فصل: ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها أنـه وصل الخبر يوم السبت خامس عشر جمادى الآخرة أن زنكي فتح الرها عنوة وقتل الكفار الذين فيها وذلك إنه نزل عليها على غفلة ونصب المجانيق ونقب سورها وطرح فيه الحطب والنـار فتهـدم ودخلهـا فحاربهـم ونصـر المسلمـون وغنمـوا الغنيمـة العظيمة وخلصوا أسارى مسلمين يزيدون على خمسمائة‏.‏

وظهر في عاشر شوال كوكب ذو ذنب من جانب المشرق بإزاء القبلة وبقي إلى نصف ذي القعدة ثم غاب ثلاث ليال ثم طلع من جانب المغرب فقيل أنه هو وقيل بل غيره‏.‏

 ذكر من توفي ذي هذه السنة من ألأكابر

إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر الكرخي الشافعي أبو البدر سكن الكرخ وسمع أبا الحسين ابن النقور وأبا محمد الصريفيني وخديجة الشاهجانية وغيرهم وتفقه على أبيه وعلى أيي إسحاق وأبي سعد المتولي وسماعه صحيح‏.‏وحدث وكان دينًا‏.‏

وتوفي ذي يوم الجمعة تاسع عشرين ربيع الأول من هذه السنة ودفن بباب حرب‏.‏

سعيد بن محمد بن عمر بن منصور ابن الرزاز أبومنصور الفقيه ولـد سنـة اثنتيـن وستيـن وسمـع الحديـث مـن أبـي محمـد التميمـي وأبـي الفضـل بـن خيـرون وغيرهما وحدث وكان سماعه صحيحًا‏.‏

وتفقه على أبي حامد الغزالي وأبي بكر الشاشي وأبي سعد المتولي وإلكيا الهراسي وأسعد الميهني وشهد عند أبي القاسـم الزينبـي وولـي تدريس النظامية ثم صرف عنها وعاش حتى صار رئيس الشافعية وكان له سمت ووقار وسكون‏.‏

وتوفي يوم الأربعاء بعد الظهر حادي عشر ذي القعدة من هذه السنة وصلى عليه ولده أبو سعد ودفن في تربة أبي اسحاق الشيرازي وحضر جنازته قاضي القضاة وأقيم في اليوم الثالث بحاجب من الديوان‏.‏

عبداللّه بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن حمدويه أبو المعالي البزاز من أهل مرو ولد سنة احدى وستين وأربعمائة ورحل إلى العراق والحجاز وسمع ببغداد من ثابت بن بندار وأبي منصور الخياط وأبي الحسن ابن العلاف وبأصبهان عن أصحاب أبي نعيم وبنيسابور من أبي بكر بن خلف وغيره وتفقه وكان حلو الكلام حسن المعاشرة كثير الصلاة والصيام والصدقة وسافر إلى غزنة وأقام بها مدة واشترى كتبًا كثيرة ورجع إلى مرو فبنـى خزانـة الكتـب فـي ربـاط بنـاه باسـم اصحاب الحديث وطلابه من خاصة ماله ووقف كتبه فيه‏.‏

توفي بمرو في ذي الحجة من هذه السنة‏.‏

عبد الرحمن بن محمد بن هندويه سبـط أبـي الفضـل الهمدانـي سمـع أبا الحسين بن الطيوري سنة احدى وخمسمائة وكان الحسين قد توفي سنة خمسمائة ويمكن أن يكون هذا في أول إختلاطه غير أن شيخنا أبا الفضل بن ناصر قال‏:‏ كان هذا قبل أن يختلط توفي ذي رجب ودفن بالشونيزية‏.‏

عمر بن إبراهيم بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو البركات الهاشمي عمـر بـن إبراهيـم بـن محمـد بـن أحمـد بـن علـي بـن الحسيـن بـن علـي بـن حمـزة بـن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو البركات الهاشمي‏:‏ ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة بالكوفة وسمع بها وببغداد وسافر إلى بلاد الشام فأقام بدمشق وحلب مدة وكتب الكثير وسمع من الخطيب وابن النقور وابن البسري وكان يسكن محلة يقال لها‏:‏ السبيع ويصلي بالناس في مسجد أبي اسحاق السبيعي وله معرفة بالحديث والفقه والتفسير واللغة والأدب وله تصانيف في النحو وكان خشن العيش صابرًا على الفقر وكـان يقـول‏:‏ دخل أبو عبد الله الصوري الكوفة فكتب عن أربعمائة شيخ وقدم علينا هبة الله بن المبارك السقطي فأفدته عن سبعين شيخًا من الكوفيين ومـا بالكوفـة اليـوم أحـد يـروي الحديث غيري‏.‏

عمر بن ابراهيم الكوفي جارودي المذهب فلا يرى الغسل عن الجنابة وقال يوسف بن محمد بن مقلد‏:‏ قرأت عليه عن عائشة فقلت‏:‏ رضي الله عنها فقال‏:‏ تدعو لعدوة علي توفي يوم الجمعة سابع شعبان هذه السنة وصلى عليه نحو الثلاثين ألفًا ودفن يوم السبت في المقبرة المسبلة المعروفة بالعلويين‏.‏

علي بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الكعكي المقريء أبوالحسن قرأ بالقرا آت على أبي الفضل بن خيرون وأبي محمد التميمي وغيرهما وسمع الحديث الكثير وتفقه على الشاشي إلا أنه اشتغل بالعمل مع السلطان وتوفي في ذي القعدة هذه السنة ودفن بمقبرة باب أبرز‏.‏

علي بن هبة الله بن عبد السلام أبوالحسن الكاتب البغدادي ولـد سنـة اثنتيـن وخمسين وأربعمائة وسمع ابن النقور والصريفيني وأبا القاسم الطبري وغيرهم‏.‏وكان حسن الاصول صحيح السماع وحدث بواسط وبغـداد وتوفـي يـوم الثلاثـاء سـادس رجـب وحضـر جنازته قاضي القضاة الزينبي وصاحب المخزن وأرباب الدولة محمد بن عبد الملك بن الحسن بن إبراهيم بن خيرون أبو منصور المقرىء ولد في رجب سنة أربع وخمسين وسمع أبا الحسين ابن المهتدي وأبا جعفر ابن المسلمة وابن المأمون وابن النقور والصريفيني والخطيب وغيرهم وقرأ القرآن بالقرا آت وصنف فيها كتبًا وأقرأ وحدث وكان ثقة وكان سماعه صحيحًا قال المصنف‏:‏ سمعت عليه الكثير وقرأت عليه وهو آخر من روى عن الجوهري بالإجازة‏.‏

توفي ليلة الإثنين سادس عشررجب من هذه السنة ودفن بباب حرب‏.‏

محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن المهتدي بالله أبو الحسن بن أبي الغنائم ولـد سنـة ثمـان وستيـن وسمـع أبـا نصـر الزينبـي وكـان خطيب جامع المنصور وتوفي في صفر هذه السنة‏.‏

 ثم دخلت سنة أربعين وخمسمائة

أنـه في جمادى الأخرة جلس يوسف الدمشقي للتدريس بالمدرسة التي بناها ابن الأبري بباب الأزج وحضر قاضي القضاة وصاحب المخزن وأرباب الدولة‏.‏

وفي يوم الأحد العشرين من رجب‏:‏ دخل السلطان مسعود بغداد وكان السبب أن بزبه سار من بلـاده إلـى أصبهـان متظاهـرًا بطاعـة السلطـان مسعـود وكتـب إلـى عبـاس صاحـب الـري بالوصول إليه فوصل إليه وكان مع بزبه محمد شاه بن محمود فاستشعر السلطان مسعود من اجتماعهما فقصد العراق فسار بزبه وعباس إلى همذان وتظاهرا بالعصيان واتصل بهما الملك سليمـان شـاه بـن محمد فخطبوا لمحمد شاه ولسليمان شاه وتوجهوا لحرب السلطان مسعود فلقيه سليمان شاه طائعًا وعاد بزبه إلى بلاده‏.‏

وفـي رمضـان‏:‏ خـرج السلطـان مسعـود من بغداد وكان علي بن دبيس ببغداد فخرج منها هاربًا وهـو صبي وكان السبب أن السلطان مسعود لما أراد الخروج من بغداد أشار مهلهل بحمل علي بـن د بيـس إلـى قلعـة تكريـت فعلـم فهـرب فـي خمسـة عشـر فارسـًا فقصـد النيـل ثـم مضـى إلـى الأزيـز وجمـع بنـي أسـد وسـاروا إلـى الحلـة وفيهـا أخـوه محمـد بن دبيس فتحاربا فنصر على محمد فانهزم محمـد وانهـزم جنده ثم أخذ وملك علي الحلة فاحتقر أمره فاستفحل فقصدهم مهلهل ومعه أمير الحـاج نظـر فـي عسكـر بغـداد فنصـر عليهـم وهزمهـم أقبـح هزيمـة وعـادوا مفلوليـن إلـى بغـداد فأسمعهـم وفي هذه السنة‏:‏ احترز الخليفة من أهله وأقاربه وضيق على الأمير أبي طالب‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أحمد بن محمد أبو سعد بن أبي الفضل البغدادي أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان أبو سعد بن أبي الفضل البغدادي‏:‏ بغـدادي الأصـل أصبهـان ي المولـد والمنشـأ ولد سنة ثلاث وستين وسمع الكثير وحدث بالكثير وكان على طريقة السلف الصالح صحيح العقيدة حلو الشمائل مطرحًا للتكلف فربما خـرج مـن بيتـه إلـى السـوق وعلـى رأسه قلنسوة طاقية وربما قعد بين الناس مؤتزرًا أو ربما أملى وقد خلع وكان يستعمل السنة مهما قدر حتى إنه رجع مرة من الحج فاستقبله خلق كثير من أهل أصبهان فسار بسيرهم حتى إذا قارب البلد حرك فرسه وسبقهم فسئل عن ذلك فقال‏:‏ أردت استعمـال السنة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى جدران المدينة أوضع راحلته‏.‏

وحج إحدى عشرة حجة وأملى بمكة والمدينة وكان يصوم في الحر وورد مرارًا إلى بغداد وسمعت منه الكثير ورأيت أخرقه اللطيفة ومحاسنه الجميلة وكان فـي كـل مـرة إذا ودع أهـل بغداد يقول‏:‏ في نفسي الرجوع ولست بآيس فحج سنة تسعع وثلانين وخمسمائة ورجع‏.‏

فتوفي بنهاوند في ربيع الأول سنة أربعين وحمل إلى أصبهان فدفن بها‏.‏

أحمد بن علي بن محمد أبو الحسين الدامغاني ولد قاضي القضاة أبي الحسن‏.‏

سمع الحديث من أبي طلحة النعالي وطراد وغيرهما وولي القضاة بالجانب الغربي وباب الأزج

وتوفي في جمادى الآخرة من هذه النسة ودفن إلى جانب أبيه بنهر القلائين‏.‏

بهروز بن عبدالله أبو الحسن الخادم الأبيض الغياثي كان يلقب بمجاهد الدين ولي العراق نيفًا وثلاثين سنة وعمر دار السلطان وسد البثق وكان ابـن عقيـل يقـول‏:‏ مـا رأيـت مثـل مناقضـة بهـروز فإنـه منـع أن يجتمـع فـي السفينة النساء والرجال وجمع بينهم في الماخور وتوفي في رجب ودفن برباطه المستجد بشاطىء دجلة المعروف برباط الخدم‏.‏

الحسين بن الحسن بن عبدالله سمع أبا عبدالله الدامغاني وأبا القاسم البسري وقـرأ بالقـرا آت علـى أبـي الخطـاب الصوفـي وكان ثقة دينًا حدث وأقرأ وقضى‏.‏

وتوفـي يـوم الأربعاء ثامن عشرين جمادى الآخرة ودفن في المقبرة الخيزرانية قريبًا من قبر الهيتي وحضره قاضي القضاة الزينبي وخلق من الأكابر‏.‏

علي بن أحمد بن الحسين بن أحمد أبو الحسين اليزدي سكن قراح ظفر وتفقه على أبي بكر الشاشي وسمع الحديث الكثير وروى وكان له قميص وعمامة بينه وبين أخيه إذا خرج هذا قعد هذا‏.‏

موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي أبومنصور بن أبي طاهر ولد في ذي الحجة سنة خمس وستين ونشأ بباب المراتب وسمع الحديث الكثيـر مـن أبـي القاسـم ابن البسري وأبي طاهر بن أبي الصقر وأبي الحسين وغيرهم‏.‏

وحدث وقرأ على أبي زكريـاء سبـع عشـرة سنـة فانتهـى إليـه علـم اللغـة فأقرأهـا ودرس العربيـة فـي النظامية بعد أبي زكريا مـدة فلمـا ولـي المقتفي اختص بإمامة الخليفة وكان المقتفي يقرأ عليه شيثًا من الكتب وكان غزير الفضل متواضعًا في ملبسه ورياسته طويل الصمت لا يقول الشـيء إلا بعـد التحقيـق والفكـر الطويل وكثيرًا ما كان يقول‏:‏ لا أدري وكان مـن أهـل السنـة وسمعـت منـه كثيـرًا مـن الحديـث وغريب الحديث وقرأت عليه كتابه المعرب وغيره من تصانيفه وقطعة من اللغة‏.‏

وتوفـي سحرة يوم الأحد منتصف محرم وحضر للصلاة عليه الأكابر كقاضي القضاة الزينبي وهو صلى عليه وصاحب المخزن وجماعة أرباب الدولة والعلماء والفقهاء ودفن بباب حرب عند والده‏.‏

المبارك بن علي بن عبد العزيز السمذي أبو المكارم الخباز ولد سنة إحدى وخمسين وسمع الصريفيني وأبا القاسم بن البسري وغيرهما وكـان سماعـه صحيحًا وتوفي يوم عاشوراء ودفن بباب أبرز‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه في ليلـة الإثنيـن مستهـل ربيـع الأخـر وقـع الحريـق فـي القصـر الـذي بنـاه المسترشـد فـي البستـان الـذي على مسناة باب الغربة وكان تلك الليلة قد اجتمع الخليفة بخاتون فيـه وجمعـوا مـن الأوانـي والأثـاث والـزي كـل طريـف وعزمـوا على المقام فيه ثلاثة أيام فما أحسوا إلا والنار قد لفحتهم من أعلى القصر وكانوا نيامًا في أعلاه وكان السبب أن جارية كانت بيدها شمعة فعلقت بأطراف الخيش فأصبح الخليفة فأخرج المحبوسين وتصدق بأشياء‏.‏

وفي ثالث جمادى الأخرة‏:‏ خلع على ابن المرخم خلعة سوداء وطيف به في الأسواق فقلد أنقضاء يحضـر مـن أي صقـع شـاء وليـس علـى يـده يـد وكـان مطيلسـًا بغيـر حنـك ثـم تـرك الطيلسان‏.‏

ووصـل الخبـر يـوم الثلاثـاء خامـس عشـر ربيع الآخر بأن ثلاثة من خدم زنكي الخواص قتلوه وقام بالأمر ابنه غازي في الموصل وأكبر الولاية وكان ابنه محمود في حلب‏.‏

وفي رجب‏:‏ دخل السلطان مسعود إلى بغداد وعمل دار ضرب فقبض الخليفة على ضراب كان سبب إقامة دار الضرب لمسعود فنفذ الشحنة فقبض على حاجب الباب ابن الصاحب وعلـى أربعـة أنفـس خـواص وقـال لا أسلمهـم حتـى يخلوا صاحبي كان ذلك يوم الجمعة تاسع عشر شعبـان فنفـذ الخليفـة فأخـرج مـن فـي الجامـع وغلقـه وأمـر بغلـق المساجد فبقيت ثلاثة أيام كذلك ثم تقدمـوا بفتحهـا ولـم يسلـم لهـم الضراب وأطلق حاجب الباب يوم الخميس خامس عشرين شعبان وتوفي نقيب النقباء محمد بن طراد فولي النقابة أبو أحمد طلحة بن علي الزينبي‏.‏

واستشعر السلطان مسعود من سليمان شاه فراسل الأمير عباسا واستصلحه فلما تم ذلك قبـض علـى سليمان شاه وحمله إلى القلعة وحضر عباس من خدمته السلطان بالري وسلمها ثم اجتمع الأمراء عند مسعود ببغداد فتكلموا على عباس فقتل وخطب ابن العبادي بجامع القصر في رمضان فاجتمع خلق لا يحصى‏.‏

وفـي شـوال توفيت بنت الخليفة وقع عليها حائط أو سقف فماتت فحملت إلى الرصافة ومعها الوزيـر وأربـاب الدولـة واشتد الحزن عليها وكانت قد بلغت مبلغ النساء وجلس للعزاء بها ثلاثة أيـام ولبسـوا الثيـاب البيـض واجتمعوا في اليوم الثاني في الترب للتعزية وكان في الجماعة قاضي القضاة الزينبي ومعه صهره أبو نصرخواجا أحمد نظام الملك وهو يومئذ مدرس النظامية فجاء أستـاذ الـدار ابـن رئيـس الرؤسـاء ليجلـس بيـن قاضـي القضـاة وبيـن الأميـر أبـي نصر فمنعه فتناوشوا فكتـب أستـاذ الـدار يشكـو فخـرج الأمـر بإنهـاء أبي نصر وأخرجه من دار الخلافة فأخرج من بيته ماشيًا إلى باب النوبي‏.‏وفي يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة‏:‏ جلس ابن العبادي الواعظ بجامع السلطان وحضر

عنـده السلطـان مسعـود فوعظـه وعـرض بذكر حـق البيـع وذكر ما يجري على المسلمين من ذلك ثم قال له يا سلطان العالم أنت تهب مثله لمطرب ومغن بقدر هذا المأخوذ من المسلمين تهبه لي وتحسبنـي ذلـك المطـرب واتركـه للمسلميـن وافعله‏.‏

شكرًا لما أنعم الله به عليك من بلوغ الأغراض فأشار بيده إني قد فعلت فارتفعت الضجة بالدعاء له ونودي في البلد بإسقاطه وولي ابن الصيقل حجبة الباب وخلع على نقيب النقباء خلع النقابة وانتشر جراد عظيم وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكس في الأسواق وضربت بين يديها الدبادب والبوقات‏.‏

وفيها‏:‏ حج الوزير نظام الديـن أبـو المظفـر بـن علـي بـن جهيـر وحججـت أنـا ومعـي الزوجـة والأطفال وكنت أرى الوزير في طريق مكة متواضعًا وقد عاد له أبو نصر الكرخي وخرج في هذه السنة التشرينان وكانون الأول ولم يأت مطر إِلا قطرات لا تبل الأرض وأشرفت المواشي على العطب من قلة العشب وظهر بالناس علة انتفاخ الحلق فمـات بـه خلـق كثيـر وغارت المياه من الأنهار والأبار‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

أبو نصر الحديثي المعدل تفقه على الشيخ أبي إسحاق وسمع الحديث وكان من أوائل شهود الزينبي توفي يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة وحضر الزينبي والأعيان‏.‏

إسماعيل بن أحمد بن محمود بن دوست أبو البركات بن أبي سعد الصوفي ولد سنة خمس وستين وسمع الحديث من أبي القاسم الأنماطي وأبي نصر الزينبي وطراد وأبـي محمـد التميمـي وغيرهـم وحـدث وتوفـي فـي جمـادى الأولـى ودفـن إلى جانب الزوزني وعمل له عرس كما تقول الصوفية في عاشر جمادى الآخرة واجتمع مشايخ الربط وأرباب الدولـة والعلماء فاغترموا على ما قيل على المأكول والمشروب والحلوى ثلثماثة دينار‏.‏زنكي بن أقسنقر كان أمير الشام وذكرنا من أحواله فيما تقدم قتله بعـض سلاحيتـه وقيـل‏:‏ قتلـه ثلاثـة مـن غلمانه وكان محاصرًا قلعة جعبر سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد أبو الحسن المغربي الأندلسي الأنصاري سافر من بلاد الأندلس إلى بلاد الصين وركب البحر وقاسى الشدائد ثم دخل بغداد وتفقه على أبي حامد الغزالي وسمع الحديث من طراد وابن النظر وثابت وخلق كثير وقد سمع من شيوخ خراسان وقرأ الأدب على أبي زكريا وحصل كتبًا نفيسة وحدث وقرأت عليه الكثير وكان ثقة صحيح السماع وتوفي يوم السبت عاشر محرم هذه السنة وصلى عليه الغزنـوي بجامـع القصـر وكـان وصيـه وحضر قاضي القضاة الزينبي والأعيان ودفن إلى جانب قبر عبدالله بن محمد بوصية منه‏.‏

شافع بن عبد الرشيد بن القاسم بن عبدالله الجيلي من أهل جيلان تفقه على إلكيا الهراسي ثم رحل إلى أبي حامد الغزالي فتفقه عليه وكان فقيهًا فاضلًا يسكن كرخ بغداد وكان له حلقة للفقه بجامع المنصور في الرواق وكنت أحضر حلقته وأنا صبي فألقي المسائل توفي في محرم هذه السنة‏.‏

عبد الله بن علي أبو محمد المقرىء سبط أبي منصور الزاهد عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله أبو محمد المقرىء سبط أبي منصور الزاهد ولد ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من شعبان سنة أربع وستين وأربعمائة وتلقن القرآن من شيخه أبي الحسـن ابن الفاعوس‏.‏

وسمع الحديث من ابن النقور وأبي منصور بن عبد العزيز وطراد وثابت وغيرهم‏.‏

وقرأ بالقرا آت على جده وعبـد القاهـر العباسـي وأبـي طاهـر بـن سـوار وثابـت وغيرهم وقرأ الأدب علي أبي الكرم بن فاخر وسمع الكتب الكبار وصنف كتبًا في القرا آت وقصائـد وأم فـي المسجـد منـذ سنـة سبـع وثمانيـن إلـى أن توفـي وقـرأ عليـه الخلق الكثير وختم ما لا يحصى وكان أكابر العلماء وأهل البلد يقصدونه وقـرأت عليـه القـرا آت والحديـث الكثيـر ولـم أسمع قارئًا قط أطيب صوتًا منه ولا أحسن إذا صلى كبر سنة وجمع الكتب الحسان وكان كثير التلاوة وكان لطيف الأخلاق ظاهر الكياسة والظرافة حسن المعاشرة للعوام والخواص‏.‏

وتوفـي بكـرة الإثنيـن ثامـن عشـر ربيـع الأخـر مـن هـذه السنة في غرفته التي بمسجده فحط تابوته بالحبال من سطح المسجد وأخرج إلى جامع القصر وصلى عليه عبد القادر وكان الناس في الجامع أكثر من يوم الجمعة ثم صلي عليه في جامع المنصور وقد رأيت أيام جماعة من الأكابر فما رأيت أكثر جمعًا من جمعه كان تقدير الناس من نهر معلى إلى قبر أحمد وغلقت الأسواق ودفن في دكة الإمام أحمد بن حنبل عند جده أبي منصور عبد المحسن بن غنيمة بن أحمد بن فاحة أبو نصر المقرىء توفي في محرم هذه السنة ودفن بباب حرب‏.‏

عباس شحنة الري كان قد مال إلى بعض السلاطين فاستصلحه مسعود وأحضره فحضر وخدم وسلم الري إلى السلطان ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد وقالوا‏:‏ ما بقي لنا عدو سوى عباس فاستدعي عباس إلى دار المملكة يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة وقتل في دار السلطان ورمي ببدنه إلى تحت الدار فبكى الخلق عليه لأنه كان يفعـل الجميـل وكانـت لـه صدقـات وحكي أنه ما شرب الخمر قط ولا زنى وأنه قتل من الباطنية ألوفًا كثيرة فبنى من رؤوسهم منارة ثم حمل فدفن في المشهد المقابل لدار السلطان‏.‏

محمد بن محمد بن أحمد ابن السلال أبو عبد الله الوراق ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة وسمع ابن المسلمة وابـن المأمـون وجابـر بـن ياسيـن وتفـرد بالرواية عن أبي علي محمد بن وشـاح الزينبـي وأبـي الحسـن ابـن البيضـاوي وأبـي بكـر بـن سيـاؤوس وسمعـت منـه‏.‏

وكـان شيخنـا ابـن ناصر لا يرضى عنه في باب الدين وقال شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي سمعت السلال المعروف في الكرخ بالتشيع‏.‏

محمد بن طراد بن محمد بن علي أبو الحسن بن أبي الفوارس الزينبي نقيـب الهاشمييـن‏.‏

وهـو أخـو الوزيـر علي بن طراد ولد سنة اثنتين وستين وسمع الكثير من أبيه وعمه أبي نصر ومن أبي القاسم ابن البسري وغيرهم وحدث وتوفي في ثالث عشرين شعبان من هذه السنة‏.‏

محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى أبو هاشم الساوي قاضي ساوة ولد سنة ثلاث وسبعين وسمع الكثير وتفقه وناظر ووعظ توفي في ربيع الأول من هذه السنة بساوة‏.‏

وجيه بن طاهر بن محمد بن محمد أبو بكر الشحامي أخو أبي القاسم زاهر بن طاهر‏.‏

من أهل نيسابور من بيت الحديث وكان يعرف طرفًا من الحديـث ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة وسمعه أبوه الكثير ورحل بنفسه إلى بغداد وهراة وسمع الكثير وكان شيخًا صالحًا صدوقًا صالحًا حسن السيرة منـور الوجـه والشيبـة سريـع الدمعة كثير الذكر ولي منه إجازة بمسموعاته ومجموعاته توفي في جمادى الأخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة الحسين إلى جنب أخيه ووالده‏.‏

 ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

فمن الحوالث فيها‏:‏ أنـه عـزل ابـن مهدويـه عـن كتابة الزمام وولي مكانه أبو المظفر يحيى بن محمد هبيرة وورد الخبر أن بزبه راسل شحنة أصبهان فاستماله ورحل إليها ومعه محمد شاه والسلطان مسعود مقيمـًا بهمـذان وعساكـره قليلـة فأرسـل إلـى عساكـر آذربيجـان فتأخـروا فسـار بزبه من أصبهان سيرًا يمهل فيـه فلمـا قاربهـا وصلـت عساكرآذربيجـان إلـى السلطـان وكـان بزبـه قـد جـاء جريـدة فـي خمسـة آلاف فـارس فضـرب علـى عسكر السلطان فكسر الميمنة والميسرة وكان مسعود قد تأخرعن المصاف في ألف فارس وكان عسكرة آلاف فاشتغل عكسر بزبه بالنهب والقتل فجاء مسعود فحمل عليهم فالتقى هو فكبت الفرس ببزبه فوقع فجيء به إلى مسعود فقطع نصفين وجيء برأسه فعلـق بـإزاء الخلافـة وعلقـت بغـداد واستولـى خـاص بـك علـى دولـة السلطان مسعود فأهلك جماعة وفـي صفـر‏:‏ شـاع أن رجـلًا رأى فـي المنام أنه من زار قبرأحمد بن حنبل غفر له فما بقي خاص ولا عام إلا وزار وعقدت يومئذ مجلسًا فحضر ألوف لا يحصون‏.‏

وعزل أبو نصر بن جهير في ربيع الأول من هذه السنة عن الوزارة وسكن بالدار التي بناها بشاطىء دجلة بباب الأزج وهي التي آل أمرها إلى أن صارت لجهة الإمام المستضيء بأمر الله فوقفتها مدرسة لأصحاب أحمد بن حنبل وسلمتها إلي فدرست فيها سنة سبعين‏.‏

وفـي ربيـع الآخـر‏:‏ منـع الغزنـوي مـن الجلـوس فـي جامـع القصـر ورفـع كرسيـه وفـي جمـادى الأولـى‏:‏ ولـي الـوزارة أبـو القاسـم علـي بـن صدقة بن علي بن صدقة نقلًا عن المخزن إليها فدخل إلى المقتفي ومعه قاضي القضاة الزينبي وأستاذ الدار وجملة من الخواص وقلده الوزارة شفاها وخلع عليه ومضى إلى الديوان يوم السبت ثالث عشر جماى الأولى وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده‏.‏

وفي هـذا الشهـر‏:‏ أذن للغزنـوي فـي العـود إلـى الجلـوس بالجامـع وقـدم ابـن العبـادي برسالـة السلطـان إلـى الخليفـة بتوليـة الأميـر أبـي المظفر فخرج الخلق للقائه ولم يبق سوى الوزير وقبل العتبة ومضى إلى رباط الغزنوي‏.‏

وفي يوم السبت الثالث والعشرين من جماى الآخرة‏:‏ ولي يحيى بن جعفر المخزن ولقب زعيم الدين وورد سلار كرد إلى شحنة بغداد ومعه مكتوب من السلطان مسعود إليه وإلى العساكر

بمساعدتـه علـى أخـذ البلاد الزيدية من علي بن دبيس وتسليمها إليه فخرجوا في رجب والتقوا فاقتتلوا واندفع علي بن دبيس إلى ناحية واسط ثم قصد العراق ثم عاد فملك الحلة‏.‏

وفـي يـوم الأربعـاء سابـع عشـر شـوال‏:‏ جلـس أبـو الوفاء يحيى بن سعيد المعروف بابن المرخم في داره بدرب الشاكرية في الدست الكامل وسمع البينة وحضر مجلسه شهود بغداد والمديرون والوكـلاء واستقـر جلوسه في كل يوم أربعاء وأخذ على عادة كانت للقاضي الهروي‏.‏

وكان أبو الوفاء بئس الحاكم يأخذ الرشا ويبطل الحقوق‏.‏وتزايدت الأسعار حتى بلغ الكر الشعير أربعين دينارًا والحنطة ثمانين فنادى الشحنة أن لاتباع الكـارة الدقيـق إلا بدينار فهرب الناس وغلقوا الدكاكين وعدم الخبز أربعة أيام فبقي الأمر كذلك شهرًا ثم تراخى السعر‏.‏

وفـي رمضـان هـرب إسماعيل بـن المستظهـر أخـو الخليفـة مـن داره إلى ظاهر البلد وبقي يومين نقب من الموضع وأخرج بزي المشائية على رأسه سلة وبيده قدح على وجه التفرج فانزعج البلد فخشي أن يعود فاختبأ عند قوم بباب الأزج فأعلموا به فجاء أستاذ الدار وحاجب الباب وخدم فردوه وحج الناس ولم يزوروا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرًا من قلة الماء‏.‏

أحمد بن عبد اللّه بن علي بن عبد الله أبو الحسن الآبنوسي الوكيل ولد سنة ست وستين وسمع أبا القاسم ابن البسري وعاصمًا وأبا الغنائم ابن أبي عثمان وأبا محمد التميمي وأبا بكر الشامي في خلق كثير وتفقه على أبي الفضل الهمذاني وأبي القاسم الزنجاني وصحب شيخنأ أبا الحسن ابن الزاغونـي فحملـه علـى السنـة بعـد أن كـان معتزليًا وكانت له اليد الحسنة في المذهب والخلاف والفرائض والحساب والشروط وكان ثقة مصنفًا على سنن السلف والتقشف وسبيل أهل السنة في الإعتقآد وكان ينابذ من أصحاب الشافعـي مـن يخالـف ذلـك مـن المتكلميـن وكان يخلو بالأذكار والأوراد من بكرة إلى وقت الظهر ثم يقرأ عليه بعد الظهر‏.‏

وتوفي سحرة يوم الخميس ثامن ذي الحجة ودفن بمقبرة الشونيزية عند أبيه‏.‏

أحمد بن علي بن عبد الواحد أبو بكر الدلال ابن الأشقر ولد سنة سبع وخمسين سمع أبا الحسين ابن المهتدي وأبا محمد الصريفني وغيرهما وحدث عنهم وكان سماعه صحيحًا وكان خيرًا‏.‏

أحمد بن محمد بن محمد أبوالمعالي ابن البسر البخاري سمع من أبيه الحديث وتفقه عليه وسمع من غيره وأفتى وناظر وأملى الحديث وكان حسن السيرة وهو من بيت الحديث والعلم‏.‏

وتوفي بسرخس في جمادى هذه السنة وحمل إلى مرو ثم حمل إلى بخارى فدفن بها‏.‏

أسعد بن عبد الله أبو منصور أسعـد بـن عبـد اللـه بـن أحمـد بـن محمـد بـن عبـد اللـه بـن عبـد الصمد بن المهتدي بالله أبو منصور‏:‏ ولد سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وأربعمائة وسمع من طراد وطاهر بن الحسين وكـان النـاس يثنـون عليـه الخيـر وينسبونـه إلـى الصلـاح وقـال‏:‏ حملونـي إلى أبي الحسن القزويني فمسح يـده علـى رأسـي فمـذ ذلـك الوقـت إلـى الآن أكثر من تسعين سنة ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صداع ورأيته أنا بعد هذا السن الكبير يمشي منتصب القامة وتوفي في رمضان هذه السنة ودفن في مقبرة جامع المنصور مقابل سكة الخرقي دعوان بن علي بن حماد بن صدقة الجبي أبو محمد الضرير ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة بجبة وهي قرية عند العقر في طريق خراسان سمع الحديث من أبي محمد التميمي وابن النظر وابن السـراج وثابـت وغيرهـم وقـرأ بالقـرا آت علـى عبـد القاهر وأبي طاهر ابن سوار وثابت وغيرهم وتفقه على أبي سعد المخرمي وكان متعبدًا للخلاف بين يديه وحدث وأقرأ وانتفع به الناس وكان ثقة دينًا ذا ستر وصيانة وعفاف وطريق محمودة على سبيل السلف الصالح وتوفي يوم الأحد سادس عشرين ذي القعدة ودفن بمقبرة أبي بكرغلام الخلال‏.‏

وكتـب إِلـي عبـد اللـه الجبائـي الشيـخ الصالـح قـال‏:‏ رأيـت دعـوان بن علي بعد موته بنحو شهر في المنام وكأن عليه ثيابًا بيضًا شديدة البياض وعمامة بيضاء مضي إلى الجامع لصلاة الجمعـة فأخـذت يـده اليسرى بيدي اليمني ومضينا فلما بلغنا إلى حائط الجامع قلت له يا سيدي إيش لقيت فقال لي عرضت على الله خمسين مرة فقال لي إيش عملت فقلت قرأت القرآن وأقرأته فقـال لـي‏:‏ أنـا أتولاك أنا أتولاك أتولاك قال عبد الله فأصابني الوجد وصحت آه وضربت بيدي اليمني حائط الجامع ثلاث مرات أتأوه وأضرب الحائط بكتفي ثم استيقظت طاهر بن سعيد بن أبي سعيد بن أبي الخير الهيتي أبوالقاسم شيـخ ربـاط البسطامـي وكـان مقدمـًا فـي الصوفيـة رأيتـه ظاهـر الوقـار والسكـون والصمـت وتوفي يـوم الإثنيـن ثانـي عشـر ربيـع الـأول فجـاءة ودفـن فـي مقبـرة الجنيـد وقعـدوا للعـزاء بـه فنفـذ إليهـم من الديوان من أقامهم عبد السيد بن علي بن محمد بن الطيب أبو جعفر ابن الزيتوني تفقه على أبي الوفاء بن عقيل ثم انتقل عن المذهب واتصل بالزينبي وقرأ عليه مذهب أبي حنيفـة وعلـى خلـف الضرير الكلام وصار متكلمًا داعيًا في الاعتزال ثم اشتغل بالإشراف على المارستان وتوفي في شوال ودفن بباب حرب‏.‏

عمر بن ظفر بن أحمد أبوحفص المقرىء ولـد سنـة إحـدى وستيـن وأربعمائـة وسمـع الكثيـر مـن ابن السراج وأبي غالب الباقلاوي وغيرهما وتوفي في شعبان هذه السنة وكان ثقة وله سمت المشايخ عمر بن أبي الحسن أبو سجاع البسطامي وغيرها وناظر ووعظ وكان مجموعًا حسنًا أنشد عمر في مجلس وعظه‏:‏

تعرضت الدنيا بلذة مطعم ** ورونق موشى من اللبس رائق

أرادت سفاها أن تمـوه قبحهـا ** علي وكم خاضت بحلو الدقائق

فـلا تخدعينا بالسراب فإننا ** قتلنا نهابـا فـي طلـاب الحقائـق

فاطمة خاتون بنت السلطان محمد بن ملك شاه السلجوقي زوجـة المقتفـي أميـر المؤمنين‏.‏

توفيت ببغداد في ربيع الأول وصلى عليها قاضي القضاة الزينبي فـي صحـن السلـام وحملـت فـي الزبـزب إلـى التـرب بالرصافة فدفنت قريبًا من قبر المستظهر داخل القبة‏.‏

محمد بن أحمد بن الحسن الطرائفي أبوعبد الله سمع من أبي جعفر ابن المسلمة كتاب صفة المنافق فحسب لم يوجد له سماع غيره وكانت له اجازات من ابن المسلمة وابن النقور وابن المهتدي وابن المأمون والخطيب فقرىء عليه عنهم وكان شيخًا صالحًا توفي غرة من الحجة من هذه السنة محمد بن المظفر محمد بن المظفر بن علي بن المسلمة أبو الحسن بن أبي الفتح بن أبي القاسم الوزير‏:‏ ولد سنة اربع وثمانين وسمع الحديث مـن أبـن السـراج وابـن العلـاف وغيرهمـا وروى وانـزوى وتصـوف وجعـل داره التـي فـي دار الخلافـة رباطـا للصوفية وتوفي في ليلة الجمعة تاسع رجب وحمل إلى جامع القصر وازيلت شقة من شباك المقصورة حتى ادخل التابوت وام للناس في الصلاة عليه أبو علي بن صدقة الوزير المسمى بالقوام ودفن قريبا من رباط الزوزني مقابل الجامع المبارك بن خيرون بن عبد الملك بن خيرون أبو السعود سمع ابا الفضل بن خيرون عم ابيه ومالكا البانياسي وابا طاهر الباقلاوي في آخرين وسماعه صحيح سمعت عليه وكان خيرًا وتوفي يوم السبت ثالث عشر المحرم ودفن بمقبرة باب حرب نصر الله بن محمد بن عبد القوي أبو الفتح اللاذقي المصيصي الشافعي نزيـل دمشـق ولـد باللاذقيـة سنـة ثمان وأربعين وأربعمائة وانتقل منها مع والده إلى صور فنشأ ثم انتقـل فـي سنـة ثمانيـن وأربعمائـة إلـى دمشـق تفقـه لحى ابي الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي بصور وسمـع بهـا منـه الحديـث ومـن أبـي بكـر الخطيـب وسـع ببغداد وبالأنباروكان بقية مشايخ الشام وكان هبة الله بن على بن محمد بن حمزة أبو السعادات العلوي النحوي الشجري ولد سنة خمسين وأربعمائة سمع من أبي الحسين ابن الطيوري وابن نبهان وغيرهما وقرأ على الشريـف ابـي المعمـر يحيـى بـن محمـد بـن طباطبا النحوي وامتد عمره فانتهى اليه علم النحو وكان يجلـس يـوم الجمعـة بجامـع المنصـور مكـان ثعلـب ناحيـة الربـاط يقرأعليـه وناب في النقابة بالكرخ ومتع جوارحه وعقله وتوفي يوم الخميس العشرين من رمضان وام الناس بالصلاة عليه أبو الحسن الغزنوي الواعظ ثم دفـن بـداره بالكـرخ‏.‏

أنشدنـي أبـو الغنائم الشروطي قال‏:‏ قال الشريف أبو السعادات ابن الشجري ما سمع في المدح أبلغ من شعر أبي نواس‏:‏

وامامـك الاعداء تطلبهم ** ووراءك القصـاد في الطلب

فـاذا سلبـت وقفته لهم ** فسلبـت ماتحـوي من السلب

قال وما سمعت في الذم أبلغ من بيت لمسكويه‏:‏ وما أنا الا المسك قد ضاع عندكم يضيـع وعنـد الأكرمين يضوع هبة الله بن أحمد بن علي بن سوار الدقاق ثم المقرىء الوكيل‏.‏

سمع الحديث من ابيه وقرأ عليه القراآت وسمع من ابي الغنائم ابن ابـي عثمـان وعاصـم وابـي طاهـر الكرخـي وغيرهـم وحـدث واقـرأ وكـان سماعه صحيحا وكان ثقة أمينًا وتوحد في علم الشروط وكتب المحاضر والسجلات وتوفي يوم الإثنين خامس عشر شوال ودفن بمقبرة معروف‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ أنه وصل الخبر بان ملوك الافرنج وهم ثلاثة انفس وصلوا إلى بيت المقدس وصلوا صلاة الموت وانحـدروا إلـى عكـة وفرقـوا الامـوال فـي العساكـر فكـان تقديـر ما فرقوا سبعمائة ألف دينار وعزموا على قصـد المسلميـن فلمـا سمـع المسلمـون بقصدهـم اياهـم جمعـوا الغلـة والتبـن ولـم يتركـوا فـي الرساتيـق شيئـًا ولـم يعلـم أهـل دمشـق أن القصـد لهم بل ظنوا انهم يقصدون قلعتين كانتا بقرب دمشق فلما كان يوم السبت سادس ربيع الاول لم يشعروا بهم إلا وهم على باب دمشق وكانوا في أربعة آلاف لابس وستة آلاف فـارس وستيـن ألـف راجـل فخـرج إليهـم المسلمـون وقاتلـوا فكانـت الرجالـة التـي خرجـت إليهـم سـوى الفرسـان مائـة وثلاثيـن الفـا فقتـل مـن المسلمين نحو مائتين فلما كان في اليوم الثاني خرج الناس إليهم وقتل من المسلمين جماعة وقتل من الافرنج ما لا يحصى فلما كان في اليوم الخامس وصل غازي بن زنكي في عشرين ألف فارس لنصرة صاحب دمشق ووصـل أولـاد غـازي إلـى بالـس فـي ثلاثين ألفا فقتلوا من القوم ما لا يحد وكان البكاء والعويل في البلـد وفـرش الرمـاد اياما واخرج مصحف عثمان إلى وسط الجامع واجتمع عليه الرجال والنساء والاطفال وكشفوا رؤوسهم ودعوا فاستجاب الله منهم فرحل أولثك وكان معهم قسيس طويل بلحية بيضاء فركب حمارا احمر وترك في حلقه صليبًا وفي حلق حماره صليبًا وأخذ في يلى صليبين وقال للافرنج‏:‏ اني قد وعدنى المسيح ان آخذ دمشق ولا يردني أحد فاجتمعوا حوله واقبل يطلب دمشق فلما رآه المْسلمون غاروا للاسلام وحملوا عليه بأجمعهم فقتلوه وقتلوا الحمار وأخذوا الصلبان فاحرقوها‏.‏

ووصلت الاخبار من معسكر السلطان أن الأمراء قد تغيرت على السلطان مسعود بسبب خاصة خاص بك ومعهم محمد شاه بن محمود فوصل الخبر في نصف ربيع الاول بوصولهم إلى شهرابان وانهزم الناس ونقل أهل بغداد رحالهم وهرب شحنة مسعود إلى قلعة تكريت وقطع الجسر وكان قد تولى عمل الجسر الغزنوي الواعظ وعمل له درابزينات من الجانبيـن ووسعـه وبعـث الخليفة بابن العبادي الواعظ رسولًا إلى العسكر فقال لهم‏:‏ أمير المؤمنين يقول لكم في أي شيء جئتم وما مقصودكم‏.‏

فان الناس قد انزعجوا بسبب مجيئكم فقالوا‏:‏ نحن عبيد هذه العتبة الشريفة وعبيد السلطان ومماليكه وما فارقنا السلطان إلأ خوفا من ابن البلنكرى فانه قد افنى الامراء فقتل عبد الرحمن بن طويرك وعباسا وبزبه وتتر وصلاح الدين وما عن النفس عوض إما نحن وإما هو وما نحن خوارج ولا عصاة وجئنا لنصلح امرنا مع السلطان‏.‏

وهـم ألبقـش وألدكـز وقيمـز وقرقـوت وأخـو طويـرك وألطرنطـاي وعلـي بن دبيس وابن تتر في اخريـن فدخلـوا بغـداد فـي ربيـع الـأول ثـم انبسطـوا فمـدوا أيديهـم إلـى مـا يختـص بالسلطـان وكبسـوا خانات باب الازج وأخذوا الغلة منها فثار عليهم أهل باب الأزج فقاتلوهم فبعث الخليفة إلى مسعـود يقـول لـه‏:‏ امـا الشحنـة الـذي مـن قبلك فقد هرب هو وأمير الحاج إلى تكريت وقد احاط العسكر بالبلد وما يمكنني ان اخذ عسكرًا لأجل العهد الذي بيننا فدبر الآن فقد بلغ السيل الزبا‏.‏

فكتب إليه قد برئت ذمة امير المؤمنين من العهد الذي بيننا وقد اذنت لك ان تجند عسكرًا وتحتـاط لنفسـك وللمسلميـن فجنـد واظهـر السرادقـات والخيـم وحفر الخنادق وسد العقود والعسكر ينهبون حوالي البلد ويأخذون غلات الناس وقسطوا على محال الجانب الغربي الأموال وخرجوا إلى الدجيل وأخذوا نساء الناس وبناتهم وجاءوا بهن إلى الخيم وجاءت زواريق فيها غلـة فلمـا بلغـت تحـت التـاج تقدم امير المؤمنين بأخذها فمنعهم الاتراك الذين يحفظونها فوقع القتال واتصلت الحرب وكان القتال تحت مدرسة موفق وخرج صبيان بغداد يقاتلون بالميازر الصوف والمقاليع وقتل جماعة من الفريقين فبعث اليهم الغزنوي الواعظ فقبح ما فعلوا وقال‏:‏ لو جاء الافرنـج لـم يفعلوا هذا أي ذنب لأهل القرى والرساتيق واستنقذ منهم المواشىِ وساقها إلى البلد فجاء المْاس فمن عرف شيئًا اخذه‏.‏

وفـي ثالـث جمـادى الاولـى‏:‏ قبـض الخليفـة علـى وزيـره ابـن صدقـة ورتـب نقيـب النقباء نائبًا ثم اطلق الوزير ابو القاسم إلى داره وقبض على الوزير ابي نصر بن جهير من الدار التي سكنها بباب الازج واحضر إلى دار استاذ الدار ماشيًا‏.‏

وفي ثامن عشرين جمادى الاولى‏:‏ جلس المقتفي في منظرة الحلبة واستعرض العسكر وحفرت الخنـادق ببغـداد ونـودي بلبـس العـوام السلـاح وان يمنعوا عن انفسهم وأموالهم وكان البقش نازلًا في دار تتر فلما مضى اليه الغزنوي رسولًا رحل الى ظاهر البلد تطييبًا لقلب الخليفة وانقطعت الحـرب فلمـا كانـت عشيـة الثلاثـاء سـادس جمـادى الآخرة بعث الخليفة ليلًا فغلق الباب الحديد من عقد السور مما يلي جامع السلطان وبنوا خلفه وسدوه سدًا قاطعًا وكان لألبقش في سوق السلطان مخزن فيه طعام ورحل فنهبه العوام فأصبح العسكر فرأو باب السور مسدودًا فركب منهم نحو ألف فارس وجاءوا إلى السور مما يلي باب الجعفرية ففتحوا فيه فتحات وصعدوا وبعثوا رجالًا فنقضوا البناء الذي خلف العقد وكسروا الباب الجليد واخذوا منه قطعًا وبعث البقـش رسـولًا إلـى الخليفـة‏:‏ لـأي شـيء سددتهـم فـي وجوهنـا وقد كنا نسترفق من سوق السلطان فلـم يلتفـت إلـى قولـه وخـرج قـوم مـن العـوام فقاتلـوا بـاب الاجمـة فاستجرهـم العسكـر فانهزمـوا بين يديه فأخذ بهم فركبوا السور ونزلوا يطلبون الخيمٍ وهناك كمين قد تكمن لهم فخرج عليهم فانهزموا فضربوهـم بالسيوف فقتلوا منهم نحوًا من خمسمائة ولم يتجاسر احد يخرج إلى القتلى فنادوهم تعالوا خذوا قتلاكم‏.‏

فلما جاءت عشية ذلك اليوم جاء الامراء فرموا انفسهم تحت الرقة بازاء التاج وقالوا ما كان هذا بعلمنـا وانمـا فعلـه اوبـاش لـم نأمرهـم بـه فعبـر اليهـم خـادم وقبـح فعلهـم وقـال‏:‏ انمـا كـان الذيـن قتلتـم نظارة فاعتذروا فلم يقبل عذرهم فأقاموا إلى الليل وقالوا‏:‏ نحن قيام على رؤرسنا ما نبرح أويأذن لنا امير المؤمنين ويعفو عن جرمنا فعبر إليهم الخادم وقـال‏:‏ أميـر المؤمنيـن يقـول انـا قـد عفـوت عنكـم فامضوا واستحلوا من أهل القتلى ثم تقدم باصلاح ثلم السور وخرج العوام بالدبادب والبوقات وجاء أهل المحال فعمـر وحفـر خندقـه واختلـف العسكر واجتمع البقش وابن دبيس والطرنطاي فساروا يطلبون الحلة واخذ الدكز الملك وطلب بلاده وسكن الناس‏.‏

وفي رجب وقع الغلاء والقحط ودخل أهل القرى والرساتيق إلى بغداد لكونهم نهبوا فهلكوا عريًا وجوعًا وتوفي قاضي القضاة الزينبي وتقلد القضاء أبو الحسـن علـي بـن أحمـد بـن علـي بـن محمـد الدامغانـي وخـرج لـه التوقيـع بالتقليـد وخلـع عليه فركب إلى جامع القصرفجلس فيه وقرأ ابن عبد العزيز الهاشمي عهده على كرسي نصب له‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

إبراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز الغنوي الرقي أبو اسحاق ولد في سنة تسع وخمسين وأربعمائة سمع أبا بكر الشاشي وأبا محمد التميمي وأبا محمد السراج وغيرهم وتفقه على أبي بكر الشامي وأبي حامد الغزالي وكتب كثيرًا من مصنفات الغزالي وقرأها عليه وصحبه كثيرًا‏.‏

قال المصنف‏:‏ ورأيته وله سمت وصمت ووقار وخشوع وروى كثيرًا وتوفي ليلة أحمد بن محمد أبو تمام ابن أبي العز ابن الخضر أحمد بن محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله أبو تمام ابن أبي العز المعروف بابن الخضر أخو أبي الفضل المختار البغدادي‏:‏ خرج من بغداد للتجارة ودخل ما رواه النهر وركب البحر إلى الهند وكثر ماله وهو حريص على الزيادة وقد سمع ابا جعفر ابن المسلمة وابا نصر الزينبي وغيرهما‏.‏

وتوفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة من هذه السنة بنيسابور ودفن بمقبرة الغرباء خلف الجامع وكان ولده نصرالله اذا سئل عن سن ابيه يقول كان له مائة وثلاث سنين‏.‏

صالح بن ضافع بن حاتم أبو المعالي صحب ابن عقيل وغيره وسمع أبا الحسين ابن الطيوري وأبا منصور الخياط وغيرهما وكان مـن المعدليـن فجـرت حالـة أوجبـت عزلـه عـن الشهـادة وتوفـي فـي رجـب هـذه السنـة ودفـن في دكة احمد بن حنبل على ابن عقيل

عبد الله بن الحسن بن قسامي أبو القاسم من أهل الحريم الطاهري ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة وسمع من أبي نصر الزينبي وأبي الغنائم بن أبي عثمان وثابت بن بندار وغيرهم‏.‏

وكان سماعه صحيحًا وكان صدوقًا فقيهًا مناظرًا وتوفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة ودفن بباب حرب عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ أبو المظفر سمع الحديث من النقيب وابن النظر وحمد وغيرهم وحدث بشيء يسير وصرف عن الشهادة فـي أيام المسترشد لسبب جرى ثم رد وعزل عنها في أيام المقتفي وتوفي في جمادى الآخرة ودفن بباب حرب‏.‏

علي بن الحسين أبو القاسم الأكمل علـي بـن الحسيـن بـن محمـد بن علي الزينبي أبو القاسم الأكمل بن أبي طالب نور الهدى بن أبي الحسن نظام الحضرتين ابن نقيب النقباء أبي القاسم ابن القاضي أبي تمام ولـد فـي نصف ربيع الأول من سنة سبعين وأربعمائة وسمع الحديث من أبيه أبي طالب وعمه طراد وأبي الخطاب بن النظر وأبي الحسن ابـن العلـاف وابـن بيـان وأبـي عبداللـه الحميـدي وغيرهم وسمعنا منه الحديث على شيخنا أبي بكر قاضـي المارستـان وأبـي القاسـم بـن السمرقندي وحدث وكان للمسترشد إليـه ميـل فوعـده النقابـة فاتفـق مـوت الدامغانـي فطلـب مكانـه فنالـه وكـان رئيسـًا مـا رأينـا وزيـرًا ولا صاحـب منصـب أوقـر منه ولا أحسن هيئة وسمتًا وصمتًا قل أن يسمع منه كلمة وطالت ولايته فأحكمه الزمان وخدم الراشد وناب في الوزارة ثم استوحش من الخليفة فخرج إلى الموصل فاسر هناك ووصل الراشد وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له‏:‏ اكتب خطك بابطال ما جرى وصحة امامتي فامتنع فتواعده زنكي وناله بشيء من العذاب ثـم أذن فـي قتلـه فدفـع اللـه عنـه ثـم بعـث مـن الديـوان لاستخلاصـه فجـيء به فبايع المقتفي ثم ناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه علي بن طراد إلى دار السلطان ثم ان المقتفي اعرض عنه بالكلية قـال المصنـف‏:‏ وقال لي النقيب الطاهر‏:‏ انه جاء إلي فقال‏:‏ يا ابن عم انظر ما يصنع معي فان الخليفة معرض عني فكتبت إلى المقتفي فاعاد الجواب بانه فعل كذا وكذا فعذرته وجعلت الذنـب لابـن عمـي ثـم جعـل ابـن المرخـم مناظـرًا لـه وناقضًا لما يبنيه والتوقيعات تصدر بمراضي ابن المرخـم ومسخطـات الزينبـي ولـم يبق إلا الاسم فمرض وتوفي سحرة الأربعاء يوم عيد النحر من هذه السنة وله ست وسبعون سنة وصلى عليه ابن عمه طلحة بن علي نقيب النقباء ونائب الـوزارة وكان الجمع كثيرًا جدًا ودفن في مشهد أبي حنيفة إلى جانب أبيه أبي طالب الزينبي وخلف جماعة من البنين ماتوا ما اظن أحدًا منهم عبر ثلاثين سنة‏.‏

قـال المصنـف رحمـه اللـه‏:‏ وحدثنـي أبو الحسن البراندسي عن بعض العدول أن رجلًا رأى قاضي القضاة في المنام فقال له‏:‏ ما فعل الله بك فقال‏:‏ غفر لي ثم أنشد‏:‏ وان امرءًا ينجو من النار بعدما تزود من اعمالها لسعيـد قال‏:‏ ثم قال لي‏:‏ امض إلى أبي عبد الله يعني ابن البيضاوي القاضي وهو ابن اخي قاضي القضاة وأحد أوصيائه فقل له لم تضيق صدر غصن وشهية يعني سراريه فقال الرجل وما عرفت أسماءهن قط فمضيت وقلت ما رأيت فقال‏:‏ سبحان الله كنا البارحة في السحر نتحدث في تقليل ما ينوبهن محمد بن علي البغدادي أبو غالب بن أبي الحسن ابن الداية المكبر سمع أبا جعفر بن المسلمة وتوفي في المحرم‏.‏

المبارك بن المبارك بن زوما أبو نصر الرفاء ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة قرأ القرآن على أبي بكر بن الدنف وسمع الحديث من أبي طالب بن يوسف وغيره وكان حنبليًا ثم انتقل فصار شافعيًا وتفقه على شيخنا الدينوري وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في تربة أبي اسحاق المبارك بن كامل ابن أبي غالب البغدادي أبوه الخفاف أبو بكر المفيد ولد سنة خمس وتسعين وأول سماعه في سنة ست وخمسمائة وقرأ القرآن بالقراآت وسمع أبا القاسم بن بيان وأبا علي بن نبهان وأبا الغنائم النرسي وخلقًا كثيرأ وما زال يسمع العالي والنازل ويتبع الاشياخ في الزوايا ويقل السماعات وفلو قيل انه سمع من ثلانة آلاف شيخ لما رد القائل‏.‏

وجالس الحفاظ وكتب بخطه الكثير وانتهت إليه معرفة المشايخ ومقدار ما سمعوا والاجازات لكثرة دربتـه فـي ذلـك وكـان قـد صحـب هزارسـب ومحمودا الأصبهان ي وغيرهما ممن يعنى بهذا الشأن فانتهى الامر في ذلك إِليه إلا أنه كان قليل التحقيق فيما ينقل من السماعات مجازفة منه لكونه يأخذ عن ذلك ثمنًا وكان فقيرًا إلى ما يأخذ وكان كثير التزوج والأولاد وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بالشونيزية‏.‏