فصل: الْبَابُ الثالث في الاختلاف والواقع بين الإيجاب والقبول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْبَابُ الثالث في الاختلاف والواقع بين الإيجاب والقبول:

إذَا أَوْجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي شَيْئَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الْعَقْدَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ إنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا إذَا أَوْجَبَ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي نِصْفِهِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْآخَرُ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ قَالَ الْقُدُورِيُّ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ لِلْبَعْضِ الَّذِي قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ نَحْوَ أَنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِهِمَا وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَفَرُّقِهَا فَنَقُولُ إذَا اتَّحَدَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالثَّمَنُ بِأَنْ ذُكِرَ الثَّمَنُ جُمْلَةً وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ فَالصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ إنْ تَفَرَّقَ الثَّمَنُ بِأَنْ سَمَّى لِكُلِّ بَعْضٍ مِنْ الْمَبِيعِ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَاتَّحَدَ الْبَاقِي بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذِهِ الْأَثْوَابَ الْعَشَرَةَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِعَشَرَةٍ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةً أَيْضًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ وَالثَّمَنُ ذُكِرَ جُمْلَةً بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِرَجُلَيْنِ بِعْت هَذَا مِنْكُمَا بِكَذَا وَقَالَ الْمُشْتَرِيَانِ اشْتَرَيْنَا هَذَا مِنْك بِكَذَا كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَّحِدَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
.
هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي الِاتِّحَادِ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي جَانِبِ التَّفَرُّقِ فَنَقُولُ إنْ تَفَرَّقَتْ التَّسْمِيَةُ بِأَنْ سَمَّى لِكُلِّ بَعْضٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَتَكَرَّرَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي اثْنَانِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا اثْنَيْنِ فَالصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا تَفَرَّقَ الثَّمَنُ وَتَكَرَّرَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِرَجُلٍ بِعْت مِنْك هَذِهِ الْأَثْوَابَ بِعْتُك هَذَا بِعَشَرَةٍ بِعْتُك هَذَا بِخَمْسَةٍ أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الْأَثْوَابَ اشْتَرَيْت هَذَا بِعَشَرَةٍ اشْتَرَيْت هَذَا بِخَمْسَةٍ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَتَعَدَّدَ الْعَاقِدُ وَالثَّمَنُ فِي الْقِيَاسِ يَتَعَدَّدُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لَا يَتَعَدَّدُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً أَوْ شَيْئًا وَاحِدً وَنَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّفْقَةُ مُتَفَرِّقَةً فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ يَهُودِيَّةٍ كُلَّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ هَذِهِ الْعَشَرَةُ ثَمَنُ هَذَا الثَّوْبِ بِعَيْنِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَنْ ثَمَنِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَثْوَابِ بِعَيْنِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا آخُذُ ذَلِكَ الثَّوْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَنْ ثَمَنِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ ثَوْبٍ مِنْهَا بِعَيْنِهِ حَالٌّ وَثَمَنَ الْبَاقِيَةِ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا حَتَّى يَنْقُدَ الْحَالَّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِسْعُونَ دِرْهَمًا فَصَارَ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمَا وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْ الْمُشْتَرِي قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ الثِّيَابِ حَتَّى يَنْقُدَ الْعَشَرَةَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ثَمَنُ أَحَدِ الْأَثْوَابِ بِعَيْنِهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَثَمَنُ الْبَاقِيَةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَنَقَدَ الدَّنَانِيرَ أَوْ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الْعَبْدِ مَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ جُمْلَةً فَإِنْ أَوْفَى جَمِيعَ الثَّمَنِ قَبَضَ الْعَبْدَ كُلَّهُ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَى الْحَاضِرِ مَا نَقَدَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَبَضَ نَصِيبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الَّذِي قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ أَوْ بَعْدَ مَا حَضَرَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ هَلَكَ أَمَانَةً حَتَّى رَجَعَ الَّذِي قَبَضَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ نَصِيبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا نَقَدَ عَنْهُ ثُمَّ هَلَكَ هَلَكَ بِمَا نَقَدَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ يَهْلِكُ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَبْرَأَ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَخَّرَ عَنْهُ شَهْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ حَتَّى يَنْقُدَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

.الْبَابُ الرَّابِعُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ وَقَبْضِهِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَغَيْرِ إذْنِهِ:

وَفِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَفِيمَا يَكُونُ قَبْضًا وَمَا لَا يَكُونُ وَنِيَابَةُ أَحَدِ الْقَبْضَيْنِ عَنْ الْآخَرِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِيمَا يَلْزَمُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ الْمُؤْنَةِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ:
وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ:

قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ حَالًّا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْحَالَّ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ قَلِيلٌ كَانَ لَهُ حَبْسُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي التَّفْرِيدِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا حَتَّى يُحْضِرَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة سَوَاءٌ كَانَ هَذَا فِي الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَبِيعُ أَوْ فِي مِصْرٍ آخَرَ وَيَلْحَقُهُ الْمُؤْنَةُ بِإِحْضَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا اسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ أَوْ سَلَّمَ بِغَيْرِ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِإِجَازَةِ الْبَائِعِ لَفْظًا أَوْ قَبَضَهُ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَا يَنْهَاهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ لِيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ كَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْحَبْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ غَرِيمًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إنْسَانٍ لَمْ يَسْقُطُ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي الْفَتَاوَى لَوْ أَعَارَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَوْدَعَهُ سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ اسْتِرْدَادَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ لَهُ قَبْضُهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَجَّلَهُ بِالثَّمَنِ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ يَحْضُرْ الْمُشْتَرِي حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ فَالْأَجَلُ سَنَةٌ مِنْ حِينِ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ سَنَةً بِعَيْنِهَا صَارَ الثَّمَنُ حَالًّا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الثَّمَنُ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَحِلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَجَلُ مُطْلَقٌ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَخَّرَ الثَّمَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ مُفْلِسٌ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَلَا يَسْعَى الْغُلَامُ فِي قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ كَاتَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبْطِلَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ حَتَّى نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ جَازَتْ الْكِتَابَةُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْمُشْتَرِي إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ كُلَّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ كُلِّهِ بَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى بَابًا فَقَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَسَمَّرَهُ بِمَسَامِيرَ حَدِيدٍ أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَاهَا أَوْ غَرَسَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْبِسَهَا فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَنْزِعُ الْمِسْمَارَ وَأَقْلَعُ الْكَرْمَ لِتَصِيرَ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ أَنْ يَنْزِعَهُ وَإِنْ كَانَ فَلَا فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْمِسْمَارِ وَالصَّبْغِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ عَلِقَتْ وَوَلَدَتْ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَقْ وَلَمْ تَلِدْ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا فَلَوْ مَاتَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ الْوَطْءِ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
فِي الرَّوْضَةِ عَبْدٌ قَالَ لِمَوْلَاهُ اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنْك بِكَذَا فَقَالَ الْمَوْلَى بِعْت لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيٌّ الْعَبْدَ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ مَوْلَاهُ لَهُ فَأَعْلَمَ الْمَوْلَى وَاشْتَرَى نَفْسَهُ لَهُ لَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ حَبْسَهُ لِلثَّمَنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

.الفصل الثاني في تسليم المبيع وفيما يكون قبضا وفيما لا يكون قبضا:

مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي ادْفَعْ الثَّمَنَ أَوَّلًا وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ أَوْ ثَمَنًا بِثَمَنٍ قِيلَ لَهُمَا سَلِّمَا مَعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ هُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهِ بِغَيْرِ حَائِلٍ وَكَذَا التَّسْلِيمُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَشُرِطَ فِي الْأَجْنَاسِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيُشِيرُ فِي التَّسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ تَكُونُ قَبْضًا وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا قَبْضٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالتَّخْلِيَةُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ بَاعَ خَلًّا فِي دِنٍّ فِي بَيْتِهِ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ وَتَرَكَهُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ فَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الصُّغْرَى.
رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلًا فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً وَقَالَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَكِلْهُ وَلَمْ يَزِنْهُ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَوْ أَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقُلْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَبْضُ الْمِفْتَاحِ قَبْضٌ لِلدَّارِ إذَا تَهَيَّأَ لَهُ فَتْحُهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِقَبْضٍ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ وَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ فَقَبَضَ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الدَّارِ يَكُونُ قَابِضًا قِيلَ هَذَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مِفْتَاحَ هَذَا الْغَلْقِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقُلْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الدَّارِ فَاقْبِضْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَلَوْ قَالَ خُذْهُ فَهُوَ قَبْضٌ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَى أَخْذِهِ وَيَرَاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك هَذِهِ السِّلْعَةَ وَسَلَّمْتهَا إلَيْك فَقَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ قَبِلْت لَمْ يَكُنْ هَذَا تَسْلِيمًا حَتَّى يُسَلِّمَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْغُلَامِ تَعَالَ مَعِي أَوْ امْشِ فَتَخَطَّى مَعَهُ فَهُوَ قَبْضٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا غَائِبَةً فَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك فَقَالَ قَبَضْتهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً كَانَ قَبْضًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْقَرِيبَةُ أَنْ تَكُونَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَعِيدَةٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ إنْسَانٍ بِبَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا بِاللَّفْظِ ثُمَّ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اشْتَرَى عَبْدًا فِي مَنْزِلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ خَلَّيْتُك فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبِضَ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَالْمُشْتَرِي قَائِمٌ عَلَيْهَا فَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَأَحْرَقَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُحْرِقَ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَفِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ لِلْبَائِعِ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَارِغَةً فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ صَحَّ التَّسْلِيمُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ صَارَ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ وَسَلَّمَ الْأَرْضَ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَاعَ قُطْنًا فِي فِرَاشٍ أَوْ حِنْطَةً فِي سُنْبُلٍ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِي قَبْضُ الْقُطْنِ أَوْ الْحِنْطَةِ مِنْ غَيْرِ فَتْقِ الْفِرَاشِ وَدَقِّ السُّنْبُلِ صَارَ قَابِضًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِالْفَتْقِ وَالدَّقِّ لَا لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ صَارَ قَابِضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجِذَاذُ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا فَقَالَ احْمِلْنِي مَعَك فَحَمَلَهُ فَعَطِبَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَرَكِبَ الْمُشْتَرِي فِي السَّرْجِ يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَا رَاكِبَيْنِ فَبَاعَ الْمَالِكُ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا إذَا بَاعَ الدَّارَ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
رَجُلٌ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الْخَاتَمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْفَصَّ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْفَصِّ لَا غَيْرُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِ الْفَصِّ إلَّا بِضَرَرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ الْخَاتَمُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ حَتَّى يَنْزِعَهُ الْبَائِعُ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ بَاعَ حِبَابًا فِي بَيْتٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا خَارِجَ الْبَيْتِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا إلَّا بِضَرَرٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَذُكِرَ فِي الْهَارُونِيَّاتِ لَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي عِيَالِهِ وَهُوَ فِيهَا سَاكِنٌ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يُفْرِغَ الْأَبُ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ وَالْأَبُ فِيهَا سَاكِنٌ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا مَتَاعُ الْأَبِ وَعِيَالِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِسَاكِنٍ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جُبَّةً هِيَ عَلَى الْأَبِ أَوْ طَيْلَسَانًا هُوَ لَابِسُهُ أَوْ خَاتَمًا فِي أُصْبُعِهِ لَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يَنْزِعَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ وَالْأَبُ رَاكِبُهَا حَتَّى يَنْزِلَ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا حُمُولَةٌ حَتَّى يَحُطَّ عَنْهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَتْ الرِّمَاكُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَا تَقْدِرُ الرِّمَاكُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَغَلَبَتْهُ الرِّمَاكُ فَانْفَلَتَتْ كَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الرِّمَاكِ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ وَإِنَّمَا فَتَحَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَوْ فَتَحَهُ الرِّيحُ حَتَّى خَرَجَتْ الرِّمَاكُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَوْ دَخَلَ الْحَظِيرَةَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ رِمَاكٌ فِي حَظِيرَةٍ فَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي اُدْخُلْ الْحَظِيرَةَ وَاقْبِضْهَا فَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَدَخَلَ لِيَقْبِضَهَا فَعَالَجَهَا فَانْفَلَتَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَذَهَبَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ سَلَّمَ الرَّمَكَةَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهَقٍ وَمَعَهُ وَهَقٌ وَالرَّمَكَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ وَلَا يَضْبِطُهَا الْبَائِعُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهَقٍ وَلَا يَقْدِرُ بِغَيْرِ وَهَقٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وَهَقٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا وَحْدَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَعْوَانٌ أَوْ فَرَسٌ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْأَعْوَانُ أَوْ الْفَرَسُ مَعَهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَعْوَانُ أَوْ الْفَرَسُ مَعَهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْسِكٌ لَهَا فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي هَاكَ الرَّمَكَةَ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَيْهَا أَيْضًا حَتَّى صَارَتْ الرَّمَكَةُ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْبَائِعُ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي خَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَك وَأَنَا لَا أُمْسِكُهَا مَنْعًا لَهَا مِنْك وَإِنَّمَا أُمْسِكُهَا حَتَّى تَضْبِطَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا يَدُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ خَلَّيْت بَيْنَهَا وَبَيْنَك فَاقْبِضْهَا فَإِنِّي إنَّمَا أَمْسَكْتهَا لَك فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَضَبَطَهَا كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ اشْتَرَى طَيْرًا يَطِيرُ فِي بَيْتٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لِطَيَرَانِهِ وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَخَرَجَ الطَّيْرُ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ قَابِضًا لِلطَّيْرِ وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ فَرَسٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ فِي الْمَرْعَى بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَهَلَكَ الْفَرَسُ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ قَالَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِمَا وَوَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَقَرَةً مِنْ رَجُلٍ وَهِيَ فِي الْمَرْعَى فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ اذْهَبْ وَاقْبِضْ الْبَقَرَةَ فَأَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْبَقَرَةَ إنْ كَانَتْ بِرَأْيِ الْعَيْنِ بِحَيْثُ تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فَهَذَا قَبْضٌ وَمَا لَا فَلَا وَهَذَا الْجَوَابُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَقَرَةَ إنْ كَانَتْ بِقُرْبِهِمَا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِهَا لَوْ أَرَادَ فَهُوَ قَابِضٌ لَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اشْتَرَى مِنْ آخَر دُهْنًا مُعَيَّنًا وَدَفَعَ إلَيْهِ قَارُورَةً لِيَزِنَهُ فِيهَا فَوَزَنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانِ الْبَائِعِ أَوْ فِي بَيْتِهِ وَإِنْ كَانَ وُزِنَ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي قِيلَ يَصِيرُ قَابِضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْوِعَاءَ فَكَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ فِي وِعَائِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا وَلَا مُشْتَرِيًا سَوَاءٌ وَزَنَ بِغَيْبَتِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَلَوْ قَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا أَنْ يَصِيرَ مُشْتَرِيًا قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ هَلَكَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الْوَزْنِ ثَانِيًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَحِلُّ التَّصَرُّفُ قَبْلَ إعَادَةِ الْوَزْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ أَرْطَالِ دُهْنٍ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ بِقَارُورَةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَ لَهُ فِيهَا وَالدُّهْنُ مُعَيَّنٌ فَلَمَّا وَزَنَ فِيهَا رَطْلًا انْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ وَسَالَ الدُّهْنُ وَوَزَنَ الْبَاقِي وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ بِالِانْكِسَارِ فَمَا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فَهَلَاكُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وُزِنَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَهَلَاكُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ شَيْءٌ مِمَّا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ وَصَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ دُهْنًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ مِثْلَهُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ دَفَعَ الْقَارُورَةَ مُنْكَسِرَةً إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِذَلِكَ وَصَبَّ فِيهَا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَمْسَكَ الْقَارُورَةَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَى الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ الْهَلَاكُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى سَمْنًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَزِنَ فِيهِ وَفِي الظَّرْفِ خَرْقٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِهِ فَتَلِفَ كَانَ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ اشْتَرَى كُرًّا مِنْ صُبْرَةٍ وَقَالَ لِلْبَائِعِ كِلْهُ فِي جُوَالِقِي وَدَفَعَ إلَيْهِ الْجُوَالِقَ فَفَعَلَ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ جَوَالِقَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ فِيهَا فَفَعَلَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْجَوَالِقُ بِعَيْنِهَا صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ أَعِرْنِي جُوَالِقًا وَكِلْهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَقْبِضَ الْجُوَالِقَ فَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.
قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَأَمَرَهُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَجْعَلَهُ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي فَجَعَلَهُ فِيهِ لِيَزِنَهُ عَلَيْهِ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ وَتَوَى مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ لِيَزِنَهُ فَيَعْلَمَ وَزْنَهُ لَا لِلتَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ وَزَنَهُ ثُمَّ انْكَسَرَ الْإِنَاءُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ أَيْضًا وَإِنْ وَزَنَهُ فِي شَنِّ الْبَائِعِ أَيْضًا ثُمَّ جَعَلَهُ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ انْكَسَرَ الْإِنَاءُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الدَّهَّانِ وَقَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ الْقَارُورَةَ إلَى مَنْزِلِي فَبَعَثَ فَانْكَسَرَتْ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ قَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِي فَفَعَلَ فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِك فَبَعَثَهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَالْهَلَاكُ يَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ حَضْرَةَ غُلَامِ الْمُشْتَرِي تَكُونُ كَحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا غُلَامُ الْبَائِعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ زَنِّ لِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ كَذَا وَكَذَا وَابْعَثْ بِهِ مَعَ غُلَامِك أَوْ قَالَ مَعَ غُلَامِي فَفَعَلَ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ هُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى غُلَامِك أَوْ قَالَ إلَى غُلَامِي فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ وَكِيلٌ فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
.
إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ابْعَثْ إلَى ابْنِي وَاسْتَأْجَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا يَحْمِلُهُ إلَى ابْنِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِقَبْضٍ وَالْأَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجِرْ عَلَيَّ مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَبَضَ الْأَجِيرُ يَكُونُ قَبَضَ الْمُشْتَرَى إنْ صَدَقَهُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ وَدَفَعَ إلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ اسْتِئْجَارَهُ وَالدَّفْعَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ اشْتَرَى وِعَاءَ هُدَبِدٍ مِنْ قَرَوِيٍّ فِي السُّوقِ وَأَمَرَهُ بِنَقْلِهِ إلَى حَانُوتِهِ فَسَقَطَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى وِقْرَ التِّبْنِ أَوْ الْحَطَبِ فِي الْمِصْرِ فَعَلَى الْبَائِع أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَيْتِهِ وَلَوْ هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ لِلْبَائِعِ سُقْهَا إلَى مَنْزِلِك حَتَّى أَجِيءَ خَلْفَك إلَى مَنْزِلِك وَأَسُوقَهَا إلَى مَنْزِلِي فَمَاتَتْ الْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ تَسْلِيمَ الْبَقَرَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ.
اشْتَرَى دَابَّةً مَرِيضَةً فِي إصْطَبْلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي تَكُونُ هُنَا اللَّيْلَةَ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ لِي فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بَاعَ مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَوَضَعَهَا عِنْدَ مُتَوَسِّطٍ لِيُوفِيَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَضَاعَتْ عِنْدَهُ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُتَوَسِّطُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْجَارِيَةَ إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَمَتَى اسْتَرَدَّهَا فَلَهُ أَنْ لَا يَضَعَهَا عَلَى يَدِ الْمُتَوَسِّطِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَوَسِّطُ عَدْلًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْجَارِيَةِ ضَمِنَ الْعَدْلُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ لَا آتَمِنُك عَلَيْهِ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْك الثَّمَنَ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْبَائِعُ إذَا دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى مَنْ فِي عِيَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَنَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ تَرَكْته رَهْنًا عِنْدَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ أَوْ قَالَ تَرَكْته وَدِيعَةً عِنْدَك لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا فَهُوَ قَبْضٌ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِهَا حَبَلٌ فَأَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُهُ فَلَمْ يَصِرْ مُتْلِفًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ كَقَبْضِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْوَجِيزِ.
وَفِي التَّفْرِيدِ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي اتِّبَاعَ الْجَانِي بِنَفْسِ الِاخْتِيَارِ يَكُونُ قَابِضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قُتِلَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَفَا الْمُشْتَرِي عَنْ الدَّمِ فَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْقَاتِلِ فَتَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ فَإِذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْقَاتِلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَطَحَنَ صَارَ قَابِضًا وَالدَّقِيقُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَعَارَ مِنْهُ أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَعَارَ مِنْهُ فَأَمَرَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قُلْ لِلْعَبْدِ يَعْمَلُ لِي كَذَا فَأَمَرَهُ الْبَائِعُ فَعَمِلَ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يَهَبَهُ مِنْ فُلَانٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ فُلَانٍ فَعَيَّنَ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فَفَعَلَ جَازَ وَصَارَ الْمُسْتَأْجِرُ قَابِضًا لِلْمُشْتَرَى أَوَّلًا ثُمَّ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ وَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُحْتَسَبُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَذَا لَوْ أَعَارَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَبِيعِ عَمَلًا لَا يُنْقِصُهُ كَالْقِصَارَةِ وَالْغَسْلِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ عَمَلًا يُنْقِصُهُ يَصِيرُ قَابِضًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ لِتَعْلِيمِ الْعَبْدِ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ أَوْ قَصِّ شَارِبِهِ أَوْ ظُفْرِهِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا وَلَهُ الْأَجْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُحْدِثُ نُقْصَانًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْبَائِعُ لِيَحْفَظَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ زَوَّجَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا مِنْهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ قَبْضٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْحَاوِي اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَبَّلَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمَسَهَا قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ قَابِضًا كَمَا لَوْ وَطِئَهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى جَارِيَةً وَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَتَمُوتُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمَهْرُ الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْمَهْرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ مِنْ الثَّمَنِ لَزِمَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِي الْمَهْر فَضْلٌ وَالْمَهْرُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ قَالَ ثَمَّةَ أَيْضًا اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى زَوَّجَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ مِنْ إنْسَانٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْتَقِضُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَرَجَعَتْ الْجَارِيَةُ إلَى الَّذِي كَانَتْ لَهُ وَمَهْرُهَا لَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِقَدْرِ النُّقْصَانِ.
وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُنْتَقَى وَزَادَ فِي وَضْعِهَا وَقَالَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بِعَبْدٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَنَقَصَهَا التَّزْوِيجُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى مُشْتَرِيه قَالَ الْمَهْرُ لِلَّذِي بَاعَهَا وَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ جَارِيَتَهُ نَاقِصَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ مُشْتَرِيهَا قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا الزَّوْجُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّ بَائِعَ الْجَارِيَةِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْجَارِيَةَ لِمُشْتَرِيهَا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا هُوَ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِيهَا وَأَخَذَ جَارِيَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَبَطَلَ الْمَهْرُ وَالْخِيَارُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ فِيهَا وَتَرَكَهُ إلَى بَائِعِهَا دُونَ مُشْتَرِيهَا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ بِنَقْضِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهُ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَوَّجَهَا إيَّاهُ بَعْدَمَا قَبَضَهَا بِأَمْرِهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ سَبِيلٌ عَلَى الْجَارِيَةِ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَتُسَلَّمُ هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْمَهْرُ عَلَى الْبَائِعَ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْبَائِعِ ثُمَّ لَقِيَ الْبَائِعَ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ وَقَدْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ لَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ فَإِنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ النِّكَاحِ فَإِنَّ هَذَا تَسْلِيمٌ مِنْ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَمَةِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.