سورة الأعراف / الآية رقم 156 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: كان الله أمرَه أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم ليدعوا ربهم، فكان فيما دَعَوُا الله قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} الآية.
وقال السُّدِّي: إن الله أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل، يعتذرون إليه من عبادة العجل، ووعدهم موعدا، فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه، ثم ذهب بهم ليعتذروا. فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لن نؤمن لك يا موسى حتى نرى الله جهرة، فإنك قد كلمته، فأرناه. فأخذتهم الصاعقة فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا لقيتهم وقد أهلكت خيارهم؟ {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ}
وقال محمد بن إسحاق: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلا الخيّرَ فالخيّر، وقال: انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم، وسَلُوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهَّروا، وطهِّروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طُور سَيْناء، لميقات وقَّته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم- فقال له السبعون- فيما ذكر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا معه للقاء ربه، فقالوا لموسى: اطلب لنا نسمع كلام ربنا. فقال: أفعل. فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمودُ الغمام، حتى تَغَشَّى الجبل كله. ودنا موسى فدخل فيه، وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهة موسى نور ساطع، لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه. فضرب دونه بالحجاب. ودنا القوم، حتى إذا دخلوا وقعوا سُجُودا فسمعوه وهو يكلم موسى، يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل. فلما فرغ إليه من أمره، انكشف عن موسى الغمام، فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فأخذتهم الرجفة- وهي الصاعقة- فافتُلتَت أرواحهم، فماتوا جميعا. فقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه، ويقول: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} قد سفهوا، أفنهلك من ورائي من بني إسرائيل.
وقال سفيان الثوري: حدثني أبو إسحاق، عن عمارة بن عبد السَّلُولي، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: انطلق موسى وهارون وشبر وشبير، فانطلقوا إلى سفح جَبَل، فنام هارون على سرير، فتوفاه الله، عز وجل. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا له: أين هارون؟ قال: توفاه الله، عز وجل. قالوا له أنت قتلته، حَسَدتنا على خُلقه ولينه- أو كلمة نحوها- قال: فاختاروا من شئتم. قال: فاختاروا سبعين رجلا. قال: فذلك قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} فلما انتهوا إليه قالوا: يا هارون، من قتلك؟ قال: ما قتلني أحد، ولكن توفاني الله. قالوا: يا موسى، لن تعصى بعد اليوم. قال: فأخذتهم الرجفة. قال: فجعل موسى، عليه السلام، يرجع يمينًا وشمالا وقال: يا {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} قال: فأحياهم الله وجعلهم أنبياء كلهم.
هذا أثر غريب جدا، وعمارة بن عبد هذا لا أعرفه. وقد رواه شعبة، عن أبي إسحاق عن رجل من بني سلول عن علي، فذكره.
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جُرَيْج: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يزايلوا قومهم في عبادتهم العجل، ولا نهوهم، ويتوجه هذا القول بقول موسى: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}.
وقوله: {إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ} أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانك. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، وربيع بن أنس، وغير واحد من علماء السلف والخلف. ولا معنى له غير ذلك؛ يقول: إن الأمرُ إلا أمرُك، وإن الحكمُ إلا لك، فما شئت كان، تضل من تشاء، وتهدي من تشاء، ولا هادي لمن أضللت، ولا مُضِل لمن هَدَيت، ولا مُعطِي لما مَنَعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كله لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر.
وقوله: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} الغَفْر هو: الستر، وترك المؤاخذة بالذنب، والرحمة إذا قرنت مع الغفر، يراد بها ألا يوقعه في مثله في المستقبل، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} أي: لا يغفر الذنوب إلا أنت، {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ} هناك الفصل الأول من الدعاء دفع المحذور، وهذا لتحصيل المقصود {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ} أي: أوجب لنا وأثبت لنا فيهما حسنة، وقد تقدم تفسير ذلك في سورة البقرة. [الآية: 201]
{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أي: تبنا ورجعنا وأنبنا إليك. قاله ابن عباس، وسعيد بن جُبَير، ومجاهد، وأبو العالية، والضحاك، وإبراهيم التيمي، والسُّدِّي، وقتادة، وغير واحد. وهو كذلك لُغَة.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن شريك، عن جابر، عن عبد الله بن نُجيَّ عن علي رضي الله عنه قال: إنما سميت اليهود لأنهم قالوا: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}
جابر- هو ابن يزيد الجُعْفي- ضعيف.
قال تعالى مجيبا لموسى في قوله: {إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} الآية: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي: أفعل ما أشاء، وأحكم ما أريد، ولي الحكمة والعدل في كل ذلك، سبحانه لا إله إلا هو.
وقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} آية عظيمة الشمول والعموم، كقوله إخبارًا عن حَمَلة العرش ومن حوله أنهم يقولون: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبي، حدثنا الجُرَيري، عن أبي عبد الله الجُشَمي، حدثنا جُنْدُب- هو ابن عبد الله البَجَلي، رضي الله عنه- قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عَقَلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلق عقالها، ثم ركبها، ثم نادى: اللهم، ارحمني ومحمدًا، ولا تشرك في رحمتنا أحدًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتقولون هذا أضل أم بعيره؟ ألم تسمعوا ما قال؟» قالوا: بلى. قال: «لقد حَظَرْت رحمةً واسعة؛ إن الله، عز وجل، خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة واحدة يتعاطف بها الخلق؛ جنّها وإنسها وبهائمها، وأخَّرَ عنده تسعًا وتسعين رحمة، أتقولون هو أضل أم بعيره؟».
رواه أبو داود عن علي بن نصر، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان، عن أبي عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله عز وجل، مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحمُ بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعًا وتسعين إلى يوم القيامة».
تفرد بإخراجه مسلم، فرواه من حديث سُلَيمان- هو ابن طِرْخان- وداود بن أبي هند كلاهما، عن أبي عثمان- واسمه عبد الرحمن بن مل- عن سلمان، هو الفارسي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن عاصم بن بَهْدَلَة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لله مائة رحمة، عنده تسعة وتسعون، وجعل عندكم واحدة تتراحمون بها بين الجن والإنس وبين الخلق، فإذا كان يوم القيامة ضمها إليه».
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله مائة رحمة، فقسم منها جزءًا واحدًا بين الخلق، فيه يتراحم الناس والوحش والطير».
ورواه ابن ماجه من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سعد أبو غَيْلان الشيباني، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن صلة بن زُفَر، عن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الفاجرُ في دينه، الأحمق في معيشته. والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الذي قد مَحَشته النار بذنبه. والذي نفسي بيده، ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه».
هذا حديث غريب جدا، وسعد هذا لا أعرفه.
وقوله: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الآية، يعني: فسأوجب حُصُول رحمتي مِنَّةً مني وإحسانا إليهم، كما قال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]
وقوله: {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي: سأجعلها للمتصفين بهذه الصفات، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يتقون، أي: الشرك والعظائم من الذنوب.
{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} قيل: زكاة النفوس. وقيل: زكاة الأموال. ويحتمل أن تكون عامة لهما؛ فإن الآية مكية {وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} أي: يصدقون.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال