سورة الأعراف / الآية رقم 55 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)}
ثم إنه تعالى بعد أن بين التوحيد وأخبر أنه المتفرد بالخلق والأمر أمر عبادة أن يدعوه مخلصين متذللين فقال عز من قائل: {ادعوا رَبَّكُمْ} الذي عرفتم شؤونه الجليلة، والمراد من الدعاء كما قال غير واحد السؤال والطلب وهو مخ العبادة لأن الداعي لا يقدم على الدعاء إلا إذا عرف من نفسه الحاجة إلى ذلك المطلوب وأنه عاجز عن تحصيله وعرف أن ربه تبارك وتعالى يسمع الدعاء ويعلم الحاجة وهو قادر على إيصالها إليه. ولا شك أن معرفة العبد نفسه بالعجز والنقص ومعرفته ربه بالقدرة والكمال من أعظم العبادات. وقيل: المراد منه هنا العبادة لأنه عطف عليه {وادعوه خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: 56] والمعطوف يجب أن يكون مغايرا للمعطوف عليه وفيه نظر، أما أولًا فلأن المغايرة تكفي باعتبار المتعلقات كما تقول ضربت زيدًا وضربت عمرًا. وأما ثانيًا فلأنها لا تستدعي حمل الدعاء هنا على العبادة بل حمله على ذلك إما هناك أو هنا، وأما ثالثًا فلأنه خلاف التفسير المأثور كما ستعلمه إن شاء الله تعالى: {تَضَرُّعًا} أي ذوي تضرع أو متضرعين فنصبه على الحال من الفاعل بتقدير أو تأويل، وجوز نصبه على المصدرية وكذا الكلام فيما بعد. وهو من الضراعة وهي الذل والاستكانة يقال ضرع فلان لفلان إذا ذل له واستكان، وقال الزجاج التضرع التملق وهو قريب مما قالوا أي ادعوه تذللا، وقيل: التضرع مقابل الخفية واختاره أبو مسلم أي ادعوه علانية.
{وَخُفْيَةً} أي سرًا. أخرج ابن المبارك وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن قال: لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسًا بينهم وبين ربهم وذلك أنه تعالى يقول: {ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} وأنه سبحانه ذكر عبدًا صالحًا فرضي له فعله فقال تعالى: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} [مريم: 3] وفي رواية عنه أنه قال: «بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفًا». وجاء من حديث أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم قال لقوم يجهرون: «أيها الناس إربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا بصيرًا وهو معكم وهو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» والمعنى ارفقوا بأنفسكم واقصروا من الصياح في الدعاء. ومن هنا قال جمع بكراهة رفع الصوت به. وفي الانتصاف حسبك في تعين الإسرار فيه اقترانه في الآية بالتضرع فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله تعالى في الدعاء وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى فكذلك دعاء لا خفية فيه ولا وقار يصحبه، وترى كثيرًا من أهل زمانك يعتمدون الصراخ في الدعاء خصوصًا في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد وتستك المسامع وتستد ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين رفع الصوت في الدعاء وكون ذلك في المسجد.
وروى ابن جرير عن ابن جريج أن رفع الصوت بالدعاء من الاعتداء المشار إليه بقوله سبحانه: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين} وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن زيد بن أسلم. وذهب بعضهم إلى أنه مما لا بأس به، ودعاء المعتدين الذي لا يحبه الله تعالى هو طلب ما لا يليق بالداعي كرتبة الأنبياء عليهم السلام والصعود إلى السماء. وإن منه ما ذهب جمع إلى أنه كفر كطلب دخول إبليس وأبي جهل وأضرابهما الجنة وطلب نزول الوحي والتنبي ونحو ذلك من المستحيلات لما فيه من طلب إكذاب الله تعالى نفسه. وأخرج أحمد في مسنده وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء وحسب المرء أن يقول اللهم إني أسالك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ثم قرأ {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المعتدين}» وفصل آخرون فقالوا: الإخفاء أفضل عند خوف الرياء والإظهار أفضل عند عدم خوفه، وأولى منه القول بتقديم الإخفاء على الجهر فيما إذا خيف الرياء أو كان في الجهر تشويش على نحو مصل أو نائم أو قارىء أو مشتغل بعلم شرعي، وبتقديم الجهر على الإخفاء فيما إذا خلا عن ذلك وكان فيه قصد تعليم جاهل أو نحو إزالة وحشة عن مستوحش أو طرد نحو نعاس أو كسل عن الداعي نفسه أو إدخال سرور على قلب مؤمن أو تنفير مبتدع عن بدعة أو نحو ذلك، ومنه الجهر بالترضي عن الصحابة والدعاء لإمام المسلمين في الخطبة. وقد سن الشافعية الجهر بآمين بعد الفاتحة وهو دعاء ويجهر بها الإمام والمأموم عندهم.
وفرق بعضهم بين رفع الصوت جدًا كما يفعله المؤذنون في الدعاء بالفرج على المآذن وبين رفعه بحيث يسمعه من عنده فقال: لا بأس في الثاني غالبًا ولا كذلك الأول. والظاهر أن المراد بالمعتدين المجاوزون ما أمروا به في كل شيء ويدخل فيهم المعتدون في الدعاء دخولًا أوليًا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أن المعنى في الآية أدعوا ربكم في كل حاجاتكم من أمر الدنيا والآخرة ولا تعتدوا فتدعوا على مؤمن ومؤمنة بشر كالخزي واللعن. وقد اختلف العلماء في كفر من دعا على آخر بسلب الإيمان أو الموت كافرًا وهو من أعظم أنواع الإعتداء والمفتى به عدم الكفر.
وذكروا للدعاء آدابًا كثيرة، منها الكون على طهارة واستقبال القبلة وتخلية القلب من الشواغل وافتتاحه واختتامه بالتصلية على النبي صلى الله عليه وسلم ورفع اليدين نحو السماء وإشراك المؤمنين فيه وتحري ساعات الإجابة، ومنها يوم الجمعة عند كثير ساعة الخطبة ويدعو فيها بقلبه كما نص عليه أفضل متأخرى مصره الفاضل الطحطاوي في «حواشيه على الدر المختار» فيما نقله عنه أفقه المعاصرين ابن عابدين الدمشقي ووقت نزول الغيث والإفطار وثلث الليل الأخير وبعد ختم القرآن وغير ذلك مما هو مبسوط في محله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال