سورة الأعراف / الآية رقم 178 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ سَاءَ مَثَلاً القَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ المُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{والذين يُمَسّكُونَ بالكتاب} {يُمَسّكُونَ} أبو بكر والإمساك والتمسيك والتمسك الاعتصام والتعلق بشيء {وَأَقَامُواْ الصلاة} خص الصلاة مع أن التمسك بالكتاب يشتمل على كل عبادة لأنها عماد الدين و{الذين} مبتدأ والخبر {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المصلحين} أي إنا لا نضيع أجرهم. وجاز أن يكون مجروراً عطفاً على {الذين يَتَّقُونَ} و{إِنَّا لاَ نُضِيعُ} اعتراض {وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ} واذكروا إذا قلعناه ورفعناه كقوله {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور} [البقرة: 63] {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} هي كل ما أظلك من سقيفة أو سحاب {وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} وعلموا أنه ساقط عليهم، وذلك أنهم أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لغلظها وثقلها فرفع الله الطور على رؤوسهم مقدار عسكرهم وكان فرسخاً في فرسخ. وقيل لهم: إن قبلتموها بما فيها وإلا ليقعن عليكم. فلما نظروا إلى الجبل خر كل رجل منهم ساجداً على حاجبه الأيسر وهو ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل فرقاً من سقوطه، فلذلك لا ترى يهودياً يسجد على حاجبه الأيسر ويقولون هي السجدة التي رفعت عنا بها العقوبة، وقلنا لهم {خُذُواْ مَا ءاتيناكم} من الكتاب {بِقُوَّةٍ} وعزم على احتمال مشاقه وتكاليفه {واذكروا مَا فِيهِ} من الأوامر والنواهي ولا تنسوه {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ما أنتم عليه.
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءادَمَ} أي واذكروا إذ أخذ {مِن ظُهُورِهِمْ} بدل من {بَنِى ءادَمَ} والتقدير: وإذ أخذ ربك من ظهور بني آدم {ذُرّيَّتُهُم} ومعنى أخذ ذرياتهم من ظهورهم إخراجهم من أصلاب آبائهم {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَا} هذا من باب التمثيل، ومعنى ذلك أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم التي ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الهدى والضلالة، فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم وقال لهم: ألست بربكم؟ وكأنهم قالوا: بلى أنت ربنا شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيتك {أَن تَقُولُواْ} مفعول له أي فعلنا ذلك من نصب الأدلة الشاهدة على صحتها العقول كراهة أن يقولوا {يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافلين} لم ننبه عليه {أَوْ تَقُولُواْ} أو كراهة أن يقولوا {إِنَّمَا أَشْرَكَ ءابَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرّيَّةً مّن بَعْدِهِمْ} فاقتدينا بهم لأن نصب الأدلة على التوحيد وما نبهوا عليه قائم معهم فلا عذر لهم في الإعراض عنه والاقتداء بالآباء، كما لا عذر لآبائهم في الشرك وأدلة التوحيد منصوبة لهم {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المبطلون} أي كانوا السبب في شركنا لتأسيسهم الشرك وتركه سنة لنا {وكذلك} ومثل ذلك التفصيل البليغ {نُفَصّلُ الآيات} لهم {وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن شركهم نفصلها.
إلى هذا ذهب المحققون من أهل التفسير، منهم الشيخ أبو منصور والزجاج والزمخشري، وذهب جمهور المفسرين إلى أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من ظهر آدم مثل الذر وأخذ عليهم الميثاق أنه ربهم بقوله {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} فأجابوه ب {بلى}. قالوا: وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أخرج الله من ظهر آدم ذريته وأراه أياهم كهيئة الذر وأعطاهم العقل وقال: هؤلاء ولدك آخذ عليهم الميثاق أن يعبدوني. قيل: كان ذلك قبل دخول الجنة بين مكة والطائف. وقيل: بعد النزول من الجنة. وقيل: في الجنة. والحجة للأولين أنه قال: {مِن بَنِى ءادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ} ولم يقل من ظهر آدم، ولأنا لا نتذكر ذلك فأنى يصير حجة. {ذرياتهم} مدني وبصري وشامي {أَن تَقُولُواْ} {أَوْ تَقُولُواْ}: أبو عمرو.
{واتل عَلَيْهِمْ} على اليهود {نَبَأَ الذى ءاتيناه ءاياتنا} هو عالم من علماء بني إسرائيل وقيل: هو بلعم بن باعوراء أوتي علم بعض كتب الله {فانسلخ مِنْهَا} فخرج من الآيات بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره {فَأَتْبَعَهُ الشيطان} فلحقه الشيطان وأدركه وصار قريناً له {فَكَانَ مِنَ الغاوين} فصار من الضالين الكافرين. روي أن قومه طلبوا منه أن يدعو على موسى ومن معه فأبى فلم يزالوا به حتى فعل وكان عنده اسم الله الأعظم.
{وَلَوْ شِئْنَا لرفعناه} إلى منازل الأبرار من العلماء {بِهَا} بتلك الآيات {ولكنه أَخْلَدَ إِلَى الأرض} مال إلى الدنيا ورغب فيها {واتبع هَوَاهُ} في إيثار الدنيا ولذاتها على الآخرة ونعيمها {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكلب إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ} أي تزجره وتطرده {يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ} غير مطرود {يَلْهَثْ} والمعنى فصفته التي هي مثل في الخسة والضعة كصفة الكلب في أخس أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به، سواء حمل عليه أي شد عليه وهيج فطرد، أو ترك غير متعرض له بالحمل عليه، وذلك أن سائر الحيوان لا يكون منه اللهث إلا إذا حرك، أما الكلب فيلهث في الحالين فكان مقتضى الكلام أن يقال: ولكنه أخلد إلى الأرض فحططناه ووضعناه منزلته، فوضع هذا التمثيل موضع فحططناه أبلغ حط. ومحل الجملة الشرطية النصب على الحال كأنه قيل: كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة لاهثاً في الحالين. وقيل: لما دعا بلعم على موسى خرج لسانه فوقع على صدره وجعل يلهث كما يلهث الكلب. وقيل: معناه هو ضال وعظ أو ترك. وعن عطاء: من علم ولم يعمل فهو كالكلب ينبح إن طرد أو ترك {ذلك مَثَلُ القوم الذين كَذَّبُواْ بئاياتنا} من اليهود بعد أن قرءوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة وذكر القرآن المعجز وما فيه وبشروا الناس باقتراب مبعثه {فاقصص القصص} أي قصص بلعم الذي هو نحو قصصهم {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} فيحذرون مثل عاقبته إذا ساروا نحو سيرته {سَاء مَثَلاً القوم الذين كَذَّبُواْ بئاياتنا} هي مثل القوم فحذف المضاف، وفاعل {سَاء} مضمر أي ساء المثل مثلاً.
وانتصاب {مَثَلاً} على التمييز {وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} معطوف على {كَذَّبُواْ} فيدخل في حيز الصلة أي الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم، أو منقطع عن الصلة أي وما ظلموا إلا أنفسهم بالتكذيب، وتقديم المفعول به للاختصاص أي وخصوا أنفسهم بالظلم لم يتعد إلى غيرها {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدى} حمل على اللفظ {وَمَن يُضْلِلِ} أي ومن يضلله {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} حمل على المعنى، ولو كان الهدي من الله البيان كما قالت المعتزلة، لاستوى الكافر والمؤمن إذ البيان ثابت في حق الفريقين فدل أنه من الله تعالى التوفيق والعصمة والمعونة، ولو كان ذلك للكافر لاهتدى كما اهتدى المؤمن.
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الجن والإنس} هم الكفار من الفريقين المعروضون عن تدبر آيات الله، والله تعالى علم منهم اختيار الكفر فشاء منهم الكفر وخلق فيهم ذلك وجعل مصيرهم جهنم لذلك. ولا تنافي بين هذا وبين قوله {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] لأنه إنما خلق منهم للعبادة من علم أنه يعبده، وأما من علم أنه يكفر به فإنما خلقه لما علم أنه يكون منه. فالحاصل أن من علم منه في الأزل أنه يكون منه العبادة خلقه للعبادة، ومن علم منه أن يكون منه الكفر خلقه لذلك، وكم من عامٍ يراد به الخصوص وقول المعتزلة بأن هذه لام العاقبة أي لما كان عاقبتهم جهنم جعل كأنهم خلقوا لها فراراً عن إرادة المعاصي عدول عن الظاهر {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} الحق ولا يتفكرون فيه {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا} الرشد {وَلَهُمْ ءاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا} الوعظ {أُوْلَئِكَ كالأنعام} في عدم الفقه والنظر الاعتبار والاستماع للتفكر {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} من الأنعام لأنهم كابروا العقول وعاندوا الرسول وارتكبوا الفضول، فالأنعام تطلب منافعها وتهرب عن مضارها وهم لا يعلمون مضارهم حيث اختاروا النار، وكيف يستوي المكلف المأمور والمخلى المعذور؟ فالآدمي روحاني شهواني سماوي أرضي، فإن غلب روحه هواه فاق ملائكة السماوات، وإن غلب هواه روحه فاقته بهائم الأرض {أُوْلَئِكَ هُمُ الغافلون} الكاملون في الغفلة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال