فصل: باب العين بالدين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.باب العين بالدين:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتَرَكَ عَشَرَةً عَيْنًا، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ ثَلَاثَةٍ الثُّلُثُ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ وَاحِدٌ فَاطْرَحْ نَصِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَاقْسِمْ الْعَيْنَ عَلَى سَهْمَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَلِلِابْنِ خَمْسَةٌ وَفِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي سَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَحَقَّ كُلِّ ابْنٍ فِي سَهْمٍ، وَالِابْنُ الْمَدْيُونُ مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَزِيَادَةً فَهُوَ لَا يُزَاحِمُ الْآخَرِينَ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ نِصْفَانِ لِاسْتِوَاءِ حَقَّيْهِمَا فِي التَّرِكَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ خَمْسَةً تَبَيَّنَ أَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ، وَأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثَ ذَلِكَ خَمْسَةً فَاسْتَقَامَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا تَيَسَّرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ تَمَامَ نَصِيبِهِ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَأَدَّى ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَكَانَ ذَلِكَ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَيْنِ كَمَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ الْعَيْنُ فَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مَرَّةً خَمْسَةً وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ وَسَلِمَ لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ.
وَطَرِيقٌ آخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي حُكْمِ التَّاوِي مَا لَمْ يَخْرُجْ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ، وَلَكِنَّ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ تُقْسَمُ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَهَا ثَلَاثَةً وَثُلُثًا، وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطَى لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُمَا عَلَيْهِ هَذَا الْمِقْدَارَ وَزِيَادَةً، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ مَتَى ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَهُمَا يَأْخُذَانِ ذَلِكَ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ حَقَّيْهِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ إلَّا أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَطَرِيقُ الْجَبْرِ فِيهِ أَنَّ جُزْءًا مِنْ الدَّيْنِ قَدْ تَعَيَّنَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَحَاجَتُنَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ ذَلِكَ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَجْعَلَ الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَتَضُمَّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ فَتَقْسِمَ ذَلِكَ أَثْلَاثًا لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثُ ثُلُثِ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَحَاجَتُنَا إلَى شَيْئَيْنِ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا وَهُوَ نَصِيبُ أَحَدِ الِاثْنَيْنِ فَكَانَ حَاجَتُنَا إلَى سِتِّينَ وَثُلُثَيْ شَيْءٍ قِصَاصٌ بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ.
وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثَ شَيْءٍ عَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي يَعْدِلُ الشَّيْءَ مِنْ الدَّرَاهِمِ خَمْسَةٌ، وَأَنَّا حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ أَعْطَيْنَا الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ وَثُلُثَ شَيْءٍ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ إلَى آخِرِهِ كَمَا بَيَّنَّا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرُ الثُّلُثِ وَزِيَادَةٌ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ هَذَا، وَالْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ سَوَاءٌ.
وَلَوْ لَمْ يُوصِ لَهُ بِالثُّلُثِ، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِرُبْعِ مَالِهِ فَالْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى الْحِسَابِ إذَا رَفَعْنَا مِنْهُ الرُّبْعَ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ نِصْفَيْنِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ تُطْرَحُ سِهَامُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا فَيَضْرِبُ الِابْنُ فِيهَا بِثَلَاثَةٍ وَالْمُوصَى لَهُ بِسَهْمَيْنِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ خُمْسَا الْعَشَرَةِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَلِلِابْنِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا سِتَّةٌ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ سِتَّةٌ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، فَيَكُونُ الْمُتَعَيِّنُ فِي الْحَاصِلِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي رُبْعِهَا أَرْبَعَةٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ تَمَامَ نَصِيبِهِ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَيُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا فَيَقْسِمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ عَلَى خَمْسَةٍ خُمْسُهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَقَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً مَرَّةً وَمَرَّةً دِرْهَمًا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ كَمَالُ رُبْعِ الْعِشْرِينَ، وَحَصَلَ لِلِابْنِ الْآخَرِ مَرَّةً سِتَّةٌ وَمَرَّةً دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَسَلَّمَ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَاسْتَقَامَ.
وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ لَا يُعْتَبَرُ الدَّيْنُ فِي الْقِسْمَةِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعُهَا، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَلِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِثْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطِي لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ لَهُمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَيَسْتَوْفِيَانِ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِمَا وَيَقْتَسِمَانِهِ أَخْمَاسًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا فِي ذِمَّتِهِ خُمْسَا ذَلِكَ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَحَصَلَ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَرُبْعٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَحْصُلُ لَهُ سِتَّةٌ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُجْعَلُ الْخَارِجُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَيُضَمُّ الْعَشَرَةَ إلَى الْعَيْنِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلْمُوصَى لَهُ رُبْعُهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفُ وَرُبْعُ شَيْءٍ، وَلِلِابْنَيْنِ مَا بَقِيَ وَحَاجَةُ الِابْنَيْنِ إلَى شَيْئَيْنِ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَفِي يَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَيْءٍ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ قِصَاصًا بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِهِمَا سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ يَعْدِلُ شَيْئًا وَرُبْعَ شَيْءٍ فَظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ يَعْدِلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ سِتَّةً، وَإِنَّا حِينَ جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنَى سِتَّةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِالْخُمْسِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ وَلِلِابْنِ ثُلُثَاهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْفَرِيضَةِ مِنْ خَمْسَةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ خُمْسٌ صَحِيحٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسَةٌ، لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَعَلَى إحْدَى الطَّرِيقَيْنِ يَطْرَحُ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ وَيَقْسِمُ الْعَيْنَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الْآخَرِ فَيَضْرِبُ الِابْنُ فِيهَا بِسَهْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِسَهْمٍ فَلَهُ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ وَلِلِابْنِ ثُلُثَاهَا فَظَهَرَ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثَاهَا أَيْضًا سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَأَنَّ جُمْلَةَ الْعَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ خُمْسَ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ حِصَّتَهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَيُؤَدِّي دِرْهَمَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ، وَهُوَ ثُلُثَا دِرْهَمٍ فَقَدْ أَخَذَ مَرَّةً ثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَمَرَّةً ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ خُمْسُ الْعِشْرِينَ، وَالْبَاقِي وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ، وَقَدْ أَخَذَ الِابْنُ مَرَّةً سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثًا، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ كَمَالُ حَقِّهِ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ الدَّيْنُ تَاوٍ فَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ خُمْسَهَا دِرْهَمَيْنِ، وَالِابْنُ خُمْسَهَا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَذَلِكَ مِثْلُ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْطَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمَا يَأْخُذَانِهَا قِصَاصًا مِمَّا لَهُمَا عَلَيْهِ فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقَّيْهِمَا فَلَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَقَدْ أَخَذَ مَرَّةً دِرْهَمَيْنِ وَمَرَّةً دِرْهَمًا وَثُلُثَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَأَخَذَ الِابْنُ مَرَّةً أَرْبَعَةً وَمَرَّةً دِرْهَمَيْنِ وَثُلُثَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا وَعَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ يُجْعَلُ الْخَارِجُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا فَتَضُمُّهُ إلَى الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ وَتُعْطِي الْمُوصَى لَهُ خُمْسَ ذَلِكَ دِرْهَمَيْنِ وَخُمْسٌ يَبْقَى فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، وَحَاجَتُنَا إلَى شَيْئَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ شَيْءٍ فَيَجْعَلُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ شَيْءٍ قِصَاصًا بِمِثْلِهَا يَبْقَى فِي يَدِهِمَا ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ يَعْدِلُ شَيْئًا وَخُمْسَ شَيْءٍ فَظَهَرَ أَنَّ الدَّيْنَ بِعَدْلِ الشَّيْءِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَإِنَّا حِينَ جَعَلْنَا لِلْمُتَعَيَّنِ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِأَكْثَرَ إلَى خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَخَذَ وَصِيَّتَهُ كُلَّهَا مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالدَّرَاهِمِ الْمُرْسَلَةِ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ثُلُثَ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الْمَالِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُتَعَيَّنِ خَمْسَةَ عَشَرَ.
وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهَا فِي الْحَالِ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ فَكَذَلِكَ وَجَبَ تَنْفِيذُهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ (أَلَا تَرَى) أَنَّ هُنَاكَ يَزْدَادُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ وَيُنْتَقَصُ بِنُقْصَانِهَا؛ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَبِالرُّبْعِ كَانَ لِلِابْنِ نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبْعَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ حَازَا الثُّلُثَ، وَلَكِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ الْمُتَعَيَّنِ مِنْ الْمَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الثُّلُثَ الْمُتَعَيَّنَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ نِصْفُ الْعَيْنِ فَيَعْزِلُ ذَلِكَ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ، ثُمَّ يَضْرِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ فَثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَرُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ، فَإِذَا ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَقِّهِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَلِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ، وَصَاحِبُ رُبْعِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ خَمْسَةٍ فَالْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الْعَيْنِ، وَالدَّيْنِ يَضْرِبُ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ، فَيُقْسَمُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ، ثُمَّ يَحْتَسِبُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَأْخُذُ الِابْنُ نِصْفَهُ وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ نِصْفَهُ فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ كَمَا فَعَلَاهُ فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى.
وَلَوْ أَوْصَى بِرُبْعِ الْعَيْنِ لِرَجُلٍ وَثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْآخَرِ فَإِنَّ لِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ نِصْفَ الدَّيْنِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ رُبْعِ الْعَيْنِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ فَوْقَ ثُلُثِهَا فَيَكُونُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ وَسُدُسٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ التَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهَذَا، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِنِصْفِ الْمَالِ كُلِّهِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَأَجَازَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ، وَلَمْ يُجِزْ الْآخَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ بَيْنَ الِابْنِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِإِجَازَةِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ وَالِابْنُ الْآخَرُ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ فَكَانَ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَهُ كَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ؛ فَلِهَذَا يَقْتَسِمَانِ الْعَيْنَ نِصْفَيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْتَسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُجِيزٌ لِلْوَصِيَّةِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُمَا أَجَازَا.
وَلَوْ أَجَازَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ عَشَرَةٌ، وَكُلُّ ابْنٍ خَمْسَةٌ؛ فَلِهَذَا يُحْتَسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خَمْسَةٌ، وَيُؤَدِّي مِمَّا بَقِيَ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُ الِابْنُ مِنْهَا دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا وَتَمَامُ حَقِّهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُ الْأَبُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ كَمَالَ حَقِّهِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَحَصَلَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثُ سَبْعَةٍ وَثُلُثَانِ بِلَا مِنَّةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَدِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ حِصَّةُ الْمُجِيزِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَحِصَّةُ الْمُجِيزِ نِصْفُهَا دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ عَيْنًا وَعَشَرَةً عَلَى امْرَأَتِهِ دَيْنًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَلِآخَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِآخَرَ بِالرُّبْعِ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيزُوا فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ الثُّلُثُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ بَعْدَ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ سَهْمٌ فَاطْرَحْ نَصِيبَهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا فَوْقَهَا وَاقْسِمْ الْعَيْنَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا سَبْعَةٌ لِلِابْنِ وَالْأَرْبَعَةُ لِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ يَضْرِبُ فِيهَا صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ، وَصَاحِبُ الرُّبْعِ بِمَا أَصَابَ ثَلَاثَةً، وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ يَضْرِبُ صَاحِبُ الرُّبْعِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ فَقَدْ سَمَّى لَهُ الرُّبْعَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ الْمَرْأَةُ يُحْسَبُ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ الْوَصَايَا قَدْ اسْتَغْرَقَتْ الثُّلُثَ، فَإِنَّ مِيرَاثَهَا ثُمْنُ الثُّلُثَيْنِ، وَثُلُثَا الْمَالِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَثُمْنُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ وَخَمْسَةُ أَثْمَانٍ وَثُلُثُ ثُمْنٍ أَوْ ثُمْنُ ثُلُثِ دِرْهَمٍ فَهُمَا سَوَاءٌ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَكُونُ بَيْنَ الِابْنِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالرُّبْعِ وَصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالدِّرْهَمَيْنِ مَقْسُومًا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ مِمَّا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصِيَّتَيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُ الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَإِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَالْأُخْرَى الرُّبْعُ خَمْسَةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ جَاوَزَتَا الثُّلُثَ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبٍ مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَشَرَةً عَيْنًا وَعَشَرَةً عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَلِآخَرَ بِرُبْعِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تُقْسَمُ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ ثُلُثَهَا، وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُلُثَهَا، وَيَبْقَى ثُلُثُهَا نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، فَلَا يُعْطَى ذَلِكَ بَلْ يَضْرِبُ فِيهَا الِابْنُ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ بِالدَّيْنِ بِرُبْعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهَا وَزِيَادَةٌ فَيَضْرِبُ هُوَ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ وَيَقْسِمُ نَصِيبَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا، وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى كَمَالَ حَقِّهِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ أَمْسَكَ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَرُبْعِ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ خَمْسَةً وَخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ، وَذَلِكَ دُونَ جَمِيعِ الْمَالِ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالَ حَقِّهِ يَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُدُسٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ وَالْقِيرَاطُ نِصْفُ السُّدُسِ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يُمْسِكُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةٌ وَقِيرَاطٌ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَقْتَسِمُهُ صَاحِبُ رُبْعِ الدَّيْنِ وَالِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا كَانَا اقْتَسَمَا ثُلُثَ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَدْ خَرَجَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنُ بِخِلَافِ هَذَا، وَمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَدَقُّ نُبَيِّنُ ذَلِكَ إذَا انْتَهَيْنَا إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ لَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ دَيْنًا وَتَرَكَ عَشَرَةً عَيْنًا وَتَرَكَ رَجُلَيْنِ غَرِيمَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَجَاءَ أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَيْهِ فَأَدَّاهُ وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ وَالْعَشَرَةَ الَّتِي عَلَى الِابْنِ عَيْنٌ كُلُّهَا تُقْسَمُ عَلَى سِتِّينَ سَهْمًا فَيَأْخُذُ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ مَا أَصَابَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثًا، وَيَأْخُذُ الِابْنَانِ مَا أَصَابَا سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ، وَالْوَجْهُ فِي تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ: وَصِيَّتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَوَصِيَّتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَ مَا يُعْطِيهِ؛ فَلِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ، وَقَدْ ظَفِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِنْسِ حَقِّهِ مِمَّا هُوَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ مَا فِي ذِمَّتِهِ.
وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ، فَإِذَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ يَتَمَلَّكُهُ أَيْضًا قَضَاءً لِحَقِّهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ الْمَالُ الْعَيْنُ عِشْرِينَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الِابْنِ الْآخَرِ قَدْ تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ.
وَإِذَا ضَمَمْنَا مَا عَلَى الِابْنِ إلَى الْعَيْنِ كَانَ ثُلُثُ الْجُمْلَةِ عَشَرَةً وَنَحْنُ نَتَيَقَّنُ أَنَّ مِقْدَارَ الثُّلُثِ يُسَلَّمُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ؛ فَلِهَذَا تَعَيَّنَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرِيمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ.
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثٍ فَالثُّلُثَانِ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ، فَالْجُمْلَةُ سَبْعُونَ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ وَزِيَادَةً؛ فَلِهَذَا جَعَلْت الْقِسْمَةَ فِيمَا بَقِيَ وَهُوَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثَانِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ فَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُسْتَوْفَى الْفَضْلُ مِنْ الْعَيْنِ، وَيُحْسَبُ لِلْغَرِيمِ الْمُقَدَّمِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثٍ، وَلِلِاخْتِصَارِ وَجْهٌ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّ أَصْحَابِ الْوَصَايَا سَبْعَةَ أَسْهُمٍ وَالْجُمْلَةُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثَيْنِ، ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثَةً، وَيَقْسِمُ الثُّلُثَانِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَيَكُونُ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَيْنِ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ الْمُؤَدِّي خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَسْتَوْفِي الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ فَيَسْتَوْفِي الْمَدْيُونُ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ فَيُسَلِّمُ لَهُ مَا عَلَيْهِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ وَيُحْسَبُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُقَدَّمُ كَمَا عَلَيْهِ خَمْسَةٌ أَيْضًا فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي أَحَدَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ وَيُسَلَّمُ لِلِابْنَيْنِ ضِعْفُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُقْسَمُ الْكُلُّ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فَيُمْسِكُ الْغَرِيمُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَقْتَسِمُهُ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ وَالْوَرَثَةُ عَلَى مَا اقْتَسَمُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَشَرَةً دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَعَشَرَةً عَيْنًا، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَنَصِيبُ الْعَيْنِ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ هُوَ نَصِيبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِ مِمَّا عَلَيْهِ، فَيَبْدَأُ بِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُقَدَّمٍ فِي التَّنْفِيذِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَا هُنَا مِقْدَارُ الْخَمْسَةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَبِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ، وَهُوَ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ، فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ إلَى الْمَدْيُونِ، ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُ بِاعْتِبَارِ دَيْنِهِ قَبْلَهُ، فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ مَا عَلَى الْمَدْيُونِ يَحْسِبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَيُؤَدِّي الْفَضْلَ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا وَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ كَمَا اقْتَسَمَا الْعَشَرَةَ الْعَيْنَ فَيَحْصُلُ لِلْمُوصَى لَهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِقْدَارُ ثُلُثَيْ الدَّيْنِ، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ.
وَلَوْ أَوْصَى مَعَ هَذَا بِثُلُثِ الْعَيْنِ لِآخَرَ فَإِنَّ نِصْفَ الْعَيْنِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَبِاعْتِبَارِ مَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثُ الْمَالِ نِصْفُ الْعَيْنِ، ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ، وَصَاحِبُ ثُلُثَيْ الْمَالِ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ فَيَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ، وَيَجِبُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً وَثُلُثًا فَيَأْخُذُ الِابْنُ نِصْفَهَا وَصَاحِبُ الْوَصِيَّةِ نِصْفَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَأَمَّا أَنْ يَضْرِبَ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَوْ بِمَا تَعَيَّنَ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَةً، فَأَمَّا أَنْ يَضْرِبَ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ كَمَا يَضْرِبُ بِهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْعَيْنِ فَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، وَقَدْ أَجَابَ بِمِثْلِهِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الدَّيْنِ، وَهُوَ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الدَّيْنِ وَثُلُثَ الْعَيْنِ سَوَاءٌ لَكِنَّ مَشَايِخَنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَلَى تَصْوِيبِ الْحَاكِمِ فِيمَا ذَكَرَ.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَجْهٌ صَحِيحٌ أَيْضًا فَإِنَّ نِصْفَ الدَّيْنِ صَارَ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ وَلَوْ تَعَيَّنَ جَمِيعُهُ لَكَانَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ يَضْرِبُ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا تَعَيَّنَ نِصْفُهُ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثَيْنِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمُتَعَيِّنَ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَقِّ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا يَزِيدُ عَلَى سِتَّةٍ وَثُلُثٍ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فِي ثُلُثِ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ، وَإِنَّمَا يَبْقَى لِلِابْنَيْنِ ثُلُثَا الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَالْمُتَعَيِّنُ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ نَصِيبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِنْ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ، وَلَكِنَّ هَذَا مُسْتَقِيمٌ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فَبَعْدَ خُرُوجِ الدَّيْنِ لَا وَجْهَ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِثُلُثِ الدَّيْنِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَلَوْ تَرَكَ مَعَ هَذَا ثَوْبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثَّوْبِ فَإِنَّ نَصِيبَ الثَّوْبِ مِنْ الثَّوْبِ أَرْبَعَةٌ غَيْرَ رُبْعٍ وَنَصِيبَ صَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ غَيْرَ رُبْعٍ، وَيَكُونُ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ وَثُلُثَاهُ فِي الْعَشَرَةِ، وَيَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَتَمَامَ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَحْسِبُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ نَصِيبَهُ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا إلَى آخِرِهِ، وَوَجْهُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ نَقُولَ: اجْتَمَعَ فِي الثَّوْبِ وَصِيَّتَانِ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِهِ وَثُلُثِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ، خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ تَكُونُ عَلَى سِتَّةِ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِهَامُ الْوَصَايَا عَشَرَةٌ.
وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي ضِعْفِ ذَلِكَ عِشْرِينَ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ سِهَامَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ فِي الْحَالِ وَيَقْسِمُ الْعَيْنَ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فِي الْحَاصِلِ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَالثَّوْبُ مَعَ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ، نِصْفُ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ كُلِّهِ فِي الثَّوْبِ، وَنِصْفُهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ وَثُلُثَاهُ فِي الْعَشَرَةِ عَلَى حِسَابِ أَصْلِ حَقِّهِ فِي الثَّوْبِ وَالْعَشَرَةِ فَيُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَمِنْ الثَّوْبِ قَدْرُ دِرْهَمٍ وَرُبْعٍ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَقِيمٌ إلَّا حَرْفًا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: يَأْخُذُ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ وَتَمَامَ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الثَّوْبِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثَّوْبِ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِالثَّوْبِ وَرُبْعَهُ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ تَخْرِيجِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا لَوْ قَسَمْنَا الثَّوْبَ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ يَكُونُ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ حَتَّى يَأْخُذَهُ الِابْنُ فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَأْخُذُ سَبْعَةً وَنِصْفًا مِنْ الْعَشَرَةِ الْعَيْنِ فَإِذَا تَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَنَقُولُ: جُمْلَةُ الْمَالِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَيَكُونُ نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةً وَثُلُثًا أَيْضًا فَيَحْسِبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَثُلُثَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِسْمَةَ فِي الثُّلُثِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ، وَيَضْرِبُ مَعَهُ فِيهَا صَاحِبُ الثَّوْبِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ وَيَضْرِبُ مَعَهُ الْآخَرُ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ ذَلِكَ ثُلُثُ الْعِشْرِينَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَسُدُسُ الثَّوْبِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ فَيَكُونُ سَبْعَةً وَنِصْفًا فَمَا أَصَابَ صَاحِبُ الثَّوْبِ كَانَ فِي الثَّوْبِ، وَمَا أَصَابَ الْآخَرُ كَانَ فِي الثَّوْبِ لَهُ مِنْ ذَلِكَ خُمْسُ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَالْبَاقِي مِنْ نَصِيبِهِ فِي الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْأَصْلِ كَانَ فِي الثَّوْبِ فِي ثَلَاثَةٍ مِقْدَارُ ذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ، وَفِي الْمَالِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ دِرْهَمٍ وَثُلُثَيْنِ سَهْمًا يَكُونُ ذَلِكَ أَرْبَعَةً فَعَرَفْنَا أَنَّ أَصْلَ حَقِّهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ خُمْسِ نَصِيبِهِ فِي الثَّوْبِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الدَّرَاهِمِ.
وَإِنْ شِئْت قُلْت يَأْخُذُ مِنْ الثَّوْبِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا أَصَابَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا وَالْأَوَّلُ فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ إذَا تَأَمَّلْت، وَإِنَّ مِثْلَ ثُلُثِ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ خُمْسُ حَقِّ صَاحِبِ ثُلُثِ الْمَالِ وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَيْنًا وَثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنًا وَسَيْفًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالسَّيْفِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَلِأَهْلِ الْوَصِيَّةِ نِصْفُ الْعَيْنِ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ السَّيْفِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ السَّيْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ السَّيْفِ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيمَةُ السَّيْفِ عَلَى سِتَّةٍ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ لِصَاحِبِ السَّيْفِ وَسُدُسِهِ لِصَاحِبِ ثُلُثِ الْعَيْنِ، ثُمَّ صَارَ كُلُّ مِائَةٍ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَتَكُونُ سِهَامُ الْوَصِيَّتَيْنِ عَشَرَةً.
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَشَرَةً فَالثُّلُثَانِ عِشْرُونَ، ثُمَّ يَطْرَحُ سِهَامَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فَوْقَ حَقِّهِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالسَّيْفِ وَقَدْرِ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَلِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ لَهُ قَدْرُ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ الْعَيْنِ وَيُحْسَبُ لِلْمَدْيُونِ مِثْلُهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، ثُمَّ الْمَعْزُولُ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَاءِ حَقِّهِمَا نِصْفُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ لِلْمُوصَى لَهُمَا بِالسَّيْفِ كُلِّهِ فِي السَّيْفِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ السَّيْفِ وَنِصْفُ ذَلِكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَاهُ فِي الْمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ عَلَى مِقْدَارِ أَصْلِ حَقِّهِ فِي الْمَحَلَّيْنِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ خَمْسُمِائَةٍ وَالسَّيْفُ وَقِيمَتَهُ مِائَةٌ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا وَيُسَلَّمُ لِكُلِّ ابْنٍ ثُلُثُهَا وَذَلِكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَيُؤَدِّي مِائَةً فَإِذَا أَدَّاهَا اقْتَسَمُوا الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ فَيَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ السَّيْفِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ السَّيْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ فَمَا أَصَابَ صَاحِبُ السَّيْفِ كَانَ فِي السَّيْفِ وَمَا أَصَابَ صَاحِبُ الثُّلُثِ كَانَ فِي السَّيْفِ أَوْ نَقُولُ: الِابْنُ الْآخَرُ يَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ الْمِائَةِ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَحَقُّهُ فِي مِائَتَيْنِ لَمْ يَسْتَقْبِلْ قِسْمَةَ الثُّلُثِ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهُ.
قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ: رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ يَضْرِبُ بِثُلُثِ خَمْسِمِائَةٍ خَطَأٌ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فَكَيْفُ يَضْرِبُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ: يَضْرِبُ بِسُدُسِ السَّيْفِ أَيْضًا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الْعَيْنِ لَا تَقَعُ عَلَى الْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى النَّقْدِ خَاصَّةً وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَقَالَ: لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَبِثُلُثِ كَذَا وَسَمَّى تِلْكَ الْعُرُوضَ.
وَإِذَا حَمَلَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُمَا تَخْرُجُ الْآنَ مِنْ ثُلُثِ مَا يُعَيَّنُ مِنْ الْمَالِ أَمَّا طَعْنُهُ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَهُ وَأَمَّا طَعْنُهُ فِي اللَّفْظِ الثَّانِي فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْعَيْنِ فِيمَا هُوَ مُتَعَيِّنٌ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْمَالِ فِيمَا هُوَ مُتَمَوَّلٌ وَاسْمُ الْمَالِ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ مَالُ الزَّكَاةِ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ.
وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَخْتَصُّ بِمَالِ الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ اسْمُ الْعَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مُتَعَيِّنٍ النَّقْدُ وَالنَّسِيئَةُ فِيهِ سَوَاءٌ وَكَأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْبَيَانِ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَسَمَّى ذَلِكَ الْعُرُوضَ لِإِزَالَةِ هَذَا الْإِبْهَامِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: إذَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَقَدْ وَجَبَ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِمَا فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ وَبَيَانُهُ أَنَّ جُمْلَةَ الْعَيْنِ مِنْ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ إنَّمَا يَعْزِلُ ذَلِكَ لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا بِالسَّيْفِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَبِثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَعَرَفْنَا أَنَّ بِخُرُوجِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ مِنْ الدَّيْنِ يَجِبُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ نِصْفِ الْعَيْنِ بِسَبَبِ الِابْنِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً، وَعَلَى امْرَأَتِهِ عَشَرَةٌ دِينًا وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ دَيْنٌ عَشَرَةٌ وَتَرَكَ ثَوْبًا يُسَاوِي خَمْسَةً وَأَوْصَى بِالثَّوْبِ لِرَجُلٍ فَإِنَّ الثَّوْبَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْمَرْأَةِ ثُمْنُ مَا بَقِيَ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ، ثُمَّ تُطْرَحُ سِهَامُ الِابْنِ وَسِهَامُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا فَوْقَ ذَلِكَ يَبْقَى الثَّوْبُ فَيَضْرِبُ فِيهِ الِابْنُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَالْمُوصَى لَهُ بِثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَيُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ نَصِيبُهَا مِمَّا عَلَيْهَا فَتَسْتَقِيمُ الْقِسْمَةُ إلَى تَيَسُّرِ خُرُوجِ الدَّيْنَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ جَمِيعُ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِالْعَيْنِ وَقِيمَتُهُ دُونَ الثُّلُثِ فَيَكُونُ حَقُّهُ فِيهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ، وَيَبْقَى الْمَالُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ يُمْسِكُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهَا وَيُؤَدِّي سَبْعَةً وَنِصْفًا وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ مِمَّا عَلَيْهِ نَصِيبَهُ وَيُؤَدِّي دِرْهَمًا وَرُبْعًا فَيَحْصُلُ فِي يَدِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِثْلِ مَا حَبَسَهُ الْمَدْيُونُ فَاسْتَقَامَ وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى إحْدَاهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَلَى أَحَدِ ابْنَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ خَادِمًا تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْخَادِمَ تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَثُلُثُ مَالِهِ نِصْفُ الْعَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ رَقَبَتِهَا فَيُسَلَّمُ لَهَا ذَلِكَ وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ ثُمْنُهُ وَلِلِابْنِ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ الْمَدْيُونَةُ مُسْتَوْفِيَةً مِمَّا عَلَيْهَا مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَى الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى وَالِابْنُ الْمَدْيُونُ مُسْتَوْفٍ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ مَا وَصَلَ إلَى الِابْنِ الْآخَرِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدِّينَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ عَلَى الْخَادِمِ مَا أُخِذَ مِنْهَا مِنْ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أُخِذَ مِنْهَا، وَالْمَالُ الْمَقْسُومُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ ثُمْنُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَتَيْنِ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَتُمْسِكُ الْمَدْيُونَةُ مِمَّا عَلَيْهَا مِقْدَارَ حَقِّهَا وَتُؤَدِّي سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا إلَى الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَيُمْسِكُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ وَنِصْفًا، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ إلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا دَيْنَ عَلَيْهَا فَقَدْ وَصَلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَالُ حَقِّهِ قَالَ: وَإِذَا تَرَكَ ابْنَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَتَرَكَ رَجُلَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ وَأَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ أَدَّى أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي عَلَى الِابْنَيْنِ يُجْمَعُ كُلُّهُ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَ صَاحِبِ الثُّلُثِ، وَاَلَّذِي أَدَّى الْعَشَرَةَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَوَصِيَّتُهُ بِمَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَبِأَدَاءِ أَحَدِهِمَا صَارَ مَا عَلَى الِابْنَيْنِ فِي حُكْمِ الْمُتَعَيَّنِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ؛ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ يُسَلَّمُ لَهُمَا وَذَلِكَ مِقْدَارُ مَا عَلَيْهِمَا فَمِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْقِسْمَةِ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَدَّى أَحَدُ الْغَرِيمَيْنِ صَارَتْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْن الْمُؤَدِّي أَسْدَاسًا فَبِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ السُّدُسُ، وَلِلْمُؤَدِّي خَمْسَةٌ وَلِلْآخَرِ مِمَّا عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى كُلِّ ابْنٍ يَصِيرُ سِتَّةً، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ أَرْبَعَةٌ فَجُمْلَةُ مَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سِتَّةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخَوَيْنِ خَمْسَةٌ، فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ هَذَا مَبْلَغُ سِهَامِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ إلَّا أَنَّ نَصِيبَ الْغَرِيمِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ يُطْرَحُ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ يَبْقَى لِلْأَخَوَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ سَهْمًا أَحَدَ عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ الْوَصِيَّتَيْنِ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ، وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْقَ مَا عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا جُعِلَ مَا عَلَيْهِمَا كَالْمُتَعَيَّنِ فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا قَدَرَ الْآخَرُ عَلَى الْأَدَاءِ يُحْسَبُ لَهُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا فَيُمْسِكُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَةً وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا كَمَا بَيَّنَّا فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً وَخَادِمًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى لِلرَّجُلِ بِمَا عَلَيْهِ وَأَوْصَى أَنْ يَعْتِقَ الْخَادِمُ فَإِنَّ الْخَادِمَ يُعْتَقُ مِنْهَا خُمْسُهَا وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ تُقَدَّمُ بِالتَّنْفِيذِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَوَصِيَّةُ الْخَادِمِ مِثْلُ وَصِيَّةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا مِثْلُ مَا أَوْصَى بِهِ لِلْآخَرِ فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَهْمَيْنِ وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ إلَّا أَنَّهُ يَطْرَحُ سَهْمَ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ فَوْقَ نَصِيبِهِ وَيَبْقَى الْخَادِمُ فَتَضْرِبُ هِيَ بِسَهْمٍ فِيهَا وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ؛ فَلِهَذَا يُعْتَقُ خُمْسُهَا وَتَسْعَى لِلْوَرَثَةِ وَتَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا فَإِذَا أَدَّى الْمَدْيُونُ مَا عَلَيْهِ يُحْسَبُ لَهُ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي الْحَاصِلِ ثُلُثُ مَا عَلَيْهِ نِصْفُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْخَادِمِ تَمَامَ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهَا وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ الْفَضْلَ فَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ جِهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ وَنَفَذَ بِالْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَبِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، فَقَالَ: إنَّ الْخَادِمَ يَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَا يَضْرِبُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ وَصِيَّتِهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعِتْقِ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ فِي الثُّلُثِ، وَهَهُنَا أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَالِ، وَالْمَدْيُونُ إنَّمَا يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِمِقْدَارِ ثُلُثِ الْمَالِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَالْخَادِمُ تَضْرِبُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا، وَهُوَ مِائَةٌ فَإِذَا جَعَلْتَ كُلَّ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ سَهْمًا صَارَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِلْخَادِمِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمَدْيُونِ سَهْمَانِ وَالثُّلُثَانِ عَشَرَةٌ، ثُمَّ يَطْرَحُ نَصِيبَ الْمَدْيُونِ وَيَضْرِبُ الْوَرَثَةُ فِي الْخَادِمِ بِعَشَرَةٍ، وَالْخَادِمُ بِثَلَاثَةٍ؛ فَلِهَذَا قَالَ: تَسْعَى فِي عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا قَسَمْتَ الدُّيُونَ يُصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ لَهُ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا قَسَمْتَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثًا فَلِهَذَا يُمْسِكُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثَيْنِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَإِذَا أَدَّاهُ رَدَّ عَلَى الْخَادِمِ إلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي خُمْسِ الْمَالِ فِي الْحَاصِلِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَخُمْسُ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَأَخَذَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْخَادِمِ سِتِّينَ دِرْهَمًا وَمِنْ الْمَدْيُونِ ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ وَثُلُثًا فَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ ضِعْفَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ فَاسْتَقَامَ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْنِ عَيْنًا وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ، وَأَوْصَى لِصَاحِبِ الدَّيْنِ بِمَا عَلَيْهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِأَلْفٍ مِنْ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ أَرْبَعَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ الْمَدْيُونُ عَلَى سَهْمَيْنِ فَتَكُونُ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ يُطْرَحُ سَهْمُ الْمَدْيُونِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ خُمْسًا وَخُمْسُ الْعَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ، فَإِذَا خَرَجَ الدَّيْنُ فَالْمُوصَى لَهُ الْمَدْيُونُ يُحْبَسُ مِمَّا عَلَيْهِ مِقْدَارُ حَقِّهِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ الثُّلُثِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ الْخُمْسُ مِنْهُ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا الْخَمْسَمِائَةِ كَمَالَ حَقِّهِ وَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي أَلْفٍ وَيُسَلِّمُ لِلْوَرَثَةِ أَلْفًا.
وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ دَيْنًا عَلَى أَحَدِ الِابْنَيْنِ كَانَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْأَلْفِ الْعَيْنِ ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْمَدْيُونَ مُسْتَوْفٍ حَقَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ فَيَطْرَحُ نَصِيبَهُ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ يَبْقَى لِلِابْنِ الْآخَرِ سَهْمَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ سَهْمٌ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْأَلْفِ الْعَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُلُثُهَا إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدِّينَيْنِ فَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ لِلِابْنِ الْمَدْيُونِ نَصِيبُهُ مِمَّا عَلَيْهِ، وَهُوَ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُؤَدِّي مَا يَبْقَى فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُوصَى لَهُ الْآخَرُ يُمْسِكُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ لِلِابْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَاحِدٌ فَيُسَلِّمُ فِي الْحَاصِلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي أَلْفٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، وَإِنَّمَا جُعِلَ نَصِيبُ الِابْنِ الْمَدْيُونِ مِمَّا عَلَيْهِ ثَمَانَمِائَةٍ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُوصِي لَهُ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ يُضَمُّ إلَى الْأَلْفِ الْعَيْنِ، ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَبَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى خَمْسَةٍ فَلِلِابْنِ الْمَدْيُونِ خُمْسَا ذَلِكَ، وَذَلِكَ ثَمَانُمِائَةٍ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يُحْسَبُ لَهُ ثَمَانُمِائَةٍ، وَيُؤَدِّي مِائَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.