فصل: (كِتَابُ الشُّفْعَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(كِتَابُ الشُّفْعَةِ):

وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْطِهَا وَصِفَتِهَا وَحُكْمِهَا:

أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهُوَ تَمَلُّكُ الْبُقْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا) (شَرْطُهَا) (فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِمَا لَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ حَتَّى لَا تَجِبَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ مَا تَمَلَّك هُوَ فَإِذَا انْعَدَمَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَجَّانًا لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى التَّبَرُّعِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فَامْتَنَعَ الْأَخْذُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنْ تَقَابَضَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَقَارًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعِوَضِ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَوَّضَهُ مِنْ ذَلِكَ دَارًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارَيْنِ لَا فِي دَارِ الْهِبَةِ، وَلَا فِي دَارِ الْعِوَضِ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّارِ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ، وَكَذَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ إقْرَارٍ وَأَمَّا عَنْ إنْكَارٍ فَلَا تَجِبُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَكِنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إقَامِهِ الْحُجَّةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ شَرْطِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَنَافِعَ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ وَيُعْطِيَهُ دَارًا أُخْرَى فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ تَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُ الْمُدَّعِي.
(وَمِنْهَا) (مُعَاوَضَةُ الْمَالِيِّ بِالْمَالِ) وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْأَرْشَ دُونَ الْقِصَاصِ عَلَى دَارٍ تَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَالْعَيْنِ وَالدُّورِ الصِّغَارِ (وَمِنْهَا) زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ تَزُلْ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ.
وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْسَخَ وَلَا يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يَجُوزَ هُوَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ.
(وَمِنْهَا زَوَالُ حَقِّ الْبَائِعِ) فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الشِّرَاءِ فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَخَذَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْضُوبِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرَّجُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبَنَى عَلَيْهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ (وَمِنْهَا) مِلْكُ الشَّفِيعِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَأْخُذُ بِهَا الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِدَارٍ يَسْكُنُهَا بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَلَا بِدَارٍ بَاعَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا بِدَارِ جَعَلَهَا مَسْجِدًا (وَمِنْهَا) ظُهُورُ مِلْكِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَصْدِيقُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِظُهُورِ الْحَقِّ لَا شَرْطٌ لِثُبُوتِهِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مَمْلُوكَةً لِلشَّفِيعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا تَكُونَ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) عَدَمُ الرِّضَا مِنْ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ وَكَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ أُخْرَى لَهُ لَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ وَإِسْلَامُ الشَّفِيعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَتَثْبُتُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ وَالنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ إلَّا أَنَّ الْخَصْمَ فِيمَا يَجِبُ لِلصَّبِيِّ أَوْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْقَاضِي وَوَصِيِّ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَأَمَّا) (صِفَتُهَا) فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأً فَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ نَحْوِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ وَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ إلَّا بِالشَّرْطِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَجَوَازُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَتَأَكُّدِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْقَضَاءِ بِهَا وَبِالرِّضَا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا الشُّفْعَةُ لَا تَجِبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مَقْصُودًا فِي الْعَقَارَاتِ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَتَجِبُ فِي الْأَرَاضِيِ الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيِ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارٌ كَالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسُوهَا بِتُرَابٍ نَقَلُوهُ مِنْ مَوَاضِعَ يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعٌ الْكِرْدَارِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَكَذَا الْأَرَاضِي الميانديهية إذَا كَانَتْ الْأَكَرَةُ يَزْرَعُونَهَا فَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْوَقْفِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ لَا يَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ هُوَ عِمَارَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْعَقَارِ كَالْأَوْقَافِ لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أُخْرَى فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تَجِب الشُّفْعَةُ فِي دَارٍ جُعِلْت مَهْرَ امْرَأَةٍ أَوْ أُجْرَةً أَوْ عِوَضَ عِتْقٍ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا دَارِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الدَّارِ أَوْ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ قَبَضَتْ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا بِذَلِكَ الْمَهْرِ دَارًا تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا الْقَاضِي مَهْرًا، ثُمَّ بَاعَهَا دَارًا بِذَلِكَ الْمَفْرُوضِ تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَلَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الزَّوْجُ عَلَيْهَا أَلْفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَأْخُذُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ مِنْ شِجَاجِ الْعَمْدِ الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَمْدٌ وَالْأُخْرَى خَطَأٌ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَأْخُذُ الشَّفِيعُ نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ مُوضِحَةِ الْخَطَأِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا دَارِهِ مَهْرًا أَوْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا لَك مَهْرًا أَوْ قَالَ أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهَا دَارًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ الزَّوْجُ جَعَلْتهَا مَهْرَك فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتهَا بِمَهْرِك فَفِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى دَارٍ فَطَلَبَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَسَلَّمَهَا الْأَبُ لَهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى مَعْلُومٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَةِ الدَّارِ فَهَذَا بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً فَسَلَّمَتْ فَهُوَ بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ رَجُلٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ مَالٍ فَفِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ وَبُطْلَانِ الصُّلْحِ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ لَوْ صَالَحَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ فُلَانٌ مِنْ الْمَالِ كُلِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ صُلْحَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى مِلْكِهِ صَحِيحٌ كَصُلْحِ الْمَدْيُونِ وَإِنْ قَالَ أَقْبَضْتُكَهَا عَنْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ وَكَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ التَّاجِرِ إذَا وَهَبَ بِعِوَضٍ لَا يَصِحُّ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَصِحُّ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى أَنْ يَهَبَهُ الْآخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ شَرْطًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا إنْ قَالَ قَدْ أَوْصَيْتُ بِدَارِي بَيْعًا لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ قَبِلْتُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِأَنْ تُوهَبَ لَهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا وَمَا لَوْ بَاشَرَ الْهِبَةَ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ وَهَبَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ مُسَمًّى بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَتَقَابَضَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الشُّيُوعُ فِي الْعِوَضِ فِيمَا يُقْسَمُ وَإِنْ وَهَبَ دَارَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَقَبَضَ كَانَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهَا بِشَرْطِ الْإِبْرَاءِ مِمَّا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الدَّارِ الْأُخْرَى وَقَبَضَهَا فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالشُّفْعَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَصَالَحَ مِنْ عَيْبٍ بِهَا عَلَى جُحُودٍ مِنْهُ أَوْ إقْرَارٍ بِالْعَيْبِ عَلَى دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ.
وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَيْبٍ عَلَى الدَّارِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَالَحِ فِي نُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ يُقِرُّ بِهِ أَوْ يَجْحَدُهُ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَارٍ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْهُ دَارًا وَقَبَضَهَا فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالشَّفِيعُ فِي مَبْلَغِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْحَقُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مَثَلًا جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ فِيهَا دَعْوَى فَصَالَحَهُ أَحَدُ شُرَكَاءِ الدَّارِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لِهَذَا الْمُصَالَحِ خَاصَّةً فَطَلَبَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارِ شُرَكَاءِ الدَّارِ بِأَنْ أَقَرَّ شُرَكَاءُ الدَّارِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لَهُ خَاصَّةً كَانَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارِ الشُّرَكَاءِ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ مُقِرًّا بِحَقِّ الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ حَقَّهُ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّرِيكَ الْمُصَالَحَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ أَثْبَتَ مِلْكَ بَائِعِهِ فِيمَا اشْتَرَى حَتَّى يَثْبُتَ شِرَاؤُهُ وَإِذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ صَارَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الشُّرَكَاءِ وَهُنَاكَ لِلشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَيْنِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، وَإِذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سُكْنَى دَارِ أُخْرَى فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ ادَّعَى دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ جِرَاحَةً خَطَأً فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ أَوْ حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا صَالَحَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ عَلَى مَيِّتٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ وَيَكُونَ لَهُ مَوْضِعُهَا أَبَدًا أَوْ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ مَعْلُومٌ عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً، وَلَكِنْ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ فَقَالَ: الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَسِيلَ مَائِهِ إلَى دَارٍ لَمْ يَكُنْ لِجَارِ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ مَسِيلَ مَائِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَرِيقٍ مَحْدُودٍ مَعْرُوفٍ فِي دَارٍ كَانَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ الطَّرِيقُ فِيهَا كَمَسِيلِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الطَّرِيقِ تُمْلَكُ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالطَّرِيقِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا بِوَضْعِ الْجِذْعِ فِي الْحَائِطِ وَالْهَرَادِيّ وَمَسِيلِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ ثَلَاثًا قَالَ إنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ آخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَخْذَ الشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَاعَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ قَدْ تَمَّ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الدَّارَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الدَّرَكَ عَنْ الْبَائِعِ، وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَبَدًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ وَاسْتَوْجَبَ الْبَيْعَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَجَبَتْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِخِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ زَادَهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى وَقَدْ كَانَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ أَخَذَهَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الْأُولَى وَإِذَا رَدَّهَا أَحَدُ الْجَارَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ أَخَذَهَا الْجَارُ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِعَدَدٍ بِعَيْنِهِ وَشَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِبَائِعِ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا لِمُشْتَرِي الدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ لَهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ خِيَارَهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ أَخَذَ عَبْدَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الشَّفِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الشَّفِيعِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهَا الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعِوَضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الدَّارِ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَلِلْبَائِعِ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ فَإِذَا أَخَذَهَا كَانَ هَذَا مِنْهُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِذَا أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَانَ هَذَا مِنْهُ إجَازَةٌ لِلْبَيْعِ فَإِذَا جَاءَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ الْأُولَى بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ سَبِيلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهَا الْآنَ فَلَا يَصِيرُ بِهَا جَارًا لِلدَّارِ الْأُخْرَى مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا وَالدَّارُ الثَّانِيَةُ سَالِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِهِ لَا يَنْفِي مِلْكَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهِ انْعِدَامُ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حِينَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَلَالَةُ الرِّضَا وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ قَضَائِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمُشْتَرَى أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا فَسَدَ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَحَقُّ الشَّفِيعِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْخَمْرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ فَسَدَ الْبَيْعُ، الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا حَتَّى صَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَبِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّارَ الثَّانِيَةَ حَتَّى اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ مِنْهُ مَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَاضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَيَكُونُ جَارًا بِمِلْكِهِ لِلدَّارِ الْأُخْرَى، ثُمَّ إنْ سَلَّمَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِوَارَهُ حَادِثٌ بَعْدَ بَيْعِ تِلْكَ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهَا وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ فَإِنْ بَنَى فِيهَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَتَجِبُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَإِنْ اتَّخَذَهَا الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا فَعَلَى هَذَا، الْخِلَافُ، وَقِيلَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَسْلَمَ دَارًا فِي مِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ وَالشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَوْ تَنَاقَضَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ بَيْعٌ جَدِيدٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَصِيَّةِ، ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ شُفْعَتَهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَشُفْعَتُهَا لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَفَوْقَهُ عُلْوٌ لِغَيْرِهِ بَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى انْهَدَمَ الْعُلْوُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ بِيعَ السُّفْلُ، وَالْعُلْوُ مُنْهَدِمٌ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ قَرَارِ الْبِنَاءِ لَا بِسَبَبِ نَفْسِ الْبِنَاءِ وَحَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ بَاقٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقِيَامِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ لِزَوَالِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الشُّفْعَةُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَائِمٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَبْنِي الْعُلْوَ إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَيْهِ الْعُلْوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا شَفِيعُهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيمَا صَارَ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِ الشَّفِيعِ الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ آجَرَ دَارِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ شَفِيعُهَا فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ لِقِيَامِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَكَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ لَكِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا مَبْذُورَةً فَنَبَتَ الزَّرْعُ وَحَصَدَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً فَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا لِيَقْطَعَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِأُصُولِهَا وَمَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى زَرْعًا أَوْ رَطْبَةً لِيَجُذَّهَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ شُفْعَةٌ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَرْضِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِي الْكُلِّ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ صِغَارٌ فَكَبُرَتْ فَأَثْمَرَتْ أَوْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ فَأُدْرِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى الْبِنَاءَ لِيَقْلَعَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِأَصْلِهِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى نَصِيبَ الْبَائِعِ مِنْ الْبِنَاءِ وَهُوَ النِّصْفُ فَلَا شُفْعَةَ فِي هَذَا وَالْبَيْعُ فِيهِ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ كُلُّهُ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا لِيَقْطَعَهَا ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ الْأَرْضَ وَتَرَكَ النَّخْلَ فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي النَّخْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ لِيَجُذَّهَا وَالْبِنَاءَ لِيَهْدِمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَرْضَ لَمْ تَكُنْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ إلَّا فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى بَيْتًا وَرَحَى مَاءٍ فِيهِ وَنَهْرَهَا وَمَتَاعَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْتِ وَفِي جَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ آلَاتِ الرَّحَى الْمُرَكَّبَةِ بِبَيْتِ الرَّحَى لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِبَيْتِ الرَّحَى وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى الْحَمَّامَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ الْحَمَّامَ مَعَ آلَاتِهَا الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الْقِدْرِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَأْخُذُ مَا كَانَ مُزَايِلًا لِلْبَيْتِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْحَمَّامَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا الْحَجَرَ الْأَعْلَى مِنْ الرَّحَى فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَكَّبًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَجَمَةً فِيهَا قَصَبٌ وَسَمَكٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ أَخَذَ الْأَجَمَةَ وَالْقَصَبَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ السَّمَكَ وَإِذَا اشْتَرَى عَيْنًا أَوْ نَهْرًا أَوْ بِئْرًا بِأَصْلِهَا فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَيْنَ قِيرٍ أَوْ نَفْطٍ أَوْ مَوْضِعِ مِلْحٍ أَخَذَ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَلَا يَأْخُذُ مَا حُمِلَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي التَّفْرِيدِ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا دَخَلَ فِي الْبِنَاءِ وَالْكَنِيفِ وَكُلَّ شَيْءٍ أَمَّا الظُّلَّةُ إنْ كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ فَعِنْدُهُمَا تَدْخُلُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا تَدْخُلُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ وَالزَّرْعُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَدْخُلَ الثَّمَرُ مِنْ غَيْرِ الذِّكْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
اشْتَرَى كَرْمًا وَلَهُ شَفِيعٌ غَائِبٌ فَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ فَأَكَلَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ وَأَخَذَ الْكَرْمَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ذَاتَ وَرْدٍ وَلَمْ يَبْدُ الطَّلْعُ مِنْ الْوَرْدِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَأَ الطَّلْعُ وَقْتَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ يَسْقُطُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَا قِيمَةَ لَهُ فَأَدْرَكَ الزَّرْعَ وَحَصَدَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ الْأَرْضَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمُكَاتَبُ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى دَارًا وَالْمَوْلَى شَفِيعُهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى دَارًا وَمُكَاتَبُهُ شَفِيعُهَا كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

.(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الشُّفْعَةِ):

أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ يُرَاعَى فِيهَا التَّرْتِيبُ فَيُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى فَيُقَدَّمُ الشَّرِيكُ عَلَى الْخَلِيطِ وَالْخَلِيطُ عَلَى الْجَارِ فَإِنْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْخَلِيطِ وَإِذَا اجْتَمَعَ خَلِيطَانِ يُقَدَّمُ الْأَخَصُّ ثُمَّ الْأَعَمُّ وَإِنْ سَلَّمَ الْخَلِيطُ وَجَبَتْ لِلْجَارِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ سَبَبٌ صَالِحٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ لِقُوَّتِهِ فِي التَّأْثِيرِ فَإِذَا سَلَّمَ الشَّرِيكُ الْتَحَقَتْ شَرِكَتُهُ بِالْعَدَمِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ الْخَلْطَةُ وَالْجِوَارُ ابْتِدَاءً وَبَيَانُ هَذَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ طَرِيقُهَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ فَإِنْ سَلَّمَ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ كُلُّهُمْ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ خُلَطَاءَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَلَوْ انْشَعَبَتْ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ سِكَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ نَافِذَةٍ فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ خُلْطَةَ أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ أَخَصُّ مِنْ خُلْطَةِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَأَهْلِ السِّكَّةِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ خُلْطَتَهُمْ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا سَوَاءٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلُ الدَّرْبِ يَسْتَحِقُّونَ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ إنْ كَانَ مِلْكَهُمْ أَوْ كَانَ فِنَاءً غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَكَذَلِكَ دَارَانِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَبِيعَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَهِيَ فِي حُكْمِ غَيْرِ النَّافِذِ، وَالطَّرِيقُ النَّافِذُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ مَا لَا يَمْلِكُ أَهْلُهُ سَدَّهُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ النَّهْرُ إذَا كَانَ صَغِيرًا تُسْقَى مِنْهُ أَرْضُونَ مَعْدُودَةٌ أَوْ كُرُومٌ مَعْدُودَةٌ فَبِيعَتْ أَرْضٌ مِنْهَا أَوْ كَرْمٌ إنْ كَانَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ يَسْتَوِي الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ كَبِيرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَهُوَ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي فَهُوَ صَغِيرٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ أَرَادَ بِالسُّفُنِ هَاهُنَا الشَّمَّارِيَّاتِ الَّتِي هِيَ أَصْغَرُ السُّفُنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ نُزِعَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرٌ آخَرُ فِيهِ أَرْضُونَ أَوْ بَسَاتِينُ أَوْ كُرُومٍ فَبِيعَتْ أَرْضٌ أَوْ بُسْتَانٌ شُرْبُهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ النَّازِعِ فَأَهْلُ هَذَا النَّهْرِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ بِيعَتْ أَرْضٌ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ كَانَ أَهْلُهُ وَأَهْلُ النَّهْرِ النَّازِعِ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءً، لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الشُّرْبِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ كَانَ فِنَاءٌ مُنْفَرِجٌ عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ زُقَاقٌ أَوْ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا فَأَصْحَابُ الدُّورِ شُفَعَاءُ جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مُرَبَّعًا فَأَمَّا إذَا كَانَ مُدَوَّرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
بَيْتٌ فِي دَارٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَالْبَيْتُ لِاثْنَيْنِ وَالدَّارُ لِقَوْمٍ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الْبَيْتِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ الدَّارُ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ هَذِهِ الدَّارِ وَبَابُ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هَذَا الْبَيْتُ هُوَ فِيهَا جِيرَانٌ مُلَازِقُونَ فَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ هَذَا الْبَيْتِ الْمَبِيعِ وَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ لِأَقْصَى الدَّارِ لَا لِهَذَا الْبَيْتِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ مِنْ إنْسَانٍ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الدَّارِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الَّذِي يَكُونُ ظَهْرُ هَذِهِ الدَّارِ إلَى دَارِهِ وَبَابُ تِلْكَ الدَّارِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ ثُمَّ الْجَارُ الَّذِي هُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ شَرِيكًا فِيهِ لَا يَكُونُ مُؤَخَّرًا بَلْ يَكُونُ مُقَدَّمًا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ بَنَيَا فِي وَسَطِهَا حَائِطًا ثُمَّ اقْتَسَمَا الْبَاقِي فَيَكُونُ الْحَائِطُ وَمَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَكَانَ هَذَا الْجَارُ شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا اقْتَسَمَا الْأَرْضَ وَخَطَّا خَطًّا فِي وَسَطِهَا ثُمَّ أَعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى بَنَيَا حَائِطًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَارٌ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَرْضِ شَرِيكٌ فِي الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْبِنَاءِ لَا تُوجِبُ الشُّفْعَةُ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَ الْحَائِطِ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَارِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَأَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى بِبَقِيَّةِ الدَّارِ مِنْ الْجَارِ قَالَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالْخَشَبَةِ فَبِيعَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ قَالَ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَتَهُ لَمْ أَجْعَلْهُ شَرِيكًا وَقَوْلُهُ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ أَيْ أَحَقُّ بِالْجَمِيعِ لَا بِالْحَائِطِ وَهَذَا مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْجَارُ قَدْ طَلَب الشُّفْعَةَ حِينَ سَمِعَ الْبَيْعَ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا مَقَاصِيرُ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ مَقْصُورَةً أَوْ قِطْعَةً مَعْلُومَةً أَوْ بَيْتًا فَلِجَارِ الدَّارِ الشُّفْعَةُ فِيهَا كَانَ جَارًا مِنْ أَيِّ نَوَاحِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ جُمْلَةِ الدَّارِ وَالشَّفِيعَ جَارُ الدَّارِ فَكَانَ جَارًا لِلْمَبِيعِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَقْصُورَةَ أَوْ الْقِطْعَةَ الْمَبِيعَةَ لَمْ تَكُنْ الشُّفْعَةُ إلَّا لِجَارِهَا لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَقْصُودًا وَمُفْرَدًا بِالْمِلْكِ فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضَ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُفْلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَلِيَّةٌ عُلْوٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ الَّذِي لَهُ نَصِيبٌ فِي السُّفْلِ وَالْعُلْوُ نَصِيبُهُ فَلِشَرِيكِهِ فِي السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِ وَلِشَرِيكِهِ فِي الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ فِي الْعُلْوِ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِي السُّفْلِ فِي الْعُلْوِ وَلَا لِشَرِيكِهِ فِي الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ؛ لِأَنَّ شَرِيكَهُ فِي السُّفْلِ جَارٌ لِلْعُلْوِ وَشَرِيكٌ فِي حُقُوقِ الْعُلْوِ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِيهِ وَشَرِيكُهُ فِي الْعُلْوِ جَارٌ لِلسُّفْلِ أَوْ شَرِيكٌ فِي الْحُقُوقِ إذَا كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي تِلْكَ فَكَانَ الشَّرِيكُ فِي عَيْنِ الْبُقْعَةِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عُلْوٌ عَلَى دَارِهِ، وَطَرِيقُهُ فِيهَا وَبَقِيَّةُ الدَّارِ لِآخَر فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ الْعُلْوَ بِطَرِيقِهِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَوْ كَانَ طَرِيقُ هَذَا الْعُلْوِ فِي دَارِ رَجُلٍ آخَرَ فَبِيعَ الْعُلْوُ فَصَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الطَّرِيقُ أَوْلَى بِشُفْعَةِ الْعُلْوِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا الْعُلْوُ، فَإِنْ سَلَّمَ صَاحِبُ الطَّرِيقِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعُلْوِ جَارٌ مُلَازِقٌ أَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا الْعُلْوُ بِالْجِوَارِ وَإِنْ كَانَ لِلْعُلْوِ جَارٌ مُلَازِقٌ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ مَعَ صَاحِبِ السُّفْلِ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَارُ الْعُلْوِ مُلَازِقًا وَبَيْنَ الْعُلْوِ وَبَيْنَ مَسْكَنِهِ طَائِفَةٌ مِنْ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَلَوْ وَبَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ السُّفْلَ كَانَ صَاحِبُ الْعُلْوِ شَفِيعًا وَلَوْ بِيعَتْ الدَّارُ الَّتِي فِيهَا طَرِيقُ الْعُلْوِ فَصَاحِبُ الْعُلْوِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ مِنْ الْجَارِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا حَائِطٌ فِي الدَّارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ الَّذِي لَهُ شِرْكَةٌ فِي الْحَائِطِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَالْحَائِطِ فَالشَّرِيكُ فِي الدَّارِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ وَالشَّرِيكُ فِي الْحَائِطِ أَوْلَى بِالْحَائِطِ وَهُوَ جَارٌ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا بِئْرٌ فِي الدَّارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَبَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ وَالْبِئْرِ فَالشَّرِيكُ فِي الدَّارِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ وَالشَّرِيكُ فِي الْبِئْرِ أَحَقُّ بِالْبِئْرِ وَهُوَ جَارٌ لِبَقِيَّةِ الدَّارِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ إلَّا مَوْضِعَ بِئْرٍ أَوْ طَرِيقٍ فِيهَا فَبَاعَ الشَّرِيكُ فِي الْجَمِيعِ نَصِيبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ فَالشَّرِيكُ الَّذِي لَهُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ نَصِيبٌ أَحَقُّ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي لَهُ فِي بَعْضِ الدَّارِ نَصِيبٌ فَإِنَّ شِرْكَتَهُ أَعَمُّ وَمَنْ يَكُونُ أَقْوَى فَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
صَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ مَسِيلِ الْمَاءِ مِلْكًا لَهُ وَصُورَةُ هَذَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ وَلِرَجُلٍ فِيهَا طَرِيقٌ وَلِلْآخَرِ فِيهَا مَسِيلُ الْمَاءِ فَصَاحِبُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ مَسِيلِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ بَيْتٌ فِي أَوَّلِ الدَّارِ ثُمَّ الْبَيْتُ الثَّانِي بِجَنْبِ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ الْبَيْتُ الثَّالِثُ بِجَنْبِ الثَّانِي كُلُّ بَيْتٍ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَيْتَهُ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْبُيُوتِ فِي الدَّارِ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْبَاقِينَ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُ الْبُيُوتِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ لَا فِي الدَّارِ فَإِنْ بِيعَ الْبَيْتُ الْأَوْسَطُ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَإِنْ بِيعَ الْبَيْتُ الْأَعْلَى كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَوْسَطِ وَإِنْ بِيعَ الْأَسْفَلُ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَوْسَطِ لَا غَيْرُ.
ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ فِي دَارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ فَوْقَ الْآخَرَ، كُلُّ وَاحِدٍ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَيْتَهُ فَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْكُلِّ فِي الدَّارِ فَلِلْبَاقِيَيْنِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُ الْبُيُوتِ فِي السِّكَّةِ، فَإِنْ بَاعَ الْأَوْسَطُ فَلِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ أَنْ يَأْخُذَا الشُّفْعَةَ وَإِنْ بَاعَ الْأَعْلَى فَالْأَوْسَطُ أَوْلَى وَإِنْ بَاعَ الْأَسْفَلُ فَالْأَوْسَطُ أَيْضًا أَوْلَى هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ وَلَهَا سَاحَةٌ وَالسَّاحَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ وَالْبُيُوتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَبَاعَ أَحَدُ مَالِكِي الْبُيُوتِ نَصِيبَهُ مِنْ الْبُيُوتِ وَالسَّاحَةِ مِنْ شَرِيكِهِ فِي الْبُيُوتِ وَالسَّاحَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِمَا فِي السَّاحَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَارٌ لِرَجُلٍ فِيهَا بَيْتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَبَاعَ الرَّجُلُ الدَّارَ فَطَلَبَ الْجَارُ الشُّفْعَةَ وَطَلَبَهَا الشَّرِيكُ فِي الْبَيْتِ فَصَاحِبُ الشَّرِكَةِ فِي الْبَيْتِ أَوْلَى بِالْبَيْتِ وَبَقِيَّةُ الدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ اشْتَرَى حَائِطًا بِأَرْضِهِ ثُمَّ اشْتَرَى مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ طَلَبَ جَارُ الْحَائِطِ الشُّفْعَةَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْحَائِطِ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الدَّارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ لِقَوْمٍ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَرْبَابِ تِلْكَ الدُّورِ بَيْتًا شَارِعًا فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى وَلَمْ يَبِعْ طَرِيقُهُ فِي الدَّرْبِ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ مُشْتَرِي الْبَيْتِ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَلِأَصْحَابِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ لِشَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ سَلَّمُوهَا ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْبَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ لِانْعِدَامِ شَرِكَتِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَقْتَ الْبَيْعِ الثَّانِي فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ قِطْعَةً مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ فِي الدَّرْبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِي أَقْصَاهُ مَسْجِدُ خُطَّةٍ وَبَابُ الْمَسْجِدِ فِي الدَّرْبِ وَظَهْرُ الْمَسْجِدِ أَوْ جَانِبُهُ الْآخَرُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَهَذَا دَرْبٌ نَافِذٌ لَوْ بِيعَتْ فِيهِ دَارٌ لَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ وَأَرَادَ بِمَسْجِدِ الْخُطَّةِ الَّذِي اخْتَطَّهُ الْإِمَامُ حِينَ قَسَّمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ خُطَّةً، وَظَهْرُهُ إلَى طَرِيقِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ دُورٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَهَذَا الدَّرْبُ بِمَنْزِلَةِ دَرْبٍ نَافِذٍ وَلَوْ كَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ دُورٌ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ كَانَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّرْبَ لَا يَكُونُ نَافِذًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدُ الْخُطَّةِ فِي الْأَقْصَى لَكِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ السِّكَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوَّلِ السِّكَّةِ إلَى مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ نَافِذًا لَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَكُونُ غَيْرَ نَافِذٍ حَتَّى كَانَ لِأَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ كُلِّهِمْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ خُطَّةً بِأَنْ اشْتَرَى أَهْلُ الدَّرْبِ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ دَارًا فِي أَقْصَى الدَّرْبِ ظَهْرَهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَجَعَلُوهَا مَسْجِدًا وَجَعَلُوا فِي الدَّرْبِ بَابَهُ وَلَمْ يَجْعَلُوا لَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ بَابًا أَوْ جَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ دَارِهِ فَلِأَهْلِ الدَّرْبِ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ خَانٌ فِيهِ مَسْجِدٌ أَفْرَزَهُ صَاحِبُ الْخَانِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالتَّأْذِينِ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ فَفَعَلُوا حَتَّى صَارَ مَسْجِدًا ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْخَانِ كُلَّ حُجْرَةٍ فِي الْخَانِ مِنْ رَجُلٍ حَتَّى صَارَ دَرْبًا ثُمَّ بِيعَتْ مِنْهَا حُجْرَةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَارٌ فِيهَا طَرِيقٌ إلَى الدَّرْبِ وَيَخْرُجُ مِنْ بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِلنَّاسِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ نَافِذَةٌ وَإِنْ كَانَ طَرِيقًا لِأَهْلِ الدَّرْبِ خَاصَّةً فَهُمْ شُفَعَاءُ لِأَنَّ السِّكَّةَ غَيْرَ نَافِذَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا الزُّقَيْقَاتُ الَّتِي ظَهْرُهَا وَادٍ فَلَا تَخْلُو مِنْ وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ مَوْضِعُ الْوَادِي مَمْلُوكًا فِي الْأَصْلِ وَأَحْدَثُوا الْوَادِيَ فَهَذَا وَالْمَسْجِدُ الَّذِي أَحْدَثُوا فِي أَقْصَى السِّكَّةِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ وَادِيًا كَذَلِكَ فَهُوَ وَمَسْجِدُ الْخُطَّةِ سَوَاءٌ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ يَقُولُ الزُّقَيْقَاتُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا وَادٍ بِبُخَارَى إذَا بِيعَ فِي زَقِيقَةٍ مِنْهَا دَارٌ فَأَهْلُ الزُّقَيْقَةِ كُلُّهُمْ شُفَعَاءُ وَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ كَالطَّرِيقِ النَّافِذِ فَكَأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَام الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجْعَلُ حُكْمَ هَذِهِ الزُّقَيْقَاتِ حُكْمَ السِّكَكِ النَّافِذَةِ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَاسَ السِّكَكُ الَّتِي فِي أَقْصَاهَا الْوَادِي بِبُخَارَى وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبْنَى أَمْرُ الشُّفْعَةِ عَلَى النَّفَاذِ الْحَادِثِ وَعَلَى نَفَاذِ الْخُطَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ إذَا بِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَالشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَوَّرَةِ وَالْمُعْوَجَّةِ وَالْمُسْتَقِيمَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ فِيهَا عَطْفٌ مُدَوَّرٌ يُرِيدُ بِالْعَطْفِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (خُمّ كَرِدِّ) وَفِي الْعَطْفِ مَنَازِلُ فَبَاعَ رَجُلٌ مَنْزِلًا فِي أَعْلَى السِّكَّةِ أَوْ أَسْفَلِهَا أَوْ فِي الْعَطْفِ فَالشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ مُرَبَّعًا بِأَنْ تَكُونَ سِكَّةً مَمْدُودَةً فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا زُقَيْقَةٌ وَفِي السِّكَّةِ دُورٌ وَفِي الزَّقِيقَتَيْنِ دُورٌ فَبَاعَ رَجُلٌ فِي الْعَطْفِ مَنْزِلًا فَالشُّفْعَةُ لِأَصْحَابِ الْعَطْفِ دُونَ أَصْحَابِ السِّكَّةِ وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ فِي السِّكَّةِ دَارًا كَانُوا فِيهَا جَمِيعًا شُرَكَاءَ فِي الشُّفْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِالْعَطْفِ الْمُدَوَّرِ لَا تَصِيرُ السِّكَّةُ فِي حُكْمِ السِّكَّتَيْنِ أَلَا يُرَى أَنَّ هَيْئَاتِ الدُّورِ فِي هَذَا الْعَطْفِ لَا تَتَغَيَّرُ فَكَانَتْ سِكَّةً وَاحِدَةَ أَمَّا الْعَطْفُ الْمُرَبَّعُ يَصِيرُ فِي حُكْمِ سِكَّةٍ أُخْرَى أَلَا يُرَى أَنَّ هَيْئَاتِ الدُّورِ فِي هَذَا الْعَطْفِ تَتَغَيَّرُ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ سِكَّةٍ فِي سِكَّةٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
سِكَّةٌ تَذْهَبُ طُولًا وَفِي أَسْفَلِهَا سِكَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ نَافِذَةٍ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ دَرْبٍ وَلَا حَقَّ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْأُولَى فِيهَا فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْ السِّكَّةِ الْعُلْيَا فَلِأَهْلِ السُّفْلَى الشُّفْعَةُ لِشَرِكَتِهِمْ وَلَوْ بِيعَتْ مِنْ السُّفْلَى فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِهَا خَاصَّةً وَكَذَا إذَا كَانَ فِيهَا زَائِغَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي دَرْبٍ فِيهِ زَائِغَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ لِجَمِيعِ الدَّرْبِ بِيعَتْ دَارٌ فِي هَذِهِ الزَّائِغَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّرْبُ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ وَإِذَا كَانَ دَرْبٌ مُسْتَطِيلٌ فِيهِ زَائِغَةٌ لَيْسَتْ عَلَى مَا وَصَفْت لَك وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ السِّكَّةَ فَأَهْلُ تِلْكَ الزَّائِغَةِ شُرَكَاءُ فِي دُورِهِمْ وَلَا يُشْرِكُهُمْ أَهْلُ الدَّرْبِ فِي الشُّفْعَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي زَائِغَتِهِمْ دُونَ أَهْلِ الدَّرْبِ فِي الذَّخِيرَةِ.
هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَارٍ إلَى جَنْبِ دَارِهِ وَفَتَحَ بَابَهُ إلَى دَارِهِ ثُمَّ بَاعَ هَذَا الْبَيْتَ وَحْدَهُ فَجَاءَ جَارُ هَذَا الرَّجُلِ وَطَلَبَ هَذَا الْبَيْتَ بِالشُّفْعَةِ قَالَ إنْ كَانَ سَدُّ بَابِ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ وَفُتِحَ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَتَّى عُدَّ الْبَيْتُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيهِ وَفِي الشُّفْعَةِ لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ سِكَّةٌ غَيْرٌ نَافِذَةٍ فِيهَا عَطْفَةٌ مُنْفَرِدَةٌ نَفَذَتْ هَذِهِ الْعَطْفَةُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ إلَى هَذِهِ السِّكَّةِ الَّتِي فِيهَا الْعَطْفَةُ فَبِيعَتْ دَارٌ فِي هَذِهِ الْعَطْفَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا لِمَنْ دَارُهُ لَزِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ هَذِهِ الْعَطْفَةُ إلَى السِّكَّةِ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ هَذِهِ الْعَطْفَةِ فَإِنْ سَلَّمُوا الشُّفْعَةَ لَيْسَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ فِيهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَارٌ بِيعَتْ وَلَهَا بَابَانِ فِي زُقَاقَيْنِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ دَارَيْنِ بَابُ إحْدَاهُمَا فِي زُقَاقٍ وَبَابُ الْأُخْرَى فِي زُقَاقٍ آخَرَ فَاشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَرَفَعَ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا حَتَّى صَارَتْ كُلُّهَا دَارًا وَاحِدَةً فَلِأَهْلِ كُلِّ زُقَاقٍ أَنْ يَأْخُذَ الْجَانِبَ الَّذِي يَلِيه وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ دَارًا وَاحِدَةً وَلَهَا بَابَانِ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ الزُّقَاقَيْنِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ بِالسَّوِيَّةِ وَنَظِيرُ هَذَا الزُّقَاقِ إذَا كَانَ فِي أَسْفَلِهَا زُقَاقٌ آخَرُ إلَى جَمِيعِ الْجَانِبِ الْآخَرَ فَرَفَعَ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا حَتَّى صَارَ الْكُلُّ سِكَّةً وَاحِدَةً كَانَ لِأَهْلِ كُلِّ زُقَاقٍ شُفْعَةٌ فِي الزُّقَاقِ الَّذِي لَهُمْ خَاصَّةً وَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَكَذَا سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ رَفَعَ الْحَائِطَ مِنْ أَسْفَلِهَا حَتَّى صَارَتْ نَافِذَةً فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي آخِرِ شُفْعَةِ الْأَصْلِ دَارٌ فِيهَا حُجَرٌ، وَحُجْرَةٌ مِنْهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْحُجْرَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ الْحُجْرَةُ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمَا فَالشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي طَرِيقِ الدَّارِ لَا لِلشَّرِيكِ فِي الْحُجْرَةِ فَإِنْ سَلَّمَ شُرَكَاءُ الطَّرِيقِ فِي الدَّارِ الشُّفْعَةَ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ بِالدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى قَوْمٌ أَرْضًا فَاقْتَسَمُوهَا دُورًا وَتَرَكُوا مِنْهَا سِكَّةً مَمْشَى لَهُمْ وَهِيَ سِكَّةٌ مَمْدُودَةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْ أَقْصَاهَا فَهُمْ جَمِيعًا شُرَكَاءُ فِي شُفْعَتِهَا وَمَنْ كَانَتْ دَارُهُ أَسْفَلَ مِنْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ أَعْلَى فِي الشُّفْعَةِ هُنَا سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا وَرِثُوا الدُّورَ عَنْ آبَائِهِمْ كَذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ كَانَ أَصْلُهَا فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ.
وَإِذَا اشْتَرَى بَيْتًا مِنْ دَار عُلْوُهُ لِآخَرَ وَطَرِيقُ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَى فِي دَارٍ أُخْرَى فَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلَّذِي فِي دَارِهِ الطَّرِيقُ فَإِنْ سَلَّمَ صَاحِبُ الدَّارِ فَحِينَئِذٍ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ بِالْعُرُوضِ.
وَإِذَا كَانَ لِلدَّارِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ فَخَاصَمَ الْحَاضِرُ إلَى قَاضٍ لَا يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ فَأَبْطَلَ شُفْعَتَهُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَخَاصَمَهُ إلَى قَاضٍ يَرَى الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ قَضَى لَهُ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ أَبْطَلَتْ كُلَّ الشُّفْعَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الدَّارِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَةُ الْغَائِبِ.
كَذَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
دَارٌ وَرِثَتْهَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِيهِمْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ أَبِيهِمْ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَهُمْ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَشُرَكَاؤُهُ فِي مِيرَاثِ أَبِيهِمْ وَهُمْ أَبْنَاءُ الْمَيِّتِ الثَّانِي وَشُرَكَاءُ الْأَبِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ شُفَعَاءُ فِيهَا لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ قَوْمٌ وَرِثُوا دَارًا فِيهَا مَنَازِلُ وَاقْتَسَمُوهَا فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلًا فَرَفَعُوا فِيمَا بَيْنُهُمْ الطَّرِيقَ فَبَاعَ بَعْضُ مَنْ صَارَ لَهُ مَنْزِلٌ مَنْزِلَهُ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَهُمْ الْمَنَازِلُ فِي الدَّارِ الشُّفْعَةَ كَانَ لِلْجَارِ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ لَزِيقَ الْمَنْزِلِ الَّذِي بِيعَ وَإِنْ كَانَ لَزِيقَ الطَّرِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ بِلَزِيقِ الْمَنْزِلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَنْزِلَ بِطَرِيقِهِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَزِيقَ الْمَنْزِلِ وَلَا لَزِيقَ الطَّرِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَكَانَ لَزِيقَ مَنْزِلٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ كَمَا تَجِبُ لِجِيرَانِ الْمَبِيعِ تَجِبُ لِجِيرَانِ حَقِّ الْمَبِيعِ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي كِتَابِ الشُّرْبِ لِأَبِي عَمْرٍو الطَّبَرِيِّ دَارٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبْيَاتٍ وَكُلُّ بَيْتٍ لِرَجُلِ عَلَى حِدَةٍ وَطَرِيقُ كُلِّ بَيْتٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَطَرِيقُ هَذِهِ الدَّارُ فِي دَارٍ أُخْرَى وَطَرِيقُ تِلْكَ الدَّارِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بِيعَ بَيْتٌ مِنْ الْبُيُوتِ الَّتِي فِي الدَّارِ الدَّاخِلَةِ كَانَ صَاحِبُ الْبَيْتَيْنِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ فَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ فَإِنْ سَلَّمَ هُوَ أَيْضًا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ.
أَرْضٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ وَرَفَعُوا طَرِيقًا بَيْنَهُمْ وَجَعَلُوهَا نَافِذَةً ثُمَّ بَنَوْا دُورًا يَمْنَةً وَيَسِرَةً وَجَعَلُوا أَبْوَابَ الدُّورِ شَارِعَةً إلَى السِّكَّةِ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ دَارًا فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ سَوَاءٌ وَإِنْ قَالُوا جَعَلْنَاهَا طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ أَيْضًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى دَارًا أُخْرَى فِي تِلْكَ السِّكَّةِ كَانَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ أَنْ يَأْخُذُوا الْأُولَى بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَكُنْ شَفِيعًا وَقْتَ الشِّرَاءِ الْأَوَّلِ ثُمَّ صَارَ هُوَ شَفِيعًا مَعَ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي الدَّارِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَلِلْجَارِ أَنْ يَأْخُذَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ سَبِيلٌ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَالرَّابِعُ غَائِبٌ ثُمَّ حَضَرَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْأَوَّلِ وَهُوَ فِي نَصِيبِ الْآخَرَيْنِ شَرِيكٌ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ نَصِيبَ الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ حَضَرَ الرَّابِعُ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْهَارُونِيِّ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ اشْتَرَى نَصِيبَ آخَرَ ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الثَّالِثُ حَتَّى جَاءَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَطَلَبَ مِنْهُ الشُّفْعَةَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَقْضِي لَهُ بِهَا فَيَصِيرُ لَهُ النَّصِيبَانِ جَمِيعًا فَإِنْ جَاءَ الثَّالِثُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ غَائِبًا وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ أَخَذَ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ الْأَوَّلُ وَنِصْفَ مَا اشْتَرَاهُ الثَّانِي وَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا اشْتَرَاهُ الثَّانِي قَضَى لِلثَّالِثِ بِالنَّصِيبَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لِرَجُلٍ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارٍ بِيعَتْ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ لَا بِالشَّرِكَةِ وَلَيْسَ الْمَسِيلُ كَالشُّرْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلِ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ فِي بَيْتٍ فَبَاعَ صَاحِبُ النَّهْرِ النَّهْرَ وَالرَّحَى وَالْبَيْتَ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَرْضِهِ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الرَّحَى أَرْضٌ لِرَجُلٍ وَكَانَ جَانِبُ النَّهْرِ الْآخَرُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجِوَارِ إلَى النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ إلَى الرَّحَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
نَهْرٌ كَبِيرٌ كَدِجْلَةَ يَجْرِي لِقَوْمٍ مِنْهُ نَهْرٌ صَغِيرٌ فَصَارَ تَشْرَبُ أَرَاضِيهمْ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ فَبَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ أَرْضَهُ بِشُرْبِهَا كَانَ لِلَّذِينَ شُرْبُهُمْ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الصَّغِيرِ أَنْ يَأْخُذُوا تِلْكَ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ أَقْصَاهُمْ وَأَدْنَاهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْأَرْضِ الَّتِي بِيعَتْ قِطْعَةٌ أُخْرَى لَزِيقَةٌ بِهَذِهِ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ، وَشُرْبُ هَذِهِ الْقِطْعَةِ مِنْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْقِطْعَةِ مَعَ الَّذِينَ شُرْبُهُمْ مِنْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ وَفِي كِتَابِ هِلَالٍ الْبَصْرِيِّ فِي نَهْرِ مُلْتَوٍ بِيعَ فِيهِ أَرْضُونَ خَلْفَ الِالْتِوَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِتَرْبِيعٍ فَهُوَ كَنَهْرَيْنِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الشُّرْبِ إلَى مَوْضِعِ الِالْتِوَاءِ خَاصَّةً فَإِنْ سَلَّمُوا فَهِيَ لِلْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَ الِالْتِوَاءُ بِاسْتِدَارَةٍ وَانْحِرَافٍ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمْ جَمِيعًا جَعَلُوهُ كَالنَّهْرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَهْرٌ بَيْنَ قَوْمٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ أَرْضُونَ وَبَسَاتِينُ شُرْبُهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِيِ وَالْبَسَاتِينِ فَإِنْ اتَّخَذُوا مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِينَ وَالْبَسَاتِينِ دُورًا وَاسْتَغْنَوْا عَنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ بَيْنَهُمْ إلَّا بِالْجِوَارِ بِمَنْزِلَةِ دُورُ الْأَمْصَارِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِينَ مَا يُزْرَعُ وَبَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَسَاتِينِ مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّرْبِ عَلَى حَالِهِمْ وَشُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نَهْرٌ فِيهِ شُرْبٌ لِقَوْمٍ وَأَرْضُ النَّهْرِ لِغَيْرِهِمْ فَبَاعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ وَالْمَاءُ مُنْقَطِعٌ فِي النَّهْرِ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا شُفْعَةَ لَهُمْ بِحَقِّ الشُّرْبِ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا كَمَا فِي الْعُلْوَ الْمُنْهَدِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَهْرًا بِأَصْلِهِ وَلِرَجُلٍ أَرْضٌ فِي أَعْلَاهُ إلَى جَنْبِهِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَرْضٌ فِي أَسْفَلِهِ إلَى جَنْبِهِ فَلَهُمَا جَمِيعًا الشُّفْعَةُ فِي جَمِيعِ النَّهْرِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ وَكَذَا الْقَنَاةُ وَالْعَيْنُ وَالْبِئْرُ فَهِيَ مِنْ الْعَقَارَاتِ يُسْتَحَقُّ فِيهَا الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ يَكُونُ مِفْتَحُهَا فِي أَرْضِ وَيَظْهَرُ مَاؤُهَا فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَجِيرَانُهَا مِنْ مِفْتَحِهَا إلَى مَصَبِّهَا شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ خَالِصًا لَهُ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلِآخَرِينَ عَلَيْهِ أَرْضٌ وَلَا شُرْبَ لَهُمْ فِيهِ فَبَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ النَّهْرَ خَاصَّةً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ فِيهِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِمْ بِالْمَبِيعِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَاصَّةً دُونَ النَّهْرِ فَالْمُلَازِقُ لِلْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ بَاعَ النَّهْرَ وَالْأَرْضَ جَمِيعًا كَانُوا شُفَعَاءَ فِي النَّهْرِ لِاتِّصَالِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالنَّهْرِ وَكَانَ الَّذِي هُوَ مُلَاصِقُ الْأَرْضِ أَوْلَاهُمْ بِالشُّفْعَةِ فِي الْأَرْضِ لِاتِّصَالِ مِلْكِهِ بِالْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لِرَجُلٍ فَبَاعَ الطَّرِيقَ وَالطَّرِيقُ خَالِصٌ لَهُ فَجَارُ الطَّرِيقِ أَوْلَى بِهِ مِنْ جَارِ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ شُفْعَتَهُ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَارِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ شَرِيكًا فِي النَّهْرِ أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَكَانَ أَحَقَّ بِهَا جَمِيعًا مِنْ جِيرَانِ الْأَرْضِ وَالطَّرِيقُ وَالنَّهْرُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ لَهُ نَصِيبٌ فِي نَهْرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ يَجْرِي النَّهْرُ فِي أَرْضِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَعْلَى النَّهْرِ فَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ أَسْفَلِ النَّهْرِ الشُّفْعَةَ فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا جَمِيعًا بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ صَاحِبِ أَسْفَلِ النَّهْرِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى بِالْجِوَارِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قَنَاةٌ مِفْتَحُهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ، وَالْأَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ ذَلِكَ الْأَسْفَلَ فَالشَّرِيكُ وَالْجِيرَانُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِذَا كَانَ نَهْرٌ لِرَجُلٍ فَطَلَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ لِيُكْرِيَ مِنْهُ نَهْرًا إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ بِيعَ النَّهْرُ الْأَوَّلُ وَمَجْرَاهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ آخَرَ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى دَارٌ فِي سِكَّةٍ خَاصَّةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا مِنْ رَجُلٍ بِلَا طَرِيقٍ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِلَا شُرْبٍ فَلِأَهْلِ الشُّرْبِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَذِهِ الْأَرْضُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَرَاحٍ وَاحِدٍ فِي وَسَطِهِ سَاقِيَةٌ جَارِيَةٌ، شُرْبُ هَذَا الْقَرَاحِ مِنْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَبِيعَ الْقَرَاحُ فَجَاءَ شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا يَلِي هَذِهِ النَّاحِيَةَ مِنْ الْقَرَاحِ وَالْآخَرُ يَلِي الْجَانِبَ الْآخَرَ قَالَ هُمَا شَفِيعَانِ فِي الْقَرَاحِ وَلَيْسَتْ السَّاقِيَّةُ مِنْ حُقُوقِ هَذَا الْقَرَاحِ فَلَا يُعْتَبَرُ فَاصِلًا كَالْحَائِطِ الْمُمْتَدِّ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ السَّاقِيَةُ بِجِوَارِ الْقَرَاحِ وَيَشْرَبُ مِنْهَا أَلْفَ جَرِيبٍ خَارِجًا مِنْ هَذَا الْقَرَاحِ فَصَاحِبُ السَّاقِيَةِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْجَارِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.