فصل: ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن أبا الحسن علي بن محمد الكوكبي المعلم كان قد استولى على أمور السلطان كلها ومنع أهل الكرخ وباب الطاق من النوح في عاشوراء وتعليق المسوح ووقع من قبله أيضًا باسقاط جميع من قبل من الشهود بعد وفاة أبي محمد بن معروف وأن لا يقبل في الشهادة إلا من كان ارتضاه‏.‏

وكان السبب في هذا أنه لما توفي ابن معروف كثر قبول الشهود بالبذل والشفاعات حتى بلغت عدة الشهود ثلثمائة وثلاثة أنفس فقيل لأبي الحسن متى تكلمت في هذا حصل لك منهم جملة فوقع بذلك ثم عاد ووقع بقبولهم في نصف صفر‏.‏

وفي هذا الشهر شرع أبو الحسن في حفر الأنهار المخترقة لأسواق الكرخ وما يتصل به وجبى من أرباب العقار مالًا جزيلًا‏.‏

وفي يوم الاثنين لعشر بقين من جمادى الآخرة شغب الديلم والأتراك وخرجوا بالخيم إلى باب الشماسية وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى من أبي الحسن بن المعلم وتعديد ما يعاملهم به وطالبوه بتسليمه إليهم وكان أبو الحسن قد استولى على الأمور والمقرب من قربه والمبعد من أبعده فثقل على كبار الجند أمره وقصر هو في مراعاة أمورهم وأنضاف إلى ذلك ما يعامل به الديلم فضجوا وخرجوا فأجابهم السلطان بالتلطف ووعدهم بإزالة ما شكوه وأن يقتصر بأبي الحسن بن المعلم على خدمته في خاصة ويتولى هو النظر في أمورهم والقيام بتدبيرهم‏.‏

فأعادوا الرسالة بأنهم لا يقنعون بهذا القول ولا يرضون إلا بتسليمه‏.‏

فأعاد الجواب بأنه يبعده عن مملكته إلى حيث يكون فيه مبقيًا على مهجته راعيًا لحقوق خدمته وقال ما يحسن في أن أسلمه للقتل وقد طالت صحبته لي وإذا كفيتكم أمره فقد بلغتم مرادكم‏.‏

فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار والمسير إلى شيراز‏.‏

وقال بكران لبهاء الدولة وهوكان المتوسط ما بينه وبين العسكر‏:‏ أيها الملك إن الأمر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبي الحسن أو بقاء دولتك فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه وأخذ ما كان في داره من مال وثياب وجوار وغلمان وأقام الجند على أنهم لا يرجعون من مخيمهم إلا بتسليمه‏.‏

فركب إليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض والاعتقال فلم يقم منهم أحد إليه ولا خدمه وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع إلا بعد تسليمه فسلم إلى أبي حرب شيرزيل وهو خال بهاء الدولة فسقي السم دفعتين فلم يعمل فيه فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم‏.‏

وفي ليلة الأحد الثالث من رجب سلم المخلوع إلى القادر بالله فأنزله حجرة من حجر خاصته ووكل به من يحفظه من ثقات خدمه وأحسن ضيافته ومراعاة أموره وكان يطالب من زيادة الخدمة بمثل ما كان يطالب به أيام الخلافة فتزاح علله في جميع ما يطلبه وأنه حمل إليه في بعض الأيام طيب من العطارين فقال‏:‏ من هذا يتطيب أبو العباس قالوا نعم فقال‏:‏ قولوا له في الموضع الفلاني من الدار كندوج فيه طيب مما كنت استعمله فانفذ لي بعضه وقدم إليه يومًا عدسية فقال ما هذا قالوا عدس وسلق فقال‏:‏ أوقد أكل العباس من هذا قالوا نعم فقال قولوا له لما أردت أن تأكل عدسية لم اختفيت أيام هذا الأمير وما كانت العدسية تعوزك لو لم تتقلد الخلافة فعند ذلك أمر القادر بالله أن تفرد له جارية من طباخاته تحضر له ما يلتمسه كل يوم وقدم إليه في بعض الأيام تين في مراكز فرفسه برجله فقال ما تعودنا أن يقدم بين أيدينا مسلج وقدمت بين يديه في بعض الليالي شمعة قد احترقت بعضها فأنكرها ودفعها إلى الفراش فحمل غيرها وكان على هذا الحال إلى أن توفي‏.‏

وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره أبي نصر سابور ثم أطلقه فالتجأ إلى البطيحة وأقام عند مهذب الدولة علي بن نصر خوفًا من ابن المعلم إلى أن قبض بهاء الدولة على أبي القاسم علي بن أبي القاسم بن أحمد الأبرقوهي الوزير ثم استدعى أبا نصر سابور من البطيحة في سنة اثنتين وثمانين وجمع بينه في الوزارة وبين أبي منصور بن صالحان فخلع عليهما في يوم الأحد تاسع شعبان وكانا يتناوبان في الوزارة‏.‏

وفي يوم الجمعة ثامن عشر شوال تجددت الفتنة في الكرخ فركب ابو الفتح محمد بن الحسن الحاجب وقتل وصلب فسكن البلد وقامت الهيبة‏.‏

وفي ليلة الاثنين لتسع بقين من شوال ولد الأمير ابو الفضل محمد بن القادر بالله وامه ام ولد اسمها علم وهو الذي جعل ولي العهد ولقب الغالب بالله وفي هذا الوقت غلت الأسعار وبيع الرطل من الخبز بإربعين درهم والحوزة بدرهم

وفي ذي القعدة ورد صاحب الأصيفر الأعرابي وبذل الخدمة في تسيير الحجاج إلى مكة وحراستهم صادرين وواردين وأعيد اقامة الخطبة للخليفة القادر من حد اليمامة والبحرين إلى الكوفة فقبل ذلك منه وحمل إلى خلعة ولواء‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن عبد السلام بن محمد بن شاكر أبو اسحاق الوشاء حدث عن أبي كريب وغيره روى عنه إسماعيل الخطبي وأبو بكر الشافعي والطبراني وانتقل عبد الله بن عثمان بن محمد بن علي بن بنان أبو محمد الصفار سمع ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي والمحاملي وابن مخلد روى عنه الأزهري والعتيقي والتنوخي وكان ثقة وتوفي في محرم هذه السنة‏.‏

عمر بن أحمد بن هارون ابو حفص ابن الآجري سمع أبا عمر القاضي وأبا بكر النيسابوري روى عنه الأزهري والخلال وكان دينًا ثقة أمينًا صالحًا وتوفي في هذه السنة‏.‏ولد في ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين وسمع الباغندي والبغوي وابن صاعد وخلقًا كثيرًا وانتقى عليه الدار قطني وكان ثقة دينًا كثير السماع كثير الكتابة للحديث كتب الكتب الكبار بيده كالطبقات والمغازي وغير ذلك وكان ذا يقظة ومروءة روى عنه البرقاني والخلال والتنوخي والجوهري

وغيرهم وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

محمد بن عبد الرحيم أبو بكر المازني الكاتب

 ثم دخلت ثلاث وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن القادر بالله تقدم بعمارة مسجد الحربية وكسوته واجرائه مجرى الجوامع في الصلاة‏.‏

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال‏:‏ ذكر لي هلال بن المحسن أن أبا محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي كان بنى مسجدًا بالحربية في أيام المطيع لله ليكون جامعًا يخطب فيها فمنع المطيع من ذلك ومكث المسجد على تلك الحالة حتىاستخلف القادر بالله فاستفتى الفقهاء في أمره فأجمعوا على جواز الصلاة فيه فرسم أن يعمر ويكسى وينصب فيه منبر ورتب إمامًا يصلي فيه الجمعة وذلك في شهر ربيع الآخر في سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة قال أبو الخطيب‏:‏ فأدركت صلاة الجمعة وهي تقام ببغداد في مسجد المدينة والرصافة ومسجد دار الخلافة‏.‏

ومسجد براثا ومسجد قطيعة أم جعفر ومسجد الحربية على هذا إلى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ثم تعطلت في مسجد براثا فلم يصل فيه‏.‏

وفي الأربعاء لأربع بقين من جمادى الأولى وقع الفراغ من الجسر الذي عمله بهاء الدولة في وفي يوم الجمعة الثاني عشر من جمادى الآخرة شغب الديلم شغبًا شديدًا لأجل فساد النقد وغلاء السعر وتأخر العطاء ومنعوا من الصلاة بجامع الرصافة فلما كان بكرة السبت قصدوا دار أبي نصر سابور بباب خراسان وهجموا فنهبوها وافلت من بين أيديهم هاربًا على السطوح وثارت بذلك فتنة دخل فيها العامة ورجع الديلم فراسلوا بهاء الدولة بالتماس أبي نصر سابور وأبي الفرج محمد بن علي الخازن وكان ناظرًا في المال ودار الضرب وتردد القول معهم إلى أن وعدوا بالاطلاق وتغيير النقد‏.‏

وفي يوم الخميس الثاني من ذي الحجة‏:‏ عقد للخليفة القادر بالله على سكينة بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة ألف دينار وكان الأملاك بحضرته والولي الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي وتوفيت قبل النقلة‏.‏

وفي هذا الشهر بلغ الكر الحنطة ستة آلاف درهم وستمائة درهم غياثة والكارة الدقيق ماثتين وستين درهمًا وفي هذه السنة ابتاع أبو النصر سابور بن أردشير دارًا في الكرخ بين السورين وعمرها وبيضها وسماها‏:‏ دار العلم ووقفها على أهله ونقل إليها كتبًا كثيرة ابتاعها وجمعها وعمل لها فهرستًا ورد النظر في أمورها ومراعاتها والاحتياط عليها إلى الشريفين أبي الحسين محمد بن الحسين بن أبي شيبة وأبي عبد الله محمد بن أحمد الحسني والقاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون الضبي وكلف الشيخ أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي فضل عناية بها‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان بن حرب بن مهران أبو بكر البزاز ولد في ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوي وابن أبي داود وابن ساعد وابن دريد وخلقًا كثيرًا‏.‏

وروى عنه الدارقطني والبرقاني والأزهري والخلال وغيرهم وكان ثقة ثبتًا صحيح السماع كثير الحديث والكتب‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ سمعت أبا القاسم التنوخي يقول‏:‏ سئل ابن شاذان أسمعت من محمد بن محمد الباغندي شيئًا فقال‏:‏ لا أعلم أني سمعت منه شيئًا ثم وجد سماعه من الباغندي فسألوا أن يحدث به فلم يفعل توفي في شوال هذه السنة‏.‏

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أبو محمد الطاهري حدث عن البغوي وابن صاعد روى عنه العشاري وكان ثقة ينزل شارع دار الرقيق توفي في شوال هذه السنة‏.‏

طاهر بن محمد بن عبد الله أبو عبد الله البغدادي نزل نيسابور وحدث بها روى عنه جماعة منهم‏:‏ أبو عبد الله الحاكم وكان من أظرف من رأينا من العراقيين وأحسنهم كتابة وأكثرهم فائدة وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

علي بن القاسم بن الفضل بن شاذان أبو الحسين القاضي ثقة توفي بالري في رمضان هذه السنة‏.‏

محمد بن إبراهيم بن سلمة أبو الحسين الكهيلي حدث عن مطين وكان سماعه صحيحًا ومضى على سداد وأمر جميل توفي بالكوفة في هذه السنة‏.‏

محمد بن عبد الله بن يحيى أبو بكر الدقاق كان ثقة مأمونًا توفي في شوال هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة أربع وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن القاضي أبا محمد عبد الله بن محمد بن الأكفاني قبل شهادة أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي في المحرم وشهادة أبي بكر بن الأخضر في رجب‏.‏

وفي صفر قبل القاضي أبو عبد الله الضبي شهادة أبي العلاء محمد بن علي الواسطي وفيه قوي أمر العيارين واتصل القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة وظهر العيار المعروف بعزيز من باب البصرة واستفحل أمره والتحق به كثير من الذعار وطرح النار في المحال وطلب أصحاب الشرط ثم صالح أهل الكرخ وقصد سوق التمارين وطالب بضرائب الأمتعة وجبى ارتفاع الأسواق الباقية وكاشف السلطان وأحد أصحابه ونادى فيهم وكان ينزل إلى السفن فيطالب بالضرائب وأصحاب السلطان يرونه من الجانب الآخر فأمر السلطان بطلب العيارين فهربوا من بين يديه‏.‏

وفي ذي القعدة عزل أبو أحمد الموسوي وصرف الرضي والمرتضى عن النقابة وكانا ينوبان عن أبيهما أبي أحمد‏.‏

وفي يوم الأربعاء رابع ذي الحجة ورد الخبر برجوع الحاج من الطريق وكان السبب لما حصلوا بين زبالة والثعلبية اعترضهم الأصيفر الأعرابي ومنعهم الجواز وذكر أن الدنانير التي أعطيها عام أول كانت دراهم مطلية وأنه لا يفرج لهم عن الطريق إلا بعد أن يعطوه رسمه لسنتين وتردد الأمر إلى أن ضاق الوقت فعادوا وكان الذي سار بهم أبو الحسن محمد بن الحسن العلوي ولم يحج في هذه السنة أيضًا أهل الشام واليمن وإنما حج أهل مصر والمغرب خاصة‏.‏

وفي السبت سابع ذي الحجة قبل أبو عبد الله شهادة أبي عبد الله بن المهتدي الخطيب‏.‏

وفي الإثنين تاسع ذي الحجة قلد الشريف أبو الحسن محمد بن علي بن أبي تمام الزيني نقابة العباسيين وقرأ عهده أبو الفضل يوسف بن سليمان بحضرة القادر بالله وحضرة القضاة والشهود والأشراف والأكابر‏.‏

وفي هذه السنة عقد لمهذب الدولة علي بن نصر على بنت بهاء الدولة بن عضد الدولة وعقد أبو منصور بن بهاء الدولة على بنت مهذب الدولة علي بن نصر كل عقد منهما على صداق مبلغه مائة ألف دينار‏.‏

الطيب بن يمن بن عبد الله أبو القاسم مولى المعتضد بالله ولد سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع البغوي روى عنه الصيرمي والجوهري والتنوخي والعتيقي وقال‏:‏ هو ثقة صحيح الأصول‏.‏

توفي في رجب هذه السنة‏.‏

عبيد الله بن محمد بن علي بن عبد الرحمن أبو محمد الكاتب ابن الجرادي مروزي الأصل‏.‏

حدث عن البغوي وابن دريد وابن الأنباري روى عنه التنوخي والعشاري وكان فاضلًا صاحب كتب كثيرة وتوفي في هذه السنة التي قبلها‏.‏

عبيد الله بن محمد بن نافع بن مكرم أبو العباس البستي الزاهد ورث عن آبائه أموالًا كثيرة فأنفقها في الخير وكان كثير التعبد بقي سبعين سنة لا يستند إلى حائط ولا إلى غيره ولا يتكئ على وسادة وحج من نيسابور حافيًا راجلًا دخل الشام والرملة وأقام ببيت المقدس أشهرًا ثم خرج إلى مصر وبلاد المغرب ثم حج من المغرب وانصرف إلى بست فتصدق ببقية أملاكه فلما مرض جعل يلتوي فقيل له ما هذا الوجع فقال‏:‏ أي وجع بين يدي أمور هائلة ولا أدري كيف أنجو وتوفي في محرم هذه السنة وهو ابن خمس وثمانين سنة فلما مات رأى رجل في المنام رجلًا من الموتى فقال له‏:‏ من بالباب فقال‏:‏ ليس على الباب أجل من عبيد الله الزاهد ورأت امرأة من الزاهدات أمها في المنام قد تزينت ولبست أحسن الثياب فقالت لها ما السبب في هذا فقالت‏:‏ لنا عيد إن عبيد الله الزاهد تقدم علينا‏.‏

علي بن الحسن بن محمويه بن زيد أبو الحسن الصوفي سمع وحدث ولقي الزهاد الأكابر وصحب أبا الخير الأقطع ثم لازم مسجد جده أبي علي ابن محمد بن القاسم الزينبي‏.‏

كان نقيب العباسيين وصاحب الصلاة وهو أول من جمع بين الصلاة والنقابة في سنة ثمانين وثلثمائة واستخلف له ابنه أبو الحسن الملقب بنظام الحضرتين بعد ذلك على الصلاة وخلع عليه توفي في هذه السنة‏.‏

علي بن عيسى بن علي بن عبد الله أبو الحسن النحوي الرماني ولد سنة ست وتسعين ومائتين وحدث عن أبي دريد وكانت له يد في النحو واللغة والكلام والمنطق وله تفسير كبير وشهد عند أبي محمد ابن معروف روى عنه التنوخي والجوهري وتوفي في هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر أبي علي الفارسي وتوفي عن ثمان وثمانين سنة‏.‏

محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات أبو الحسن سمع محمد بن مخلد وأبا الحسن المصري وخلقا ًكثيرا وكتب الكتب الكثيرة وكان ثقة مأمونًا‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال كان أبو الحسن بن الفرات ثقة كتب الكتب الكثيرة وجمع ما لم يجمعه أحد في وقته‏.‏

قال‏:‏ وبلغني أنه كان عنده عن علي بن محمد المصري وحده ألف جزء وأنه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ ولم يخرج عنه إلا الشيء اليسير حدثنا عنه إبراهيم بن عمر البرمكي وحدثني الأزهري قال‏:‏ خلف ابن الفرات ثمانية عشر صندوقًا مملوءة كتبًا أكثرها بخطه سوى ما سرق من كتبه وكتابه هو الحجة في صحة النقل وجودة الضبط وكان مولده في سنة بضع عشرة وثلثمائة ومكث يكتب الحديث من قبل سنة ثلاثين وثلثمائة إلى أن مات وكانت له جارية تعارضه بما يكتبه ومات في شوال سنة أربع وثمانين وثلثمائة محمد بن عمران بن موسى بن عبيد الله أبو عبيد الله الكاتب حدث عن البغوي وابن الأنباري ونفطويه وغيرهم روى عنه الصيرمي والتنوخي والجوهري وغيرهم وكان صاحب أخبار ورواية للآداب وصنف كتبًا كثيرة مستحسنة في فنون وكان عنده خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذين يبيتون عنده وكان عضد الدولة يجتاز على داره فيقف ببابه حتى يخرج إليه فيسلم عليه وكان أبو علي الفارسي يقول‏:‏ هو من محاسن الدنيا وقد اختلف فيه مشائخ المحدثين‏.‏

قال الأزهري‏:‏ ما كان ثقة وقال العتيقي كان ثقة‏.‏

قال المصنف رحمه الله كانت آفته ثلاثًا الميل إلى التشيع وإلى العتزال وتخليط المسموع بالإجازة وإلا فليس بداخل في الكذابين‏.‏

وتوفي في شوال هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة وصلى عليه أبو بكر الخوارزمي ودفن بالجانب الشرقي‏.‏

محمد بن عثمان بن عبيد الله بن الخطاب أبو الطيب الصيدلاني حدث عن البغوي وغيره وكان ثقة مأمونًا توفي في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

منصور بن ملاعب المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم أبو علي التنوخي القاضي ولد بالبصرة وسمع بها من جماعة ونزل بغداد فأقام بها وحدث وكان سماعه صحيحًا وكان أديبًا شاعرًا إخباريًا‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ حدثنا ابن المحسن بن علي قال أبي مولدي سنة وعشرين وثلثمائة بابصرة قال وكان مولده في ليلة الأحد لأربع بقين من ربيع الأول وأول سماعه الحديث في سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة وأول ما تقلد القضاء من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله بالقصر وبسورًا في سنة تسع وأربعين ثم ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وأيذح ورامهرمز وتقلد بعد ذلك أعمالًا كثيرة في نواح مختلفة وتوفي ببغداد ليلة الإثنين لخمس بقين من المحرم سنة أربع وثمانين وثلثمائة

 ثم دخلت سنة خمس وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أنه عاد أبو القاسم علي بن أحمد الابرقوني من البطيحة إلى حضرة بهاء الدولة للوزارة واستقر ذلك بوساطة مهذب الدولة أن يمشي الأمر على يده وإلا أعاده محروسًا إلى البطيحة ثم أن أمره وقف وعاد إلى البطيحة لأن جميع الحاشية تطابقت على فساد أمره فكاد بهاء الدولة أن يقبض عليه فذكر الشريف أبو أحمد العهد المستقر بينه مع مهذب الدولة وأن الغدر به مكاشفه ولمهذب الدولة بالقبح ففسح في عوده مع الشريف أبي أحمد إلى البطيحة‏.‏

وحج هذه السنة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله العلوي وكذلك في سنة ست وسبع وثمان وبعث في السنة بدر بن حسنويه تسعة آلاف دينار لتدفع إلى الأصيفر عوضًا عما كان يأخذ من الحاج وجعل ذلك رسمًا له من ماله وبعث ذلك إلى سنة ثلاث وأربعمائة‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن محمد بن الفتح المصيصمي الجلي ولد بالمصيصة وسكن بغداد وحدث بها وكان حافظًا ضريرًا فروى عنه من أهلها أبو بكر البرقاني والأزهري وغيرهما وكان ثقة صدوقًا وتوفي في هذه السنة ودفن بمقبرة الشونيزية‏.‏

كافي الكفاة الصاحب وزد لمؤيد الدولة وقصده أبو الفتح ابن ذي الكفايتين فأزاله عن الوزارة ثم نصر عليه وعاد إلى الوزارة‏.‏

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز أنبأنا علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد النصيبي قال‏:‏ كان أبو الفتح ابن الملقب بذي الكفايتين قد تداخله في بعض العشايا سرور فاستدعى ندماءه وعبى لهم مجلسًا عظيمًا بآلات الذهب والفضة وفاخر الزجاج والصيني والآلات الحسنة والطيب والفاكهة الكثيرة واحضر المطرب وشرب بقية يومه وعامة ليلته ثم عمل شعرًا أنشده ندماءه وغنى به في الحال وهو دعوت المنا ودعوت الطلا فلما أجابا دعوت القدح وقلت لأيام شرخ الشباب إلي فهذا أوان الفرح إذا بلغ المرء آماله فليس له بعدها مقترح‏.‏

قال‏:‏ وكان هذا بعد تدبيره على الصاحب أبي القاسم بن عباد حتى أبعده عن كتبة صاحبه الأمير مؤيد الدولة وسيره عن حضرته بالري إلى أصفهان وانفرد هو بتدبير الأمور لمؤيد الدولة كما كان لركن الدولة فلما كان غنى الشعر استطابه وشرب عليه إلى أن سكر ثم قال لغلمانه غطوا المجلس ولا تسقطوا شيئًا منه لا صطبح في هذه الليلة وقال‏:‏ لندمائه باكروني ولا تتأخروا فقد اشتهيت الصبوح وقام إلى بيت منامه وانصرف الندماء فدعاه مؤيد الدولة في السحر فلم يشك أنه لمهم فقبض عليه وأنفذ إلى داره من أخذ جميع ما فيها وتطاولت به النكبة حتى مات فيها ثم عاد ابن عباد إلى مؤيد الدولة ثم وزر لأخيه فخر الدولة فبقي في الوزارة ثماني عشرة سنة وشهورًا وفتح خمسين قلعة سلمها إلى فخر الدولة لم يجتمع مثلها إلى أبيه وكان الصاحب عالمًا بفنون كثيرة لم يقاربه في ذلك الوزير وله التصانيف الحسان والنثر البالغ وجمع كتبًا عظيمة حتى كان يحتاج في نقلها على أربعمائة حمل وكان يخالط العلماء والأدباء ويقول لهم نحن بالنهار سلطان وبالليل إخوان وسمع الحديث وأملى وروى أبو الحسن علي بن محمد الطبري المعروف بكيا قال‏:‏ سمعت أبا الفضل زيد بن صالح الحنفي يقول‏:‏ لما عزم الصاحب إسماعيل بن عباد على الإملاء وكان حينئذ في الوزارة وخرج يومًا متطلسًا متحنكًا بزي أهل العلم فقال قد علمتم قدمي في العلم فأقروا له بذلك فقال وأنا متلبس بهذا الأمر وجميع ما أنفقته من صغري إلى وقتي هذا من مال أبي وجدي ومع هذا فلا أخلو من تبعات اشهدوا علي وأشهد الله وأشهدكم أني تائب إلى الله تعالى من كل ذنب أذنبته واتخذ لنفسه بيتًا وسماه بيت التوبة ولبث أسبوعًا على ذلك ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته ثم خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملي الواحد ينضاف إليه ستة كل يبلغ صاحبه فكتب الناس حتى القاضي عبد الجبار وكان الصاحب ينفذ كل سنة إلى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق في الفقهاء وأهل الأدب وكان لا تأخذه في الله لومة لائم ويبغض من يميل إلى الفلسفة وأهدى إليه العميري القاضي بقزوين كتبًا وكتب معها‏.‏

العميري عبد كافي الكفاة ** وأن اعتد في وجوه القضاة‏.‏

خدم المجلس الرفيع بكتب ** مفعمات من حسنها مترعات‏.‏

فوقع تحتها‏.‏

قد قبلنا من الجميع كتابًا ** ورددنا لوقتنا الباقيات‏.‏

لست استغنم الكثير فطبعي ** قول خذ ليس مذهبي قول هات‏.‏

فاستدعى يومًا شرابًا فجيء بقدح فلما أراد أن يشرب قال له بعض خواصه‏:‏ لا تشربه فإنه مسموم فقال‏:‏ وما الشاهد على صحة قولك قال‏:‏ أن تجربه على من أعطاك إياه قال لا استحل ذلك قال فجربه على دجاجة قال‏:‏ إن التمثيل بالحيوان لا يجوز فرد القدح وأمر بصب ما فيه وقال للغلام‏:‏ لا تدخل داري وأمر بأفراد جراية عليه ومرض بالأهواز عن سحج عرض له فكان عن الطست يترك إلى جانبه عشرة دنانير حتى لا يتبرم به الفراشون فكانوا يتمنون دوام علته فلما برأ أنهب الفقراء ما حوت داره فكان هذا يخرج بدواج وهذا بمركب وهذا بتور الشمع فأخذ من داره ما يقارب خمسين ألف دينار فلما مرض مرض الموت كان أمراء الديلم ووجوه الحواشي معًا ودون بابه ويقبلون الأرض وينصرفون وجاءه فخر الدولة دفعات فلما يئس من نفسه قال لفخر الدولة‏:‏ قد خدمتك الخدمة التي استفرغت فيها الوسع وسرت في دولتك السيرة التي حصلت لك حسن الذكر بها فإن أجريت الأمور بعدي على رسومها علم أن ذلك منك ونسب الجميل فيه إليك واستمرت الأحدوثة الطيبة بذلك ونسيت أنا في أثناء ما يثنى به عليك وإن غيرت ذلك وعدلت عنه كنت المذكور بما تقدم والمشكور عليه وقدح في دولتك وذكرك ما يسمع إيقاعك فأظهر له قبول رأيه توفي في مساء الجمعة لست بفين من صفر هذه السنة وكان الصاحب أفضل وزراء الدولة الديلمية وجميع ملكهم كان مائة وعشرين سنة وزر لهم فيها جماعة فيهم معان حسنة ولكن لم يكن من يذكر عنه العلم كما يذكر عن الصاحب‏.‏

الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد بن الحسن أبو محمد الأديب سمع علي بن محمد بن سعيد الموصلي وكان تاجرًا ممولًا نزل عليه المتنبي حين قدم بغداد وكان القيم بأموره فقال له‏:‏ لو كنت مادحًا تاجرًا لمدحتك روى عنه الصوري وكان صدوقًا‏.‏

أنشدنا أبو محمد الحسن بن حامد لنفسه‏.‏

سريت المعالي غير منتظر بها ** كسادًا ولا سوقًا تقام لها أخرى‏.‏

وما أنا من أهل المكاس وكلما ** توفرت الأثمان كنت لها أشرى‏.‏

داود بن سليمان بن داود بن محمد أبو الحسن البزاز سمع الحسين إسماعيل المحاملي روى عنه التنوخي والعشاري والعتيقي وقال كان في قطيعة الربيع وكان شيخًا نبيلًا ثقة توفي في محرم هذه السنة‏.‏

عمر بن أحمد بن عثمان بن محمد بن أيوب بن ازداذ أبو حفص الواعظ ابن شاهين ولد في صفر سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع شعيب بن محمد الذراع وأبا خبيب البرقي ومحمد بن محمد الباغندي وأبا بكر بن أبي داود وخلقًا كثيرًا وكان ثقة أمينًا يسكن الجانب الشرقي‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر ثابت أخبرنا أبو الفتح عبد الكريم ابن محمد المحاملي قال‏:‏ ذكر لنا ابن شاهين قال‏:‏ أول ما كتبت الحديث بيدي سنة ثمان وثلثمائة وكان لي إحدى عشرة سنة وكذا كتب ثلاثة من شيوخي في هذه السن فتبركت بهم‏:‏ أبو القاسم البغوي وأبو محمد بن صاعد وأبو بكر بن أبي داود وقال المصنف‏:‏ وكذلك أنا كتبت الحديث ولي إحدى عشرة سنة وسمعت قبل ذلك‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر بن ثابت أخبرنا القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن محمد الهاشمي قال‏:‏ لنا أبو حفص بن شاهين صنف ثلثمائة مصنف وثلاثين أحدها التفسير الكبير ألف جزء والمسند ألف وخمسمائة جزء والتاريخ مائة جزء‏.‏

أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن إسماعيل الداودي قال‏:‏ سمعت أبا حفص بن شاهين يقول يومًا‏:‏ حسبت ما اشتريت من الحبر إلى هذا الوقت فكان سبعمائة درهم‏.‏

قال الداودي‏:‏ وكنا نشتري الحبر أربعة أرطال بدرهم‏.‏

قال وقد مكث ابن شاهين بعد ذلك يكتب زمانًا توفي ابن شاهين الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب‏.‏

علي بن محمد بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله M0 أبو الحسن الحافظ الدارقطني ولد سنة ست وثلثمائة وقيل سنة خمس وسمع البغوي وابن أبي داود وابن صاعد وخلقًا كثيرًا وكان فريد عصره وأمام وقته انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بأسماء الرجال وعلل الحديث وسلم ذلك له انفرد بالحفظ أيضًا من تأثير حفظه أنه أملى علل المسند من حفظه على البرقاني‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو الخطيب قال‏:‏ كان أبو منصور إبراهيم بن الحسن بن حمكان الصيرفي وسمع كثيرًا وأراد أن يصنف مسندًا معللًا وكان الدارقطني يحضر عنده في كل أسبوع يومًا يتعلم على الأحاديث في أصوله وينقلها أبو بكر البرقاني علل الحديث حتى خرج من ذلك شيئًا كثيرًا وتوفي أبو منصور قبل استتمامه فنقل البرقاني كلام الدارقطني فهو كتاب العلل الذي يرويه الناس عن الدارقطني‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز ثنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ بلغني أن الدارقطني حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار فجعل ينسخ جزءاُ كان معه وإسماعيل يملي فقال له بعض الحاضرين‏:‏ لا يصح سماعك وأنت تنسخ فقال الدارقطني فهمي للإملاء خلاف فهمك ثم قال تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن قال‏:‏ لا فقال الدارقطني أملى ثمانية عشر حديثًافعددت الأحاديث فوجدت كما قال ثم قال أبو الحسن‏:‏ الحديث الأول منها كذا عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثاني عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل إسناده الأحاديث ومتونه على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه قال المصنف رحمه الله‏:‏ وقد كان الحاكم أبو عبد الله يقول‏:‏ ما رأى الدارقطني مثل نفسه‏.‏

أخبرنا القزاز أبو بكر بن ثابت أخبرنا الصوري قال‏:‏ سمعت رجاء بن محمد بن عيسى المعدل يقول سألت الدارقطني فقلت‏:‏ رأى الشيخ مثل نفسه فقال لي‏:‏ قال الله تعالى ‏{‏فلا تزكوا أنفسكم‏}‏ قلت‏:‏ لم أرد هذا وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخًا لم ير مثل نفسه فقال‏:‏ إن كان في واحد فقد رأيت من هو أفضل مني وأما من اجتمع فيه ما اجتمع في فلا‏.‏

قال المصنف رحمه الله‏:‏ كان الدارقطني قد اجتمع له مع علم الحديث والمعرفة بالقرءات والنحو والفقه والشعر مع الأمانة والعدالة وصحة العقيدة‏.‏

سمعت أبا الفضل بن ناصر يقول‏:‏ سمعت ثابت بن بندار يقول‏:‏ قال الدارقطني‏:‏ كنت أنا والكتاني نسمع الحديث فكانوا يقولون يخرج الدارقطني مقرىء البلد فخرجت أنا محدثًا والكتاني مقرئًا‏.‏

أخبرنا أبو القاسم الحريري عن أبي طالب العشاري قال‏:‏ توفي الدارقطني آخر نهار يوم الثلاثاء سابع ذي القعدة خمس وثمانين وثلثمائة ودفن في مقبرة معروف يوم الأربعاء وكان مولده لخمس خلون من ذي القعدة سنة ست وثلثمائة وله تسع وسبعون سنة ويومان‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي حدثنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال رأيت في المنام كأني أسأل عن حال أبي الحسن الدارقطني في الآخرة وما آل إليه أمره فقيل ذاك يدعى في عباد بن العباس بن عباد أبو الحسن الطالقاني والد صاحب إسماعيل بن عباد‏.‏

سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب وغيره وكان صدوقًا وصنف كتابًا في أحكام القرآن وروى عنه ابنه أبو القاسم الوزير وأبو بكر بن مردويه وطالقان التي ينسب إليها ولاية بين قزوين وأبهر وهي عدة قرى يقع عليها هذا الاسم وثم بلدة من بلاد خراسان خرج منها جماعة كثيرة من المحدثين يقال لها طالقان توفي عباد في هذه السنة‏.‏

عقيل بن محمد أبو الحسن الأحنف العكبري كان أديبًا شاعرًا مليح القول روى عنه أبو علي ابن شهاب ديوان شعره‏.‏

أنبأنا ابن ناصر أنبأنا الحسن بن أحمد قال‏:‏ أنشدني علي بن عبد الواحد للأحنف العكبري‏:‏ أقضى علي من الأجل عذل العذول إذا عذل‏.‏

وأشد من عذل العذو ** ل صدود ألف قد وصل‏.‏

وأشد من هذا وذا ** طلب النوال من السفل‏.‏

أنشدنا محمد بن ناصر الحافظ قال‏:‏ أنشدني الرئيس أبو الثناء علي بن أبي منصور الكاتب من أراد الملك والرا ** حة من هم طويل‏.‏

فليكن فردًا من النا ** س ويرضى بالقليل‏.‏

ويرى أن قليلًا نافعًا غير قليل‏.‏

ويرى بالحزم أن الحزم في ترك الفضول‏.‏

ويداوي مرض الوح ** دة بالصبر الجميل‏.‏

لا يماري أحدًا ما ** عاش في قال وقيل‏.‏

يلزم الصمت فإن الص ** مت تهذيب العقول‏.‏

يذر الكبر لأهليه ** ويرضى بالخمول‏.‏

أي عيش لأمرئ يصب ** ح في حال ذليل‏.‏

بين قصد وعدو ** ومدارة جهول‏.‏

واعتلال من صديق ** وتحن عن ملول‏.‏

واحتراس من ظنون ال ** سوء أو عذل عذول‏.‏

فإذا أكمل هذا كان في ملك جليل‏.‏

محمد بن عبد الله بن سكرة أبو الحسن الهاشمي من ولد علي بن المهتدي كان شاعرًا مطبوع القول‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا الخطيب قال‏:‏ أنشدني علي بن المحسن قال‏:‏ أنشدني أبو الحسن بن سكرة وكان قد دخل حمامًا وخرج وقد سرق مداسه فعاد إلى داره حافيًا وهو يقول‏:‏ إليك أذم حمام ابن موسى ** وإن فاق المنى طيبا وحرا‏.‏

تكاثرت اللصوص علي حتى ** ليحفى من يطيف به ويعرا‏.‏

ولم أفقد به ثوبًا ولكن ** دخلت محمدًا وخرجت بشرا‏.‏

ومن أشعاره في القاضي أبي السائب‏.‏

إن شئت أن تبصر أعجوبة ** من جور أحكام أبي السائب‏.‏

فاعمد من الليل إلى صرة ** وقرر الأمر مع الحاجب‏.‏

حتى ترى مروان يقضي له ** على علي بن أبي طالب‏.‏

توفي ابن سكرة في ربيع الأول من هذه السنة‏.‏

أبو عمر الأصبهاني حدث عن شيوخ أصبهان وكان ثقة مأمونًا وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

يوسف بن عمر بن مسرور أبو الفتح القواس ولد سنة ثلثمائة سمع البغوي وابن داود وابن صاعد وغيرهم روى عنه الخلال والعشاري والتنوخي وغيرهم وكان ثقة صالحًا زاهدًا صدوقًا وكان يقال له أنه من الأبدال وأنه مجاب الدعوة قال الدارقطني‏:‏ كنا نتبرك بيوسف القواس وهو صبي توفي يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب‏.‏

يوسف بن أبي سعيد السيرافي يكنى أبا محمد كان نحويًا وتمم شرح أبيه لكتاب سيبويه وكان يرجع إلى علم ودين وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وله خمس وخمسون سنة‏.‏

 ثم دخلت ست وثمانين وثلثمائة

ومن الحوادث فيها أن أهل البصرة في شهر المحرم ادعوا أنهم كشفوا عن قبر عتيق فوجدوا فيه ميتًا طريًا بثيابه وسيفه وأنه الزبير بن العولم فأخرجوه وكفنوه ودفنوه بالمربد بين الدربين وبنى عليه الأثير أبو المسك عنبر بناء وجعل الموضع مسجدًا ونقلت إليه القناديل والآلات والحصر والسمادات وأقيم فبه قوام وحفظة ووقف عليه وقوفًا‏.‏

وفي يوم الأحد ثاني شوال خلع القادر بالله على أبي الحسن أبن حاجب النعمان وأظهر أمره في كتابه له‏.‏

وفي هذه السنة قلد ابو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن المهتدي بالله الصلاة في جامع المنصور وأبو بكر التمام بن محمد بن هارون بن المطلب الصلاة في جامع الرصافة‏.‏

وفي هذه السنة حج بالناس أبو عبد الله بن العلوي وحمل أبو النجم بدر بن حسنوية وكان أمير الجبل خمسة آلاف دينار من وجوه القوافل من الخراسانية لتدفع إلى الأصيفرعوضًا عما كان يجبى له من الحاج في كل سنة وجعل ذلك رسمًا زاد فيه من بعد حتى بلغ تسعة آلاف دينار ومائتي دينار وواصل حمل ذلك إلى حين وفاته‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه أبو حامد بن أبي إسحاق المزكى النيسابوري سمع ابا العباس الأصم وطبقته وورد بغداد وكتب عن إسماعيل بن محمد الصفار وخرج إلى مكة فسمع أبا سعيد أبن الأعرابي ورجع إلى نيسابور ولم يزل معروفًا بالعبادة من زمن الصبي إلى أن توفي روى عنه محمد بن المظفر الحافظ والأزهري والقاضي أبو العلاء وغيرهم‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن الحافظ قال‏:‏ أخبرني محمد بن علي المقرىء عن الحاكم أبي عبد الله النيسابوري قال‏:‏ توفي أبو حامد أحمد بن إبراهيم المزكى ليلة الإثنين الثالث عشر من شعبان سنة ست وثمانين وكان مولده سنة ثلاث وعشرين وصام الدهر تسعًا وعشرين سنة وعندي أن الملك لم يكتب عليه خطيئة وحدثني أبو عبد الله بن إبي إسحاق أنه رأى أخاه أبا حامد في المنام في نعمة وراحة وصفها فسأله عن حاله فقال لقد أنعم علي فإن أردت اللحوق بي فالزم ما كنت عليه‏.‏

عبد الله بن أحمد بن مالك أبو محمد البيع سمع أبا بكر بن أبي داود وغيره روى عنه العتيقي والعشاري وكان ثقة وتوفي في جمادى علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان بن إبراهيم أبو إسحاق الحميري ويعرف‏:‏ بالسكري وبالصيرفي وبالكيال وبالحربي‏.‏

ولد سنة ست وتسعين ومائتين وسمع أحمد بن عبد الجبار الصوفي الطبري والأزهري والعتيقي والتنوخي وأول سماعه في سنة ثلاث وثلثمائة وسمع الباغذي والبغوي وخلقًا كثيرًا وروى عنه أبو الطيب وقال الأزهري‏:‏ هو صدوق ولكن بعض أهل الحديث قرأ عليه ما لم يكن سماعه وأما هو في نفسه فثقة وقد طعن فيه البرقاني ذهب بصره في عمره وتوفي في شوال هذه السنة

محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي حدث عن علي بن أحمد المصيصي وأبي بكر المفيد وغيرها روى عنه عبد العزيز بن علي الأزجي وغيره وكان من الزهاد المتعبدين‏.‏

قال العتيقي‏:‏ كان رجلًا صالحًا مجتهدًا صنف كتابًا سماه ‏"‏ قوت القلوب ‏"‏ وذكر فيه أحاديث لاأصل لها وكان يعظ الناس في الجامع ببغداد‏.‏

أنبأنا علي بن عبيد الله عن أبي محمد التميمي قال‏:‏ دخل عبد الصمد على أبي طالب المكي فيا ليل كم فيك من متعة ويا صبح ليتك لم تقترب‏.‏

فخرج عبد الصمد مغضبًا‏:‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ قال لي أبو طاهر محمد بن علي العلاف كان أبو طالب المكي من أهل الجبل ونشأ بمكة ودخل البصرة بعد وفاة أبي الحسن بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه من مجاس الوعظ فخلط في كلامه وحفظ عنه انه قال ليس على المخلوقين أضر من الخالق فبدعه الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك‏.‏

سمعت شيخنا أبا القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي يقول سمعت شيخنا أبا علي محمد أبن أحمد بن المسلمة يقول‏:‏ سمعت شيخنا أبا القاسم بن بشران يقول دخلت على شيخنا أبي طالب المكي‏:‏ وقت وفاته فقلت له أوصني فقال إذا علمت أنه قد ختم لي بخير فإذا أخرجت جنازتي فانثر علي سكرًا ولوزًا وقل هذا للحاذق فقلت‏:‏ من أين أعلم قال‏:‏ خذ يدي وقت وفاتي فإذا أنا قبضت بيدي على يدك فاعلم أنه قد ختم الله بخير وإذا أنا لم أقبض على يدك وسيبت يدك من يدي فاعلم أنه لم يختم لي بخير‏.‏

قال شيخنا أبو القاسم‏:‏ فقعدت عنده فلما كان عند وفاته قبض على يدي قبضًا شديدًا فلما أخرجت جنازته نثرت عليه سكرًا ولوزًا وقلت هذا للحاذق كما أمرني‏.‏

توفي أبو طالب في نزار بن معد أبو تميم ويكنى أبا منصور وهو صاحب مصر العزيز ولد بالقيروان وولي إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر و أياما وكان قد ولي عيسى بن نسطورس النصراني واستناب بالشام يهوديًا يعرف بميشا فاستولى أهل هاتين الملتين على المسلمين فكتبت امرأة إلى العزيز بالذي أعز اليهود بميشا والنصارى بعيسى بن نسطورس وأذل المسلمين بك إلا نظرت في أمري فقبض على اليهودي والنصراني وأخذ من عيسى ثلثمائة ألف دينار توفي في رمضان هذه السنة وعمره اثنتان وأربعون سنة‏.‏بنت عضد الدولة‏.‏

التي كانت زوجة الطائع لله توفيت يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم وحملت تركتها إلى بهاء الدولة وكان فيها جوهر كثير‏.‏

 ثم دخلت سنة سبع وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها أن فخر الدولة أيو الحسن علي بن ركن الدولة توفي بالري فرتب ولده رستم في الأمر بعده وهو يومئذ أبن أربع سنين وأخذت له البيعة على الجند وحطت الأموال في الزبل للتفرقة على الجند‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

جعفر بن محمد بن الفضل بن عبد الله أبو القاسم الدقاق ابن المارستاني ولد ببغداد سنة ثمان وثلثمائة ثم سافر ثم قدم بغداد من مصر وحدث عن أبي بكر بن مجاهد روى عنه الخلال وابن المذهب لكن الدار قطني والصوري يكذبانه وتوفي في هذه السنة‏.‏

الحسن بن عبد الله بن سعيد أبو أحمد العسكري الراوية العلامة صاحب الفضل العزيز والتصنيف الحسن الكثير في الأدب واللغة والأمثال وكان يميل إلى المعتزلة‏.‏

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ أخبرنا أبو زكريا يحبى بن علي التبريزي قال‏:‏ حكى لنا أبو عبد الله الحسن بن محمد بن الحسن الحلواني قال‏:‏ حدثني أبو الحسن علي بن المظفر بن بدر البندنيجي قال‏:‏ كنت اقرأ بالبصرة على الشيوخ فلما دخلت سنة تسع وسبعين بلغني حياة أبي أحمد العسكري فقصدته فقرأت عليه فوصل فخر الدولة والصاحب ابن عباد فبينا نحن جلوس نقرأ عليه وصل إليه ركابي ومعه رقعة ففضها وقرأها وكتب على ظهرها جوابها فقلت له‏:‏ أيها الشيخ ما هذا الرقعة فقال رقعة الصاحب كتب إلي‏:‏ ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ضعفنا فما نقوى على الوخدان أتيناكم من بعد أرض نزوركم فكم منزل بكر لنا وعوان نناشدكم هل من قرى لنزيلكم بطول جوار لا بملء جفان‏.‏

قلت فما كتبت في جوابه قال كتبت‏:‏ أروم نهوضًا ثم يثني عزيمتي قعود وإعضائي من الرجفان فضمنت بنت ابن الرشيد كأنما تعمد تشبيهي به وعناني أهم بأمر الحزم لو أستطيعه وقد حيل بين العنز والنزوان ثم نهض وقال‏:‏ لابد من الحمل على النفس فإن الصاحب لا يقنعه هذا فركب بغلة فلم يتمكن مالي أرى القبة الفيحاء مقفلة دوني وقد طال ما استفتحت مقفلها‏.‏

كأنها جنة الفردوس معرضة وليس لي عمل زاك فادخلها‏.‏

قال‏:‏ فناداه الصاحب أدخلها أبا أحمد فلك السابقة الأولى فنبادر أصحابه إليه فحملوه حتى جلس بين يديه عن مسألة فقال أبو أحمد‏!‏ الخبير صادفت‏.‏

فقال الصاحب‏:‏ يا أبا أحمد تغرب في كل شيء حتى في المثل فقال‏:‏ تفائلته عن السقوط بحضرة مولانا وإنما كلام العرب على الخبير سقطت توفي أبو أحمد يوم التروية من هذه السنة‏.‏

الحسين بن أحمد بن محمد أبو عبد الله الريحاني البصري سكن بغداد وحدث عن البغوي وابن صاعد والمحاملي‏.‏

روى عنه الخلال والعتيقي وقال‏:‏ كان له أصول صحاح جياد فخرج له أبو بكر بن إسماعيل عشرة أجزاء وكان ثقة وتوفي في هذه السنة‏.‏

الحسين بن محمد بن سليمان أبو عبد الله الكاتب ولد سنة اثنتين وثلثمائة حدث عن البغوي وابن صاعد وأبي بكر النيسابوري وابن الأنباري روى عنه الأزهري والصيرمي والعتيقي وكان صدوقًا ثقة يسكن مدينة المنصور توفي في هذه السنة‏.‏

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد بن مهران أبو القاسم الشاهد ابن الثلاج حلواني الأصل حدث عن البغوي وابن أبي داود وبن صاعد روى عنه الصيرمي والتنوخي والأزهري والعتيقي وغيرهم‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني التنوخي قال‏:‏ قال لنا ابن الثلاج ما باع أحد من سلفينا ثلجًا قط وإنما كانوا بحلوان وكان جدي مترفًا فكان يجمع له في كل سنة ثلج كثير لنفسه فاجتاز الموفق أو غيره من الخلفاء فطلب ثلجًا فلم يوجد إلا عند جدي وأهدى إليه منه فوقع منه موقعًا لطيفًا وطلبه منه أيامًا كثيرة طول مقامه وكان يحمله إليه فقال اطلبوا عبد الله الثلاج واطلبوا ثلجًا من عند عبد الله الثلاج فعرف بالثلاج وغلب عليه فقال المصنف وقد ضعفه المحدثون منهم الدارقطني ونسبوه إلى أنه يركب الأسانيد ويضع الحديث على الرجال‏.‏

أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني الأزهري قال‏:‏ كان أبو القاسم ابن الثلاج مخلطًا أخبرنا القزاز أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثني أحمد بن محمد العتيقي قال‏:‏ ذكر أبو عبد الله بن بكير أن أبا سعد الإدريسي لما قدم بغداد قال لأصحاب الحديث‏:‏ إن كان ها هنا شيخ له جموع وفوائد فأفيدوني عنه فدلوه على أبي القاسم ابن الثلاج فلما اجتمع معه أخرج إليه جمعة لحديث قبض العلم وأنا فيه حدثني أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي فقال الإدريسي‏:‏ أين سمعت من هذا الشيخ فقال‏:‏ هذا شيخ قدم علينا حاجًا فسمعنا منه فقال أيها الشيخ‏:‏ أنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي وهذا حديثي ووالله ما رأيتك ولا اجتمعت مع أبي سعد الإدريسي فحدثني بهذه القصة كما حدثني بها ابن بكير عنه توفي ابن الثلاج في ربيع الأول من هذه السنة فجأة‏.‏

عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان أبو عبد الله العكبري ابن بطة ولد يوم الاثنين لأربع خلون من شوال سنة أربع وثلثمائة وسمع أبا القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وأبا بكر النيسابوري وخلقًا كثيرًا وسافر البلاد البعيدة في طلب العلم روى عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس والأجزي والبرمكي وغيرهم وأثنى عليه العلماء الأكابر‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني القاضي أبو أحمد بن محمد الدلوي قال‏:‏ لما رجع أبو عبد الله بن بطة من الرحلة لازم بيته سنة فلم ير منها في الأسواق ولا روئي مفرطًا إلا في يومي الأضحى والفطر وكان أمارًا بالمعروف ولم يبلغه خبرًا منكرًا إلا غيره أو كما قال‏.‏

أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا العتيقي قال‏:‏ كان ابن بطة شيخًا صالحًا مستجاب الدعوة أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي قال لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة‏.‏

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال‏:‏ سمعت أخي عبد الله الحسين بن علي يقول‏:‏ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله‏:‏ قد اختلفت علينا المذاهب فبمن نقتدي فقال لي عليك بأبي عبد الله بن بطة فلما أصبحت لبست ثيابي واصعدت إلى عكبرا فدخلت إليه فلما رآني تبسم وقال لي‏:‏ صدق رسول الله صدق رسول الله صدق رسول الله رسول الله يقولها ثلاثًا‏.‏

قال المصنف‏:‏ وقد تعصب له الخطيب بعد أن نقل عن مشائخه الأكابر مدحه فغمزه بأشياء منها أنه قال كتب إلي أبو ذر عبد بن أحمد الهروي من مكة يذكر أنه سمع نصر الأندلسي يقول‏:‏ خرجنا إلى عكبرا فكتبت عن ابن بطة كتاب السنن لرجاء بن مرجي عن حفص بن عمر الأربيلي عن رجاء فأخبرت الدارقطني فقال‏:‏ هذا محال دخل رجاء بغداد سنة أربعين ودخل حفص سنة خمسين ومائتين فكيف سمع منه‏.‏

قال الخطيب‏:‏ وحدثني عبد الواحد الأسدي أنه لما أنكر الدارقطني هذا تتبع ابن بطة النسخ التي كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن أبي الراجيان عن فتح بن شخرف عن رجاء وجواب هذا أن أبا ذر كان من الأشاعرة المبغضين وهو أول من دخل الحرم مذهب الأشعري ولا يقبل جرحه لحنبلي يعتقد كفره وأما عبد الواحد الأسدي فهو ابن برهان وكان معتزليًا قال الخطيب‏:‏ كان ابن برهان يذكر أنه سمع من ابن بطة ولم يرو شيئًا وإنما كانت له معرفة بالنحو واللغة وقال ابن عقيل كمان ابن برهان يختار مذهب مرجئة المعتزلة وينفي الخلود في حق الكفار ويقول دوام العقاب في حق لا يجوز عليه التشفي لا وجه له مع ما قد وصف به نفسه من الرحمة وهذا إنما يوجد في الشاهد لما يعتري الغضبان من طلب الانتقام وهذا يستحيل في حقه قال ابن عقيل‏:‏ وهذا كلام نرده على قائله ما قد ذكره ة ذلك أنه أخذ صفات الباري تعالى من صفات الشاهد وذكر أن المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم طلبًا للانتقام وأوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد في حقه سبحانه التشفي والشاهد يرد عليه ما ذكره لأن المانع من التشفي غلبة الرحمة والرأفة وكلاهما رفعه طبع وليس الباري بهذا الوصف ولا رحمته وغضبه من أوصاف المخلوقين بشيء وهذا الذي ذكره من عدم التشفي وفورة الغضب كما يمنع دخوله عليه من الدوام يمنع من دخوله ووصفه ينبغي بهذه الطريقة أن يمنع أصل الوعيد ويحيله في حقه سبحانه كسائر المستحيلات عليه ولا يختلف نفس وجودها ودوامها فلا أفسد اعتقادًا ممن أخذ صفات الله من صفاتنا وقاس أفعاله على أفعالنا قال المصنف‏:‏ فمن كان اعتقاده يخالف اجماع المسلمين فهو خارج عن الإسلام فكيف يقبل قوله وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني‏:‏ كان ابن برهان يميل إلى المرد الملاح ويقبلهم وروى الخطيب عن أبي القاسم التنوخي قال أراد أبي أن يخرجني من عكبرا لأسمع من ابن بطة كتاب المعجم للبغوي فجاءه أبو عبد الله بن بكير وقال له لا تفعل فإن ابن بطة لم يسمع المعجم من البغوي وجواب هذا من ثلاثة أوجه أحدهما أن التنوخي كان معتزليًا يميل إلى الرفض فكيف يقبل قوله في سني والثاني أن هذه الشهادة على نفي فمن أين له أنه لم يسمع وإذا قال ابن بطة سمعت فالاثبات مقدم والثالث من أين له أنه إن كان لم يسمع أنهيرويه فمن الجائز أنه لو مضى إليه قال له ليس بسماعي وإنما أرويه إجازة فما أبله هذا الطاعن بهذا إنما وجه الطعن أن يقول قد رواه وليس بسماعه قال الخطيب وحدثني أبو الفضل ابن خيرون قال‏:‏ رأيت كتاب ابن بطة بمعجم البغوي في نسخة كانت لغيره قد حك سماع وكتب سماعه عليها قال‏:‏ انظر إلى طعن المحدثين أتراه إذا حصلت للإنسان نسخة فحك اسم صاحبها وكتب سماع نفسه وهي سماعه أيوجب هذا طعنًا ومن أين له أنه لم يعارض بهذا أصل سماعه ولقد قرأت بخط أبي القاسم ابن الفراء أخي القاضي أبي يعلى قال قابلت أصل ابن بطة بالمعجم فرأيت سماعه في كل جزء إلا أني لم أر الجزء الثالث أصلًا‏.‏وأخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري عن أبي عبد الله بن بطة قال‏:‏ كان لأبي بغداد شركاء وفيهم رجل يعرف بأبي بكر فقال لأبي ابعث إلى بغداد ابنك ليسمع الحديث فقال ابني صغير فقال أنا أحمله معي فحملني إلى بغداد فجئت إلى ابن منيع وهو يقرأ عليه الحديث فقال لي بعضهم‏:‏ سل الشيخ يخرج إليك معجمه فسألت ابنه أو ابن بنته فقال‏:‏ إنه يريد دراهم فأعطيناه ثم قرأنا عليه كتاب المعجم في نفر خاص في مدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر وذلك في سنة خمس عشرة أو ست عشرة واذكره وقد قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني في سنة أربع وعشرين مائتين فقال المستملي‏:‏ خذوا هذا قبل أن يولد كل مولود على وجه الأرض‏.‏

وسمعت المستملي وهو أبو عبد الله بن مهران يقول له‏:‏ من ذكرت يا ثلث الإسلام‏.‏

قال المصنف‏:‏ فإذا كان ابن بطة يقول سمعت المعجم وقد ثبت صدقه وروى سماعه يدفع هذا بنفي فيقال ما سمع فالقادح بهذا لا يخلو إما أن يكون قليل الدين أو قليل الفهم فيكون ما رآه حاضرًا مع طبقته فينفي عنه السماع قال الخطيب وحدثني عبد الواحد بن برهان قال قال لي محمد بن أبي الفوارس روى ابن بطة عن البغوي عن مصعب عن مالك عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ طلب العلم فريضة على كل مسلم ‏"‏ قال الخطيب‏:‏ هذا باطل من حديث مالك والحمل فيه على ابن بطة‏.‏

قال المصنف‏:‏ وجواب هذا من وجهين أحدهما أن هذا لا يصح عن برهان قال شيخنا أبو محمد عبد الله بن علي المقريء شاهدت بخط الشيخ أبي القاسم بن برهان وكان الخط بيد الشيخ أبي الكرم النحوي بما حكاه عني أحمد بن ثابت الخطيب من القدح في الشيخ الزاهد أبي عبد الله بن بطة لا أصل له وهو شيخي وعنه أخذت العلم في البداية والثاني أنه لو صح فقد ذكرنا القدح في ابن برهان فيقال حينئذ للخطيب لم قبلت قول من يعتقد مذهب المعتزلة وإن الكفار لا يخلدون فيخرج بذلك إلى الكفر بخرقه الإجماع فيمن شهدت له بالسفر الطويل وطلب العلم وحكيت عن العلماء أنه الصالح المجاب الدعوة أفلا تستحي من الله أن تجعل الحمل عليه في حديث ذكره عنه ابن برهان ولا تجعل الحمل على ابن برهان نعوذ بالله من الهوى توفي عبد الله بن بطة بعكبرا في محرم هذه السنة‏.‏

علي بن عبد العزيز بن مردك حدث عن عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره وكان أحد الباعة الكبار ببغداد فترك الدنيا ولزم المسجد واشتغل بالعبادة وأريد على الشهادة فامتنع وتوفي في محرم هذه السنة‏.‏

علي بن محمد بن أحمد بن شوكر أبو الحسن المعدل سمع البغوي وابن صاعد روى عنه الخلال والتنوخي وكان ثقة كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني توفي في هذه السنة‏.‏

علي أبو الحسن الملقب فخر الدولة بن أبي علي ركن الدولة بن بويه أقطعه أبوه بلدانًا وكان في ملك فلما توفي أخوه مؤيد الدولة كتب إليه الصاحب ابن عباد يأمره بالإسراع فأسرع وملك مكان أخيه واستوزر الصاحب وكان شجاعًا ولقبه الطائع بفلك الأمة وتوفي في شعبان هذه السنة وكانت إمارته ثلاث عشرة سنة وعشرة أشهر وسبعة وعشرين يومًا وكان عمره ستًا وأربعين سنة وخمسة أيام وكان حين اشتد مرضه قد أصعد به إلى قلعة فبقي فيها أيامًا يعلل ثم مات وكانت الخزائن مغلقة مختومة وقد جعلت مفاتيحها في كيس من حديد وسمره وحصلت عند ولده رستم فلم يوجد له في ليلة وفاته ما يكفن فيه وتعذر النزول إلى البلد لشدة شغب وقع بين الجند فابتيع من قيم الجامع الذي تحت القلعة ثوب ولف فيه وكان قد أراح لتشاغل الناس باختلاف الجند فلم يمكنهم لذلك القرب منه ولا مباشرة دفنه فشد بالحبال وجر على درج القلعة من بعد حتى تقطع وكان يقول في حياته قد جمعت من الأموال لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة إذا لم يكن لهم إلا من الحاصل وكان قد ترك ألفي دينار وثمانمائة ألف وخمسة وسبعين ألفًا ومائتين وأربعة وثمانين دينارًا وكان في خزانته من الجوهر واليواقيت واللؤلؤ والبلخش أربع عشرة ألف ألف دينار ومن أواني الذهب ما وزنه ألف ألف دينار ومن أواني الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف ألف ومن الثياب ثلاثة آلاف حمل وخزانة السلاح ألفا حمل وخزانة الفرش ألف وخمسمائة‏.‏

محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس بن إسماعيل أبو الحسين الواعظ ابن سمعون ولد سنة ثلثمائة وروى عن عبد الله بن أبي داود السجستاني ومحمد بن مخلد الدوري وخلق كثير‏.‏

وأملى الحديث وكان يعظ الناس ويقال له‏:‏ الناطق بالحكمة وله كلام حسن وتدقيق في باب المعاملات وكانت له فراسة وكرامات‏.‏

فحكى أن الرصاص الزاهد كان يقبل رجل ابن سمعون دائمًا فلا يمنعه فقيل له في ذلك فقال‏:‏ كان في داري صبية خرج في رجلها الشوكة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي‏:‏ قل لابن سمعون يضع رجله عليها فإنها تبرأ‏.‏

فلما كان من الغد بكرت إليه فرأيته قد لبس ثيابه فسلمت عليه فقال‏:‏ بسم الله‏.‏

فقلت‏:‏ لعل له حاجة أمضي معه وأعرض عليه في الطريق حاجتي في حديث الصبية فجاء إلى داري فقال‏:‏ بسم الله فدخلت وأخرجت الصبية إليه وقد طرحت عليها شيئًا فترك رجله عليها وانصرف وقامت الجارية معافاة فانا أقبل رجله أبدًا‏.‏

أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ حدثني رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن قال‏:‏ حدثني أبو طاهر - محمد بن علي بن العلاف قال‏:‏ حضرت أبا الحسين بن سمعون يومًا في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم وكان أبو الفتح القواس جالسًا إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس ونام فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه فقال له أبو الحسين‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومك قال‏:‏ نعم فقال أبو الحسين لذلك أمسكت عن الكلام خوفًا أن تنزعج وتنقطع ما كنت فيه‏.‏

قال‏:‏ حدثني رئيس الرؤساء قال‏:‏ حكى لي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي قال‏:‏ حكى دجى مولى الطائع لله قال‏:‏ أمرني الطائع أن أوجه إلى ابن سمعون فأحضره دار الخلافة ورأيت الطائع على صفة من الغضب وكان ذا حدة فبعثت إلى ابن سمعون وأنا مشغول القلب لأجله فلما حضر أعلمت الطائع حضوره فجلس مجلسه وأذن له في الدخول فدخل وسلم عليه بالخلافة ثم أخذ في وعظه فأول ما ابتدأ به أن قال‏:‏ روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر خبرًا وأحاديث بعده ثم قال‏:‏ روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وذكر عنه خبرًا ولم يزل يجري في ميدان الوعظ حتى بكى الطائع لله وسمع شهيقه وابتل منديل بين يديه بدموعه وأمسك ابن سمعون حينئذ ودفع إلي الطائع درجًا فيه طيب وغيره فدفعته إليه وانصرف وعدت إلى حضرة الطائع فقلت‏:‏ يا مولاي رأيتك على صفة شديدة من الغضب على ابن سمعون ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره فما السبب فقال‏:‏ رفع إلي عنه أنه يتنقص بعلي بن أبي طالب فأحببت أن أتيقن عند حضوره لأقابله عليه إن صح منه فلما حضر بين يدي افتتح كلامه بذكر علي بن أبي طالب والصلاة عليه وأعاد وأبدأ في ذلك وقد كان له مندوحة في الرواية عن غيره وترك الابتداء به فعلمت لما وقف لما تزول به عنه الظنة وتبرأ ساحته عندي ولعله كوشف بذلك أو كما قال وقد ذكرنا لابن سمعون قصة مع عضد الدولة قد سبقت‏.‏

أخبرنا أبو المعمر الأنصاري أخبرنا محفوظ بن أحمد قال‏:‏ قال لنا أبو علي الحسن بن غالب الحربي سمعت أبا سعد أحمد بن المنازل البزاز يقول‏:‏ سمعت عمي محمد بن أحمد يقول‏:‏ رأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في جامع الخليفة وإلى جانبه رجل متكهل فسألت عنه فقيل‏:‏ هو عيسى بن مريم وهو يقول للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أليس من أمتي الأحبار أليس من أمتي الرهبان أليس من أمتي أصحاب الصوامع فدخل أبو الحسين بن سمعون الواعظ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ في أمتك مثل هذا فسكت وانتبهت‏.‏

وحكى ابن الهمذاني أن ابن سمعون ذكر على كرسيه في ليلة النصف من شعبان الحلواء وكانت مزنة جارية أبي سعيد الصائغ حاضرة وهو تاجر مشهور بكثرة المال ومنزلة بدرب رياح فلما أمسى أتاه غلام ومعه خمسمائة خشكنًا فكة فكسر واحدة فوجد فيها دينارًا فكسر الجميع وأخرج الدنانير وحملها بنفسه إلى أبي سعيد الصائغ وقال‏:‏ قد جئتك في سبب وأريد أن يكون جوابك قبول قولي وأن لا تنكر على أهل الدار وأخبره بالدنانير فقال له أبو سعيد‏:‏ أعيذك بالله أن يحضر مجلسك من فيه ريبة والله ما تركت المرأة الدنانير إلا بحضرتي وتساعدنا جميعًا على هذا الفعل‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال‏:‏ سنة سبع وثمانين وثلثمائة توفي فيها أبو الحسين ابن سمعون يوم النصف من ذي القعدة وكان ثقة مأمونًا‏.‏

قال ابن ثابت وذكر لي غير العتيقي أنه توفي يوم الخميس الرابع عشر من ذي القعدة ودفن بداره بشارع العتابيين فلم يزل هناك مدفونًا حتى نقل يوم الخميس الحادي عشر من رجب سنة ست وعشرين وأربعمائة فدفن بباب حرب‏.‏

قال المصنف‏:‏ صلي على ابن سمعون في جامع المنصور ثم دفن في داره سنين ثم أخرج إلى مقبرة أحمد وأكفانه لم تبل‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد أبو عمر الأنماطي المروزي قدم بغداد حاجًا في سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة وحدث بها عن أبي العباس الأصم وقد أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب حدثنا العتيقي عنه

محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن أبو الفتح الخواص أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ قال أبو بكر أحمد بن سليمان بن علي المقرئ كان هذا الخواص شيخًا فاضلًا حضر عند أبي إسحاق الطبري فسمعت منه‏.‏

محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال‏:‏ قال لي أبو طاهر حمزة بن محمد‏:‏ لم يكن الآدمي هذا صدوقًا في الحديث كان يسمع لنفسه في كتب لم يسمعها فسألت البرقاني عنه فقال‏:‏ ما علمت منه إلا خيرًا كان قديمًا غير أنه كان يطلق لسانه في الناس ويتكلم في ابن المظفر والدارقطني‏.‏

موسى بن عيسى بن عبد الله أبو القاسم السراج ولد سنة خمس وتسعين ومائتين‏.‏

سمع الباغندي وابن أبي داود وروى عنه الأزهري والعتيقي وكان ثقة مأمونًا توفي في محرم هذه السنة‏.‏

نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل أبو القاسم الساماني كان ملك خراسان وغزنة وما وراء النهر ولي وله ثلاثة عشر سنة فبقي واليًا إحدى وعشرين سنة وتسعة أشهر وتوفي في رجب هذه السنة فولي بعده ابنه أبو الحارث منصور فبقي سنة وتسعة أشهر ثم قبض عليه خواصه وأجلسوا أخاه عبد الملك فقصدهم محمود بن سبكتكين فكسرهم وهربوا منه إلى بخارى ثم أتاهم أيلك مظهرًا لنصرتهم فقبض عليهم وعلى جميع السامانية فى سنة تسع وثمانين وانقرض ملكهم وكان ملكهم مائة سنة وسنتين وشهورا‏.‏