فصل: الفصل الرابع في الاختلاف الواقع بين رب السلم والمسلم إليه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الفصل الرابع في الاختلاف الواقع بين رب السلم والمسلم إليه:

إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ أَسْلَمْتَ إلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَسْلَمْتَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ شَعِيرٍ تَحَالَفَا اسْتِحْسَانًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ يُبْدَأُ بِيَمِينِ رَبِّ السَّلَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا تَحَالَفَا فَالْقَاضِي يَقُولُ لَهُمَا مَاذَا تُرِيدَانِ فَإِنْ قَالَا نَفْسَخُ الْعَقْدَ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَالَا لَا نَفْسَخُ تَرَكَهُمَا رَجَاءَ أَنْ يَعُودَ أَحَدُهُمَا إلَى تَصْدِيقِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَعْدُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ يُقْضَى عَلَى رَبِّ السَّلَمِ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَنَقَدَ رَبُّ السَّلَمِ عَشَرَةً لَا غَيْرُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَهَذَا وَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَالَفَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ فَإِنْ قَامَتْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَأَنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا فَإِنْ أَقَامَ جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ رَبِّ السَّلَمِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ وَأَنَّهُ قِيَاسٌ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَرَطْتُ رَدِيئًا وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَفِي عَكْسِهِ قَالُوا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَرَأْسُ الْمَالِ شَيْءٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ أَسْلَمْتَ إلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَا بَلْ أَسْلَمْت إلَيَّ دِينَارًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ السَّلَمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ بِدِينَارٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَيُقْضَى عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِكُرَّيْ حِنْطَةٍ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْهُمَا أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ صِفَتِهِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ قَدْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْأَصْلُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ فِي رَأْسِ الْمَالِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِعَقْدَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي رَأْسِ الْمَالِ، وَرَأْسُ الْمَالِ شَيْءٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِالْعَقْدَيْنِ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِعَقْدَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْجَوَابُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ أَنْ يَتَحَالَفَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
وَالْجَوَابُ فِي الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ لَا غَيْرُ فَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته ثَمَّةَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الْجَوَابُ هُنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ عَرْضًا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّ الْجَوَابَ فِي التَّحَالُفِ أَنْ لَا يَتَحَالَفَا قِيَاسًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ الْجَوَابُ إلَى آخِرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ قَامَتْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْجَوَابُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ وَالْبَيِّنَةُ كَالْجَوَابِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَتَحَالَفَا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِهَا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ تَقُمْ لَأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَحَالَفَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ اسْتِحْسَانًا بِالْأَثَرِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَجِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ.
فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْإِيفَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَتَحَالَفَانِ وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الطَّالِبِ وَيُقْضَى بِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَجَلِ السَّلَمِ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ وَالتَّرَادَّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِلْأَجَلِ رَبَّ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ رَبُّ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَا: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْأَجَلَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ وَلَا يُقْضَى بِعَقْدَيْنِ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْأَجَلِ بَعْدَمَا اتَّفَقَا أَنَّهُ شَهْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَمُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ فِي الْقَدْرِ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ وَالْقَوْلُ فِي الْمُضِيِّ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى إثْبَاتِ زِيَادَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فَأَقَامَ رَبُّ السَّلَمِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَأَقَامَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالسَّلَمُ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ بِأَعْيَانِهَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْدَعْتُهَا إيَّاهُ أَوْ غَصَبْتهَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَبْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُقْضَى بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَامَتْ لِرَبِّ السَّلَمِ لَا تُقْبَلُ وَبَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ تُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ الطَّالِبُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ غَصْبًا وَلَا وَدِيعَةً، وَإِنَّمَا يَقُولُ مَا قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ الْغَصْبَ مِنْهُ أَوْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَمَا أَنْكَرَ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ ادَّعَى الْقَبْضَ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَى الطَّالِبِ غَصْبًا وَلَا وَدِيعَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِذَا ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْغَصْبَ أَوْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ مَا ادَّعَى قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَمِنْ مَشَايِخُنَا مَنْ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ مَعَ يَمِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيُجَوِّزُ السَّلَمَ وَيَأْخُذُ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هَذَا هَكَذَا إذَا قَالَ الطَّالِبُ لَمْ تَقْبِضْ مَفْصُولًا بِأَنْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّكَ لَمْ تَقْبِضْ أَوْ قَالَ أَسْلَمْتُ إلَيْكَ وَلَمْ تَقْبِضْ بِالْعَطْفِ لَا بِالِاسْتِثْنَاءِ.
فَأَمَّا إذَا قَالَ مَوْصُولًا لَمْ تَقْبِضْ وَالْمَطْلُوبُ يَقُولُ قَبَضْت يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِس بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ وَجَدْتُهُ زُيُوفًا إنْ صَدَّقَهُ بِذَلِكَ رَبُّ السَّلَمِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَقَرَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ قَبَضْت الْجِيَادَ أَوْ قَالَ قَبَضْت حَقِّي أَوْ قَالَ قَبَضْت رَأْسَ الْمَالِ أَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْت الدَّرَاهِمَ فَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الزِّيَافَةَ حَتَّى لَا يَسْتَحْلِفَ رَبَّ السَّلَمِ أَمَّا إذَا قَالَ قَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَالِاسْتِحْسَانُ الْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ.
وَأَمَّا إذَا قَالَ قَبَضْت فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةً لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ قَبَضَ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَجَدَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ نَبَهْرَجَةً أَوَمُسْتَحَقَّةً فَاخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ النِّصْفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا شَرَطَ فِي السَّلَمِ فِي الثَّوْبِ الْجَيِّدِ فَجَاءَ بِثَوْبٍ وَادَّعَى أَنَّهُ جَيِّدٌ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَالْقَاضِي يُرِيهِ اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِنْ قَالَ جَيِّدٌ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا أَوْ قَالَ أَسْلَفْتَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا فَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَهُ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا مَوْصُولًا لِكَلَامِهِ صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ ذَكَرَ مَفْصُولًا بِأَنْ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهَا صُدِّقَ قِيَاسًا وَلَمْ يُصَدَّقْ اسْتِحْسَانًا ثُمَّ إذَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ هَذَا إذَا قَالَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ أَمَّا إذَا قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ عَشَرَةً أَوْ قَالَ نَقَدْتنِي لَكِنْ لَمْ أَقْبِضْهَا فَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُصَدَّقُ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ كَمَا لَوْ قَالَ قَبَضْت ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُصَدَّقُ إنْ وَصَلَ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ شَرَطْتَ لِي أَنْ تُوَفِّيَنِي فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أُعْطِيكَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى غَيْرَ تِلْكَ أُجْبِرَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى الْقَبُولِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي مَكَانِ كَذَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ خُذْهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ وَخُذْ مِنِّي الْكِرَاءَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَقَبَضَهُ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْكِرَاءِ وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْكِرَاءِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِقَبْضِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شَرَطَ لَهُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ فِي مَنْزِلِهِ بَعْدَمَا يُوفِيهِ فِي مَحَلَّةِ كَذَا بِأَنْ قَالَ عَلَى أَنْ تُوَفِّيَنِي فِي دَرْبِ سَمَرْقَنْدَ ثُمَّ تُوَفِّيَنِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَنْزِلِي بِكَلَابَاذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ يَقُولُ يَجُوزُ السَّلَمُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ فِي مَنْزِلِهِ ابْتِدَاءً مَشَايِخُنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- قَالُوا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ هَذَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَنْزِلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ فِي أَيِّ مَحَلَّةٍ أَمَّا إذَا بَيَّنَ أَوْ عَلِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَقَّى رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي شَرَطَ الْإِيفَاءَ فِيهِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ أَوْ دُونِهِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَفْتَى بَعْضُ مُفْتِي زَمَانِنَا بِأَنَّهُ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا فِي مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَيَعْجِزُ رَبُّ السَّلَمِ عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

.الفصل الخامس في الإقالة في السلم والصلح فيه وخيار العيب:

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي السَّلَمِ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ تَقَايَلَا فِي كُلِّ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ هَالِكًا ثُمَّ إذَا أَجَازَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ قَائِمٌ فَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ عَيْنِهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ هَالِكًا أَوْ قَائِمًا وَكَذَلِكَ إذَا قَبَضَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْمَقْبُوضُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَى رَبِّ السَّلَمِ رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ، وَإِنْ تَقَايَلَا السَّلَمَ فِي بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِهِ إذَا كَانَ الْبَاقِي جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَالسَّلَمُ فِي الْبَاقِي إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْإِقَالَةِ تَعْجِيلُ الْبَاقِي جَازَتْ الْإِقَالَةُ أَيْضًا وَالسَّلَمُ فِي الْبَاقِي إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ فِيهَا تَعْجِيلَ الْبَاقِي لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُمَا فَسْخٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِرَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَجْمَعُوا أَنَّ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْإِقَالَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ السِّغْنَاقِيِّ.
رَجُلٌ أَسْلَمَ جَارِيَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَقَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ جَازَ أَيْضًا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَبِّ السَّلَمِ إذَا اشْتَرَى الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً لِلسَّلَمِ فَقَالَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ وَلَا يَكُونُ إقَالَةً كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
بَاعَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ إقَالَةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
تَقَايَلَا السَّلَمَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ وَلَوْ تَقَايَلَا السَّلَمَ بَعْدَمَا قَبَضَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ يَتَحَالَفَانِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِ السَّلَمِ وَقَبْلَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ هَذِهِ إقَالَةٌ فِي نِصْفِ السَّلَمِ هَكَذَا قَالَهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَبُّ السَّلَمِ إذَا وَهَبَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَانَتْ إقَالَةٌ لِلسَّلَمِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ تَفَاسَخَا وَرَأْسُ الْمَالِ عَرَضٌ فَبَاعَهُ رَبُّ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِهِ وَفِيهِ أَيْضًا نَصْرَانِيٌّ أَسْلَمَ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ كَالْإِقَالَةِ حَتَّى لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْفَسْخِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَلَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا كُرٌّ إلَى سَنَةٍ فَأَقَالَهُ السَّلَمَ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْكُرَّ النَّسِيئَةَ قَالَ الْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْكُرُّ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ كَانَ بَاطِلًا.
فَأَمَّا إذَا قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ جَائِزًا وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي بَابِ السَّلَمِ إقَالَةٌ وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي قَوْلِهِ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَنَّهُ هَلْ يَصِيرُ إقَالَةً فِي جَمِيعِ السَّلَمِ أَوْ فِي نِصْفِ السَّلَمِ، وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ وَتَقَعُ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَى أَنَّهُ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلَانِ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى رَأْسِ مَالِهِ فَالصَّالِحُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ جَازَ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ مِنْ طَعَامِ السَّلَمِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُصَالِحِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِالسَّلَمِ كَفِيلٌ فَصَالَحَ أَحَدُ صَاحِبَيْ السَّلَمِ مَعَ الْكَفِيلِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ فَهُوَ كَالصُّلْحِ مَعَ الْأَصِيلِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَذَا إذَا أَسْلَمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مُشْتَرَكَةٍ إلَى رَجُلٍ فِي كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَشَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا لَكِنْ أَسْلَمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ نَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْبَيْعَ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شَرْحِ الْبُيُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْمُصَالِحِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ ذُكِرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ هَذَا الْفَصْلُ وَذُكِرَ فِيهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ مَا إذَا أَقَالَ أَحَدُ رَبَّيْ السَّلَمِ عَقْدَ السَّلَمِ بِحِصَّتِهِ قَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَسْلَمَ رَجُلٌ وَأَخَذَ بِالسَّلَمِ كَفِيلًا ثُمَّ صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إنْ أَجَازَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَطَلَ وَيَبْقَى السَّلَمُ عَلَى حَالِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ النُّقُودِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا كَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِمَا يَتَوَقَّفُ الصُّلْحُ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ أَقَالَ الْكَفِيلُ وَقَبِلَ رَبُّ السَّلَمِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ وَالصُّلْحُ سَوَاءٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَبَضَ الْبُرَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ قَبِلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عَادَ السَّلَمُ، وَإِنْ أَبَى فَلَهُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مَعِيبًا رُدَّ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا قَبَضَ وَيَرْجِعُ بِمَا شُرِطَ فِي السَّلَمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَنْ قَبَضَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ أَصَابَ فِيهِ عَيْبًا رَدَّهُ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ وَقَبِلَهُ وَسَلِمَ إلَيْهِ سَلَمُهُ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَإِنْ أَبَى قَبُولَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَطَلَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَلَا الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَتْ زِيَادَةُ الْعَيْبِ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ رَبِّ السَّلَمِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ رَبُّ السَّلَمِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبُولُهُ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ لِأَجَلِ الْأَرْشِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْعَيْبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ فَأَخَذَهُ وَقَطَعَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْحِنْطَةِ وَالْآخَرُ فِي الْأَرُزِّ وَدَفَعَهُمَا إلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا سَتُّوقَةً قَالَ إنْ كَانَ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ مَعًا فَسَدَ فِي نِصْفِ الْحِنْطَةِ وَنِصْفِ الْأَرُزِّ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ دِرْهَمٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَفَسَدَ السَّلَمُ كُلُّهُ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ خَمْسَةٌ لِلْحِنْطَةِ عَلَى حِدَةٍ وَخَمْسَةٌ لِلشَّعِيرِ عَلَى حِدَةٍ فَأَصَابَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً يَعْنِي بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ الشَّعِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ تَصَادَقَا إنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّهِمَا قَالَ يُرَدُّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دِرْهَمًا آخَرَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَيَنْقُصُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ.
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ شَعِيرٍ فَأَعْطَاهُ عَشَرَةً لِلْحِنْطَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ خَمْسَةً لِلشَّعِيرِ ثُمَّ وَجَدَ دِرْهَمًا سَتُّوقَةً بَعْدَمَا تَفَرَّقَا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الْحِنْطَةِ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ هُوَ مِنْ دَرَاهِمِ الشَّعِيرِ قَالَ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ السَّلَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ يَكُونُ نِصْفُهُ مِنْ الْعَشَرَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فَيُنْقِصُ عُشْرَ الْحِنْطَةِ وَنِصْفَ عُشْرِ الشَّعِيرِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُنْقِصُ ثُلُثَا عُشْرِ الْحِنْطَةِ وَثُلُثُ خُمْسِ الشَّعِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الفصل السادس في الوكالة في السلم:

مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسْلِمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَهَا الْوَكِيلُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَهُوَ الَّذِي يُسَلِّمُ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ نَقَدَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ أَخَذَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي وَكَّلَهُ شَيْئًا يَرْجِعُ بِمَا نَقَدَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ السَّلَمَ فَإِذَا قَبَضَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ الْآمِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّرَاهِمَ فَإِنْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ يُهْلِكُ أَمَانَةً، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَسْقُطُ الدَّيْنُ قَلَّتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَوْ كَثُرَتْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ كَانَ دَفَعَ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَأَخَذَ بِالسَّلَمِ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا جَازَ فَإِذَا حَلَّ السَّلَمِ فَأَخَّرَ الْوَكِيلَ أَوْ أَبْرَأَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ جَازَ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا إنْ أَحَالَ بِهِ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَلِيءٍ وَأَبْرَأَ الْأَوَّلُ جَازَ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَيَضْمَنُ الْآمِرُ بِطَعَامِهِ، وَإِنْ أَقْتَضَى الطَّعَامُ أَدْوَنَ مِنْ شَرْطِهِ جَازَ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ، وَإِنْ تَارَكَ الْوَكِيلُ السَّلَمَ جَازَ وَيَضْمَنُ الطَّعَامَ لِلْمُوَكِّلِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْحَاوِي، وَإِنْ أَقَالَ السَّلَمَ جَازَ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ السَّلَمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا عَقَدَ الْوَكِيلُ عَقْدَ السَّلَمِ ثُمَّ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ بِأَدَاءِ رَأْسِ الْمَالِ وَذَهَبَ الْوَكِيلُ فَقَدْ بَطَلَ السَّلَمُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَذَهَبَ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ وَكِيلُهُ رَأْسَ الْمَالِ بَطَلَ السَّلَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ فَأَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِالسَّلَمِ فِيهِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ بَقِيَ السَّلَمُ صَحِيحًا عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ ضَمِنَهُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ يَعْنِي الْوَكِيلَ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَنَقَدَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَ أُخَرَ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ، وَإِنْ ضَمِنَهُ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ فَإِنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمْهَا فِي طَعَامٍ فَنَاوَلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا فَبَاعَهُ فَإِنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ كَانَ الْعَقْدُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ عَقَدَ الْعَقْدَ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ ثُمَّ نَوَاهَا لِلْآمِرِ فَالْعَقْدُ لَهُ، وَإِنْ نَوَى لِنَفْسِهِ فَالْعَقْدُ لَهُ فَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهُ نِيَّةٌ فَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ فَالْعَقْدُ لَهُ، وَإِنْ دَفَعَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ فَهُوَ لِلْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ تَكَاذَبَا فِي النِّيَّةِ فَقَالَ الْآمِرُ نَوَيْته لِي وَقَالَ الْمَأْمُورُ نَوَيْته لِنَفْسِي فَالطَّعَامُ لِلَّذِي نَقَدَ دَرَاهِمَهُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَأْخُذَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَخَذَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ فَالطَّعَامُ لِلسَّلَمِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلُهُ دَرَاهِمَ قَرْضٍ وَلَوْ أَسْلَمَ وَكِيلُهُ فِي طَعَامٍ فَقَبَضَ الْمُوَكِّلُ السَّلَمَ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلَيْنِ لَيُسْلِمَا لَهُ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَسْلَمَا ثُمَّ تَارَكَ أَحَدُهُمَا الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَأَسْلَمَ لَهُمَا فِي عَقْدٍ جَازَ، وَإِنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ السَّلَمُ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا مَالَهُمَا بِالْخَلْطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَقْتَضَى شَيْئًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآمِرَيْنِ أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ هُوَ غَائِبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فَإِذَا قَدِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَكَذَّبَ الْوَكِيلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِثَوْبٍ يَبِيعُهُ بِدَرَاهِمَ فَأَسْلَمَهُ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ فَأَسْلَمَ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ جَازَ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ دَرَاهِمَهُ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَأَسْلَمَ إلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالسَّلَمِ فَأَدْخَلَ الْوَكِيلَ فِي عَقْدِ السَّلَمِ شَرْطًا أَفْسَدَهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
قَالَ وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَالطَّعَامُ الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا قَالُوا هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ كَثِيرَةً.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَلِيلَةً فَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْخُبْزِ.
فَأَمَّا الدَّقِيقُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رِوَايَةٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحِنْطَةِ وَفِي رِوَايَةٍ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُبْزِ وَهَذَا الْقِيَاسُ ثَابِتٌ فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَ فِي شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ دَرَاهِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ ذِمِّيًّا بِعَقْدِ السَّلَمِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا أَسْلَمَ وَتَحَمَّلَ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا بِقَبْضِ السَّلَمِ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ بَرِئَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ فَإِنْ كَانَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ عَبْدَهُ أَوْ ابْنَهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ أَوْ أَجِيرَهُ فَهُوَ جَائِزُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَالْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلطَّعَامِ إنْ ضَاعَ فِي يَدَيْ وَكِيلِهِ، وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بَرِئَ هُوَ وَوَكِيلُهُ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالسَّلَمِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ اصْنَعْ مَا شِئْت كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا أَسْلَمَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُفَاوِضِهِ أَوْ عَبْدِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى شَرِيكٍ لَهُ شَرِكَةُ عِنَانٍ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ أَسْلِمْ مَالِي عَلَيْك فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إنْ عَيَّنَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ رَجُلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
قَالَ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ مُسْلِمًا عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ الْآمِرُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ لِيَرُدَّهَا عَلَيْهِ فَقَالَ وَجَدْتهَا زُيُوفًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُصَدَّقْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ادِّعَائِهِ أَنَّهُ زَيْفٌ مَعَنَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ الْجِيَادِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ فَلَا يُسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى خَصْمِهِ.
فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّرَاهِمِ فَاسْمُ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُ الزُّيُوفَ وَالْجِيَادَ فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا فِي قَوْلِهِ وَجَدْتهَا زُيُوفًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَسْلَمَ فِي الْقُطْنِ لَا يُعْطِي فِيهِ الورام كَمَا فِي الْبَيْعِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ مَشَايِخُ زَمَانِنَا.
بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ ثُمَّ إنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا وَرَدَّهُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ ثُمَّ إنَّ رَبَّ السَّلَمِ مَعَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَرَادَا أَنْ يَتَقَايَلَا السَّلَمَ فَإِنْ قَالَ رَبُّ السَّلَمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رُدَّ عَلَيَّ الْعَبْدَ وَأَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ أَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ السَّلَمِ بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ بِهَذَا الْعَبْدِ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ أَقِلْنِي السَّلَمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ أَوْ قَالَ أَبْرِئْنِي مِنْ السَّلَمِ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَبْدَ فَقَدْ انْتَقَضَ السَّلَمُ وَلَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ رَأْسِ مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ لَمْ يَضْرِبْ فِي الثَّوْبِ أَجَلًا أَوْ ضَرَبَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَازَ فَلَوْ أَفْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ رَبُّ السَّلَمِ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ عَاجِلًا وَلَا يَجُوزُ آجِلًا فَإِنْ نَقَدَهَا فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الزِّيَادَةِ بَطَلَ مِنْ السَّلَمِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَهُوَ قَائِمٌ جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنًا إنْ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَيْنًا جَازَ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَإِنْ زَادَ دَيْنًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.