فصل: وجه الحجاج محمد بن الأشعث إلى سجستان لحرب رتبيل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة ثمانين

فمن الحوادث فيها‏:‏

 سيل وقع بمكة

ذهب بالحاج وغرق بيوت مكة فسمي ذلك العام عام الجحاف لأنه جحف كل شيء مر به حتى أنه كان يأخذ الإبل عليها الحمولة والرجال والنساء ليس لأحد فيهم حيلة وبلغ السيل الركن وجاوزه‏.‏

وفي هذه السنة قطع المهلب نهر بلخ لقتال الكفار وصالحهم على فدية في قول الواقدي رحمه الله‏.‏

وفيها‏:‏

 وجه الحجاج محمد بن الأشعث إلى سجستان لحرب رتبيل

صاحب الترك وذلك أن الحجاج جهز عشرين ألفًا من أهل الكوفة وعشرين ألفًا من أهل البصرة وأعطى الناس أعطياتهم كملًا وأخذهم بالخيول الروائع والسلاح الكامل وأخذ يعرض الناس ولا يرى رجلًا تذكر منه شجاعة إلا أحسن معونته ثم بعث عليهم عبد الرحمن بن الأشعث فقدم بالجيش سجستان وصعد منبرها فقال‏:‏ إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم وأباد أجنادكم فإياكم أن يتخلف منكم رجل فتحل بنفسه العقوبة اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا مع الناس فعسكر الناس ووضعت لهم الأسواق وتهيأوا للحرب فبلغ ذلك رتبيل‏.‏

فكتب إلى عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين ويخبره أنه كان لذلك كارهًا وأنهم ألجأوه إلى قتالهم ويسأله الصلح ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج فلم يجبه وسار في الجنود إليه حتى دخل أول بلاده وأخذ رتبيل يضم جنده إليه ويدع له الأرض رستاقًا وحصنًا حصينًا وطفق ابن الأشعث كلما حوى بلدًا بعث إليه عاملًا وأعوانًا وجعل الأرصاد على العقاب والشعاب ووضع المسالح بكل مكان مخوف حتى إذا ملأ يديه من البقر والغنم والغنائم العظيمة حبس الناس عن الإيغال في أرض رتبيل وقال‏:‏ نكتفي بما قد أصبنا العام من بلادهم حتى نجيبها ونعرفها ثم نتعاطى في العام المقبل ما وراءها وفي ممتنع حصونهم ثم كتب إلى الحجاج بذلك‏.‏

وذكر بعض علماء السير في سبب تولية ابن الأشعث غير هذا فقال‏:‏ كان الحجاج قد وجه هميان بن علي السدوسي إلى كرمان وكان عاملًا على سجستان فكتب الحجاج عهد ابن الأشعث عليها وجهز إليها جيشًا أنفق عليه ألفي درهم سوى أعطياتهم وأمره بالإقدام على رتبيل‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ أغزى عبد الملك ابنه الوليد‏.‏

وفيها‏:‏

 حج بالناس أبان بن عثمان

وكان على المدينة وقيل‏:‏ بل سليمان بن عبد الملك وكان على العراق والمشرق كله الحجاج وعلى خراسان المهلب بن أبي صفرة من قبل الحجاج وعلى قضاء الكوفة أبو بردة وعلى قضاء البصرة موسى بن أنس‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة

واسمه يزيد بن مالك الجعفي أدرك علي بن أبي طالب وابن مسعود وعبد الله بن عمر وعدي بن حاتم والنعمان بن بشير في آخرين من الصحابة‏.‏

وكان عالمًا عابدًا زاهدًا ورث مائتي ألف درهم فأنفقها على الفقهاء والقراء‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا أبو حامد بن جبلة قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسحق قال‏:‏ حدثنا هناد قال‏:‏ حدثنا أبو معاوية قال‏:‏ حدثنا الأعمش قال‏:‏ ربما دخلنا على خيثمة فيخرج العسكر من تحت السرير عليها الخبيص والفالوذج فيقول‏:‏ ما أشتهيه كلوا أما إني ما جعلته إلا لكم‏.‏

وكان موسرًا وكان يصر الدراهم فإذا رأى الرجل من أصحابه متخرق القميص أو الرداء أو

به خلة تحينه فإذا خرج من الباب خرج هو من باب آخر حتى يلقى فيقول‏:‏ اشتر قميصًا اشتر

رداء اشتر حاجة كذا‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال‏:‏ حدثنا حمد بن أحمد الحداد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم أحمد بن

علي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مالك قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثني خلاد

بن أسلم قال‏:‏ حدثنا سعيد بن خيثم قال‏:‏ حدثنا محمد بن خالد الضبي قال‏:‏

لم نكن ندري كيف يقرأ خيثمة القرآن حتى مرض فثقل فجاءته امرأته فجلست بين يديه

فبكت فقال لها‏:‏ ما يبكيك الكوت لا بد منه فقالت له المرأة‏:‏ الرجال بعدك علي حرام

فقال لها خيثمة‏:‏ ما كل هذا أردت منك إنما كنت أخاف رجلًا واحدًا وهو أخي محمد بن

عبد الرحمن وهو رجل فاسق يتناول الشراب فكرهت أن يشرب في بيتي الشراب بعد أن القرآن يتلى فيه كل ثلاث‏.‏

قال عبد الله بن أحمد‏:‏ وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال‏:‏ وحدثنا معاوية بن هشام عن

سفيان عن رجل عن خيثمة أنه أوصى أن يدفن في مقبرة فقراء قومه‏.‏

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

ويكنى أبا جعفر وأمه أسماء بنت عميس‏.‏ولد بأرض الحبشة لما هاجر والداه إليها وقال‏:‏ أنا أحفظ حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمي فنعى لها أبي فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي وعيناه تهرايقان بالدموع حتى تقطر على لحيته ثم قال‏:‏ ‏(‏اللهم إن جعفر قد قدم إلي أحسن الثواب فأخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدًا من عبادك في ذريته‏)‏‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد الجوهري قال‏:‏ أخبرنا ابن حيوية قال‏:‏

أخبرنا ابن معروف قال‏:‏ أخبرنا ابن الفهم قال‏:‏ حدثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن

عبد الله الأسدي قال‏:‏ حدثنا سفيان الثوري عن منصور بن ربعي بن خراش عن عبد الله

بن شداد أن عليًا قال لعبد الله بن جعفر رضي الله عنهما‏:‏ ‏(‏ألا أعلمك كلمات لم أعلمهن حسنًا ولا حسينًا، إذا سألت الله مسألة فأردت أن تنجح فقل‏:‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم‏)‏‏.‏

أخبرنا ابن ناصر قال‏:‏ أخبرنا هبة الله بن أحمد الموصلي قال‏:‏ أخبرنا عبد الملك بن محمد بن

بشران قال‏:‏ حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن محمد بن أحمد

النخعي قال‏:‏ حدثنا داود بن الهيثم عن أبيه عن إسحاق بن عبد الله بن جعفر قال‏:‏

جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر فقالت له‏:‏ يا سيدي وهبت لي بعض جاراتي بيضة

فحضنتها تحت ثديي حتى خرجت فروجة فغذوتها بأطيب الطعام حتى بلغت وقد ذبحتها

وشويتها وكفنتاه برقاقتين وجعلت لله علي أن أدفنها في أكرم بقعة في الأرض ولا أعلم والله بقعة أكرم من بطنك فكلها‏.‏

فقال‏:‏ يا بديح خذها منها وامض فانظر إلى الدار التي هي فيها فإن كانت لها فاشتر لها ما حولها من الدور وإن لم تكن لها فاشترها واشتر لها ما حولها‏.‏

فذهب ثم رجع فقال‏:‏ قد اشتريت الدار لها وما حواليها فقال‏:‏ احمل لها على ثلاثين بعير

حنطة وشعيرًا وأرزًا وزبيبًا وتمرًا ودراهم ودنانير‏.‏

قالت العجوز‏:‏ لا تسرف إن الله لا يحب المسرفين‏.‏

قال النخعي‏:‏ وأخبرني داود بن الهيثم عن أبيه عن جده عن اسحاق‏:‏ أن أعرابيًا أتى عبد

الله بن جعفر وهو محموم فأنشأ يقول‏:‏

كم لوعة للندى وكم قلق ** للجود والمكرمات من قلقك

ألبسك الله منه عافية في ** يومك المعتري وفي أرقك

أخرج من جسمك السقام ** كما أخرج دم الفعال من عنقك

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن مطر

الحنبلي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي قال‏:‏ حدثنا البغوي قال‏:‏ حدثنا محمد

بن قدامة قال‏:‏ أخبرنا أبو أسامة قال‏:‏ حدثنا هشام عن ابن سيرين قال‏:‏

جلب رجل سكرًا إلى المدينة فكسد عليه فذكر ذلك لعبد الله بن جعفر فأمر قهرمانه أن

يشتريه وينهبه الناس‏.‏

أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة قالت‏:‏ أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد السراج قال‏:‏ حدثنا

أبو علي محمد بن الحسن الجازري إجازة إن لم يكن سماعًا قال‏:‏ حدثنا المعافى بن زكريا قال‏:‏

حدثنا أبو النضر العقيلي عن جماعة من مشايخ أهل المدينة قالوا‏:‏كانت عند عبد الله بن جعفر جارية مغنية يقال لها‏:‏ عمارة وكان يجد بها وجدًا شديدًا وكان لها منه مكان لم يكن لأحد من جواريه فلما وفد عبد الله بن جعفر على معاوية وخرج بها معه فزاره يزيد ذات يوم فأخرجها إليه فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه فأخذه عليها ما لا يملكه وجعل لا يمنعه من أن يبوح بما يجد بها إلا مكان أبيه مع يأسه من الظفر بها فلم يزل يكاتم أمرها إلى أن مات معاوية وأفضى الأمر إليه فاستشار بعض من قدم عليه من أهل المدينة وعامة من يثق به في أمرها وكيف الحيلة فيها فقيل له‏:‏ إن أمر عبد الله بن جعفر لا يرام ومنزله من الخاصة ومن العامة ومنك ما قد علمت وأنت لا تستحسن إكراهه وهو لا يبيعها بشيء أبدًا وليس يغني في هذا إلا الحيلة‏.‏

فقال‏:‏ انظروا لي رجلًا عراقيًا له أدب وظرف ومعرفة فطلبوه فأتوه به‏.‏

فلما دخل رأى بيانًا وحلاوة وفهمًا فقال يزيد‏:‏ إني دعوتك لأمر إن ظفرت به فهو حظك عندي آخر الدهر ويد أكافئك عليها إن شاء الله‏.‏

ثم أخبره بأمره فقال له‏:‏ إن عبد الله بن جعفر لا يرام ما قبله إلا بالخديعة ولن يقدر أحد على ما سألت فأرجو أن أكونه والقوة بالله فأعني بالمال‏.‏

قال‏:‏ خذ ما أحببت فأخذ من طرف الشام وثياب مضر واشترى متاعًا للتجارة من رقيق ودواب وغير ذلك ثم شخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر واكترى منزلًا إلى جانبه ثم توسل إليه وقال‏:‏ رجل من أهل العراق قدمت بتجارة فأحببت أن أكون في عز جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به فبعث عبد الله بن جعفر إلى قهرمانه‏:‏ أن أكرم الرجل ووسع عليه في منزله فأنزله‏.‏

فلما اطمأن العراقي سلم عليه وعرفه نفسه وهيأ له بغلة فارهة وثيابًا من ثياب العراق وألطافًا فبعث به إليه وكتب معها‏:‏ يا سيدي إني رجل تاجر نعم الله علي سابغة وقد بعثت إليك بشيء من طرف وكذا من الثياب والعطر وبعثت ببغلة خفيفة العنان وطية الظهر وأنا أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قبلت هديتي ولا توحشني بردها إني أدين لله تعالى بحبك وحب أهل بيتك وإن أعظم أملي في سفرتي أن أستفيد الأنس بك والتحرم بمواصلتك‏.‏

فأمر عبد الله بقبض هديته وخرج إلى الصلاة فلما رجع مر بالعراقي في منزله فقام إليه وقبل يده فرأى أدبًا وظرفًا وفصاحة فأعجب به وسر بنزوله عليه فجعل العراقي في كل يوم يبعث إلى عبد الله بطرف فقال عبد الله‏:‏ جزى الله ضيفنا هذا خيرًا قد ملأنا شكرًا وما نقدر على مكافأته‏.‏

فإنه لكذلك إلى أن دعاه عبد الله ودعا بعمارة في جواريه فلما طاب لهما المجلس وسمع غناء عمارة تعجب وجعل يزيد في عجبه فلما رأى كذلك عبد الله سر به إلى أن قال‏:‏ هل رأيت مثل عمارة قال‏:‏ لا والله يا سيدي ما رأيت مثلها وما تصلح إلا لك وما ظننت أن تكون في الدنيا مثل هذه الجارية حسن وجه وحسن عمل قال‏:‏ فكم تساوي عندك قال‏:‏ ما لها ثمن إلا الخلافة فقال‏:‏ تقول هذا لتزين لي رأيي فيها وتجلب سروري قال له‏:‏ يا سيدي والله إني لأحب سرورك وما قلت لك إلا الجد وبعد فإني تاجر أجمع الدرهم على الدرهم طلبًا للربح ولو أعطيتها بعشرة آلاف دينار لأخذتها فقال عبد الله‏:‏ عشرة آلاف قال‏:‏ نعم‏.‏

ولم يكن في ذلك الزمان جارية تعرف بهذا الثمن‏.‏

فقال له عبد الله‏:‏ أنا أبيعكها بعشرة آلاف قال‏:‏ قد أخذتها قال‏:‏ هي لك قال‏:‏ قد وجب البيع‏.‏

وانصرف العراقي فلما أصبح عبد الله لم يشعر إلا بالمال قد وافى به فقتل لعبد الله‏:‏ قد بعث

العراقي بعشرة آلاف دينار وقال‏:‏ هذا ثمن عمارة فردها وكتب إليه إنما كنت أمزح معك وإنما

أعلمك أن مثلي لا يبيع مثلها‏.‏

فقال‏:‏ جعلت فداك إن الجد والهزل في البيع سواء فقال له عبد

الله‏:‏ ويحك ما أعلم جارية تساوي ما بذلت ولو كنت بايعها من أحد لآثرتك ولكني كنت مازحًا وما أبيعها بملك الدنيا لحرمتها بي وموضعها من قلبي فقال العراقي‏:‏ إن كنت مازحًا فإني كنت جادًا وما أطلعت على ما في نفسك وقد ملكت الجارية وبعثت إليك بثمنها وليست تحل لك وما لي من أخذها بد فمانعه أيامًا فقال‏:‏ ليست لي بينة ولكني أستحلفك فلما رأى عبد الله الجد قال‏:‏ بئس الضيف أنت ما طرقنا طارق وما نزل بنا نازل أعظم بلية منك أتحلفني فيقول الناس‏:‏ اضطهد عبد الله ضيفه وقهره فألجأه إلى أن استحلفه أما والله ليعلمن الله عز وجل أني سأبليه في هذا الأمر الصبر وحسن العزاء ثم أمر قهرمانه بقبض المال منه وتجهيز الجارية‏.‏

فجهزت بنحو من ثلاثة آلاف دينار وقال‏:‏ هذا لك ولك عوضًا مما ألطفتنا والله المستعان‏.‏

فقبض العراقي الجارية وخرج بها فلما برز من المدينة قال لها‏:‏ يا عمارة إني والله ما ملكتك

قط ولا أنت لي ولا مثلي يشتري جارية بعشرة آلاف دينار وما كنت لأقدم على ابن عم

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلبه أحب الناس إليه لنفسي ولكني دسيس من يزيد بن

معاوية وأنت له وفي طلبك بعث بي فاستتري مني فإن داخلني الشيطان في أمرك أو تاقت

نفسي إليك فامتنعي‏.‏

ثم مضى بها حتى ورد دمشق فتلقاه الناس بجنازة يزيد وقد استخلف ابنه معاوية بن يزيد

فأقام أيامًا ثم تلطف للدخول إليه فشرح له القصة‏.‏

ويروى أنه لم يكن أحد من بني أمية يعدل بمعاوية بن يزيد في زمانه نبلًا ونسكًا فلما أخبره قال‏:‏ هي لك وكل ما دفعه لك من أمرها فهو لك فارحل من يومك فلا أسمع بخبرك في شيء من فرحل العراقي ثم قال للجارية‏:‏ إني قد قلت لك ما قلت حين خرجت بك من المدينة فأخبرتك أنك ليزيد وقد صرت لي وأنا أشهد الله أنك لعبد الله بن جعفر وإني قد رددتك عليه فاستتري مني‏.‏

ثم خرج بها حتى قدم المدينة فنزل قريبًا من عبد الله فدخل عليه بعض خدمه فقال له‏:‏ هذا العراقي ضيفك الذي صنع ما صنع وقد نزل العرصة لا حياه الله‏.‏

فقال عبد الله‏:‏ مه انزلوا الرجل وأكرموه فلما استقر بعث إلى عبد الله‏:‏ جعلت فداك إن رأيت أن

تأذن لي أذنة خفيفة أشافهك بشيء فعلت فأذن له فلما دخل عليه قبل يده وقربه عبد الله ثم

قص عليه القصة حتى إذا فرغ قال‏:‏ والله وهبتها لك قبل أن أراها أو أضع يدي عليها فهي لك

ومردودة عليك وقد علم الله تعالى أني ما رأيت لها وجهًا إلا عندك وبعث إليها فجاءت

وجاء بما جهزها به موفرًا‏.‏

فلما نظرت إلى عبد الله خرت مغشية عليها وأهوى إليها عبد الله فضمها إليه وخرج

العراقي وتصايح أهل الدار‏:‏ عمارة عمارة‏.‏

فجعل عبد الله يقول ودموعه تجري‏:‏ أحلم هذا

أحق هذا أصدق هذا قال العراقي‏:‏ ردها عليك إيثارك الوفاء وصبرك على الحق وانقيادك له‏.‏

فقال عبد الله‏:‏ الحمد لله اللهم إنك تعلم أني قد تصبرت عنها وأثرت الوفاء وأسلمت لأمرك رددتها على يمنك فلك الحمد‏.‏

ثم قال‏:‏ يا أخا العراق ما على الأرض أعظم منة منك وسيجازيك الله تعالى‏.‏

وأقام العراقي أيامًا وباع عبد الله غنمًا بثلاثة عشر ألف دينار وقال لقهرمانه‏:‏ احملها إليه وقل له‏:‏ أعذر عبد الله واعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لرأيتك أهلًا لأكثر منه فرحل العراقي محمودًا‏.‏

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال‏:‏

أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن المقتدر القاضي قال‏:‏ أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن سويد

قال‏:‏ حدثنا أبو بكر بن الأنباري قال‏:‏ حدثنا محمد بن أحمد المقري قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن عمر قال‏:‏ حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي عن أبيه عن مشيخة له قالوا‏:‏ لما أمسك عبدالملك بن مروان يده عن عبد الله بن جعفر واحتاج وضاق إضاقة شديدة فكان يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ويقيم في المسجد إلى أن لا يبقى فيه أحد فدنى منه ذات ليلة رجل فشكى إليه الحاجة فقال له‏:‏ أنا في إضاقة غير أن لك علي وعدًا إذا جاءني شيء من غلتي أن أعطيك قال‏:‏ أنا مرهق لا أجد سبيلًا إلى الصبر قال‏:‏ أيقنعك أخذ ثوبي هذين - وكان عليه بردان يمينيان - قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فما لبث حتى انصرف فلما انصرف دفع إليه البرد ثم استقبل القبلة فقال‏:‏ اللهم إنه لم يكن إلا ما أرى فاقبضني إليك‏.‏

فحم ولم يخرج من منزله بعد هذا حتى خرجت جنازته‏.‏

وتوفي عبد الله بالمدينة في هذه السنة وكان الوالي على المدينة أبان بن عثمان في خلافة عبد

الملك وهو صلى عليه وكان عمره تسعين سنة‏.‏

عبد الله بن أبي الهذيل أبو المغيرة

سمع من عمار وخباب وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وجرير وابن عباس وابن أبزى‏.‏

وأرسل الحديث عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود‏.‏

وكان شديد الخوف من الله تعالى كأنه مذعور‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن عبد الله قال‏:‏

حدثنا أبو بكر بن حيان قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين قال‏:‏ حدثنا أبو سعيد الأشج

قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن الهذيل أنه قال‏:‏

لقد شغلت النار من يعقل عن ذكر الجنة‏.‏

عبيد الله بن أبي بكرة

ولي سجستان أيام زياد بن أبي سفيان وغزا رتبيل في أيام الحجاج وتوفي في هذه السنة‏.‏

وكان جوادًا وذكر ابن قتيبة في المعارف‏:‏ أن أول من قرأ بالألحان عبيد الله بن أبي بكرة‏.‏

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال‏:‏

أخبرنا أبو محمد الجوهري قال‏:‏ أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال‏:‏

حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبيد قال‏:‏ أخبرنا المدائني قال‏:‏

كان عبيد الله بن أبي بكرة يومًا جالسًا مع أصحابه فأتي بوصيف ووصيفة أهديا إليه فقال

لبعض جلسائه‏:‏ خذهما إليك‏.‏

ثم فكر فقال‏:‏ إيثار بعض الجلساء على بعض قبيح فقال‏:‏ يا غلمان يضم إلى كل واحد من جلسائنا وصيف ووصيفة فضم إليهم ثمانين بين وصيف ووصيفة‏.‏

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال‏:‏ أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه أن

شيخًا من أهل الكوفة قال‏:‏أملقت حتى نقضت منزلي فلما اشتد علي الأمر جاءتني الخادمة فقالت‏:‏ والله ما لنا دقيق ولا معنا ثمنه‏.‏

فقلت‏:‏ أسرجي حماري فأسرجته فخرجت هاربًا حتى انتهيت إلى البصرة فلما شارفتها فإذا أنا بالموكب مقبل فدخلت في جملتهم فرجعت الخيل تريد البصرة فصرت معهم حتى دخلتها وانتهى صاحب الموكب إلى منزله فنزل ونزل الموكب ونزلت معهم ودخلنا فإذا الدهليز مفروش والناس جلوس مع الرجل فدعا بغداء فجاءوه بأحسن غداء فتغديت مع الناس ثم دعا بالغالية فضمخنا ثم قال‏:‏ يا غلمان هاتوا سفطًا فجاء غلمانه بسفط أبيض مشدود ففتح فإذا فيه أكياس مشدودة في كل كيس ألف درهم فبدأ يعطي فأمرها عليهم ثم انتهى إلي فأعطاني كيسًا ثم ثنى فأعطاني آخر ثم ثلث فأعطاني آخر فأخذت الجماعة وبقي في السفط كيس واحد فأخذه بيده وقال‏:‏ هاك يا هذا الذي لا أعرفه فأخذت أربعة أكياس وخرجت فقلت لإنسان‏:‏ من هذا فقال‏:‏ عبيد الله بن أبي بكرة‏.‏

وبلغنا أن رجلًا انقطع إلى عبيد الله بن أبي بكرة فألحقه بحشمه وكفاه مؤونته فبطر النعمة

فسعى به إلى عبيد الله بن زياد فبلغ ذلك ابن أبي بكرة فأطرق مفكرًا فقيل له‏:‏ فيم فكرت

فقال‏:‏ أخاف أن أكون قصرت في الإحسان إليه فحملته على مساوئ أخلاقه‏.‏

معاوية بن قرة بن إياس

يكنى أبا إياس روى عن أنس وابن عباس وغيرهما‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال‏:‏

حدثنا أبي قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن محمد بن عيسى قال‏:‏ حدثنا عيسى بن خالد قال‏:‏ حدثنا

أبو اليمان قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح عن معاوية بن قرة قال‏:‏

أدركت سبعين رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لو خرجوا فيكم اليوم ما

عرفوا شيئًا مما أنتم عليه إلا الآذان‏.‏

قال أبو نعيم‏:‏ وحدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن

قال‏:‏ حدثنا أبو كريب قال‏:‏ حدثنا المحاربي عن عبيد الله بن ميمون قال‏:‏ سمعت معاوية بن

قرة يقول‏:‏ إن الله يرزق العبد رزق شهر في يوم واحد فإن أصلحه أصلح الله على يديه وعاش هو وعياله بقية شهرهم في خير وإن هو أفسده أفسد الله تعالى عليه وعاش هو وعياله بقية

شهرهم بشر‏.‏

همام بن الحارث النخعي

روى عن عمر وابن مسعود وأبي مسعود وحذيفة وأبي الدرداء وعدي بن حاتم وجرير

وعائشة‏.‏ وكان الناس يتعلمون من هديه وسمته‏.‏وكان طويل السهر‏.‏

أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن محمد قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مالك قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا عبد الصمد قال‏:‏ حدثنا حرب بن شداد قال‏:‏ حدثنا حصين عن إبراهيم عن همام بن الحارث‏.‏

أنه كان يدعو‏:‏ اللهم اشفني من النوم بالسهر وارزقني سهرًا في طاعتك وكان لا ينام من الليل

إلا هنيهة وهو قاعد‏.‏

 سنة إحدى وثمانين

فمن الحوادث فيها‏:‏ فتح قاليقلا

وقال المدائني‏:‏ أغزى عبد الملك ابنه عبيد الله سنة إحدى وثمانين ففتح قاليقلا‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ قتل بحير بن ورقاء الصريمي

وكان السبب أن بحيرًا هو الذي تولى قتل بكير بن وشاح بأمر أمية بن عبد الله فتعاقد سبعة

عشر من بني عوف بن كعب على الطلب بدم بكير فذهب بعضهم فقتله‏.‏

وفيها‏:‏

 خالف عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الحجاج

ومن معه من جند العراق وأقبلوا إليه لحربه هذا قول أبي المخارق الراسبي‏.‏

وقال الواقدي‏:‏ إنما كان ذلك في سنة اثنتين وثمانين‏.‏

وسبب خروجه مع ما كان في نفس كل واحد منهما على الآخر وكان الحجاج يقول‏:‏ ما رأيته

إلا أردت ضرب عنقه وكان عبد الرحمن يقول‏:‏ إن طال بي وبه بقاء حاولت إزالته عن

سلطانه فلما بعثه الحجاج إلى حرب رتبيل فأصاب قطعة من مملكته وكتب إلى الحجاج‏:‏ إنا قد

قنعنا بما أصبنا ثم في كل سنة نصيب شيئًا من ملكه‏.‏

فكتب إليه الحجاج‏:‏ إنك كتبت إلي كتاب أمرئ يحب الهدنة ويستريح إلى الموادعة لعمرك يا

ابن أم عبد الرحمن إنك حين تكف عن ذلك العدو تظنني سخي النفس عمن أصيب من

المسلمين وقد رأيت أنه لم يحملك على ما رأيت إلا ضعفك فامض لما أمرت به من الإيغال في

أرضهم وقتل مقاتليهم ثم أردفه كتابًا آخر‏:‏ أما بعد فمر من قبلك من المسلمين أن يحرثوا

ويقيموا فإنها دراهم حتى يفتحها الله عز وجل عليهم‏.‏

ثم أردفه كتابًا آخر‏:‏ أما بعد فامض لما أمرت به وإلا فخل ما وليت لأخيك إسحاق‏.‏

فدعا الناس وقال‏:‏ إن الذي رأيت وافقني فيه أهل التجارب ورضوه رأيًا وكتبت بذلك إلى

الحجاج فجاءني منه كتاب يعجزني ويأمرني بتعجيل الإيغال في البلاد التي هلك فيها إخوانكم

بالأمس وإنما أنا رجل منكم أمضي إذا مضيتم وآبى إذا أبيتم فثار إليه الناس وقالوا‏:‏ لا بل

نأبى على عدو الله ولا نطيعه‏.‏

فقام عامر بن واثلة الكناني فقال‏:‏ إن الحجاج لا يبالي بكم فإن ظفرتم أكل البلاد وإن ظفر

عدوكم كنتم الأعداء البغضاء فاخلعوه وبايعوا للأمير عبد الرحمن وإني أشهدكم أني أول

خالع‏.‏

وقام عبد المؤمن بن شبث بن ربعي فقال‏:‏ إن أطعمتم الحجاج جعل هذه البلاد بلادكم

فبايعوا أميركم وانصرفوا إلى عدو الله الحجاج فانفوه عن بلادكم‏.‏

فوثب إلى عبد الرحمن فبايعوه قال‏:‏ تبايعونني على خلع الحجاج والنصرة لي وجهاده معي حتى ينفيه الله من أرض العراق بايعه الناس ولم يذكر خلع عبد الملك وأمر عبد الرحمن الأمراء وبعث إلى رتبيل فصالحه على أنه إن ظهر فلا خراج عليه أبدًا وإن هزم وأراده ألجأه عنده‏.‏

وبعث الحجاج إليه الخيل وجعل ابن الأشعث على مقدمته عطية بن عمرو العنبري فجعل لا

يلقى للحجاج خيلًا إلا هزمها ثم أقبل عبد الرحمن حتى مر بكرمان فبعث عليها خرشة بن

عمرو التميمي فلما دخل الناس فارس اجتمع بعضهم إلى بعض فقالوا‏:‏ إنا إذا خلعنا الحجاج

عامل عبد الملك فقد خلعنا عبد الملك فاجتمعوا إلى عبد الرحمن وبايعوه فكان يقول لهم‏:‏

تبايعونني على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وخلع أئمة الضلالة

وجهاد المحلين فإذا قالوا‏:‏ نعم بايع‏.‏

فلما بلغ الحجاج أنه قد خلعه كتب إلى عبد الملك يخبره ويسأله تعجيل بعثه الجنود له وجاء

حتى نزل البصرة وكان قد بلغ المهلب شقاق عبد الرحمن فكتب إليه‏:‏ أما بعد فإنك قد

وضعت رجلك يا بن أم محمد في غرز طويل فالله الله انظر لنفسك لا تهلكها ودماء المسلمين

لا تسفكها والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها‏.‏

ولما وصل كتاب الحجاج إلى عبد الملك هاله فنزل عن سريره وبعث إلى خالد بن يزيد بن

معاوية فأقرأه الكتاب ثم خرج إلى الناس فقال‏:‏ إن أهل العراق طال عليهم عمري اللهم سلط

عليهم سيوف أهل الشام‏.‏

وأقام الحجاج بالبصرة وتجهز للقاء ابن محمد وفرسان أهل الشام يسقطون إلى الحجاج من قبل

عبد الملك وكتب الحجاج ورسله تسقط إلى عبد الملك وسار الحجاج بأهل الشام حتى نزلت

تستر فالتقت المقدمات فهزم أصحاب الحجاج فقال‏:‏ أيها الناس ارتحلوا إلى البصرة إلى

معسكر وطعام ومادة فإن هذا المكان لا يحمل الجند‏.‏

فمضى ودخل البصرة ودخل عبد الرحمن بن محمد في أخر ذي الحجة وقال‏:‏ أما الحجاج فليس بشيء ولكنا نريد غزو عبدالملك فبايعه الناس على حرب الحجاج وخلع عبد الملك جميع أهل البصرة من قرائها وكهولها

وبايعه عقبة بن عبد الغافر فخندق الحجاج عليه وخندق عبد الرحمن على البصرة‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏

حج بالناس سليمان بن عبد الملك وكان العامل على المدينة أبان بن عثمان وعلى العراق

والمشرق الحجاج وعلى حرب خراسان المهلب وعلى خراجها المغيرة بن المهلب من قبل

الحجاج وعلى قضاء الكوفة أبو بردة وعلى قضاء البصرة ابن أذينة‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر

أبو أمية‏:‏رحل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده قد قبض فصحب أبا بكر وعمر

وعثمان وعليًا وشهد معه صفين‏.‏

وسمع من ابن مسعود ولم يسمع من عثمان شيئًا‏.‏

أخبرنا عبد الخالق بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا محمد بن علي بنالفتح قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي قال‏:‏ أخبرنا الحسين بن صفوان قال‏:‏حدثنا أبو بكر القرشي قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن حماد

الجهني عن محمد بن أبان الجهني عن عمران بن مسلم قال‏:‏كان سويد بن غفلة إذا قيل له أعط فلانًا وول فلانًا قال‏:‏ حسبي كسرتي وملحي‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال‏:‏ حدثنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن عبد الله

الحافظ قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد قال‏:‏ حدثنا محمد بن أبي سهل قال‏:‏ حدثنا أبو بكر بن

أبي شيبة قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن منصور قال‏:‏ حدثنا عبد السلام عن يزيد بن عبد الرحمن

عن المنهال بن خثيمة عن سويد بن غفلة قال‏:‏

إذا أراد الله أن ينسى أهل النار جعل لكل واحد منهم تابوتًا من نار على قدره ثم أقفل عليه

بأقفال من نار فلا يضرب فيهم عرق إلا وفيه مسمار من نار ثم يجعل ذلك التابوت في تابوت

آخر من نار ثم يقفل عليه بأقفال من نار ثم يضرم بينهما نار ثم يجعل ذلك في تابوت آخر من

نار ثم يقفل بأقفال من نار ثم يضرم بينهما فلا يرى أحدًا منهم في النار غيره‏.‏

كان سويد من المعمرين الأقوياء تزوج وهو ابن ست عشرة سنة ومائة سنة‏.‏

وكان يمشي إلى الجمعة ويؤم قومه في رمضان‏.‏

وتوفي في هذه السنة وقيل‏:‏ في السنة التي بعدها وهو ابن ثمان وعشرين ومائة سنة‏.‏

محمد بن علي بن أبي طالب وهو ابن الحنفية

واسمها خولة بن جعفر بن قيس‏.‏

وقيل‏:‏ كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى علي‏.‏

وقالت أسماء بنت أبي بكر‏:‏ رأيتها سندية سوداء وكانت أمة لبني حنيفة‏.‏

ويكنى محمد أبا القاسم‏.‏

أنبأنا أبو محمد الجوهري قال‏:‏ أخبرنا ابن حيوية قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن معروف قال‏:‏ حدثنا

الحسين بن الفهم قال‏:‏ حدثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا الفضل بن دكين وإسحاق بن يوسف

الأزرق قالا‏:‏ حدثنا قطر بن خليفة عن منذر الثوري قال‏:‏ سمعت محمد ابن الحنفية يقول‏:‏

كانت هذه رخصة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه قال لرسول الله صلى الله عليه

وسلم‏:‏ يا رسول الله إن ولد لي ولد بعدك أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك قال‏:‏ نعم‏.‏

قال مؤلف الكتاب رحمه الله‏:‏ وقد كان جماعة يسمون محمدًا ويكنون بأبي القاسم منهم‏:‏

محمد بن أبي بكر محمد بن طلحة بن عبيد الله ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ومحمد عبد

الرحمن بن عوف ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن حاطب بن أبي بلتعة ومحمد بن

الأشعث بن قيس‏.‏

وأخبرنا محمد بن ناصر وعلي بن عمر بإسنادهما عن أبي بكر بن أبي الدنيا قال‏:‏ حدثنا

الحسين بن عبد الرحمن قال‏:‏ حدثني أبو عثمان المؤدب قال‏:‏ قال محمد بن الحنفية‏:‏

من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر‏.‏

قال أبو بكر بن عبيد‏:‏ وحدثنا محمد بن عبد المجيد أنه سمع ابن عيينة يقول‏:‏ قال محمد بن

الحنفية‏:‏إن الله عز وجل جعل الجنة ثمنًا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد الحداد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم

أحمد بن عبد الله الحافظ قال‏:‏ حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسحاق

السراج قال‏:‏ حدثنا عمر بن محمد بن الحسن قال‏:‏ حدثنا أبي قال‏:‏ حدثنا حماد بن سلمة عن

علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين قال‏:‏

كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان يتهدده ويتواعده ويحلف أنه ليحملن إليه مائة ألف في

البر ومائة ألف في البحر أو يؤدي إليه الجزية فسقط في درعه فكتب إلى الحجاج‏:‏ أن اكتب

لمحمد بن الحنفية فتهدده وتواعده ثم أعلمني ما يرد إليك من جوابه‏.‏

فكتب الحجاج إلى ابن الحنفية بكتاب شديد ويتواعده بالقتل‏.‏

قال‏:‏ فكتب إليه ابن الحنفية‏:‏ إن لله عز وجل ثلاثمائة

وستين لحظة في كل يوم إلى خلقه وأنا أرجو أن ينظر الله عز وجل إلي نظرة يمنعني بها منك‏.‏

قال‏:‏ فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك فكتب عبد الملك إلى ملك الروم نسخته فقال ملك

الروم‏:‏ ما خرج هذا منك ولا أنت كتبت به وما خرج إلا من بيت نبوة‏.‏