فصل: فائدة: (تعريف الوديعة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ الْوَدِيعَةِ

فائدة‏:‏ ‏[‏تعريف الوديعة‏]‏

الْوَدِيعَةُ عِبَارَةٌ عن تَوَكُّلٍ لِحِفْظِ مَالِ غَيْرِهِ تَبَرُّعًا بِغَيْرِ تَصَرُّفٍ قَالَهُ في الْفَائِقِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهِيَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ بِحِفْظِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا تَصَرُّفٍ فيه‏.‏

وقال في الْكُبْرَى وَالْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ أو اسْتِنَابَةٌ في حِفْظِ مَالِ زَيْدٍ تَبَرُّعًا وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ‏.‏

وَيُعْتَبَرُ لها أَرْكَانُ الْوِكَالَةِ وَتَبْطُلُ بِمُبْطِلَاتِهَا‏.‏

وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فَهِيَ بَعْدَهُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ حُكْمُهَا في يَدِهِ حُكْمُ الثَّوْبِ إذَا أَطَارَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ في مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ الْوَدِيعَةُ لَا يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ بِالْقَوْلِ وَإِنَّمَا تَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ إلَى صَاحِبِهَا أو بِأَنْ يَتَعَدَّى الْمُودِعُ فيها‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسِّتِّينَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هذا تَفْرِيقًا بين فَسْخِ الْمُودِعِ وَالْمُودَعِ أو يَكُونَ منه اخْتِلَافًا في الْمَسْأَلَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ انْتَهَى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ إنْ بَطَلَ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ بَقِيَ الْمَالُ في يَدِهِ أَمَانَةً فَإِنْ تَلِفَ قبل التَّمَكُّنِ من رَدِّهِ فَهَدَرٌ وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ‏.‏

وقال أَيْضًا يَكْفِي الْقَبْضُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقِيلَ لَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تلفت ‏[‏تلف‏]‏ من بَيْنِ مَالِهِ لم يَضْمَنْ في اصح الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

يَعْنِي إذَا لم يَتَعَدَّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هذا اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ في آخَرِينَ أَنَّهُ أَصَحُّ‏.‏

قال الْقَاضِي هذا أَصَحُّ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في الْكَافِي هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَضْمَنُ نَصَّ عليها‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الرِّوَايَةِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَمَّا إنْ ثَبَتَ التَّلَفُ فإنه يَنْبَغِي انْتِفَاءُ الضَّمَانِ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

فائدة‏:‏

لو تَلِفَتْ مع مَالِهِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عليه بِلَا نِزَاعٍ في الْمَذْهَبِ وقد تَوَاتَرَ النَّصُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ‏.‏

وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَعَدِّيهِ وَتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا في حِرْزِ مِثْلِهَا‏.‏

يَعْنِي عُرْفًا كَالْحِرْزِ في السَّرِقَةِ على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هذا إذَا لم يُعَيِّنْ له صَاحِبُهَا حِرْزًا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ صَاحِبُهَا حِرْزًا فَجَعَلَهَا في دُونِهِ ضَمِنَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءً رَدَّهَا إلَى حِرْزِهَا الذي عينه له أو لَا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ رَدَّهَا إلَى حِرْزِهَا الذي عَيَّنَهُ له فَتَلِفَتْ لم يَضْمَنْ حَكَاهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ عَيَّنَ رَبُّهَا حِرْزًا فَأَحْرَزَهَا بِدُونِهِ ضَمِنَ‏.‏

قُلْت ولم يَرُدَّهَا إلَى حِرْزِهِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَزَهَا بمثله أو فَوْقَهُ لم يَضْمَنُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏.‏

وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الثَّانِيَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِحَاجَةٍ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وأبو حَكِيمٍ وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ أَحْرَزَهَا بمثله وَلَا يَضْمَنُ إنْ أَحْرَزَهَا بِأَعْلَى منه ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَقْيَسُ وَأَطْلَقَهُنَّ فِيهِمَا‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الْحَارِثِيُّ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بين الْجُعْلِ أو لا في غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَبَيْنَ النَّقْلِ إلَيْهِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَأَصْحَابُنَا لم يُفَرِّقُوا بين تَلَفِهَا بِسَبَبِ النَّقْلِ وَبَيْنَ تَلَفِهَا بِغَيْرِهِ‏.‏

وَعِنْدِي إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِ النَّقْلِ كَانْهِدَامِ الْبَيْتِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ ضَمِنَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ نَهَاهُ عن إخْرَاجِهَا فَأَخْرَجَهَا لِغَشَيَانِ شَيْءٍ الْغَالِبُ فيه التَّوَى لم يَضْمَنْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

لَكِنْ إذَا أَخْرَجَهَا فَلَا يُحْرِزُهَا إلَّا في حِرْزٍ مِثْلِهَا أو فَوْقَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَالْحَالَةُ هذه وَنَقَلَ إلَى أَدْنَى فَلَا ضَمَانَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ لِأَنَّهُ إذَنْ أَحْفَظُ وَلَيْسَ في الْوُسْعِ سِوَاهُ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا وَالْحَالَةُ هذه‏.‏

قال في الْكَافِي هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هذا أَصَحُّ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا في الْأَصَحِّ‏.‏

قال في الْفَائِقِ ضَمِنَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَ رَبِّهَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو تَعَذَّرَ الْأَمْثَلُ وَالْمُمَاثِلُ وَالْحَالَةُ هذه فَلَا ضَمَانَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا لِغَيْرِ خَوْفٍ ضَمِنَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ إخْرَاجُهَا لِغَيْرِ خَوْفٍ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لَا تُخْرِجْهَا وَإِنْ خِفْت عليها فاخرجها عِنْدَ الْخَوْفِ أو تَرَكَهَا لم يَضْمَنْ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ إنْ وَافَقَهُ أو خَالَفَهُ ضَمِنَ‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو أَخْرَجَهَا من غَيْرِ خَوْفٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَهُ بَهِيمَةً فلم يَعْلِفْهَا حتى مَاتَتْ ضَمِنَ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهَا وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي‏.‏

قُلْت لَكِنْ يَحْرُمُ تَرْكُ عَلَفِهَا وَيَأْثَمُ حتى وَلَوْ قال له لَا تَعْلِفْهَا على ما يَأْتِي‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو أَمَرَهُ بِعَلَفِهَا لَزِمَهُ ذلك مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مع قَبُولِهِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي‏.‏

وَمِنْهَا لو نَهَاهُ عن عَلَفِهَا انْتَفَى وُجُوبُ الضَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَظِّ الْمَالِكِ‏.‏

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُرْمَةِ فَلَا أَثَرَ لِنَهْيِهِ وَالْوُجُوبُ بَاقٍ بِحَالِهِ‏.‏

قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ يَضْمَنُ‏.‏

وَمِنْهَا إنْ كان إنْفَاقُهُ عليها بِإِذْنِ رَبِّهَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ فَأَنْفَقَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كان بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كان مع تَعَذُّرِهِ وَأَشْهَدَ على الْإِنْفَاقِ فَلَهُ الرُّجُوعُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً حَكَاهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَإِنْ كان مع إمْكَانِ إذْنِ الْحَاكِمِ ولم يستاذنه بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ فَقَطْ لم يَرْجِعْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في بَابِ الرَّهْنِ وَالْمُنَوِّرِ‏.‏

وَقِيلَ يَرْجِعُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ في بَابِ الرَّهْنِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ‏.‏

وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ إذَا أَنْفَقَ الْمُودِعُ على الْحَيَوَانِ الْمُسْتَوْدَعِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُ مَالِكِهِ رَجَعَ وَإِنْ لم يَتَعَذَّرْ فَطَرِيقَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا أَنَّهُ على الرِّوَايَتَيْنِ في قَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَوْلَى لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ حُرْمَةً في نَفْسِهِ تُوجِبُ تَقْدِيمَهُ على قَضَاءِ الدَّيْنِ أَحْيَانًا وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ مُتَابَعَةً لِأَبِي الْخَطَّابِ انْتَهَى‏.‏

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الرَّهْنِ أَيْضًا‏.‏

ومنها ‏[‏منها‏]‏ لو خِيفَ على الثَّوْبِ الْعُثُّ وَجَبَ عليه نَشْرُهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَتَلِفَ ضَمِنَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال اُتْرُكْهَا في كُمِّك فَتَرَكَهَا في جَيْبِهِ لم يَضْمَنْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَيَتَخَرَّجُ على الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ بِالضَّمَانِ بِالْإِحْرَازِ فِيمَا فَوْقَ الْعَيْنِ وُجُوبُ الضَّمَانِ هُنَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا في يَدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لَا يَضْمَنُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

وَالثَّانِي يَضْمَنُ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ في كِتَابَيْهِ وَقَدَّمَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ‏.‏

وفي التَّلْخِيصِ وَجْهٌ ثَالِثٌ إنْ تَلِفَتْ بِأَخْذِ غَاصِبٍ لم يَضْمَنْ لِأَنَّ الْيَدَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَحْرَزُ‏.‏

وَإِنْ تَلِفَتْ لِنَوْمٍ أو نِسْيَانٍ ضَمِنَ لِأَنَّهَا لو كانت في الْكُمِّ مَرْبُوطَةً لَمَا ذَهَبَتْ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى وَكَذَلِكَ الْحَكَمُ وَالْخِلَافُ لو قال اُتْرُكْهَا في يَدِك فَتَرَكَهَا في كُمِّهِ قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْقَاضِي الْيَدُ أَحْرَزُ عِنْدَ الْمُغَالَبَةِ وَالْكُمُّ احرز عِنْدَ عَدَمِ الْمُغَالَبَةِ‏.‏

فَعَلَى هذا إنْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهَا في يَدِهِ فَشَدَّهَا في كُمِّهِ في غَيْرِ حَالِ الْمُغَالَبَةِ فَلَا ضَمَانَ عليه وَإِنْ فَعَلَ ذلك عِنْدَ الْمُغَالَبَةِ ضَمِنَ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو جَاءَهُ إلَى السُّوقِ وَأَمَرَهُ بِحِفْظِهَا في بَيْتِهِ فَتَرَكَهَا عِنْدَهُ إلَى مُضِيِّهِ إلَى مَنْزِلِهِ ضَمِنَ‏.‏

جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ فقال الْأَصْحَابُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَالْحَالَةُ هذه وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَمَالَ إلَيْهِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَظْهَرُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو دَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَطْلَقَ ولم يُعَيِّنْ مَوْضِعًا فَتَرَكَهَا بِجَيْبِهِ أو يده ‏[‏بيده‏]‏ أو شَدَّهَا في كُمِّهِ أو تَرَكَ في كُمِّهِ ثِقَلًا بِلَا شَدٍّ أو تَرَكَهَا في وَسَطِهِ وَشَدَّ عليها سَرَاوِيلَهُ لم يَضْمَنْ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وكذا لو شَدَّهَا على عَضُدِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال الْقَاضِي إنْ شَدَّهَا على عَضُدِهِ من جَانِبِ الْجَيْبِ لم يَضْمَنْهَا وَإِنْ شَدَّهَا من الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَمِنَ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ تَرَكَهَا في جَيْبٍ أو كُمٍّ ضَمِنَ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ إنَّ الطَّرَّارَ لَا يُقْطَعُ‏.‏

وقال أَيْضًا إنْ تَرَكَهُ في رَأْسِهِ أو غَرَزَهُ في عِمَامَتِهِ أو تَحْتَ قَلَنْسُوَتِهِ احْتَمَلَ أَنَّهُ حِرْزٌ مِثْلُهُ‏.‏

الرَّابِعَةُ إذَا اسْتَوْدَعَهُ خَاتَمًا وقال اجْعَلْهُ في الْخِنْصَرِ فَلَبِسَهُ في الْبِنْصِرِ فَلَا ضَمَانَ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا أَغْلَظُ فَهِيَ أَحْرَزُ‏.‏

وَفِيهِ الْوَجْهُ الْمُخَرَّجُ الْمُتَقَدِّمُ‏.‏

لَكِنْ إنْ انْكَسَرَ لِغِلَظِهَا ضَمِنَ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَيْضًا‏.‏

وَإِنْ قال اجْعَلْهُ في الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ في الْخِنْصَرِ ضَمِنَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ أَيْضًا‏.‏

وَإِنْ جَعَلَهُ في الْوُسْطَى وَأَمْكَنَ إدْخَالُهُ في جَمِيعِهَا لم يَضْمَنْ ذَكَرَهُ في الْكَافِي وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ أَيْضًا‏.‏

وَإِنْ لم يَدْخُلْ في جَمِيعِهَا فَجَعَلَهُ في بَعْضِهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَدْنَى من الْمَأْمُورِ بِهِ‏.‏

الْخَامِسَةُ لو قال احْفَظْهَا في هذا الْبَيْتِ وَلَا تُدْخِلْهُ أَحَدًا فَخَالَفَ وَتَلِفَتْ بِحَرْقٍ أو غَرَقٍ أو سَرِقَةٍ غير الدَّاخِلِ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَالثَّانِي يَضْمَنُ اخْتَارَهُ ابن عقيل وَالْمُصَنِّفُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى من يَحْفَظُ مَالَهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ لم يَضْمَنْ‏.‏

وَكَذَا خَادِمُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَارِثِيِّ وَنَصَرَهُ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ ذَكَرَه ابن أبي مُوسَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَأَوْرَدَهُ السَّامِرِيُّ عن بن أبي مُوسَى وَجْهًا ولم أَجِدْهُ في الْإِرْشَادِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها أَلْحَقَ في الرَّوْضَةِ الْوَلَدَ وَنَحْوَهُ بِالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ‏.‏

قُلْت إنْ كان مِمَّنْ يَحْفَظُ مَالَهُ فَلَا إشْكَالَ في إدْخَالِهِ وَإِلَّا فَلَا في الْجَمِيعِ حتى الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَادِمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِلْحَاقِ وكذلك قال الْحَارِثِيُّ‏.‏

وَقَوْلُهُ إلَى من يَحْفَظُ مَالَهُ كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ اعْتِبَارٌ لِوُجُودِ وَصْفِ الْحِفْظِ لِمَالِهِ فِيمَنْ ذَكَرَ على ما تَقَدَّمَ فَإِنْ لم يُوجَدْ ضَمِنَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ وهو كما قال انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا لو رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى من جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَحْفَظَ مَالَ الْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ كَزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَعَبْدِهِ فَتَلِفَتْ لم يَضْمَنْ نَصَّ عليه‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُ حَكَاه ابن أبي مُوسَى وَجْهًا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْعَارِيَّةِ‏.‏

وَمِنْهَا لو دَفَعَهَا إلَى الشَّرِيكِ ضَمِنَ كَالْأَجْنَبِيِّ الْمَحْضِ‏.‏

وَمِنْهَا له الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجَانِبِ في الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ وَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَعَلَفِهَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ أو حَاكِمٍ ضَمِنَ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ وقال الْقَاضِي له ذلك‏.‏

إذَا أَوْدَعَ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ الْوَدِيعَةَ لِأَجْنَبِيٍّ أو حَاكِمٍ فَلَا يَخْلُو فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ فَإِنْ كان لِعُذْرٍ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ في الْجُمْلَةِ‏.‏

وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةِ من تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ له الْإِيدَاعُ بِلَا عُذْرٍ وَإِنْ كان لِغَيْرِ عُذْرٍ لم يَجُزْ وَيَضْمَنُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ إيدَاعُهَا لِلْحَاكِمِ مع الْإِقَامَةِ وَعَدَمِ الْعُذْرِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ في الْفُرُوعِ فَهُوَ أَعَمُّ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كان الثَّانِي عَالِمًا بِالْحَالِ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عليه وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان جَاهِلًا لم يَلْزَمْهُ‏.‏

وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ ليس له مُطَالَبَتُهُ أَيْ تَضْمِينُهُ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَقَالَا إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ‏.‏

قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ليس لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ على‏.‏

الْمَنْصُوصِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ والفائق ‏[‏الفائق‏]‏ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وهو ضَعِيفٌ‏.‏

وقال الْقَاضِي له ذلك يَعْنِي مُطَالَبَتُهُ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّ له تَضْمِينَ الثَّانِي ايضا لَكِنْ يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ على الْأَوَّلِ وهو رِوَايَةٌ في التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ‏.‏

قال في التَّعْلِيقِ هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي‏.‏

قال الشَّارِحُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ وهو الصَّحِيحُ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَوْدَعَهَا بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَا وَقَرَارُهُ عليه فَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي فَعَلَيْهِ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي إنْ جَهِلَ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا كَمُرْتَهِنٍ في وَجْهٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا أو خَافَ عليها عِنْدَهُ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا‏.‏

وكذا إلَى وَكِيلِهِ في قَبْضِهَا إنْ كان‏.‏

فَإِنْ لم يَجِدْهُ حَمَلَهَا معه إن كان أَحْفَظَ لها‏.‏

مُرَادُهُ إذَا لم يَنْهَهُ عن حَمْلِهَا معه‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا وكان مَالِكُهَا غَائِبًا وَوَكِيلُهُ فَلَهُ السَّفَرُ بها إنْ كان أَحْفَظَ لها ولم يَنْهَهُ عن حَمْلِهَا‏.‏

وَإِنْ كان حَاضِرًا أو وَكِيلُهُ في قَبْضِهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهَا إلَّا بِإِذْنٍ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى سَافَرَ بها مع الْمَقْدِرَةِ على مَالِكِهَا أو نَائِبِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ أَنَّهُ مُفَرِّطٌ عليه الضَّمَانُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي له السَّفَرُ بها إنْ كان أَحْفَظَ لها ولم يَنْهَهُ عنها وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ‏.‏

تنبيهان ‏[‏تنبيهات‏]‏‏:‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ لم يَجِدْهُ حَمَلَهَا معه إنْ كان أَحْفَظَ لها أَنَّ له السَّفَرَ بِشَرْطِهِ وَلَا يَضْمَنُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال الْقَاضِي في رؤوس الْمَسَائِلِ إذَا سَافَرَ بها ضَمِنَ‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ في الْخَوْفِ مع الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهَا معه وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ النَّصِّ‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال في الْمُبْهِجِ لَا يُسَافِرُ بها إلَّا إذَا كان الْغَالِبُ السَّلَامَةَ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي له حَمْلُهَا وأطلقهما في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها جَوَازُ السَّفَرِ بها مَشْرُوطٌ بِمَا إذَا لم يَنْهَهُ عن حَمْلِهَا معه فَإِنْ نَهَاهُ امْتَنَعَ وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بها لِعُذْرٍ كَجَلَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُجُومِ عَدُوٍّ أو حَرَقٍ أو غَرَقٍ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

وَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ بِالتَّرْكِ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا تَرَكَ فِعْلَ الْأَصْلَحِ وَالْحَالَةُ هذه‏.‏

وَمِنْهَا لو أَوْدَعَ مُسَافِرًا فَسَافَرَ بها وَتَلِفَتْ في السَّفَرِ فَلَا ضَمَانَ عليه‏.‏

وَمِنْهَا لو هَجَمَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ عليه فَأَلْقَى الْمَتَاعَ إخْفَاءً له وَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عليه‏.‏

وَمِنْهَا له الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عليها بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال وَيَتَوَجَّهُ فيه كَنَظَائِرِهِ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ‏.‏

وفي مُؤْنَةِ رَدِّ من بَعُدَ خِلَافٌ في الِانْتِصَارِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِلَّا دَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ‏.‏

يَعْنِي إذَا خَافَ عليها بِحَمْلِهَا ولم يَجِدْ مَالِكَهَا وَلَا وَكِيلَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عليه دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ إنْ قَدَرَ عليه قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ثِقَةٍ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً‏.‏

قال في الْفَائِقِ وَلَوْ خَافَ عليها أَوْدَعَهَا حَاكِمًا أو أَمِينًا‏.‏

وَقِيلَ لَا تُودَعُ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ هُنَا أَنْ يراعي الْأَصْلَحُ في دَفْعِهَا إلَى الْحَاكِمِ أو الثِّقَةِ فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرُ فَالْحَاكِمُ‏.‏

فائدة‏:‏

الْوَدَائِعُ التي جُهِلَ مُلَّاكُهَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فيها بِدُونِ حَاكِمٍ نَصَّ عليه وكذا وان فُقِدَ ولم يُطَّلَعْ على خَبَرِهِ وَلَيْسَ له وَرَثَةٌ يَتَصَدَّقُ بها نَصَّ عليه ولم يَعْتَبِرْ حَاكِمًا‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ليس له الصَّدَقَةُ بها إلَّا إذَا تَعَذَّرَ إذْنُ الْحَاكِمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْغَصْبِ وَآخِرِ الرَّهْنِ‏.‏

وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَدَيْنِ الْغَائِبِ وَالْمَالِ الضَّائِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ الْأَصَحُّ اللُّزُومُ في قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَالْغُصُوبِ وَالدَّيْنِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ ذلك‏.‏

يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ أَوْدَعَهَا ثِقَةً‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ دَفَعَهَا إلَى ثِقَةٍ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا تُودَعُ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ وَقَطَعَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ‏.‏

قال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِ الْحَاكِمِ لِعُذْرٍ أو غَيْرِ عُذْرٍ‏.‏

ثُمَّ أَوَّلًا ذلك على الدَّفْعِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أو مع الْقُدْرَةِ على الْحَاكِمِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ النَّصُّ صَرِيحٌ في ذلك وَذَكَرَهُ‏.‏

وَقِيلَ لَا تُودَعُ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ نَصًّا‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ وَنَصُّهُ مَنْعُهُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ‏.‏

وقال في النَّوَادِرِ وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْإِيدَاعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِخَوْفِهِ عليها وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على الْمُقِيمِ لَا الْمُسَافِرِ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ من حَضَرَهُ الْمَوْتُ حُكْمُ من أَرَادَ سَفَرًا على ما تَقَدَّمَ من أَحْكَامِهِ إلَّا في أَخْذِهَا معه‏.‏

قَوْلُهُ أو دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ بها ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ‏.‏

يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ بِالْخِيرَةِ بين دَفْعِهَا إلَى ثِقَةٍ وَبَيْنَ دَفْنِهَا وَإِعْلَامِ ثِقَةٍ يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارَ بها‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَقَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ دَفَنَهَا بِمَكَانٍ واعلم بها سَاكِنَهُ فَكَإِيدَاعِهِ‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَلَوْ دَفَنَهَا بِمَكَانٍ وَأَعْلَمَ السَّاكِنَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَقِيلَ إعْلَامُهُ كَإِيدَاعِهِ انْتَهَوْا‏.‏

وَأَطْلَقَ في ضَمَانِهَا إذَا دَفَنَهَا وَأَعْلَمَ بها ثِقَةً وَجْهَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا تَبَرَّمَ بالوديعة ‏[‏الوديعة‏]‏ فَلَيْسَ له الدَّفْعُ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ أو وَكِيلِهِ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَيْهِمَا أو لَا وَسَوَاءٌ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وهو كَذَلِكَ وَنَصَّ على الْمَنْعِ من إيدَاعِ الْغَيْرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

وقال في الْكَافِي إنْ لم يَجِدْ الْمَالِكَ دَفَعَ إلَى الْحَاكِمِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى فيها فَرَكِبَ الدَّابَّةَ لِغَيْرِ نَفْعِهَا وَلَبِسَ الثَّوْبَ وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا أو لِشَهْوَةِ رُؤْيَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا أو جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بها أو كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا وَكَذَا لو حَلَّهُ ضَمِنَهَا‏.‏

إذَا تَعَدَّى فيها فَفَعَلَ ما ذَكَرَ غير جُحُودِهَا ثُمَّ إقْرَارُهُ بها فَالصَّحِيحُ من‏.‏

الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ ما يَدُلُّ على نَفْيِ الضَّمَانِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ إذَا أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا أو لِشَهْوَةِ رُؤْيَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا اخْتَارَهُ ابن الزاغوني‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَضْمَنُ إذَا كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا أو حَلَّهُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَعُودُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ‏.‏

وَأَمَّا إذَا جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بها فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا من حَيْثُ الْجُمْلَةِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وقال وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ ما يَدُلُّ على نَفْيِ الضَّمَانِ‏.‏

قَوْلُهُ أو خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ منه ضَمِنَهَا‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَمَعَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ يَضْمَنُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال ظَاهِرُ نَقْلِ الْبَغَوِيّ لَا يَضْمَنُ ولم يَتَأَوَّلْهُ في النَّوَادِرِ‏.‏

وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمَنْثُورِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قال لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِهِ‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ في الْوَكِيلِ كَوَدِيعَتِهِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَضْمَنُ بِخَلْطِ النُّقُودِ وَنَقَلَهُ عبد اللَّهِ الْبَغَوِيّ‏.‏

فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ لو تَلِفَ بَعْضُ الْمُخْتَلَطِ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ جَعَلَ التَّلَفَ كُلَّهُ من مَالِهِ وَجَعَلَ الْبَاقِيَ من الْوَدِيعَةِ نَصَّ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

لو اخْتَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ثُمَّ ضَاعَ الْبَعْضُ جَعَلَ من مَالِ الْمُودِعِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ‏.‏

قال الْمَجْدُ وَلَا يَبْعُدُ على هذا أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ لم يَضْمَنْ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على نَقْصِهَا بِالْخَلْطِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ التَّعْلِيقِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وهو عَجِيبٌ من الشَّارِحِ إذْ الْكِتَابُ الْمَشْرُوحُ حَكَى الْخِلَافَ لَكِنَّهُ تَبِعَ الْمُغْنِيَ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَعَنْهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَحْدَهُ إنْ لم يَفْتَحْ الْوَدِيعَةَ‏.‏

وقيل ‏[‏وقل‏]‏ لَا يَضْمَنُ شيئا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا فَكَذَلِكَ‏.‏

يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ فيه كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا رَدَّ الْمَأْخُوذَ بِعَيْنِهِ جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وكذا الْحُكْمُ لو أَذِنَ صَاحِبُهَا له في الْأَخْذِ منها فَأَخَذَ ثُمَّ رَدَّ بَدَلَهُ بِلَا إذْنِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان غير مُتَمَيِّزٍ ضَمِنَ الْجَمِيعَ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ إن لَا يَضْمَنَ غَيْرَهُ‏.‏

وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ‏.‏

وَحَكَى عنه من رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِتَضْمِينِ الْجَمِيعِ وَأَنَّهُ قال هو قَوْلُ سُوءٍ‏.‏

وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وَقَطَعَ بِه ابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْحَسَنِ بن بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ في شَرْحِهِ وقال هو الْمَذْهَبُ‏.‏

وَمَالَ إلَيْهِ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إنْ لم يَدْرِ أَيَّهُمَا ضَاعَ ضَمِنَ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان الدِّرْهَمُ أو بَدَلُهُ غير مُتَمَيِّزٍ وَتَلِفَ نِصْفُ الْمَالِ فَقِيلَ يَضْمَنُ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ الدِّرْهَمِ أو بَدَلِهِ وَلَا يَجِبُ مع الشَّكِّ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ قال الزَّرْكَشِيُّ إذَا رَدَّ بَدَلَ ما أَخَذَ فَلِلْأَصْحَابِ في ذلك طُرُقٌ‏.‏

أَحَدُهَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِقْدَارُ ما أَخَذَ سَوَاءٌ كان الْبَدَلُ مُتَمَيِّزًا أو غير مُتَمَيِّزٍ‏.‏

وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَذَكَرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ‏.‏

وَأَنْكَرَ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ على من يقول بِتَضْمِينِ الْجَمِيعِ‏.‏

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ تَمَيَّزَ الْبَدَلُ ضَمِنَ قَدْرَ ما أَخَذَ فَقَطْ وَإِنْ لم يَتَمَيَّزْ‏.‏

فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمَجْدِ‏.‏

وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ فيهما ‏[‏فيها‏]‏ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ‏.‏

وَالطَّرِيقُ الرَّابِعُ إنْ تَمَيَّزَ الْبَدَلُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ لم يَتَمَيَّزْ ضَمِنَ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ في التَّلْخِيصِ‏.‏

وَيَقْرَبُ منه كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في الْمُقْنِعِ وَكَلَامُ الْقَاضِي على ما حَكَاهُ في الْمُغْنِي‏.‏

وَبِالْجُمْلَةِ هذه الطَّرِيقَةُ وَإِنْ كانت حَسَنَةً لَكِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِنُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ انْتَهَى‏.‏

الثَّانِي شَرَطَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وأبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ وَنَحْوُهَا غير مَخْتُومَةٍ وَلَا مَشْدُودَةٍ فَلَوْ كانت كَذَلِكَ فَحَلَّ الشَّدَّ أو فَكَّ الْخَتْمَ ضَمِنَ الْجَمِيعَ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ هو قِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ مِمَّا إذَا فَتَحَ قَفَصًا عن طَائِرٍ فَطَارَ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَلَا يَصِحُّ هذا الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْفَتْحَ عن الطَّائِرِ إضَاعَةٌ له فَهُوَ كَحَلِّ الزِّقِّ‏.‏

وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا ما أَخَذَ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَرَوَى الْبَغَوِيّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على ذلك‏.‏

وَيَنْبَنِي على ذلك لو خَرَقَ الْكِيسَ فَإِنْ كان من فَوْقِ الشَّدِّ لم يَضْمَنْ إلَّا الْخَرْقَ وَإِنْ كان من تَحْتِ الشَّدِّ ضَمِنَ الْجَمِيعَ على الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

الثَّالِثُ قُوَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ التَّعَدِّي بَلْ لَا بُدَّ من فِعْلٍ أو قَوْلٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ‏.‏

وقال الْقَاضِي وقد قِيلَ إنَّهُ يَضْمَنُ بِالنِّيَّةِ لِاقْتِرَانِهَا بِالْإِمْسَاكِ وهو فِعْلٌ كَمُلْتَقِطٍ نَوَى التَّمَلُّكَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وفي التَّرْغِيبِ قال الْحَارِثِيُّ وَحَكَى الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَجْهًا بِالضَّمَانِ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يَنْبَنِي على هذا الْوَجْهِ على أَنَّ الذي لَا يُؤَاخِذُ بِهِ هو الْهَمُّ أَمَّا الْعَزْمُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ على أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى‏.‏

وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ اللُّقَطَةِ في بَابِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَمِنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عليها‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ وَدِيعَةً ضَمِنَهَا ولم يَبْرَأْ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى وَلِيِّهِ‏.‏

إنْ كان الصَّبِيُّ غير مُمَيِّزٍ فَالْحُكْمُ كما قال الْمُصَنِّفُ‏.‏

وَكَذَا أن كان مُمَيِّزًا ولم يَكُنْ مَأْذُونًا له‏.‏

وَإِنْ كان مَأْذُونًا له صَحَّ إيدَاعُهُ فِيمَا أُذِنَ له بِالتَّصَرُّفِ فيه قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَخَذَ الْوَدِيعَةَ من الصَّبِيِّ تَخْلِيصًا لها من الْهَلَاكِ على وَجْهِ الْحِسْبَةِ‏.‏

فقال في التَّلْخِيصِ يحتمل ‏[‏ويحتمل‏]‏ أَنْ لَا يَضْمَنَ كَالْمِلْكِ الضَّائِعِ إذَا حَفِظَهُ لِصَاحِبِهِ وهو الْأَصَحُّ ويحتمل ‏[‏يحتمل‏]‏ أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ له عليه‏.‏

قال وَهَكَذَا يَخْرُجُ إذَا أَخَذَ الْمَالَ من الْغَاصِبِ تَخْلِيصًا لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ انْتَهَى‏.‏

وَاقْتَصَرَ الْحَارِثِيُّ على حِكَايَةِ كَلَامِهِ وَقَدَّمَ ما صَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وفي الرِّعَايَةِ وَقَطَعَ بِهِ في الْكَافِي‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أُودِعَ الصَّبِيُّ وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ لم يَضْمَنْ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ‏.‏

وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ وأطلقهما في الْفُرُوعِ في أَوَّلِ بَابِ الْحَجْرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا لم يَضْمَنْ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وقال غَيْرُ الْقَاضِي من أَصْحَابِنَا لَا يَضْمَنُ انْتَهَوْا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ قال ابن حَامِدٍ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَإِلَيْهِ صَارَ الْقَاضِي آخِرًا وَذَكَرَهُ وَلَدُهُ أبو الْحُسَيْنِ ولم يذكر الْقَاضِي في رؤوس الْمَسَائِلِ سِوَاهُ‏.‏

وَكَذَا قال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْحَسَنِ بن بَكْرُوسٍ‏.‏

قال ابن عَقِيلٍ وهو أَصَحُّ عِنْدِي وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يَضْمَنُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَاخْتَارَهُ أبو عَلِيِّ بن شِهَابٍ ولم يُورِدْ الشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وأبو الْمَوَاهِبِ الْحُسَيْنُ بن مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاسِمُ بن الْحَسَنِ الْحَدَّادُ سِوَاهُ انْتَهَى وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وكذا السَّفِيهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ‏.‏

وَقِيلَ إتْلَافُهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ كَالرَّشِيدِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَإِلْحَاقُهُ بِالرَّشِيدِ أَقْرَبُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَ عَبْدًا وَدِيعَةً فَأَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا في رَقَبَتِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَبِهِ قال الْأَكْثَرُونَ من الْأَصْحَابِ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وأبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفَانِ أبو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وابن بَكْرُوسٍ وَالسَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ انْتَهَى‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَضْمَنُهَا في ذِمَّتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَلَنَا وَجْهٌ في الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا تَخْرِيجًا من مِثْلِهِ في الصَّبِيِّ وَرَدَّهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

تنبيه‏:‏

قِيلَ إنَّ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ في الْعَبْدِ مَبْنِيَّانِ على الْوَجْهَيْنِ في الصَّبِيِّ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَالْقَاضِي وَصَاحِبِ الْفَائِقِ وَرَدَّهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَيَضْمَنُ وَيَكُونُ في رَقَبَتِهِ سَوَاءٌ كان مَحْجُورًا عليه أو مَأْذُونًا له‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وهو مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كما في الْجِنَايَةِ على النَّفْسِ انْتَهَى‏.‏

وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فائدة‏:‏

الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ على صِفَةٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُودَعُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ من رَدٍّ وَتَلَفٍ‏.‏

يَعْنِي مع يَمِينِهِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وعليه جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ‏.‏

وَعَنْهُ إنْ دَفَعَهَا الْمُودِعُ بِكَسْرِ الدَّالِ إلَى الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ بِبَيِّنَةٍ لم تُقْبَلْ دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وابن مَنْصُورٍ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا ما قَالَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ‏.‏

وَخَرَّجَهَا ابن عقيل على أَنَّ الْإِشْهَادَ على دَفْعِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَاجِبٌ فَيَكُونُ تَرْكُهُ تَفْرِيطًا فَيَجِبُ فيه الضَّمَانُ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ مع دَعْوَى التَّلَفِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ الْمَذْهَبُ لَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ إذَا لم يُتَّهَمْ‏.‏

وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا إذَا لم يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ سَبَبِ التَّلَفِ فَإِنْ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ سَبَبِ التَّلَفِ فَإِنْ أَبْدَى سَبَبًا خَفِيًّا من سَرِقَةٍ أو ضَيَاعٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

وَإِنْ أَبْدَى سَبَبًا ظَاهِرًا من حَرِيقِ مَنْزِلٍ أو غَرَقِهِ أو هُجُومِ غَارَةٍ وَنَحْوِ ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِوُجُودِ ذلك السَّبَبِ في تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وفي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ ما يُشْعِرُ بِهِ‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَيَكْفِي في ثُبُوتِ السَّبَبِ الِاسْتِفَاضَةُ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وقال في الْمُغْنِي وَجَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا‏.‏

وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الْوِكَالَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو مَنَعَ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ منها أو مَطَلَهُ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفًا لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عن الْأَمَانَةِ قَوْلُهُ وَأَذِنَ في دَفْعِهَا إلَى انسان يَعْنِي إذَا قال الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ لِلْمُودِعِ أَذِنْت لي في دَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتهَا فَأَنْكَرَ الْإِذْنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ بِفَتْحِ الدَّالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ‏.‏

وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قال الْحَارِثِيُّ وهو قوى وَقِيلَ ذلك كَوِكَالَةٍ في قَضَاءِ دَيْنٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عليه لِلْمَالِكِ غَيْرُ الْيَمِينِ ما لم يُقِرَّ بِالْقَبْضِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رسول مُوَكِّلٍ وَمُودِعٍ فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ضَمِنَ لِتَعَلُّقِ الدَّفْعِ بِثَالِثٍ وَيَحْتَمِلُ لَا وَإِنْ أَقَرَّ وقال قَصَّرْت لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ قال وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لو وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَضَاهُ في غَيْبَتِهِ وَتَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ لِأَنَّ مَبْنَى الدَّيْنِ على الضَّمَانِ وَيَحْتَمِلُ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

فائدتان‏:‏

ِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لو ادَّعَى الْأَدَاءَ إلَى وَارِثٍ لِمَالِكٍ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ وَكَذَا دَعْوَى الْأَدَاءِ إلَى الْحَاكِمِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو ادَّعَى الْأَدَاءَ على يَدِ عَبْدِهِ أو زَوْجَتِهِ أو خَازِنِهِ فَكَدَعْوَى الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وما يدعى عليه من خِيَانَةٍ أو تَفْرِيطٍ‏.‏

يَعْنِي الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

هل يَحْلِفُ مدعى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ وَالْإِذْنُ في الدَّفْعِ إلَى الْغَيْرِ وَمُنْكِرِ الْجِنَايَةِ وَالتَّفْرِيطِ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ الْمَذْهَبُ لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا نَصَّ عليه من وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَا قال الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى في الْوَكِيلِ‏.‏

وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في كِتَابَيْهِ وَكَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وُجُوبَ التحلف ‏[‏التخلف‏]‏‏.‏

قال وَلَا أَعْلَمُهُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصًّا وَلَا إيمَاءً انْتَهَى‏.‏

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ على بَعْضِهِ قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال لم يُودِعْنِي ثُمَّ أَقَرَّ بها أو ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ لم يُقْبَلْ وَإِنْ أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً‏.‏

نَصَّ عليه مُرَادُهُ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ قبل جُحُودِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ عليه الْوَدِيعَةَ يوم الْجُمُعَةِ فَيُنْكِرَهَا ثُمَّ يُقِرَّ أو تَقُومَ بَيِّنَةٌ بها فَيُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا تَلِفَتْ أو رَدَّهَا يوم الْخَمِيسِ أو قَبْلَهُ مَثَلًا فَالْمَذْهَبُ في هذا كما قال الْمُصَنِّفُ من أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الْمَنْصُوصُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وهو الْحَقُّ‏.‏

وقال وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الرَّدَّ أو التَّلَفَ بَعْدَ جُحُودِهِ بها بِأَنْ يَدَّعِيَ عليه يوم الْجُمُعَةِ فَيُنْكِرَ ثُمَّ يُقِرَّ وَتَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَيُقِيمَ بَيِّنَتَهُ بِتَلَفِهَا أو رَدِّهَا يوم السَّبْتِ أو بَعْدَهُ مَثَلًا فَهَذَا تُقْبَلُ فيه الْبَيِّنَةُ بِالرَّدِّ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَتُقْبَلُ في التَّلَفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ وَتُسْمَعُ بِتَلَفٍ‏.‏

وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالسَّامِرِيِّ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَجَمَاعَةٍ لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

وَاقْتَصَرَ في الْمُحَرَّرِ على قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا ادَّعَى رَدًّا مُتَأَخِّرًا‏.‏

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى تَلَفًا مُتَأَخِّرًا لَا يُقْبَلُ وكذا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَرَّحَ بِهِ في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أو الرَّدِّ ولم تُعَيِّنْ هل ذلك قبل جُحُودِهِ أو بَعْدَهُ وَاحْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لم يَسْقُطْ الضَّمَانُ‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ السُّقُوطُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو قال لَك وَدِيعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ بَقَائِهَا ثُمَّ عَلِمَ تَلَفَهَا أو ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا فَأَنْكَرَهُ وَرَثَتُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وإذا قال عِنْدِي عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ قال وَدِيعَةٌ‏.‏

وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ في بَابِ ما إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ ما يُغَيِّرُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وقال الْقَاضِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ إذَا قال لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ دَفَعْتهَا إلَيْك صُدِّقَ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ‏.‏

وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا وأنكره ‏[‏وأنكر‏]‏ وَرَثَتُهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كما لو كان حَيًّا‏.‏

ثُمَّ وَجَدْته في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ قال ما لَك عِنْدِي شَيْءٌ قبل قَوْلِهِ في الرَّدِّ وَالتَّلَفِ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

لَكِنْ إنْ وَقَعَ التَّلَفُ بَعْدَ الْجُحُودِ وَجَبَ الضَّمَانُ لإستقرار حُكْمِهِ بِالْجُحُودِ فَيُشْبِهُ الْغَاصِبَ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ‏.‏

وقال وَالْإِطْلَاقُ هُنَا مَحْمُولٌ عليه‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ في الرَّدِّ وَالتَّلَفِ‏.‏

وَلَا فَرْقَ بين قَبْلِ الْجُحُودِ وَبَعْدَهُ على ظَاهِرِ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وقد قِيلَ إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ شَهِدَتْ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُودَعُ فَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ لم يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ دَعْوَى الْمُلْتَقِطِ وَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا الرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُ دَعْوَاهُ في حَالَةٍ لَا يَضْمَنُ فيها بِالتَّلَفِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا في هذه الْحَالَةِ‏.‏

وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا لم يُقْبَلْ أَيْضًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وقد يَتَخَرَّجُ لنا قَوْلٌ بِالْقَبُولِ من أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا كان عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ في حَيَاتِهِ لم تُوجَدْ بِعَيْنِهَا وَلَا يَعْلَمُ بَقَاءَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُصُولِ في يَدِ الْوَارِثِ وكذلك ما لو ادَّعَى التَّلَفَ في يَدِ مُوَرِّثِهِ انْتَهَى‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْرِيجِ إذَنْ لِأَنَّ الضَّمَانَ على هذا الْوَجْهِ مُنْتَفٍ سَوَاءٌ ادَّعَى الْوَارِثُ الرَّدَّ أو التَّلَفَ أو لم يَدَّعِ شيئا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْوَارِثِ قبل إمْكَانِ رَدِّهَا لم يَضْمَنْهَا بِلَا نِزَاعٍ وَبَعْدَهُ يَضْمَنُهَا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ‏.‏

قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمَشْهُورُ الضَّمَانُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وقال ذَكَرَهُ أكثر ‏[‏أكبر‏]‏ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهَا‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ إلَّا الْمُصَنِّفَ‏.‏

قُلْت قد أَشَارَ إلَيْهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وأطلقهما في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وابن مُنَجَّا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهَا إنْ لم يَعْلَمْ بها صَاحِبُهَا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا حَصَلَ في يَدِهِ أَمَانَةٌ بِدُونِ رِضَى صَاحِبِهَا وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ إلَى رَدِّهَا مع الْعِلْمِ بِصَاحِبِهَا وَالتَّمَكُّنِ منه وَدَخَلَ في ذلك اللُّقَطَةُ‏.‏

وَكَذَا الْوَدِيعَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالرَّهْنُ وَنَحْوُهَا إذَا مَاتَ الْمُؤْتَمَنُ وَانْتَقَلَتْ إلَى وارثة‏.‏

وكذا لو أَطَارَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ لِغَيْرِهِ‏.‏

ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا من الْأَصْحَابِ قالوا هُنَا الْوَاجِبُ الرَّدُّ‏.‏

وَصَرَّحَ كَثِيرٌ منهم بِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا الرَّدُّ أو الْإِعْلَامُ كما في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابن عقيل وهو مُرَادُ غَيْرِهِمْ‏.‏

ثُمَّ إنَّ الثَّوْبَ هل يَحْصُلُ في يَدِهِ لِسُقُوطِهِ في دَارِهِ من غَيْرِ إمْسَاكٍ أو لَا‏.‏

قال الْقَاضِي لَا يَحْصُلُ في يَدِهِ بِذَلِكَ وَخَالَفَ ابن عقيل‏.‏

وَالْخِلَافُ هُنَا مُنَزَّلٌ على الْخِلَافِ فِيمَا إذَا حَصَلَ في أَرْضِهِ من الْمُبَاحَاتِ هل يَمْلِكُهَا بِذَلِكَ أَمْ لَا على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الْبَيْعِ‏.‏

وَكَذَا حُكْمُ الْأَمَانَاتِ إذَا فَسَخَهَا الْمَالِكُ كَالْوَدِيعَةِ وَالْوِكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ يَجِبُ الرَّدُّ على الْفَوْرِ لِزَوَالِ الِائْتِمَانِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَسَوَاءٌ كان الْفَسْخُ في حَضْرَةِ الْأَمِينِ أو غَيْبَتِهِ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُ الرَّدِّ‏.‏

وَعَلَى قِيَاسِ ذلك الرَّهْنُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ‏.‏

وَذَكَرَ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ في الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لَا يَجِبُ على الْمُسْتَأْجِرِ فِعْلُ الرَّدِّ وَمِنْهُمْ من ذَكَرَ في الرَّهْنِ كَذَلِكَ‏.‏

ذَكَرَ مَعْنَى ذلك في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ‏.‏

وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْمُودَعُ ولم يُبَيِّنْ الْوَدِيعَةَ ولم تُعْلَمْ فَهِيَ دَيْنٌ في تَرِكَتِهِ‏.‏

تَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

جَلِيلَةٌ تَثْبُتُ الْوَدِيعَةُ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أو وَرَثَتِهِ أو بَيِّنَتِهِ‏.‏

وَإِنْ وُجِدَ خَطُّ موروثة لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَعَلَى كِيسٍ هذا لِفُلَانٍ عُمِلَ بِهِ وُجُوبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُعْمَلُ بِهِ على الْأَصَحِّ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه من رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ في الْوَصِيَّةِ وَنَصَرَهُ وَرَّدَ غَيْرُهُ‏.‏

وقال قَالَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وأبو الْحَسَنِ بن بَكْرُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَيَكُونُ تَرِكَةً‏.‏

اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَنَصَرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ‏.‏

وَإِنْ وُجِدَ خَطُّهُ بِدَيْنٍ له على فُلَانٍ حَلَفَ الْوَارِثُ وَدَفَعَ إلَيْهِ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَإِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ‏.‏

وَإِنْ وُجِدَ خَطُّهُ بِدَيْنٍ عليه فَقِيلَ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَيَكُونُ تَرِكَةً مَقْسُومَةً‏.‏

اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

وَقِيلَ يُعْمَلُ بِهِ وَيَدْفَعُ إلَى من هو مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ‏.‏

قال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الدَّفْعِ إلَى من هو مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ أَوْمَأَ إلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

وهو الذي ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ هو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَارِثِيِّ فإنه قال والكتابه بِالدُّيُونِ عليه كَالْكِتَابَةِ بالوديعة ‏[‏الوديعة‏]‏ كما قَدَّمْنَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم السَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ انْتَهَى‏.‏

وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ فَأَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ له مع يَمِينِهِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

لَكِنْ قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا اللَّفْظُ ليس على ظَاهِرِهِ من جهة أَنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ كَمَالَ الِاسْتِحْقَاقِ يَتَوَقَّفُ على الْيَمِينِ وَهِيَ إنَّمَا تُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ حَالَ رَدِّهَا على الْمُدَّعِي عِنْدَ من قال بِهِ أو حَالَ تَعَذُّرِ كَمَالِ الْبَيِّنَةِ وما نَحْنُ فيه ليس وَاحِدًا من الْأَمْرَيْنِ‏.‏

لَا يُقَالُ الْمُودِعُ شَاهِدٌ وَلَوْ كان كَذَلِكَ لَاعْتُبِرَتْ له الْعَدَالَةُ وَصِيغَةُ الشَّهَادَةِ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَتَعَيَّنَ تَأْوِيلُهُ على حَلِفِهِ لِلْمُدَّعِي انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ الْمُودَعُ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْضًا للمدعى الْآخَرِ‏.‏

على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ هُنَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ حَلَفَ في الْأَصَحِّ ذَكَرَاهُ في بَابِ الدعاوي‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ نَكَلَ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ لِلثَّانِي بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو تَبَيَّنَ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ الِاقْتِرَاعِ أنها لِلْمَقْرُوعِ فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قد مَضَى الْحُكْمُ أَيْ لَا تُنْزَعُ من الْقَارِعِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْمَقْرُوعِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى من يَظُنُّهُ صَاحِبُهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ضَمِنَهَا لِتَفْرِيطِهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي‏.‏

وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ وَجْهًا بِعَدَمِ الضَّمَانِ عليه وَإِنَّمَا هو على الْمُتْلِفِ وَحْدَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بها لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ‏.‏

فَإِنْ نَكَلَ فَعَلَيْهِ بَذْلُ نِصْفِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَلِفُ لِصَاحِبِهِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

ولم يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِالْأَوَّلِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ قال لَا أَعْرِفُ صَاحِبُهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ‏.‏

يَعْنِي يَمِينًا وَاحِدَةً‏.‏

إذَا أَقَرَّ بها لِأَحَدِهِمَا وقال لَا أَعْرِفُ عَيْنَهُ‏.‏

فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَاهُ أو لَا فَإِنْ صَدَّقَاهُ فَلَا يَمِينَ عليه إذْ لَا اخْتِلَافَ وَعَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ مع يَمِينِهِ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ وقال هو الْمَذْهَبُ وَنُصُوصُ أَحْمَدَ تَقْتَضِيهِ‏.‏

وَإِنْ لم يُصَدِّقَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُكَذِّبَاهُ أو يَسْكُتَا فَإِنْ لم يُكَذِّبَاهُ قبل قَوْلِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ‏.‏

ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم أبو الْخَطَّابِ وأبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَاقْتَصَرَ عليه الْحَارِثِيُّ‏.‏

وَذَكَرَ عن الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا آخَرَ وَعَلَّلَهُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَهَذَا بِمُجَرَّدِهِ حَقٌّ إنْ لم يَقُمْ دَلِيلٌ على اعْتِبَارِ صَرِيحِ الدَّعْوَى لِوُجُوبِ الْيَمِينِ انْتَهَى‏.‏

ثُمَّ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُقْرَعُ بين الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ أنها له وأعطى‏.‏

وَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كما قال الْمُصَنِّفُ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ من الْأَصْحَابِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ ان الْمَذْهَبَ لَا يَمِينَ على مدعى التَّلَفِ وَمُنْكِرِ الْجِنَايَةِ وَالتَّفْرِيطِ وَنَحْوِهِ‏.‏

إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا وَهَذَا كَذَلِكَ فَلَا يَمِينَ على الْمَذْهَبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَالِكَ ائْتَمَنَهُ‏.‏

وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحَلِفِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ‏.‏

وقال الْحَارِثِيُّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِتَغَايُرِ الْحَقَّيْنِ كما في إنْكَارِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ قال وَهَذَا قَوِيٌّ انْتَهَى‏.‏

وإذا تَحَرَّرَ هذا فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَ كما قال الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عليه في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ من وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ‏.‏

وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عن الْيَمِينِ فقال في الْمُجَرَّدِ يقضي عليه بِالنُّكُولِ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالْإِقْرَارِ لِأَحَدِهِمَا‏.‏

فَإِنْ أَبَى فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا ولم يذكر غُرْمًا‏.‏

وقال في التَّلْخِيصِ يَقْوَى عِنْدِي أَنَّ من جُمْلَةِ الْقَضَايَا لِنُكُولِ غُرْمِ الْقِيمَةِ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَكَذَا قال غَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ‏.‏

فَعَلَى هذا يُؤْخَذُ بِالْقِيمَةِ مع الْعَيْنِ فَيَقْتَرِعَانِ عليها أو يَتَّفِقَانِ‏.‏

هذه طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٍ وَقَدَّمَهَا الْحَارِثِيُّ وقال في كَلَامِ الْمُحَرَّرِ ما يَقْتَضِي الِاقْتِرَاعَ على الْعَيْنِ فَمَنْ أَخَذَهَا بِالْقِيمَةِ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ لِلْآخَرِ قال وهو أَوْلَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ ما يَدَّعِيهِ في هذه الْحَالَةِ أو بَدَلَهُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَالتَّعَذُّرُ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَخْذِ فَتَعَيَّنَ الِاقْتِرَاعُ انْتَهَى‏.‏

قال في التَّلْخِيصِ كَذَلِكَ إذَا قال أَعْلَمُ الْمُسْتَحَقَّ وَلَا أَحْلِفُ‏.‏

وَيَأْتِي الْكَلَامُ بِأَتَمَّ من هذا في بَابِ الدعاوي وَالْبَيِّنَاتِ في الْقِسْمِ الثَّالِثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْعَيْنِ لِأَخْذِ الْقِيمَةِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ وَرُدَّتْ الْقِيمَةُ إلَى الْمُودِعِ وَلَا شَيْءَ لِلْقَارِعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَهُ اثْنَانِ مَكِيلًا أو مَوْزُونًا فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ سَلَّمَهُ إلَيْهِ‏.‏

مُرَادُهُ إذَا كان يَنْقَسِمُ وهو مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ لَا يَنْقُصُ بِتَفْرِقَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أو الْحَاكِمِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالنَّاظِمُ‏.‏

وَكَذَا الْحُكْمُ لو كان الشَّرِيكُ حَاضِرًا وَامْتَنَعَ من الْمُطَالَبَةِ بِنَصِيبِهِ وَالْإِذْنُ في التَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ غُصِبَتْ الْوَدِيعَةُ فَهَلْ لِلْمُودِعِ الْمُطَالَبَةُ بها على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

أَحَدُهُمَا له الْمُطَالَبَةُ بها وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي ليس له ذلك اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَمَالَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها حُكْمُ الْمُضَارِبِ وَالْمُرْتَهَنِ وَالْمُسْتَأْجَرِ في الْمُطَالَبَةِ إذَا غُصِبَ منهم ما بِأَيْدِيهِمْ حُكْمُ الْمُودَعِ قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقدم ‏[‏وقدمه‏]‏ في الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ ليس له‏.‏

الْمُطَالَبَةُ في الْوَدِيعَةِ وَجَزَمَ بِالْجَوَازِ في الْمُرْتَهَنِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُضَارِبِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُطَالَبَةُ مع حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أُكْرِهَ على دَفْعِ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِ رَبِّهَا لم يَضْمَنْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ‏.‏

قُلْت منهم الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْمَذْهَبُ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى‏.‏

وفي الْفَتَاوَى الرَّجَبِيَّاتِ عن أبي الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ الضَّمَانُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ افْتَدَى بِهِ ضَرَرَهُ‏.‏

وَعَنْ ابن الزاغوني إنْ أُكْرِهَ على التسليم ‏[‏التسلم‏]‏ بِالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا إثْمَ وَإِنْ نَالَهُ الْعَذَابُ فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ‏.‏

وَإِنْ صَادَرَهُ السُّلْطَانُ لم يَضْمَنْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وقال أبو الْوَفَاءِ يَضْمَنُ إنْ فَرَّطَ‏.‏

وَإِنْ أَخَذَهَا منه قَهْرًا لم يَضْمَنْ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَقَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ‏.‏

وَعِنْدَ أبي الْوَفَاءِ إنْ ظَنَّ أَخْذَهَا منه بِإِقْرَارِهِ كان دَالًّا وَيَضْمَنُ‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يَضْمَنُ الْمَالَ بِالدَّلَالَةِ وهو الْمُودَعُ‏.‏

وفي فَتَاوَى ابن الزاغوني من صَادَرَهُ سُلْطَانٌ وَنَادَى بِتَهْدِيدِ من عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فلم يَحْمِلْهَا إنْ لم يُعَيِّنْهُ أو عَيَّنَهُ وَتَهَدَّدَهُ ولم يَنَلْهُ أَثِمَ وَضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وإذا قِيلَ التَّوَعُّدُ ليس إكْرَاهًا فَتَوَعَّدَهُ السُّلْطَانُ حتى سَلَّمَ‏.‏

فَجَوَابُ أبي الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وابن الزَّاغُونِيِّ وُجُوبُ الضَّمَانِ وَلَا إثْمَ وَفِيهِ بَحْثٌ‏.‏

وإذا قِيلَ إنَّهُ إكْرَاهٌ فَنَادَى السُّلْطَانُ من لم يَحْمِلْ وَدِيعَةَ فُلَانٍ عُمِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَحَمَلَهَا من غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أَثِمَ وَضَمِنَ وَبِهِ أَجَابَ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ في فَتَاوِيهِمَا‏.‏

وَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْيَمِينِ وَلَا بُدَّ حَلَفَ مُتَأَوِّلًا‏.‏

وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ له جَحْدُهَا‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لم يَحْلِفْ حتى أُخِذَتْ منه وَجَبَ الضَّمَانُ لِلتَّفْرِيطِ وَإِنْ حَلَفَ ولم يَتَأَوَّلْ أَثِمَ‏.‏

وفي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا أبو الْخَطَّابِ في الْفَتَاوَى‏.‏

قُلْت وَالصَّوَابُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مع إمْكَانِ التَّأْوِيلِ وَقُدْرَتِهِ عليه وَعِلْمِهِ بِذَلِكَ ولم يَفْعَلْهُ‏.‏

ثُمَّ وَجَدْت في الْفُرُوعِ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ قال وَيُكَفِّرُ على الْأَصَحِّ إنْ أُكْرِهَ على الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ‏.‏

فَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ كما لو أُكْرِهَ على إيقَاعِ الطَّلَاقِ‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ وَحَاصِلُهُ إنْ كان الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِالتَّغْرِيمِ كَثِيرًا يُوَازِي الضَّرَرَ في صُوَرِ الْإِكْرَاهِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لَا يَقَعُ وَإِلَّا وَقَعَ على الْمَذْهَبُ انْتَهَى‏.‏

وَعِنْدَ ابن عقيل لَا يَسْقُطُ لِخَوْفِهِ من وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عن يَمِينِهِ‏.‏

وفي فَتَاوَى ابن الزاغوني إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ أو غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا وَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وهو تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو أَخَّرَ رَدَّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ وَبِعُذْرٍ لَا يَضْمَنُ كَالْخَوْفِ في الطَّرِيقِ وَالْعَجْزِ عن الْحَمْلِ وَعَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا لِسَيْلٍ أو نَارٍ وَنَحْوِ ذلك‏.‏

وفي مَعْنَى ذلك إتْمَامُ الْمَكْتُوبَةِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ وَمُلَازَمَةُ الْغَرِيمِ يَخَافُ فَوْتَهُ وَيُمْهَلُ لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَالْمَطَرِ الْكَثِيرِ وَالْوَحْلِ الْغَزِيرِ أو لِكَوْنِهِ في حَمَّامٍ حتى يَخْرُجَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ إنْ قال أَمْهِلُونِي حتى آكُلَ فَإِنِّي جَائِعٌ أو أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ أو يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ عَنِّي فَإِنِّي مُمْتَلِئٌ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذلك‏.‏

قال الْحَارِثِيُّ وهو الصَّحِيحُ قال وَالظَّاهِرُ من كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مَنْعُ التَّأْخِيرِ اعْتِبَارًا بِإِمْكَانِ الدَّفْعِ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

وقال في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ إنْ أُخِّرَ لِكَوْنِهِ في حَمَّامٍ أو على طَعَامٍ إلَى قَضَاءِ غَرَضِهِ ضَمِنَ وَإِنْ لم يَأْثَمْ على وَجْهٍ‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْأَزَجِيُّ فقال يَجِبُ الرَّدُّ بِحَسَبِ الْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ وَيَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ فلم أَرَ نَصًّا وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جَازَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ انْتَهَى‏.‏

الرَّابِعَةُ لو أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَى وَكِيلِهِ فَتَمَكَّنَ وَأَبَى ضَمِنَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ لم يَطْلُبْهَا وَكِيلُهُ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا طَلَبَهَا وَكِيلُهُ وَأَبَى الرَّدَّ‏.‏

وإذا دَفَعَهَا إلَى الْوَكِيلِ ولم يُشْهِدْ ثُمَّ جَحَدَ الْوَكِيلُ لم يَضْمَنْ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ في قَضَاءِ الدَّيْنِ فإنه يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ لِأَنَّ شَأْنَ الْوَدِيعَةِ الْإِخْفَاءُ قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَتَقَدَّمَ إذَا ادَّعَى الْإِذْنَ في دَفْعِهَا إلَى إنْسَانٍ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُنَاكَ ما يَتَعَلَّقُ بهذا‏.‏

الْخَامِسَةُ لو أَخَّرَ دَفْعَ مَالٍ أُمِرَ بِدَفْعِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ كما تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في الْوَدِيعَةِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَاخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي بِنَاءً على اخْتِصَاصِ الْوُجُوبِ بِأَمْرِ الشَّرْعِ‏.‏

قُلْت الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ عن الْقَرِينَةِ هل يَقْتَضِي الْوُجُوبَ أَمْ لَا‏.‏

فيه خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا لِلْعُلَمَاءِ‏.‏

من جُمْلَتِهَا أَنَّ أَمْرَ الشَّارِعِ لِلْوُجُوبِ دُونَ غَيْرِهِ كما اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي‏.‏

وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ مُطْلَقًا‏.‏

ذَكَرَ الْأَقْوَالَ وَمَنْ قال بِكُلِّ قَوْلٍ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ‏.‏

السَّادِسَةُ لو قال خُذْ هذا وَدِيعَةً الْيَوْمَ لَا غَدًا وَبَعْدَهُ يَعُودُ وَدِيعَةً فَقِيلَ لَا تَصِحُّ الْوَدِيعَةُ من أَصْلِهَا‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ في الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ غَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَصِحُّ في الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وفي بَعْدِ الْغَدِ‏.‏

قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ هِيَ وَدِيعَةٌ على الدَّوَامِ ذَكَرَهُ عنه الْحَارِثِيُّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَإِنْ أَمَرَهُ بِرَدِّهِ في غَدٍ وَبَعْدَهُ تَعُودُ وَدِيعَةً تَعَيَّنَ رَدُّهُ‏.‏

السَّابِعَةُ لو قال له كُلَّمَا خُنْت ثُمَّ عُدْت إلَى الْأَمَانَةِ فَأَنْتَ أَمِينٌ صَحَّ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِيدَاعِ على الشَّرْطِ كَالْوِكَالَةِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ‏.‏