرِ فإن عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً قَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ ‏(‏وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَالَيْهِمَا‏)‏‏.‏ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَا من جِنْسٍ أو جِنْسَيْنِ‏.‏

من شَرْطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ مَعْلُومَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَكَا في مُخْتَلَطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا صَحَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ ما لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا أَيْضًا حُضُورُ الْمَالَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِتَقْدِيرِ الْعَمَلِ وَتَحْقِيقِ الشَّرِكَةِ إذَنْ كَالْمُضَارَبَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏ وَقِيلَ أو حُضُورُ مَالِ أَحَدِهِمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَحَمَلَهُ في التَّلْخِيصِ على شَرْطِ إحْضَارِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏لِيَعْمَلَا فيه بِبَدَنَيْهِمَا‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أو يَعْمَلَ فيه أَحَدُهُمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ له أَكْثَرُ من رِبْحِ مَالِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَأَحَدُهُمَا بهذا الشَّرْطِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أو يَعْمَلُ فيه أَحَدُهُمَا في الْأَصَحِّ فيه انْتَهَى‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ فَإِنْ اشْتَرَكَا على أَنَّ الْعَمَلَ من أَحَدِهِمَا في الْمَالَيْنِ صَحَّ وَيَكُونُ عِنَانًا وَمُضَارَبَةً‏.‏

وقال في الْمُغْنِي هذا شَرِكَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَقَالَهُ في الْكَافِي وَالشَّارِحُ‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ هذه الشَّرِكَةُ تَجْمَعُ شَرِكَةً وَمُضَارَبَةً فَمِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجْمَعُ الْمَالَ تُشْبِهُ شَرِكَةَ الْعِنَانِ وَمِنْ حَيْثُ أن أَحَدَهُمَا يَعْمَلُ في مَالِ صَاحِبِهِ في جُزْءٍ من الرِّبْحِ هِيَ مُضَارَبَةٌ انْتَهَى‏.‏

وَهِيَ شَرِكَةُ عِنَانٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مُضَارَبَةٌ‏.‏

فَإِنْ شَرَطَ له رِبْحًا قَدْرَ مَالِهِ فَهُوَ إبْضَاعٌ‏.‏

وَإِنْ شَرَطَ له رِبْحًا أَقَلَّ من مَالِهِ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى‏.‏

وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْعَارِيَّةِ في الْمُجَرَّدِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ في نَصِيبِهِ وَالْوَكَالَةِ في نَصِيبِ شَرِيكِهِ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وقال في الفروع ‏[‏الفروج‏]‏ وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مع صَاحِبِهِ فيه خِلَافٌ‏.‏

فَإِنْ كان أَجِيرًا مع صَاحِبِهِ فما ادَّعَى تَلَفَهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ خَرَجَ على رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَإِنْ كان بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ قبل قَوْلِهِ‏.‏

وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْيَدِ أَنَّ ما بيده له‏.‏

وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ قبل قَوْلِ مُنْكِرِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أو دَنَانِيرَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال ابن مُنَجَّى في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ ابن عقيل وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْجَامِعِ وَالْمُبْهِجِ وَالْوَجِيزِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَعَنْهُ تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُجْعَلُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ بِقِيمَةِ مَالِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ كما جَعَلْنَا نِصَابَهَا قِيمَتَهَا وَسَوَاءٌ كانت مِثْلِيَّةً أو غير مِثْلِيَّةٍ‏.‏

‏[‏ وقال في الْفُرُوعِ عِنْدَ الْعَقْدِ كما جَعَلْنَا نِصَابَهَا قِيمَتَهَا وَسَوَاءٌ كانت مِثْلِيَّةً أو غير مِثْلِيَّةٍ ‏]‏‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ في الْأَظْهَرِ تَصِحُّ بِمِثْلِيٍّ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تَصِحُّ بِكُلِّ عَرْضٍ مُتَقَوِّمٍ‏.‏

وَقِيلَ مِثْلِيٍّ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ مثله وقيمه غَيْرِهِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَهَلْ تَصِحُّ بِالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

يَعْنِي إذَا لم تَصِحَّ بِالْعُرُوضِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ ذَكَرُوهُ في الْمُضَارَبَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن منجا وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ في الْمَغْشُوشِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ في الْفُلُوسِ وَقَالَا حُكْمُ الْمَغْشُوشِ حُكْمُ الْعُرُوضِ وَكَذَا قال في الْكَافِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ إذَا كانت نَافِقَةً‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ عَلِمَ قَدْرَ الْغِشِّ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ مَوْزُونَةٌ كَأَصْلِهَا أو أَثْمَانٍ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ اشْتَرَطَ النِّفَاقَ في الْمَغْشُوشِ كَالْفُلُوسِ وَذَكَرَ وَجْهًا فيها بِالصِّحَّةِ وَإِنْ لم تَكُنْ نَافِقَةً كَالْفُلُوسِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْفُلُوسِ أنها سَوَاءٌ كانت نَافِقَةً أولا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كانت نَافِقَةً وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وفي التَّرْغِيبِ في الْفُلُوسِ النَّافِقَةِ رِوَايَتَانِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا كانت الْفُلُوسُ كَاسِدَةً فَرَأْسُ الْمَالِ قِيمَتُهَا كَالْعُرُوضِ وَإِنْ كانت نَافِقَةً كان رَأْسُ الْمَالِ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ الْأَثْمَانُ الْمَغْشُوشَةُ إذَا كانت نَافِقَةً‏.‏

وَقِيلَ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتُهَا وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ كَنَقْدٍ فَمِثْلُهَا وَإِنْ قُلْنَا كَعَرْضٍ فَقِيمَتُهَا وَكَذَا النَّقْدُ الْمَغْشُوشُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

إحداها حُكْمُ النُّقْرَةِ وَهِيَ التي لم تُضْرَبْ حُكْمُ الْفُلُوسِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ في اخْتِصَاصِ النَّقْدَيْنِ بها وَالْعُرُوضِ وَالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لَا أَثَرَ لِغِشٍّ يَسِيرٍ في ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إذَا كان لِلْمَصْلَحَةِ كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا‏.‏

في دِينَارٍ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالرِّبَا وَغَيْرِ ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا من الرِّبْحِ مُشَاعًا مَعْلُومًا فَإِنْ قَالَا الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ لم يَذْكُرَا الرِّبْحَ أو شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مَجْهُولًا أو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً أو رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ لم يَصِحَّ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ‏.‏

بَلْ يَكْفِي النِّيَّةُ إذَا عَيَّنَاهُمَا وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا لِأَنَّهُ مَوْرِدُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَمَحَلُّهُ الْعَمَلُ وَالْمَالُ تَابِعٌ لَا الْعَكْسُ وَالرِّبْحُ نَتِيجَةُ مَوْرِدِ الْعَقْدِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَفْظُ الشَّرِكَةِ يغنى عن إذْنٍ صَرِيحٍ بِالتَّصَرُّفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُصُولِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ويغنى لَفْظُ الشَّرِكَةِ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا بُدَّ من لَفْظٍ يَدُلُّ على الْإِذْنِ نَصَّ عليه وهو قَوْلٌ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فَهُوَ من ضَمَانِهِمَا‏)‏‏.‏

يعنى إذَا تَلِفَ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَشَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا إذَا كَانَا مُخْتَلِطَيْنِ فَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ من ضَمَانِهِمَا‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا تَلِفَ قبل الإختلاط فَهُوَ من ضَمَانِهِمَا أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ من ضَمَانِ صَاحِبِهِ فَقَطْ ذَكَرَهَا في التَّمَامِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ‏)‏‏.‏

يعنى وَلَوْ رضي شَرِيكُهُ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قال في التَّبْصِرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فَسْخِهَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَأَنْ يُقَايِلَ‏)‏‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَيُقَايِلُ في الْأَصَحِّ‏.‏

وقال في المغنى الْأَوْلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهَا إذَا كانت بَيْعًا فَهُوَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَإِنْ كانت فَسْخًا فَهُوَ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فيه فَكَذَلِكَ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ إذَا كان فيه حَظٌّ فإنه يَشْتَرِي ما يَرَى أَنَّهُ قد غُبِنَ فيه انْتَهَى‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأَكْثَرُونَ على أَنَّ الْمُضَارِبَ وَالشَّرِيكَ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ لِلْمَصْلَحَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ أو فَسْخٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ ليس له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والهادى وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ مع الْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ‏.‏

قال ابن منجا في شَرْحِهِ قال في المغنى إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ لم يَمْلِكْهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ ليس من التِّجَارَةِ‏.‏

ثُمَّ قال في المغنى وقد ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أنها فَسْخٌ فَلَا يَمْلِكُهَا انْتَهَى‏.‏

وَلَعَلَّهُ رَأَى ذلك في غَيْرِ هذا الْمَحَلِّ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ على الْمُذْهَبِ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ يَمْلِكُهَا وَتَقَدَّمَ ذلك في فَوَائِدِ الْإِقَالَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَيْسَ له أَنْ يُكَاتِبَ الرَّقِيقَ وَلَا يُعْتِقَهُ بِمَالٍ وَلَا يُزَوِّجَهُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ له ذلك‏.‏

قُلْت حَيْثُ كان في عِتْقِهِ بِمَالٍ مَصْلَحَةٌ جَازَ قَوْلُهُ ‏(‏وَلَا يُقْرِضَ‏)‏ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنَحْوُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ يَجُوزُ لِلْمَصْلَحَةِ‏.‏

‏[‏ يَعْنِي على سَبِيلِ الْقَرْضِ صَرَّحَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ‏]‏‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَا يُضَارِبَ بِالْمَالِ‏)‏‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَفِيهِ تَخْرِيجٌ من جَوَازِ تَوْكِيلِهِ وَيَأْتِي ذلك في الْمُضَارَبَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُضَارِبَ الْآخَرَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ الْمُشَارَكَةِ في الْمَالِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَا يَأْخُذُ بِهِ سَفْتَجَةً‏)‏‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ أَخْذُهَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فيها‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ إذَا كان فيه مَصْلَحَةٌ‏.‏

وَأَمَّا إعْطَاءُ السَّفْتَجَةِ فَلَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَائِدَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَأْخُذُ سَفْتَجَةً أَنْ يَدْفَعَ إلَى إنْسَانٍ شيئا من مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَأْخُذَ منه كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ منه ذلك الْمَالَ‏.‏

وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُعْطِيهَا أَنْ يَأْخُذَ من إنْسَانٍ بِضَاعَةً وَيُعْطِيَهُ بِثَمَنِ ذلك كِتَابًا إلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ ليستوفى منه ذلك قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ فيه خَطَرًا‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُؤَجِّرَ وَيَسْتَأْجِرَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَهَلْ له أَنْ يُودِعَ أو يَبِيعَ نَسَاءً أو يُبْضِعَ أو يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله أو يَرْهَنَ أو يَرْتَهِنَ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

أَمَّا جَوَازُ الْإِيدَاعِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِيدَاعَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ‏.‏

قال النَّاظِمُ وهو أَوْلَى جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ‏.‏

وَأَمَّا جَوَازُ الْبَيْعِ نَسَاءً فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ في ضَمَانِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

أَحَدُهُمَا له ذلك وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَيَمْلِكُ الْبَيْعَ نَسَاءً في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ في بَابِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ على جَوَازِ بَيْعِ الْوَكِيلِ نَسَاءً وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ هُنَاكَ وَاخْتَارَهُ ابن عقيل‏.‏

وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في بَابِ الْوَكَالَةِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ نَسَاءً لِلْمُضَارِبِ وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ‏.‏

وَالثَّانِي ليس له ذلك جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَالْعُمْدَةِ‏.‏

فَعَلَى هذا الْوَجْهِ قال الْمُصَنِّفُ هو من تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الثَّمَنِ‏.‏

قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ انْتَهَى‏.‏

وَأَمَّا جَوَازُ الْإِبْضَاعِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يعطى من مَالِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فيه وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ له ذلك وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَا يُبْضِعُ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ

‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى‏.‏

وَأَمَّا جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وأعلم أَنَّ جَوَازِ التَّوْكِيلِ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْمُضَارَبَةِ طَرِيقَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا أَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله وَهِيَ طَرِيقَةُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وهو كما قال‏.‏

وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مثله إذَا لم يَعْجِزْ عنه فَكَذَلِكَ هُنَا‏.‏

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَجُوزُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا في الْوَكِيلِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَرَجَّحَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَذَلِكَ لِعُمُومِ تَصَرُّفِهِمَا وَكَثْرَتِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ غَالِبًا وَهَذِهِ قَرَائِنُ تَدُلُّ على الْإِذْنِ في التَّوْكِيلِ في الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وَكَلَامُ ابن عقيل يُشْعِرُ بِالْفَرْقِ بين الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ‏.‏

فَيَجُوزُ لِلشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ لِأَنَّهُ عُلِّلَ بِأَنَّ الشَّرِيكَ اسْتَفَادَ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ ما هو‏.‏

دُونَهُ وهو الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا أَخَصُّ وَالشَّرِكَةُ أَعَمُّ فَكَانَ له الِاسْتِنَابَةُ في الْأَخَصِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فإنه اسْتَفَادَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ مِثْلَ الْعَقْدِ وَهَذَا يَدُلُّ على إلْحَاقِهِ الْمُضَارِبَ بِالْوَكِيلِ انْتَهَى‏.‏

وَيَأْتِي في الْمُضَارَبَةِ هل لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ لِيُضَارِبَ بِهِ أَمْ لَا‏.‏

وَأَمَّا جَوَازُ رَهْنِهِ وَارْتِهَانِهِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في المغنى وَالشَّرْحِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ له ذلك عِنْدَ الْحَاجَةِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ له أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في النَّظْمِ هذا الْأَقْوَى وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأزجى‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَيَفْعَلُ الْمَصْلَحَةَ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ من ذلك‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَجُوزُ له السَّفَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مع الْإِطْلَاقِ جَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأزجى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُسَوَّغُ له السَّفَرُ بِلَا إذْنٍ نَصَرَهَا الأزجى وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ‏.‏

أبو الْفَرَجِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وَفِيمَا ليس الْغَالِبُ السَّلَامَةَ يَضْمَنُ أَيْضًا انْتَهَى‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ سَافَرَ سَفَرًا ظَنَّهُ آمِنًا لم يَضْمَنْ انْتَهَى‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَيْسَ له أَنْ يَسْتَدِينَ‏)‏‏.‏

بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ من رَأْسِ الْمَالِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ له ذلك‏.‏

قال الْقَاضِي إذَا اسْتَقْرَضَ شيئا لَزِمَهُمَا وَرِبْحُهُ لَهُمَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ له الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ ليس معه من جِنْسِهِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ كما يَجُوزُ بِفِضَّةٍ وَمَعَهُ ذَهَبٌ وَعَكْسُهُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال له اعْمَلْ بِرَأْيِك جَازَ له فِعْلُ كل ما هو مَمْنُوعٌ منه مِمَّا تَقَدَّمَ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْخِصَالِ ليس له أَنْ يُقْرِضَ وَلَا يَأْخُذَ سَفْتَجَةً على سَبِيلِ الْقَرْضِ وَلَا يَسْتَدِينَ عليه وَخَالَفَهُ ابن عقيل وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ في الْمُضَارَبَةِ وَقَدَّمَ ما قَالَهُ الْقَاضِي في التَّلْخِيصِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ ‏(‏وَإِنْ أَخَّرَ حَقَّهُ من الدَّيْنِ جَازَ‏)‏‏.‏

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ حَقِّ شَرِيكِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَيْضًا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ في الذِّمَّةِ لم يَصِحَّ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في المغنى هذا الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُقْسَمُ على الْأَشْهَرِ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ لَا يَجُوزُ في الْأَظْهَرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ في الذِّمَّةِ الْجِنْسُ‏.‏

فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان في ذِمَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

أَمَّا إذَا كان في ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَصِحُّ الْمُقَاسَمَةُ فيها قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا ذَكَرَهُ عنه في الِاخْتِيَارَاتِ وَذَكَرَه ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً في أعلام الْمُوَقِّعِينَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو تَكَافَأَتْ الذِّمَمُ فقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ من الْحَوَالَةِ على مَلِيءٍ وُجُوبُهُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ أَبْرَأَ من الدَّيْنِ لَزِمَ في حَقِّهِ دُونَ حَقِّ صَاحِبِهِ‏)‏‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِمَالٍ‏)‏‏.‏

يَعْنِي لَا يُقْبَلُ في حَقِّ شَرِيكِهِ وَيَلْزَمُ في حَقِّهِ وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان بِعَيْنٍ أو بِدَيْنٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى‏.‏

وقال إنْ أَقَرَّ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أو بِجَمِيعِهِ أو بِأَجْرِ المنادى أو الْحَمَّالِ وَنَحْوِهِ وَأَشْبَاهِ هذا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّهُ من تَوَابِعِ التِّجَارَةِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْخِصَالِ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ على مَالِ الشَّرِكَةِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

حَسَنَةٌ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ من مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَإِرْثٍ أو إتْلَافٍ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أو ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ من الْغَرِيمِ وَلَهُ الْأَخْذُ من الْآخِذِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في المغنى وَالشَّرْحِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ له ذلك على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَحَرْبٍ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ الْعَمَلُ عليه‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا أَخَذَ كما لو تَلِفَ الْمَقْبُوضُ في يَدِ قَابِضِهِ فإنه يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فيه وَلَا يَرْجِعُ على الْغَرِيمِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا مع أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا لو أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أو قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ من يَدِهِ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه تَعَدِّيهِ في التي قَبْلَهَا وَيَضْمَنُهُ وهو وَجْهٌ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَيَتَوَجَّهُ من عَدَمِ تَعَدِّيهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ وفي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ انْتَهَى‏.‏

فَإِنْ كان الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أو بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ أو كان الدَّيْنُ بِعَقْدٍ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِيمَا إذَا كان الدَّيْنُ بِعَقْدٍ‏.‏

وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ كَالْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا كان بِعَقْدٍ‏.‏

وَقَالَا فِيمَا إذَا أَجَّلَ حَقَّهُ ما قَبَضَهُ الْآخَرُ لم يَكُنْ لِشَرِيكِهِ الرُّجُوعُ عليه ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال وَالْأَوْلَى أَنَّ له الرُّجُوعَ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا مخاصمه في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ‏.‏

وقال في الفائق فإن كان بعقد فلشريكه حصته على الأصح الروايتين‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ في شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ وفي دَيْنٍ من ثَمَنٍ مَبِيعٍ أو قَرْضٍ أو غَيْرِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ الذي بِعَقْدٍ بَلْ هو من جُمْلَتِهِ‏.‏

فَأَمَّا في الْمِيرَاثِ فَيُشَارِكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلُهُ وَلَوْ أَبْرَأَ منه صَحَّ في نَصِيبِهِ وَلَوْ صَالَحَ بِعَرْضٍ أَخَذَ نَصِيبَهُ من دَيْنِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَلِلْغَرِيمِ التَّخْصِيصُ مع تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ ليس لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ على تَقْدِيمِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ذَكَرَ هذه الْمَسْأَلَةَ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ في التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ‏.‏

وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا في هذا الْبَابِ‏.‏

وَذَكَرَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ في آخِرِ بَابِ الْحَوَالَةِ وَلِكُلٍّ منها وَجْهٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وما جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فيه فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ من يَفْعَلُهُ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

لَكِنْ لو اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ فيه كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ أو غُلَامِهِ أو دَابَّتِهِ جَازَ كَدَارِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ ذَكَرَاهُ في الْمُضَارَبَةِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فيه لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهِمَا اخْتَارَهُ ابن عقيل‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فَهَلْ له ذلك على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا‏.‏

أَحَدُهُمَا ليس له أَخْذُ أُجْرَةٍ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ ليس له فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ بِلَا شَرْطٍ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ له الْأَخْذُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالشُّرُوطُ في الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ فَالْفَاسِدُ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ ما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ أو ضَمَانِ الْمَالِ أو أَنَّ عليه من الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ من قَدْرِ مَالِهِ أو أَنْ يُوَلِّيَهُ ما يَخْتَارُ من السِّلَعِ أو يَرْتَفِقَ بها أو لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا وَنَحْوَ ذلك‏)‏‏.‏

فما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُضَارِبُ جُزْءًا من‏.‏

الرِّبْحِ مَجْهُولًا أو رِبْحَ أَحَدِ الْكِيسَيْنِ أو أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ أو أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أو إحْدَى السُّفْرَتَيْنِ أو ما يَرْبَحُ في هذا الشَّهْرِ وَنَحْوَ ذلك فَهَذَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ شَرَطَ تَوْقِيتَهَا أو ما يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ‏.‏

وَيَخْرُجُ في سَائِرِهَا رِوَايَتَانِ وَشَمِلَ قِسْمَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ما يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ نحو أَنْ يَشْتَرِطَ لُزُومَ الْمُضَارَبَةِ أو لَا يَعْزِلُهُ مُدَّةً بِعَيْنِهَا أو لَا يَبِيعُ إلَّا بِرَأْسِ الْمَالِ أو أَقَلَّ أو أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِمَّنْ اشْتَرَى منه أو شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَ أو لَا يَشْتَرِي أو أَنْ يُوَلِّيَهُ ما يَخْتَارُهُ من السِّلَعِ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

وَالثَّانِي كَاشْتِرَاطِ ما ليس من مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مُقْتَضَاهُ نَحْوُ أَنْ يَشْتَرِطَ على الْمُضَارِبِ الْمُضَارَبَةَ له في مَالٍ آخَرَ أو يَأْخُذَهُ بِضَاعَةً أو قَرْضًا أو أَنْ يَخْدُمَهُ في شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أو أَنْ يَرْتَفِقَ بِبَعْضِ السِّلَعِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ أو أَنْ يَشْتَرِطَ على الْمُضَارِبِ ضَمَانَ الْمَالِ أو سَهْمًا من الْوَضِيعَةِ أو أَنَّهُ مَتَى بَاعَ السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ بها بِالثَّمَنِ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

قال في المغنى وَالشَّرْحِ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَقْدِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُفْسِدُ الْعَقْدَ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ‏.‏

وَذَكَرَهَا أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ تَخْرِيجًا من الْبَيْعِ وَالْمُزَارَعَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا فَسَدَ الْعَقْدُ قُسِمَ الرِّبْحُ على قَدْرِ الْمَالَيْنِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي‏.‏

الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ والمغنى وقال هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ فَسَدَ بِغَيْرِ جَهَالَةِ الرِّبْحِ وَجَبَ الْمُسَمَّى‏.‏

وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في المغنى وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ أَنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ على ما شَرَطَاهُ وَأَجْرَاهَا مَجْرَى الصَّحِيحَةِ انْتَهَى‏.‏

وَأَطْلَقَ في التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الْفَاسِدِ نَصِيبَ الْمِثْلِ فَيَجِبُ من الرِّبْحِ جُزْءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ في مِثْلِهِ وَأَنَّهُ قِيَاسُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مُشَارَكَةٌ لَا من بَابِ الْإِجَارَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَهَلْ يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

هُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا له الرُّجُوعُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ يَرْجِعُ بها على الْأَصَحِّ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ذَكَرَهُ في التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَأَجْرَاهَا كَالصَّحِيحَةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو تَعَدَّى الشَّرِيكُ مُطْلَقًا ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وهو المذهب عِنْدَ أبى بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَهُوَ كَفُضُولِيٍّ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ نَقَدَهُ وَرَبِحَ ثُمَّ أَجَازَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ في رِوَايَةٍ وَإِنْ كان الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ فَلَا‏.‏

وَعَنْهُ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في تعدى الْمُضَارِبِ‏.‏

وقال في المغنى وَالشَّرْحِ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ ما لم يَحُطَّ بِالرِّبْحِ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كان يَذْهَبُ إلَى ان الرِّبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ هذا بَعْدُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَعَنْهُ له الْأَقَلُّ مِنْهُمَا أو ما شَرَطَ من الرِّبْحِ‏.‏

وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وفي بَعْضِ كَلَامِهِ إنْ أَجَازَهُ بِقَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ انْتَهَى‏.‏

قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ‏:‏

وَإِنْ تَعَدَّى عَامِلٌ ما أَمَرَا *** بِهِ الشَّرِيكَ ثُمَّ رِبْحٌ ظَهَرَا

وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ له وعنه لَا *** وَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ نَصٌّ نُقِلَا

وعنه بَلْ صَدِّقْهُ ذَا يَحْسُنُ *** لِأَنَّ ذَاكَ رِبْحُ ما لَا يُضْمَنُ

ذَكَرَهَا في الْمُضَارَبَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ من مَالٍ لم يَأْذَنْ مَالِكُهُ في التِّجَارَةِ به قِيلَ لِلْمَالِكِ وَقِيلَ لِلْعَامِلِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا على قَدْرِ النَّفْعَيْنِ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ قال وهو أَصَحُّهَا إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ على غَيْرِ وَجْهِ الْعُدْوَانِ مِثْلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَالُ نَفْسِهِ فَيَبِينُ مَالَ غَيْرِهِ فَهُنَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بِلَا رَيْبٍ‏.‏

وقال في الْمُوجَزِ فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ مع الرِّبْحِ فيه له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ‏.‏

وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إنْ كان عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ من لَا يُعْطِيهِ شيئا فإذا تَابَ أُبِيحَ له بِالْقِسْمَةِ فإذا لم يَتُبْ فَفِي حِلِّهِ نَظَرٌ‏.‏

قال وَكَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ شيئا كَفَرَسٍ وَكَسَبَ بِهِ مَالًا يُجْعَلُ الْكَسْبُ بين الْغَاصِبِ وَمَالِكِ الدَّابَّةِ على قَدْرِ نَفْعِهِمَا بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الرَّاكِبِ وَمَنْفَعَةُ الْفَرَسِ ثُمَّ يُقْسَمَ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَأَمَّا إذَا كَسَبَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُغَطِّيَ الْمَالِكُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ من كَسْبِهِ أو قِيمَةِ نَفْعِهِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

الْمُضَارَبَةُ هِيَ دَفْعُ مَالِهِ إلَى آخَرَ يَتَّجِرُ بِهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كما قال الْمُصَنِّفُ وَتُسَمَّى قِرَاضًا أَيْضًا‏.‏

وَاخْتُلِفَ في اشْتِقَاقِهَا وَالصَّحِيحُ أنها مُشْتَقَّةٌ من الضَّرْبِ في الْأَرْضِ وهو السَّفَرُ فيها لِلتِّجَارَةِ غَالِبًا‏.‏

وَقِيلَ من ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ في الرِّبْحِ‏.‏

والقراض مُشْتَقٌّ من الْقَطْعِ على الصَّحِيحِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ من مَالِهِ قِطْعَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْعَامِلِ وَاقْتَطَعَ له قِطْعَةً من الرِّبْحِ‏.‏

وَقِيلَ مُشْتَقٌّ من الْمُسَاوَاةِ وَالْمُوَازَنَةِ فَمِنْ الْعَامِلِ الْعَمَلُ وَمِنْ الْآخَرِ الْمَالُ فَتَوَازَنَا‏.‏

وَمَبْنَى الْمُضَارَبَةِ على الْأَمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ فإذا ظَهَرَ رِبْحٌ صَارَ شَرِيكًا فيه‏.‏

فَإِنْ فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً وَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ‏.‏

فَإِنْ خَالَفَ الْعَامِلُ صَارَ غَاصِبًا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك أو لي لم يَصِحَّ‏)‏‏.‏

يَعْنِي إذَا قال إحْدَاهُمَا مع قَوْلِهِ مُضَارَبَةً لم يَصِحَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ هِيَ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ يَسْتَحِقُّ فيها أُجْرَةَ الْمِثْلِ‏.‏

وَكَذَا قال في المغنى لَكِنَّهُ قال لَا يَسْتَحِقُّ شيئا في الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ دخل على أَنْ لَا شَيْءَ له ورضى بِهِ‏.‏

وَقَالَهُ ابن عقيل في مَوْضِعٍ آخَرَ من الْمُسَاقَاةِ‏.‏

وقال في المغنى في مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ إبْضَاعٌ صَحِيحٌ‏.‏

فَرَاعَى الْحُكْمَ دُونَ اللَّفْظِ‏.‏

وَعَلَى هذا يَكُونُ في الصُّورَةِ الْأُولَى قَرْضًا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال وَلِي ثُلُثُ الرِّبْحِ‏)‏‏.‏

يَعْنِي ولم يذكر نَصِيبَ الْعَامِلِ‏.‏

‏(‏فَهَلْ يَصِحُّ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَالْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَقَالَا اخْتَارَه ابن حَامِدٍ ذَكَرَهُ في التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أتى معه بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ في الْأَصَحِّ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَيَكُونُ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ نَصَّ عليه‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو قال لَك الثُّلُثُ وَلِي النِّصْفُ صَحَّ وكان السُّدُسُ الْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهَا‏.‏

الثَّانِيَةُ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ حُكْمُ الشَّرِكَةِ فِيمَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ أو لَا يَفْعَلَهُ وما يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ‏)‏‏.‏

وَفِيمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ من الْعُرُوضِ وَالْمَغْشُوشِ وَالْفُلُوسِ وَالنُّقْرَةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَهَكَذَا قال جَمَاعَةٌ‏.‏

أَعْنِي أَنَّهُمْ جَعَلُوا شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَصْلًا وَأَلْحَقُوا بها الْمُضَارَبَةَ‏.‏

وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قالوا حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا له وَعَلَيْهِ وما يُمْنَعُ منه فَجَعَلُوا الْمُضَارَبَةَ أَصْلًا‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ في أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذَكَرُوا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وفي الشُّرُوطِ وَإِنْ فَسَدَتْ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ‏)‏ خَسِرَ أو كَسَبَ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وقال وَعَنْهُ يَتَصَدَّقَانِ بِالرِّبْحِ انْتَهَى وَعَنْهُ له الْأَقَلُّ من أُجْرَةِ الْمِثْلِ أو ما شَرَطَهُ له من الرِّبْحِ وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا على ما شَرْطَاهُ كما قال في شَرِكَةِ الْعِنَانِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو لم يَعْمَلْ الْمُضَارِبُ شيئا إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَارْتَفَعَ الصَّرْفُ اسْتَحَقَّ لِمَا صَرَفَهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ تَفْسُدُ على رِوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا تَفْسُدُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال نَصَّ عليه‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَفْسُدُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال ضَارَبْتُك سَنَةً أو شَهْرًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَعَنْهُ وَالْعَقْدُ قُلْت وَإِنْ قال لَا تَبِعْ بَعْدَ سَنَةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ قال لَا تُتْبَعُ بَعْدَهَا صَحَّ كما لو قال لَا تَتَصَرَّفُ بَعْدَهَا وَيُحْتَمَلُ بُطْلَانُهُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو قال مَتَى مَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ قَرْضٌ فَمَضَى وهو مَتَاعٌ فَلَا بَأْسَ إذَا بَاعَهُ أَنْ يَكُونَ قَرْضًا نَقَلَهُ مُهَنَّا وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ وَمَنْ بَعْدَهُ‏.‏

وَيَصِحُّ قَوْلُهُ إذَا انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا تَشْتَرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَفِيهِ احْتِمَالٌ لَا يَصِحُّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال بِعْ هذا الْعَرْضَ وَضَارِبْ بِثَمَنِهِ صَحَّ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في الْمَنْصُوصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال ضَارِبْ بِالدَّيْنِ الذي عَلَيْك لم يَصِحَّ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في بَابِ التَّصَرُّفِ في الدَّيْنِ بِالْحَوَالَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في آخِرِ بَابِ السَّلَمِ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَاحْتِمَالٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَبَنَاهُ الْقَاضِي على شِرَائِهِ من نَفْسِهِ وَبَنَاهُ في النِّهَايَةِ على قَبْضِهِ من نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها لو قال إذَا قَبَضْت الدَّيْنَ الذي على زَيْدٍ فَقَدْ ضَارَبْتُك بِهِ لم يَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ تَصَرُّفِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ قُلْت يُحْتَمَلُ صِحَّةُ الْمُضَارَبَةِ إذْ يَصِحُّ عِنْدَنَا تَعْلِيقُهَا على شَرْطٍ وَمِنْهَا لو كان في يَدِهِ عَيْنٌ مَغْصُوبَةٌ فقال الْمَالِكُ ضَارِبْ بها صَحَّ‏.‏

وَيَزُولُ ضَمَانُ الْغَصْبِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْقَاضِي لَا يَزُولُ ضَمَانُ الْغَصْبِ بِعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

وَمِنْهَا لو قال هو قَرْضٌ عَلَيْك شَهْرًا ثُمَّ هو مُضَارَبَةٌ لم يَصِحَّ جَزَمَ بِهِ الْفَائِقُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ أَخْرَجَ مَالًا لِيَعْمَلَ فيه هو وَآخَرُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا صَحَّ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَيَكُونُ مُضَارَبَةً‏)‏‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه‏.‏

قال في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هو مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ أبي الْحَارِثِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ والشرح ‏[‏الشرح‏]‏ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

وقال الْقَاضِي إذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَعْمَلَ معه رَبُّ الْمَالِ لم يَصِحَّ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى والهادى‏.‏

وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ على أَنَّ رَبَّ الْمَالِ عَمِلَ فيه من غَيْرِ شَرْطٍ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ غُلَامِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ كما يَصِحُّ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ بَهِيمَةً يحمل عليها وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يَصِحُّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْكَافِي وقال هو أَوْلَى بِالْجَوَازِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ الْأَظْهَرُ الْمَنْعُ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْخِلَافَ في الْغُلَامِ على الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ من رَبِّ الْمَالِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ عَمَلِهِ وَأَنْ يَكُونَ دُونَ النِّصْفِ وَالْمَذْهَبُ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

منها لَا يَضُرُّ عَمَلُ الْمَالِكِ بِلَا شَرْطٍ نَصَّ عليه‏.‏

وَمِنْهَا لو قال رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ في الْمَالِ فما كان من رِبْحٍ فَبَيْنَنَا صَحَّ نَقَلَهُ أبو دَاوُد رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَمِنْهَا ما نَقَلَ أبو طَالِبٍ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا مُضَارَبَةً على أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَوْصِلِ فَيُوَجَّهُ إلَيْهِ بِطَعَامٍ فَيَبِيعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَيُوَجَّهُ إلَيْهِ إلَى الْمَوْصِلِ قال لَا بَأْسَ إذَا كَانُوا تَرَاضَوْا على الرِّبْحِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِيَعْمَلَا فيه لو اشْتَرَكَا في مَالَيْنِ وَبَدَنِ أَحَدِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ من يَعْتِقُ على رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَعَتَقَ وَضَمِنَ ثَمَنَهُ‏)‏‏.‏

لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ من يَعْتِقُ على رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا صِحَّةَ الشِّرَاءِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ‏.‏

وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الشِّرَاءُ وهو تَخْرِيجٌ في الْكَافِي وَوَجْهٌ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ وَشِرَاءَهُ من حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ‏.‏

يعنى كما لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ من نَذَرَ رَبُّ الْمَالِ عِتْقَهُ أو حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ ذَكَرَهُ في أَوَاخِرِ الْحَجْرِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ وَقَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ هُنَا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ إذَا كان الثَّمَنُ عَيْنًا وَإِنْ كان اشْتَرَاهُ في الذِّمَّةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْعَاقِدِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الامام أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صِحَّةُ لشراء ‏[‏الشراء‏]‏ قَالَهُ الْقَاضِي انْتَهَيَا‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَلَوْ اشْتَرَى في الذِّمَّةِ فَلِلْعَاقِدِ وَإِنْ كان بِالْعَيْنِ فَبَاطِلٌ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ مُطْلَقًا‏.‏

أعنى سَوَاءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَضْمَنُ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءً عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ إنْ لم يَعْلَمْ لم يَضْمَنْ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ‏.‏

وقال لِأَنَّ الْأُصُولَ قد فَرَّقَتْ بين الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ في بَابِ الضَّمَانِ كَالْمَعْذُورِ وَكَمَنْ رمى إلَى صَفِّ الْمُشْرِكِينَ انْتَهَى‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وقال هذا الصَّحِيحُ عِنْدِي انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كان عَالِمًا أَيْضًا وهو تَوْجِيهٌ لِأَبِي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في الْحَجْرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَسْقُطُ عن الْعَامِلِ قِسْطُهُ منها على الصَّحِيحِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَسْقُطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو بَكْرٍ‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك فِيمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ له من يَعْتِقُ على سَيِّدِهِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ في أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ‏)‏ يعنى امْرَأَةَ رَبِّ الْمَالِ ‏(‏صَحَّ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ‏)‏‏.‏

وَكَذَا لو كان رَبُّ الْمَالِ امْرَأَةً وَاشْتَرَى الْعَامِلُ زَوْجَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان الشِّرَاءُ في الذِّمَّةِ أو بِالْعَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فيه أَيْضًا‏.‏

قُلْت وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى من يَعْتِقُ على نَفْسِهِ ولم يَظْهَرْ رِبْحٌ لم يَعْتِقْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَعْتِقُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فَهَلْ يُعْتَقُ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَهُمَا مَبْنِيَّانِ على مِلْكِ الْمُضَارِبِ لِلرِّبْحِ بَعْدَ الظُّهُورِ وَعَدَمِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَابْنُهُ أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهَا كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال ابن رَجَبٍ وهو أَصَحُّ‏.‏

وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لم يَعْتِقْ عليه‏.‏

قال في الْكَافِي إنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لم يَعْتِقْ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عليه قَدْرُ حِصَّتِهِ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كان مُوسِرًا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كان مُعْسِرًا لم يَعْتِقْ عليه إلَّا ما مَلَكَ انْتَهَى‏.‏

وقال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ لَا يَعْتِقُ عليه وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَصَحَّحَه ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ‏.‏

وَأَطْلَقَ الْعِتْقَ وَعَدَمَهُ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ وَلَوْ ظَهَرَ رِبْحٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ وَقُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ نَصِيبُهُ ولم يَسْرِ إذْ لَا اخْتِيَارَ له في ارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ‏.‏

فائدة‏:‏

ليس لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ من رَأْسِ الْمَالِ‏.‏

فَلَوْ كان رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا فَاشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا أخر بِعَيْنِ‏.‏

الْأَلْفِ فَالشِّرَاءُ فَاسِدٌ نَصَّ عليه وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في شَرِكَةِ الْعِنَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قال وَلَيْسَ له أَنْ يَسْتَدِينَ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ ‏(‏وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ إذَا كان فيه ضَرَرٌ على الْأَوَّلِ‏)‏‏.‏

أَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ على الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ وهو صَحِيحٌ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ لِتَقْيِيدِهِمْ الْمَنْعَ بِالضَّرَرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ مَتَى اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ على رَبِّ الْمَالِ فَقَدْ صَارَ أَجِيرًا له فَلَا يُضَارِبُ لِغَيْرِهِ قِيلَ فَإِنْ كانت لَا تَشْغَلُهُ قال لَا يُعْجِبُنِي لَا بُدَّ من شُغْلٍ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ لم يَأْخُذْ لِغَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَإِنْ لم يَتَضَرَّرْ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على الِاسْتِحْبَابِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ نَصِيبَهُ من الرِّبْحِ في شَرِكَةِ الْأَوَّلِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ النَّظَرُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ رَبُّ الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى من رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ شيئا‏.‏

قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَبَّ الْأُولَى ليس له شَيْءٌ من رِبْحِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ فيها ‏[‏له‏]‏ وَلَا مَالَ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَائِدَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا ليس لِلْمُضَارِبِ دَفْعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ مُضَارَبَةً من غَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا بِجَوَازِهِ بِنَاءً على توكيل ‏[‏توكل‏]‏ الْوَكِيلِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَحَكَى رِوَايَةً بِالْجَوَازِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَصِحُّ هذا التَّخْرِيجُ انْتَهَى‏.‏

وَلَا أُجْرَةَ لِلثَّانِي على رَبِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ بَلَى‏.‏

وَقِيلَ على الْأَوَّلِ مع جَهْلِهِ كَدَفْعِ الْغَاصِبِ مَالَ الْغَصْبِ مُضَارَبَةً وَأَنَّ مع الْعِلْمِ لَا شَيْءَ له وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ‏.‏

وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إنْ كان شِرَاءَهُ بِعَيْنِ الْمَالِ‏.‏

وَذَكَرُوا وَجْهًا وَإِنْ كان في ذِمَّتِهِ كان الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ إنْ اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ فَعِنْدِي أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بين الْعَامِلِينَ نِصْفَيْنِ‏.‏

الثَّانِيَةُ ليس له أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِغَيْرِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ بِمَالِ نَفْسِهِ نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فَيَدْخُلُ فِيمَا أَذِنَ فيه ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شيئا لِنَفْسِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَا يَشْتَرِي الْمَالِكُ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ شيئا على الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْفَائِقِ ليس له ذلك على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَعَنْهُ يَجُوزُ صَحَّحَهَا الأزجى‏.‏

فعليها ‏[‏فعليهما‏]‏ يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت ن ظَهَرَ فيه رِبْحٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَكَذَلِكَ شِرَاءُ السَّيِّدِ من عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ له‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ صَحَّحَهَا الازجي كَمُكَاتَبِهِ‏.‏

فَعَلَيْهَا يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ من عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا اسْتَغْرَقَتْهُ الدُّيُونُ‏.‏

وَأَمَّا شِرَاءُ الْعَبْدِ من سَيِّدِهِ فَتَقَدَّمَ في آخِرِ الْحَجْرِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ‏.‏

فائدة‏:‏

ليس لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَنَقَلَهُ عن الْقَاضِي‏.‏

وَإِنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ صَحَّ الشِّرَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ صَحَّ‏.‏

‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ بَطَلَ في نَصِيبِهِ وفي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَجْهَانِ‏)‏‏.‏

قال الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ بِنَاءً على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وقد عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ‏.‏

‏(‏وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَصِحَّ في الْجَمِيعِ‏)‏‏.‏

بِنَاءً على شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِأَبِي الْخَطَّابِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ نَفَقَةٌ إلَّا بِشَرْطٍ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ليس له نَفَقَةٌ إلَّا بِشَرْطٍ أو إعَادَةٍ فَيَعْمَلُ بها‏.‏

وَكَأَنَّهُ أَقَامَ الْعَادَةَ مَقَامَ الشَّرْطِ وهو قَوِيٌّ في النَّظَرِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ شَرَطَهَا له وَأَطْلَقَ فَلَهُ جَمِيعُ نَفَقَتِهِ من الْمَأْكُولِ وَالْمَلْبُوسِ بِالْمَعْرُوفِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ ليس له نَفَقَةٌ إلَّا من الْمَأْكُولِ خَاصَّةً قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ‏.‏

رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كان سَفَرُهُ طَوِيلًا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ كِسْوَةٍ جَوَازُهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُنْفِقُ على مَعْنَى ما كان يُنْفِقُ على نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَلَا مُضِرٍّ بِالْمَالِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ كَطَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَأَقَلُّ مَلْبُوسٍ مِثْلُهُ‏.‏

وَقِيلَ هذا التَّقْدِيرُ مع التَّنَازُعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَقِيَهُ بِبَلَدٍ أَذِنَ في سَفَرِهِ إلَيْهِ وقد نَصَّ الْمَالُ فَأَخَذَهُ رَبُّهُ فَلِلْعَامِلِ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ في وَجْهٍ‏.‏

وفي وَجْهٍ آخَرَ لَا نَفَقَةَ له قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه قال فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ في وَجْهٍ وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ اخْتَلَفَا رَجَعَ في الْقُوتِ إلَى الْإِطْعَامِ في الْكَفَّارَةِ وفي الْمَلْبُوسِ إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ‏)‏‏.‏

وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَاقْتَصَرَ عليه في الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا تَحَكُّمٌ‏.‏

وَقِيلَ له نَفَقَةُ مِثْلِهِ عُرْفًا من الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان معه مَالٌ لِنَفْسِهِ يَبِيعُ فيه وَيَشْتَرِي أو مُضَارَبَةٌ أُخْرَى أو بِضَاعَةٌ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ على قَدْرِ الْمَالَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قد شَرَطَ له النَّفَقَةَ من مَالِهِ مع عِلْمِهِ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ أَذِنَ له في التَّسَرِّي فَاشْتَرَى جَارِيَةً مَلَكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا نَصَّ عليه‏.‏

في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ‏.‏

وقال في الْفُصُولِ فَإِنْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَتَسَرَّى من مَالِ الْمُضَارَبَةِ فقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُضَارِبُ جَارِيَةً من الْمَالِ إذَا أُذِنَ له‏.‏

وقال في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بن بُخْتَانَ يَجُوزُ ذلك وَيَكُونُ دَيْنًا عليه‏.‏

فَأَجَازَ له ذلك بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ في ذِمَّتِهِ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ اخْتِيَارِيٌّ ما نَقَلَهُ يَعْقُوبُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ هذه‏.‏

قال شَيْخُنَا وَعِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّسَرِّي من مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْمَالُ في ذِمَّتِهِ وَعَلَى هذا يُحْمَلُ قَوْلُهُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لِأَنَّهُ لو كان له ذلك لَاسْتَبَاحَ الْبُضْعَ بِغَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ وَلَا عَقْدِ نِكَاحٍ انْتَهَى كَلَامُهُ في الْفُصُولِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ في رِوَايَةٍ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثَمَنِهَا‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ قال الْأَصْحَابُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُضَارِبُ التَّسَرِّيَ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى أَمَةً منه مَلَكَهَا وَيَكُونُ ثَمَنُهَا قَرْضًا عليه لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِدُونِ الملك ‏[‏المالك‏]‏‏.‏

وَأَشَارَ أبو بَكْرٍ إلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْأَمَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ انْتَهَى فَائِدَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا ليس له أَنْ يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ عُزِّرَ‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مَنْصُورٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُحَدُّ إنْ كان قبل ظُهُورِ رِبْحٍ ذَكَرَه ابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ بِشَرْطِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وَذَكَرَ غَيْرُ بن رَزِينٍ إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ عُزِّرَ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَقِيمَتُهَا إنْ أَوْلَدَهَا وَإِلَّا حُدَّ عَالِمٌ وَنَصَّهُ يُعَزَّرُ كما تَقَدَّمَ وقال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ إنْ لم يَظْهَرْ رِبْحٌ حُدَّ وَمَلَكَ رَبُّ الْمَالِ وَلَدَهُ ولم تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ له وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ من الْمَهْرِ وَالْقِيمَةِ قَدْرُ حَقِّ الْعَامِلِ ولم يُحَدَّ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا يَطَأُ رَبُّ الْمَالِ وَلَوْ عُدِمَ الرِّبْحُ رَأْسًا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ فَعَلَ فَلَا حَدَّ عليه لَكِنْ إنْ كان فيه رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ منه‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حتى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ فَرَبِحَ في إحْدَاهُمَا وَخَسِرَ في الْأُخْرَى بِسَبَبِ مَرَضٍ أو عَيْبٍ محدث ‏[‏حدث‏]‏ أو نُزُولِ سِعْرٍ أو فَقْدِ صِفَةٍ وَنَحْوِهِ أو تَلِفَتْ أو بَعْضُهَا جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ من الرِّبْحِ‏)‏‏.‏

وَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ إذَا حَصَلَ ذلك بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَقَبْلَهُ جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ من رِبْحِ باقية قبل قِسْمَتِهَا نَاضًّا أو تَنْضِيضِهِ مع مُحَاسَبَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ جُبِرَ من الرِّبْحِ قبل قِسْمَتِهِ‏.‏

وَقِيلَ وَبَعْدَهَا مع بَقَاءِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قبل التَّصَرُّفِ فيه انْفَسَخَتْ فيه الْمُضَارَبَةُ‏)‏‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وكان رَأْسُ الْمَالِ الْبَاقِي خَاصَّةً‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ له وَثَمَنُهَا عليه إلَّا أَنْ يُجْبِرَهُ رَبُّ الْمَالِ‏)‏‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن منجا وَغَيْرِهِمْ هو كَفُضُولِيٍّ‏.‏

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى في ذِمَّتِهِ لِآخَرَ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ مَلَكَهُ في كِتَابِ الْبَيْعِ فَكَذَا هُنَا‏.‏

وَعَنْهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ لُزُومًا صَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ذلك مُضَارَبَةً على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وقال وَعَنْهُ أَنْ يُجِيزَهُ مَالِكٌ صَارَ مِلْكُهُ مُضَارَبَةً لَا غَيْرَهَا في الْمُجَرَّدِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا وَالثَّمَنُ على رَبِّ الْمَالِ‏)‏‏.‏

إذَا تَلِفَتْ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنِ دُونَ التَّالِفِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هذا الثَّمَنُ وَالتَّالِفُ أَيْضًا وَكَذَا إنْ كان التَّلَفُ في هذه الْمَسْأَلَةِ قبل التَّصَرُّفِ‏.‏

قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَحَكَاهُ في الْكُبْرَى قَوْلًا‏.‏

فَعَلَيْهِ تَبْقَى الْمُضَارَبَةُ في قَدْرِ الثَّمَنِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً في الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ قبل نَقْدِ ثَمَنِهَا أو تَلِفَ هو وَالسِّلْعَةُ فَالثَّمَنُ على رَبِّ الْمَالِ وَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْعَامِلِ‏.‏

وَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ من مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ لم يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عليه بِشَيْءٍ‏.‏

وهو على الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ لم يَتَعَدَّ فيه ذَكَرَهُ الأزجى وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا ظَهَرَ رِبْحٌ لم يَكُنْ له أَخْذُ شَيْءٍ منه إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ‏)‏‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ على رِوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

وفي بَعْضِ النُّسَخِ مَكَانُ قبل الْقِسْمَةِ بِالظُّهُورِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال أبو الْخَطَّابِ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ منه بِظُهُورِهِ كَالْمِلْكِ وَكَمُسَاقَاةٍ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ‏.‏

قال في المغنى هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْكَافِي هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لو اشْتَرَى بِالْمَالِ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِيهِ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَا ولم يَضْمَنْ لِلْعَامِلِ شيئا ذَكَرَهُ الأزجى‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَمْلِكُهَا بِالْمُحَاسَبَةِ وَالتَّنْضِيضِ وَالْفَسْخِ قبل الْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ وَنَصَّ عليها وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فيها بِالْمُقَاسَمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِدُونِهَا وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال يَسْتَقِرُّ بِالْمُحَاسَبَةِ التَّامَّةِ كأبن أبى مُوسَى وَغَيْرِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أبو بَكْرٍ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وهو الْمَنْصُوصُ صَرِيحًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ إتْلَافُ الْمَالِكِ كَالْقِسْمَةِ فَيَغْرَمُ نَصِيبَهُ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ وَغَيْرِهَا نَذْكُرُهَا هُنَا مُلَخَّصَةً‏.‏

منها انْعِقَادُ الْحَوْلِ على حِصَّةِ الْمُضَارِبِ بِالظُّهُورِ قبل الْقِسْمَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ من يُعْتَقُ عليه بِالْمِلْكِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا‏.‏

وَمِنْهَا لو وطىء الْمُضَارِبُ أَمَةً من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذلك فى هذا الْبَابِ‏.‏

وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْمُضَارِبُ شِقْصًا لِلْمُضَارَبَةِ وَلَهُ فيه شَرِكَةٌ فَهَلْ له الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فيه طَرِيقَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ إنْ لم يَكُنْ في الْمَالِ رِبْحٌ‏.‏

أو كان وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَلَهُ الْأَخْذُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَكَذَا الْأَخْذُ منه وَإِنْ كان فيه رِبْحٌ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً على شِرَاءِ الْمُضَارِبِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ مِلْكِهِ من الرِّبْحِ‏.‏

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ما قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ وَاخْتَارَهُ في رؤوس الْمَسَائِلِ‏.‏

وَالثَّانِي له الْأَخْذُ وَخَرَّجَهُ من وُجُوبِ الزَّكَاةِ عليه في حِصَّتِهِ فإنه يَصِيرُ حِينَئِذٍ شَرِيكًا يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ وَمَعَ تَصَرُّفِهِ لِنَفْسِهِ تَزُولُ التُّهْمَةُ وَعَلَى هذا فَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ ظُهُورِ الرِّبْحِ وَلَا بُدَّ‏.‏

وَمِنْهَا لو أَسْقَطَ الْمُضَارِبُ حَقَّهُ من الرِّبْحِ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ لم يَسْقُطْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ فَوَجْهَانِ‏.‏

وَمِنْهَا لو قَارَضَ الْمَرِيضُ وسمي لِلْعَامِلِ فَوْقَ تَسْمِيَةِ الْمِثْلِ

‏.‏

فقال الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ يَجُوزُ وَلَا يُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ لِأَنَّ ذلك لَا يُؤْخَذُ من مَالِهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِعَمَلِهِ من الرِّبْحِ الْحَادِثِ وَيَحْدُثُ على مِلْكِ الْمُضَارِبِ دُونَ الْمَالِكِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَوَجَّهُ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ احْتَمَلَ أَنْ يُحْتَسَبَ من الثُّلُثِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ حِينَئِذٍ عن مِلْكِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ منه وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيَأْتِي هذا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا‏.‏

فائدة‏:‏

من جُمْلَةِ الرِّبْحِ الْمَهْرُ والثمرة ‏[‏والثمر‏]‏ وَالْأُجْرَةُ وَالْأَرْشُ وَكَذَا النِّتَاجُ على الصَّحِيحِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه وَجْهٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ إنْ كان فيه رِبْحٌ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

يَعْنِي وَإِنْ لم يَكُنْ فيه رِبْحٌ لم يُجْبَرْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْبَرُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْخَسَارَةِ يُتَّجَهُ مَنْعُهُ من ذلك ذَكَرَهُ الأزجى قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وإذا انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَالُ عَرْضٌ فرضى رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ عَرْضًا أو طَلَبَ الْبَيْعَ فَلَهُ ذلك‏)‏‏.‏

إذَا انْفَسَخَ الْقِرَاضُ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرْضٌ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ عَرْضًا بِأَنْ يَقُومَ عليه نَصَّ عليه وإذا ارْتَفَعَ السِّعْرُ بَعْدَ ذلك لم يَكُنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُطَالِبَ بِقِسْطِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ له ذلك‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ وَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بِأَنْ كان الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا في الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ في الشِّتَاءِ أو يَرْجُوَ دُخُولَ مَوْسِمٍ أو قَفْلٍ فإن حَقَّهُ يَبْقَى من الرِّبْحِ‏.‏

قُلْت هذا هو الصَّوَابُ وَلَا أَظُنُّ أَنَّ الْأَصْحَابَ يُخَالِفُونَ ذلك‏.‏

قال الأزجى أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لها انْتَهَى‏.‏

وإذا لم يَرْضَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ عَرْضًا وَطَلَبَ الْبَيْعَ أو طَلَبَهُ ابْتِدَاءً فَلَهُ ذلك وَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ إذَا لم يَكُنْ في الْمَالِ رِبْحٌ أو كان فيه رِبْحٌ وَأَسْقَطَ الْعَامِلُ حَقَّهُ منه وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ في مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ في الْجَمِيعِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي في اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ قُلْت الْأَوْلَى الِاسْتِقْرَارُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو فَسَخَ الْمَالِكُ الْمُضَارَبَةَ وَالْمَالُ عَرْضٌ انْفَسَخَتْ وَلِلْمُضَارِبِ بَيْعُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرِبْحِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَقَدَّمَهُ في الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَنْعَزِلُ ما دَامَ عَرْضًا بَلْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ حتى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ عَزْلُهُ وَأَنَّ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُضَارَبَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَنْعَزِلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ‏.‏

وَحَمَلَ صَاحِبُ المغنى مُطْلَقَ كَلَامِهِمَا في الشَّرِكَةِ على هذا التَّقْيِيدِ‏.‏

وَلَكِنْ صَرَّحَ ابن عقيل في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ حتى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ مَالِكِهِ‏.‏

وقال في بَابِ الْجِعَالَةِ الْمُضَارَبَةُ كَالْجِعَالَةِ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ فَسْخَهَا بَعْدَ تَلَبُّسِ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ وَأَطْلَقَ ذلك‏.‏

وقال في مُفْرَدَاتِهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْفَسْخَ بَعْدَ أَنْ يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ وَيَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْفَسْخَ‏.‏

قال وهو الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ في الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَاتِ الْفَسْخُ مع كَتْمِ شَرِيكِهِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وهو حَسَنٌ جَارٍ على قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ في اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ وَسَدِّ الذَّرَائِعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو كان رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَصَارَ دَنَانِيرَ أو عَكْسُهُ فَهُوَ كَالْعَرْضِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الأزجى إنْ قُلْنَا هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وهو قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ لم يَلْزَمْ وَلَا فَرْقَ لِقِيَامِ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ قال فَعَلَى هذا يَدُورُ الْكَلَامُ‏.‏

وقال أَيْضًا وَلَوْ كان صِحَاحًا فَنَضَّ قُرَاضَةً أو مُكَسَّرَةً لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهُ إلَى الصِّحَاحِ فَلْيَبِعْهَا بِصِحَاحٍ أو بِعَرْضٍ ثُمَّ يشترى بها‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ كان دَيْنًا لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ‏)‏ يَعْنِي كُلَّهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَقَاضِيهِ في قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لَا غَيْرُ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ تَقَاضِي الدَّيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ على حَالِهِ إنْ فَسَخَ الْوَكَالَةَ بِلَا إذْنِهِ وَكَذَا حُكْمُ الشَّرِيكِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قَارَضَ في الْمَرَضِ فَالرِّبْحُ من رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ زَادَ على أُجْرَةِ الْمِثْلِ‏)‏‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في الْفَوَائِدِ قَرِيبًا فَلْيُعَاوَدْ وَيُقَدَّمُ بِهِ على سَائِرِ الْغُرَمَاءِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو سَاقَى أو زَارَعَ في مَرَضِ مَوْتِهِ يُحْتَسَبُ من الثُّلُثِ على الصَّحِيحِ‏.‏

من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُعْتَبَرَ من الثُّلُثِ‏.‏

وَقِيلَ هو كَالْمُضَارَبَةِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ ولم يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ‏)‏ يَعْنِي لِكَوْنِهِ لم يُعَيِّنْهُ الْمُضَارِبُ ‏(‏فَهُوَ دَيْنٌ في تَرِكَتِهِ‏)‏‏.‏

لِصَاحِبِهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ مَاتَ فَجْأَةً أولا وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَخْفَاهُ ولم يُعَيِّنْهُ فَكَأَنَّهُ غَاصِبٌ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ إلَّا إذَا مَاتَ غير فَجْأَةٍ‏.‏

وَقِيلَ يَكُونُ كَالْوَدِيعَةِ على ما يَأْتِي في الْمَسْأَلَةِ التي بَعْدَهَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ تَقْرِيرَ وَارِثِ الْمُضَارِبِ جَازَ وَيَكُونُ مُضَارَبَةً مُبْتَدَأَةً يُشْتَرَطُ لها ما يُشْتَرَطُ لِلْمُضَارَبَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو مَاتَ أَحَدُ الْمُتَقَارِضَيْنِ أو جُنَّ أو وَسْوَسَ أو حُجِرَ عليه لِسَفَهٍ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَيَقُومُ وَارِثُ رَبِّ الْمَالِ مَقَامَهُ فَيُقَرَّرُ ما لِلْمُضَارِبِ وَيُقَدَّمُ على غَرِيمٍ وَلَا يشترى من مَالِ الْمُضَارَبَةِ وهو في بَيْعٍ واقتضاء ‏[‏واقتضاه‏]‏ دَيْنٌ كَفَسْخِهَا وَالْمَالِكُ حَيٌّ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ تَقْرِيرَهُ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ على الْأَصَحِّ وَقِيلَ هِيَ اسْتِدَامَةٌ انْتَهَى‏.‏

فَإِنْ كان الْمَالُ عَرْضًا وَأَرَادَ إتْمَامَهُ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُهُ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَحْمُولٌ على أَنَّهُ يَبِيعُ ويشترى بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْقِرَاضِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَكَذَا الْوَدِيعَةُ‏)‏‏.‏

يَعْنِي أنها تَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ إذَا مَاتَ ولم يُعَيِّنْهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هِيَ في تَرِكَتِهِ في الْأَصَحِّ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَكُونُ دَيْنًا في تَرِكَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ هِيَ في تَرِكَتِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فَجْأَةً‏.‏

زَادَ في التَّلْخِيصِ أو يوصى إلَى عَدْلٍ وَيَذْكُرُ جِنْسَهَا كَقَوْلِهِ قَمِيصٌ فلم يُوجَدْ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها لو مَاتَ وصى وَجُهِلَ بَقَاءُ مَالِ مُوَلِّيهِ‏.‏

قال فى الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ والوديعة ‏[‏الوديعة‏]‏‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هو في تَرِكَتِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو دَفَعَ عَبْدَهُ أو دَابَّتَهُ إلَى من يَعْمَلُ بِهِمَا بِجُزْءٍ من الْأُجْرَةِ أو ثَوْبًا يَخِيطُهُ أو غَزْلًا يَنْسِجُهُ بِجُزْءٍ من رِبْحِهِ أو بِجُزْءٍ منه جَازَ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْأُولَيَيْنِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الْعِشْرِينَ يَجُوزُ فِيهِمَا على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ فِيهِمَا‏.‏

قال في الْفَائِقِ خَرَّجَ الْقَاضِي بُطْلَانَهُ‏.‏

وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في الْجَمِيعِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ اخْتَارَهُ ابن عقيل فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُهُ حَصَادُ زَرْعِهِ وَطَحْنُ قَمْحِهِ وَرَضَاعُ رَقِيقِهِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في الإجاره‏.‏

قال في الصُّغْرَى وفي اسْتِئْجَارِهِ لِنَسْجِ غَزْلِهِ ثَوْبًا أو حَصَادِ زَرْعِهِ أو طَحْنِ قَفِيزِهِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ من يَجِدُّ نَخْلَهُ أو يَحْصُدُ زَرْعَهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ منه جَازَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في نَسْجِ الْغَزْلِ وَطَحْنِ الْقَفِيزِ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَ في الْفَائِقِ في نَسْجِ الْغَزْلِ وَحَصَادِ الزَّرْعِ وَإِرْضَاعِ الرَّقِيقِ بِجُزْءٍ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ في الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في الْإِجَازَةِ وَكَذَا غَزْوُهُ بِدَابَّةٍ بِجُزْءٍ من السَّهْمِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَنَقَلَ بن هَانِئٍ وأبو دَاوُد يَجُوزُ‏.‏

وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَأَرْضٍ بِبَعْضِ الْخَرَاجِ‏.‏

وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُهَا في الإجاره‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ أو خَشَبًا لِيَنْجُرَهُ صَحَّ إنْ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بِالْعُرُوضِ‏.‏

وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مسألة ‏[‏مسائل‏]‏ الدَّابَّةِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ على رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهُ ليس شَرِكَةٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن أبى حَرْبٍ وَأَنَّ مثله الْفَرَسُ بِجُزْءٍ من الْغَنِيمَةِ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا في الْحَصَادِ هو أَحَبُّ إلَيَّ من الْمُقَاطَعَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَعَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ دَفْعُ الشَّبَكَةِ لِلصَّيَّادِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت وَالنَّحْلُ وَالدَّجَاجُ وَالْحَمَامُ وَنَحْوُ ذلك‏.‏

وَقِيلَ الْكُلُّ لِلصَّيَّادِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلشَّبَكَةِ‏.‏

وَعَنْهُ وَلَهُ معه جُعْلُ نَقْدٍ مَعْلُومٍ كَعَامِلٍ‏.‏

وَعَنْهُ له دَفْعُ دَابَّتِهِ أو نَحْلِهِ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ بِجُزْءٍ من نَمَائِهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

وَالْمُذْهَبُ لَا لِحُصُولِ نَمَائِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ منه مُدَّةً مَعْلُومَةً وَنَمَاؤُهُ مِلْكٌ لَهُمَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْإِجَارَةِ وفي الطَّحْنِ بِالنُّخَالَةِ وَعَمَلُ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا بِالْكَسْبِ وَالسَّلْخِ بِالْجِلْدِ وَالْحَلْجِ بِالْحَبِّ وَجْهَانِ‏.‏

وَكَذَا قال فى الصُّغْرَى فى الطَّحْنِ وَعَمَلُ السِّمْسِمِ وَالْحَلْجِ‏.‏

وَحَكَى في الطَّحْنِ بِالنُّخَالَةِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَكَذَا قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ في الْإِجَارَةِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَخَذَ مَاشِيَةً لِيَقُومَ عليها برعى وَعَلَفٍ وسقى وَحَلْبٍ وَغَيْرِ ذلك بِجُزْءٍ من دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ‏.‏

وَعَنْهُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نَصَّ عليه ذَكَرَهُ في آخِرِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

وقال في بَابِ الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ راعى غَنَمٍ مَعْلُومَةٍ يَرْعَاهَا بِثُلُثِ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا نَصَّ عليه وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ‏.‏

وَقِيلَ في صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ راعى الْغَنَمِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال النَّاظِمُ‏:‏

وَالْأَوْكَدُ مَنْعُ إعْطَاءِ مَاشِيَةٍ لِمَنْ *** يَعُودُ بِثُلُثِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ أَسْنَدَ

وَإِنْ يَرْعَهَا حَوْلًا كميلا ‏[‏كاملا‏]‏ بِثُلُثِهَا *** له الثُّلُثُ بالنامى يَصِحُّ بِأَوْطَدَ

وَكَذَا قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْعَامِلُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ من هَلَاكٍ‏)‏‏.‏

حُكْمُ الْعَامِلِ في دَعْوَى التَّلَفِ حُكْمُ الْوَكِيلِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْوَكَالَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ في رَدِّهِ إلَيْهِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم بن حَامِدٍ وابن أبى مُوسَى وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ وهو تَخْرِيجٌ في المغنى وَالشَّرْحِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَجَدْت ذلك مَنْصُوصًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ أَيْضًا في رَجُلٍ دَفَعَ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً فَجَاءَ بِأَلْفٍ فقال هذا رِبْحٌ وقد دَفَعْت إلَيْك أَلْفًا رَأْسَ مَالِكَ فقال هو مُصَدَّقٌ فِيمَا قال‏.‏

قال وَوَجَدْت في مَسَائِلِ أبى دَاوُد عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نحو هذا أَيْضًا‏.‏

وَكَذَلِكَ نَقَلَ عنه مُهَنَّا في مُضَارِبٍ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ كُلَّ يَوْمٍ شيئا ثُمَّ قال من رَأْسِ الْمَالِ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مع يَمِينِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ‏)‏‏.‏

يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا شَرَطَ لِلْعَامِلِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وسندى ‏[‏وسند‏]‏ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

وَعَنْهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ جَاوَزَ أجره الْمِثْلِ رَجَعَ إلَيْهَا نَقَلَهَا حَنْبَلٌ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ إلَّا فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ الناس بها عُرْفًا وَجَزَمَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ في الرِّوَايَةِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا قَالَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قال دَفَعْته مُضَارَبَةً قال بَلْ قَرْضًا وَلَهُمَا بَيِّنَتَانِ قال الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وهو مَعْنَى كَلَامِ الأزجى‏.‏

قال الأزجى وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في مِثْلِ هذا فِيمَنْ ادَّعَى ما في كِيسٍ وَادَّعَى آخَرُ نِصْفَهُ رِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لِأَحَدِهِمَا رُبُعُهُ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وفي الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً أو الشِّرَاءِ بِكَذَا‏)‏‏.‏

يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ في عَدَمِ الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً أو الشِّرَاءِ بِكَذَا وَكَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَالِكِ في الْإِذْنِ في الْبَيْعِ نَسَاءً وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ‏.‏

قال ابن أبى مُوسَى يَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَحَكَاهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ قَوْلًا‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ في ذلك نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى‏.‏

قال ابن منجا في شَرْحِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِق وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ ولم أَجِدْ بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا رِوَايَةً وَلَا وَجْهًا عن أَحَدٍ من الْمُتَقَدِّمِينَ غير أَنَّ صَاحِبَ الْمُسْتَوْعِبِ حَكَى بَعْدَ قَوْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَنَّ بن أبى مُوسَى قال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ‏.‏

وَرُبَّمَا حَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ في ذلك وَجْهًا وَأَظُنُّهُ أَخَذَهُ من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أو ظَنَّ قَوْلَ بن أبى مُوسَى يَقْتَضِي ذلك‏.‏

وفي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ وَجْهٌ من الدَّلِيلِ لو وَافَقَ رِوَايَةً أو وَجْهًا وَذَكَرَهُ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال الْعَامِلُ رَبِحْت أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتهَا أو هَلَكَتْ قُبِلَ قَوْلُهُ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قال غَلِطْت لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ‏)‏‏.‏

وَكَذَا لو قال نَسِيت أو كَذَبْت وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَتَيْنِ لم يُقْبَلْ على الْأَصَحِّ وَعَنْهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ‏.‏

نَقَلَ أبو دَاوُد وَمُهَنَّا إذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قال إنَّمَا كُنْت أَعْطَيْتُك من رَأْسِ مَالِكَ يُصَدَّقُ‏.‏

قال أبو بَكْرٍ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَخَرَجَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ‏.‏

فائدة‏:‏ ‏[‏حكم قول العامل في إثبات الربح وعدمه‏]‏

يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ في أَنَّهُ رَبِحَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في قَدْرِ الرِّبْحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَه ابن مَنْصُورٍ‏.‏

وَنَقَلَ الْحَلْوَانِيُّ فيه رِوَايَاتٍ كَعِوَضِ كِتَابَةٍ الْقَبُولُ وَعَدَمُهُ وَالثَّالِثَةُ يَتَحَالَفَانِ‏.‏

وَجَزَمَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ‏.‏

قلت وهو بَعِيدٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏الثَّالِثُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ‏)‏ أَيْ الشَّرِكَةُ بِالْوُجُوهِ‏.‏

‏(‏وهو أَنْ يَشْتَرِكَا على أَنْ يَشْتَرِيَا بِجَاهِهِمَا دَيْنًا‏)‏‏.‏

أَيْ شيئا إلَى أَجَلٍ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ عَيَّنَا جِنْسَ الذي يَشْتَرُونَهُ أو قَدْرَهُ أو وَقْتَهُ أولا‏.‏

فَلَوْ قال كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ما اشْتَرَيْت من شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا صَحَّ‏.‏

وقال الخرقى هِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ بِمَالِ غَيْرِهِمَا‏.‏

فقال الْقَاضِي مُرَادُ الخرقى أَنْ يَدْفَعَ وَاحِدٌ مَالَهُ إلَى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً فَيَكُونُ الْمُضَارِبَانِ شَرِيكَيْنِ في الرِّبْحِ بِمَالِ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهُمَا إذَا أَخَذَا الْمَالَ بِجَاهِهِمَا لم يَكُونَا مُشْتَرِكَيْنِ بِمَالِ غَيْرِهِمَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ‏.‏

وَحَمَلَ غَيْرُ الْقَاضِي كَلَامَ الخرقى على الْأَوَّلِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

وَقَالَا وَاخْتَرْنَا هذا التَّفْسِيرَ لِأَنَّ كَلَامَ الخرقى بهذا التَّفْسِيرِ يَكُونُ جَامِعًا‏.‏

لِأَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَى تَفْسِيرِ الْقَاضِي يَكُونُ مُخِلًّا بِنَوْعٍ منها وَهِيَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هو ظَاهِرُ اللَّفْظِ وهو كما قال‏.‏

وَعَلَى هذا يَكُونُ هذا نوع ‏[‏نوعا‏]‏ من أَنْوَاعِ الْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ قد ذَكَرَ لِلْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْمِلْكُ بَيْنَهُمَا على ما شَرَطَاهُ‏)‏‏.‏

فَهُمَا كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَكِنْ هل ما يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا أو لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ فيه وَجْهًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَيَتَوَجَّهُ في شَرِكَةِ عِنَانٍ مِثْلُهُ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِالنِّيَّةِ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُمَا في كل التَّصَرُّفِ وما لَهُمَا وما عليهما كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ‏.‏

وقال في شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ‏.‏

وَإِنْ قال لِمَا بيده هذا لي أو لنا أو اشْتَرَيْته منها لي أو لنا صُدِّقَ مع يَمِينِهِ سَوَاءٌ رَبِحَ أو خَسِرَ انْتَهَى‏.‏

فَدَلَّ كَلَامُهُ على أَنَّهُ لَا بُدَّ من النِّيَّةِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهُمَا في كل التَّصَرُّفِ كَشَرِيكَيْ عِنَانٍ وَكَذَا قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَاهُ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

‏(‏وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ على قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا‏)‏‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لِئَلَّا يَأْخُذَ رِبْحَ ما لم يَضْمَنْ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ ‏(‏الرَّابِعُ شركه الْأَبْدَانِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا‏)‏‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَقَبَّلَانِ في ذِمَّتِهِمَا من عَمَلٍ وَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وما يَتَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا من الْعَمَلِ يَصِيرُ في ضَمَانِهِمَا يُطَالَبَانِ بِهِ وَيَلْزَمُهُمَا عَمَلُهُ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عن الْقَاضِي احْتِمَالًا لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا ما يَلْزَمُ صَاحِبَهُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَهَلْ يَصِحُّ مع اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ مع اخْتِلَافِ الصِّنَاعَةِ في الْأَصَحِّ‏.‏

قال النَّاظِمُ هذا أَجْوَدُ‏.‏

وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالنِّهَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ قال في الْهِدَايَةِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَيَصِحُّ في الِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالتَّلَصُّصِ على دَارِ الْحَرْبِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ‏)‏‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ في تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ في الْأَصَحِّ‏.‏

كَالِاسْتِئْجَارِ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ ‏(‏وَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا‏)‏‏.‏

أَنَّهُ لو تَرَكَ الْعَمَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَكَا لِيَحْمِلَا على دَابَّتَيْهِمَا وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا صَحَّ فَإِنْ تَقَبَّلَا حَمْلَ شَيْءٍ فَحَمَلَاهُ عَلَيْهِمَا صَحَّتْ الشَّرِكَة وَالْأُجْرَةُ على ما شَرَطَاهُ‏)‏‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كما لو أَطْلَقَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى

‏.‏

فوائد‏:‏

ُ‏.‏

الْأُولَى تَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ إنْ كان على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ وَإِنْ كان الْجُعْلُ على شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ‏.‏

قال وَلِلْحَاكِمِ اكراههم لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ نَظَرًا في الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا‏.‏

وقال أَيْضًا إنْ اشْتَرَكُوا على أَنَّ كُلَّ ما حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لم يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ تَجُوزُ حَيْثُ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ‏.‏

وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهَا وَجْهَانِ كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ لَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ فِيمَا يَحْصُلُ له ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَاقْتَصَرَ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فيها من وَكَالَةٍ وَهِيَ على هذا الْوَجْهِ لَا تَصِحُّ كَأَجِّرْ دَابَّتَك وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَخْرُجُ عن الضَّمَانِ وَالْوَكَالَةِ وَلَا وَكَالَةَ هُنَا فإنه لَا يُمْكِنُ تَوْكِيلُ أَحَدِهِمَا على بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَلَا ضَمَانَ فإنه لَا دَيْنَ يَصِيرُ بِذَلِكَ في ذِمَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا تَقَبُّلَ عَمَلٍ‏.‏

وقال في الْمُوجَزِ تَصِحُّ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على جَوَازِهَا‏.‏

فقال في رِوَايَةِ أبى دَاوُد وقد سُئِلَ عن الرَّجُلِ يَأْخُذُ الثَّوْبَ لِيَبِيعَهُ فَيَدْفَعَهُ إلَى آخَرَ لِيَبِيعَهُ وَيُنَاصِفَهُ ما يَأْخُذُ من الْكِرَاءِ قال الْكِرَاءُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا يَشْتَرِكَانِ فِيمَا أَصَابَا انْتَهَى‏.‏

وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ جَوَازُهَا‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ يَجُوزُ إنْ قِيلَ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ وهو مَعْنَى كَلَامِهِ في الْمُجَرَّدِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ حَكَى الْقَوْلَ الثَّانِي قُلْت هذا إذَا أَذِنَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو في النِّدَاءِ على شَيْءٍ أو وَكَّلَهُ في بَيْعِهِ ولم يَقُلْ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا أنت‏.‏

فَفَعَلَهُ بَكْرٌ بِإِذْنِ عَمْرٍو فَإِنْ صَحَّ فَالْأُجْرَةُ لَهُمَا على ما شَرَطَاهُ وَإِنْ لم تَصِحَّ فَلِبَكْرٍ أُجْرَةُ مِثْلِهِ على عَمْرٍو‏.‏

وَإِنْ اشْتَرَكَا ابْتِدَاءً في النِّدَاءِ على شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أو على ما يَأْخُذَانِهِ أو على ما يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا من مَتَاعِ الناس أو في بَيْعِهِ صَحَّ وَالْأُجْرَةُ لَهُمَا على ما شَرَطَاهُ وَإِلَّا اسْتَوَيَا فيها وَبِالْجُعْلِ جَعَالَةٌ انْتَهَى‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ مع الْعِلْمِ بِالشَّرِكَةِ إذْنٌ لهم‏.‏

قال وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ ما أَخَذَ ولم يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا في الْكَسْبِ جَازَ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ كَالْمُبَاحِ وَلِئَلَّا تَقَعَ مُنَازَعَةٌ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا نَقَلْت من خَطِّ بن الصَّيْرَفِيِّ مِمَّا عَلَّقَهُ على عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قال ذَهَبَ الْقَاضِي إلَى أَنَّ شَرِكَةَ الدَّلَّالِينَ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ في مَالِ الْغَيْرِ‏.‏

وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن عَقِيلٍ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ على ما قَالَهُ في مَنَافِعِ الْبَهَائِمِ انْتَهَى‏.‏

وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ إذَا قال أنا أَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَتَعْمَلُ أنت وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا جَازَ جَعْلًا لِضَمَانِ الْمُتَقَبِّلِ كَالْمَالِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِآخَرَ راويه وَالثَّالِثُ يَعْمَلُ صَحَّ فى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فإنه نَصَّ فى الدَّابَّةِ يَدْفَعُهَا إلَى آخَرَ يَعْمَل عليها على أَنَّ لَهُمَا الْأُجْرَةَ على صِحَّةِ ذلك وَهَذَا مِثْلُهُ‏.‏

فَعَلَى هذا يَكُونُ ما رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ على ما اتَّفَقُوا عليه‏.‏

وَكَذَا لو اشْتَرَكَ أَرْبَعَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَلِآخَرَ رَحًا وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ وَالرَّابِعُ يَعْمَلُ وَهَذَا الصَّحِيحُ فِيهِمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

وَقِيلَ الْعَقْدُ فَاسِدٌ في الْمَسْأَلَتَيْنِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ فَاسِدَتَانِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ‏.‏

فَعَلَى الثَّانِي لِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ وَعَلَيْهِ لِرُفْقَتِهِ أُجْرَةُ آلَاتِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ إنْ قَصَدَ السَّقَّاءُ أَخْذَ الْمَاءِ فَلَهُمْ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ الْمَاءُ لِلْعَامِلِ بِغَرْفِهِ له من مَوْضِعٍ مُبَاحٍ لِلنَّاسِ‏.‏

وَقِيلَ الْمَاءُ لهم على قَدْرِ أُجْرَتِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ بَلْ إثلاثا انْتَهَى‏.‏

الرَّابِعَةُ لو اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ من الْأَرْبَعَةِ ما ذُكِرَ صَحَّ‏.‏

وَهَلْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ أو أَرْبَاعًا على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على ما إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا بِمَهْرٍ وَاحِدٍ أو كَاتَبَ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ على ما يَأْتِي في مَوَاضِعِهِ‏.‏

وَإِنْ تَقَبَّلَ الْأَرْبَعَةُ الطَّحْنَ في ذممهم ‏[‏ذمتهم‏]‏ صَحَّ وَالْأُجْرَةُ أَرْبَاعًا وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ على رُفْقَتِهِ لِتَفَاوُتِ قَدْرِ الْعَمَلِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَجْرِ الْمِثْلِ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو قال أَجِّرْ عبدى وَأُجْرَتُهُ بَيْنَنَا فَالْأُجْرَةُ كُلُّهَا لِلسَّيِّدِ وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏الْخَامِسُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَهِيَ أَنْ يُدْخِلَا في الشَّرِكَةِ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ كَوِجْدَانِ لُقَطَةٍ أو رِكَازٍ أو ما يَحْصُلُ لَهُمَا من مِيرَاثٍ وما يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا من ضَمَانِ غَصْبٍ أو أَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِ ذلك‏)‏‏.‏

كما يَحْصُلُ لهما من هِبَةٍ أو وَصِيَّةٍ تفريط ‏[‏وتفريض‏]‏ وَتَعَدٍّ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ‏.‏

‏(‏فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ‏)‏‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ على ضَرْبَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا أَنْ يُفَوِّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ الشِّرَاءَ أو الْبَيْعَ وَالْمُضَارَبَةَ وَالتَّوْكِيلَ وَالِابْتِيَاعَ في الذِّمَّةِ وَالْمُسَافَرَةَ بِالْمَالِ وَالِارْتِهَانَ وَضَمَانَ ما يُرَى من الْأَعْمَالِ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عن شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَالْوُجُوهِ‏.‏

وَالْأَبْدَانِ وَجَمِيعُهَا مَنْصُوصٌ على صِحَّتِهَا وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَاهُ وَالْوَضِيعَةُ على قَدْرِ الْمَالِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ اشْتَرَكَا في كل ما يَثْبُتُ لَهُمَا أو عَلَيْهِمَا ولم يُدْخِلَا فيها كَسْبًا نَادِرًا أو غَرَامَةً كَلُقَطَةٍ وَضَمَانِ مَالٍ صَحَّ‏.‏

وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ والمفاوضة أَنْ يُفَوِّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ وَبَدَنِيٍّ من أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ في كل وَقْتٍ وَمَكَانٍ على ما يُرَى وَالرِّبْحُ على ما شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَتَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ أو وُجُوهٍ أو أَبْدَانٍ وَمُضَارَبَةٍ انْتَهَوْا‏.‏

الضَّرْبُ الثَّانِي ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهِيَ أَنْ يُدْخِلَا فيها الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ وَنَحْوَهَا فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الْمُحَرَّرِ إنْ اشْتَرَكَا في كل ما يَثْبُتُ لَهُمَا أو عَلَيْهِمَا صَحَّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ نَصَّ عليه وَأَطْلَقَ وَذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا‏.‏

وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَقُولَ أنت شَرِيكٌ لي في كل ما يَحْصُلُ لي بِأَيِّ جِهَةٍ كانت من إرْثٍ وَغَيْرِهِ لنا فيه رِوَايَتَانِ الْمَنْصُورُ لَا تَصِحُّ انْتَهَى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا رِبْحُ مَالِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وما يَسْتَفِيدُهُ له وَيَخْتَصُّ بِضَمَانِ ما غَصَبَهُ أو جَنَاهُ أو ضَمِنَهُ عن الْغَيْرِ‏.‏

بَابُ‏:‏الْمُسَاقَاةِ

فائدة‏:‏

الْمُسَاقَاةُ مُفَاعَلَةٌ من السقى وَهِيَ دَفْعُ شَجَرٍ إلَى من يَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ من ثَمَرَتِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

قال السَّامِرِيُّ في مُسْتَوْعَبِهِ هِيَ أَنْ يُسَلِّمَ نَخْلَهُ أو كَرْمَهُ أو شَجَرًا له ثَمَرٌ مَأْكُولٌ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ ما يُدْفَعُ إلَيْهِ لِيَغْرِسَهُ وَيَعْمَلَ عليه وَلَا بِمَانِعٍ لِدُخُولِ ماله ثَمَرُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالصَّنَوْبَرِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ في النَّخْلِ وَكُلِّ شَجَرٍ له ثَمَرٌ مَأْكُولٌ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ تَصِحُّ على كل ثَمَرٍ مَقْصُودٍ فَلَا تَصِحُّ في الصَّنَوْبَرِ‏.‏

وَقَالَا تَصِحُّ على ما يُقْصَدُ وَرَقُهُ أو زَهْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَنَحْوِهِ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ إلَّا في النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لَا غَيْرُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ ما تَقَدَّمَ وَلَا تَصِحُّ على شَجَرٍ بِثَمَرٍ بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ وَقِيلَ تَصِحُّ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو مُشْكِلٌ فإن النَّخْلَ وَبَعْضَ الْأَشْجَارِ لَا تُثْمِرُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

لو سَاقَاهُ على ما يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ من أُصُولِ الْبُقُولِ والخضروات ‏[‏والخضراوات‏]‏ كَالْقُطْنِ وَالْمَقَاثِي وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِ لم تَصِحَّ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ على ما لَا سَاقَ له‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ إنْ قِيلَ هِيَ كَالشَّجَرِ صَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِنْ قِيلَ هِيَ كَالزَّرْعِ فَهِيَ مُزَارَعَةٌ وَفِيهِ وَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُعَامَلَةِ وما في مَعْنَاهُمَا‏)‏ نَحْوُ فَالَحْتُك أو أعمل بُسْتَانِي هذا قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَبِقَوْلِهِ تَعَهَّدْ نَخْلِي أو أَبِّرْهُ أو اسْقِهِ وَلَك كَذَا أو أَسْلَمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ بِكَذَا من ثَمَرِهِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وَهُمَا في الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَقَالُوا هو أَقْيَسُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ إنْ صَحَّتْ بِلَفْظِهَا كانت إجَارَةً ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وقد نَصَّ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فِيمَنْ قال أَجَّرْتُك هذه الْأَرْضَ بِثُلُثِ ما يَخْرُجُ منها أَنَّهُ يَصِحُّ وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ‏.‏

وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَاخْتَارَهُ في الْمُسَاقَاةِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ أَنَّ هذه مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

فَعَلَى هذا يَكُونُ ذلك على قَوْلِنَا لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ من رَبِّ الْأَرْضِ كما هو مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ من الْعَامِلِ على ما يَأْتِي في الْمُزَارَعَةِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه إجَارَةٌ وان الْإِجَارَةَ تَجُوزُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ من الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ منها وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ من الْأَرْضِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ‏.‏

قال الشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ‏.‏

وقال هِيَ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ‏.‏

وَعَنْهُ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ لها شُرُوطُ الْإِجَارَةِ من تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فَوَائِدُ‏:‏

الْأُولَى لو صَحَّ فِيمَا تَقَدَّمَ إجَارَةٌ أو مُزَارَعَةٌ فلم يَزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ‏.‏

فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فيه فَإِنْ فَسَدَتْ وَسُمِّيَتْ إجَارَةً فأجره الْمِثْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ جَعَلَ من صَحَّحَهَا إجَارَةً الْعِوَضَ غير مَضْمُونٍ‏.‏

وَقِيلَ قِسْطُ الْمِثْلِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ تَجُوزُ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ من جِنْسِ الْخَارِجِ على الصَّحِيحِ نَصَرَهَا أبو الْخَطَّابِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وهو الْمُخْتَارُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

قال ابن رَزِينٍ لَا تَصِحُّ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَحَمَلَ الْقَاضِي الْجَوَازَ على الذِّمَّةِ وَالْمَنْعَ على أَنَّهُ منه‏.‏

الثَّالِثَةُ إجَارَتُهَا بِطَعَامٍ من غَيْرِ جِنْسِ الْخَارِجِ تَصِحُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْحَسَنِ بن ثَوَابٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعَنْهُ رُبَّمَا قال نَهَيْته‏.‏

قال الْقَاضِي هذا من الْإِمَامِ أَحْمَدَ على سَبِيلِ الْوَرَعِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَهَلْ تَصِحُّ على ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ‏)‏ يَعْنِي إذَا لم تَكْمُلْ ‏(‏على رِوَايَتَيْنِ‏)‏

‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

إحْدَاهُمَا تَصِحُّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ تَصِحُّ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ تَصِحُّ على الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو زَارَعَهُ على زَرْعٍ نَابِتٍ يَنْمُو بِالْعَمَلِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَمَّا إنْ زَارَعَهُ على الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وما يَتَعَلَّقُ بِهِ في أَوَّلِ فَصْلِ الْمُزَارَعَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ سَاقَاهُ على شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عليه حتى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ من الثَّمَرَةِ صَحَّ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَصِحُّ‏.‏

قال الْقَاضِي الْمُعَامَلَةُ بَاطِلَةٌ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ الْغَرْسُ من رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنْ شَرَطَهُ على الْعَامِلِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ إذَا شُرِطَ الْبَذْرُ من الْعَامِلِ على ما يَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

فوائد‏:‏

ُ‏.‏

الْأُولَى قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ جَوَازُ الْمُسَاقَاةِ على شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عليه بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ من الشَّجَرِ أو بِجُزْءٍ من الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ كَالْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ وَالْمُنَاصَبَةُ‏.‏

وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ في كِتَابِهِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ أَخِيرًا وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال وَلَوْ كان مَغْرُوسًا وَلَوْ كان نَاظِرَ وَقْفٍ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ من الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَأَنَّ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا في مَحَلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ انْتَهَى‏.‏

وَهَذَا احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو كان الِاشْتِرَاكُ في الْغِرَاسِ وَالْأَرْضِ فَسَدَتْ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت وَصَحَّحَ الْمَالِكِيُّونَ الْمُغَارَسَةَ في الْأَرْضِ الْمِلْكِ لَا الْوَقْفِ بِشَرْطِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ جُزْءًا من الْأَرْضِ مع الْقِسْطِ من الشَّجَرِ انْتَهَى الثَّالِثَةُ لو عَمَلَا في شَجَرٍ لَهُمَا وهو بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ في ثَمَرِهِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِنِصْفِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فَعَلَى هذا الْوَجْهِ في أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ له الْأُجْرَةُ على الْآخَرِ قِيَاسًا على نَظَائِرِهَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ‏)‏‏.‏

في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وقد سُئِلَ عن الْأَكَّارِ يَخْرُجُ من غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ فلم يَمْنَعْهُ من ذلك‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

وَقِيلَ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

واختاره ‏[‏واختار‏]‏ في التَّبْصِرَةِ أنها جَائِزَةٌ من جِهَةِ الْعَامِلِ بَلْ لَازِمَةٌ من جِهَةِ الْمَالِكِ مَأْخُوذٌ من الْإِجَارَةِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُبْطِلُهَا ما يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا‏.‏

فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قبل ظُهُورِهَا فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ قال في الرِّعَايَةِ أو أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ‏.‏

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِمَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ‏.‏

وَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ في مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ فَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا تَكْمُلُ فيها لم تَصِحَّ‏.‏

وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا له أُجْرَةُ مِثْلِهِ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

قال في التَّصْحِيحِ أَحَدُهُمَا إنْ عَمِلَ فيها وَظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ فَلَهُ أجره مِثْلِهِ وهو الصَّحِيحُ وَإِنْ لم تَظْهَرْ فَلَا شَيْءَ له‏.‏

وَكَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَاهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا أُجْرَةَ له وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ جَهِلَ ذلك فَلَهُ أجره وَإِلَّا فَلَا‏.‏

تنبيه‏:‏

عَكَسَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ بِنَاءً على الْوَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ من الْكَاتِبِ حين التَّبْيِيضِ أو سبقه قَلَمٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان الْبَذْرُ من رَبِّ الْأَرْضِ وَفَسَخَ قبل ظُهُورِ الزَّرْعِ أو قبل الْبَذْرِ وَبَعْدَ الْحَرْثِ فقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِ الْعِمَارَةِ التي هِيَ الْآبَارُ وَيَكُونُ شَرِيكًا في الْأَرْضِ بِعِمَارَتِهِ‏.‏

وَاخْتَارَ بن مَنْصُورٍ أَنَّهُ تَجِبُ له أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِبَدَنِهِ وما أَنْفَقَ على الْأَرْضِ من مَالِهِ وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمة اللَّهُ عليه‏.‏

وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ زَارَعَ رَجُلًا على مَزْرَعَةِ بُسْتَانٍ ثُمَّ أَجَّرَهَا هل تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ‏.‏

فقال إنْ زَارَعَهُ مُزَارَعَةً لَازِمَةً لم تَبْطُلْ بِالْإِجَارَةِ وَإِنْ لم تَكُنْ لَازِمَةً أعطى الْفَلَّاحُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ‏.‏

وَأَفْتَى أَيْضًا في رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضًا وَكَانَتْ بُورًا وَحَرَثَهَا فَهَلْ له إذَا خَرَجَ منها فَلَاحُهُ إنْ كان له في الْأَرْضِ فلاحه لم يَنْتَفِعْ بها فَلَهُ قِيمَتُهَا على من انْتَفَعَ بها فَإِنْ كان الْمَالِكُ انْتَفَعَ بها أو أَخَذَ عِوَضًا عنها الْمُسْتَأْجِرُ فَضَمَانُهَا عليه وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عن الْأَرْضِ وَحْدَهَا فَضَمَانُ الْفِلَاحَةِ على الْمُسْتَأْجِرِ الْمُنْتَفِعِ بها‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَنَصَّ الأمام أَحْمَدُ في ‏[‏وفي‏]‏ رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا‏.‏

مَفْلُوحَةً وَشَرَطَ عليه أَنْ يَرُدَّهَا مَفْلُوحَةً فما أَخَذَهَا أَنَّ له أَنْ يَرُدَّهَا عليه كما شَرَطَ قال وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ ذلك في الْمُزَارَعَةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً قد تَكْمُلُ وقد لَا تَكْمُلُ فَهَلْ تَصِحُّ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ‏.‏

قال النَّاظِمُ هذا أَقْوَى وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو جَعَلَاهَا إلَى الْجِدَادِ أو إلَى إدْرَاكِهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوَجْهَيْنِ هُنَا‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ الصِّحَّةُ وَإِنْ مَنَعْنَا في التي قَبْلَهَا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قُلْنَا لَا تَصِحُّ فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا له الْأُجْرَةُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَطَعَ بِهِ في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَمَالَ إلَيْه ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له أُجْرَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ تَمَّمَ الْوَارِثُ فَإِنْ أَبَى اُسْتُؤْجِرَ على‏.‏

الْعَمَلِ‏)‏ يَعْنِي اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ ‏(‏من تَرِكَتِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ‏)‏ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا‏)‏‏.‏

يَعْنِي إذَا مَاتَ الْعَامِلُ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْعَمَلَ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ عليه وَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كان بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَا أَنَّ في اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ خِلَافًا مُطْلَقًا فإنه قال فَإِنْ لم يَصْلُحْ فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَجْهَانِ‏.‏

وَالْعُرْفُ بين الْأَصْحَابِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لم يَظْهَرْ لَا إذَا لم يَصْلُحْ فَلْيُعْلَمْ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَهُ‏)‏ يَعْنِي قبل الظُّهُورِ فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ على وَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن منجا وَالنَّظْمِ‏.‏

أَحَدُهُمَا له الْأُجْرَةُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الأدمى‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له أجره وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْعَامِلِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كان قد بَدَا صَلَاحُهُ خُيِّرَ الْمَالِكُ بين الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ الْعَامِلِ جَازَ وَإِنْ اخْتَارَ بَيْعَ نَصِيبِهِ بَاعَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْعَامِلِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا لم يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَحْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ‏.‏

وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ شِرَاؤُهُ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَكَذَا الْحُكْمُ في بَيْعِ الزَّرْعِ فإنه إنْ بَاعَهُ قبل ظُهُورِهِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ صَحَّ‏.‏

وَفِيمَا بَيْنَهُمَا لِغَيْرِ رَبِّ الْأَرْضِ بَاطِلٌ وَفِيهِ له وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْفُصُولِ‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى عَدَمَ الصِّحَّةِ‏.‏

قلت قد تَقَدَّمَ في بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ الْخِلَافُ هُنَاكَ وَأَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَكَذَلِكَ إنْ هَرَبَ الْعَامِلُ فلم يُوجَدْ له ما يُنْفِقُ منه عليها‏)‏‏.‏

يَعْنِي حُكْمُهُ حُكْمُ ما لو مَاتَ كما تَقَدَّمَ من التَّفْصِيلِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجا‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْهَارِبَ ليس له أَجْرُهُ قبل الظُّهُورِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوْلَى في هذه الصُّورَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو ظَهَرَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ على غَاصِبِهِ وَلَا شَيْءَ على رَبِّهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ عَمِلَ فيها رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أو إشْهَادٍ رَجَعَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا‏)‏‏.‏

إذَا عَمِلَ فيها رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا أَشْهَدَ‏.‏

وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ في الرُّجُوعِ إذَا نَوَاهُ ولم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمُ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الضَّمَانِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ‏.‏

وَكَذَلِكَ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ الاشهاد على نِيَّةِ الرُّجُوعِ‏.‏

وفي المغنى وَغَيْرِهِ وَجْهٌ لَا يُعْتَبَرُ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وهو الصَّحِيحُ‏.‏

وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ ولم يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ‏.‏

وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ‏.‏

أَمَّا إذَا لم يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ عَجْزًا عنه أولا‏.‏

فَإِنْ تَرَكَ اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ عَجْزًا فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَإِنْ لم يَنْوِ الرُّجُوعَ لم يَرْجِعْ‏.‏

وَإِنْ قَدَرَ على الِاسْتِئْذَانِ ولم يَسْتَأْذِنْهُ وَنَوَى الرُّجُوعَ فَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عن غَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ أَمْكَنَ إذْنُ الْعَامِلِ أو الْحَاكِمِ ولم يَسْتَأْذِنْهُ بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ أو أَشْهَدَ مع النِّيَّةِ فَوَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ ما فيه صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَزِيَادَتُهَا من السقى وَالْحَرْثِ وَالْإِبَارِ وَالتَّلْقِيحِ وَالتَّشْمِيسِ وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَمَوْضِعِ التَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ‏)‏‏.‏

وَيَلْزَمُ أَيْضًا قَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ وَآلَةُ الْحِرَاثَةِ وَبَقَرُ الْحَرْثِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال ابن رَزِينٍ في بَقَرِ الْحَرْثِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْفَأْسُ النُّحَاسُ التي تَقْطَعُ الدَّغَلَ فَلَا يَنْبُتُ وهو مَعْنَى ما في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قلت قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ قَطْعُ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ ما فيه حِفْظُ الْأَصْلِ من سَدِّ الْحِيطَانِ وَإِجْرَاءِ الْأَنْهَارِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ وَالدُّولَابِ وما يُدِيرُهُ‏)‏‏.‏

وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا شِرَاءُ الْمَاءِ وما يُلَقِّحُ بِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْأَصْحَابُ بَقَرُ الدُّولَابِ على رَبِّ الْمَالِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وقال ابن أبى مُوسَى وَالْمُصَنِّفِ يَلْزَمُ الْعَامِلَ بَقَرُ الدُّولَابِ كَبَقَرِ الْحَرْثِ‏.‏

وَقِيلَ ما يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَهُوَ على الْعَامِلِ وما لَا فَلَا‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَصَحُّ إلَّا ما يُلَقِّحُ بِهِ فإنه على رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ تَكَرَّرَ كُلَّ سَنَةٍ‏.‏

وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في بَقَرِ الْحَرْثِ وَالسَّانِيَةِ وَهِيَ الْبَكَرَةُ وما يُلَقِّحُ بِهِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السِّبَاخُ على الْمَالِكِ وَكَذَلِكَ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِالزِّبْلِ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَلَكِنْ تَفْرِيقُهُ في الْأَرْضِ على الْعَامِلِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَرَطَ على أَحَدِهِمَا ما يَلْزَمُ الْآخَرَ لم يَجُزْ وَفَسَدَ الشَّرْطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا في الْجِدَادِ على ما يَأْتِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَسَدَ الشَّرْطُ في الْأَقْيَسِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ يَفْسُدُ شَرْطُ خَرَاجٍ أو بَعْضِهِ على عَامِلٍ‏.‏

وَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ من الرِّوَايَةِ التي في الْجِدَادِ إذَا شَرَطَهُ على الْعَامِلِ وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ هُنَا لَكِنْ قال بِشَرْطِ أَنْ يعمل ‏[‏يصل‏]‏ الْعَامِلُ أَكْثَرَ الْعَمَلِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ في بُطْلَانِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَفْسُدُ اخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَحُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه وما يُرَدُّ‏)‏‏.‏

وما يُبْطِلُ الْعَقْدَ وفي الْجُزْءِ الْمَقْسُومِ كما تَقَدَّمَ في الْمُضَارِبِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وقال في الْمُوجَزِ إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا شُرِطَ له صُدِّقَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُصَدَّقُ رَبُّ الْأَرْضِ في قَدْرِ ما شَرَطَهُ له وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَقِيلَ بَلْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وهو أَصَحُّ‏.‏

فائدة‏:‏

ليس للمساقى أَنْ يساقى على الشَّجَرِ الذي سَاقَى عليه وَكَذَا الْمُزَارِعُ كَالْمُضَارِبِ قَالَهُ في المغنى وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ ضُمَّ إلَيْهِ من يُشَارِفُهُ فَإِنْ لم يُمْكِنْ حِفْظُهُ اُسْتُؤْجِرَ من مَالِهِ من يَعْمَلُ الْعَمَلَ‏)‏‏.‏

وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ اُتُّهِمَ بِالْخِيَانَةِ ولم تَثْبُتْ فقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ فى شَرْحِهِ يَحْلِفُ كَالْمُضَارِبِ‏.‏

قلت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وقال غَيْرُهُمْ لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ من نَفْسِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَمُرَادُ غَيْرِهِ في أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَلَا تنافى بَيْنَهُمَا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ لم تَثْبُتْ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ فَمِنْ الْمَالِكِ

‏.‏

وقال في الْمُنْتَخَبِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ لم يَقَعْ النَّفْعُ بِهِ لِعَدَمِ بَطْشِهِ أُقِيمَ مَقَامَهُ أو ضُمَّ إلَيْهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ شَرَطَ إنْ سَقَى سَيْحًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ سقي بكلفه فَلَهُ النِّصْفُ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَلَهُ النِّصْفُ لم يَصِحَّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏)‏‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْأُولَى وفي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال نَصَّ عليه‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِنَاءً على قَوْلِهِ في الْإِجَارَةِ إنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ فإنه يَصِحُّ على الْمَنْصُوصِ على ما يَأْتِي وَهَذَا مِثْلُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الثَّانِيَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

احداهما لو قال لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَلَك الرُّبْعُ إنْ لم تَلْزَمْك‏.‏

خَسَارَةٌ لم تَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وقال هذا شَرْطَانِ في شَرْطٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ يَخْرُجُ فيها مِثْلُ ما إذَا قال إن ‏[‏إذا‏]‏ سَقَى سَيْحًا فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَقَى بكلفة فَلَهُ كَذَا‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال ما زَرَعْت من شَيْءٍ فلى نِصْفُهُ صَحَّ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً‏.‏

وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ أَحَلُّ من الإجاره لِاشْتِرَاكِهِمَا في الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ‏.‏

وَحَكَى أبو الْخَطَّابِ رِوَايَةً بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ ذَكَرَهَا في مَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏فَإِنْ كان في الْأَرْضِ شَجَرٌ فَزَارَعَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ صَحَّ‏)‏‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا أَجَّرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ على الشَّجَرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذلك حِيلَةً أولا فَإِنْ كان غير حِيلَةٍ فقال في الْفُرُوعِ فَكَجَمْعٍ بين بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ صَحَّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ أَيْضًا في أَوَاخِرِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالشَّارِحُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَغَيْرِهِ‏.‏

وَإِنْ كان حِيلَةً فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ في هذا الْبَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ في بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لم تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إنْ جَمَعَهُمَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ‏.‏

قلت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في بِلَادِ الشَّامِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كانت الْمُسَاقَاةُ في عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ أو تَفْسُدُ هِيَ والإجاره فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَفْسُدَانِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ‏.‏

وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في عَقْدٍ وَاحِدٍ فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الاجاره وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَوَاءٌ صَحَّتْ أولا فما ذَهَبَ من الشَّجَرِ ذَهَبَ ما يُقَابَلُ من الْعِوَضِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تَجُوزُ إجازة ‏[‏إجارة‏]‏ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لِحَمْلِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَاهُ أبو عُبَيْدٍ إجْمَاعًا‏.‏

قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لم يُثْمِرْ وجوره ‏[‏وجوزه‏]‏ ابن عقيل تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَلَوْ كان الشَّجَرُ أَكْثَرَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَجَوَّزَ شَيْخُنَا إجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا وَيَقُومُ عليها الْمُسْتَأْجِرُ كَإِجَارَةِ أَرْضٍ لِلزَّرْعِ بِخِلَافِ بَيْعِ السِّنِينَ‏.‏

فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا أُجْرَةَ وَإِنْ نَقَصَتْ عن الْعَادَةِ فَالْفَسْخُ أو الْأَرْشُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ وَهِيَ كَجَائِحَةٍ انْتَهَى‏.‏

وإما إجَارَتُهَا لِنَشْرِ الثِّيَابِ عليها وَنَحْوِهِ فَتَصِحُّ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ من رَبِّ الْأَرْضِ‏)‏‏.‏

هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا‏.‏

قلت وهو أَقْوَى دَلِيلًا‏.‏

‏(‏وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ‏)‏‏.‏

وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه‏.‏

قال الشَّارِحُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان الْبَذْرُ كُلُّهُ من الْعَامِلِ فَالزَّرْعُ له وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ‏.‏

وَقِيلَ الْمُخَابَرَةُ أَنْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَا على جَدْوَلٍ أو سَاقِيَةٍ أو غَيْرِهِمَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا في الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ أنها تمتلك ‏[‏تتملك‏]‏ بِالنَّفَقَةِ من زَرْعِ الْغَاصِبِ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالسَّبْعِينَ وقد رأيت كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدُلُّ عليه لَا على خِلَافِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما لو كان الْبَذْرُ من الْعَامِلِ أو غَيْرِهِ وَالْأَرْضُ هما ‏[‏لهما‏]‏ أو بَيْنَهُمَا وهو صَحِيحٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ كان من الْعَامِلِ أو مِنْهُمَا او من الْعَامِلِ والارض بَيْنَهُمَا ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ‏.‏

وقال الْأَصْحَابُ لو كان الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ‏.‏

فائدتان‏:‏

الأولي لو رُدَّ على عَامِلٍ كبذرة فَرِوَايَتَانِ في الْوَاضِحِ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قلت أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَطَعُوا بِفَسَادِهَا حَيْثُ شَرَطَ ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ لو كان الْبَذْرُ من ثَالِثٍ أو من أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ من آخَرَ أو الْبَقَرُ من رَابِعٍ لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُ تَخْرِيجًا بِالصِّحَّةِ‏.‏

وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ‏.‏

وَذَكَرَ بن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ‏.‏

وَلَوْ كانت الْبَقَرُ من وَاحِدٍ وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَسَائِرُ الْعَمَلِ من آخَرَ جَازَ قَالَهُ في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ كان من أَحَدِهِمَا الْمَاءُ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ تَأْتِيَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قلت ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ واكثر الْأَصْحَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ ثُمَّ وَجَدْت الشَّارِحَ صَحَّحَهُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِي فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من الْمُضَارَبَةِ‏.‏

وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَخْذَ الْبَذْرِ أو بَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ وقال يَلْزَمُ من اعْتَبَرَ الْبَذْرَ من رَبِّ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فَاسِدٌ‏.‏

وقال أَيْضًا تَجُوزُ كَالْمُضَارَبَةِ وَكَاقْتِسَامِهِمَا ما يَبْقَى بَعْدَ الْكُلْفِ‏.‏

وقال أَيْضًا وَيُتْبَعُ في الْكُلْفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفُ ما لم يَكُنْ شَرْطٌ وَاشْتِرَاطُ عَمَلِ الْآخَرِ حتى يُثْمِرَ بِبَعْضِهِ‏.‏

قال وما طُلِبَ من قَرْيَةٍ من وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَإِنْ وُضِعَتْ على الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ أو على الْعَقَارِ فَعَلَى رَبِّهِ ما لم يَشْتَرِطْهُ على مُسْتَأْجِرٍ وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا رَجَعَ إلَى الْعَادَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَرَطَ أَحَدُهُمَا اخْتِصَاصًا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ من غَلَّةٍ أو دَرَاهِمَ أو زَرْعِ جَانِبٍ من الْأَرْضِ أو زِيَادَةِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ فَسَدَتْ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَالْحَصَادُ على الْعَامِلِ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ عَلَيْهِمَا وهو رِوَايَةٌ عِنْدَ بن رَزِينٍ وَاحْتِمَالٌ لأبى الْخَطَّابِ وَتَخْرِيجٌ لِجَمَاعَةٍ‏.‏

وقال في الْمُوجَزِ في الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَحَفِظَهُ بِبَذْرِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ في الْجِدَادِ‏.‏

فائدة‏:‏

اللِّقَاطُ كَالْحَصَادِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وقال في الْمُوجَزِ هل هو كَحَصَادٍ فيه رِوَايَتَانِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قلت وَاللِّقَاطُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَكَذَلِكَ الْجِدَادُ‏)‏‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ على الْعَامِلِ كَالْحَصَادِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَتَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيَاسٌ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ بن رَزِينٍ والمغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

وَعَنْهُ أَنَّ الْجِدَادَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا إلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ على الْعَامِلِ نَصَّ عليه وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُكْرَهُ الْحَصَادُ وَالْجِدَادُ لَيْلًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ قال أنا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي وَتَسْقِيهَا بِمَائِك وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا فَهَلْ يَصِحُّ على رِوَايَتَيْنِ‏)‏‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ‏.‏

قَوْلُهُ ‏(‏وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ في نَصِيبِهِ صَحَّ‏)‏‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِه ابن منجا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرُ من نَصِيبِهِ وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا ما سَقَطَ من الْحَبِّ وَقْتَ الْحَصَادِ إذَا نَبَتَ في الْعَامِ الْقَابِلِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه‏.‏

وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ وَجْهًا أَنَّهُ لَهُمَا‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ هو لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا أو مُسْتَأْجِرًا أو مُسْتَعِيرًا‏.‏

وَقِيلَ له حُكْمُ الْعَارِيَّةِ‏.‏

وَقِيلَ حُكْمُ الْغَصْبِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ‏.‏

وَيَأْتِي في الْعَارِيَّةِ إذَا حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرَ إنْسَانٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَنَبَتَ‏.‏

وَكَذَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرًا فَصَارَ سُنْبُلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ لو أَعَارَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَجْعَلَ فيها شَوْكًا أو دوابا ‏[‏دواب‏]‏ فَتَنَاثَرَ فيها حَبٌّ أو نَوًى فَهُوَ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلِلْمُعِيرِ إجْبَارُهُ على قَلْعِهِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على ذلك في الْغَاصِبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَجَّرَ أَرْضَهُ سَنَةً لِمَنْ يَزْرَعُهَا فَزَرَعَهَا فلم يَنْبُتْ الزَّرْعُ في تِلْكَ السَّنَةِ ثُمَّ نَبَتَ في السَّنَةِ الْأُخْرَى فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ قبل إدْرَاكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏