فصل: الفصل الثاني: في أحكام المفاوضة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْفَصْلُ الثَّالث: فيما يصلح أن يكون رأس المال وما لا يصلح:

الشَّرِكَةُ إذَا كَانَتْ بِالْمَالِ لَا تَجُوزُ عِنَانًا كَانَتْ أَوْ مُفَاوَضَةً إلَّا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا مِنْ الْأَثْمَانِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ نَحْوَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَأَمَّا مَا يَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُبَادَلَاتِ نَحْوَ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِمَا أَوْ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حَتَّى لَوْ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ: أَخْرِجْ مِثْلَهَا وَاشْتَرِ بِهَا وَبِعْ، فَأَخْرَجَ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي الصُّغْرَى وَلَا تَصِحُّ بِمَالٍ غَائِبٍ أَوْ دَيْنٍ فِي الْحَالَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَمَّا الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَالَيْنِ وَلَا خَلْطُهُمَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ بِيضٌ وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمُ سُودٌ فَاشْتَرَكَا جَازَتْ الشَّرِكَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
التِّبْرُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصْلُحُ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالصَّحِيحُ إنْ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَالْمَصُوغُ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَرَضِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَمَّا الْفُلُوسُ، فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عُرُوضٌ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً فَكَذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُضْمَرَاتِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ الصَّحِيحُ أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ عَلَى الْفُلُوسِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْكَافِي.
أَمَّا الشَّرِكَةُ بِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ قَبْلَ الْخَلْطِ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَفِي جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَتَاعُهُ وَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ خُلِطَ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَشَرِكَةُ الْعَقْدِ فَاسِدَةٌ وَشَرِكَةُ الْمِلْكِ ثَابِتَةٌ وَمَا رَبِحَا فَلَهُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
ثُمَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ إذَا بَاعَا الْمَخْلُوطَ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ مَتَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَ خَلَطَاهُ مَخْلُوطًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ يَوْمَ بَاعَاهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَزِيدُهُ الْخَلْطُ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يَقْسِمُونَ غَيْرَ مَخْلُوطٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
اشْتَرَيَا مَتَاعًا بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ فَكَالَ أَحَدُهُمَا الْحِنْطَةَ وَالْآخَرُ الشَّعِيرَ ثُمَّ بَاعَا ذَلِكَ بِدَرَاهِمَ يَقْسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يَوْمَ يَقْسِمَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي شَرْطِ الرِّبْحِ تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَفِي وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي تُعْتَبَرُ فِيهِ قِيمَةُ رَأْسِ مَالِهِمَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَفِي ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي نَصِيبِهِمَا أَوْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا تُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَأْسُ الْمَالِ لَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ فِي الْقُنْيَةِ.
وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ وَكُلِّ مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ صَاحِبه حَتَّى يَصِيرَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ وَتَحْصُلُ شَرِكَةُ مِلْكٍ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَعْقِدَانِ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدَ الشَّرِكَةِ فَيَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ عَرَضِ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقِيمَةُ عَرَضِ صَاحِبِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرَضِهِ بِخُمُسِ عَرَضِ الْآخَرِ فَصَارَ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عُرُوضٌ يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْعُرُوضِ نِصْفَ عُرُوضِهِ بِنِصْفِ دَرَاهِمِ صَاحِبِهِ وَيَتَقَابَضَانِ ثُمَّ يَشْتَرِكَانِ إنْ شَاءَا مُفَاوَضَةً، وَإِنْ شَاءَا عِنَانًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ فَاشْتَرَكَا عَلَيْهِمَا وَخَلَطَاهُمَا، وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ حِينَ خَلَطَاهُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرِ: نَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الْجَيِّدِ وَقِيمَةِ الرَّدِيءِ يَوْمَ بَاعَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالثَّانِي بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الباب الثاني: في المفاوضة:

وفيه ثمانية فصول:

.الفصل الأول: في تفسيرها وشرائطها:

أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَانِ فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي كُلِّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ عَهْدِ مَا يَشْتَرِيهِ كَمَا أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ، كَذَا فِي النَّافِعِ وَلَا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَكَذَا لَا تَصِحُّ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَلَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ فَاوَضَ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ ذِمِّيًّا لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ، فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَصُورَةُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ وَيَقُولَا تَشَارَكْنَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عَلَى أَنْ نَشْتَرِيَ وَنَبِيعَ جَمِيعًا وَشَتَّى بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَنَا، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ، ذَكَرَهُ فِي مَبْسُوطِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَمِنْهَا التَّنْصِيصُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ عَقَدَهَا مَنْ يَعْرِفُ مَعْنَاهَا فَاسْتَوْفَى الْمَعْنَى فِي الْعَقْدِ صَحَّتْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ بِأَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ حُرَّيْنِ عَاقِلَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الدِّينِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَنْ تَكُونَ عَامَّةً فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَنَوْعٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ نَحْوَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا نَحْوَ الْكُسُورِ مَعَ الصِّحَاحِ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ التَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ سِوَى رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي شَارَكَهُ بِهِ صَاحِبُهُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ الْمَالَانِ عَلَى السَّوَاءِ عِنْدَ الشَّرِكَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ ثُمَّ صَارَ فِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ انْتَقَضَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عِنَانًا، وَكَذَا إنْ اشْتَرَى بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الْآخَرُ وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَالْمُفَاوَضَةُ عَلَى حَالِهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الشَّرِكَةُ كَالْعَرَضِ وَالْعَقَارِ وَالدُّورِ جَازَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَكَذَا الْمَالُ الْغَائِبُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا وَدِيعَةُ نَقْدٍ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ صَحَّتْ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَسَدَتْ وَصَارَتْ عِنَانًا، وَكَذَا يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا تَصَرُّفًا لَمْ يَمْلِكْهُ الْآخَرُ فَاتَ التَّسَاوِي، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

.الفصل الثاني: في أحكام المفاوضة:

مَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا الْمُتْعَةُ وَالنَّفَقَةُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا الِاسْتِئْجَارُ لِلسُّكْنَى وَالرُّكُوبُ لِحَاجَتِهِ كَالْحَجِّ وَغَيْرِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَيَخْتَصُّ بِالْمُشْتَرِي وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ الْآخَرُ كَفِيلًا عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ لِبَائِعِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَإِدَامِهِمْ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَيَرْجِعَ الْآخَرُ بِمَا أَدَّى عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ ذَلِكَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ اشْتَرَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الشَّرِكَةِ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَرْجِعُ، ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلْوَطْءِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْعُقْرُ، يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الْعُقْرَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَا يُشَارِكُهُ فِيمَا يَرِثُ مِنْ مِيرَاثٍ وَلَا جَائِزَةٍ يُجِيزُهَا السُّلْطَانُ وَلَا الْهِبَةِ وَلَا الصَّدَقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا الْهَدِيَّةِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمِلْكُ إذَا وَقَعَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ فَاوَضَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ شَرِكَةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَكُلُّ وَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ قَالَ الْحَيُّ: ضَاعَتْ فِي يَدِ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ، لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ كَانَ الْحَيُّ هُوَ الْمُسْتَوْدَعُ صُدِّقَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَكَلْتُهَا قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِي لَزِمَهُ الضَّمَانُ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ فَيَكُونَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا مُضَارَبَةٌ فَعَمِلَ بِهَا أَوْ وَدِيعَةٌ فَخَالَفَ فِيهَا كَانَ الرِّبْحُ لَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

.الفصل الثالث: فيما يلزم كل واحد من المتفاوضين بحكم الكفالة عن صاحبه:

إنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِمَالٍ لِمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَصَاحِبُ الْحَقِّ مُخَيَّرٌ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِدَيْنٍ بِأَنْ أَقَرَّ لِأَبِيهِ أَوْ لِابْنِهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ حَتَّى لَا يُؤَاخَذَ بِهِ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ الْأَظْهَرُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ بَائِنَةٌ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ تَزْوِيجًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا وَأَقَرَّ بِمَهْرٍ لَهَا لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ وَبِدَيْنٍ آخَرَ يَلْزَمُهُمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ الْمُفَاوَضَةِ بِالدَّيْنِ لِزَوْجِهَا عَلَى شَرِيكِهَا كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا لَهُ وَيَجُوزُ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا عَلَيْهَا وَعَلَى شَرِيكِهَا كَمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ يَلْزَمُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ كُلّ دَيْنٍ لَزِمَ أَحَدَهُمَا بِالتِّجَارَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ بِمَا يُشْبِهُهَا كَالْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِالْأَمْرِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ فَالْآخَرُ ضَامِنٌ لَهُ، وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ شَرِيكُهُ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَلِكَ الْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَصَاحِبُ الْحَقِّ مُخَيَّرٌ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَعَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَّا أَنَّ حَاصِلَ الضَّمَانِ يَكُونُ عَلَى الْفَاعِلِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ أَدَّى الْآخَرُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَإِنَّ هُنَاكَ إقْرَارَ الضَّمَانِ لَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي خَاصَّةً بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا بِنَفْسٍ لَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَنْ رَجُلٍ بِمَهْرٍ أَوْ أَرْشٍ جِنَايَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَفَالَتِهِ بِدَيْنٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا وَطِئَ أَحَدُهُمَا الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَاةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالْعُقْرِ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ لَحِقَ أَحَدَهُمَا ضَمَانٌ لَا يُشْبِهُ ضَمَانَ التِّجَارَةِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ كَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الشَّرِيكَ عَلَى الْعِلْمِ إذَا أَنْكَرَ الشَّرِيكُ الْجَانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ خَادِمٍ فَأَنْكَرَهُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ وَشَرِيكَهُ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ أَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي يَلْزَمُهُمَا بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَ الْآخَرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْبَتَّةَ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَمْضَى الْأَمْرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ غَائِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْحَاضِرَ عَلَى عِلْمِهِ، فَإِنْ حَلَفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَلْبَتَّةَ كَمَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ عَلَى رَجُلٍ وَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُفَاوِضُ الْآخَرُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مَالًا مِنْ كَفَالَةٍ وَحَلَّفَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ شَرِيكَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا أَوْ أَدَانَ رَجُلًا أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ آجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا فَلِلْآخَرِ أَخْذُ الْأَجْرِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ، وَلَوْ آجَرَ عَبْدًا لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ أَوْ شَيْئًا لَهُ خَاصَّةً لَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَخْذُ الْأَجْرِ وَلَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ هُوَ لَهُ خَاصَّةً بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: كُنْتُ كَاتَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ وَلَكِنْ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ كَأَنَّهُ أَنْشَأَ الْكِتَابَةَ لِلْحَالِ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرُدَّهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ آجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ نَفْسَهُ لِحِفْظِ شَيْءٍ أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ أَحَدُهُمَا فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ فَالْأَجْرُ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَجِيرًا أَوْ دَابَّةً فَلِلْمُؤَاجِرِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْأُجْرَةِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ إلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ يَرْجِعُ شَرِيكُهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.الفصل الرابع: فيما تبطل به المفاوضة وما لا تبطل به:

لَوْ اسْتَفَادَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَوَصَلَ إلَيْهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ شَرِكَتُهُمَا عِنَانًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ وَرِثَ عُرُوضًا أَوْ دُيُونًا لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الدُّيُونَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَا الْعَقَارُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا اشْتَرَيَا بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ شَيْئًا فَفِي الْقِيَاسِ تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ، وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ يَوْمَ الشَّرِكَةِ حَتَّى صَحَّتْ الْمُفَاوَضَةُ ثُمَّ صَارَ فِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَا بِأَنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ انْتَقَضَتْ الْمُفَاوَضَةُ، قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَزَادَ الْمُشْتَرِي فِي قِيمَتِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ فَالْمُفَاوَضَةُ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَا إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَزَادَ الَّذِي وَقَعَ الشِّرَاءُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُنْتَقَضُ الْمُفَاوَضَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِغَيْرِهِمَا: هَبْ لِي دِرْهَمًا فَوَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ غَائِبًا، وَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إذَا أَرَادَ فَسْخَ الشَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ آجَرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا لَهُ خَاصَّةً أَوْ بَاعَ لَمْ تَبْطُلْ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَنْكَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ انْفَسَخَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الشَّرِكَاتِ هَكَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَا فَسَدَتْ بِهِ شَرِكَةُ الْعِنَانِ تَفْسُدُ بِهِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

.الفصل الخامس: في تصرف أحد الْمُتَفَاوِضَيْنِ في مال الْمُفَاوَضَةِ:

قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِجِنْسِ مَا فِي يَدِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَإِنْ اشْتَرَى بِذَلِكَ الْجِنْسِ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِمَا لَيْسَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِأَنْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ كَانَ الْمُشْتَرَى خَاصَّةً لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى الشَّرِكَةِ.
لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ فِي أَدَاءِ الْغَلَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُزَوِّجُ الْأَمَةَ وَلَا يُزَوِّجُ الْعَبْدَ وَلَا يَعْتِقُهُ عَلَى مَالٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَمَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَازَ قِيَاسًا وَلَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِقَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ إلَّا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَبَيْعُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا بِالنَّسِيئَةِ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ، وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ سَلَمًا فِي طَعَامِهِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا عِينَةً وَصُورَةُ الْعِينَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا بِالنَّسِيئَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِيَبِيعَهُ بِقِيمَتِهِ بِالنَّقْدِ فَيَحْصُلُ لَهُ الْمَالُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُفَاوَضَةِ بِدَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ وَبِدَيْنٍ عَلَيْهِ خَاصَّةً بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَضَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَأَحَدُهُمَا يَمْلِكُ قَضَاءَ دَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ وَدَيْنَهُ خَاصَّةً مِنْ مَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ خَاصَّةً يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَكَذَا لَوْ رَهَنَ مَتَاعًا مِنْ خَاصَّةِ مَتَاعِهِ بِدَيْنِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِ التِّجَارَةِ جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْمُبَايَعَةَ أَوْ صَاحِبُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى شَرِيكِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَهُ أَنْ يُودِعَ وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَأَنْ يُهْدِيَ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ وَيَتَّخِذَ دَعْوَةً مِنْهُ وَلَمْ يُقَدَّرْ بِشَيْءٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ مَا لَا يَعُدُّهُ التُّجَّارُ سَرَفًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَقَبُولُ هَدِيَّةِ الْمُفَاوِضِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ وَالِاسْتِعَارَةُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ جَائِزٌ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، ثُمَّ إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالْمَأْكُولِ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَلَا يَمْلِكُ الْإِهْدَاءَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَسَا الْمُفَاوِضُ رَجُلًا ثَوْبًا أَوْ وَهَبَ دَابَّةً أَوْ وَهَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْأَمْتِعَةَ وَالْحُبُوبَ لَمْ يَجُزْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ الْمُسَافَرَةَ لَوْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِرَائِهِ وَطَعَامِهِ وَإِدَامِهِ مِنْ جُمْلَةِ رَأْسِ الْمَالِ رَوَى ذَلِكَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنْ رَبِحَ حُسِبَتْ النَّفَقَةُ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَتْ النَّفَقَةُ مَحْسُوبَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
هَذَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مُضَارَبَةً وَيَكُونُ رِبْحُهُ لَهُ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُبْضِعَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ أَبْضَعَ بِضَاعَةً ثُمَّ تَفَرَّقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْبِضَاعَةِ شَيْئًا إنْ عَلِمَ الْمُسْتَبْضِعُ بِتَفَرُّقِهِمَا كَانَ مَا اشْتَرَى لِلْآمِرِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَفَرُّقِهِمَا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْمُسْتَبْضِعِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَيْهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ خَاصَّةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَاتَ الَّذِي لَمْ يُبْضِعْ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ الْمَتَاعَ لَزِمَ الْحَيَّ خَاصَّةً، وَلَوْ نَقَدَ الْمُسْتَبْضِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، فَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُبْضِعَ، فَإِنْ ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمَّنُوا الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَبْضِعِ ثُمَّ الْمُسْتَبْضِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُبْضِعِ.
وَلَوْ أَبْضَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَلْفًا لَهُ وَلِشَرِيكٍ لَهُ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِرِضَا شَرِيكِ الْعِنَانِ لِيَشْتَرِيَ لَهُمَا مَتَاعًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ مَاتَ الْمُبْضِعُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَالْمَتَاعُ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمَالَ فَيَكُونُ نِصْفُهُ لِشَرِيكِ الْعِنَانِ وَنِصْفُهُ لِلْمُفَاوِضِ الْحَيِّ وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ مَاتَ شَرِيكُ الْعِنَانِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَالْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلْمُفَاوَضَةِ ثُمَّ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ إنْ شَاءُوا رَجَعُوا بِحِصَّتِهِمْ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُسْتَبْضِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ مَاتَ الْمُفَاوِضُ الَّذِي لَمْ يُبْضِعْ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ فَنِصْفُهُ لِلْآمِرِ وَنِصْفُهُ لِشَرِيكِ الْعِنَانِ وَيَضْمَنُ الْمُفَاوِضُ الْحَيُّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ حِصَّتَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُسْتَبْضِعَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إذْنًا مُصَرَّحًا أَنْ يُقْرِضَ، وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَقْرَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْإِقْرَاضُ بِمَا لَا خَطَرَ لِلنَّاسِ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُشَارِكَ رَجُلًا شَرِكَةَ عِنَانٍ بِبَعْضِ مَالِ الشَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
سَوَاءٌ شَرَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيَجُوزُ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ شَارَكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ فَعَلَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ تَكُنْ مُفَاوَضَةً وَكَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الَّذِي شَارَكَهُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي مُتَفَاوِضَيْنِ شَارَكَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا شَرِكَةَ عِنَانٍ فِي الرَّقِيقِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا اشْتَرَى هَذَا الشَّرِيكُ مِنْ الرَّقِيقِ فَنِصْفُهُ لِلْمُشْتَرِي وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُفَاوِضَ الَّذِي لَمْ يُشَارِكْ اشْتَرَى عَبْدًا، كَانَ نِصْفُهُ لِشَرِيكِ شَرِيكِهِ وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِهِمَا فِي الْمَالِ مِنْ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْوَكِيلَ يَخْرُجُ مِنْ الْوَكَالَةِ إنْ كَانَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي مَا دَايَنَهُ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ إخْرَاجُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ أَعَارَ دَابَّةً مِنْ الْمُفَاوَضَةِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَضْمَنْ فِيهِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ فَأَيُّهُمَا صَدَّقَهُ فِي الْإِعَارَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ ضَمَانِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكُلُّ مَا يَجُوزُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ أَنْ يَعْمَلَهُ فَكَذَلِكَ لِلْمُفَاوِضِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.الفصل السادس: في تصرف أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ في عقد صاحبه وفيما وجب بعقد صاحبه:

إذَا أَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعٍ بَاعَهُ الْآخَرُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي سَلَمٍ بَاشَرَهُ صَاحِبُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ جَارِيَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا نَسِيئَةً لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا نَسِيئَةً ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُخَاصِمَ فِيهِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ بَرِئَ مِنْهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَيَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ وَهَبَهُ الْآخَرُ أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي نَصِيبِهِ وَلَمْ يَجُزْ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَخَّرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَيْنًا وَجَبَ لَهُمَا جَازَ تَأْخِيرُهُ فِي النَّصِيبَيْنِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ بِعَقْدِ الْمُؤَخَّرِ أَوْ بِعَقْدِ صَاحِبِهِ أَوْ بِعَقْدِهِمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا كَانَ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَأَبْطَلَ أَحَدُهُمَا الْأَجَلَ بَطَلَ وَحَلَّ الْمَالُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا حَلَّ عَلَى الْمَيِّتِ حِصَّتُهُ وَلَمْ يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى الْمُتَفَاوِضَيْنِ مَالٌ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ فَهُمَا يَبْرَآنِ جَمِيعًا مِنْ الْمَالِ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حُقُوقُ عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَحَدُهُمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا يُطَالَبُ غَيْرُ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ لِلْمَبِيعِ كَمَا يُطَالَبُ الْبَائِعُ، وَلَوْ طَلَبَ غَيْرُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا يُؤَاخَذُ صَاحِبُهُ بِالثَّمَنِ كَمَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ كَمَا لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ كَمَا لِلْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا فَوَجَدَ الْآخَرُ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا إذَا وَجَدَ بِالْمُشْتَرَى عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنْكَرَ الْعَيْبَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ عَلَى الْبَتَاتِ وَشَرِيكَهُ عَلَى الْعِلْمِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا نَفَذَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ، وَلَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سِلْعَةٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ عَلَى الْبَتَاتِ وَعَلَى النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ شَرِيكُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتَاتِ فِيمَا بَاعَ وَتَسْقُطُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْمُفَاوَضَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِافْتِرَاقِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ الْعَاقِدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يُخَاصِمُ إلَّا الْبَائِعَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَى شَرِيكِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقَضَى لَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَقَدْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مُتَفَاوِضَانِ افْتَرَقَا فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى، ثُمَّ إنَّ الْآخَرَ نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ ذَلِكَ فَنَهْيُهُ جَائِزٌ فَإِنْ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى اشْتَرَاهَا كَانَ مُشْتَرِيًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.