فصل: خاتمة: (في فضل الفقراء والفقر):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنافة فيما جاء في الصدقة والضيافة (نسخة منقحة)



.[المعطي والوكيل]:

.الثالثة والثلاثون:

من دفع إلى وكيله أو ولده أو غلامه أو غيرهم شيئا ليعطيه سائلا أو غيره صدقة تطوع لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم ينفق دفعه إلى ذلك المعين استحب له أن لا يعود فيه بل يتصدق على غيره، فإن استرده وتصرف فيه جاز لأنه باق على ملكه.

.الرابعة والثلاثون:

قال البندنيجي والبغوي وغيرهما من أصحابنا في مواضع متفرقة يكره لمن تصدق بشيء صدقة تطوع أو هبة أو دفعه إلى غيره زكاة أو كفارة، أو نذرا، أو غيرها من وجوه الطاعات، أن يتملكه من المدفوع إليه بعينه بمعاوضة أو هبة، ولا يكره ملكه منه بالإرث،ولا أن يتملكه من غيره إذا انتقل إليه، واستدلوا في المسالة بحديث عمر رضي الله تعالى عنه قال: «حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعة برخص، فسألت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن ذلك فقال: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه». رواه الشيخان.
وتملك جزء الصدقة كتملك كلها، فيكره أخذا من قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعمر في قصته السابقة، لا تشتره من نتاجه، أي أن ولد الحيوان جزء منه، ولا ينافيه قول البغوي: ليس من ذلك أن يشتري من غلة أرض كان تصدق به، لأنها غير العين المتصدق بها، أي وغير جزئها.
وبحثه الزركشي أن محل الكراهة، فإن الآخذ يسامحه فيكون كالراجع في شيء من صدقته أن لا تتأتى المسامحة بأن اشتراه منه بأضعاف قيمته انتفت الكراهة أيضا وهو محتمل.

.[أيهما أفضل: الأخذ من الصدقة أو الزكاة]:

.الخامسة والثلاثون:

اتفق العلماء على أنه ينبغي للمتصدق أن لا يطمع في دعاء المتصدق عليه، فإن دعي له ندب له أن يجيئه بمثله.

.السادسة والثلاثون:

قال في المجموع كالروضة قال في الإحياء اختلف السلف في أن المحتاج هل الأفضل له أن يأخذ من الزكاة أو صدقة التطوع.
وكان الجنيد وإبراهيم الخواص وجماعة رضي الله تعالى عنهم يقولون: الأخذ من الصدقة أفضل لئلا يضيف محل أصناف الزكاة، ولئلا يخل بشرط من شروط الأخذ بخلاف الصدقة فإن أمرها أهون من الزكاة.
وقال الآخرون: الأخذ من الزكاة أفضل لأنه إعانة على واجب، إذ لو ترك أهل الزكاة كلهم أخذها أثموا، أي وقد تلوا، لأن قبولها فرض كفاية، ولأن الزكاة لا منة فيها.
قال الغزالي: والصواب أنه يختلف بالأشخاص، فإن عرض له شبهة في استحقاقه لم يأخذ الزكاة، وإن قطع باستحقاقه نظر إن كان المتصدق إن لم يأخذها منه لا يتصدق فليأخذ الصدقة، فإن إخراج الزكاة لا بد منه، وإن كان لا بد من إخراج تلك الصدقة ولم يضيف بالزكاة تخير، وأخذ الزكاة أشد في كسر النفس.
وذكر أيضا اختلاف الناس في إخفاء أخذ الصدقة وإظهاره، أيهما أفضل مع أن في كل واحد منهما فضيلة ومفسدة، ثم قال: وعلى الجملة الأخذ في الملأ وترك الأخذ في الخلاء أحسن. انتهى كلام المجموع.

.السابعة والثلاثون:

قال في المجموع قال صاحب الغايات لو نذر صوما أو صلاة في وقت بعينه، لم يجز فعله قبله، كما لو عجل الزكاة أي بجامع أن كلا عبادة مالية، فيفتقر فيها ما لا يفتقر في العبادة البدنية.

.الثامنة والثلاثون:

أفتى القفال بأن من دفع مالا لفقيه ليدفعه لتلامذته لزمته التسوية بينهم، إلا إن قال له: أنت أعلم بهم، فله التخليص والتفضيل. انتهى.
ولك أن تقول: إذا جاز له التخليص والتفضيل، فهل يجب عليه مراعاة مقتضى ذلك من الأحوجية وزيادة الصفات التي يقصد التصدق لأجلها؟ أوله ذلك بحسب ما يريد؟ فيه نظر، ولعل الأول أولى لأنه أصلح الموكل، والوكيل يلزمه رعاية الأصلح لموكله.

.التاسعة والثلاثون:

قال الغزالي: إذا أعطى السلطان من خزانته شيئا لإنسان استحق في بيت المال شيئا، وعلم أنه في الخزانة الحلال والحرام كما هو الغالب في هذه الأزمان، ويحتمل أن يكون العطاء من واحد منها، فقال قوم: بجواز أخذه ما لم يتيقن أنه حرام، لأن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم أخذوا من أموال السلاطين ونوابهم الظلمة، كأبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وابي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وجرير بن عبد الله، وابن عمرو، وابن عباس، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والشافعي أخذ من هارون الرشيد، وكذا مالك، وإنما ترك من ترك الأخذ منهم تورعا، كما زهد بعضهم في الحلال المطلق.
وقال آخرون: لا يجوز حتى يتحقق أنه حلال، ويحمل أخذ من أخذ على أنهم علموا أنه من الحلال، أو على أنهم أخذوه وصرفوه في مصارفه من بيت المال.
وقد قال جماعة أخذنا له، وصرفنا إياه في المحتاجين خير من تركه في يد السلاطين.
والشافعي رضي الله تعالى عنه لما أخذ من هارون الرشيد فرقه في الحال، ولم يأخذ منه حبة، أو على أن الغالب كان الحلال، بخلاف ما في يد السلطان اليوم فإن غالبه حرامن وكلا القولين إسراف.
والأعدل أنه إن كان الأكثر حراما حرم الأخذ، وإن كان الأكثر حلالا ففيه توقف. انتهى.
ونقله القمولي في جواهره، واعترض قوله وإن كان الأكثر حراما، خرج الآخذ بأنه مبني على ما تقدم، من أنه يحرم معاملة من أكثر ماله حرام، والمذهب خلافه كما في المجموع، فإنه قال: ومذهبنا أنه إذا كان الأكثر حراما كره الأخذ منه بالابتياع وغيرهس.
قال القمولي: فانفرد الغزالي بالتحريم وهو شاذ. انتهى.
واعترض بعضهم قول الغزالي: إن كان الأكثر حلالا ففيه توقف، بأنه لا وجه له، ويرد بأن له وجها، لأن كون الأكثر حلالا لا ينافي احتمال الوقوع في الحرام، وإن كان أبعد مما إذا استويا، أو كان الحرام أكثر فوجه التوقف هذا الاحتمال اللائق بالوقوع مراعاته وأنه لا مجزم بالحل، فاتجه أن لا توقفه، وهما، وإن كان المعتمد الحل ولو فيما إذا كان الأكثر حراما.
وفي الجواهر عن الغزالي أيضا: لو بعث السلطان إلى إنسان مالا ليفرقه على المساكين فإن عرف أنه مغصوب من إنسان بعينه، لم يجز له الأخذ إلا ليوصله إلى صاحبه، وإن لم يعرفه جاز أخذه وتفرقته، لكن يكره إن قارنته مفسدة، بحيث يغتر به جهال، ويعتقدون طيب أموال السلاطين، وينبغي أن يتجنب معاملة السلطان وغلمانه وأعوانه وعماله. انتهى.
وما ذكره هنا يجري في أخذه لنفسه أيضا كما هو ظاهر.
وحكى القمولي وغيره عن الغزالي أربعة مذاهب فيما لو لم يدفع السلطان إلى كل المستحقين حقوقهم من بيت المال، وإنما دفع لبعضهم فقط، فهل له أن يستأثر بما دفع إليه، وإن أعدل تلك المذاهب أن له أخذ جميع المدفوع إليه وإن أكثر حيث كان قدر حقه، أو أقل عنهز وقيد العز بن عبد السلام كراهة معاملة من اشتملت يده على حلال وحرام، بما إذا كان ما بيده من جنس الحرام الذي يكتسبه، قال: فإن كان من غير جنسه فلا باس المعاملة، وإن تردد في أنه اشتراه به، وقياسه أنه لا كراهة هنا في الأخذ من مال بيت المال الذي أكثره حرام، إلا إذا كان ما فيه من جنس ذلك الحرام، وإلا فلا كراهة، وإن احتمل أن ناظره استبدله به.
وقال الغزالي: الورع أربعة أقسام لأنه: إما ورع الشهادة وهو الامتناع مما يسقطها، وإما ورع المتدين وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال التحريم الذي له موقع وإن أفتى المفتي بحله عملا بالظاهر، ولا أثر للاحتمال البعيد، كمن ترك الاصطياد لاحتمال أن الذي يصطاده قد اصطاده غيره وانفلت منه- فهذا وسواس لا ورع، وأما ورع المتقين وهو ترك ما يخاف انجراره إلى الحرام وإن كان حلالا لا شبهة فيه.
وأما ورع الصديقين وهو ترك ما ليس فيه شيء مما سبق، ولكن تناوله من غير نية التقوى على العبادة، ويتطوع إلى أسبابه كراهة، فإذا اختلط ببلد حرام غير منحصر بحلال، كذلك كان ترك الشراء والأكل من ذلك ورعا محبوبا.
وكلما كثر الحرام تأكد الورع والامتناع من كل حلال لكون فاسق أو كافر حمله، وسواس لا ورع.
قال: ولو اشترى طعاما في الذمة وقضى ثمنه من حرام ينظر فإن كان البائع سلمه له قبل أن يقبضه الثمن بطيب قلب، حل له أكله إجماعا، وليس تركه ورعا مؤكدا، وإن قضى ثمنه من حرام لكنه باق في ذمته حتى يبرئه منه، مع علمه بأن قبضه حرام، لأنه يبرأ بخلاف ما لوظن حل ما قبضه، فإنه لا يبرأ بإبرائه، لأنه لا يقصد حقيقة إبرائه، ومتى أخذ ذلك الطعام قبل أن يقبض البائع الثمن حرم عليه أكله، لأن للبائع حق الحبس، إن كان الثمن حالا، ولو وفى الثمن من حرام، ثم قبض المبيع ثم يحل له أكله، إلا إن علم البائع أن ما قبضه حرام، ثم أقبضه إياه، لأن إقباضه له إسقاط لحقه من الحبس، ويبرأ بإبرائه، إن علم أن ما قبضه حرام ثم أبرأه منه، وإلا لم يبرأ كما مر.
قال: وله شراء دار من دور بلد، علم أن فيها دارا مغصوبة أو وقف لا يعرفها، وجب السؤال. انتهى.
وكأن الفرق بين هاتين الصورتين، أن الدور في الثانية محصورة فلا مشقة في السؤال، بخلافه في الأولى، قال: ولو كان ببلد مدائين ورباطات، وبعضها مخصوص بأهل مذهب معين، لم يجز أن يسكن شيئا منها، ولا يأكل من وقفها، حتى يسأل ولو نهب متاع فصادف من نوعه شيئا يباع، فإن كان مع معروف بالصلاح جاز شراؤه، وتركه ورع، أو مع مجهول فإن كثر مماثل المنهوب في البلد جاز الشراء منه، وإن ندر، فالورع تركه، وفي أخذ منه نظر. انتهى. والقياس عدم الحرمة كما علم مما في المعاملة من أكثر ماله حرام، قال: وإذا أردت شراء طعام، أو أهدي لك، أو ضيفت به لم تكلف أنك تسأل عن حله، ولا تترك لأن فيه تفضيلا، هو أن المالك جهل حاله ولا علامة تدل على طيب ماله، من غير سؤال فإن رأى فيه علامة تدل على الفساد كهيئة الظلمة، أو تساهله في فصل الحرام وجب السؤال، أو دلت العلامة على أن أكثر ماله حرام وإلا كان السؤال ورعا. انتهى.
والقياس عدم وجوب السؤال، وإن دلت العلامة على أن أكثره حراسم، وإيجاب الغزالي به مبني على طريقته، أنه حرام معاملة من أكثر ماله حرام، ومر أنه طريقة شاذة، فإن عرف من حاله ما يحصل ظن حل ماله، حرام السؤال، أو ظن حرمته وجب السؤال. انتهى. والقياس أن لا وجوب نظير الذي قبله، قال: ولو تعلق الشك بالمال بأن اختلط حلال بحرام في سوق فلا يلزم المشتري من أهله السؤال إلا إن غلب الحرام. انتهى.
والقياس عدم الوجوب، وإن غلب الحرام ثم رأيت بعضهم أشار في بعض تلك الصور إلى ما ذكرته من بناء السؤال على رؤية حرمة معاملة من أكثر ماله حرام، والمذهب خلافه في الأنوار: لا يجوز مبايعة من حرم ماله كله، كالخمار، والمكاس، والبغي، ويجب السؤال ممن يعرف حال أمواله، ولا تسأل عنه إذ لا ثقة بقوله، والورع لمن يشتري شيئا للأكل أوغيره أن يشتري بثمن في ذمته، فإنه يملكه قطعا وعند الشراء بالعين لا يقطع بذلك. وظاهر: أنه إنما يقطع بملك المبيع إذا قطع بملك بائعه له، لكونه اصطاده مثلا، بخلاف من ملكه بمعاوضة، أو مجانا، وإنما يأتي الشك في الثمن العين، حيث لم يقطع بملك المشتري به لكونه أخذه من معدن مثلا، وإلا فلا شك وإن أخذ من غيره مالا بتمليك بعوض أو بغيره أو بإباحة ظانا أنه ملكه اعتمادا على الظاهر، وأكله وهو مغصوب في الباطن، فهل يطالب بما أكله في الآخرة؟ أفتى البغوي بأن المأخوذ منه إن كان ظاهره الخير فأرجو أن لا يطالب، أو ممن يلطخ ماله بالحرام طولب به. انتهى.
ولهذه المسائل كبير تعلق بالنسبة للمال المتصدق منه وقبول المتصدق عليه، قلنا: ذكرتها هنا وإن كان الفقهاء ذكروها في باب البيع.

.الأربعون:

أفتى ابن الصلاح فيمن كان يفرق فلوسا في الجامع فيعطي الفقراء، ويتجنب الأغنياء، ندفع منها إلى رجل اشتبه حاله عليه وهو غني في الباطن بأنه يحل له ظاهرا، ولا يجب عليه رده إلى الدافع، لأنه قد يعطي الغني أو أهل المسجد مطلقا، وأما في الباطن فإن غلب على ظنه أن الدافع أراد الفقراء فليرده إليه ولا يصرفه إلى فقير إلا إذا تعذر الرد، وإن شك فالورع أن يفعل ذلك أيضا.
تنبيه:
مر في كثير من الأحاديث إطلاق الصدقة على غير إعطاء كالتسبيح والتحميد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدل بين اثنين، وإعانة الرجل على دابته أو متاعهن وما أكل من زرعه أوغرسه، وإماطة الأذى عن الطريق، والخطو إلى الصلاة، والكلمة الطيبة، وغير ذلك مما مر في تلك الأحاديث، ومن حديث: «كل معروف صدقة» وهذا شامل لما ذكر غيره.

.خاتمة: [في فضل الفقراء والفقر]:

أخرج أحمد، وأبو داود، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذلك خمسمائة سنة».
والخطيب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «أبشروا يا أصحاب الصفة، فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه، راضيا بما هو فيه، فإنه من رفقائي يوم القيامة».
وابن عساكر أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن أطولكم حزنا في الدنيا، أطولكم فرحا في الآخرة، وإن أكثركم شبعا في الدنيان أكثركم جوعا في الآخرة».
وابن ماجة، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «يا معشر الفقراء ألا أبشركم، إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، خمسمائة عام».
وفي رواية لأحمد، والترمذي عن جابر رضي اله تعالى عنه: «بأربعين خريفا».
وابو نعيم في الحلية عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «اتخذوا عند الفقراء أيادي، فإن لهم دولة يوم القيامة».
والحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «أحبوا الفقراء، وجالسوهم، وأحب العرب من قلبك، وليردك عن الناس ما تعلم من نفسك».
وأحمد، ومسلم، والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأحمد والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء».
والديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده».
وابن لال عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «لكل شيء مفتاح، ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء».
وأبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام، هؤلاء في الجنة يتنعمون، وهؤلاء يحاسبون» والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم، في الحلية عن أنس رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا، من الذي يقبل إذا كان محتاجا».
وفي رواية للطبراني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهماك «ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا».
وعبد بن حميد، وابن ماجة، عن أبي سعيد، والطبراني، والضياء عن عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين».
زاد الحاكم: «وإن أشقى الأشقيا من اجتمع عليه فقر الدنيا، وعذاب الآخرة».
والطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «الفقر أزين على المؤمن من العذار الحسن على خد الفرس».
وابن عساكر عن عمر رضي اله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «الفقر أمانة، فمن كتمه كان عبادة، ومن باح به فقد قلد إخوانه المسلمين».
والبيهقي، وغيره عن قتادة بن النعمان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالك «إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا، كما يحمي أحدكم سقيمه الماء».
وأحمد، والترمذي: عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه».
أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج والعمرة، ويكفرها الهموم في طلب المعيشة».
والديلمي عن معاذ رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «تحفة المؤمن في الدنيا الفقر».
والترمذي عن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «لو تعلمون ما لكم عند الله، لأحببتم أن تزدادوا حاجة وفاقة».
وابن عساكر، وابن عدي، والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن أهل البيت إذا تواصلوا، أجرى الله تعالى عليهم الرزق، وكانوا في كنف الله تعالى».
والحكيم الترمذي عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثا، إلا أتاهم الله برزق».
وأحمد، وأبو داود، والحاكم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن أنزلها بالله، أوشك الله له بالغنى، إما بموت آجل أو غنى عاجل».
والطبراني، وابن عدي عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:«إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله».
والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية».
وأحمد، وابن أبي شيبة، وابن حبان، والحاكم عن ثوبان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر».
وبينهما تناف في نقص المعصية للرزق، وحديث الشيخين أولى بالتقديم، أو يحمل على كل نوع من الرزق.
وأبو نعيم في الحلية عن عثمان رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «إن الصبحة» أي النوم بعد الصبح «تمنع بعض الرزق».
البخاري، ومسلم، والنسائي: عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «نعوذ بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء» وفي رواية: «جهد البلاء: أن تحتاجوا إلى ما في أيد الناس فتمنعوا».
أعاذنا الله من ذلك وغيره من جميع ما استعاذ منه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ونجانا من كل فتنى ومحنة، إلى أن نلقاه وهو راض عنا. بمنه وكرمه إنه لى ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافي مزيده، يا ربنا لك الحمد، كما ينبغي لوجهك، وعظيم سلطانك، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وصل اللهم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه وذرياته، كما صليت وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وكما يليق بعظيم شرفه وكماله، ورضاك عنه، وما تحب وترضى له عدد معلوماتك أبدا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.