فصل: ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة ست وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه كثر الموت في المحرم بالحميات الحادة فهلك من الناس خلق كثير‏.‏

وفي ليلة الثلاثاء لتسع خلون من ربيع الأول وهي ليلة اليوم العشرين من تموز‏:‏ وافى مطر كثير مفرط ببرق‏.‏

وفي رجب‏:‏ زاد السعر فبيعت الكارة الدقيق الخسكار بنيف وتسعين درهمًا‏.‏

وفي هذا الشهر‏:‏ ورد الخبر بزلزلة كانت بالموصل هدمت كثيرًا من المنازل وأهلكت خلقًا كثيرًا من الناس‏.‏

وكان الأمر قد صلح بين صمصام الدولة وأخيه شرف الدولة وجلس الطائع في صفر وبعث الخلع إلى شرف الدولة ثم إن العسكر مال إلى شرف الدولة وتركوا صمصام الدولة فانحدر صمصام الدولة إلى شرف الدولة راضيًا بما يعامله به فلما وصل إليه قبل الأرض بين يديه ثلاث دفعات ثم قبل يده فقال له شرف الدولة‏:‏ كيف أنت وكيف كانت حالك في طريقك ما عملت إلا بالصواب في ورودك تمض وتغير ثيابك وتتودع من تعبك فحمل إلى خيمة وخركاه قد ضربا له بغير سرادق فجلس واجمًا نادمًا واجتمع عسكر شرف الدولة من الديلم تسعة عشر ألفًا وكان الأتراك ثلاثة آلاف غلام فاستطال الديلم فخاصمهم الأتراك فكانت بينهم وقعة فانهزم الديلم وقتل منهم ثلاثة آلاف في رمضان فأخذ الديلم يذكرون صمصام الدولة فقيل لشرف الدولة‏:‏ اقتله فما تأمنهم وقدم شرف الدولة بغداد فركب الطائع إليه يهنئه بالسلامة ثم خفي خبر صمصام الدولة وذلك أنه حمل إلى القلعة ثم نفذ بفراش ليكحله فوصل الفراش وقد توفي شرف الدولة فكحله فالعجب إمضاء أمر ملك قد مات‏.‏

وفي ذي الحجة‏:‏ قبل قاضي القضاة أبو محمد بن معروف شهادة أبي الحسن الدارقطني وأبي محمد بن عقبة وذكر ابن أبي الفوارس أن الدارقطني ندم على شهادته وقال‏:‏ كان يقبل قولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بانفرادي فصار ولا يقبل قولي على بقلي إلا مع آخر‏.‏

ومنع شرف الدولة من المصادرة ورد على الناس أملاكهم‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الحسين بن جعفر بن محمد أبو القاسم الواعظ الوزان سمع البغوي وأبا عمر القاضي وابن أبي داود وابن صاعد والمحاملي وابن عقدة روى عنه الأزهري والأزجي وكان يسكن سوق العطش وكان ثقة أمينًا صالحًا ستيرًا توفي في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

الحسين بن محمد بن عبد الله أبو عبد الله الصيرفي حدث عن محمد بن مخلد الدوري والنجاد وكان ثقة أمينًا من أمناء القضاة ينزل ببني سليم وتوفي في هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ابن البواب سمع الباغندي والبغوي وروى عنه الأزهري والعتيقي وكان ثقة مأمونًا وتوفي في رمضان هذه السنة‏.‏

عمر بن محمد بن إبراهيم أبو القاسم البجلي ابن سنيك ولد سنة إحدى وسبعين ومائتين وأول ما سمع الحديث في سنة ثلثمائة سمع الباغندي والبغوي وروى عنه الأزهري والتنوخي وكان يسكن باب الأزج وقبل أبو السائب قاضي القضاة شهادته ثم استخلفه أبو محمد بن معروف على الحكم بسوق الثلاثاء وحريم دار الخلافة وكان ثقة عدلًا وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن أبي صالح أبو بكر نزل بلخ وأقام بها حتى مات وحدث هناك عن أبي شعيب الحراني ويوسف بن يعقوب القاضي وأبي يعلى الموصلي‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت قال‏:‏ حدثني أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي قال‏:‏ مات أبو بكر بن أبي صالح ببلخ في سنة ست وسبعين وثلثمائة قال‏:‏ وكان واهيًا عند أهل بلخ وتكلم فيه أبو إسحاق المستملي وغيره‏.‏

محمد بن جعفر بن محمد أبو الفتح الهمذاني أخبرنا القزاز الخطيب قال‏:‏ ويعرف بابن المراغي سكن بغداد وروى بها عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة حدث عنه القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي وذكر أنه سمع منه في سنة إحدى وسبعين وثلثمائة وكان من أهل الأدب عالمًا بالنحو واللغة وله كتاب صنفه وسماه‏:‏ كتاب البهجة على مثال‏:‏ الكامل للمبرد‏.‏

محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن عبد الله بن مسنان الزاهد أبو عمر الحيري سمع جماعة من العلماء وصحب جماعة من الزهاد وكان عالمًا بالقراءات والنحو وكان متعبدًا وكان المسجد منزله نيفًا وثلاثين سنة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة وقالت له زوجته حين وفاته‏:‏ قد قربت ولادتي فقال‏:‏ سلميه إلى الله تعالى فقد جاءوا ببراءتي من السماء وتشهد ومات في الحال‏.‏

محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان أبو بكر الرازي المذكر جمع من كلام التصوف وأكثر ثم انتسب إلى محمد بن أيوب بن يحيى الضريس البجلي ومحمد بن أيوب لم يعقب ولدًا ذكرًا‏.‏

قال الحاكم أبو عبد الله‏:‏ فلقيته فذكرت له ذلك فانزجر وترك ذلك النسب ثم رأيته بعد يحدث بالمسانيد وما كان يحدث بها قبل ذلك‏.‏

وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

بن إسحاق بن حماد بن زيد الأزدي القاضي حدث عن سليمان بن عبد العزيز المديني واستقضى على البصرة قبل يوسف بن يعقوب والد أبي عمرو وضم إليه قضاء واسط وكور دجلة وكان يلزم الموفق بالله حيث كان ثم توفي في هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه ورد الوزير أبو منصور محمد بن الحسن فتلقاه القواد والحجاب والحواشي والكتاب ووجوه أهل بغداد فلما قارب تلقاه شرف الدولة بالشفيعي يوم السبت لست خلون من المحرم ووصل في صحبته عشرون ألف ألف درهم وثياب وآلات كثيرة وكان يغلب عليه الخير وإيثار العدل وكان إذا سمع الأذان ترك جميع شغله وتوفر على أداء فرضه وكان يكثر التقليد والعزل ولا يترك عاملًا يقيم في ناحية سنة‏.‏

وفي يوم السبت ثامن عشر صفر‏:‏ عقد مجلس حضرة الأشراف والقضاة والشهود وجددت وفي يوم السبت الثاني من ربيع الأول‏:‏ ركب شرف الدولة إلى دار الطائع لله في الطيار بعد أن ضربت القباب على شاطىء دجلة وزينت الدور التي عليها من الجانبين بأحسن زينة وخلع عليه الخلع السطانية وتوجه وطوقه وسوره وعقد له لواءين واستخلفه على ما وراء بابه وقرىء عهده بمسمع منه ومن الناس على طبقاتهم وخرج من حضرته فدخل إلى أخته زوجة الطائع فأقام عندها إلى العصر وانصرف والعسكر والناس مقيمون على انتظاره ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة منه فتطير من ذلك فقال الطائع له‏:‏ لم تتخرق وإنما انفصلت قطعة منه وحملتها الرياح وتأويل هذه الحال‏:‏ أنك تملك مهب الريح وكان في جملة من حضر مع شرف الدولة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف فلما رآه الطائع لله قال له‏:‏ مرحبًا بالأحبة القادمينا أوحشونا وطال ما آنسونا فقبل الأرض وشكر ودعا وجلس شرف الدولة في داره للتهنئة يوم الاثنين لأربع خلون من الشهر وعليه الخلع وبين يديه لواءان مركوزان أبيض وأسود ووصل إليه العامة والخاصة ورد شرف الدولة على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه وخراج أملاكه في كل سنة ألف وخمسمائة ألف درهم ورد على الشريف أبي أحمد الموسوي جميع أملاكه ورفع أمر المصادرات وسد طرق السعايات‏.‏

وفي شهر ربيع الأول‏:‏ بيعت الكارة من الدقيق الخشكار بمائة وخمسين وستين درهمًا وجلا الناس عن بغداد ثم زاد السعر في ربيع الآخر فبلغ ثمن الكارة الخشكار مائتين وأربعين درهمًا

وفي يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الآخر‏:‏ توفيت والدة شرف الدولة وكانت امرأة تركية أم ولد فركب إليه الطائع لله في الماء معزيًا بها‏.‏

وفي شعبان‏:‏ ولد لشرف الدولة ولدان ذكران توأمان كنى أحدهما‏:‏ أبا حرب وسماه‏:‏ سلار وكنى الآخر أبا منصور وسماه‏:‏ فنا خسرو‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه فظفر بهم بدر وانهزموا واستولى بدر بعد ذلك على الجبل وأعماله وفي ذي الحجة‏:‏ وقع مع الغلاء وباء عظيم‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي الأزرق الأنباري الكاتب توفي يوم الجمعة لأربع بقين من محرم توفي في يوم الجمعة تاسع عشر المحرم والأصح سابع عشر‏.‏

أحمد بن العلاء أبو نصر الشيرازي الكاتب توفي يوم الأربعاء لعشر بقين من رجب‏.‏أحمد بن الحسين بن علي أبو حامد المروزي ابن الطبري كان أبوه من أهل همذان سمع من جماعة من المحدثين وكان أحد العباد المجتهدين والعلماء المتقين حافظًا للحديث بصيرًا بالأثر ورد بغداد في حداثته فتفقه بها ودرس على أبي الحسن الكرخي مذهب أبي حنيفة ثم عاد إلى خراسان فولي بها قضاء القضاة وصنف الكتب والتاريخ ثم دخل بغداد وقد علت سنه فحدث بها وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني روى عنه البرقاني ووثقه توفي بمرو في صفر هذه السنة سنة سبع وسبعين وبعضهم يقول‏:‏ في سنة ثلاث وسبعين‏.‏

إسحاق بن المقتدر بالله أبو محمد ولد سنة سبع عشرة وثلثمائة وتوفي يوم الجمعة سابع عشر ذي القعدة وغسله أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي وصلى عليه ابنه القادر بالله وهو إذ ذاك أمير ودفن في تربة شغب جدته والدة المقتدر بالله وأنفذ الطائع خواص خدمه وحجابه لتعزية ابنه القادر وركب الأشراف والقضاة مع جنازته وأنفذ شرف الدولة وزيره أبا منصور في جماعة إلى الطائع للتعزية والاعتذار عن تأخره لشكوى يجدها‏.‏

جعفر بن المكتفي بالله كان فاضلًا توفي يوم الثلاثاء سابع صفر هذه السنة‏.‏

جعفر بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان أبو محمد بن أبي طالب التنوخي أصله من الأنبار وولد ببغداد في سنة ثلاث وثلثمائة وقرأ القراءات وكتب الحديث وحدث عن البغوي وابن أبي داود وأبي عمر القاضي وابن صاعد وعرض عليه القضاء والشهادة فأباهما تورعًا وصلاحًا روى عنه أبو علي التنوخي وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان أبو علي الفارسي النحوي ولد ببلده ‏"‏ فسا ‏"‏ وسمع شيئًا من الحديث فروى عنه الجوهري والتنوخي وقد اتهمه قوم بالاعتزال‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ قال لي التنوخي‏:‏ ولد أبو علي الحسن بن أحمد النحوي الفارسي بفسا وقدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه في رجب سنة خمس وسبعين وثلثمائة وعلت منزلته في النحو حتة قال قوم من تلامذته هو فوق المبرد وأعلم منه وصنف كتبًا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها واشتهر ذكره في الآفاق وبرع له غلمان حذاق مثل‏:‏ عثمان بن جني وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما وخدم الملوك ونفق عليهم وتقدم عند عضد الدولة فسمعت أبي يقول‏:‏ أنا غلام أبي علي النحوي في النحو توفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن بالشونيزية عن نيف وتسعين سنة‏.‏

ستيتة بنت القاضي أبي عبيد الله الحسين بن إسماعيل الضبي المحاملي وتكنى أمة الواحد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ قال لنا أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي‏:‏ إسمها ستيتة وهي أم القاضي أبي الحسين محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل المحاملي‏:‏ وكانت فاضلة عالمة من أحفظ الناس للفقه على مذهب أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني أبو إسحاق الشيرازي قال‏:‏ سمعت أبا بكر البرقاني يقول‏:‏ كانت بنت المحاملي تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي الحافظ أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن محمد بن أحمد الضبي أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال‏:‏ أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل بن محمد القاضي المحاملي سمعت أباها وإسماعيل بن العباس الوراق وعبد الغافر بن سلامة الحمصي وأبا الحسن المصري وحمزة الهاشمي وغيرهم وحفظت القرآن والفقه على مذهب الشافعي والفرائض وحسابها والدور والنحو وغير ذلك من العلوم وكانت فاضلة في نفسها كثيرة الصدقة مسارعة في الخيرات حدثت وكتب عنها الحديث وتوفيت في شهر رمضان سنة سبع وسبعين وثلثمائة عبيد الله بن محمد بن عابد بن الحسين أبو محمد الخلال ولد سنة إحدى وستين ومائتين وسمع الباغندي وروى عنه الأزهري وكان ثقة توفي في شوال هذه السنة‏.‏

أبو القاسم الوراق ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين وسمع البغوي وابن صاعد روى عنه الخلال وكان ثقة وتوفي في محرم هذه السنة‏.‏

عبد الوهاب بن الطائع لله توفي ليلة الأربعاء ثامن عشر ربيع الآخر ودفن في التربة التي بناها الطائع لله بالرصافة بإزاء تربة جدته شغب‏.‏

علي بن أحمد بن إبراهيم بن ثابت أبو القاسم الربعي قدم بغداد وحدث بها فروى عنه أبو العلاء الواسطي كان ثقة حافظًا توفي بالري في هذه السنة‏.‏

علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة أبو الحسن الثقفي الوراق ابن لؤلؤ ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين وسمع الفريابي وخلقًا كثيرًا وقد حدثنا أبو بكر بن عبد الباقي عن الجوهري عنه وكان ثقة صدوقًا يأخذ على قراءة الحديث الشيء اليسير‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ سمعت التنوخي يقول‏:‏ حضرت عند أبي الحسن ابن لؤلؤ مع أبي الحسن البيضاوي لنقرأ عليه وكان قد ذكر له عدد من يحضر السماع ودفعنا إليه دراهم كنا قد وافقناه عليها فرأى في جملتنا واحدًا زائدًا على العدد الذي ذكر له فأمر بإخراجه فجلس الرجل في الدهليز وجعل البيضاوي يقرأ ويرفع صوته ليسمع الرجل فقال ابن لؤلؤ‏:‏ يا أبا الحسن أتعاطي علي وأنا بغدادي باب طاقي وراق صاحب حديث شيعي أزرق كوسج‏.‏

ثم أمر جاريته أن تجلس وتدق في الهاون أشنانًا حتى لا يصل صوت البيضاوي بالقراءة إلى الرجل توفي في محرم هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف الجهم أبو أحمد الرباطي الجرجاني حدثنا أبو الحسين بن أبي الطيب الطبري عنه وكان أبو بكر الإسماعيلي يقول في حقه‏:‏ لا أعرفه إلا صوامًا قوامًا وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

محمد بن جعفر بن زيد أبو الطيب المكتت حدث عن البغوي حدث عنه ابنه عبد الغفار وكان يقول‏:‏ ولد أبي سنة إحدى وثلثمائة محمد بن زيد بن علي بن جعفر بن محمد بن مروان أبو عبد الله الأبزاري روى عنه الأزهري والتنوخي والجوهري‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا أحمد بن محمد العتقي قال‏:‏ سنة سبع وسبعين وثلثمائة فيها توفي أبو عبد الله بن مروان بالكوفة في صفر وكان ثقة مأمونًا انتقى عليه الدارقطني وسمعنا منه ببغداد‏.‏

محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن مثوبة أبو عبد الله الأستراباذي سمع من أبيه وجده وسافر الكثير وتفقه وكان من أفاضل الناس دينًا وزهدًا وأمانة وورعًا متهجدًا بالليل متمسكًا بمكارم الأخلاق وتوفي في رمضان هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها غلاء الأسعار وعدم الأقوات وظهور الموت والأغلال في المحرم وبيعت الكارة الدقيق بستين درهمًا‏.‏

وفي هذا الوقت تقدم السلطان شرف الدولة برصد الكواكب السبعة في مسيرها وتنقلها في بروجها على مثل ما كان المأمون فعله في أيامه فبنى في دار المملكة بيتًا في آخر البستان محكمًا ورصد ما كتب به محضرًا أخذ فيه خطوط من يعرف الهندسة بحسن صناعة هذا الموضع لهذا البيت‏.‏

وفي شعبان‏:‏ كثرت الرياح العواصف وجاءت بفم الصلح وقت العصر من يوم الخميس لخمس بقين منه ريح شبهت بالتنين حتى خرقت دجلة حتى ذكر أنه بانت أرضها من ممر الريح وهدمت قطعة من المسجد الجامع وأهلكت جماعة من الناس وغرقت كثيرًا من السفن الكبيرة المملوءة بالأمتعة واحتملت زورقًا منحدرًا وفيه دواب وعدة سفن وطرحت ذلك في أرض جوخي فشوهد بعد أيام‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ لحق الناس بالبصرة حر عظيم وجنوب فتساقط الناس في الشوارع وماتوا في الطرقات‏.‏

الحسين بن علي بن ثابت أبو عبد الله المقرئ ولد أعمى وكان حافظًا يحضر مجلس ابن الأنباري فيحفظ ما يمليه وهو صاحب القصيدة في قراءة السبعة عملها في حياة النقاش فأعجب بها النقاش وشيوخ زمانه وكان ظريفًا حسن الزي توفي في رمضان هذه السنة‏.‏

الخليل بن أحمد القاضي‏.‏

شيخ أهل الرأي في عصره وكان متقدمًا في علم الفقه والوعظ وسمع الحديث من محمد بن إسحاق بن خزيمة وأقرانه وسمع بالعراق البغوي وابن صاعد وأقرانهما وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

زياد بن محمد بن زياد بن الهيثم بن زياد أبو العباس الخرجاني روى عن الحسن بن محمد الداركي وغيره توفي في هذه السنة وهذا الخرجاني بخاء يتلوها بعد الراء جيم‏.‏

فأما الخرخاني - بخائين معجمتين - منهم أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحسن الخرخاني روى فأما الجرجاني - بجيمين - فخلق كثير نزلوا جرجان‏.‏

فأما الحرجاني - بحاء مهملة وبعد الراء جيم - فبلد بقرب من الشوش وقم يشكل في هذا الحوجاني - بحاء مهملة وبعدها واو ثم جيم - وهو منسوب إلى قرية من بلاد المغرب ويشبه بهذا مثله في الخط الجوجاني - بجيمين والواو بينهما مشددًا - أحد رساتيق نيسابور كان منها أبو العلاء صاعد بن محمد القاضي وأبو عمر الفاراني وقد يكتبها بعض الناس بالسين والأصل ما ذكرناه وربما نسبوا إلى مجتمع التمر فقالوا‏:‏ جوخاني - بجيم وخاء‏.‏

سليمان بن محمد بن أحمد بن أيوب أبو القاسم ولد سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوي والباغندي وابن أبي داود روى عنه الأزهري والخلال وكان ثقة يشهد عند الحكام عدلًا مقبولًا من أهل بيت الشهادة والستر والثقة توفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران‏.‏

عبيد الله بن أحمد بن محمد أبو العباس الكاتب كان أديبًا شاعرًا‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا التنوخي وكم من قائل قد قال دعه فلم يك وده لك بالسليم فقلت إذا جزيت الغدر غدرًا فما فضل الكريم على اللئيم وأين الألف تعطفني عليه وأين رعاية الحق القديم وقال التنوخي‏:‏ وأنشدني أيضًا‏:‏ لي صديق قد ضيع من سوء عهد ورماني الزمان منه بصد كان وجدي به فصار عليه وظريف زوال وجد بوجد عبد العزيز بن أحمد بن علي بن أبي صابر أبو محمد الصيرفي الجهبذ سمع ابن أبي داود وابن صاعد روى عنه الخلال والجوهري وكان ثقة توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

محمد بن إسماعيل بن العباس أبو بكر الحريري الوراق المستملي يروي عن إسماعيل الحاسب وغيره وكان ثقة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

أبو بكر القطيعي الناقد سمع الباغندي والبغوي وابن صاعد وغيرهم وروى عنه ابن شاذان وغيره‏.‏

قال محمد بن أبي الفوارس‏:‏ كان يدعي الحفظ وفيه بعض التساهل توفي ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

محمد بن أحمد بن عمران بن موسى بن هارون بن دينار أبو بكر الجشمي المطرز سمع خلقًا كثيرًا‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ قال لي الأزهري‏:‏ كان هذا الشيخ قريبًا ينزل في التسترين وسمعت منه وكان ثقة‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب أبو بكر المفيد ولد ببغداد سنة أربع وثمانين ومائتين سكن جرجرايا وبها قبره وكان من الحفاظ وسماه موسى بن هارون‏:‏ المفيد وسافر الكثير وحدث عن أبي يعلى الموصلي‏.‏

وخلق لا يحصون وروى مناكير عن مشائخ مجهولين منهم الحسن بن عبد الله العبدي‏.‏

حدث عن عفان وعبد الله بن رجاء ومحمد بن كثير وعمر بن هارون بن مرزوق ومسدد وأحمد بن عبد الرحمن السقطي روى عنه جزءًا عن يزيد بن هارون وهذا السقطي لا يعرف وقد روى عن الدارقطني أنه قال‏:‏ حدثنا جماعة عن هذا السقطي إلا أنه قال الحكاية عن الدارقطني لا يثبت‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ كان شيخنا أبو بكر البرقاني قد أخرج في مسنده الصحيح عن المفيد حديثًا واحدًا فكان كلما قرىء عليه اعتذر من روايته عنه وذكر أن ذلك الحديث لم يقع إليه إلا من جهته فأخرجه عنه وسألته عنه فقال‏:‏ ليس بحجة وقال لنا البرقاني‏:‏ رحلت إلى المفيد فكتبت عنه الموطأ فلما رجعت إلى بغداد قال لي أبو بكر بن أبي سعد‏:‏ أخلف الله عليك نفقتك فدفعته إلى بعض الناس فأخذت بدله بياضًا قال الخطيب‏:‏ روى المفيد الموطأ عن الحسن بن العبدي عن القعنبي فأشار ابن أبي سعد إلى أن نفقة البرقاني ضاعت في رحلته لأن العبدي مجهول لا يعرف وتوفي المفيد في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

ودفن بجرجرايا‏.‏

محمد بن أحمد بن أبي مسلم قال المؤلف واسمه محمد بن علي بن مهران أبو الحسن الأصبهاني الأصل سمع الباغندي وطبقته روى عنه ابنه أبو أحمد عبيد الله بن محمد الفرضي وكان ثقة‏.‏

أبو بكر روى عن الباغندي والبغوي وغيرهما وكان ثقة أمينًا توفي في رجب هذه السنة‏.‏

محمد بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن عمر بن مهران بن مسرور أبو بكر المستملي الوراق ولد ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائتين وسمع أباه والباغندي والبغوي وغيرهم وروى عنه الدارقطني والبرقاني والأزهري وغيرهم‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ سألت أبا بكر البرقاني عن ابن إسماعيل فقال‏:‏ ثقة ثقة

وقال ابن أبي الفوارس‏:‏ ابن إسماعيل متيقظ ثقة حسن المعرفة وكانت كتبه قد ضاعت واستحدث من كتب الناس فيه بعض التساهل‏.‏

قال‏:‏ وحدثني الأزهري قال‏:‏ كان ابن إسماعيل حافظًا إلا أنه لين في الرواية وذلك أن أبا القاسم ابن زوج الحرة كان عنده صحف كثيرة عن يحيى بن صاعد من مسنده وجموعه وكان ابن إسماعيل شيخًا ثقة يحضر دار أبي القاسم كثيرًا فقال له‏:‏ إن هذه الكتب كلها سماعي من ابن صاعد فقرأها عليه أبو القاسم من غير أن يكون سماعه فيها ولا له أصول بها‏.‏

قال الخطيب‏:‏ وقد اشتريت قطعة من تلك الكتب فرأيت الأمر فيها على ما حكى لي الأزهري لم أجد لابن إسماعيل سماعًا فيها ولا رأيت علامات الإصلاح والمعارضة في شيء منها‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ حدثني أبو الحسين أحمد بن عمر القاضي قال‏:‏ سمعت أبا بكر بن إسماعيل الوراق يقول‏:‏ دققت على أبي محمد بن صاعد بابه فقال‏:‏ من ذا فقلت‏:‏ أنا أبو بكر بن أبي علي يحيى هاهنا فسمعته يقول للجارية‏:‏ هاتي النعل حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكني نفسه ويكني أباه ويسميني أنا فأصفعه‏.‏

قال الخطيب‏:‏ ذكرت هذه الحكاية لبعض شيوخنا فقال‏:‏ كان في ابن إسماعيل سلامة توفي ابن إسماعيل يوم الأحد لاثنتي عشرة بقين من ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق أبو أحمد الحافظ القاضي إمام عصره في صنعة الحديث‏.‏

سمع نيسابور أبا بكر بن خزيمة وأبا العباس الثقفي وأقرانهما وخرج إلى طبرستان والري وبغداد والكوفة والحجاز والجزيرة والشام وسمع من أشياخها وصنف كتبًا كثيرة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ودفن في داره موضع جلوسه للتصنيف عند كتبه‏.‏

محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عصم أبو عبد الله بن أبي ذهل الضبي M0 العصمي من أهل هراة سمع بهراة ونيسابور والري وبغداد من خلق كثير سمع منه الدارقطني وابن رزقويه والبرقاني وكان ثبتًا ثقة رئيسًا من ذوي الأقدار كثير الأفضال على الفقهاء والقراء وكانت تضرب له دنانير في كل دينار دينار ونصف وأكثر فيتصدق بها ويقول‏:‏ إن الفقير يفرح إذا ناولته كاغذًا فبتوهم أن فيه فضة ثم يفتحه فيفرح إذا رأى صفرة الدينار ثم يزنه فيفرح إذا وزنه زاد على المثقال استشهد العصمي برستاق من رساتيق نيسابور في صفر هذه السنة وأوصى أن يحمل تابوته إلى هراة فحمل ثم قبر‏.‏

مطرف بن الحسين بن أحمد أبو علي الأستراباذي سمع أباه وجده وخلقًا كثيرًا وكان فاضلًا عالمًا دينًا ظريفًا يرجع إليه في المعضلات من المسائل توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة

 ثم دخلت تسع وسبعين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه ورد الخبر في المحرم بأن المحرم بأن الجراح الطائي خرج على الحاج بين سميراء وفيد ونازلهم ثم صالحهم على ثلثمائة ألف درهم شيء من الثياب المصرية والأمتعة اليمنية فأخذه وانصرف‏.‏

وفي هذه السنة انتقل السلطان شرف الدولة إلى قصر معز الدولة بباب الشماسية لأن الأطباء أشاروا عليه بذلك وزعموا أن الهواء هناك أصح وكان قد ابتدأ به المرض من سنة ثمان وسبعين من فساد مزاج فشغب الديلم وطلبوا أرزاقهم فعاد إلى داره وراسلهم وقبض على جماعة اتهموا بالسعي في الفساد‏.‏

وفي يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة‏:‏ أنفذ الطائع لله الرئيس أبا الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان كاتبه إلى دار القادر بالله وهو أمير ليقبض عليه فهرب منه وكان السبب أنه لما توفي إسحاق بن المقتدر والد القادر جرت بين القادر وبين آمنة أخته بنت معجبة منازعة في ضيعة واتفق أنه عرض للطائع علة صعبة ثم أبل منها فسعت آمنة بالقادر إلى الطائع وقالت‏:‏ إنه شرع في تقلد الخلافة عند مرضك وراسل أرباب الدولة فظن أن ذلك حق فتغير رأيه فيه وأنفذ ابن حاجب النعمان في جماعة للقبض عليه وكان يسكن الحريم الطاهري فقالوا‏:‏ أمير المؤمنين يستدعيك فقام وقال له أبو الحسن‏:‏ إلى أين فقال‏:‏ ألبس ثيابًا تصلح للقاء الخليفة فعلق به ومنعه فعرف الحرم ما يراد به فانتزعوه من يده وبادر إلى سرداب فتخلص منهم فعادوا إلى الطائع وعرفوه الصورة وانحدر القادر بالله إلى البطيحة فأقام بها عند مهذب الدولة إلى أن قبض بهاء الدولة على الطائع وأظهر أمر القادر‏.‏

وفي جمادى الأولى‏:‏ زاد مرض شرف الدولة وتوفي وعهد إلى ولده أبي نصر‏.‏

فاجتمع العسكر وطالبوه برسم البيعة فخوطبوا في أن يقنع كل واحد منهم بخمسمائة درهم وإلى ستمائة فأبوا فخاطبهم أبو نصر وأعلمهم خلو الخزائن ووعدهم أن يكسروا الأواني ويعطيهم وتردد بين أبي نصر وبين الطائع مراسلات انتهت إلى أن حلف كل واحد منهما لصاحبه على التصافي وصحة العقيدة وكل ذلك في ليلة السبت سادس جمادى الآخرة وركب الطائع لله الطيار وسار إلى دار المملكة بالمخرم لتعزية أبي نصر والشطان منغصان بالنظارة فنزل الأمير أبو نصر متشحًا بكساء طبري والديلم والأتراك بين يديه وحواليه إلى المشرعة التي قدم إليها الطيار وقبل الأرض وقبلها العسكر بتقبيله وصعد الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز إلى الأمير أبي نصر فأدى إليه رسالة الطائع بالتعزية فقبل الأرض ثانيًا وشكر ودعا فعاد أبو الحسن إلى الطائع فأعلمه شكره ودعاءه وعادوا الصعود إلى أبي نصر لوداعه عن الطائع لله فقبل الأرض ثالثًا وانحدر الطيار على مثل ما أصعد ورجع فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب الأمير أبو نصر إلى حضرة الطائع وحضر الأشراف والقضاة وجلس الطائع لله في الرواق الذي في صحن السلم متقلدًا سيفًا وأدخل السلطان إلى بيت في جانب الرواق ممايلي دجلة وخلع عليه فيه الخلع السلطانية وخرج وعليه سبع طاقات أعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء وعلى عنقه طوق كبير وفي يده سواران ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق فلما حصل بين يدي الطائع لله قبل الأرض فأومأ إليه الطائع بالجلوس وطرح له كرسي فقبل الأرض دفعة ثانية وجلس وقرأ أبو الحسن علي بن عبد العزيز عهده وقدم إلى الطائع لواءه حتى عقدهما بيده ولقب بهاء الدولة وضياء الملة فسار بين يديه العسكر كله إلى باب الشماسية في القباب المنصوبة وانحدر في الطيار إلى دار المملكة وأقر الوزير أبا منصور ابن صالحان على الوزارة وخلع عليه‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ عمر مهذب الدولة علي بن نصر السقايات بواسط فغرم عليها ستة آلاف وفيها بنى جامع القطيعة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني هلال بن المحسن الكاتب‏:‏ أن الناس تحدثوا في سنة تسع وسبعين وثلثمائة بأن امرأة من أهل الجانب الشرقي رأت في منامها النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يخبرها بأنها تموت من غد عصرًا وأنه يصلي في مسجد بقطيعة أم جعفر من الجانب الغربي في القافلائين ووضع كفه في حائط القبلة وأنها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها فقصد الموضع ووجد أثر الكف وماتت المرأة في ذلك الوقت‏.‏

وعمر المسجد ووسعه أبو أحمد الموسوي بعد ذلك وبناه وعمر واستأذن الطائع لله في أن يجعل مسجدًا تصلى فيه الجمعات واحتج بأنه من وراء خندق وأنه يقطع بينه وبين البلد ويصير به ذلك الصقع بلدًا آخر فأذن له في ذلك وصار جامعًا يصلي فيه الجمعات‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن دينار بن موسى أبو القاسم الدقاق

ولد في ربيع الأول سنة أربع وثلثمائة وسمع البغوي وابن أبي داود روى عنه أبو محمد الخلال قال الأزهري‏:‏ كان ثقة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة‏.‏

شرف الدولة بن عضد الدولة كان يميل إلى الخير وأزال المصادرات وكان مرضه الاستسقاء وفساد المزاج فامتنع من الحمية ووافق هواه في التخليط فتوفي عصر يوم الجمعة ثاني جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

وحمل إلى المشهد بالكوفة فدفن في تربة عضد الدولة وكان مدة عمره ثماني وعشرين سنة وخمسة أشهر ومدة ملكه ببغداد سنتين وثمانية أشهر‏.‏

طاهر بن محمد بن سهلويه بن الحارث بن يزيد بن بحر أبو الحسين النيسابوري قدم بغداد حاجًا وحدث بها عن جماعة روى عنه الأزهري والخلال وكان ثقة عدلًا مقبول الشهادة عند الحكام توفي في هذه السنة ببغداد وله سبعون سنة‏.‏

محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران أبو بكر الصفار الضرير ولد في شوال سنة تسع وثمانين مائتين سمع البغوي وغيره وروى عنه الدارقطني والتنوخي وقال‏:‏ سمعت منه في سنة إحدى وسبعين وقال البرقاني‏:‏ شيخ ثقة فاضل أصله من الشام‏.‏

محمد بن أحمد بن أبي طالب علي بن محمد بن محمد بن الجهم الكاتب يكنى‏:‏ أبا الفياض‏.‏

حدث عن البغوي وغيره‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ ذكر ابن أبي الفوارس أبا الفياض فقال‏:‏ كان فيه تساهل في الحديث وقال لي أبو علي ابن المذهب‏:‏ مات أبو الفياض يوم الأربعاء التاسع عشر من ربيع الآخر سن تسع وسبعين ثلثمائة وكان أبوه قد مات قبله بخمسة أيام وماتت والدته بعد أبيه بيومين‏.‏

محمد بن أحمد بن علي أبو الفتوح الحداد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ كان هذا الرجل يورق بالأجرة وحدث عن أحمد بن سليمان النجاد وأبي بكر الشافعي وعلي بن إبراهيم بن حماد القاضي وغيرهم حدثنا عنه القاضي أبو الحسن بن المهتدي وقال لي كان عبدًا صالحًا وأثنى عليه ثناءً حسنًا‏.‏

محمد بن أحمد بن العباس بن أحمد بن خلاد أبو جعفر السلمي نقاش الفضة ولد للنصف من جمادى الأولى سنة أربع وتسعين مائتين وسمع الباغندي والبغوي وابن صاعد وابن مجاهد في آخرين‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ سألت الأزهري عن أبي جعفر النقاش فقال‏:‏ ثقة قال‏:‏ وكان أحد المتكلمين على مذهب الأشعري ومنه تعلم أبو علي بن شاذان الكلام‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا العتيقي قال‏:‏ سنة تسع وسبعين وثلثمائة فيها توفي أبو جعفر النقاش لست خلون من المحرم وكان ثقة‏.‏

محمد بن جعفر بن العباس بن جعفر أبو بكر النجاد سمع محمد بن هارون المجدر وأبا حامد الحضرمي وابن صاعد وأبا بكر النيسابوري‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت حدثنا عنه الحسن بن محمد الخلال وذكر لي أنه كان يلقب‏:‏ غندرا قال‏:‏ وكان ثقة فهمًا يحفظ القرآن حفظًا حسنًا وتوفي في محرم هذه السنة‏.‏

محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل أبو الفضل الخزاعي الجرجاني قدم بغداد وحدث بها عن يوسف بن يعقوب النجيرمي وأبي بكر الإسماعيلي وغيرهما وروى عنه أبو القاسم التنوخي

أخبرنا القزاز‏:‏ أخبرنا الخطيب قال‏:‏ كان الخزاعي شديد العناية بعلم القراءات ورأيت له مصنفًا يشتمل على أسانيد القراءات المذكورة فيه على عدة من الأجزاء فأعظمت ذلك واستنكرته حتى ذكر لي بعض من يغتني بعلوم القرآن أنه كان يخلط تخليطًا قبيحًا ولم يكن على ما يرويه مأمونًا‏.‏

وحكى لي القاضي أبو العلاء الواسطي عنه أنه وضع كتابًا في الحروف ونسبه إلى أبي حنيفة قال أبو العلاء‏:‏ فأخذت خط الدارقطني وجماعة من أهل العلم بأن ذلك الكتاب‏:‏ موضوع لا أصل له فكبر ذلك عليه وخرج من بغداد إلى الجبل ثم بلغني أن حاله اشتهرت عند أهل الجبل وسقطت هناك منزلته‏.‏

قال أبو العلاء‏:‏ كتبت عنه بواسط وذكر لي أن اسمه‏:‏ كميل ثم غير اسمه بعد ذلك وتسمى محمدًا‏.‏

محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن سلمة بن إياس أبو الحسين البزاز ولد في محرم سنة ست وثمانين ومائتين وأول سماعه للحديث في محرم سنة ثلثمائة سافر الكثير سمع وبحران ودمشق ومصر وبغداد وروى عن ابن جرير والبغوي وخلق كثير وروى عنه الدارقطني وابن شاهين والخلال والأزهري‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني أبو بكر البرقاني قال‏:‏ كتب الدارقطني عن ابن مظفر ألف حديث وألف حديث وألف حديث يعدد ذلك مرات‏.‏

حدثنا عبد الرحمن ثنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني محمد بن عمر بن إسماعيل القاضي قال‏:‏ رأيت أبا الحسن الدارقطني يعظم أبا الحسين بن المظفر ويجله ولا يستند بحضرته وقد روى عنه أشياء كثيرة‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرني أحمد بن علي المحتسب قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أبي الفوارس قال‏:‏ كان محمد بن المظفر ثقة أمينًا مأمونًا حسن الحفظ وانتهى إليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديمًا ينتقي على الشيوخ وكان مقدمًا عندهم‏.‏

توفي ابن المظفر يوم الجمعة ودفن يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الأولى من هذه السنة وقيل‏:‏ توفي في جمادى الآخرة عن نيف وتسعين سنة‏.‏

 ثم دخلت سنة ثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه قلد أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي نقابة الطالبيين والنظر في المظالم وإمارة الحاج وكتب عهده على جميع ذلك واستخلف له ولده المرتضى أبو القاسم والرضى أبو الحسن على النقابة وخلع عليهما من دار الخلافة‏.‏

وفي هذه السنة زاد أمر العيارين في جانبي بغداد مدينة السلام ووقعت بينهم حروب وعظمت الفتنة واتصل القتال بين الكرخ و باب البصرة وصار في كل حرب أمير وفي كل محلة متقدم وقتل الناس وأخذت الأموال وتواترت العملات واتصلت الكبسات وأحرق بعضهم محال بعض وتوسط الشريف أبو أحمد الموسوي الأمر‏.‏

وفيها‏:‏ وقع حريق عظيم نهارًا في نهر الدجاج ورواضعه فذهب من عقار الناس وأموالهم شيء كثير‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله العلوي نيابة عن الشريف أبي أحمد الموسوي‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن أحمد بن بشران بن زكريا سمع البغوي وابن صاعد وغيرهما انتقى عليه الدارقطني وكان ثقة توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

البهلول بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان أبو القاسم التنوخي الأنباري ولد ببغداد سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة فسكنها وحدث بها فروى عنه أبو القاسم التنوخي وكان ينزل سكة بالمدينة يعرف بسكة أبي العباس الطوسي وتوفي في رجب هذه السنة‏.‏

الحسين بن محمد بن الحسين أبو بكر ابن المحاملي سمع القاضي المحاملي وابن عقدة وروى عنه الجوهري وتوفي في شعبان هذه السنة‏.‏حمدون بن أحمد بن سلم أبو جعفر السمسار ابن بنت سعدويه الواسطي روى عن جماعة وروى عنه أبو بكر الشافعي وذكره الدارقطني فقال‏:‏ لا بأس به وتوفي في صفر هذه السنة‏.‏

طلحة بن محمد بن جعفر من قدماء أصحاب ابن مجاهد ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين وشهد عند أبي السائب القاضي وكان مقدمًا في وقته على الشهود وحدث عن البغوي وغيره وكان يذهب إلى الآعتزال توفي في شوال هذه السنة‏.‏

عبد الله بن محمد بن أحمد بن عقبة أبو محمد القاضي سمع أبا بكر النيسابوري وروى عنه أبو القاسم الأزهري وكان ثقة مأمونًا ذا هيئة‏.‏

وتوفي يوم الجمعة وقت طلوع الشمس وأخرجت جنازته قبل الصلاة وذلك في سادس عشر ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

عبد الله بن محمد بن أحمد أبو القاسم التوزي حدث عن البغوي وروى عنه الأزهري وكان ثقة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن عبد الله بن محمد أبو القاسم السرخسي التاجر روى عن المحاملي وابن مخلد وانتقل إلى بخارى فأقام بها إلى أن توفي في رجب هذه السنة عبد الواحد بن محمد بن الحسن بن شاذان أبو القاسم سمع البغوي وكان ثقة توفي فجأة وهو يصلي في ربيع الآخر في هذه السنة‏.‏

علي بن عمرو الحريري حدث عن أبي عروبة وكان ثقة توفي فجأة وهو يصلي في ربيع الآخر‏.‏

محمد بن إبراهيم بن حمدان بن إبراهيم بن يونس بن نيطرا أبو بكر قاضي دير العقول حدث ببغداد عن جده حمدان وعن البغوي وابن صاعد وغيرهما‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ حدثنا عنه الأزهري والتنوخي وسألتهما عنه فقالا‏:‏ ثقة وحدثني الأزهري قال‏:‏ جاءنا الخبر من دير العاقول أن ابن نيطرا توفي في ربيع الآخر من هذه السنة أعني سنة ثمانين وثلثمائة يعقوب بن يوسف أبو الفرج وزير صاحب مصر العزيز كان عالي الهمة عظيم الهيبة ناصحًا لصاحبه فوض الأمر إليه فلما مرض ركب إليه صاحب مصر عائدًا فقال‏:‏ يا يعقوب وددت أن تباع فابتاعك بملكي أو تفدى فأفديك فهل من حاجة توصي بها فبكى يعقوب وقبل يده ووضعها على عينه وقال‏:‏ أما فيما يخصني فلا فإنك أرعى لحقي من أن استرعيك وأرأف بمخلفي من أن أوصيك ولكن فيما يتعلق بدولتك سالم الروم ما سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة ولا تبق على المفرج بن دغفل الخراج متى أمكنت فيه الفرصة ثم توفي فأمر صاحب مصر أن يدفن في قصره في قبة كان بناها لنفسه وحضر جنازته فصلى عليه وألحده بيده وحزن عليه وأغلق ديوانه أيامًا‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن أبا الحسين محمد ابن قاضي القضاة أبي محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف قلد ما كان إلى أبي بكر بن صير من الأعمال وقرئ عهده على ذلك بحضرة أبيه في داره الشطانية بمشهد من الأشراف والقضاة والفقهاء والوجوه‏.‏

وفي يوم السبت تاسع عشر رمضان‏:‏ قبض على الطائع في داره وكان السبب أن أبا الحسن بن المعلم وكان من خواص بهاء الدولة ركب إلى الطائع ووصى وقت دخوله أن لا يمنع أحدًا من الحجاب ثم سار بهاء الدولة في الجيش فدخل وقد جلس الطائع في صدر الرواق من دار السلام متقلدًا سيفًا فلما قرب منه بهاء الدولة قبل الأرض وطرح له كرسي فجلس عليه وتقدم أصحاب بهاء الدولة فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من سريره وتكاثر الديلم فلف في كساء وحمل إلى بعض الزبازب واصعد به إلى الخزانة في دار المملكة واختلط الناس وقدر أكثر الجيش ومن ليس عنده علم بهذا الأمر أن القبض على بهاء الدولة وتشاغلوا بالنهب وأخذ ثياب من حضر من الأشراف والشهود وقبض على أبي الحسن علي بن عبد العزيز ابن حاجب النعمان في آخرين إلى أن قرر عليهم مال فاستوفي منهم واحتيط على الحجر والخزائن والخدم والحواشي وخرست الأخت زوجة الطائع وانصرف بهاء الدولة إلى داره وأظهر أمر القادر بالله ونودي بذلك في الأسواق وكتب إلى الطائع كتاب بخلع نفسه وتسليمه الأمر إلى القادر بالله وشهد عليه الأشراف والقضاة وذلك في يوم الأحد ثاني يوم القبض وأنفذ إلى القادر وأذن الطائع والكتاب عليه بخلع نفسه وتسليمه الأمر إلى القادر بالله وحث على المبادرة وشغب الديلم والأتراك يطالبون برسم البيعة وخرجوا إلى قبر النذور وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة ومنعوا من الخطبة باسم القادر في يوم الجمعة لخمس بقين من الشهر فقيل اللهم أصلح عبدك وخليفتك القادر بالله ولم يسم ثم أرضى الوجوه والأكابر ووقع السكون وأخذت البيعة على الجماعة واتفقت الكلمة على الرضا والطاعة وأقيمت الخطبة في يوم الجمعة الثالث من رمضان باسم القادر وحول من دار الخلافة جميع ما كان فيها من المال والثياب والأواني والمصاغ والفروش والآلات والعدد والسلاح والخدم والجواري والدواب والرصاص والرخام والخشب الساج والتماثيل وطاف بهاء الدولة دار الخلافة مجلسًا مجلسًا واستقرأها موضعًا موضعًا وانتخب للخاصة والعامة فدخلوها وشعثوا أبنيتها وقلعوا من أبوابها وشبابيكها ثم منعوا بعد ذلك وقام مهذب الدولة أبو الحسن علي بن نصر الذي كان القادر هرب إليه بالبطائح بتجهيزه وحمل إليه من المال والفروش والآلات أكثر شيء وأحسنه وأعطاه طيارًا كان بناه لنفسه وشيعه فلما وصل إلى واسط اجتمع الجند وطالبوه برسم البيعة ومنعوه من الصعود إلا بعد إطلاق مالها وجرت معهم خطوب انتهت إلى أن وعدوا بإجرائهم مجرى البغدادين فما يتقرر عليه أمورهم فرفضوا وساروا وكان مقامه بالبطيحة منذ حصل فيها إلى أن خرج عنها سنتين وأحد عشر شهرًا وقيل‏:‏ سنتين وأربعة أشهر وأحد عشر يومًا إلى اليوم الذي خرج منها‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي منصور أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي أخبرنا أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن قال‏:‏ أخبرني أبي قال‏:‏ حدثني أبو الحسين محمد بن الحسن محفوظ قال‏:‏ حدثني الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجس قال‏:‏ حدثني أبو القاسم هبة الله بن عيسى كاتب مهذب الدولة قال‏:‏ لما ورد القادر بالله البطيحة وأقام عندنا كنت أغشاه يومين في كل أسبوع كالنوبة في خدمته فإذا حضرت تناهى في الإدناء لي والإخفاء بي والرفع من مجلسي والزيادة في بسطي وأجتهد في تقبيل يده فيمنعنيها ولا يمكنني منها فاتفق أن دخلت إليه يومًا على رسمي فوجدته متأهبًا تأهبًا لم أعرف سببه ولا جرت له به عادة ولم أر منه ما عودنيه من الإكرام والرفع من مجلسي والإقبال علي والبسط وجلست دون موضعي فما أنكر ذلك مني ورمت تقبيل يده فمدها إلي وشاهدت من أمره وفعله ما اشتد وجومي له واختلفت في الظنون فيه وقلت له عند رؤيتي ما رأيته وإنكاري ما أنكرته أيؤذن لي في الكلام قال‏:‏ قل‏.‏

قلت‏:‏ أرى اليوم من الانقباض عني ما قد أوحشني وخفت أن يكون لزلة كانت مني فإن يكن ذلك فمن حكم التفضيل إشعاري به لأطلب بالعذر مخرجًا منه واستعين بالأخلاق الشريفة في العفو عنه فأجابني بوقار‏:‏ اسمع أخبرك رأيت البارحة في منامي كأن نهركم هذا - وأومأ إلى نهر الصليق - قد اتسع حتى صار في عرض دجلة دفعات وكأنني متعجب من ذلك وسرت على ضفتيه متأملًا لأمره ومستظرفًا لعظمه فرأيت دستاهيج قنطرة فقلت‏:‏ ترى من قد حدث نفسه بعمل قنطرة في هذا الموضع وعلى هذا البحر الكبير وصعدته وكان وثيقًا محكمًا ومددت عيني فإذا بإزائه مثله فزال عني الشك في أنهما دستاهيج قنطرة وأقبلت أصعد وأصوب في التعجب وبينا أنا واقف عليه رأيت شخصًا قد قابلني من ذلك الجانب الآخر وناداني وقال‏:‏ يا أحمد تريد أن تعبر قلت‏:‏ نعم فمد يده حتى وصلت إليه وأخذني وعبرني فهالني أمره وفعله وقلت له‏:‏ وقد تعاظمني فعله من أنت قال‏:‏ علي بن أبي طالب وهذا الأمر صائر إليك ويطول عمرك فيه فأحسن في ولدي وشيعتي فما انتهى الخليفة إلى هذا المكان حتى سمعنا صياح الفلاحين وضجيج ناس فسألنا عن ذلك فقيل ورد أبو علي الحسن بن محمد بن نصر ومعه جماعة وإذا هم الواردون للإصعاد به وقد تقررت الخلافة له وأنفذ معهم قطعة من أذن الطائع لله فعاودت تقبيل يده ورجله وخاطبته بإمرة أمير المؤمنين وبايعته وكان من إصعاده وإصعادي معه ما كان قال هلال‏:‏ وجدت كتابًا كتبه القادر بالله من الصليق إلى بهاء الدولة نسخته‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏:‏ من عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى بهاء الدولة وضياء الملة أبي نصر بن عضد الدولة وتاج الملة مولى أمير المؤمنين سلام الله عليك فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ويسأله أن يصلي على سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا أما بعد‏:‏ أطال الله بقاءك وأدام عزك وتأييدك وأحسن إمتاع أمير المؤمنين بك وبالنعمة فيك وعندك فإن كنابك الوارد في صحبة الحسن بن محمد بن نصر رعاه الله عرض على أمير المؤمنين تاليًا لمل تقدمه وشافعًا ما سبقه ومتضمنًا مثل ما حواه الكتاب قبله من إجماع المسلمين قبلك الخاص والعام بمشهد منك على خلع العاصي المتلقب بالطائع عن الإمامة ونزعه عن منصب الخلافة لبوائقه المستمرة وسوء نيته المدخولة وإشهاده على نفسه بنكوله وعجزه وإبرائه الكافة من بيعته وخروجهم من عهده وذمته ومبادرة الكبير والصغير إلى المبايعة لأمير المؤمنين وإصفاقهم وإتفاقهم عليها بإنشراح في صدورهم وانفساح من آمالهم واستتباب ذلك بتلطفك من حسن الارتياد للمسلمين وانتظامه بغضبك لله ولأمير المؤمنين حتى ناديت بشعاره في الأفاق وأقمت الدعوة لله في الأقطار ورفعت من شأن الحق ما كان العاصي خغضه وقمت من عماد الدين ما كان المخلوع رفضه ووقف أمير المؤمنين على ذلك كله وأحاط علمه بجميعه ووجدك أدام الله تأييدك قد انفردت بهذه المأثرة واستحققت بها من الله تعالى جليل الأثرة ومن أمير المؤمنين سني المنزلة وعلي المرتبة وكانت هذه المنزلة عليك موقوفة كما كانت الظنون فيها إليك مصروفة حتى فزت بها بما يبقى لك في الدنيا ذكره وفخره وفي الآخرة ثوابه وأجره فأحسن الله عن هذه الأفعال مكافأتك وأجزل عاجلًا وآجلًا مجازاتك وشملك من توفيقه وتسديده ومعونته وتأييده بما يديم نصر أمير المؤمنين بك وظفره على يدك وجعلك أبًا مخصوصًا بفضل السابقة في ولائه متوحدًا بتقديم القدم في أصفائه فقد أصبحت وأمسيت سيف أمير المؤمنين لأعدائه والحاظي دون غيرك بجميل رأيك والمستبد بحماية حوزته ورعاية رعيته والسفارة بينه وبين ودائع الله عنده وقد برزت راية أمير المؤمنين عن الصليق متوجهة نحو سريره الذي حرسته ومستقر عزه الذي شيدته ودار مملكته التي أنت عمادها ورحى دولته التي أنت قطبها معتقدًا لك ما يعتقد في المخلص طاعة ومشايعة والمهذب نية وطوية من صنوف الاختصاص الذي لا يضرب معك فيه بسهم دان ولا قاص وتوفي على كل سالف ويفوت كل أنف ويعجز كل مناو ويفحم كل مسام ومساو ولا يبقى أحد إلا علم أنه منزاح عنك غير متواز لك فأحببت لمحلك وقصر خطاه عن مجازاتك ووقع دون موقعك وتزحزح لك عن موضعه وقد وجد أمير المؤمنين الحسن بن محمد بن نصر كلأه الله مصدقًا بفعله وصفك محققًا ثناءك مستوجبًا لما أهلته ورشحته للقيام به من المسير في خدمته والحقوق فيما يبديه له وعلم أمير المؤمنين أنك لم تتلقه إلا بأوثق خواصك في نفسك وأوفرهم عندك فاحمد في ذلك اعتمادك وإضافة إلى سوالف أمثاله منك فاعلم ذلك أدام الله تأييدك واجر على عادتك الحسناء وطريقتك المثلى في النيابة تبقى وواصل حضرة أمير المؤمنين بالإنهاء والمطالعة إن شاء الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته‏.‏

وكتب ليلة الأحد لثلاث ليالٍ بقين من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلثمائة

 باب ذكر خلافة القادر بالله

واسمه‏:‏ أحمد بن إسحاق بن المقتدر ويكنى‏:‏ أبا العباس واسم أمه تمنى مولاة عبد الواحد بن المقتدر وكانت من أهل الدين‏.‏

ولد في يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلثمائة وتقلد الخلافة بعد أن قبض الطائع لله وخلع وكان القادر حسن الطريقة كثير المعروف مائلًا إلى الخير والتدين ولما رحل القادر عن البطيحة فوصل إلى جبل في عشار رمضان وانحدر بهاء الدولة ووجوه الأولياء وأماثل الناس لاستقباله فدخل دار الخلافة ليلة الأحد ثاني عشر رمضان سنة إحدى وثمانين وجلس من الغد جلوسًا عامًا وهنىء وأنشد بين يديه المديح ومما أنشد بين يديه في ذلك اليوم قصيدة الرضي التي أولها‏:‏ شرف الخلافة يا بني العباس اليوم جدده أبو العباس ذا الطود أبقاه الزمان ذخيرة من ذلك الجبل العظيم الراسي وحمل إلى القادر بعض الفروش والآلات المأخوذة من الطائع واستكتب له أبو الفضل محمد بن أحمد الديلمي وجعل أستاذ الدار عبد الواحد بن الحسين الشيرازي وفي يوم الخميس لتسع بقين من شوال جمع الأشراف والقضاة والشهود في مجلس القادر حتى سمعوا يمينة لبهاء الدولة بالوفاء وخلوص النية ولفظه بتقليده ما وراء بابه مما تقدم فيه الدعوة وذلك بعد أن حلف له بهاء الدولة على صدقه والطاعة والقيام بشروط البيعة‏.‏

 ذكر طرف من سيرة القادر بالله

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال‏:‏ رأيت القادر دفعات وكان أبيض حسن الجسم كث اللحية طويلها يخضب وكان من أهل الستر والديانة وإدامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات على صفة اشتهرت عنه وعرف بها عند كل أحد مع حسن المذهب وصحة الاعتقاد وكان صنف كتابًا فيه الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وأفكار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن وكان الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهدي ويحضر الناس سماعه‏.‏

ذكر محمد بن عبد الملك الهمداني أن القادر بالله كان يلبس زي العوام ويقصد الأماكن المعروفة بالبركة كقبر معروف وتربة ابن بشار‏.‏

وقال الحسين بن هارون القاضي كان بالكرخ يتيم لم يثبت رشده وله دكان كثير النعمة وأمرني ابن حاجب النعمان أن أفك الحجر عنه ليبتاع صاحب له الدكان منه فلم أفعل فأنفذه يستدعيني فقلت لغلامه‏!‏ تقدمني حتى أعبر ففعل فجئت إلى قبر معروف فدعوت الله أن يكفيني أمره وجئت إلى قبر ابن بشار‏.‏

ففعلت ذلك فرآني شيخ فقال أيها القاضي على من تدعو فقلت على ابن حاجب النعمان أمرني بكذا وكذا فأمسك الشيخ عني وعبرت إلى ابن حاجب النعمان فجعل يخاطبني خطابًا غليظًا في فك الحجر عن الصبي ولا يقبل مني عذرًا وإذا قد أتاه خادم بتوقيع ففتحه وقرأه وتغير لونه ثم عدل من الغلظة إلى الاعتذار وقال‏:‏ كتبت إلى الخليفة قصة فقلت‏:‏ لا‏.‏

فعلمت أن الشيخ كان القادر بالله وأنه عبر إلى داره فوقع إليه بما أوجب الاعتذار قال‏:‏ وكان القادر يوصل الرسوم في كل سنة إلى أربابها من غير أن يكتب أحد منهم قصة فإن كان أحد منهم قد مات أعيد ما يخصه إلى ورثته وبعث يومًا إلى ابن القزويني الزاهد ليسأله أن ينفذ إليه من طعامه الذي يأكله‏.‏

قال ابن الهمذاني‏:‏ فأنفذ ابن القزويني طبقًا من الخلاف فيه غضائر لطاف فيها باذنجان مقلو وخل وباقلاء ودبس وعلى ذلك رغيفان من خبز البيت وشدد ذلك في مئزر قطن فتناول الخليفة من كل لون منه وفرق الباقي وبعث إلى ابن القزويني مائتي دينار فلما كان بعد أيام أنفذ الخليفة إليه بالفراش يلتمس من ابن القزويني إنفاذ شيء من إفطاره فأنفذ طبقًا جديدًا وفيه زبادي جياد وفيها فراريج وقطعة فالوذج وخبز سميذ ودجاجة مشوية وقد غطى ذلك بفوطة جديدة فلما وصل ذلك إلى الخليفة تعجب وقال‏:‏ ما تكلفت وإنما اعتمدت ما أمرني الله به إذا وسع الله علي وسعت نفسي وإذا ضيق ضيقت وقد كان من إنعام أمير المؤمنين ما عدت به على نفسي وجيراني فتعجب القادر بالله من دينه وعقله ولم يزل يواصله بالعطاء وكان القادر يقسم الطعام الذي يهيأ إفطاره ثلاثة أقسام فقسم يتركه بين يديه وقسم يحمل إلى جامع الرصافة وقسم إلى جامع المدينة فيفرق على المجاورين فاتفق أن الفراش حمل إلى جامع المدينة جونة فيها طعام ففرقه على المنقطعين فأخذوا إلا شابًا فإنه رد ذلك فلما صلوا صلاة المغرب صلى الفراش معهم فرأى ذلك الشاب قد خرج من الجامع فتبعه فوقف على باب فاستطعم فأطعموه كسيرات فأخذها وعاد إلى الجامع فتعلق به الفراش وقال‏:‏ ويحك ألا تستحي ينفذ إليك خليفة الله في أرضه بطعام حلال فترده وتخرج فتستطعم من الأبواب فقال‏:‏ والله ما رددته إلا لأنك عرضته علي قبل الإفطار وكنت غير محتاج إليه حينئذ فلما جاء وقت الإفطار استطعمت عند الحاجة فعاد الفراش فأخبر القادر فبكى وقال له‏:‏ راع مثل هذا واغتنم أجره وأقم إلى وقت الإفطار وادفع إليه ما يفطر‏.‏

حدثنا إبراهيم بن دينار الفقيه‏:‏ قال‏:‏ حدثني أبو سعيد عبد الوهاب بن حمزة بإسناد له عن أبي الحسن الأبهري قال‏:‏ بعثني بهاء الدولة من الأهواز في رسالة إلى القادر بالله فلما أذن لي في الدخول عليه سمعته ينشد هذه الأبيات‏:‏ سبق القضاء بكل ما هو كائن والله يا هذا لرزقك ضامن تغنى بما تكفى وتترك ما به تعيى كأنك للحوادث آمن أما ترى الدنيا ومصرع أهلها فاعمل ليوم فراقها يا خائن واعلم بأنك لا أبا لك في الذي أصبحت تجمعه لغيرك خازن يا عامر الدنيا أتعمر منزلًا لم يبق فيه مع المنية ساكن الموت شيء أنت تعلم أنه حق وأنت بذكره متهاون إن المنية لا تؤامر من أتت في نفسه يومًا ولا تستأذن فقلت‏:‏ الحمد لله الذي وفق أمير المؤمنين لإنشاد مثل هذه الأبيات وتدبر معانيها والعمل بمضمونها فقال‏:‏ يا أبا الحسن بل لله المنة علينا إذ ألهمنا بذكره ووفقنا لشكره ألم تسمع إلى قول الحسن البصري وقد ذكر عنده بعض أهل المعاصي فقال‏:‏ هانوا عليه فعصره ولو عزوا عليه لعصمهم وفي ذي القعدة لقب القادر بالله بهاء الدولة بغياث الأمة وخطب له بذلك على المنابر مضافًا إلى ألقابه‏.‏

ونقل بهاء الدولة أخته زوجة الطائع لله إلى دار بمشرعة الصخر وأقام لها إقامات كافية وأقطعها إقطاعات فلم تزل كذلك حتى ماتت‏.‏

وفي يوم الثاني عشر من ذي الحجة وهو يوم الغدير جرت فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا أعلام السلطان فقتل يومئذ جماعة اتهموا بفعل ذلك وصلبوا على القنطرة فقامت الهيبة وارتدعوا‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسين بن يحيى العلوي وكذلك سنة اثنتين وثلاث وكان أمير مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي فاتفق أن أبا القاسم بن المغربي حضر عند حسان بن المفرج بن الجراح الطائي فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال‏:‏ لا مغمز في نسب أبي الفتوح والصواب أن تنصبه إمامًا فوافقه ومضى المغربي إلى مكة فأطمع أبا الفتوح في الملك وسهل عليه الأمر فأصغى إلى قوله وبايعه شيوخ الحسنيين وحسن له أبو القاسم المغربي أن أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دارهم فاتفق أنه مات بجدة رجل يعرف بالمطوعي وعنده أموال للهند والصين وخلف مالًا عظيمًا فأوصى لأبي الفتوح بمائة ألف دينار ليصون بها تركته والودائع التي عنده فحمله المغربي على الاستيلاء على التركة فخطب لنفسه بمكة وتسمى بالراشد بالله وصار لاحقًا بآل الجراح فلما قرب من الرملة تلقاه العرب وقبلوا الأرض بين يديه وسلموا عليه بأمير المؤمنين ولقيهم راكبًا على فرس متقلدًا سيفًا زعم أنه ذو الفقار وفي يده قضيب ذكر أنه قضيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله جماعة من بني عمه وبين يديه ألف عبد أسود فنزل الرملة ونادى بإيضاء العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فبلغ العزيز هذا فانزعج وكتب إلى حسان ملطفات وبذل له بذولًا كثيرة وآل المفرج واستمال آل الجراح كلهم وحمل إلى أولاد المفرج أموالًا جزيلة حتى فلهما عن ذلك الجمع وكتب إلى ابن عم الفتوح فولاه الحرمين وأنفذ له ولشيوخ بني حسن مالًا وكان حسان قد أنفذ والدته إلى مصر بتذكرة تتضمن أعراضًا له وسأل في جملتها أن يهدي له جارية من إماء القصر فأجابه الحاكم إلى ما سأل وبعث إليه خمسين ألف دينار وأهدى له جارية جهزها بمال عظيم فعادت والدته بالرغائب له ولأبيه فسر بذلك وأظهر طاعة العزيز ولبس خلعة وعرف أبو الفتوح الحال فأيس معها من نفسه وركب إلى المفرج مستجيرًا به وقال إنما فارقت نعمتي وأبديت للعزيز صفحتي سكونًا إلى ذمامك وأنا الآن خائف من غدر حسان فأبلغني مأمني وسيرني إلى وطني فرده إلى مكة وكاتب العزيز صاحب مصر واعتذر إليه فعذره‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أبو بكر الخزاز روى عن جماعة منهم ابن دريد وابن الأنباري وكان ثقة صدوقًا فاضلًا أديبًا كثير الكتب ظاهر الثروة‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت الخطيب حدثنا التنوخي قال‏:‏ كان أبو بكر الجراح يقول‏:‏ كتبي بعشرة آلاف درهم وجاريتي بعشرة آلاف درهم وسلاحي بعشرة آلاف درهم ودوابي بعشرة آلاف درهم قال التنوخي‏:‏ وكان أحد الفرسان يلبس أداته ويركب فرسه ويخرج إلى الميدان ويطارد الفرسان فيه توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

أحمد بن الحسين بن مهران أبو بكر المقرئ توفي في شوال هذه السنة أنبأنا زاهر بن طاهر أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال‏:‏ توفي أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ يوم الأربعاء سابع عشرين شوال سنة إحدى وثمانين وثلثمائة وهو ابن ستة وثمانين سنة وتوفي في ذلك اليوم أبو الحسن العامري صاحب الفلسفة قال‏:‏ فحدثني عمر بن أحمد الزاهد قال سمعت الثقة من أصحابنا يذكر أنه رأى أبا بكر أحمد بن الحسين بن مهران في المنام في الليلة التي دفن فيها قال‏:‏ فقلت له‏:‏ أيها الأستاذ ما فعل الله بك فقال‏:‏ إن عز وجل أقام أبا الحسن العامري بإزائي وقال هذا فداؤك من النار‏.‏

الحسين بن عمر بن عمران بن حبيش أبو عبد الله الضراب ابن الضرير ولد سنة تسع وتسعين ومائتين فروى عن الباغندي وروى عن الأزهري والتنوخي وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وكان ثقة‏.‏

عبيد الله بن أحمد بن معروف أبو أحمد ولد سنة ست وثلثمائة وولي قضاء القضاة ببغداد وحدث عن ابن صاعد وغيره روى عنه الخلال والأزهري وأبو جعفر بن المسلمة وكان من العلماء الثقات العقلاء الفطناء الألباء وكان وسيم المنظر مليح الملبس مهيبًا عفيفًا عن الأموال‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا الخطيب قال‏:‏ سمعت أبا القاسم التنوخي يقول‏:‏ كان الصاحب أبو القاسم بن عباد يقول‏:‏ كنت اشتهي أن أدخل بغداد وأشاهد جراءة محمد بن عمر العلوي وتنسك أبي أحمد الموسوي وظرف أبي محمد بن معروف‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا العتيقي قال‏:‏ كان لأبي محمد بن معروف في كل سنة مجلسان يجلس فيهما للحديث أول يوم المحرم وأول يوم من رجب ولم يكن له سماع كثير وكان مجردًا في مذهب الاعتزال وكان عفيفًا نزهًا في القضاء لم ير مثله في عفته ونزاهته‏.‏

توفي في صفر سنة إحدى وثمانين وثلثمائة وصلى عليه في داره أبو أحمد الموسوي وكبر عليه خمسًا ثم حمل إلى جامع المنصور وصلى عليه ابنه وكبر عليه أربعًا ثم حمل إلى داره على شاطىء دجلة فدفن فيها‏.‏

عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو الفضل الزهري ولد سنة تسعين ومائتين وسمع جعفر بن محمد الفريابي وأبا القاسم وخلقًا كثيرًا روى عنه البرقاني والخلال والأزهري وكان ثقة من الصالحين أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا العتيقي قال‏:‏ سمعت أبا الفضل الزهري يقول‏:‏ حضرت مجلس جعفر بن محمد الفريابي وفيه عشرة آلاف رجل فلم يبق غيري وجعل يبكي‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت أخبرنا التنوخي قال‏:‏ سأل أبي أبا الحسن الدارقطني وأنا أسمع عن أبي الفضل الزهري فقال‏:‏ هو ثقة صدوق صاحب كتاب وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف إلا من قد روى عنه الحديث‏.‏

ثم قال الخطيب حدثنا الصوري قال‏:‏ حدثني بعض الشيوخ أنه حضر مجلس القاضي أبي محمد بن معروف يومًا فدخل أبو الفضل الزهري وكان أبو الحسين بن المظفر حاضرًا فقام عن مكانه وأجلس أبا الفضل فيه ولم يكن ابن معروف يعرف أبا الفضل فأقبل عليه ابن المظفر فقال‏:‏ أيها القاضي هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف وهو محدث وآباؤه كلهم محدثون إلى عبد الرحمن بن عوف ثم قال ابن المظفر‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهري والد هذا الشيخ وحدثنا فلان عن أبيه محمد بن عبيد الله وحدثنا فلان عن جده عبيد الله بن سعد ولم يزل يروي لكل واحد من ىباء أبي الفضل حديثًا حتى انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف توفي أبو الفضل في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

يحيى بن محمد بن الروزبهان أبو زكريا الدنبائي جد عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي لأمه من أهل واسط‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ حدثنا عن ابن بنيه أبو القاسم الأزهري