سورة البقرة / الآية رقم 109 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداًّ مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}
{وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب} وهم طائفة من أحبار اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم، ولو كنتم على الحق لما هزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم، رواه الواحدي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه. وروي أن فنحاص بن عازوراء وزيد بن قيس ونفرًا من اليهود قالوا ذلك لحذيفة رضي الله تعالى عنه من حديث طويل، ذكر الحافظ ابن حجر أنه لم يوجد في شيء من كتب الحديث.
{لَوْ يَرُدُّونَكُم} حكاية لودادتهم، وقد تقدم الكلام على لو هذه فأغنى عن الإعادة {مِن بَعْدِ إيمانكم كُفَّارًا} أي مرتدين، وهو حال من ضمير المخاطبين يفيد مقارنة الكفر بالرد فيؤذن بأن الكفر يحصل جرد الارتداد مع قطع النظر إلى ما يرد إليه، ولذا لم يقل لو يردونكم إلى الكفر، وجوز أن يكون حالًا من فاعل {وَدّ} واختار بعضهم أنه مفعول ثان ليردونكم على تضمين الرد معنى التصيير إذ منهم من لم يكفر حتى يرد إليه فحيتاج إلى التغليب كما في {لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] على أن في ذلك يكون الكفر المفروض بطريق القسر وهو أدخل في الشناعة، وفي قوله تعالى: {مِن بَعْدِ} مع أن الظاهر عن لأن الرد يستعمل بها تنصيص بحصول الإيمان لهم، وقيل: أورد متوسطًا لإظهار كمال فظاعة ما أرادوه وغاية بعده عن الوقوع إما لزيادة قبحه الصاد للعاقل عن مباشرته، وإما لممانعة الإيمان له كأنه قيل: من بعده إيمانكم الراسخ، وفيه من تثبيت المؤمنين ما لا يخفي.
{حَسَدًا} علة لِوَدّ لا ليردونكم لأنهم يودون ارتدادهم مطلقًا لا ارتدادهم المعلل بالحسد، وجوزوا أن يكون مصدرًا منصوبًا على الحال أي حاسدين ولم يجمع لأنه مصدر، وفيه ضعف لأن جعل المصدر حالًا كما قال أبو حيان لا ينقاس. وقيل: يجوز أن يكون منصوبًا على المصدر والعامل فيه محذوف يدل عليه المعنى أي حسدوكم حسدًا وهو كما ترى.
{مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} متعلق حذوف وقع صفة إما للحسد أي حسدًا كائنًا من أصل نفوسهم فكأنه ذاتي لها، وفيه إشارة إلى أن بلغ مبلغًا متناهيًا، وهذا يؤكد أمر التنوين إذا جعل للتكثير أو التعظيم، وإما للوداد المفهوم من {وَدّ} أي ودادًا كائنًا من عند أنفسهم وتشهيهم لا من قبل التدبر والميل إلى الحق، وجعله ظرفًا لغوًا معمولًا لِوَدّ أو {حسدًا} كما نقل عن مكي يبعده أنهما لا يستعملان بكلمة من كما قاله ابن الشجري.
{مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحق} بالنعوت المذكورة في التوراة والمعجزات وهذا كالدليل على تخصيص الكثير بالأحبار لأن التبين بذلك إنما كان لهم لا للجهال، ولعل من قال: إن الودادة من عوامهم أيضًا لئلا يبطل دينهم الذي ورثوه وتبطل رياسة أحبارهم الذين اعتقدوهم واتخذوهم رؤساء، فالمراد من الكثير جميعهم من كفارهم ومنافقيهم ويكون ذكره لإخراج من آمن منهم سرًا وعلانية يدعي أن التبين حصل للجميع أيضًا إلا أن أسبابه مختلفة متفاوتة وهذا هو الذي يغلب على الظن فإن من شاهد هاتيك المعجزات الباهرة والآيات الزاهرة يبعد منه كيفما كان عدم تبين الحق ومعرفة مطالع الصدق إلا أن الحظوظ النفسانية والشهوات الدنية والتسويلات الشيطانية حجبت من حجبت عن الإيمان وقيدت من قيدت في الخذلان.
{فاعفوا واصفحوا} العفو ترك عقوبة المذنب، والصفح ترك التثريب والتأنيب وهو أبلغ من العفو إذ قد يعفو الإنسان ولا يصفح، ولعله مأخوذ من تولية صفحة الوجه إعراضًا أو من تصفحت الورقة إذا تجاوزت عما فيها. وآثر العفو على الصبر على أذاهم إيذانًا بتمكين المؤمنين ترهيبًا للكافرين.
{حتى يَأْتِىَ الله بِأَمْرِهِ} هو واحد الأوامر؛ والمراد به الأمر بالقتال بقوله سبحانه: {قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الاخر} إلى {وَهُمْ صاغرون} [التوبة: 29] أو الأمر بقتل قريظة وإجلاء بني النضير، وقيل: واحد الأمور، والمراد به القيامة أو المجازاة يومها أو قوة الرسالة وكثرة الأمة، ومن الناس من فسر الصفح بالاعراض عنهم وترك مخالطتهم وجعل غاية العفو إتيان آية القتال وغاية الإعراض إتيان الله تعالى أمره، وفسره بإسلام من أسلم منهم كما قاله الكلبي وليس بشيء لأنه يستلزم أن يحمل الأمر على واحد الأوامر وواحد الأمور، وهو عند المحققين جمع بين الحقيقة والمجاز، وعن قتادة والسدي، وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أن الآية منسوخة بآية السيف، واستشكل ذلك بأن النسخ لكونه بيانًا لمدة الانتهاء بالنسبة إلى الشارع ودفعًا للتأبيد الظاهري من الإطلاق بالنسبة إلينا يقتضي أن يكون الحكم المنسوخ خاليًا عن التوقيت والتأبيد فإنه لو كان مؤقتًا كان الناسخ بيانًا له بالنسبة إلينا أيضًا ولو كان مؤبدًا كان بدءًا لا بيانًا بالنسبة إلى الشارع والأمر هاهنا مؤقت بالغاية وكونها غير معلومة يقتضي أن تكون آية القتال بيانًا لإجماله وبذلك تبين ضعف ما أجاب به الإمام الرازي وتبعه فيه كثيرون من أن الغاية التي يتعلق بها الأمر إذا كانت لا تعلم إلا شرعًا لم يخرج الوارد من أن يكون ناسخًا ويحل محل {فاعفوا واصفحوا} إلى أن أنسخه لكم فليس هذا مثل قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى اليل} [البقرة: 187] وأما تأييد الطيبي له بحكم التوراة والإنجيل لأنه ذكر فيهما انتهاء مدة الحكم بهما بإرسال النبي الأمي بنحو قوله تعالى: {الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبى الامى الذى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التوراة والإنجيل}
[الأعراف: 157] وكان ظهوره صلى الله عليه وسلم نسخًا فيرد عليه ما في التلويح من أن الواقع فيهما البشارة بشرع النبي صلى الله عليه وسلم، وإيجاب الرجوع إليه وذلك لا يقتضي توقيت الأحكام لاحتمال أن يكون الرجوع إليه باعتبار كونه مفسرًا أو مقررًا أو مبدلًا للبعض دون البعض فمن أين يلزم التوقيت بل هي مطلقة يفهم منها التأبيد فتبديلها يكون نسخًا؛ وأجيب عن الاستشكال بأنه لا يبعد أن يقال: إن القائلين بالنسخ أرادوا به البيان مجازًا أو يقال: لعلهم فسروا الغاية باماتتهم أو بقيام الساعة، والتأبيد إنما ينافي إطلاق الحكم إذا كان غاية للوجوب، وأما إذا كان غاية للواجب فلا، ويجري فيه النسخ عند الجمهور قاله مولانا الساليكوتي إلا أن الظاهر لا يساعده فتدبر.
{إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ} تذييل مؤكد لما فيهم من سابقه، وفيه إشعار بالانتقام من الكفار ووعد للمؤمنين بالنصرة والتمكين، ويحتمل على بعد أن يكون ذكرًا لموجب قبول أمره بالعفو والصفح وتهديدًا لمن يخالف أمره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال