فصل: بَابُ الْمَقْتُولِ عَمْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْمَقْتُولِ عَمْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ:

(قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَصْلُ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ نَفْسَ الْمَقْتُولِ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ فِي قَضَاءِ دُيُونِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا بِنَفْسِ الْقَتْلِ أَوْ عِنْدَ عَفْوِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ عَنْ الْقِصَاصِ)؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ وَالْحَقِّ فِي نَفْسِهِ لَهُ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ نَفْسِهِ، وَأَصْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ يُقْضَى عَنْ أَيْسَرِ الْمَالَيْنِ قَضَاءً لِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فَلَا يُسَلَّمُ لِلْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّيْنِ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّ التَّرِكَة تُقَسَّمُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى مَا كَانَ يُقَسَّمُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ لِأَنَّ ضَرَرَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ أَنْصَابِهِمْ وَيُجْعَلُ الْمُسْتَحَقُّ بِالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ كَالْمُتَأَدَّى مِنْ التَّرِكَةِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّ مَا يَنْوِي مِنْهُ يَنْوِي عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَعَفَى أَحَدُهُمَا، وَعَلَى الْمَقْتُولِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَدْ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ أَحَدِ الِابْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْغَرِيمِ فِي الْقِصَاصِ فَإِنَّ حَقَّهُ فِي الْمَالِ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ فَصَارَ عَفْوُ أَحَدِ الِابْنَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَقْتُولِ دَيْنٌ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا، وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَى الْآخَرِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ مَعَ بَقَاءِ الْمَحِلِّ، فَإِذَا قَبَضَ الْخَمْسَةَ آلَافٍ ضَمَّ ذَلِكَ إلَى الْأَلْفِ الْمَتْرُوكَةِ فَيَكُونُ تَرِكَتُهُ سِتَّةَ آلَافٍ يُقْضَى مِنْهَا دَيْنُ الْمَقْتُولِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمٌ لِلْمُعَافِي وَأَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَا دَيْنٌ كَانَ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ سَهْمًا هَكَذَا فَإِنَّ الْخَمْسَةَ آلَافٍ كُلُّهَا حَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَالْأَلْفُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِلْمُعَافِي مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا صَارَ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلْمُعَافِي سَهْمٌ وَاحِدٌ فَذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَقُسِّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَيَأْخُذُ الْغَرِيمُ كَمَالَ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَمِقْدَارُ وَصِيَّتِهِ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَيَنْفُذُ لَهُ، ثُمَّ مَا بَقِيَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِمَا بَيَّنَّا، وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ وَالْمُوصَى لَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَإِذَا انْقَلَبَ مَالًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا لِكَوْنِهِ مَحِلًّا لِإِيفَاءِ حَقِّهِمَا مِنْهُ.
وَلَوْ كَانَ تَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَخَاصَمَ الْغَرِيمُ الْقَاضِي فَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِي دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَحِلُّ الصَّالِحُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ الدَّمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْآخَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ فَإِنَّ الْعَافِيَ يَتْبَعُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ سُدُسِهَا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّرِكَةَ سِتَّةُ آلَافٍ وَأَنَّ ضَرَرَ قَضَاءِ الدَّيْنِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ حَقِّهِمَا، وَقَدْ صُرِفَ نَصِيبُ جَمِيعِ الْعَافِي مِنْ الْعَبْدِ إلَى الدَّيْنِ وَإِنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ سُدُسِ الدَّيْنِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ اسْتَوَى مِنْ نَصِيبِهِ، وَكَانَ قَضَاؤُهُ وَاجِبًا عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا فِي ذَلِكَ الْقَضَاءِ إنَّمَا أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلِهَذَا رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ سُدُسِ خَمْسَةِ الْآلَافِ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْعَبْدَ وَقَضَى الدَّيْنَ حَتَّى قَبَضَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ خَمْسَةَ آلَافٍ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جَمِيعَ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ أَيْسَرَ الْمَالَيْنِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الدِّيَةَ مِنْ الْخَمْسَةِ الْآلَافِ كَانَ الْعَبْدُ سَهْمًا، وَكَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِيرَاثًا عَنْ الْمَيِّتِ وَالْأَرْبَعَةُ آلَافٍ الْبَاقِيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَرْجِع الَّذِي لَمْ يَعْفُ عَلَى الْعَافِي بِثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَثُلُثٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ سُدُسِ الدَّيْنِ اُسْتُوْفِيَ جَمِيعُ الدَّيْنِ مِمَّا هُوَ خَالِصُ حَقِّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَنَصِيبُهُ مِنْ التَّرِكَةِ نِصْفُ سُدُسِهَا فَلِهَذَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ سُدُسِ الدَّيْنِ فَإِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَيْهِ لِيُسَلِّمَ لَهُ نِصْفَ الْعَبْدِ وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ نَصِيبُهُ مِنْ الْعَبْدِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرِكَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ فِي ذِمَّةِ الْوَارِثِ فَكَانَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ وَاجِبٍ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْعَبْدِ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَسَّمْنَا الْعَبْدَ هُنَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ وَالْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ جِنْسٍ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ مَعَ الْمَتْرُوكِ مِنْ الْمَالِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا ضَمَمْنَا الْبَعْضَ إلَى الْبَعْضِ فِي الْقِسْمَةِ.
رَجُلٌ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ ابْنٌ وَامْرَأَةٌ وَتَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعَفَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الدَّمِ سَقَطَ نَصِيبُهَا وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الِابْنِ مَالًا فَيُقْضَى لَهُ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ الدِّيَةِ مِقْدَارُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، فَإِذَا جَاءَ الْغَرِيمُ قَبَضَ دَيْنَهُ مِمَّا فِي يَدِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْعَبْدُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ بِالْمِيرَاثِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ، ثُمَّ ضَرَرُ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ عَلَى الِابْنِ خَاصَّةً فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَرْأَةِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ، وَذَلِكَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ فِي الْحَاصِلِ تِسْعَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَحَقُّ الْمَرْأَةِ ثَمَنُ الْعَبْدِ فَاجْعَلْ كُلَّ أَلْفٍ عَلَى ثَمَانِيَةٍ فَمَا قَبَضَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ الدَّيْنِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، فَإِذَا جَعَلْتَ عَلَى كُلِّ أَلْفٍ مِائَةً يَكُونُ سَبْعِينَ سَهْمًا وَالْعَبْدُ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ سَهْمًا سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ وَالْبَاقِي كُلُّهُ لِلِابْنِ فَضَرَرُ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَيْهِمَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَيْضًا جُزْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَسَبْعُونَ جُزْءًا مِنْ الدَّيْنِ فِي نَصِيبِهَا، وَقَدْ اسْتَوْفَى مِمَّا هُوَ خَالِصُ حَقِّ الِابْنِ فَيُرْجَعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ لِيُسَلِّمَ لَهَا ثَمَنَ الْعَبْدِ أَوْ يُبَاعَ ثَمَنُ الْعَبْدِ.
وَلَوْ قُتِلَ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا وَامْرَأَةً فَعَفَى الِابْنُ عَنْ الدَّمِ فَلِلِابْنَةِ وَالْمَرْأَةِ حِصَّتُهُمَا مِنْ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَالسَّبِيلُ أَنْ نُصَحِّحَ الْفَرِيضَةَ أَوَّلًا فَنَقُولَ: لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَالْبَاقِي، وَهُوَ سَبْعَةٌ بَيْنَ الِابْنِ وَالِابْنَةِ أَثْلَاثًا فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ: لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلَابِنَةِ سَبْعَةٌ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَظَهَرَ أَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ وَالِابْنَةِ مِنْ الدَّمِ عَشَرَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَيَنْقَلِبُ ذَلِكَ مَالًا فَيَعْفُو الِابْنُ وَمِقْدَارُهُ بِالدَّرَاهِمِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَمِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَثُلُثَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الدِّيَةِ عَشَرَةُ آلَافٍ، فَإِذَا قَسَمْتَهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةً وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَعَشْرُ مَرَّاتٍ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ يَكُونُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِأَنَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ أَرْبَعُمِائَةٍ فَيَكُونُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَعَشْرَ مَرَّاتٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ يَكُونُ مِائَةً وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ فَيُضَمُّ ذَلِكَ إلَى الْأَلْفِ الْمَتْرُوكَةِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّرِكَةِ خَمْسَةَ آلَافٍ وَمِائَةً وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ يُقْضَى جَمِيعُ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ أَوَّلًا وَمَا بَقِيَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ تَضْرِبُ فِيهِ الِابْنَةُ بِنَصِيبِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَالدِّيَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ وَتَضْرِبُ الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا وَيَضْرِبُ الِابْنُ بِنَصِيبِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٌ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَطْ، وَإِذَا أَرَدْتَ تَصْحِيحَ الْحِسَابِ بِالسِّهَامِ وَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ مِائَةٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَنَصِيبُ الِابْنِ يَكُونُ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ وَنَصِيبُ الْمَرْأَةِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ سَهْمًا وَنَصِيبُ الِابْنَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ سَهْمًا، فَإِذَا ضَمَمْتَ إلَيْهِ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ يَكُونُ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، ثُمَّ إذَا ضَمَمْتَ إلَيْهِ نَصِيبَ الِابْنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ يَكُونُ سِتَّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَيَنْقَسِمُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ لِيَكُونَ ضَرَرُ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ.
مَرِيضٌ فِي يَدَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَقَرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ، ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا فَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَى أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْآخَرِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَتَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَافِي؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْوَدِيعَةِ فِي الْمَرَضِ لِلْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ وَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ بَلْ هِيَ لِلْمُودِعِ يَأْخُذُهَا، وَإِنَّمَا تُرِكَ الدَّمُ فَقَطْ، وَقَدْ عَفَى أَحَدُ الِابْنَيْنِ فَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا وَالْعَافِي مُسْقِطٌ لِنَصِيبِ نَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِوَدِيعَةٍ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِهِ وَقَضَاهَا إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَضَاؤُهُ إيَّاهُ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي صِحَّتِهِ فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنَّمَا تَرِكَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ الدَّمُ فَقَطْ، هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فَإِنَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ اتَّبَعَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الِابْنَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ سَالِمًا لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي عَفَى وَإِنْ اتَّبَعَ الْغَرِيمُ الثَّانِي الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الْمَقْبُوضَ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ كَانَ وَاجِبًا فِي صِحَّتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ دَيْنِهِ الْآنَ لَوْ كَانَ ظَاهِرًا كَانَ حَقُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمَرَضِ وَلَا ثَمَّ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمَرَضِ شَيْءٌ مِمَّا قَبَضَ فَكَذَلِكَ هُنَا لَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَهُ، وَإِذَا نَقَضَ قَبْضَهُ أَخَذَ الْأَلْفَ كُلَّهَا بِدَيْنِهِ وَاتَّبَعَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَرَضِ الِابْنَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفًا لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ، ثُمَّ يَتْبَعُ الِابْنُ أَلْفًا فِي الِابْنِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ سُدُسِ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَّلِ لَمَّا انْتَقَضَ صَارَ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَجُمْلَةُ تَرِكَتِهِ سِتَّةُ آلَافٍ الْأَلْفُ الْمَتْرُوكَةُ مَعَ نِصْفِ الدِّيَةِ فَيُقْضَى الدَّيْنُ أَوَّلًا مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَيَبْقَى أَرْبَعَةُ آلَافٍ سَتُقْسَمُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى مَا كَانَ يُقْسَمُ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّرِكَةِ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ، وَذَلِكَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمٌ مِنْهُ لِلْعَافِي وَأَحَدَ عَشَرَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتْبَعْ الْغَرِيمُ الثَّانِي الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَقْبُوضَ يَبْقَى سَالِمًا لَهُ فَلَا يَكُونُ مَحْسُوبًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَافِي فَصَارَ رُجُوعُ الْغَرِيمِ الثَّانِي عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ نَافِعًا لِلِابْنِ الْعَافِي مُضِرًّا لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ فِي نَقْضِ قَبْضِهِ كَمَا قِيلَ.
مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ.
مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدًا لَهُ لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَرِيضُ عَمْدًا وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَى أَحَدُهُمَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ بِالْقَبْضِ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ قَائِمًا حَتَّى مَلَكَهُ عَلَى الْوَاهِبِ، وَفِي جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ إذَا وَجَبَ الْمَالُ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَقَدْ وَجَبَ الْمَالُ هُنَا يَعْفُو أَحَدُ الِابْنَيْنِ إنْ اخْتَارَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ مَعَ رَقَبَتِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَكَانَتْ الرَّقَبَةُ دُونَ الثُّلُثِ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ وَيَكُونُ نِصْفُ الدِّيَةِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ لِلْعَافِي مِنْهَا نِصْفُ سُدُسِهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا يُسَلَّمُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَضَرَرُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ لِحِصَّتِهِمْ فَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى مَا كَانَ يُقَسَّمُ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ وَمَا قَضَى بِهِ الدَّيْنَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الْعَافِي وَهُنَا مَا يُنَفَّذُ فِيهِ الْهِبَةُ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تُنَفَّذُ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْعَافِي فَلِهَذَا يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بِحُكْمِ بَعْضِ الْهِبَةِ فِيهَا وَيَدْفَعُ خُمُسَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ خُمُسٌ هُوَ سَالِمٌ لَهُ، ثُمَّ مَا اجْتَمَعَ فِي يَدِ الِابْنَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْعَافِي مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ سَبْعَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُنَفَّذَ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُنَفَّذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَكِنْ نَفَّذَهَا فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ هُنَا لِضَرُورَةِ الدَّوْرِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ يُجْعَلُ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى ثُلُثٍ يَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ حَتَّى يُدْفَعَ النِّصْفُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، وَهُوَ الثُّلُثُ، ثُمَّ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ أَحَدُهُمَا إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَظْهَرُ زِيَادَةُ سَهْمٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَهَذَا غَائِرٌ لِأَنَّكَ كُلَّمَا زِدْتَ فِي تَنْفِيذِ الْهِبَةِ يَزْدَادُ الْمَدْفُوعُ بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَزَالُ يَدُورُ كَذَلِكَ وَالسَّبِيلُ فِي الدَّوْرِ أَنْ يُقْطَعَ وَطَرِيقُ الْقَطْعِ طَرْحُ السَّهْمِ الزَّائِدِ مِنْ جَانِبِ مَنْ خَرَجَ مِنْ قِبَلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّهْمَ يُبَاعُ بِالْفَسَادِ فَالسَّبِيلُ نَفْيُهُ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا فَتُرْجَعُ سِهَامُ الْعَبْدِ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يُدْفَعُ أَحَدُهُمَا بِالْجِنَايَةِ فَحَصَلَ عِنْد الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَإِنَّمَا قَسَّمْنَا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بَيْنِ الِابْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ سِهَامَ الْعَبْدِ لَمَّا صَارَتْ عَلَى خَمْسَةٍ فَحَقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، ثُمَّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَخَذَ سَهْمًا آخَرَ أَيْضًا فَيَصِيرُ حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفٍ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْهِبَةِ يُقَسَّمُ عَلَى أَصْلِ حَقِّهِمَا، وَقَدْ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعَفَهُ لِيَزُولَ الْكَسْرُ فَاَلَّذِي كَانَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ صَارَ حَقُّهُ سَبْعَةً وَاَلَّذِي كَانَ لَهُ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ صَارَ حَقَّةُ خَمْسَةً فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا.
وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُجْعَلَ الْعَبْدُ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي دِرْهَمَيْنِ وَيُدْفَعُ أَحَدُهُمَا إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَحَاجَتُهُمْ إلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَاجْعَلْ الدِّرْهَمَ قِصَاصًا بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِهِمْ دِينَارٌ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَاجْعَلْ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ فَتَصِيرُ الدِّينَارُ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَالدِّرْهَمُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ فَتَقُولُ كَمَا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا، وَذَلِكَ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَدِرْهَمَيْنِ كُلٌّ وَاحِدٌ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، ثُمَّ نَفَّذْنَا بِالْهِبَةِ فِي دِرْهَمَيْنِ، وَذَلِكَ خُمُسَا الْعَبْدِ وَاَلَّذِي حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ دِينَارٌ وَبِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَدِرْهَمٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَطَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ فِيهِ أَنْ تُنَفَّذَ الْهِبَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُدْفَعَ نِصْفُهُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَحْصُلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ عَبْدٌ إلَّا نِصْفُ شَيْءٍ، وَهُوَ حَاجَتُهُمْ إلَى سِتِّينَ؛ لِأَنَّا نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ فَاجْبُرْ الْعَبْدَ بِنِصْفِ شَيْءٍ وَرُدَّ فِيمَا يَعْدِلُهُ نِصْفَ شَيْءٍ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَبْدَ الْكَامِلَ بِمَعْنَى سِتِّينَ وَنِصْفٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي شَيْءٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِتِّينَ، وَنِصْفٌ خُمُسَاهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ جَازَتْ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ، وَطَرِيقُ الْخَطَأَيْنِ فِيهِ أَنْ يُجْعَلَ الْعَبْدُ عَلَى سِتَّةٍ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ وَيُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ وَحَاجَتُهُمْ إلَى أَرْبَعَةٍ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ سَهْمٍ فَعُدْ إلَى الْأَصْلِ وَنَفِّذْ الْهِبَةَ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ تُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ بِعَفْوٍ نِصْفٌ وَحَاجَتُهُمْ إلَى سِتَّةٍ ضِعْفُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ فَظَهَرَ الْخَطَأُ الثَّانِي نُقْصَانُ سَهْمٍ وَنِصْفٍ، وَكَانَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ سَهْمٍ فَلَمَّا زِدْنَا فِي الْهِبَةِ سَهْمًا ذَهَبَ ذَلِكَ الْخَطَأُ وَجُلِبَ خَطَأُ سَهْمٍ وَنِصْفٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ سَهْمٍ يُؤَثِّرُ فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْهِبَةِ مَا يُذْهِبُ الْخَطَأَ وَلَا يَجْلِبُ إلَيْنَا خَطَأً آخَرَ، وَذَلِكَ خُمُسَا سَهْمٍ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ فَتَبْقَى فِي يَدِ الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، ثُمَّ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ نِصْفُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ، وَهُوَ سَهْمٌ وَخَمْسٌ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَهُوَ ضِعْفُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَسَهْمَانِ وَخُمُسَانِ مِنْ سِتَّةٍ يَكُونُ خُمُسَاهَا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ وَطَرِيقُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ سِتَّةٌ وَيَضْرِبَهُ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَيَصِيرُ تِسْعَةً وَيَأْخُذَ الْمَالَ الثَّانِي، وَهُوَ سِتَّةٌ وَيَضْرِبَهُ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ سَهْمٌ فَيَكُونُ سِتَّةً، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ أَحَدَ الْخَطَأَيْنِ إلَى الزِّيَادَةِ وَالْآخَرَ إلَى النُّقْصَانِ، وَالطَّرِيقُ فِي مِثْلِهِ الْجَمْعُ لَا الطَّرْحُ فَصَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهُوَ جُمْلَةُ الْمَالِ، وَبَيَانُ مَعْرِفَةِ مَا جَازَ فِيهِ الْهِبَةُ أَنْ يَأْخُذَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ أَوَّلًا وَذَلِكَ سَهْمَانِ، فَيَضْرِبُ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَضْرِبُ مَا جَازَ فِيهِ الْهِبَةُ ثَانِيًا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَتَكُونُ سِتَّةً فَظَهَرَ أَنَّ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ سِتَّةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَذَلِكَ خُمُسَاهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ خُمُسٍ ثَلَاثَةٌ، وَطَرِيقُ الْجَامِعِ الْأَكْبَرِ أَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ الْخَطَأُ الْأَوَّلُ كَانَ يُسْهَمُ فَأَضْعِفْ الْمَالَ سِوَى النَّصِيبِ وَالْمَالُ سِوَى النَّصِيبِ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا ضَعَّفْتَهُ كَانَ ثَمَانِيَةً وَجُمْلَةُ سِهَامِ الْعَبْدِ عَشْرٌ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ أَحَدُهُمَا فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الْوَارِثِ تِسْعَةٌ وَحَاجَتُهُ إلَى أَرْبَعَةٍ ظَهَرَ الْخَطَأُ بِزِيَادَةِ خَمْسَةٍ فَضُرِبَ الْمَالُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ سِتَّةٌ فِي الْخَطَأِ الثَّانِي، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَكُونُ ثُلُثَيْنِ وَاضْرِبْ الْمَالَ الثَّانِي، وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ عَشَرَةً وَاطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ يَبْقَى عِشْرُونَ فَهُوَ الْمَالُ وَمَعْرِفَةُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةُ أَنْ تَأْخُذَ سَهْمَيْنِ وَتَضْرِبَهُمَا فِي الْخَطَأِ الثَّانِي، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَكُونَ عَشَرَةً، ثُمَّ تَأْخُذُ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ ثَانِيًا وَتَضْرِبُهُ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ اطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي جَازَ فِيهِ الْهِبَةُ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ عِشْرِينَ يَكُونُ خُمُسُهَا كُلَّ خُمُسٍ أَرْبَعَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ عَلَى الطُّرُقِ كُلِّهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.