فصل: سنة اثنتين وعشرين وستمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البداية والنهاية **


 ثم دخلت سنة ثمان عشرة وستمائة

فيها‏:‏ استولت التتر على كثير من البلدان بكلادة وهمذان وأردبيل وتبريز وكنجة، وقتلوا أهاليها ونهبوا ما فيها، واستأسروا ذراريها واقتربوا من بغداد فانزعج الخليفة لذلك، وحصن بغداد واستخدم الأجناد، وقنت الناس في الصلوات والأوراد‏.‏

وفيها‏:‏ قهروا الكرج واللان، ثم قاتلوا القبجاق فكسروهم، وكذلك الروس، وينهبون ما قدروا عليه، ثم قاتلوهم سبوا نساءهم وذراريهم‏.‏

وفيها‏:‏ سار المعظم إلى أخيه الأشرف فاستعطفه على أخيه الكامل، وكان في نفسه موجدة عليه فأزالها وسارا جميعاً نحو الديار المصرية لمعاونة الكامل على الفرنج الذين قد أخذوا ثغر دمياط واستحكم أمرهم هنالك من سنة أربع عشرة؛ وعرض عليهم في بعض الأوقات أن يرد إليهم بيت المقدس وجميع ما كان صلاح الدين فتحه من بلاد الساحل ويتركوا دمياط، فامتنعوا من ذلك ولم يفعلوا‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/112‏)‏

فقدر الله تعالى أنهم ضاقت عليهم الأقوات فقدم عليهم مراكب فيها ميرة لهم فأخذها الأسطول البحري، وأرسلت المياه على أراضي دمياط من كل ناحية فلم يمكنهم بعد ذلك أن يتصرفوا في نفسهم، وحصرهم المسلمون من الجهة الأخرى حتى اضطروهم إلى أضيق الأماكن‏.‏

فعند ذلك أنابوا إلى المصالحة بلا معاوضة، فجاء مقدموهم إليه وعنده أخواه المعظم عيسى وموسى الأشرف، وكانا قائمين بين يديه، وكان يوماً مشهوداً، فوقع الصلح على ما أراد الكامل محمد بيض الله وجهه، وملوك الفرنج والعساكر كلها واقفة بين يديه، ومد سماطاً عظيماً، فاجتمع عليه المؤمن والكافر والبر والفاجر، وقام راجح الحلي الشاعر فأنشد‏:‏

هنيئاً فإن السعد راح مخلداً * وقد أنجز الرحمن بالنصر موعدا

حبانا إله الخلق فتحاً بدا لنا * مبيناً وإنعاماً وعـزاً مؤبـدا

تهلل وجه الدهر بعد قطوبه * وأصبح وجه الشرك بالظلم أسودا

ولما طغى البحر الخضم بأهله الط*ـغـاة وأضحى بالمراكب مزبدا

أقام لهذا الدين من سل عزمه * صقيلاً كما سل الحسام مجـردا

فلم ينج إلا كل شلو مجدلٍ * ثوى منهم أو من تراه مقيـدا

ونادى لسان الكون في الأرض رافعاً * عقيرته في الخافقين ومنشدا

أعباد عيسى إن عيسى وحزبه * وموسى جميعاً يخدمون محمدا

قال أبو شامة‏:‏ وبلغني أنه أشار عند ذلك إلى المعظم عيسى، والأشرف موسى، والكامل محمد‏.‏

قال‏:‏ وهذا من أحسن شيء اتفق، وكان ذلك يوم الأربعاء التاسع عشر رجب من هذه السنة، وتراجعت الفرنج إلى عكا وغيرها، ورجع المعظم إلى الشام واصطلح الأشرف والكامل على أخيهما المعظم‏.‏

وفيها‏:‏ ولى الملك المعظم قضاء دمشق كمال الدين المصري الذي كان وكيل بيت المال بها، وكان فاضلاً بارعاً يجلس في كل يوم جمعة قبل الصلاة بالعادلية بعد فراغها لإثبات المحاضر، ويحضر عنده في المدرسة جميع الشهود من كل المراكز حتى يتيسر على الناس إثبات كتبهم في الساعة الواحدة، جزاه الله خيراً‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/113‏)‏

 من الأعيان‏:‏

 ياقوت الكاتب الموصلي رحمه الله

أمين الدين المشهور بطريقة ابن البواب‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏لم يكن في زمانه من يقاربه، وكانت لديه فضائل جمة والناس متفقون على الثناء عليه، وكان نعم الرجل‏.‏

وقد قال فيه نجيب الدين الواسطي قصيدة يمدحه بها‏:‏

جامع شارد العـلوم ولولا * ه لكانت أم الفضائـلِ ثكـلى

ذو يراع تخاف ريقتـه الأسـ * د، وتعنو له الكتائـب ذلا

وإذا افتر ثغره عن بياض * في سوادٍ فالسمر والبيـض خجلا

أنت بدر والكاتب ابن هلال * كأبيـه لا فخر فيمن تـولى

إن يكن أولى فإنك بالتفـضـ * يل أولى فقد سبقت وصلـى

 جلال الدين الحسن

من أولاد الحسن بن الصباح مقدم الإسماعيلية، وكان قد أظهر في قومه شعائر الإسلام، وحفظ الحدود والمحرمات والقيام فيها بالزواجر الشرعية‏.‏

 الشيخ الصالح

شهاب الدين محمد بن خلف بن راجح المقدسي الحنبلي الزاهد العابد الناسك، كان يقرأ على الناس يوم الجمعة الحديث النبوي وهو جالس على أسفل منبر الخطابة بالجامع المظفري، وقد سمع الحديث الكثير، ورحل وحفظ مقامات الحريري في خمسين ليلة، وكانت له فنون كثيرة، وكان ظريفاً مطبوعاً رحمه الله‏.‏

 والخطيب موفق الدين

أبو عبد الله عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل المقدسي، خطيب بيت الأبار، وقد تاب في دمشق عن الخطيب جمال الدين الدولعي حين سار في الرسلية إلى خوارزم شاه، حتى عاد‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/114‏)‏

 المحدث تقي الدين أبو طاهر

إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن الأنماطي، قرأ الحديث ورحل وكتبه‏.‏

وكان حسن الخط متقناً في علوم الحديث، حافظاً له، وكان الشيخ تقي الدين ابن الصلاح يثني عليه ويمدحه، وكانت له كتب بالبيت الغربي من الكلاسة الذي كان للملك المحسن بن صلاح الدين‏.‏

ثم أخذ من ابن الأنماطي وسلم إلى الشيخ عبد الصمد الدكائي، واستمر بيد أصحابه بعد ذلك، وكانت وفاته بدمشق ودفن بمقابر الصوفية، وصلى عليه بالجامع الشيخ موفق الدين، وبباب النصر الشيخ فخر الدين بن عساكر، وبالمقبرة قاضي القضاة جمال الدين المصري رحمه الله تعالى‏.‏

 أبو الغيث شعيب بن أبي طاهر بن كليب

ابن مقبل الضرير الفقيه الشافعي، أقام ببغداد إلى أن توفي، وكانت لديه فضائل وله رسائل، ومن شعره قوله‏:‏

إذا كنتم للناس أهل سياسةٍ * فسوسوا كرام الناس بالجود والبذلِ

وسوسوا لئام الناس بالذل يصلحوا * عليه، فإن الذل أصلح للنذلِ

 أبو العز شرف بن علي

ابن أبي جعفر بن كامل الخالصي المقري الضرير الفقيه الشافعي، تفقه بالنظامية وسمع الحديث ورواه، وأنشد عن الحسن بن عمرو الحلبي‏:‏

تمثلتم لي والديار بعيدةٌ * فخيل لي أن الفـؤاد لكـم معنى

وناجاكم قلبي على البعد بيننا * فأوحشتم لفظاً وآنستم معنى

 أبو سليمان داوود بن إبراهيم

ابن مندار الجيلي، أحد المعيدين بالمدرسة النظامية، ومما أنشده‏:‏

أيا جامعاً أمسك عنانك مقصراً * فإن مطايا الدهر تكبو وتقصرُ

ستقرع سنا أو تعض ندامـةً * إذا خـان الزمان واقصـرُ

ويلقاك رشد بعد غيك واعـٌظ * ولكنه يلقاك والأمر مدبرُ

‏(‏ج/ص‏:‏ 13/115‏)‏

 أبو المظفر عبد الودود بن محمود بن المبارك

ابن علي بن المبارك بن الحسن الواسطي الأصل، البغدادي الدار والمولد، كمال الدين المعروف والده بالمجيد، تفقه على أبيه وقرأ عليه علم الكلام، ودرس بمدرسته عند باب الأزج، ووكله الخليفة الناصر‏.‏

واشتهر بالديانة والأمانة، وباشر مناصب كباراً، وحج مراراً عديدة، وكان متواضعاً حسن الأخلاق، وكان يقول‏:‏

وما تركت ست وستون حجةً * لنا حجة أن نركب اللهو مركبا

وكان ينشده‏:‏

العلم يأتي كل ذي خفـ *ض ويأبى على كل آبي

كالماء ينزل في الوها * د وليس يصعد في الروابي

 ثم دخلت سنة تسع عشرة وستمائة

فيها‏:‏ نقل تابوت العادل من القلعة إلى تربته العادلية الكبيرة فصلى عليه أولاً تحت النسر بالجامع الأموي، ثم جاؤا به إلى التربة المذكورة فدفن فيها، ولم تكن المدرسة كملت بعد، وقد تكامل بناؤها في هذه السنة أيضاً‏.‏

وذكر الدرس بها القاضي جمال الدين المصري، وحضر عنده السلطان المعظم، فجلس في الصدر، وعن شماله القاضي، وعن يمينه صدر الدين الحصيري شيخ الحنفية، وكان في المجلس الشيخ تقي الدين بن الصلاح إمام السلطان، والشيخ سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس، وإلى جانبه شمس الدين بن سناء الدولة، ويليه النجم خليل قاضي العسكر، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي، وتحته محيي الدين التركي، وفيه خلق من الأعيان والأكابر، وفيهم فخر الدين بن عساكر‏.‏

وفيها‏:‏ أرسل الملك المعظم الصدر الكشهني محتسب دمشق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالآ عليه، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ‏.‏

وحج في هذه السنة الملك مسعود بن أقسيس بن الكامل صاحب اليمن، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلا قبة زمزم، وكان إذا نام في دار الإمارة، يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه، وهو نوم سكر قبحه الله، ولكن كان مع هذا كله مهيباً محترماً والبلاد به آمنة مطمئنة‏.‏

وقد كاد يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة فيجري بسبب ذلك فتنة عظيمة، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد‏.‏

وفيها‏:‏ كان بالشام جراد كثيراً أكل الزرع والثمار والأشجار‏.‏

وفيها‏:‏ وقعت حروب كثيرة بين القبجاق والكرج وقتال كثير بسبب ضيق بلاد القبجاق عليهم‏.‏

وفيها‏:‏ ولي قضاء القضاة ببغداد، أبو عبد الله محمد بن فلان‏.‏

ولبس الخلعة في باب دار الوزارة مؤيد الدين محمد بن محمد القيمق بحضرة الأعيان والكبراء، وقرئ تقليده بحضرتهم وساقه ابن الساعي بحروفه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/116‏)‏

 من الأعيان‏:‏

 عبد القادر بن داود

أبو محمد الواسطي الفقيه الشافعي، الملقب‏:‏ بالمحب، استقل بالنظامية دهراً واشتغل بها، وكان فاضلاً ديناً صالحاً، ومما أنشده من الشعر‏:‏

الفرقدان كلاهما شَهدا له * والبدر ليلة تمه بسهاده

دنف إذا اعتبق الظلام تضرمت * نار الجوى في صدره وفؤاده

فجرت مدامع جفنه في خده * مثل المسيل يسيل من أطواره

شوقاً إلى مضنيه لم أر هكذا * مشتاق مضني جسمه ببعاده

ليت الذي أضناه سحر جفونه * قبل الممات يكون من عواده

 أبو طالب يحيى بن علي

اليعقوبي الفقيه الشافعي، أحد المعيدين ببغداد، كان شيخاً مليح الشيبة جميل الوجه، كان يلي بعض الأوقاف، ومما أنشده لبعض الفضلاء‏:‏

لحمل تهامة وجبال أحد * وماء البحر ينقل بالزبيل

ونقل الصخر فوق الظهر عريا * لاهون من مجالسة الثقيل

ولبعضهم أيضاً، وهو مما أنشده المذكور‏:‏

وإذا مضى للمرء من أعوامه * خمسون وهو إلى التقى لا يجنح

عكفت عليه المخزيات فقولها‏:‏ * حالفتنا، فأقم كذا لا تبرح

وإذا رأى الشيطان غرة وجهه * حيا، وقال‏:‏ فديت من لا يفلح

اتفق أنه طولب بشيء من المال فلم يقدر عليه، فاستعمل شيئاً من الأفيون المصري فمات من يومه ودفن بالوردية‏.‏

وفيها‏:‏ توفي قطب الدين العادل بالفيوم، ونقل إلى القاهرة‏.‏

 وفيها‏:‏ توفي إمام الحنابلة بمكة الشيخ نصر بن أبي الفرج المعروف بابن الحصري، جاور بمكة مدة لم يسافر ثم ساقته المنية إلى اليمن، فمات بها في هذه السنة، وقد سمع الحديث من جماعة من المشايخ‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 13/117‏)‏

وفيها‏:‏ في ربيع الأول توفي بدمشق الشهاب عبد الكريم بن نجم النيلي، أخو البهاء والناصح، وكان فقيهاً مناظراً بصيراً بالمحاكمات، وهو الذي أخرج مسجد الوزير من يد الشيخ علم الدين السخاوي رحمه الله تعالى بمنه وكرمه‏.‏

 ثم دخلت سنة عشرين وستمائة

فيها‏:‏ عاد الأشرف موسى بن العادل من عند أخيه الكامل صاحب مصر‏.‏

فتلقاه أخوه المعظم، وقد فهم أنهما تمالآ عليه، فبات ليلة بدمشق وسار من آخر الليل، ولم يشعر أخوه بذلك فسار إلى بلاده فوجد أخاه الشهاب غازي الذي استنابه على خلاط وميافارقين وقد قووا رأسه، وكاتبه المعظم صاحب إربل وحسنوا له مخالفة الأشرف، فكتب إليه الأشرف ينهاه عن ذلك، فلم يقبل فجمع له العساكر ليقاتله‏.‏

وفيها‏:‏ سار أقسيس الملك مسعود صاحب اليمن ابن الكامل من اليمن إلى مكة شرفها الله تعالى فقاتله ابن قتادة ببطن مكة بين الصفا والمروة، فهزمه أقسيس وشرده، واستقل بملك مكة مع اليمن، وجرت أمور فظيعة، وتشرد حسن بن قتادة قاتل أبيه وعمه وأخيه في تلك الشعاب والأودية‏.‏

 من الأعيان الشيخ الإمام‏:‏

 موفق الدين عبد الله بن أحمد

ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، شيخ الإسلام‏.‏ مصنف المغني في المذهب، أبو محمد المقدسي إمام عالم بارع، لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه‏.‏

ولد بجماعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وقدم مع أهله إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين، وقرأ القرآن وسمع الحديث الكثير ورحل مرتين إلى العراق، إحداهما في سنة إحدى وستين مع ابن عمه الحافظ عبد الغني، والأخرى سنة سبع وستين، وحج في سنة ثلاث وسبعين، وتفقه ببغداد على مذهب الإمام أحمد، وبرع وأفتى وناظر وتبحر في فنون كثيرة‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 13/118‏)‏

مع زهد وعبادة وورع وتواضع وحسن أخلاق وجود وحياء وحسن سمت ونور وبهاء وكثرة تلاوة وصلاة وصيام وقيام وطريقة حسنة، واتباع للسلف الصالح، وكانت له أحوال ومكاشفات‏.‏

وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى‏:‏ إن لم تكن العلماء العاقلون أولياء الله فلا أعلم لله ولياً، وكان يؤم الناس للصلاة في محراب الحنابلة هو والشيخ العماد، فلما توفي العماد استقل هو بالوظيفة، فإن غاب صلى عنه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغني، وكان يتنفل بين العشاءين بالقرب من محرابه، فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدولعي بالرصيف، وأخذ معه من الفقراء من تيسر يأكلون معه من طعامه‏.‏

وكان منزله الأصلي بقاسيون فينصرف بعض الليالي بعد العشاء إلى الجبل، فاتفق في بعض الليالي أن خطف رجل عمامته، وكان فيها كاغد فيه رمل، فقال له الشيخ‏:‏

خذ الكاغد وألق العمامة، فظن الرجل أن ذلك نفقة فأخذه، وألقى العمامة‏.‏

وهذا يدل على ذكاء مفرط واستحضار حسن في الساعة الراهنة، حتى خلص عمامته من يده بتلطف‏.‏

وله مصنفات عديدة مشهورة‏:‏

منها‏:‏ ‏(‏المغني في شرح مختصر الخرقي‏)‏ في عشرة مجلدات‏.‏

و‏(‏الشافي‏)‏ في مجلدين‏.‏

و‏(‏المقنع‏)‏ للحفظ‏.‏

و‏(‏الروضة‏)‏ في أصول الفقه، وغير ذلك من التصانيف المفيدة‏.‏

وكانت وفاته في يوم عيد الفطر في هذه السنة، وقد بلغ الثمانين، وكان يوم سبت وحضر جنازته خلق كثير، ودفن بتربته المشهورة، ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله تعالى، وكان له أولاد ذكور وإناث، فلما كان حياً ماتوا في حياته‏.‏

ولم يعقب منهم سوى ابنه عيسى ولدين ثم ماتا وانقطع نسله‏.‏

قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي‏:‏ نقلت من خط الشيخ موفق رحمه الله تعالى‏:‏

لا تجلسن بباب من * يأبى عليك وصول داره

وتقول حاجاتي إليـ * ـه يعوقها إن لم أداره

واتركه واقصد ربها * تقضى ورب الدار كاره

ومما أنشده الشيخ موفق الدين لنفسه رحمه الله تعالى ورضى عنه قوله‏:‏

أبعد بياض الشعر أعمر مسكناً * سوى القبر، إني إن فعلت لأحمق

يخبرني شيبي بأني ميت * وشيكاً، فينعاني إلي ويصدق

يخرق عمري كل يوم وليلة * فهل مستطاع وقع ما يتخرق

كأني بجسمي فوق نعشي ممددا * فمن ساكت أو معول يترحق

إذا سئلوا عني أجابوا وعولوا * وأدمعهم تنهل هذا الموفق

وغيبت في صدع من الأرض ضيق * وأودعت لحداً فوقه الصخر مطبق

ويحثو على الترب أوثـق صاحب * ويسلمني للقـبر من هو مشفق

فيا رب كن لي مؤنساً يوم وحشتي * فإني بما أنزلته لمصدق

وما ضرني أني إلى الله صائر * ومن هو من أهلـي أبر وأرفق

‏(‏ج/ص‏:‏ 13/119‏)‏

 فخر الدين ابن عساكر

عبد الرحمن بن الحسن بن هبة الله بن عساكر

أبو منصور الدمشقي شيخ الشافعية بها، وأمه اسمها أسماء بنت محمد بن الحسن بن طاهر القدسية المعروف والدها‏:‏ بأبي البركات ابن المران، وهو الذي جدد مسجد القدم في سنة سبع عشرة وخمسمائة، وبه قبره وقبرها، ودفن هناك طائفة كبيرة من العلماء، وهي أخت آمنة، والدة القاضي محيي الدين محمد بن علي بن الزكي‏.‏

اشتغل الشيخ فخر الدين من صغره بالعلم الشريف على شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري، فتزوج بابنته ودرس مكانه بالجاروجية، وبها كان يسكن في إحدى القاعتين اللتين أنشأهما، وبها توفي غربي الإيوان‏.‏

ثم تولى تدريس الصلاحية الناصرية بالقدس الشريف‏.‏

ثم ولاه العادل تدريس التقوية، وكان عنده أعيان الفضلاء‏.‏

ثم تفرغ فلزم المجاورة في الجامع في البيت الصغير إلى جانب محراب الصحابة يخلو فيه للعبادة والمطالعة والفتاوى، وكانت تفد إليه من الأقطار، وكان كثير الذكر حسن السمت، وكان يجلس تحت النسر في كل اثنين وخميس مكان عمه لإسماع الحديث بعد العصر، فيقرأ عليه دلائل النبوة وغيره‏.‏

وكان يحضر مشيخة دار الحديث النورية، ومشهد ابن عروة أول ما فتح وقد استدعاه الملك العادل بعد ما عزل قاضيه ابن الزكي فأجلسه إلى جانبه وقت السماط، وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق، فقال‏:‏ حتى أستخير الله تعالى‏.‏

ثم امتنع من ذلك فشق على السلطان امتناعه، وهم أن يؤذيه فقيل له‏:‏ أحمد الله الذي فيه مثل هذا‏.‏

ولما توفي العادل وأعاد ابنه المعظم الخمور، أنكر عليه الشيخ فخر الدين، فبقي في نفسه منه فانتزع منه تدريس التقوية، ولم يبق معه سوى الجاروجية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة‏.‏

وكانت وفاته يوم الأربعاء بعد العصر عاشر رجب من هذه السنة، وله خمس وستون سنة، وصلى عليه بالجامع، وكان يوماً مشهوداً وحملت جنازته إلى مقابر الصوفية فدفن في أولها قريباً من قبر شيخه قطب الدين مسعود بن عروة‏.‏

 سيف الدين محمد بن عروة الموصلي

المنسوب إليه مشهد ابن عروة بالجامع الأموي، لأنه أول من فتحه وقد كان مشحوناً بالحواصل الجامعية، وبنى فيه البركة ووقف فيه على الحديث درساً، ووقف خزائن كتب فيه، وكان مقيماً بالقدس الشريف، ولكنه كان من خواص أصحاب الملك المعظم، فانتقل إلى دمشق حين خرب سور بيت المقدس إلى أن توفي بها، وقبره عند قباب أتابك طغتكين قبلي المصلى رحمه الله‏.‏

 الشيخ أبو الحسن الروزبهاري ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/120‏)‏

دفن بالمكان المنسوب إليه عند باب الفراديس‏.‏

الشيخ عبد الرحمن اليمني

كان مقيماً بالمنارة الشرقية، كان صالحاً زاهداً ورعاً وفيه مكارم أخلاق، ودفن بمقابر الصوفية‏.‏

 الرئيس عز الدين المظفر بن أسعد

ابن حمزة التميمي ابن القلانسي، أحد رؤساء دمشق وكبرائها، وجده أبو يعلى حمزة له تاريخ ذيل به على ابن عساكر، وقد سمع عز الدين هذا الحديث من الحافظ أبي القاسم ابن عساكر وغيره، ولزم مجالسة الكندي وانتقع به‏.‏

الأمير الكبير أحد حجاب الخليفة

 محمد بن سليمان بن قتلمش بن تركانشاه بن منصور السمرقندي، وكان من أولاد الأمراء وولي حاجب الحجاب بالديوان العزيز الخليفتي، وكان يكتب جيداً، وله معرفة حسنة بعلوم كثيرة، منها الأدب وعلوم الرياضة، وعمر دهراً، وله حظ من نظم الشعر الحسن، ومن شعره قوله‏:‏

سئمت تكاليف هذي الحياة * وكذا الصباح بها والمساء

وقد كنت كالطفل في عقله * قليل الصواب كثير الهراء

أنام إذا كنت في مجلس * وأسهر عند دخول الغنـاء

وقصر خطوى قيد المشيب * وطال على ما عناني عناء

وغودرت كالفرخ في عشه * وخلفت حلمي وراءَ وراءُ

وما جر ذلك غير البقاء * فكيف بدا سوء فعل البقـاء

وله أيضاً، وهو من شعره الحسن رحمه الله‏:‏

إلهي يا كثير العفو عفواً *لما أسلفت في زمن الشباب

فقد سودت في الآثام وجهاً * ذليلاً خاضعاً لك في التراب

فبيضه بحسن العفو عني * وسامحني وخفف من عذابي

ولما توفي صلى عليه بالنظامية، ودفن بالشونيزية، ورآه بعضهم في المنام فقال‏:‏ ما فعل بك ربك‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/121‏)‏

تحاشيت اللقـاء لسوء فعـلي * وخوفـاً في المعـاد من النـدامـة

فلما أن قدمت على إلهي * وحاقق في الحساب على قلامه

وكان العدل أن أصلى جحيماً * تعطف بالمكارم والكرامة

وناداني لسان العفو منه * ألا يا عبد يهنيك السلامة

 أبو علي الحسن بن أبي المحاسن

زهرة بن علي بن زهرة العلوي الحسيني الحلبي، نقيب الأشراف بها، كان لديه فضل وأدب وعلم بأخبار الناس والتواريخ والسير والحديث، ضابطاً حافظاً للقرآن المجيد، وله شعر جيد فمنه قوله‏:‏

لقد رأيت المعشوق وهو من الـ * ـهجر تنبو النواظر عنه

أثر الدهر فيه آثار سوء * وأدالت يد الحوادث منه

عاد مستذلاً ومستبدلاً * عزاً بذلٍ كأن لم يصنه

 أبو علي يحيى بن المبارك

ابن الجلاجلي من أبناء التجار، سمع الحديث، وكان جميل الهيئة يسكن بدار الخلافة، وكان عنده علم وله شعر حسن فمنه قوله‏:‏

خير إخوانك المشارك في المر * وأين الشريك في المر أينا

الذي إن شهدت سرك في القو * م وإن غبت كان أذنا وعينا

مثل العقيق إن مسه النا * ر جلاه الجلاء فازداد زينا

وأخو السوء إن يغب عنك يش * نئك وإن يحتضر يكن ذاك شينا

جيبه غير ناصح ومناه أن * يصب الخليل إفكا ومينا

فاخش منه ولا تلهف عليه * إن غُرما له كنقدك دينا

 ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وستمائة

فيها وصلت سرية من جهة جنكزخان غير الأولتين إلى الري، وكانت قد عمرت قليلاً فقتلوا أهلها أيضاً، ثم ساروا إلى ساوة، ثم إلى قم وقاسان، ولم تكونا طرقتا إلا هذه المرة، ففعلوا بها مثل ما تقدم من القتل والسبي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/122‏)‏

ثم ساروا إلى همذان فقتلوا أيضاً وسبوا، ثم ساروا إلى خلف الخوارزمية إلى أذربيجان فكسروهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً، فهربوا منهم إلى تبريز، فلحقوهم وكتبوا إلى ابن البهلوان‏:‏

إن كنت مصالحاً لنا فابعث لنا بالخوارزمية، وإلا فأنت مثلهم، فقتل منهم خلقاً وأرسل برؤوسهم إليهم مع تحف وهدايا كثيرة‏.‏

هذا كله وإنما كانت هذه السرية ثلاثة آلاف والخوارمية وأصحاب البلهوان أضعاف أضعافهم، ولكن الله تعالى ألقى عليهم الخذلان والفشل، فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وفيها‏:‏ مَلك غياث الدين بن خوارزم شاه بلاد فارس مع ما في يده من مملكة أصفهان وهمذان‏.‏

وفيها‏:‏ استعاد الملك الأشرف مدينة خلاط من أخيه شهاب الدين غازي، وكان قد جعلها إليه مع جميع بلاد أرمينية، وميافارقين، وجاي، وجبل حور، وجعله ولي عهده من بعده‏.‏

فلما عصي عليه وتشغب دماغه بما كتب إليه المعظم من تحسينه له مخالفته، فركب إليه وحاصره بخلاط فسلمت إليه، وامتنع أخوه في القلعة، فلما كان الليل نزل إلى أخيه معتذراً فقبل عذره، ولم يعاقبه بل أقره على ميافارقين وحدها‏.‏

وكان صاحب إربل والمعظم متفقين مع الشهاب غازي على الأشرف، فكتب الكامل إلى المعظم يتهدده لئن ساعد على الأشرف ليأخذنه وبلاده، وكان بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل مع الأشرف، فركب إليه صاحب إربل فحاصره بسبب قلة جنده لأنه أرسلهم إلى الأشرف حين نازل خلاط، فلما انفصلت الأمور على ما ذكرنا ندم صاحب إربل، والمعظم بدمشق أيضاً‏.‏

وفيها‏:‏ أرسل المعظم ولده الناصر داود إلى صاحب إربل يقويه على مخالفة الأشرف، وأرسل صوفياً من الشميساطية يقال له‏:‏ الملق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه - وكان قد أخذ أذربيجان في هذه السنة، وقوى جأشه - يتفق معه على أخيه الأشرف، فوعده النصر والرفادة‏.‏

وفيها‏:‏ قدم الملك مسعود أقسيس ملك اليمن على أبيه الكامل بالديار المصرية ومعه شيء كثير من الهدايا والتحف، من ذلك مائتا خادم، وثلاثة أفيلة هائلة، وأحمال عود وند ومسك وعنبر‏.‏

وخرج أبوه الكامل لتلقيه ومن نية أقسيس أن ينزع الشام من يد عمه المعظم‏.‏

وفيها‏:‏ كمل عمارة دار الحديث الكاملية بمصر، وولى مشيختها الحافظ أبو الخطاب ابن دحية الكلبي، وكان مكثاراً كثير الفنون، وعنده فوائد وعجائب رحمه الله‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/123‏)‏

 من الأعيان‏:‏

 أحمد بن محمد

ابن علي القادسي الضرير الحنبلي، والد صاحب الذيل على تاريخ ابن الجوزي‏.‏

وكان القادسي هذا يلازم حضور مجلس الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي، ويزهره لما يسمعه من الغرائب، ويقول‏:‏ والله إن ذا مليح‏.‏

فاستقرض منه الشيخ مرة عشرة دنانير فلم يعطه، وصار يحضر ولا يتكلم، فقال الشيخ مرة‏:‏

هذا القادسي لا يقرضنا شيئاً، ولا يقول‏:‏ والله إن ذا مليح ‏؟‏

رحمهم الله تعالى، وقد طلب القادسي مرة إلى دار المستضيء ليصلي بالخليفة التراويح، فقيل له والخليفة يسمع‏:‏

ما مذهبك‏؟‏

فقال‏:‏ حنبلي‏.‏

فقال له‏:‏ لا تصل بدار الخلافة وأنت حنبلي‏.‏

فقال‏:‏ أنا حنبلي ولا أصلي بكم‏.‏

فقال الخليفة‏:‏ اتركوه لا يصلي بنا إلا هو‏.‏

 أبو الكرم المظفر بن المبارك

ابن أحمد بن محمد البغدادي الحنفي شيخ مشهد أبي حنيفة وغيره، ولي الحسبة بالجانب الغربي من بغداد، وكان فاضلاً دينا شاعراً ومن شعره‏:‏

فصن بجميل الصبر نفسك واغتنم * شريف المزايا لا يفنك ثوابها

وعش سالما والقول فيك مهذب * كريما وقد هانت عليك صعابها

وتندرج الأيام والكل ذاهب * قليل ويفنى عذبها وعذابها

وما الدهر إلا مر يومٍ وليلة * وما العمر إلا طيها وذهابها

وما الحزم إلا في إخاء عزيمة * وفيك المعالي صفوها ولبابها

ودع عنك أحلام الأماني فإنه * سيسفر يوماً غيها وصوابها

 محمد بن أبي الفرج بن بركة

الشيخ فخر الدين أبو المعالي الموصلي قدم بغداد، واشتغل بالنظامية وأعاد بها، وكانت له معرفة بالقراءات، وصنف كتاباً في مخارج الحروف، وأسند الحديث، وله شعر لطيف‏.‏

أبو بكر بن حلبة الموازيني البغدادي

كان فرداً في علم الهندسة وصناعة الموازين يخترع أشياء عجيبة، من ذلك أنه ثقب حبة خشخاش سبعة ثقوب وجعل في كل ثقب شعرة، وكان له حظوة عند الدولة‏.‏

 أحمد بن جعفر بن أحمد

ابن محمد أبو العباس الدبيبي البيع الواسطي، شيخ أديب فاضل له نظم ونثر، عارف بالأخبار والسير، وعنده كتب جيدة كثيرة، وله شرح قصيدة لأبي العلاء المعري في ثلاث مجلدات، وقد أورد له ابن الساعي شعراً حسناً فصيحاً حلواً لذيذاً في السمع لطيفاً في القلب‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/124‏)‏

 ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وستمائة

فيها‏:‏ عاثت الخوارزمية حين قدموا مع جلال الدين بن خوارزم شاه من بلاد غزنة مقهورين من التتار إلى بلاد خوزستان ونواحي العراق، فأفسدوا فيه وحاصروا مدنه ونهبوا قراه‏.‏

وفيها‏:‏ استحوذ جلال الدين بن خوارزم شاه على بلاد أذربيجان وكثيراً من بلاد الكرج، وكسر الكرج وهم في سبعين ألف مقاتل، فقتل منهم عشرين ألفاً من المقاتلة، واستفحل أمره جداً، وعظم شأنه، وفتح تفليس، فقتل منها ثلاثين ألفاً‏.‏

وزعم أبو شامه‏:‏ أنه قتل من الكرج سبعين ألفاً في المعركة، وقتل من تفليس تمام المائة ألف، وقد اشتغل بهذه الغزوة عن قصد بغداد، وذلك أنه لما حاصر دقوقا سبه أهلها ففتحها قسراً وقتل من أهلها خلقاً كثيراً، وخرب سورها وعزم على قصد الخليفة ببغداد لأنه فيم زعم عمل على أبيه حتى هلك، واستولت التتر على البلاد‏.‏

وكتب إلى المعظم بن العادل يستدعيه لقتال الخليفة ويحرضه على ذلك، فامتنع المعظم من ذلك، ولما علم الخليفة بقصد جلال الدين بن خوارزم شاه بغداد انزعج لذلك، وحصن بغداد واستخدم الجيوش والأجناد، أنفق في الناس ألف ألف دينار، وكان جلال الدين قد بعث جيشاً إلى الكرج فكتبوا إليه‏:‏

أن أدركنا قبل أن نهلك عن آخرنا، وبغداد ما تفوت، فسار إليهم وكان من أمره ما ذكرنا‏.‏

وفيها‏:‏ كان غلاء شديد بالعراق والشام بسبب قلة الأمطار وانتشار الجراد، ثم أعقب ذلك فناء كثير بالعراق والشام أيضا، فمات بسببه خلق كثير في البلدان، فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

وفاة الخليفة الناصر لدين الله وخلافة ابنه الظاهر

لما كان يوم الأحد آخر يوم من شهر رمضان المعظم من هذه السنة، توفي الخليفة الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله‏.‏

أبي المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله‏.‏

أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله‏.‏

أبي عبد الله أحمد بن المقتدي بأمر الله‏.‏

أبي القاسم عبد الله بن الذخيرة محمد بن القائم بأمر الله‏.‏

أبي جعفر عبد الله بن القادر بالله‏.‏

أبي العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد بن محمد المتوكل أبي جعفر عبد الله بن القادر بالله‏.‏

أبي العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر بالله‏.‏

أبي الفضل جعفر بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق‏.‏

أبي أحمد بن محمد المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن عبد الله أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي العباسي، أمير المؤمنين، ولد ببغداد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وبويع له بالخلافة بعد موت أبيه سنة خمس وسبعين وخمسمائة‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/125‏)‏

وتوفي في هذه السنة وله من العمر تسع وستون سنة وشهران وعشرون يوماً، وكانت مدة خلافته سبعا وأربعين سنة إلا شهرا، ولم يقم أحد من الخلفاء العباسيين قبله في الخلافة هذه المدة الطويلة، ولم تطل مدة أحد من الخلفاء مطلقا أكثر من المستنصر العبيدي، أقام بمصر حاكماً ستين سنة، وقد انتظم في نسبه أربعة عشر خليفة، وولي عهد على ما رأيت، وبقية الخلفاء العباسيين كلهم من أعمامه وبني عمه‏.‏

وكان مرضه قد طال به وجمهوره من عسار البول، مع أنه كان يجلب له الماء من مراحل عن بغداد ليكون أصفى، وشق ذكره مرات بسبب ذلك، ولم يغن عنه هذا الحذر شيئاً، وكان الذي ولي غسله محيي الدين بن الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي، وصلى عليه ودفن في دار الخلافة‏.‏

ثم نقل إلى الترب من الرصافة في ثاني ذي الحجة من هذه السنة، وكان يوماً مشهوداً‏.‏

قال ابن الساعي‏:‏ أما سيرته فقد تقدمت في الحوادث‏.‏

وأما ابن الأثير في كامله فإنه قال‏:‏ وبقي الناصر لدين الله ثلاث سنين عاطلاً من الحركة بالكلية، وقد ذهبت إحدى عينيه والأخرى يبصر بها إبصاراً ضعيفاً، وآخر الأمر أصابه دوسنطارية عشرين يوماً ومات‏.‏

وزر له عدة وزراء، وقد تقدم ذكرهم، ولم يطلق في أيام مرضه ما كان أحدثه من الرسوم الجائرة، وكان قبيح السيرة في رعيته، ظالما لهم، فخرب في أيامه العراق، وتفرق أهله في البلاد، وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل الشيء وضده، فمن ذلك أنه عمل دوراً للإفطار في رمضان، ودورا لضيافة الحجاج، ثم أبطل ذلك‏.‏

وكان قد أسقط مكوساً ثم أعادها، وجعل جل همه في رمي البندق والطيور المناسيب وسراويلات الفتوة‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ وإن كان ما ينسبه العجم إليه صحيحاً من أنه هو الذي أطمع التتار في البلاد وراسلهم فهو الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب عظيم‏.‏

قلت‏:‏ وقد ذكر عنه أشياء غريبة، من ذلك أنه كان يقول للرسل الوافدين عليه‏:‏ فعلتم في مكان كذا وكذا، وفعلتم في الموضع الفلاني، كذا حتى ظن بعض الناس أو أكثرهم أنه كان يكاشف أو أن جنيا يأتيه بذلك، والله أعلم‏.‏

 خلافة الظاهر بن الناصر

لما توفي الخليفة الناصر لدين الله كان قد عهد إلى ابنه أبي نصر محمد هذا ولقبه بالظاهر، وخطب له على المنابر، ثم عزله عن ذلك بأخيه علي‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/126‏)‏

فتوفي في حياة أبيه سنة ثنتي عشرة، فاحتاج إلى إعادة هذا لولاية العهد فخطب له ثانيا، فحين توفي بويع بالخلافة، وعمره يومئذ ثنتان وخمسون سنة، فلم يل الخلافة من بني العباس أسن منه، وكان عاقلاً وقوراً ديناً عادلاً محسناً، رد مظالم كثيرة وأسقط مكوساً كان قد أحدثها أبوه، وسار في الناس سيرة حسنة، حتى قيل‏:‏ إنه لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز أعدل منه لو طالت مدته، لكنه لم يحل إلى الحول، بل كانت مدته تسعة أشهر أسقط الخراج الماضي عن الأراضي التي قد تعطلت، ووضع عن أهل بلدة واحدة وهي يعقوبا سبعين ألف دينار كان أبوه قد زادها عليهم في الخراج، وكانت صنجة المخزن تزيد على صنجة البلد نصف دينار في كل مائة إذا قبضوا وإذا أقبضوا دفعوا بصنجة البلد‏.‏

فكتب إلى الديوان‏:‏ ‏{‏وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏المطففين‏:‏ 1-6‏]‏‏.‏

فكتب إليه بعض الكتاب يقول‏:‏ يا أمير المؤمنين، إن تفاوت هذا عن العام الماضي خمسة وثلاثون ألفاً فأرسل ينكر عليه ويقول‏:‏ هذا يترك وإن كان تفاوته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفاً، رحمه الله‏.‏

وأمر للقاضي أن كل من ثبت له حق بطريق شرعي يوصل إليه بلا مراجعة، وأقام في النظر على الأموال الجردة رجلاً صالحاً واستخلص على القضاء الشيخ العلامة عماد الدين أبا صالح نصر بن عبدا لرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي في يوم الأربعاء ثامن ذي الحجة، فكان من خيار المسلمين ومن القضاة العادلين، رحمهم الله أجمعين‏.‏

ولما عرض عليه القضاء لم يقبله إلا بشرط أن يورث ذوي الأرحام، فقال‏:‏ أعط كل ذي حق حقه واتق الله ولا تتق سواه، وكان من عادة أبيه أن يرفع إليه حراس الدروب في كل صباح بما كان عندهم في المحال من الاجتماعات الصالحة والطالحة، فلما ولي الظاهر أمر بتبطيل ذلك كله، وقال‏:‏

أي فائدة في كشف أحوال الناس وهتك أستارهم‏؟‏ فقيل له‏:‏ إن ترك ذلك يفسد الرعية، فقال‏:‏ نحن ندعو الله لهم أن يصلحهم، وأطلق من كان في السجون معتقلاً على الأموال الديوانية، ورد عليهم ما كان استخرج منهم قبل ذلك من المظالم وأرسل إلى القاضي بعشرة آلاف دينار يوفي بها ديون من في سجونه من المدينين الذي لا يجدون وفاء‏.‏

وفرق في العلماء بقية المائة ألف، وقد لامه بعض الناس في هذه التصرفات فقال‏:‏ إنما فتحت الدكان بعد العصر، فذروني أعمل صالحاً وأفعل الخير، فكم مقدار ما بقيت أعيش‏؟‏

ولم تزل هذه سيرته حتى توفي في العام الآتي كما سيأتي‏.‏ ورخصت الأسعار في أيامه وقد كانت قبل ذلك في غاية الغلاء حتى أنه فيما حكى ابن الأثير‏:‏ أكلت الكلاب والسنانير ببلاد الجزيرة والموصل، فزال ذلك والحمد لله‏.‏

وكان هذا الخليفة الظاهر حسن الشكل مليح الوجه أبيض مشرباً حلو الشمائل شديد القوى‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/127‏)‏

 من الأعيان‏:‏

 أبو الحسن علي الملقب بالملك الأفضل

نور الدين ابن السلطان صلاح الدين بن يوسف بن أيوب، كان ولي عهد أبيه، وقد ملك دمشق بعده مدة سنتين ثم أخذها منه عمه العادل، ثم كاد أن يملك الديار المصرية بعد أخيه العزيز فأخذها منه عمه العادل أبو بكر، ثم اقتصر على ملك صرخد فأخذها منه أيضاً عمه العادل، ثم آل به الحال أن ملك سميساط وبها توفي في هذه السنة، وكان فاضلاً شاعراً جيد الكتابة، ونقل إلى مدينة حلب فدفن بها بظاهرها‏.‏

وقد ذكر ابن خلكان أنه كتب إلى الخليفة الناصر لدين الله يشكو إليه عمه أبا بكر وأخاه عثمان وكان الناصر شيعياً مثله‏:‏

مولاي إن أبا بكر وصاحبه * عثمان قد غصبا بالسيف حق علي

وهو الذي كان قد ولاه والده * عليهما باستقام الأمر حين ولي

فخالفاه وحلا عقد بيعته * والأمر بينهما والنص فيه جلـي

فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقى * من الأواخر ما لاقى من الأول

 الأمير سيف الدين علي

ابن الأمير علم الدين بن سليمان بن جندر، كان من أكابر الأمراء بحلب، وله الصدقات الكثيرة ووقف بها مدرستين إحداهما على الشافعية والأخرى على الحنفية، وبنى الخانات والقناطر وغير ذلك من سبل الخيرات والغزوات رحمه الله‏.‏

 الشيخ علي الكردي

الموله المقيم بظاهر باب الجابية‏.‏

قال أبو شامة‏:‏ وقد اختلفوا فيه فبعض الدماشقة يزعم أنه كان صاحب كرامات، وأنكر ذلك آخرون، وقالوا ما رآه أحد يصلي ولا يصوم ولا لبس مداساً، بل كان يدوس النجاسات ويدخل المسجد على حاله، وقال آخرون كان له تابع من الجن يتحدث على لسانه‏.‏

حكى السبط عن امرأة قالت‏:‏ جاء خبر بموت أمي باللاذقية أنها ماتت وقال لي بعضهم‏:‏ إنها لم تمت، قالت‏:‏ فمررت به وهو قاعد عند المقابر فوقفت عنده فرفع رأسه وقال لي‏:‏ ماتت ماتت إيش تعملين‏؟‏ فكان كما قال‏.‏

وحكى لي عبد الله صاحبي قال‏:‏ صبحت يوماً وما كان معي شيء فاجتزت به فدفع إلي نصف درهم وقال‏:‏ يكفي هذا للخبز والفت بدبس‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/128‏)‏

وقال‏:‏ مر يوماً على الخطيب جمال الدين الدولعي فقال له‏:‏ يا شيخ علي أكلت اليوم كسيرات يابسة وشربت عليها الماء فكفتني، فقال له‏:‏ الشيخ علي الكردي وما تطلب نفسك شيئاً آخر غير هذا‏؟‏ قال‏:‏ لا، فقال‏:‏ يا مسلمين من يقنع بكسرة يابسة يحبس نفسه في هذه المقصورة ولا يقضي ما فرضه الله عليه من الحج‏.‏

 الفخر ابن تيمية

محمد بن أبي القاسم بن محمد الشيخ فخر الدين أبو عبد الله بن تيمية الحراني، عالمها وخطيبها وواعظها، اشتغل على مذهب الإمام أحمد وبرع فيه وبرز وحصل وجمع تفسيراً حافلاً في مجلدات كثيرة، وله الخطب المشهورة المنسوبة إليه، وهو عم الشيخ مجد الدين صاحب المنتقى في الأحكام، قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي، سمعته يوم جمعة بعد الصلاة وهو يعظ الناس ينشد‏:‏

أحبابنا قد ندرت مقلتي * ما تلتقي بالنوم أو نلتقي

رفقا بقلب مغرم واعطفوا * على سقام الجسد المحرق

كم تمطلوني بليالي اللقا * قد ذهب العمر ولم نلتـق

وقد ذكرنا أنه قدم بغداد حاجاً بعد وفاة شيخه أبي الفرج ابن الجوزي، ووعظ بها في مكان وعظه‏.‏

 الوزير ابن شكر

صفي الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الخالق بن شكر، ولد بالديار المصرية بدميرة بين مصر وإسكندرية سنة أربعين وخمسمائة، ودفن بتربته عند مدرسته بمصر، وقد وزر للملك العادل وعمل أشياء في أيامه منها تبليط جامع دمشق وأحاط سور المصلى عليه، وعمل الفوارة ومسجدها وعمارة جامع المزة، وقد نكب وعزل سنة خمس عشرة وستمائة وبقي معزولا إلى هذه السنة فكانت فيها وفاته، وقد كان مشكور السيرة ومنهم من يقول كان ظالماً، فالله أعلم‏.‏

 أبو إسحاق إبراهيم بن المظفر

ابن إبراهيم بن علي المعروف بابن البذي الواعظ البغدادي، أخذ الفن عن شيخه أبي الفرج ابن الجوزي وسمع الحديث الكثير، ومن شعره قوله في الزهد‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/129‏)‏

ما هذه الدنيا بدار مسرة * فتخوفي مكرا لها وخداعـا

بينا الفتى فيها يسر بنفسه * وبماله يستمتع استمتاعـا

حتى سقته من المنية شربة * وحمته فيه بعد ذاك رضاعا

فغدا بما كسبت يداه رهينة * لا يستطيع لما عرته دفاعا

لو كان ينطق قال من تحت الثرى * فليحسن العمل الفتى ما اسطاعا

 أبو الحسن علي بن الحسن

الرازي ثم البغدادي الواعظ، عنده فضائل وله شعر حسن، فمنه قوله في الزهد‏:‏

استعدي يا نفس للموت واسعي * لنجاة فالحازم المستعـدُ

قد تبينت أنه ليس للحي * خلود ولا من المـوت بـدُ

إنما أنت مستعيرة ماسو * ف تردين والعواري تـردُ

أنت تسهين والحوادث لا * تسهو وتلهين والمنايا تجدُ

لا نرجى البقاء في معدن المو * ت ولا أرضاً بها لك وِردُ

أي ملك في الأرض أم أي حظ * لامرئ حظه من الأرض لحدُ

كيف يهوى امرؤ لذاذة أيا * م عليه الأنفاس فيها تعـدُ

 البها السنجاري

أبو السعادات أسعد بن محمد بن موسى الفقيه الشافعي الشاعر‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ كان فقيهاً وتكلم في الخلاف إلا أنه غلب عليه الشعر، فأجاد فيه واشتهر بنظمه وخدم به الملوك، وأخذ منهم الجوائز وطاف البلاد، وله ديوان بالتربة الأشرفية بدمشق، ومن رقيق شعره ورائقه قوله‏:‏

وهواك ما خطر السلو بباله * ولأنت أعلم في الغرام بحاله

ومتى وشى واشٍ إليك بأنه * سال هواك فذاك من عذاله

أوليس للكلف المعني شاهد * من حاله يغنيك عن

تسآله

جددت ثوب سقامه وهتكت ستـ * ر غرامه وصرمت حبل وصاله

وهي قصيدة طويلة امتدح فيها القاضي كمال الدين الشهرزوري‏.‏ وله‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/130‏)‏

لله أيامي على رامة * وطيب أوقاتي على حاجر

تكاد للسرعة في مرها * أولها يـعثر بالآخر

وكانت وفاته في هذه السنة عن تسعين سنة رحمه الله بمنه وفضله‏.‏

 عثمان بن عيسى

ابن درباس بن قسر بن جهم بن عبدوس الهدباني الماراني ضياء الدين أخو القاضي صدر الدين عبد الملك حاكم الديار المصرية في الدولة الصلاحية، وضياء الدين هذا هو شارح ‏(‏المهذب‏)‏ إلى كتاب الشهادات في نحو من عشرين مجلداً، و‏(‏شرح اللمع في أصول الفقه‏)‏و‏(‏التنبيه‏)‏ للشيرازي، وكان بارعاً عالماً بالمذهب رحمه الله‏.‏

 أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الرسوي

البواريجي ثم البغدادي، شيخ فاضل له رواية، ومما أنشده‏:‏

ضيق العذر في الضراعة أنا * لو قنعنا بقسمنا لكفانا

مالنا نعبد العباد إذا كان * إلى الله فقرنا وغنانـا

 أبو الفضل عبد الرحيم بن نصر الله

ابن علي بن منصور بن الكيال الواسطي من بيت الفقه والقضاء، وكان أحد المعدلين ببغداد ومن شعره‏:‏

فتبا لدنيا لا يدوم نعيمها * تسر يسيراً ثم تبدي المساويا

تريك رواء في النقاب وزخرفاً * وتسفر عن شوهاء طحياء عاميا

ومن ذلك قوله‏:‏

إن كنت بعد الطاعتين تسامحت* بالفحص أجفاني فما أجفاني

أو كنت من بعد الأحبة ناظراً * حسناً بإنساني فما أنسـاني

الدهر مغفور له زلاته * إن عاد أوطاني على أوطـاني

 أبو علي الحسن بن علي

ابن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمار بن فهر بن وقاح الياسري نسبة إلى عمار بن ياسر، شيخ بغدادي فاضل، له مصنفات في التفسير والفرائض، وله خطب ورسائل وأشعار حسنة وكان مقبول الشهادة عند الحكام‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 13/131‏)‏

 أبو بكر محمد بن يوسف بن الطباخ

الواسطي البغدادي الصوفي، باشر بعض الولايات ببغداد ومما أنشده‏:‏

ما وهب الله لامرئ هبة * أحسن من عقله ومن أدبه

نعما جمال الفتى فإن فقدا * ففقده للحياة أجمل به

 ابن يونس شارح التنبيه

أبو الفضل أحمد بن الشيخ كمال الدين أبي الفتح موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد بن سعد بن سعيد بن عاصم بن عابد بن كعب بن قيس بن إبراهيم الأربلي الأصل، ثم الموصلي من بيت العلم والرياسة، اشتغل على أبيه في فنونه وعلومه فبرع وتقدم‏.‏

وقد درس وشرح التنبيه واختصر إحياء علوم الدين للغزالي مرتين صغيراً وكبيراً، وكان يدرس منه‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ وقد ولي بأربل مدرسة الملك المظفر بعد موت والدي في سنة عشر وستمائة، وكنت أحضر عنده وأنا صغير ولم أر أحداً يدرس مثله، ثم صار إلى بلده سنة سبع عشرة، ومات في يوم الاثنين الرابع والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة عن سبع وأربعين سنة رحمه الله تعالى‏.‏