فصل: بَيْعُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَيْعُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ:

قَالَ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِجِلَالِهَا وَخَطْمِهَا، وَلَا تُعْطِ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا» فَكَمَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ جِلْدَهَا الْجَزَّارَ.
فَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْجِلْدَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا.
قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ مَتَاعًا لِلْبَيْتِ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَبَغَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ فِي بَيْتِهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ يَشْتَرِي بِهِ الْغِرْبَالَ وَالْجِرَابَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يَشْتَرِي بِهِ الْخَلَّ وَالْمَرِيَّ وَالْمِلْحَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ مَا يَكُونُ طَرِيقُ الِانْتِفَاعِ بِهِ تَنَاوُلُ الْعَيْنِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ عَلَى قَصْدِ التَّمَوُّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ، وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْبَيْتِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَهُوَ نَظِيرُ عَيْنِ الْجِلْدِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
قَالَ (وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحْلُبَ الْأُضْحِيَّةَ إذَا كَانَ لَهَا لَبَنٌ فَيَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا كَمَا يُكْرَهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِصُوفِهَا)؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِهَا، وَقَدْ جَعَلَهَا لِلْقُرْبَةِ فَلَا يَصْرِفُ شَيْئًا مِنْهَا إلَى مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ، وَلَكِنَّهُ يَنْضَحُ ضَرْعَهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ حَتَّى يَتَقَلَّصَ مِنْهُ اللَّبَنُ، وَلَا يَتَأَدَّى بِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَنْفَعُ إذَا كَانَ يُقَرِّبُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْبُعْدِ فَلَا يُفِيدُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ ثَانِيًا وَثَالِثًا بَعْدَ مَا يَتَقَلَّصُ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْلُبَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِاللَّبَنِ كَالْهَدْيِ إذَا عَطِبَتْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْمَنَاسِكِ.
قَالَ (وَإِنْ اشْتَرَى بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ اشْتَرَكَ مَعَهُ سِتَّةٌ أَجْزَأَهُ اسْتِحْسَانًا)، وَفِي الْقِيَاس لَا يُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَدَّهَا لِلْقُرْبَةِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ التَّمَوُّلِ وَالِاشْتِرَاكُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ هَذَا رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ بَعْضِ مَا تَقَرَّبَ بِهِ، وَذَلِكَ حَرَامٌ شَرْعًا.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَنْ اشْتَرَوْا جُمْلَةً جَازَ.
فَكَذَلِكَ إذَا أَشْرَكَهُمْ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَقْصُودِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُبْتَلَى بِهَذَا فَإِنَّهُ قَدْ يَجِدُ بَقَرَةً سَمِينَةً فَيَشْتَرِيهَا، ثُمَّ يَطْلُبُ شُرَكَاءَهُ فِيهَا فَلَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ.
قَالَ (وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ كَانَ أَحْسَنَ)؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الِاخْتِلَافِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الْقُرْبَةِ لَا صُورَةً، وَلَا مَعْنًى فَكَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ.
قَالَ (وَلَا تَجُوزُ الْعَوْرَاءُ فِي الْأُضْحِيَّةِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «اسْتَشْرِفُوا الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ»، وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحِّيَ بِأَرْبَعَةٍ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي»، ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَيْبَ الْفَاحِشَ مَانِعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} وَالْيَسِيرُ مِنْ الْعَيْبِ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ قَلَّمَا يَنْجُو مِنْ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ فَالْيَسِيرُ مَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي لَحْمِهَا وَلِلْعَوَرِ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَلَفِ مَا يُبْصِرُ بِالْعَيْنَيْنِ، وَعِنْدَ قِلَّةِ الْعَلَفِ يَتَبَيَّنُ الْعَجَفُ، ثُمَّ الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ مَنْصُوصٌ عَلَى اعْتِبَارِهَا.
فَإِذَا كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ لَمْ تَجُزْ لِانْعِدَامِ شَرْطٍ مَنْصُوصٍ.
وَإِذَا كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الطَّرَفِ.
فَكَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
قَالَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ بَعْضَ ذَلِكَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ، أَوْ أَقَلَّ يُجْزِئُهُ وَهَكَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ اعْتِبَارًا بِالْوَصِيَّةِ فَإِنَّ الثُّلُثَ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا دُونَهُ، وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي رِوَايَةِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ شُجَاعٍ إذَا كَانَ الذَّاهِبُ الرُّبُعَ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ لِلرُّبُعِ حُكْمَ الْكَمَالِ.
كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا بَقِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ أَجْزَأَهُ قَالَ وَذَكَرْت قَوْلِي لِأَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ قَوْلِي قَوْلُك.
قِيلَ هَذَا رُجُوعٌ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَوْلِي قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُقَابَلَةِ.
فَإِذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ قُلْنَا إذَا قَابَلْتَ الذَّاهِبَ بِالْبَاقِي كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ.
وَإِذَا كَانَ الذَّاهِبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ.
فَإِذَا قَابَلْتَهُ بِالْبَاقِي كَانَ الذَّاهِبُ أَكْثَرَ.
فَإِذَا كَانَ الذَّاهِبُ النِّصْفَ قَالَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى الْمَانِعُ وَالْمُجَوِّزُ يَتَرَجَّحُ الْمَانِعُ احْتِيَاطًا.
فَأَمَّا الشِّقُّ فِي الْأُذُنِ فَهُوَ عَيْبٌ يَسِيرٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُفْعَلُ ذَلِكَ لِلْعَلَامَةِ بِمَنْزِلَةِ السِّمَةِ فَلَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَنْ لَا يُجَوِّزُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّرْقَاءِ وَالْخَرْقَاءِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُدَابَرَةِ».
فَالشَّرْقَاءُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ فِي أُذُنِهَا طُولًا وَالْخَرْقَاءُ أَنْ يَكُونَ عَرْضًا وَالْمُقَابَلَةُ قَطْعٌ فِي مُقَدَّمِ أُذُنِهَا وَالْمُدَابَرَةُ فِي مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ عِنْدَنَا إذَا كَانَتْ بَعْضُ الْأُذُنِ مَقْطُوعَةً وَكَانَ الذَّاهِبُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا بَيَّنَّا فَأَمَّا الْعَرْجَاءُ إذَا كَانَتْ تَمْشِي فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سُئِلَ عَنْ الْعَرْجَاءِ فَقَالَ «إذَا كَانَتْ تَبْلُغُ فَلَا بَأْسَ بِهِ».
فَإِذَا كَانَتْ لَا تَقُومُ، وَلَا تَمْشِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي لَحْمِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْلِفُ إلَّا مَا حَوْلَهَا.
وَإِذَا كَانَتْ تَمْشِي فَهِيَ تَذْهَبُ إلَى الْعَلَفِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي لَحْمِهَا.
، وَلَا تُجْزِئُ الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي لِلنَّهْيِ الَّذِي رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ فَاحِشٌ أَثَّرَ فِي لَحْمِهَا وَيَسْتَوِي إنْ اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ، أَوْ صَارَتْ عِنْدَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُوسِرٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ فَيَتَأَدَّى بِالْعَيْنِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ، أَوْ سُرِقَتْ فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَعَلَى هَذَا قَالُوا الْمُوسِرُ إذَا ضَلَّتْ أُضْحِيَّتُهُ فَاشْتَرَى أُخْرَى، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى فَلَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَاشْتَرَاهَا وَأَوْجَبَهَا فَضَّلَتْ، ثُمَّ اشْتَرَى أُخْرَى فَأَوْجَبَهَا، ثُمَّ وَجَدَ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْعَيْنِ بِإِيجَابِهِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى.
وَإِنْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فِي اضْطِرَابِهَا حِينَ أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ وَذَبَحَهَا عَلَى مَكَانِهَا فَفِي الْقِيَاسِ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ تَأَدَّى الْوَاجِبُ بِالْأُضْحِيَّةِ لَا بِالْإِضْجَاعِ وَهِيَ مَعِيبَةٌ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ بِهَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَقَدْ يَنْقَلِبُ السِّكِّينُ مِنْ يَدِهِ فَتُصِيبُ عَيْنَهَا فَيَجْعَلُ ذَلِكَ عَفْوًا لِدَفْعِ الْحَرَجِ، وَلِأَنَّهُ أَضْجَعَهَا لِيَتَقَرَّبَ بِإِتْلَافِهَا فَتَلَفُ جُزْءٍ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَمَلِ التَّقَرُّبِ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِضْجَاعِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ إذَا أَصَابَهَا ذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ ضَحَّى بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ وَقْتَ إتْلَافِهَا تَقَرُّبًا فَتَلَفُ جُزْءٍ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ لَيْسَ لَهَا أُذُنَانِ خُلِقَتْ كَذَلِكَ وَهِيَ السَّكَّاءُ)؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْأُذُنِ لَمَّا كَانَ مَانِعًا مِنْ الْجَوَازِ فَعَدَمُ الْأُذُنِ أَصْلًا أَوْلَى بَعْضٍ.
فَأَمَّا صَغِيرَةُ الْأُذُنِ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَ مِنْهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَأَمَّا الْهَتْمَاءُ فَكَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ أَوَّلًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَعْتَلِفُ، ثُمَّ رَجَعَ.
وَقَالَ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ فِي أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْهَتْمَاءَ لَيْسَ لَهَا أَسْنَانٌ، ثُمَّ عُلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْهَتْمَاءَ مَكْسُورَةُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ.
فَإِذَا كَانَتْ تَعْتَلِفُ فَالْبَاقِي مِنْ الْأَسْنَانِ أَكْثَرُ مِنْ الذَّاهِبِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ عِنْدَهُ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لَا أُذُنَ لَهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فِي الْبَدَنِ بَلْ السِّنُّ فِي الْأَنْعَامِ أَقْرَبُ إلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُذُنِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَلِفُ بِالْأَسْنَانِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا وَالْوَاجِبَاتِ بَقَرُ الْوَحْشِ وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالظَّبْيُ)؛ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ عُرِفَتْ قُرْبَةً بِالشَّرْعِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا مِنْ الْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ مِنْ الْوَحْشِيِّ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ أَصْلًا وَالْقُرْبَةُ لَا تَتَأَدَّى بِمَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ.
وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَهْلِيَّةً جَازَتْ التَّضْحِيَةُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ وَحْشِيَّةً لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ فَإِنَّ مَاءَ الْفَحْلِ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِحَضَانَتِهَا، وَإِنَّمَا يَنْفَصِلُ الْوَلَدُ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ وَالْمِلْكِ.
فَكَذَلِكَ فِي التَّضْحِيَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْ الْفَحْلِ وَهُوَ مَاءٌ غَيْرُ مَحَلٍّ لِهَذَا الْحُكْمِ وَيَنْفَصِلُ مِنْ الْأُمِّ وَهُوَ حَيَوَانٌ مَحَلٌّ لِهَذَا الْحُكْمِ؛ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ مُعْتَبَرًا بِالْأُمِّ.
قَالَ (رَجُلٌ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِي الْقِيَاسِ هُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَبْحِ شَاةِ الْغَيْرِ فَكَانَ ضَامِنًا كَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ الْقَصَّابِ، ثُمَّ الْأُضْحِيَّةُ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِعَمَلِ الْمُضَحِّي وَبَيْتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حِينَ فَعَلَهُ الْغَيْرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِي الْقِيَاسِ هُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ يُجْزِئُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الذَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ صَارَ مُسْتَغْنِيًا بِكُلِّ وَاحِدٍ بِالتَّضْحِيَةِ بِهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَفُوتُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ وَرُبَّمَا يَعْرِضُ لَهُ عَارِضٌ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَالْإِذْنُ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ إفْصَاحًا كَمَا فِي شُرْبِ مَاءٍ فِي السِّقَايَةِ وَنَظَائِرِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَلَكِنَّ الذَّابِحَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا، وَهَذَا بَعِيدٌ فَالْجَوَازُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْإِذْنِ دَلَالَةً، وَلَوْ وُجِدَ الْإِذْنُ إفْصَاحًا لَمْ يَضْمَنْ.
فَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ دَلَالَةً وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ غَلَطَا فَذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّةَ صَاحِبِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَجْزَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْلُوخَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَا قَدْ أَكَلَا، ثُمَّ عَلِمَا فَلْيُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَيُجْزِئُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ جَازَ ذَلِكَ غَنِيًّا كَانَ، أَوْ فَقِيرًا.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ تَشَاحَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَضْمِينُ صَاحِبِهِ قِيمَةَ لَحْمِهِ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ.
قَالَ (وَلَوْ أَمَرَ مَجُوسِيًّا فَذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لَمْ تُجْزِهِ)؛ لِأَنَّ هَذَا إفْسَادٌ لَا تَقَرُّبٌ فَإِنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ لَا تُؤْكَلُ، وَلَوْ أَمَرَ يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا بِذَلِكَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْقُرْبَةِ وَفِعْلُهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ.
قَالَ (فَإِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ)؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَمَّا سَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ نَحَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ وَلَّى الْبَاقِيَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحِينَ ضَحَّى بِالشَّاتَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِنَفْسِهِ»، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَخَافُ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ ذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْهَدَهَا بِنَفْسِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتَكِ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ أَمَا أَنَّهُ يُجَاءُ بِلَحْمِهَا وَدَمِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوضَعُ فِي مِيزَانِكِ سَبْعِينَ ضِعْفًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَهَذَا لِآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُمْ أَهْلٌ لِمَا خُصُّوا بِهِ مِنْ الْخَيْرِ أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً».
قَالَ (وَالْأُضْحِيَّةُ تَجِبُ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ)؛ لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ مَيَاسِيرَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمُسَافِرِينَ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي حَقِّ أَهْلِ الْقُرَى، وَفِي الْأَصْلِ ذُكِرَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ مَا خَلَا الْحَاجَّ وَأَرَادَ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ الْمُقِيمِينَ وَبِالْحَاجِّ الْمُسَافِرِينَ.
فَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَعَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ حَجُّوا.
قَالَ (وَلَا بَأْسَ لِأَهْلِ الْقُرَى أَنْ يَذْبَحُوا الْأَضَاحِيَّ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ بِانْشِقَاقِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ فَيَلْزَمُهُمْ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ، وَلَا صَلَاةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ»، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الْأُضْحِيَّةُ حَتَّى إذَا كَانَ الرَّجُلُ بِالْمِصْرِ وَأُضْحِيَّتُهُ بِالسَّوَادِ يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ بِالسَّوَادِ وَأُضْحِيَّتُهُ بِالْمِصْرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.
قَالَ (وَيُجْزِيهِ الذَّبْحُ فِي لَيَالِيِهَا إلَّا أَنَّهُمْ كَرِهُوا الذَّبْحَ فِي اللَّيَالِي)؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَغْلَطَ فَتُفْسِدَ الظُّلْمَةُ اللَّيْلَ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ.
قَالَ (وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةُ الْعِيدِ)؛ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ مَشْغُولُونَ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ صَلَاةُ الْعِيدِ.
وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْقُرَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

.(بَابٌ مِنْ الصَّيْدِ أَيْضًا):

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ انْفَلَتَ مِنْ يَدِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَا أَحْرَزَهُ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لَهُ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِالِانْفِلَاتِ مِنْ يَدِهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الثَّانِي بِالْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَخْذِ يَمْلِكُ الصَّيْدَ الْمُبَاحَ لَا الْمَالَ الْمَمْلُوكَ كَمَنْ أَبَقَ عَبْدُهُ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ آخَرُ لَا يَمْلِكُهُ وَمَنْ نَصَبَ شَبَكَةً فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَصَاحِبُ الشَّبَكَةِ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آخِذًا لَهُ بِالْوُقُوعِ فِي شَبَكَتِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ فَهُوَ لِلْآخِذِ؛ لِأَنَّ نَاصِبَ الشَّبَكَةِ يَقْصِدُ الِاصْطِيَادَ فَيَصِيرُ هَذَا آخِذًا لِلصَّيْدِ بِالْوُقُوعِ فِي شَبَكَتِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ مُحْرِمٌ كَانَ ضَامِنًا وَضَارِبُ الْفُسْطَاطِ مَا قَصَدَ الِاصْطِيَادَ فَلَا يَكُونُ آخِذًا لَهُ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِفُسْطَاطِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ مُحْرِمٌ لَمْ يَضْمَنْ.
قَالَ (وَمَنْ أَخَذَ بَازِيًا، أَوْ شَبَهَهُ فِي مِصْرٍ، أَوْ سَوَادٍ، وَفِي رِجْلَيْهِ سَيْرٌ، أَوْ جَلَاجِلُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ أَهْلِيٌّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ)؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بِثُبُوتِ يَدِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَيْضَةِ مَعَ الْجَلَاجِلِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ انْفَلَتَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ، أَوْ أَرْسَلَهُ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مَلَكَ الْغَيْرَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ ظَبْيًا، وَفِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ حَمَامَةً فِي الْمِصْرِ يَعْرِفُ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ وَحْشِيَّةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ.
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ بُرْجَ حَمَامٍ فَأَوْكَرَتْ فِيهِ حَمَامُ النَّاسِ فَمَا يَأْخُذُ مِنْ فِرَاخِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْخَ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ بِشَيْءٍ فَيَتَنَاوَلُ وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ مُولَعًا بِأَكْلِ الْحَمَامِ.
قَالَ (وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ فَأَرْسَلَهُ عِنْدَ إحْرَامِهِ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ، ثُمَّ حَلَّ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ)؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الصَّيْدِ لَا إزَالَةُ مِلْكِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُحْرِمُ وَلَهُ صَيُودٌ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ الْآخِذُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ قَالَ (وَمَنْ قَتَلَ بَازِيًا مُعَلَّمًا، أَوْ كَلْبًا مُعَلَّمًا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ)، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ إذَا قَتَلَ بَازِيًا مُعَلَّمًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِمَعْنَى الصَّيْدِ فِي يَدِ الْمَقْتُولِ وَبِكَوْنِهِ مُعَلَّمًا يُنْتَقَصُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَوَحِّشًا فَلَا يُزَادُ بِهِ قِيمَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
فَأَمَّا وُجُوبُ الضَّمَانِ لِلْآدَمِيِّ لِكَوْنِهِ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ وَيَزْدَادُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مُعَلَّمًا؛ فَلِهَذَا اُعْتُبِرَ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْكَلْبُ لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلَا مَاشِيَةٍ فَقَتَلَهُ وَرَجُلٌ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَيْضًا وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ حَتَّى يَكُونَ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ.
، وَإِنْ كَانَ عَقُورًا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ فَمُتْلِفُهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَدًّى، وَلَيْسَ بِمَالٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا جَوَازَ بَيْعِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي اللَّحْمِ سِوَى الْأَكْلِ.
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا مَأْكُولًا لَا يَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَجَوَازُ الْبَيْعِ يَخْتَصُّ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ حَتَّى إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِأَنْ كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ لِإِطْعَامِ الْكِلَابِ وَالسَّنَانِيرِ جَازَ بَيْعُهُ إذَا كَانَ مُذَكًّى إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً، وَمَا كَانَ مِنْ جُلُودِهَا إذَا دَبَغَهَا رَجُلٌ وَبَاعَهَا جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرُ مَدْبُوغَةٍ لَمْ يَجُزْ وَمُرَادُهُ إذَا كَانَتْ مَيْتَةً.
فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُذَكَّاةً يَجُوزُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ عَمَلَ الذَّكَاةِ فِي الْحِلِّ وَالطَّهَارَةِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَفِي طَهَارَةِ الْجِلْدِ فِي غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَالدِّبَاغِ.
قَالَ (وَإِنْ وَجَدَ فِي الْمَاءِ سَمَكَةً مَقْطُوعَةً لَا يَدْرِي مَنْ قَطَعَهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ يَدٍ إلَيْهَا لِتَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ بِهَا سَمَكَةً أُخْرَى، وَإِنْ أَصَابَ فِي وَسَطِهَا، أَوْ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا خَيْطًا مَرْبُوطًا لَمْ يَأْكُلْهَا وَيَعْرِفُهَا؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ يَدًا أُخْرَى سَبَقَتْ إلَيْهَا فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فَيَعْرِفُهَا.
قَالَ (وَمَنْ سَمِعَ حِسًّا ظَنَّ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ فَرَمَاهُ، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحِسُّ حِسَّ صَيْدٍ فَلَا بَأْسَ بِمَا أَصَابَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حِسَّ إنْسَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَهْلِيَّاتِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ الصَّيْدُ)؛ لِأَنَّهُ رَمْيٌ إلَى الْحِسِّ وَالرَّمْيُ إلَى الْأَهْلِيِّ لَا يَكُونُ اصْطِيَادًا وَحِلُّ الصَّيْدِ بِوُجُودِ فِعْلِ الِاصْطِيَادِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ الْحِسُّ حِسَّ صَيْدٍ فَرَمْيُهُ وَإِرْسَالُهُ الْكَلْبَ كَانَ اصْطِيَادًا فَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ إذَا أَصَابَ صَيْدًا مَأْكُولًا سَوَاءٌ كَانَ الْحِسُّ حِسَّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ، أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَعَنْ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إنْ كَانَ الْحِسُّ حِسَّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ لَمْ يَحِلَّ تَنَاوُلُهُ، وَإِنْ أَصَابَ صَيْدًا مَأْكُولًا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمْ يَكُنْ مُبِيحًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَا قَصَدَهُ لَمْ يَفْدِ الْحِلُّ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إذَا كَانَ الْحِسُّ حِسَّ خِنْزِيرٍ لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ أَصَابَ رَمْيُهُ الصَّيْدَ بِخِلَافِ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ مِنْ الْمُحْتَرَمِ الْعَيْنِ.
فَأَمَّا فِي سَائِرِ السِّبَاعِ فَإِنْ فَعَلَهُ مُؤَثِّرٌ فِي طَهَارَةِ الْجِلْدِ.
فَإِذَا أَصَابَ مَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ كَانَ مُؤَثِّرًا فِي إبَاحَةِ اللَّحْمِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ مَا بَيَّنَّا أَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ فِي كُلِّ مُتَوَحِّشٍ اصْطِيَادٌ.
فَأَمَّا حِلُّ التَّنَاوُلِ بِاعْتِبَارِ صِفَةٍ فِي الْمَحِلِّ.
فَإِذَا أَصَابَ فِعْلُهُ فِي الِاصْطِيَادِ مَحِلًّا مَأْكُولًا قُلْنَا يُبَاحُ تَنَاوُلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ مَا كَانَ ذَلِكَ الْحِسَّ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحِلِّ وَالْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُرْمَةِ.
وَفِي النَّوَادِرِ إذَا رَمَى طَيْرًا فَأَصَابَ صَيْدًا وَذَهَبَ الطَّيْرُ فَلَمْ يُعْرَفْ إنْ كَانَ أَهْلِيًّا، أَوْ وَحْشِيًّا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ فِي الْأَصْلِ وَحْشِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى بَعِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا وَذَهَبَ الْبَعِيرُ فَلَمْ يَعْرِفْ إنْ كَانَ أَهْلِيًّا، أَوْ مُتَوَحِّشًا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ مَأْلُوفٌ فِي الْأَصْلِ وَالتَّوَحُّشُ مِنْهُ نَادِرٌ فَتَمَسَّكْ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ وَإِنْ سَمِعَ حِسًّا فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ مَا رَمَاهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ صَيْدًا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ فِعْلِهِ اصْطِيَادٌ وَظَنُّهُ بِخِلَافِ حَقِيقَةِ فِعْلِهِ لَغْوٌ.
قَالَ (وَلَوْ رَمَى خِنْزِيرًا أَهْلِيًّا فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يُؤْكَلْ)؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ الْأَهْلِيَّ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَهُوَ وَمَا لَوْ رَمَى شَاةً سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَى حَرْبِيًّا مُخْتَفِيًا مُوثَقًا فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يَأْكُلْهُ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ إلَى الْحَرْبِيِّ لَيْسَ بِاصْطِيَادٍ، وَلَا هُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْحِلِّ؛ فَلِهَذَا لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الصَّيْدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.