فصل: ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة تسع وستين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه قبض على الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي في صفر وقلد أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق العلوي نقابة الطالبين ببغداد وواسط وأبو الفتح أحمد بن عمر بن يحيى نقابتهم بالكوفة وأبو الحسن أحمد بن القاسم المحمدي نقابتهم بالبصرة والأهواز وكان قد استذنب أبو أحمد بما ليس بذنب فأري خطًا مزورًا على خطه بإفشاء الأسرار وقيل له‏:‏ إن عز الدولة أعطاك عقدًا في غلامه فكتمناه فقال‏:‏ أما الخط فليس بخطي وأما العقد فإنه قال‏:‏ إن لم يقبل ما دفعت فادفع هذا فلم يجز لي أن أخونه‏.‏

وفي يوم الإثنين لأربع بقين من صفر‏:‏ قبض عضد الدولة على أبي محمد ابن معروف قاضي القضاة وأنفذه إلى القلعة بفارس وقلد أبو سعد بشر بن الحسين ما كان غليه من قضاء القضاة واحتج على على ابن معروف بالتقصير في حق عضد الدولة وبأنه ينفسح فيما لا ينبغي للقضاة مثله فأجاب عن ذلك فلم يلتفت غليه‏.‏

وفي شعبان‏:‏ ورد ريول للعزيز صاحب مصر إلى عضد الدولة بكتاب وما زال يبعث إليه برسالة بعد رسالة فأجابه بما مضمونه صدق الطوية حسن النية‏.‏

وسأل عضد الدولة‏:‏ الطائع في مورده الثاني إلى الحضرة أن يزيد في لقبه تاج الملة ويجدد الخلع عليه ويلبسه التاج والحلي المرصع بالجواهر فأجابه إلى ذلك وجلس الطائع على سرير الخلافة في صدر صحن السلام وحوله من خدمه الخواص نحو مائة بالمناطق والسيوف والزينة وبين يديه مصحف عثمان وعلى كتفيه البردة وبيده القضيب وهو متقلد سيف النبي صلى الله عليه وسلم وضرب ستارة بعثها عضد الدولة وسأل أن يكون حجابًا للطائع حتى ى يقع عليه عين أحد من الجند قبله ودخل الأتراك والديلم ولم يكن مع أحد منهم حديد ووقف الأشراف وأصحاب المراتب من الجانبين فلما وصل عضد الدولة أوذن به الطائع فأذن له فدخل فأمر برفع الستارة فقيل لعضد الدولة‏:‏ قد وقع طرفه عليك فقبل الأرض ولم يقبلها أحد ممن معه تسلمًا للرقبة في تقبيل الأرض إليه فارتاع زياد من بين القواد لما شاهد وقال بالفارسية‏:‏ ما هذا أيها الملك أهذا هو الله عز وجل فالتفت غلى أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف وقال له‏:‏ فهمه وقل له‏:‏ هذا خليفة الله في الأرض ثم استمر يمشي ويقبل الأرض تسع مرات واتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال له‏:‏ استدنه‏.‏

فصعد عضد الدولة وقبل الأرض دفعتين فقال له الطائع‏:‏ ادن إلي ادن إلي فدنا وأكب وقبل رجله وثنى الطائع يمينه عليه وكان بين يديه سريره مما يلي الجانب الأيمن للكرسي ولم يجلس فقال له ثانيًا‏:‏ اجلس فأومأ ولم يجلس فقال له أقسمت عليك لتجلسن فقبل الكرسي وجلس فقال له الطائع‏:‏ ما كان أشوقنا إليك وأتوقنا إلى مفاوضتك‏.‏

فقال‏:‏ عذري معلوم‏.‏

فقال‏:‏ نيتك موثوق بها وعقيدتك مسكون إليها‏.‏

وأومأ برأسه ثم قال له الطائع‏:‏ قد رأيت أن أفوض إليك ما وكل الله تعالى إلي من أمور الرعية في شرق الأرض وغربها وتدبيرها في جميع جهاتها سوى خاصتي وأسبابي وما وراء بابي فتول ذلك مستخيرًا بالله تعالى‏.‏

فقال له عضد الدولة‏:‏ يعينني الله عز وجل على طاعة مولانا وخدمته وأريد المطهر وعبد العزيز ووجوه القواد الذين دخلوا معي أن يسمعوا لفظ أمير المؤمنين‏.‏

فأذنوا وقال الطائع‏:‏ هاتوا الحسين بن موسى ومحمد بن عمرو بن معروف وابن أم شيبان والزيني فقدموا فأعاد الطائع لله القول بالتفويض إليه والتعويل عليه ثم التفت إلى طريف الخادم فقال‏:‏ يا طريف يفاض عليه الخلع ويتوج‏.‏

فنهض عضد الدولة إلى الرواق فألبس الخلع فخرج فأومأ ليقبل الأرض فلم يطق فقال له الطائع‏:‏ حسبك حسبك‏.‏

وأمره بالجلوس على الكرسي ثم استدعى الطائع تقديم ألويته فقدم لواءان واستخار الطائع لله عز وجل وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعقدهما ثم قال‏:‏ يقرأ كتابه‏.‏

فقرأ فقال له الطائع‏:‏ خار الله لنا ولك وللمسلمين آمرك بما أمرك الله به‏.‏

وأنهاك عما نهاك الله عنه وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك انهض على اسم الله‏.‏

وأخذ الطائع سيفًا كان بين المخدتين اللتين تليانه فقلده إياه مضافًا إلى السيف الذي قلده مع الخلعة ولما أراد عضد الدولة أن ينصرف قال للطائع‏:‏ إني أتطير أن أعود على عقبي فأسأل أن يؤمر بفتح هذا الباب لي‏.‏

فأذن في ذلك وشاهد في الحال نحو ثلثمائة صانع قد أعدهم عضد الدولة حتى هيئ للفرس مسقال وركب وسار الجيش وسار في البلد‏.‏

ثم بعث الطائع إليه بعد ثلاثة أيام هدية فيها غلالة قصب وصينية ذهب وخرداذي بلور وفيه شراب ناقص كأنه قد شرب بعضه وعلى فم الخرداذي خرقة حرير مشدودة مختومة وكأس من هذا الفن فوافى أبو نصر الخازن ومعه من الأموال نحو ما ذكرنا في دخوله الأول في السنة الماضية ولما عاد عضد الدولة جلس للتهنئة فقال أبو إسحاق الصابي‏:‏ على البديهة‏:‏ يا عضد الدولة الذي علقت يداه من فخره بأعرقه لبست للملك تاج ملته فصل عرى غربة بمشرقه‏.‏

أحرزت منك الجديد في عمر أطاله الله غير مخلقه يلوح منك الجبين بحاشية لحاظنا في ضياء رونقه كأنه الشمس في إنارتها ويشبه البدر في تألقه لما رأيت الرجال تنشده من كل فحل القريض مغلقه ألجأت نفسي إليك رؤيتها لتطلب المدح طول منطقه قال له خاطري بطمع أن تساجل البحر في تدفقه خفف وأوجز فقلت مختصرأ للقول في جده وأصدقه يفتخر النعل تحت أخمصه فكيف بالتاج فوق مفرقه‏.‏

وفي شهر رمضان‏:‏ بعث إلى ضبة بن محمد الأسدي وكان من أكابر الذعار وقد قتل النفوس وفي يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذي القعدة‏:‏ تزوج الطائع لله بنت عضد الدولة الكبرى وعقد العقد بحضرة الطائع بمحضر من الأشراف والقضاة والشهود ووجوه الدولة على صداق مبلغه مائة ألف دينار وفي رواية‏:‏ مائتي ألف دينار والوكيل عن عضد الدولة في العقد‏.‏

أبو الحسن بن أحمد الفارسي النحوي والخطيب الخاص القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي‏.‏

وفي هذا الشهر‏:‏ قلد أبو الفتح أحمد بن عمر بن يحيى العلوي الحج وتولاه في موسم هذه السنة‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر‏.‏

أحمد بن عطاء بن أحمد أبو عبد الله الروذباري ابن أخت أبي علي الروذباري أسند الحديث وكان يتكلم على مذهب الصوفية توفي بصور في ذي الحجة من هذه السنة الحسين بن علي أبو عبد الله البصري العجل سكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة وصنف على مذاهبهم وانتحل في الفروع مذهب أهل العراق وتوفي في هذه السنة وصلى عليه أبو علي الفارسي ودفن في تربة استاذه أبي الحسن الكرخي بدرب الحسن بن زيد وكلن قد قارب الثمانين سنة حسنويه بن الحسين الكردي كان له مال عظيم وسلطان وكان يخرج أموالًا كثيرة في الصدقات توفي في قلعته يوم الثلاثاء لليلة من ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

سعيد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو عثمان النيسابوري قدم بغداد وحدث بها عن أبي العباس الأصم وغيره فروى عنه أبو العلاء الواسطي وتوفي عند انصرافه من الحج في جمادى الأولى من هذه السنة‏.‏

عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي أبو محمد البزاز ولد سنة أربع وسبعين ومائتين‏.‏

سمع أبا مسلم الكجي ويوسف بن يعقوب القاضي‏.‏

روى عنه ابن رزقويه وأبو علي بن شاذان وكان ثقة توفي في رجب هذه السنة‏.‏

ابن أم شيبان ولد يوم عاشوراء من سنة أربع وتسعين ومائتين وله أخ يقال له‏:‏ محمد أيضًا إلا أن هذا هو الأكبر وأصله من الكوفة وولي القضاء ببغداد وحدث عن عبد الله بن زيدان وغيره روى عنه البرقاني‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا علي بن المحسن أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال‏:‏ لما نقل المستكفي بالله نائبه أبا السائب عن القضاء بمدينة المنصور في يوم الإثنين مستهل ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلثمائة قلد في هذا اليوم أبا الحسن محمد بن صالح ويعرف هو وأهله ببني أم شيبان واسمها كنيتها وهي بنت يحيى بن محمد من أولاد طلحة بن عبيد الله والقاضي أبو الحسن من أهل الكوفة بها ولد ونشأ وكتب الحديث ثم قدم بغداد وقرأ على ابن مجاهد وقرأ على ابن مجاهد ولقي الشيوخ وصاهر قاضي القضاة أبا عمر محمد بن يوسف على بنت ابنته وأبو الحسن رجل عظيم القدر وافر العقل واسع العلم حسن التصنيف ثم قلده المطيع قضاء الشرقية مضافًا إلى مدينة المنصور وتوفي في فجأة جمادى الأولى من هذه السنة‏.‏

محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق سمع علي بن دليل وأبا سعيد بن رميح النسوي وغيرهما وتوفي قبل سنة سبعين وثلثمائة أبو الحسين بن أحمد بن زكرياء بن فارس اللغوي‏.‏

صاحب المجمل في اللغة وغيره من الكتب له التصانيف الحسان والعلم الغزير والمعرفة الجيدة باللغة‏.‏

أنشدنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أنشدنا أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي لابن فارس‏:‏ وقالوا كيف حالك قلت خير تقضى حاجة وتفوت حاج إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا عسى يومًا يكون لها افراج نديمي هرتي وشفاء نفسي دفاتري لي ومعشوقي السراج‏.‏

قال‏:‏ وأنشدنا له وذكر أنه قالها قبل وفاته بيومين‏:‏ يا رب إن ذنوبي قد أحطت بها علمًا وبي وبأعلاني وإسراري‏.‏

أنا الموحد لكني المقر بها فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري‏.‏

 ثم دخلت سنة سبعين وثلثمائة

أن الصاحب بن عباد ورد إلى خدمة عضد الدولة عن مؤيد الدولة وعن نفسه فتلقاه عضد الدولة على بعد من البلد وبالغ في إكرامه ورسم لأكابر كتابه وأصحابه يعظمونه وكانو يغشونه مدة مقامه ولم يركب هو إلى أحد منهم وكان غرض عضد االدولة تأنيسه وإكرام مؤيد الدولة ووصلت كتب مؤيد الدولة يستطيل مقام الصاحب ويذكر اضطراب الأمور ببعده ثم أن عضد الدولة برز غلى ظاهر همذان في ربيع الآخر للمضي إلى بغداد وخلع على الصاحب الخلع الجميلة وحمله على فرس بمركب ذهب ونصب له دستًا كاملًا في خركاه تتصل بمضاربه وأقطعه ضياعًا جليلة وحمل إلى مؤيد الدولة في صحبته ألطافًا وورد عضد الدولة إلى بغداد فنزل بجسر النهروان في يوم الأربعاء حادي عشر جمادى الآخرة وطلب من الطائع أن يلقاه فخرج غليه الطائع من غد هذا اليوم فتلقاه وضربت له قباب وزينت له الأسواق‏.‏

قال أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان‏:‏ لم تكن العادة جارية بخروج الخلفاء لتلقي أحد من الأمراء فلما توفيت فاطمة أخت معز الدولة أبي الحسين ركب المطيع إلى معز الدولة يعزيه عنها فنزل معز الدولة وقبل الأرض وقبل بين يديه وأكثر الشكر فلما صار عضد الدولة غلى بغداد في الدفعة الأخيرة مستوليًا على الأمور فيها أنفذ أبا الحسن محمد بن عمر العلوي من معسكره ندبًا إلى حضرة الطائع فوافى باب دار الخلافة نصف الليل وراسل بأنه قد حضر في مهم فجلس له الطائع وأوصله فقال‏:‏ يا مولانا أمير المؤمنين قد ورد هذا الملك وهو من الملوك المتقدمين وجاري مجرى الأكاسرى المعظمين وقد أمل من مولانا التمييز عن من تقدمه والتشريف بالاستقبال الذي يتبين على جميل الرأي فيه فقال الطائع‏:‏ نحن له معتقدون وعليه معتزمون وبه قبل السؤال متبرعون فأعلمه ذلك قال ابن حاجب النعمان‏:‏ ولم يكن للطائع نية في ذلك ولا هم به لأنه علم أنه لا يجوز رده فأحب أن يجعل المنة ابتداء منه‏.‏

قال محمد بن عمر‏:‏ فعدت إلى عضد الدولة من وقتي فعرفته ما جرى فسر به وخرج الطائع من غد فتلقاه في دجلة‏.‏

قال محمد بن عمر‏:‏ فقال لي عضد الدولة هذه خدمة قد أحسنت القيام بها وبقيت أخرى لا نعرف فيها غيرك وهي منع العوام من لقائنا بدعاء وصياح‏.‏

فقلت‏:‏ يا مولانا تدخل إلى البلد قد تطلعت نفوس أهله إليك ثم تريد منهم السكوت فقال‏:‏ ما نعرف في كفهم سواك وكان أهل بغداد قد تلقوه مرة بالكلام السفيه فما أحب أن تدعو له تلك الألسنة‏.‏

قال‏:‏ فدعوت المعونة وقلت‏:‏ قد أمر الملك بكذا وتوعد ما يجري من ضده بضرب العنق فأشاعوا في العوام ذلك وخوفوا من ينطق بالقتل فاجتاز عضد الدولة فرأى الأمر على ما أراد فعجب من طاعة العوام لمحمد بن عمر فقال‏:‏ هؤلاء أضعاف جندنا وقد أطاعوه فلو أراد بنا سواء كان ورأى في روزنامج ألف ألف وثلاثمائة درهم باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته فقبض عليه واستولى على أمواله‏.‏

وفي ليلة الخميس الحادي عشر من جمادى الآخرة‏:‏ زفت السيدة بنت عضد الدولة إلى الطائع وحمل معها من المال والثياب والأواني والفرش الكثيرة‏.‏

وفي هذا الشهر ورد رسول من صاحب اليمن إلى عضد الدولة ومعه الهدايا والملاطفات ما كان في جملته قطعة عنبر وزنها ستة وخمسون رطلًا‏.‏

وزادت دجلة في هذه السنة زيادة مفرطة والفرات وانفجر بثق وسقطت قناطر الصراة فوقعت الجديدة في نصف ذي القعدة ووقعت العتيقة بعدها وكان يوم الأربعاء ثم وقع الشروع في عمل القنطرتين فأنفق عليهما المال الكثير وبنيتا البناء الوثيق‏.‏

وكان الصيدلاوي رجل يقطع الطريق فاحتال عليه بعض الولاة فدس إليه جماعة من الصعاليك أظهروا الانحياز إليه فلما خالطوه قبضوا عليه وحملوه أسيرًا إلى الكوفة فقتل وحمل رأسه إلى بغداد‏.‏

وحج بالناس في هذه السنة أبو الفتح أحمد بن عمر بن يحيى العلوي وخطب بمكة والمدينة للمغربي صاحب مصر‏.‏

أحمد بن علي أبو بكر الرازي الفقيه إمام أهل الرأي في وقته كان مشهورًا بالزهد والورع ورد بغداد في شبيبته ودرس الفقه على أبي الحسن الكرخي ولم يزل حتى انتهت إليه الرياسة ورحل إليه المتفقهة وخوطب في أن يلي قضاء القضاة فامتنع وأعيد عليه الخطاب فلم يفعل وله تصانيف كثيرة ضمنها أحاديث رواها عن أبي العباس الأصم وسليمان الطبراني وغيرهما‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الخطيب قال‏:‏ حدثني القاضي أبو عبد الله الصيرمي قال‏:‏ حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري قال‏:‏ حدثني أبو بكر الأبهري قال‏:‏ خاطبني المطيع على قضاء القضاة وكان السفير في ذلك أبو الحسن بن أبي عمرو الشرابي فأبيت عليه واشرت بأبي بكر أحمد بن علي الرازي فأحضر الخطاب على ذلك وسألني أبو الحسن بن أبي عمرو معونته عليه فخوطب فامتنع وخلوت به فقال‏:‏ تشير علي بذلك فقلت‏:‏ لا أرى لك ذلك‏.‏

ثم قمنا إلى بين يدي أبي الحسن بن أبي عمرو فأعاد خطابه وعدت إلى معونته فقال لي‏:‏ أليس قد شاورتك فأشرت علي أن لا أفعل فوجم أبو الحسن بن أبي عمرو من ذلك فقال‏:‏ تشير علينا بإنسان ثم تشير عليه أن لا يفعل‏.‏

قلت‏:‏ نعم أمالي في ذلك أسوة بمالك بن أنس أشار على أهل المدينة أن يقدموا نافعًا القارئ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشار على نافع أن لا يقبل‏.‏

فقيل له في ذلك فقال‏:‏ أشرت عليكم بنافع لأني لم أعرف مثله وأشرت عليه أن لا يفعل لأنه يحصل له أعداء وحساد فكذلك أنا أشرت عليكم به لأني لا أعرف مثله وأشرت عليه أن لا يفعل لأنه أسلم لدينه‏.‏

قال الصيرمي‏:‏ وتوفي أبو بكر الرازي في ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة وصلى عليه أبو بكر بن محمد بن موسى الخوارزمي‏.‏

الزبير بن عبد الواحد بن موسى أبو يعلى البغدادي نزيل نيسابور سمع البغوي وابن صاعد وسمع بالبصرة وخوزستان وأصبهان وبلاد آذربيجان ثم دخل بلاد خراسان فسمع فيها الكثير ثم انصرف إلى البصرة وتوفي بالموصل في هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن علي بن جعفر أبو الطيب الدقاق سمع محمد بن سليمان الباهلي روى عنه البرقاني وقال‏:‏ كان شيخًا فاضلًا ثقة مجودًا من أصحاب الحديث توفي في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن العباس بن الوليد بن مسلم سمع عبد الله بن محمد بن ناجية وإبراهيم بن موسى الجوزي روى عنه القاضي أبو العلاء وكان ثقة وتوفي في شوال هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن حماد أبو جعفر مولى الهادي بالله إبن المتيم سمع خلقًا كثيرًا وروى عنه أبو بكر البرقاني قال أبو نعيم الأصبهاني‏:‏ لم أسمع فيه إلا خيرًا وقال ابن أبي الفوارس توفي يوم الثلاثاء لسبع خلون من شوال وكان لا بأس به‏.‏

محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد بن زكريا أبو بكر الوراق يلقب‏:‏ غندرا‏.‏

كان جوالًا حدث ببلاد فارس وخراسان عن الباغندي وابن صاعد وابن دريد وغيرهم روى عنه أبو بكر البرقاني وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهما وكان حافظًا ثقة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني محمد بن أحمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري الحافظ‏:‏ أن غندرًا خرج من مرو قاصدًا بخارى فمات في المفازة سنة سبعين وثلثمائة هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن عضد الدولة أمر بحفر النهر من عمود الخالص وسياقة الماء إلى بستان داره فبدئ في ذلك وحشر الرجال لعمله‏.‏

وأنه كان على صدر زبرت عضد الدولة على صورة السبع من فضة فسرق في صفر وعجب الناس كيف كان هذا مع هيبة عضد الدولة المفرطة وكونه شديد المعاقبة على أقل جناية ثم قلبت الأرض في البحث عن سارقه فلم يوقف له على خبر ويقال أن صاحب مصر دس من فعل هذا‏.‏

وفي ربيع الأول‏:‏ وقع حريق بالكرخ من حد درب القراطيس إلى بعض البزازين من الجانبين وأتى على الأساكفة والحذائين واحترق فيه جماعة من الناس وبقي لهبه أسبوعًا‏.‏

وفي ذي العقدة‏:‏ تقلد أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى كتابة الطائع لله وخلع عليه‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر‏.‏

أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس أبو بكر الإسماعيلي طلب الحديث وسافر‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا إسماعيل بن مسعدة أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال‏:‏ سمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول‏:‏ لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي دخلت الدار وبكيت وصرخت ومزقت القميص ووضعت التراب على رأسي فاجتمع أهلي وقالوا‏:‏ ما أصابك قلت‏:‏ نعي إلي محمد بن أيوب منعتموني الارتحال إليه فأذنوا لي في الخروج وأصبحوني خالي إلى نسا إلى الحسن بن سفيان ولم يكن في وجهي طاقة فقدمت فقرأت عليه المسند وغيره وكانت أول رحلتي في طلب الحديث وكان للإسماعيلي علم وافر بالنقل وصنف كتابًا على صحيح البخاري حدثنا به يحيى بن ثابت بن بندار عن أبيه عن البرقاني عنه‏.‏

وكان الدارقطني يقول‏:‏ كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق توفي الإسماعيلي يوم السبت غرة رجب سنة إحدى وسبعين وثلثمائة عن أربع وتسعين سنة‏.‏

الحسن بن صالح أبو محمد السبيعي سمع ابن جرير الطبري وقاسم المطرز روى عنه الدارقطني والبرقاني وكان ثقة حافظًا مكثرًا وكان عسرًا في الرواية ولما كان بآخره عزم على التحديث والإملاء في مجلس عام فتهيأ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ قال لنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي رأيت أبا الحسن الدارقطني جالسًا بين يدي أبي محمد السبيعي كجلوس الصبي بين يدي المعلم هيبة له توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

الحسن بن علي بن الحسن بن الهيثم بن طهمان أبو عبد الله الشاهد ابن البادا ولد سنة أربع وسبعين ومائتين سمع الحسن بن علوية وشعيب بن محمد الذراع وكان عمره سبعًا وتسعين سنة مكث منها خمس عشرة في آخر عمره مقعد أعمى وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

الحسن بن يوسف بن يحيى أبو معاذ البستي روى عنه البرقاني وكان ثقة وقال ابن أبي الفوارس‏:‏ توفي في ذي الحجة من هذه السنة وكان ثقة مستورًا جميل المذهب‏.‏

عبد الله بن إبراهيم بن جعفر بن بنيان أبو الحسين الزينبي ولد في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ومائتين وكان يسكن ببركة زلزل وحدث عن الحسن بن علوية والفريابي روى عنه البرقاني والتنوخي وكان ثقة توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

عبد الله بن الحسين بن إسماعيل بن محمد أبو بكر الضبي القاضي أخبرنا القزاز أخبرنا ابن ثابت أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي أخبرنا الدارقطني قال‏:‏ عبد الله بن الحسين أبو بكر القاضي سمع أكثر حديث أبيه وكتب عن أبي بكر النيسابوري وغيره وحدث وولاه أمير المؤمنين المتقي القضاء على آمد وأرزن وميافارقين وما يلي ذلك في سنة تسع وعشرين وثلثمائة ثم ولاه المتقي أيضًا في سنة إحدى وثلاثين القضاء على طريق الموصل وقطربل ومسكن وغير ذلك وولاه المطيع لله سنة أربع وثلاثين على الموصل وأعمالها وقضاء الحديثة وما يتصل بذلك ثم ولاه المطيع أيضًا القضاء على حلب وأنطاكية وأعمالها وولاه الطائع القضاء على ديار بكر وآمد وأرزن وميافارقين وأرمينية وأعمال ذلك وكان عفيفًا نزهًا فقيهًا توفي في هذه السنة‏.‏

عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث أبو الحسن التميمي حدث عن أبي بكر بن زيلد النيسابوري والقاضي المحاملي ومحمد بن مخلد الدوري ونفطويه وغيرهمن وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

أخبرنا أحمد بن الحسن بن البناء أنبأنا القاضي أبو يعلى ابن الفراء قال‏:‏ أبو الحسن عبد العزيز التميمي رجل جليل القدر وله كلام في مسائل الخلاف وتصنيف في الأصول والفرائض‏.‏

قال المصنف‏:‏ وقد تعصب عليه الخطيب وهذا شأنه في أصحاب أحمد فحكى عن أبي القاسم عبد الواحد بن علي الأسدي العكبري أن التميمي وضع حديثًا وهذا العكبري لا يعول على قوله فإنه لم يكن من أهل الحديث والعلم إنما كان يعرف شيئًا من العربية ولم يرو شيئًا من الحديث كذلك ذكر عنه الخطيب وكان أيضًا معتزليًا يقول أن الكفار لا يخلدون في النار وعنه حكي الطعن في ابن بطة أيضًا وسيأتي القدح في هذا الأسدي مستوفي في ترجمة ابن بطة فقد أنفق هذا الأسدي مبغضًا لأصحاب أحمد طاعنًا في أكابرهم وأنفق الخطيب يبهرج إذا شاء بعصبية باردة فإنه غذا ذكر المتكلمين من المبتدعة عظم القوم وذكر لهم ما يقارب الاستحالة فإنه ذكر عن ابن اللبان انه قال‏:‏ حفظت القرآن وأنا ابن خمس سنين وحكي عن ابن رزقويه‏:‏ أن التميمي وضع في مسند آخر ومن مسموعاته من غير ذلك المسند متى كان الشيء محتملًا لم يجز أن يقطع على صاحبه بالكذب نعوذ بالله من الأغراض الفاسدة على أنها تحول علي بن إبراهيم أبو الحسن الحصري الصوفي الواعظ بصري الأصل سكن بغداد وكان شيخ المتصوفة صحب الشبلي وغيره وبلغني انه كبر سنه فصعب عليه المجيء إلى الجامع فبني له الرباط المقابل لجامع المنصور ثم عرف بصاحبه الزوزني‏.‏

كان الحصري لا يخرج إلا من جمعة إلى جمعة وله على طريقتهم كلام‏.‏

أنبأنا محمد بن محمد الحافظ أنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنا الحسين بن علي ابن غالب المقرئ أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر البغدادي قال‏:‏ سمعت أبا الحسن علي بن إبراهيم الحصري فسمعته يقول‏:‏ وجدت من يدعو غنما يدعو الله بظاهره ويدعو غلى نفسه بباطنه لأنه يحب أن يعظم وأن يشار إليه ويعرف موضعه ويثنى عليه الثناء الحسن وإذا أحب يحبه الخلق له وتعظيمهم إياه فقد دعاهم إلى نفسه لا إلى ربه وقال‏:‏ ما علي مني وأي شيء لي في حتى أخاف عليه وأرجو له أن رحم رحم ماله وإن عذب عذب ماله توفي الحصري يوم الجمعة ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة وقد أناف على الثمانين ودفن بمقبرة باب حرب‏.‏

الأحدب المزور كان يكتب على خط كل أحد حتى لا يشك الرجل المزور على خطه أنه خطه وبلي الناس منه ببلوى عظيمة وختم السلطان على يده مرارًا وتوفي يوم الأحد تاسع رجب هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن روح أبو بكر الحريري سمع إبراهيم بن عبد الله الزينبي‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أبو بكر البرقاني عن محمد بن أحمد الحريري وسألته عنه فقال‏:‏ ثقة فاضل قال ابن ثابت‏:‏ وحدثت عن أبي الحسن محمد بن العباس بن الفرات قال‏:‏ توفي محمد بن أحمد بن روح في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلثمائة مستور ثقة‏.‏

محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بو زيد المروزي الفقيه سمع محمد بن عبد الله السعدي وغيره وكان أحد أئمة المسلمين حافظًا لمذهب الشافعي حسن النظر مشهورًا بالزهد والورع ورد بغداد وحدث بها فسمع منه الدارقطني‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرني محمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابوري قال‏:‏ سمعت أبا بكر البزاز يقول‏:‏ عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة قال أبو نعيم‏:‏ توفي أبو زيد بمرو يوم الجمعة الثالث من رجب هذه السنة‏.‏

محمد بن خلف بن جيان بالجيم أبو بكر الفقيه روى عنه البرقاني والتنوخي وغيرهما وكان ثقة وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

محمد بن خفيف أبو عبد الله الشيرازي صحب الجريري وابن عطاء وغيرهما وقد ذكرت في كتابي المسمى بتلبيس إبليس عنه من الحكايات ما يدل على أنه كان يذهب مذهب الإباحة‏.‏

 ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة

أنه ورد في يوم الخميس ثامن عشر المحرم فتح الماء الذي استخرجه عضد الدولة من نهر الخالص غلى داره وبستان الزاهر‏.‏

وفي يوم الخميس لثلاث خلون من صفر وقيل بل لليلة خلت من ربيع الآخر‏:‏ فتح المارستان الذي أنشأه عضد الدولة في الجانب الغربي من مدينة السلام ورتب فيه الأطباء والمعالجون والخزان والبوابون والوكلاء والناظرون ونقلت إليه الأدوية والأشربة والفرش والآلات‏.‏

وفي شوال توفي عضد الدولة فكتم أصحابه موته ثم استدعوا ولده صمصام الدولة من الغد إلى دار المملكة وأخرجوا أمر عضد الدولة بتوليه العهد وروسل الطائع فسئل كتب عهده منه ففعل وبعث إليه خلعًا ولواء وعهدًا بإمضاء ما قلده إياه أبوه وجلس جلوسًا عامًا حتى قرئ العهد بين يديه وهنأه الناس واستمرت الحال على إخفاء وفاة عضد الدولة إلى أن تمهد الأمر‏.‏

وفي يوم الاثنين لعشر بقين من ذي الحجة‏:‏ قلد أبو القاسم علي بن أبي تمام الزينبي نقابة العباسيين والقضاء بالحضرة وخلع عليه وفي هذا الشهر‏:‏ خلع على أبي منصور بن الفتح العلوي للخروج بالحاج‏.‏

إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان أبو يعقوب النسوي‏.‏

روى عن جده الحسن بن سفيان ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وانتقى عليه الدارقطني وكان ثقة أمينًا توفي بطريق خراسان مرجعه من الحج‏.‏

أحمد بن جعفر أبو الحسن الخلال فناخسرو بن الحسن بن بويه بفتح الواو ابن فناخسرو بن تمام بن كوهي بن شيرزيل أبو شجاع عضد الدولة كذاذ كره الأمير أبو نصر بن ما كولا ونسبه إلى سابور بن أرشير وكان أبوه يكنى أبا علي ويلقب ركن الدولة وهو أول من خوطب في الإسلام بالملك شاهنشاه وكان دخوله إلى بغداد في ربيع الأول سنة سبع وستين وثلثمائة وخرج الطائع إليه متلقيًا له ولم يتلق سواه ودخل إلى الطائع فطوقه وسوره وشافهه بالولاية وأمر أن يخطب له على المنابر ببغداد ولم تجر بذلك عادة لغير الخليفة وأذن له في ضرب الطبل على بابه في أوقات الصلوات الثلاث ودخل بغداد وقد استولى الخراب عليها وعلى سوادها بانفجار بثوقها وقطع المفسدين طرقاتها فبعث العسكر إلى بني شيبان وكانوا يقطعون الطريق فأوقع بهم وأسر منهم ثماني مائة رجل وسد بثق السهلية وبثق اليهودي وأمر الأغنياء بعمارة مسناتهم وأن يغرسوا في كل خراب لا صاحب له وغرس هو الزاهر وهو دار أبي علي بن مقلة وكانت قد صارت تلًا وغرس التاجي عند قطربل وحوطه على ألف وسبعمائة جريب وأمر بحفر الأنهار التي دثرت وعمل عليها أرحاء الماء وحول من البادية قومًا فاسكنهم بين فارس وكرمان فزرعوا وعمروا البرية وكان ينقل إلى بلاده ما يوجد بها من الأصناف فمنها‏:‏ نقله إلى كرمان‏:‏ حب النيل وبلغ في الحماية أقصى حد وأخر الخراج إلى النوروز العضدي ورفع الجباية عن الحاج وأقام لهم السواني في الطريق وحفر المصانع والآبار وأطلق الصلات لأهل الحرمين ورد رسومهم القديمة وأدار السور على مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسا المساجد فأدر أرزاق المؤذنين والقراء وربما تصدق بثلاثين ألفًا وصدق مرة بثلاثين بدرة وعمل الجسر وبنى القنطرتين العتيقة والجديدة على الصراة فتمت الجديدة بعد وفاته وكان بجكم قد عمل مارستان فشرع فيه فلم يتم فعمله عضد الدولة وجلب إليه ما يصلح لكل فن وعمل بين يديه سوقًا للبزازين ووقف عليه وقوفًا كثيرة وعمل له أرحاء بالزبيدية من نهر عيسى ووقفها عليه وكان يبحث عن أشراف الملوك وينقب عن سرائرهم وكانت أخبار الدنيا عنده حتى لو تكلم إنسان بمصر رقى إليه حتى أن رجلًا بمصر ذكره بكلمة فاحتال حتى جاء به ووبخه عليها ثم رده فكان الناس يحترزون في كلامهم وأفعالهم من نسائهم وغلمانهم وكانت له حيل عجيبة في التوصل إلى كشف المشكلات وقد ذكرت منها جملة في كتاب الأذكياء فكرهت الإعادة وكانت هيمنته عظيمة فلو لطم إنسان إنسانًا قابله أشد مقابلة فانكف الناس عن التظالم وكان غزير العقل شديد التيقظ كثير الفضل بعيد الهمة محبًا للفضائل مجتنبًا للرذائل وكان يباكر دخول الحمام فإذا خرج صلى الفجر ودخل إليه خواصه فإذا ترحل النهار سأل عن الأخبار الواردة فإن تأخرت عن وقتها قامت عليه القيامة وسأل عن سبب التعويق فإن كان من غير عذر أنزل البلاء عليهم حتى أن بعضهم يعوق بمقدار ما تغدى وكانت الأخبار تصل من شيراز إلى بغداد في سبعة أيام وتحمل معهم الفواكهة الطرية ثم يتغدى والطبيب قائم وهو يسأله عن منافع الأطعمة ومضارها ثم ينام فإذا انتبه صلى الظهر وخرج إلى مجلس الندماء والراحة وسماع الغناء وكذلك إلى أن يمضي من الليل صدر ثم يأوي إلى فراشه فإذا كان يوم موكب برز للأولياء فلقيهم ببشر معه هيبة وكان يقتل ويهلك ظنًا منه أن ذلك سياسة فيخرج بذلك الفعل عن مقتضى الشريعة حتى أن جارية شغلت قلبه بميله إليها عن تدبير المملكة فأمر بتغريقها وأخذ غلام بطيخًا من رجل غضبًا فضربه بسيف فقطعه نصفين‏.‏

وكان يحب العلم والعلماء ويجري الرسوم للفقهاء والأدباء والقراء فرغب الناس في العلم وكان هو يتشاغل بالعلم فوجد له في تذكرة إذا فرغنا من حل أقليدس كله تصدقت بعشرين ألف درهم وإذا فرغنا من كتاب أبي علي النحوي تصدقت بخمسين ألف درهم وكل ابن يولد لنا كما نحب أتصدق بعشرة آلاف درهم فإن كان من فلانة فبخمسين ألف درهم وكل بنت فبخمسة آلاف فإن كان منها فبثلاثين ألفًا وكان يحب الشعر فمدح كثيرًا وكان يؤثر مجالسة الأدباء على منادمة الأمراء وقال شعرًا كثيرًا نظرت في جميعه فمن شعره‏:‏ يا طيب رائحة من نفحة الخيري إذا تمزق جلباب الدياجير‏.‏

كأنما رش بالماورد أو عبقت ** فيه دواخين ند عند تبخير‏.‏

كان أوراقه في القد أجنحة ** صفر وحمر وبيض من زنابير‏.‏

ومن شعره وقد خرج إلى بستان وقال‏:‏ لو ساعدنا غيث فجاء المطر فقال‏:‏ ليس شرب الكأس إلا في المطر وغناء من جوار في السحر‏.‏

غانيات سالبات للهنى ** ناغمات في تضاعيف الوتر‏.‏

راقصات زاهرات نجل ** رافلات في أفانين الحبر‏.‏

مطربات محسنات مجن ** رافضات الهم أبان الفكر‏.‏

مبرزات الكأس من مخزنها ** مسقيات الخمر من فاق البشر‏.‏

سهل الله له بغيته في مل**وك الأرض ما دار القمر‏.‏

وأراه الخير في أولاده ** ليساس الملك منه بالغرور‏.‏

وقالوا أنه مذ قال غلاب القدر لم يفلح‏.‏

وليس شعره بالفائق فلم أكتب منه غير ما كتبت‏.‏

وأهدى إليه أبو إسحاق الصابئ استرلابًا في يوم مهرجان وكتب معه‏:‏ أهدى إليك بنو الأملاك واختلفوا في مهرجان جديد أنت مبليه‏.‏

لكن عبدك إبراهيم حين رأى علو قدرك عن شيء تدانيه‏.‏

لم يرضى بالأرض مهداة إليك فقد أهدى لك الفلك الأعلى بما فيه‏.‏

وكان قد طلب حسان دخله في السنة فإذا هو ثلثمائة ألف ألف وعشرين ألف ألف درهم فقال‏:‏ أريد أن أبلغ إلى ثلثمائة وستين ألف ألف درهم ليكون دخلنا في كل يوم ألف ألف درهم وفي رواية أنه كان يرتفع له كل عام أثنان وثلاثون ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار وكان له كرمان وفارس وعمان وخوزستان والعراق والموصل وديار بكر وحران ومنبج وكان مع صدقاته وإيصاله ينظر في الدينار وينافس في القيراط وأقام مكوسًا ومنع أن يعمل في الآلة وآثر آثار من الظلم فلما احتضر عضد الدولة جعل يتمثل بقول القاسم بن عبيد الله‏:‏ واخليت دور الملك من كل نازل فشردتهم غربا وبددتهم شرقا‏.‏

فلما بلغت النجم عزًا ورفعة وصلرت رقاب الخلق أجمع لي رقا‏.‏

رماني الردى سهما فأخمد جمرتي فها أنا ذا في حفرتي عاطلا ملقى‏.‏

فأذهبت دنياي وديني سفاهة فمن ذا الذي مني بمصرعة أشقى‏.‏

ثم جعل يقول‏:‏ ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه فرددها إلى أن توفي فيآخر يوم الاثنين من شوال هذه السنة عن سبع وأربعين سنة وأحد عشر شهرًا وثلاثة أيام وقيل‏:‏ بل عن ثمانية وأربعين سنة وتقررت قواعد ما يتعلق به في السنة المقبلة فلما توفي بلغ خبره إلى مجلس بعض العلماء وفيه جماعة من أكابر العلم فتذاكروا الكلمات التي قالها الحكماء عند موت الاسكندر‏.‏

وقد رويت لنا من طرق مختلفة الألفاظ ونحن نذكر أحسنها وذلك أن الاسكندر لما مات قام عند تابوته جماعة من الحكماء فقال أحدهم‏:‏ سلك الاسكندر طريق من فني وفي موته عبرة لمن بقي وقال الثاني خلف الاسكندر ما له لغيره ونحكم فيه بغير حكمه وقال الرابع‏:‏ كنت مثلي حديثًا وأنا مثلك وشيكًا وقال الخامس‏:‏ إن هذا الشخص كان لكم واعظًا ولم يعظكم قط بأفضل من مصرعه‏.‏

وقال السادس‏:‏ كان الأسكندر كحلم نائم انقضى أو كظل غمام انجلى‏.‏

وقال السابع‏:‏ لأن كنت أمس لا يأمنك أحد لقد أصبحت اليوم وما يخالفك أحد‏.‏

وقال الثامن‏:‏ هذه الدنيا الطويلة العريضة طويت في ذراعين‏.‏

وقال التاسع‏:‏ أجاهلًا كنت بالموت فنعذرك أم عالمًابه فنلومك وقال العاشر‏:‏ كفى للملوك عظة بموت العامة‏.‏

وقال بعض من حضر ذلك المجلس الذي أشيع فيه بموت عضد الدولة وتذكرت فيه هذه الكلمات‏:‏ فلو قلتم أنتم مثلها لكان ذلك يؤثر عنكم فقال أحدهم‏:‏ لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها وأعطاها فوق قيمتها وحسبك أنه طلب الربح فيها فخسر روحه فيها وقال الثاني‏:‏ من استيقظ للدنيا فهذا نومه ومن حلم فيها فهذا انتباهه‏.‏

وقال الثالث‏:‏ ما رأيت غافلًا في غفلته ولا عاقلًا في مثله لقد كان ينقض جانبًا وهو يظن أنه مبرم ويغرم وهو يظن أنه غانم‏.‏

وقال الرابع‏:‏ من جد للدنيا هزلت به ومن هزل عنها جدت له‏.‏

وقال الخامس‏:‏ ترك هذا الدنيا شاغرة ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة‏.‏

وقال السادس‏:‏ إن ماء أطفأ هذه النار لعظيم وإن ريحًا زعزعت هذا الركن لعصوف‏.‏

وقال السابع‏:‏ إنما سلبك من قدر عليك‏.‏

وقال الثامن‏:‏ لو كان معتبرًا في حياته لما صار عبرة في مماته‏.‏

وقال التاسع‏:‏ الصاعد في درجاتها إلى سفال والنازل في درجاتها إلى معال‏.‏

وقال العاشر‏:‏ كيف غفلت عن كيد هذا الأمر حتى نفذ فيك وهلا اتخذت دونه جنة تقيك إن فيك لعبرة للمعتبرين وإنك لآية للمستبصرين‏.‏

أبو أحمد الهاشمي حدث عن الحسين بن يحيى بن عياش القطان روى عنه عبد العزيز الأزجي وتوفي ليلة الجمعة لأربع بقين من شوال هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن تميم أبو نصر السرخسي قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن إدريس الشامي وأحمد بن إسحاق السرخسي وروى عنه ابن رزقويه وغيره وكان ثقة‏.‏

محمد بن جعفر بن أحمد بن جعفر بن أحمد بن الحسن بن وهب أبو بكر الحريري المعدل زوج الحرة سمع ابن جرير الطبري والبغوي وابن أبي داود والعباس بن يوسف الشكلي روى عنه اين رزقويه والبرقاني وابن شاذان قال البرقاني‏:‏ هو بغدادي جليل أحد العدول الثقات‏.‏

حدثنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا علي بن المحسن القاضي قال حدثني أبي قال‏:‏ حدثني الأمير أبو الفضل جعفر بن المكتفي بالله قال‏:‏ كانت بنت بدر مولى المعتضد زوجة أمير المؤمنين المقتدر بالله‏:‏ فأقامت عنده سنين وكان مكرمًا وعليها مفضلًا الأفضال العظيم فتأثلت حالها وانضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة وقتل المقتدر فأفلتت من النكبة وسلم لها جميع أموالها وذخائرها حتى لم يذهب لها شيء وخرجت عن الدار وكان يدخل إلى مطبخها حدث يحمل فيه على رأسه شيء يعرف بمحمد بن جعفر وكان حركًا فيقف على القهرمانة بخدمته فنقلوه إلى أن صار وكيل المطبخ وبلغها خبره ورأته فردت إليه الوكالة في غير المطبخ وترقى أمره حتى صار ينظر في ضياعها وعقارها وغلب عليها حتى صارت تكلمه من وراء ستر وخلف باب وزاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها فاستدعته إلى تزويجها فلم يجسر على ذلك فجسرته وبذلت له مالًا حتى تم لها ذلك وقد كانت حاله تأثلت بها وأعطته لما أرادت ذلك منه أموالًا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة لئلا يمنعها أولياؤها منه لفقره وأنه ليس بكفوء ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوجوها منه واعترض الأولياء فغالبتهم بالحكم والدراهم فتم له ذلك ولها فأقام معها سنين ثم ماتت فحصل له من مالها نحو ثلثمائة ألف دينار فهو يتقلب إلى الآن فيها‏.‏

قال أبي قد رأيت أنا هذا الرجل وهو شيخ عاقل شاهد مقبول توصل بالمال إلى أن قلبه أبو السائب القاضي حتى أقر في يده وقوف الحرة ووصيتها لأنها وصت في مالها ووقوفها وهو إلى الآن لا يعرف إلا بزوج الحرة وإنما سميت الحرة‏:‏ لأجل تزويج المقتدر بها وكذا عادة الخلفاء لأجل غلبة المماليك عليهم إذا كانت لهم زوجة قيل لها‏:‏ قال ابن ثابت‏:‏ قال لنا أبو علي بن شاذان‏:‏ كان محمد بن جعفر زوج الحرة جارنا وسمعت منه مجالس من أماليه وكان يحضره في مجلس الحديث القاضي الجراحي وأبو الحسين بن الظفر والدارقطني وابن حيوية وغيرهم من الشيوخ وتوفي ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لأربع خلون من صفر هذه السنة ودفن بالقرب من قبر معروف الكرخي وحضرت مع أبي الصلاة عليه‏.‏

منصور بن أحمد بن هارون الفقيه أبو صادق سمع من جماعة ولم يحدث قط وكان من الزهاد الهاربين من الرياسات وقال الزهديات وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة وهو ابن خمس وستين سنة‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه في يوم عاشوراء وهو عاشر المحرم أظهرت وفاة عضد الدولة وحمل تابوته إلى الشهداء الغربي ودفن في تربة بنيت له هناك وكتب على قبره في ملبن ساج‏:‏ ‏"‏ هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة أبي شجاع ابن ركن الدولة أحب مجاورة هذا الإمام التقي لطمعه في الخلاص يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعترته الطاهرة ‏"‏‏.‏

وتولى أمره وحمله أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق العلوي النقيب وجلس صمصام الدولة للعزاء به بالثياب السود على الأرض وجاءه الطائع لله معزيًا ولطم عليه في دوره والأسواق اللطم الشديد المتصل أيامًا كثيرة فلما انقضى ذلك ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة يوم السبت لسبع بقين من الشهر وخلع عليه فيها الخلع السبع والعمامة السوداء وسور وطوق وتوج وعقد له لواءان ولقب شمس الملة وحمل على فرس بمركب من ذهب وقيد بين يديه مثله وقرىء عهده بتقليده الأمور فيما بلغته الدعوة في جميع الممالك ونزل من هناك في الطيار إلى دار المملكة وأخذت له البيعة على جميع الأولياء بالطاعة وإخلاص النية في المناصحة وأطلق لها رسومها وكوتب الولاة والعمال وأصحاب النواحي والأطراف بأخذ البيعة على من قبلهم من الأجناد‏.‏

وفي ليلة الأربعاء الحادي عشر من صفر انقض كوكب عظيم الضوء وكانت عقيبه دوي كالرعد‏.‏

وورد الخبر بوفاة مؤيد الدولة أبي منصور بن بويه بن ركن الدولة بجرجان فجلس صمصام الدولة للعزاء به في يوم الخميس لثمان بقين من رمضان وجاءه الطائع لله فيه معزيًا ولما اشتدت علة مؤيد الدولة قال له الصاحب أبو القاسم إسماعيل ابن عباد‏:‏ لو عهد أمير الأمراء عهد إلى من يراه أهلًا كان تسكن الجند إليه عاجلًا إلى أن يتفضل الله بعافيته وقيامه إلى تدبير مملكته كان ذلك من الاستظار الذي الذي لا ضرر فيه‏.‏

فقال‏:‏ أنا في شغل عما تخاطبني عليه وما لهذا الملك قدر مع انتهاء الإنسان إلى مثل ما أنا فيه فافعلوا ما بدا لكم أن تفعلوه ثم أشفى فقال له الصاحب‏:‏ تب يا مولانا من كل ما فرطت فيه وتبرأ من هذه الأموال التي لست على ثقة من طيبها وحصولها من حلها واعتقد متى أقامك الله وعافاك أن تصرفها في وجوهها وترد كل ظلامة تعرفها‏.‏

ففعل ذلك وتلفظ به ومات فكتب الصاحب في الوقت إلى أخيه فخر الدولة أبي الحسن علي بن ركن الدولة بلإسراع والتعجيل وأنفذ إليه خاتم مؤيد الدولة وأرسل بعض ثقاته حتى استخلفه له على الحفظ والوفاء بالعهد فأسرع فلما وصل وانتظم له الأمر قال له الصاحب‏:‏ قد بلغك الله مولانا وبلغني فيك ما أملته ومن حقوق خدمتي لك إجابتي إلى ما أنا مؤثر له من ملازمة داري واعتزال الجندية والتوفر على أمر الله تعالى‏.‏

فقال له‏:‏ لا تقل هذا فإنني لا أريد هذا الملك إلا لك ولا يجوز أن يستقم لي فيه الأمر إلا بك وإذا كرهت ملابسة الأمور كرهت أنا ذلك وانصرفت‏.‏

فقبل الأرض وقال‏:‏ الأمر لك فاستوزه وخلع وزادت الأسعار في هذه السنة زيادة مفرطة ولحق الناس مجاعة عظيمة وبلغ الكر الحنطة في رمضان‏:‏ ثلاث آلاف درهم تاجية وبلغ في ذي القعدة أربعة آلاف وثمانمائة درهم وضج الناس وكسروا منابر الجوامع ومنعوا الصلاة في عدة جمع ومات خلق من الضعفاء جوعًا على الطريق ثم تناقصت الأسعار في ذي الحجة‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ وافى القرامطة إلى البصرة لما حدث من طمعهم بعد وفاة عضد الدولة فصولحوا على مال أعطوه وانصرفوا‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن العزيز أبو بكر العكبري وروى عن أبي خليفة الساجي وغيره وكان ثقة مأمونًا توفي بعكبرا في رجب هذه السنة‏.‏

بويه أبو منصور مؤيد الدولة بن ركن الدولة كان وزيره الصاحب بن عباد فضبط مملكته وأحسن التدبير وكان قد تزوج بنت عمه زبيدة بنت معز الدولة أبي الحسين فأنفق في العرس سبعمائة ألف دينار وتوفي بجرجان في سابع عشر شعبان هذه السنة وكانت علته الخوانيق وكان عمره ثلاثًا وأربعين سنة وشهرًا وإمارته سبعة وستين شهرًا وخمسة عشر يومًا‏.‏

جعفر الضرير المقرئ بباب الشام توفي في ذي الحجة من هذه السنة وكان ثقة‏.‏

سعيد بن سلام أبو عثمان المغربي ولد بالقيروان في قرية يقال لها‏:‏ كركنت ولقي الشيوخ بمصر ودخل بلاد الشام وصحب أبا الخير الأقطع وجاور بمكة سنين وكان لا يظهر في المواسم وكانت له كرامات وكان أبو سليمان الخطابي يقول‏:‏ إن كان في هذا العصر من المحدثين أحد فأبو عثمان‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو سعيد الحسين بن علي بن أحمد الشيرازي قال‏:‏ سمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول‏:‏ سمعت أبا عثمان المغربي يقول‏:‏ كنت ببغداد وكان بي وجع من ركبتي حتى نزل إلى مثانتي فاشتد وجعي وكنت أستغيث بالله فناداني بعض الجن مما استغاثتك بالله وغوثه بعد فلما سمعت ذلك رفعت صوتي وزدت في مقالتي حتى سمع أهل الدار صوتي فما كان إلا بعد ساعة فجاء البول وقدم إلي سطل أهريق فيه الماء فخرج مني شيء بقوة فضرب وسط السطل حتى سمعت له صوتًا فإذا هو حجر قد خرج من مثانتي وذهب الوجع عني فقلت‏:‏ ما أسرع الغوث وكذا الظن به‏.‏

توفي أبو عثمان بنيسابور في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن إلى جنب أبي عثمان الحيري

عبد الله بن أحمد بن ماهيزد أبو محمد الأصبهاني الظريف سكن بغداد وحدث بها عن الباغندي والبغوي وابن أبي داود روى عنه البرقاني والأزجي وكان ثقة توفي في هذه السنة‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا علي أخبرنا أحمد بن روح النهراوي قال‏:‏ ذكرنا عبد الله بن أحمد بن ماهيزذ أنه ولد في آخر سنة ثلاث أو أربع وسبعين ومائتين قال‏:‏ ودخلت بغداد سنة سبع وتسعين ومائتين وحجبت في سنة ثلاث وثلثمائة وصمت ثمانية رمضانًا‏.‏

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن المختار أبو محمد المزني الواسطي ابن السقاء سمع عبدان وأبا يعلى الموصلي والبغوي وابن أبي داود وكان فهمًا حافظًا ورد بغداد فحدث بها مجالسه كلها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطني وكانا يقولان‏:‏ ما رأينا معه لإنما حدثنا حفظًا وما أخذنا عليه خطأ في شيء غير أنه حدث عن أبي يعلى بحديث في القلب منه شيء‏.‏

قال أبو العلاء الواسطي‏:‏ فلما عدت إلى واسط أخبرته فأخرج الحديث وأصله بخط الصبي‏.‏

توفي في هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة أربع وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن أبا عبد الله بن سعدان شرع في إصلاح ما بين صمصام الدولة وفخر الدولة وخوطب الطائع لله على ما يجدده لفخر الدولة من الخلع والعهد واللقب ففعل وجلس لذلك وأحضرت الخلع وقرئ عهده وبعثت إليه‏.‏

وفي شهر رجب‏:‏ كان عرس في درب رباح فوقعت الدار فهلك كثير من النساء وأخرجن من تحت الهدم بالحلي والزينة فكانت المصيبة عامة‏.‏

إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى أبو إسحاق المقرئ الخرقي من أهل الجانب الشرقي كان يسكن سوق يحيى وحدث عن جماعة وروى عنه التنوخي والجوهري وكان ثقة صالحًا‏.‏

توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

إسحاق بن سعد بن الحسين بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز أبو يعقوب الشيباني النسوي ولد سنة ثلاث وتسعين مائتين روى عن جده الحسن وعن محمد بن إسحاق السراج ومحمد بن إسحاق بن خزيمة كتب عنه الناس بانتخاب الدارقطني وكان ثقة توفي في هذه السنة‏.‏

عبد الله بن موسى بن إسحاق أبو العباس الهاشمي روى عن ابن بنت منيع وابن أبي داود وقاسم المطرز وأبي خبيب البرقي وغيرهم وكان ثقة أمينًا من أهل القرآن والحديث وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن بالويه أبو علي النيسابوري المعدل سمع عبد الله بن محمد بن شيرويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ومحمد بن إسحاق بن السراج وغيرهم وكان ثقة وتوفي بنيسابور يوم الخميس سلخ شوال هذه السنة عن أربع وتسعين سنة‏.‏

محمد بن أحمد بن عبدان بن فضال أبو الفرج الأسدي ولد في سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع الباغندي وأبا عمر القاضي وأبا بكر بن أبي داود‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو بكر بن ثابت أخبرنا العتقي قال‏:‏ توفي أبو الفرج بن عبدان في ذي الحجة من هذه السنة وهي سنة أربع وسبعين وثلثمائة وكان ثقة مأمونًا‏.‏

محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الله بن إسماعيل أبو علي البزاز العطشي سمع جعفر بن محمد الفريابي وأبا يعلى الموصلي وابن جرير الطبري والباغندي وغيرهم‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا أحمد ابن محمد العتيقي قال‏:‏ سنة أربع وسبعين وثلثمائة فيها مات أبو علي العطشي في ذي الحجة وكان ثقة مأمونًا بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح صاحب المصلى يكنى أبا الفرج‏.‏

حدث عن الهيثم بن خلف الدوري والباغندي وخلق كثير روى عنه أبو الحسن النعيمي وأبو القاسم التنوخي أحاديث تدل على سوء ضبطه وضعف حاله وهو سيء الحال عندهم توفي في هذه السنة بالبصرة‏.‏

محمد بن الحسن بن محمد أبو عبد الله الرازي السراجي سمع ابن أبي حاتم وغيره روى عنه ابن رزقويه والبرقاني وقال‏:‏ هو ثقة‏.‏

وقال العتيقي‏:‏ كان ثقة أمينًا مستورًا توفي في ليلة الجمعة الثاني من ذي القعدة في هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين أبو الفتح الأزدي الموصلي روى عن أبي يعلى الموصلي وابن جرير الطبري وأبي عروبة والباغندي وغيرهم وكان حافظًا وله تصانيف في علوم الحديث‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال‏:‏ حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال‏:‏ رأيت أهل الموصل يوهنون أبا الفتح الأزدي جدًا ولا يهدونه شيئًا قال‏:‏ وحدثني محمد بن صدقة أن أبا الفتح قدم بغداد على الأمير - يعني ابن بويه - فوضع له حديثًا‏:‏ أن جبريل عليه السلام كان ينزل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته فأجازه وأعطاه دراهم كثيرة‏.‏

قال الخطيب‏:‏ وسألت أبا بكر البرقاني فأشار إلى أنه كان ضعيفًا‏.‏

قال‏:‏ ورأيته بجامع المدينة وأصحاب الحديث لا يرفعون به رأسًا ويتجنبونه توفي في هذه السنة وبعضهم يقول‏:‏ في سنة تسع وستين وثلثمائة محمد بن الحسين بن إبراهيم بن مهران أبو بكر الحربي سمع أبا جعفر بن برية ودعلج بن أحمد روى عنه الأزهري وكان ثقة وقال‏:‏ كان شيخًا صالحًا‏.‏

 ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه في يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الأول خلع الطائع على صمصام الدولة وطوقه وسوره وفي ربيع الأول‏:‏ ورد الخبر من الكوفة بورود إسحاق وجعفر الهجريين وهما من القرامطة الذين يدعون بالسادة في جموع كثيرة وكان دخولهما إياها على وجه التغلب وأقاموا الخطبة لشرف الدولة واعتزوا إلى ملك الجهة فوقع الانزعاج الشديد من ذلك لما كان تمكن من النفوس من هيبة هؤلاء القوم وأنهم ممن لا يصطلى بنارهم ولأن جماعة من الملوك كانوا يصانعونهك حتى إن عضد الدولة أقطعهم بواسط ناحية وأقطعهم عز الدولة قبله بشقي الفرات إقطاعًا وانتشر أصحابهما في النواحي وأكبوا على تناول الغلات واستخرج المال فنفذ من بغداد عسكر طردهم وبطل ناموسهم‏.‏

وفي ذي الحجة‏:‏ ورد كتاب من الري بوفاة ابن مؤيد الدولة فجلس صمصام الدولة للعزاء به وركب الطائع إلى تعزيته في سفينة لابسًا للسواد وعلى راسه شمسة والقراء و الأولياء في الدبادب فقدم إلى مشرعة دار الملك ونزل صمصام الدولة وقبّل الأرض بين يديه ورده بعد خطاب تردد بينهما في العزاء والشكر‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ هم صمصام الدولة أن يجعل على الثياب الأبريسميات والقطنيلت التي تنسج ببغداد ونواحيها ضريبة وكان أبو الفتح الرازي قد كثر ما يحصل من هذا الوجه وعزموا على المنع من صلاة الجمعة وكاد البلد يفتتن فأعفوا من أحداث هذا الرسم‏.‏

الحسن بن الحسين بن أبي هريرة الفقيه أبو علي القاضي كان أحد أصحاب الشافعي وله مسائل في الورع محفوظة توفي في رجب هذه السنة‏.‏

الحسن بن علي بن داود بن خلف أبو علي المطرز المصري ولد سنة تسعين ومائتين وقدم بغداد وحدث بها عن محمد بن بدر الباهلي وغيره‏.‏

روى عنه البرقاني أبو العلاء الواسطي وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني وكان ثقة وتوفي في صفر هذه السنة‏.‏

الحسن بن محمد بن عبد الله أبو عبد الله ابن العسكري روى عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة وأبي العباس بن مسروق وغيرهما وكان ثقة أمينًا توفي في شوال هذه السنة‏.‏

الحسن بن علي بن محمد أبو أحمد النيسابوري ويقال له‏:‏ حسينك‏.‏

ولد سنة ثلاث وتسعين مائتين ورباه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة فسمع منه الحديث ومن غيره بنيسابور وسمع ببغداد والكوفة روى عنهأبو بكر البرقاني وقال‏:‏ كان ثقة جليلًا وحجة وأكثر آثار نيسابور منوطة بأهل بيته‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرني محمد بن علي المقرئ عن محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري قال‏:‏ كان حسينك تربية أبي بكر بن خزيمة وجاره الأدنى وفي حجره من حين ولد إلى أن توفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وكان ابن خزيمة إذا تخلف عن مجالس السلاطين بعث بالحسين نائبًا عنه وكان يقدمه على جميع أولاده ويقرأ له وحده ما لا يقرأه لغيره وكان يحكي أبا بكر في وضوئه وصلاته فإني ما رأيت في الأغنياء أحسن طهارة ووضوءًا منه وصلاة منه ولقد صحبته قريبًا من ثلاثين سنة في الحضر والسفر وفي الحر وفي البرد فما رأيته صلاة الليل وكان يقرأ في كل ليلة سبعًا من القرآن ولا يفوته ذلك وكانت صدقاته دائمة في السر والعلانية ولما وقع الاستنفار لطرسوس وليس في الخزانة ذهب ولا فضة ثم باع ضيعتين نفيستين من أجل ضياعه بخمسين ألف درهم وأخرج عشرة من الغزاة المتطوعة الأجلاد بدلًا من نفسه‏.‏

وسمعته غير مرة يقول‏:‏ اللهم إنك تعلم أني لا أدخر ما أدخره ولا أقتني من هذه الضياع إلا للاستغناء عن خلقك والإحسان إلى أهل السنة والمستورين‏.‏توفي عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد أبو الحسين الشيباني الحوشبي سمع أبا بكر بن أبي داود‏.‏

روى عنه البرقاني والتنوخي وكان ثقة ثبتًا مستورًا أمينًا توفي في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران أبو مسلم سمع الباغندي والبغوي ورحل إلى الشام وإلى بغداد إلى خراسان وما وراء النهر فكتب وجمع وكان متقنًا حافظًا ثبتًا مع ورع وتدين وزهد وتصون وكان الدارقطني وغيره يعظمونه وخرج إلى مكة فتوفي بها في هذه السنة ودفن قريبًا من الفضيل‏.‏

عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد أبو القاسم القرميسيني سمع ابن صاعد وروى عنه أبو القاسم التنوخي وكان ثقة وتوفي في شوال هذه السنة‏.‏

عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن عبد الحميد أبو القاسم الخرقي سمع أحمد بن الحسن الصوفي والهيثم بن خلف الدوري روى عنه البرقاني والعتيقي والتنوخي و الجوهري وكان ثقة أميتًا توفي في جمادى الأولى من هذه السنة‏.‏

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد أبو القاسم الداركي الفقيه الشافعي نزل نيسابور عدة سنين ودرس الفقه ثم صار إلى بغداد فسكنها إلى حين موته وحدث بها وكان أمينًا وانتهت رياسة أصحاب الشافعي إليه وكان يدرس في مسجد دعلج بدرب أبي خلف من قطيعة الربيع وله حلقة في جامع المدينة للفتوى والنظر روى عنه الأزهري والخلال والأزجي والعتيقي والتنوخي وكان ثقة‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو الطيب الطبري قال‏:‏ سمعت أبا حامد الاسفرائيني يقول‏:‏ ما رأيت أفقه من الداركي‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ سمعت عيسى بن أحمد بن عثمان الهمذاني يقول‏:‏ كان عبد العزيز الداركي إذا جاءته مسألة تفكر طويلًا ثم أفتى فيها فربما كانت فتواه خلاف مذهب الشافعي وأبي حنيفة فيقال له في ذلك فيقول‏:‏ ويحكم حدث فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا والأخذ بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة إذا خالفاه توفي الداركي في شوال هذه السنة عن نيف وسبعين سنة ودفن بمقبرة الشونيزي‏.‏

عمر بن محمد بن علي بن يحيى بن موسى أبو حفص الناقد ابن الزيات ولد سنة ست وثمانين ومائتين سمع جعفر الفريابي وخلقًا كثيرًا وروى عنه البرقاني والأزهري والجوهري وكان ثقة صدوقًا متكثرًا متيقنًا توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن في الشونيزية‏.‏

علي بن الحسن بن علي أبو الحسن الجراحي روى عنه جابر بن شعيب البلخي وغيره وكان خيرًا حسن المذهب توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن حسنويه أبو سهل النيسابوري الحسنوي أديب تفقه على مذهب الشافعي وسمع الحديث من جماعة وحدث في البلاد وكان من التاركين لما لا يعنيهم المشتغلين بأنفسهم وتوفي في صفر وهو ابن تسع وخمسين ودفن في مقبرة الخيزران‏.‏

محمد بن الحسن بن سليمان أبو بكر القزويني حدث عن جعفر الفريابي وابن ذريخ والبغوي وغيرهم‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب حدثنا عنه علي بن محمد بن الحسن المالكي وكان عنده جزء عنه وكان في أكثر الأحاديث تخليط في الأسانيد والمتون توفي أبو بكر القزويني يوم الخميس غرة شعبان هذه السنة‏.‏

محمد بن الحسن بن محمد بن جعفر بن حفص أبو الفضل الكاتب حدث عن المحاملي وابن مخلد والمصري وغيرهم روى عنه عبد العزيز الأزجي وغيره وكان صالحًا دينًا‏.‏

محمد بن عبد الله بن صالح أبو بكر الفقيه المالكي الأبهري ولد سنة تسع وثمانين ومائتين وروى عن ابن أبي عروبة والباغندي وأبي بكر بن أبي داود وغيرهم روى عنه البرقاني وله تصانيف في شرح مذهب مالك وذكره محمد بن أبي الفوارس فقال‏:‏ كان ثقة أمينًا مستورًا وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي الحافظ حدثنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال‏:‏ كان أبو بكر الأبهري معظمًا عند سائر علماء وقته لا يشهد محضرًا إلا كان هو المتقدم فيه وإذا جلس قاضي القضاة أبو الحسن ابن أم شيبان أقعده عن يمينه والخلق كلهم من القضاة والشهود والفقهاء دونه وسئل أن يلي القضاة فامتنع فاستشير فيمن يصلح لذلك فقال‏:‏ أبو بكر أحمد بن علي الرازي وكان الرازي يزيد حاله على منزلة الرهبان في العبادة فأريد للقضاء فامتنع وأشار بأن يولى الأبهري فلما لم يجب واحد منهما إلى القضاء ولي غيرهما توفي في شوال هذه السنة‏.‏

محمد بن نصر بن مكرم أبو العباس الشاهد روى عن البغوي وغيره وكان ثقة مقدمًا في الشهادة توفي في شوال هذه السنة‏.‏