سورة الأعراف / الآية رقم 112 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ قَالَ المَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي المَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المُقَرَّبِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ المُلْقِينَ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوَهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)}
اعلم أن في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ نافع والكسائي {أَرْجِهْ} بغير همز وكسر الهاء والإشباع، وقرأ عاصم وحمزة {أَرْجِهْ} بغير الهمز وسكون الهاء.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمر {وأرجئه} بالهمز وضم الهاء، ثم أن ابن كثير أشبع الهاء على أصله والباقون لا يشبعون.
قال الواحدي: رحمه الله {قَالُواْ أَرْجِهْ} مهموز وغير مهموز لغتان يقال أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته، ومنه قوله تعالى: {وَءاخَرُونَ مُرْجَوْنَ} [التوبة: 106] {ترجي مَن تَشَاء} [الأحزاب: 51] قرئ في الآيتين باللغتين، وأما قراءة عاصم وحمزة بغير الهمز، وسكون الهاء فقال الفراء: هي لغة العرب يقفون على الهاء المكني عنها في الوصل إذا تحرك ما قبلها وأنشد.
فيصلح اليوم ويفسده غداً ***
قال وكذلك يفعلون بهاء التأنيث فيقولون: هذه طلحة قد أقبلت، وأنشد:
لما رأى أن لا دعه ولا شبع ***
ثم قال الواحدي: ولا وجه لهذا عند البصريين في القياس.
وقال الزجاج: هذا شعر لا نعرف قائله، ولو قاله شاعر مذكور لقيل له أخطأت.
المسألة الثانية: في تفسير قوله: {أَرْجِهْ} قولان: الأول: الإرجاء التأخير فقوله: {أَرْجِهْ} أي أخره. ومعنى أخره: أي أخر أمره ولا تعجل في أمره بحكم، فتصير عجلتك حجة عليك، والمقصود أنهم حاولوا معارضة معجزته بسحرهم، ليكون ذلك أقوى في إبطال قول موسى عليه السلام.
والقول الثاني: وهو قول الكلبي وقتادة {أَرْجِهْ} احبسه.
قال المحققون هذا القول ضعيف لوجهين:
الأول: أن الإرجاء في اللغة هو التأخير لا الحبس، والثاني: أن فرعون ما كان قادراً على حبس موسى بعد ما شاهد حال العصا.
أما قوله: {وَأَرْسِلْ فِي المدائن حاشرين} ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: هذه الآية تدل على أن السحرة كانوا كثيرين في ذلك الزمان وإلا لم يصح قوله: {وَأَرْسِلْ فِي المدائن حاشرين يَأْتُوكَ بِكُلّ ساحر عَلِيمٍ} ويدل على أن في طباع الخلق معرفة المعارفة، وإنها إذا أمكنت فلا نبوة، وإذا تعذرت فقد صحت النبوة، وأما بيان أن السحر ما هو وهل له حقيقة أم لا بل هو محض التمويه، فقد سبق الاستقصاء فيه، في سورة البقرة.
المسألة الثانية: نقل الواحدي عن أبي القاسم الزجاجي: أنه قال اختلف أصحابنا في المدينة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنها فعيلة لأنها مأخوذة من قولهم مدن بالمكان يمدن مدونا إذا أقام به، وهذا القائل يستدل بإطباق القراء على همز المدائن، وهي فعائل كصحائف وصحيفة وسفائن وسفينة والياء إذا كانت زائدة في الواحد همزت في الجمع كقبائل وقبيلة، وإذا كانت من نفس الكلمة لم تهمز في الجمع نحو معايش ومعيشة.
والقول الثاني: أنها مفعلة، وعلى هذا الوجه، فمعنى المدينة المملوكة من دانه يدينه، فقولنا مدينة من دان، مثل معيشة من عاش، وجمعها مداين على مفاعل. كمعايش، غير مهموز، ويكون اسماً لمكان والأرض التي دانهم السلطان فيها أي ساسهم وقهرهم.
والقول الثالث: قال المبرد مدينة أصلها مديونة من دانه إذا قهره وساسه، فاستثقلوا حركة الضمة على الياء فسكنوها ونقلوا حركتها إلى ما قبلها، واجتمع ساكنان الواو المزيدة التي هي واو المفعول، والياء التي هي من نفس الكلمة، فحذفت الواو لأنها زائدة، وحذف الزائد أولى من حذف الحرف الأصلي، ثم كسروا الدال لتسلم الياء، فلا تنقلب واواً لانضمام ما قبلها فيختلط ذوات الواو بذوات الياء، وهكذا القول في المبيع والمخيط والمكيل، ثم قال الواحدي: والصحيح أنها فعيلة لاجتماع القراء على همز المدائن.
المسألة الثالثة: {وَأَرْسِلْ فِي المدائن حاشرين} يريد وأرسل في مدائن صعيد مصر رجالاً يحشروا إليك ما فيها من السحرة.
قال ابن عباس: وكان رؤساء السحرة بأقصى مدائن الصعيد، ونقل القاضي عن ابن عباس، أنهم كانوا سبعين ساحراً سوى رئيسهم، وكان الذي يعلمهم رجلاً مجوسياً من أهل نينوى بلدة يونس عليه السلام، وهي قرية بالموصل.
وأقول هذا النقل مشكل، لأن المجوس أتباع زرادشت، وزرادشت إنما جاء بعد مجيء موسى عليه السلام.
أما قوله: {يَأْتُوكَ بِكُلّ ساحر عَلِيمٍ} ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي بكل سحار، والباقون بكل ساحر، فمن قرأ سحار فحجته أنه قد وصف بعليم، ووصفه به يدل على تناهيه فيه وحذقه به، فحسن لذلك أن يذكر بالاسم الدال على المبالغة في السحر، ومن قرأ ساحر فحجته قوله: {وَأُلْقِىَ السحرة} [الأعراف: 120] {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السحرة} [الشعراء: 40] والسحرة جمع ساحر مثل كتبه وكاتب وفجرة وفاجر.
واحتجوا أيضاً بقوله: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس} [الأعراف: 116] واسم الفاعل من سحروا ساحر.
المسألة الثانية: الباء في قوله: {بِكُلّ ساحر} يحتمل أن تكون بمعنى مع، ويحتمل أن تكون باء التعدية والله أعلم.
المسألة الثالثة: هذه الآية تدل على أن السحرة كانوا كثيرين في ذلك الزمان، وهذا يدل على صحة ما يقوله المتكلمون، من أنه تعالى يجعل معجزة كل نبي من جنس ما كان غالباً على أهل ذلك الزمان فلما كان السحر غالباً على أهل زمان موسى عليه السلام كانت معجزته شبيهة بالسحر وإن كان مخالفاً للسحر في الحقيقة، ولما كان الطب غالباً على أهل زمان عيسى عليه السلام كانت معجزته من جنس الطب، ولما كانت الفصاحة غالبة على أهل زمان محمد عليه الصلاة والسلام لا جرم كانت معجزته من جنس الفصاحة.
ثم قال تعالى: {وَجَاء السحرة فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لاجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ نافع، وابن كثير، وحفص، عن عاصم، {إن لنا لأجراً} بكسر الألف على الخبر والباقون على الاستفهام، ثم اختلفوا، فقرأ أبو عمرو بهمزة ممدودة على أصله والباقون بهمزتين قال الواحدي رحمه الله: الاستفهام أحسن في هذا الموضع، لأنهم أرادوا أن يعلموا هل لهم أجر أم لا؟ ويقطعون على أن لهم الأجر ويقوي ذلك إجماعهم في سورة الشعراء على الهمز للاستفهام وحجة نافع وابن كثير على أنهما أرادا همزة الاستفهام، ولكنهما حذفا ذلك من اللفظ وقد تحذف همزة الاستفهام من اللفظ، وإن كانت باقية في المعنى كقوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ} [الشعراء: 22] فإنه يذهب كثير من الناس إلى أن معناه أو تلك بالاستفهام، وكما في قوله: {هذا رَبّى} [الأنعام: 78] والتقدير أهذا ربي وقيل: أيضاً المراد أن السحرة أثبتوا لأنفسهم أجراً عظيماً، لأنهم قالوا: لابد لنا من أجر، والتنكير للتعظيم كقول العرب: إن له لإبلاً، وإن له لغنماً، يقصدون الكثرة.
المسألة الثانية: لقائل أن يقول: هلا قيل: {وجاء السحرة فرعون قالوا}.
وجوابه: هو على تقدير: سائل سأل: ما قالوا إذ جاؤه.
فأجيب بقوله: {قالوا أئن لنا لأجراً} أي جعلا على الغلبة.
فإن قيل: قوله: {وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} معطوف، وما المعطوف عليه؟
وجوابه: أنه معطوف على محذوف، سد مسده حرف الإيجاب، كأنه قال إيجاباً لقولهم: إن لنا لأجراً، نعم إن لكم لأجراً، وإنكم لمن المقربين. أراد أني لا أقتصر بكم على الثواب، بل أزيدكم عليه، وتلك الزيادة إني أجعلكم من المقربين عندي.
قال المتكلمون: وهذا يدل على أن الثواب إنما يعظم موقعه إذا كان مقروناً بالتعظيم، والدليل عليه أن فرعون لما وعدهم بالأجر قرن به ما يدل على التعظيم، وهو حصول القربة.
المسألة الثالثة: الآية تدل على أن كل الخلق كانوا عالمين بأن فرعون كان عبداً ذليلاً مهيناً عاجزاً، وإلا لما احتاج إلى الاستعانة بالسحرة في دفع موسى عليه السلام، وتدل أيضاً على أن السحرة ما كانوا قادرين على قلب الأعيان، وإلا لما احتاجوا إلى طلب الأجر والمال من فرعون، لأنهم لو قدروا على قلب الأعيان، فلم لم يقبلوا التراب ذهباً، ولم لم ينقلوا ملك فرعون إلى أنفسهم ولم لم يجعلوا أنفسهم ملوك العالم ورؤساء الدنيا، والمقصود من هذه الآيات تنبيه الإنسان لهذه الدقائق، وأن لا يغتر بكلمات أهل الأباطيل والأكاذيب. والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال