سورة الأعراف / الآية رقم 206 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ وَإِن تَدْعُوَهُمْ إِلَى الهُدَى لاَ يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الغَافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}
{إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ} وهم ملائكة الملأ الأعلى، فالمراد من العندية القرب من الله تعالى بالزلفى والرضا لا المكانية لتنزه الله تعالى عن ذلك، وقيل: المراد عند عرش ربك {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} بل يؤدونها حسا أمروا به {وَيُسَبّحُونَهُ} أي ينزعونه عما لا يليق بحضرة كبريائه على أبلغ وجه {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} أي ويخصونه بغاية العبودية والتذلل لا يشركون به غيره جل شأنه، وهو تعريض ن عداهم من المكلفين كما يدل عليه تقديم {لَهُ} وجازات يؤخذ من مجموع الكلام كما آثره العلامة الطيبي لأنه تعليل للسابق على معنى ائتوا بالعبادة على وجه الاخلاص كما أمرتم فإن لم تأتوا بها كذلك فإنا مغنون عنكم وعن عبادتكم ان لنا عبادًا مكرمين من شأنهم كذا وكذا فالتقديم على هذا للفاصلة، ولما في الآية من التعريض شرع السجود عند هذه الآية ارغامًا لمن أبى ممن عرض به. قيل: وقد جاء الأمر بالسجدة لآية أمر فيها بالسجود امتثالًا للأمر، أو حكي فيها استنكاف الكفرة عنه مخالفة لهم، أو حكى فيها سجود نحو الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تأسيا بهم، وهذا من القسم الثاني باعتبار التعريض أو من القسم الأخير باعتبار التصريح، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده لذلك كما روي ابن أبي شيبة عن ابن عمر «اللهم لك سجد سوادي وبك آمن فؤادي اللهم ارزقني علمًا ينفعني وعملًا يرفعني» وأخرج أحمد. وأبو داود. والترمذي وصححه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن بالليل مرارًا «سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين» وجاء عنها أيضًا «ما من مسلم سجد لله تعالى سجدة إلا رفعه الله تعالى بها درجة أو حط عنه بها خطيئة أو جمعهما له كلتيهما» وأخرج مسلم. وابن ماجه. والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ ابن ردم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» واستدل بالآية على أن إخفاء الذكر أفضل، ويوافق ذلك ما أخرجه أحمد من قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الذكر الخفي» وهي ناعية على جهلة زماننا من المتصوفة ما يفعلونه مما يستقبح شرعًا وعقلًا وعرفًا فإنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة} وهي الروح {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَهِىَ القلب *لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} أي ليميل إليها ويطمئن فكانت الروح تشم من القلب نسائم نفحان الألطاف {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي جعامعها وهو إشارة إلى النكاح الروحاني والصوفية يقولون: إنه سائر في جميع الموجودات ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} في البداية بظهور أدنى أثر من آثار الصفات البشرية في القلب الروحاني {فَلَمَّا أَثْقَلَت} كبرت وكثرت آثار الصفات {دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا} لأنهما خافا من تبدل الصفات الروحانية النورانية بالصفات النفسانية الظلمانية {لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صالحا} للعبودية {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [الأعراف: 189] {فَلَمَّا ءاتاهما صَالِحًا} بحسب الفطرة من القوى {جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتاهما} [الأعراف: 190] أي جعل أولادهما لله تعالى شركاء فيما آتي أولادهما فمنهم عبد البطن ومنهم عبد الخميصة ومنهم من عبد الردهم والدينار {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله} كائنًا ما كان {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} في العجز وعدم التأثير {فادعوهم} إلى أي أمر كان {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صادقين} [الأعراف: 194] في نسبة التأثير إليهم {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} استفهام على سبيل الإنكار أي ليس لهم أرجل يمشون بها بل بالله عز وجل إذ هو الذي يمشيهم وكذا يقال فيها بعد {قُلِ ادعوا شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ} [الأعراف: 195] إن استطعتم {إِنَّ وَلِيّىَ الله} حافظي ومتولي أمري {الذى نَزَّلَ الكتاب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين} [الأعراف: 196] أي من قام به في حال الاستقامة {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198] الحق ولا حقيقتك لأنهم عمي القلوب في الحقيقة، والضمير للكفار {قُلِ العفو} أي السهل الذي يتيسر لهم ولا تكلفهم ما يشق عليهم {وَأْمُرْ بالعرف} أي بالوجه الجميل، {وَأَعْرِض عن الجاهلين} [الأعراف: 199] فلا تكافئهم بجهلهم. عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية قيل وذلك لقوة دلالتها على التوحيد فإن من شاهد مالك النواصي وتصرفه في عباده وكونهم فيما يأتون ويطرون به سبحانه وتعالى لا بأنفسهم لا يشاقهم ولا يداقهم في تكاليفهم ولا يغضب في الأمر والنهي ولا يتشدد ويحلم عنهم، {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} [الأعراف: 200] بالشهود والحضور فإنك ترى حينئذ أن لا فعل لغيره سبحانه، وهذا إشارة إلى ما يعتري الإنسان أحيانًامن الغضب وإيماء إلى علاجه بالاستعاذة قال بعضهم: إن الغضب إنما يهيج بالإنسان إذا استقبح من المغضوب عليه عملًا من الأعمال ثم اعتقد في نفسه كونه قادرًا وفي المغضوب عليه كونه عاجزًا، وإذا انكشف له نور من عالم العقل عرف أن المغضوب عليه إنما أقدم على ذلك العمل لأن الله تعالى خلق فيه داعية وقد سبقت عليه الكلمة الازلية فلا سبيل له إلى تركه وحينئذ يتغير غضبه. وقد ورد من عرف سر الله تعالى في القدر هانت عليه المصائب، الاستعاذة بالله تعالى في المعنى طلب الالتجاء إليه باستكشاف ذلك النور، {إِنَّ الذين اتقوا} الشرك {إِذَا مَسَّهُمْ طَئِفٌ مّنَ الشيطان} لمة منه بنسبة الفعل إلى غيره سبحانه وتعالى: {تَذَكَّرُواْ} مقام التوحيد ومشاهدة الأفعال من الله تعالى: {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] فعالية الله تعالى لا شيطان ولا فاعل غيره سبحانه في نظرهم {وإخوانهم} أي إخوان الشياطين من المحجوبين {يمدونهم} الشياطين في الغي وهو نسبة الفعل إلى سوى {ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] عن العناد والمراء والجدل، و{قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها} أي جمعتها من تلقاء نفسك {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحِى إِلَىَّ مِنْ رَبّى} [الأعراف: 203] لأني قائم به لا بنفسي {وَإِذَا قرئ القرءان فاستمعوا لَهُ} أي للقرآن بآذانكم الظاهرة {ونصتوا} بحواسكم الباطنة، وجوز أن يكون ضمير له للرب سبحانه، أي إذا قرئ القرآن فاستمعوا للرس جل شأنه فإنه المتكلم والمخاطب لكم به {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] بالسمع الحقيقي أو برحمة تجلي المتكلم في كلامه بصفاته وأفعاله {واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ} بأن تتحلى بما يمكن التحلي به من صفات الله تعالى، وقيل: هو على حد {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] {تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} حسب اختلاف المقام {وَدُونَ الجهر} أي دون أن يظهر ذلك منك بل تكون ذاكرًا به له {بالغدو} أي وقت ظهور نور الروح {والاصال} أي وقت غلبات صفات النفس {وَلاَ تَكُن} في وقت من الأوقات {مّنَ الغافلين} [الأعراف: 205] عن شهود الحدة الذاتية، وقال بعض الأكابر: إن قوله سبحانه: {واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} إشارة إلى أعلى المراتب وهو حصة الواصلين المشاهدين، وقوله سبحانه وتعالى: {وَدُونَ الجهر} إشارة إلى المرتبة الوسطى وهي نصيب السائرين إلى مقام المشاهدة، وقوله جل شأنه: {وَلاَ تَكُنْ مّنَ الغافلين} إيماء إلى مرتبة النازلين من السالكين، وفي ذكر الخوف اشعارء باستشعار هيبة الجلال كما قال:
أشتاقه فإذا بدا أطرقت من إجلاله *** لا خيفة بل هيبة وصيانة لجمالة
وذكروا أن حال المتدي والسالك منوطة برأي الشيخ فإنه الطبيب لأمراض القلوب فهو أعرف بالعلاج، فقد يرى له رفع الصوت بالذكر علاجًا حيث توقف قطع الخواطر وحديث النفس عليه، وفي عوارف المعارف للسهر وردي قدس سره لا يزال العبد يردد هذه الكلمة وسهلت على اللسان تشربها القلب ويصير الذكر حينئذ ذكر الذات، وهذا الذكر هو المشاهدة والمكاشفة والمعاينة، وذاك هو المقصد الأقصى من الخلوة، وقد يحصل ما ذكر بتلاوة القرآن أيضًا إذا أكثر التلاوة واجتهد في مواطأة القلب مع اللسان حتى تجري التلاوة على اللسان وتقوم مقام حديث النفس فيدخل على العبد سهولة في التلاوة والصلاة اه.
ونقل عنه أيضًا ما حاصله أن بنية العبد تحكي مدينة جامعة، وأعضاؤه وجوارحة ثابة سكان المدينة، والعبد في إقباله على الذكر كمؤذن صعد منارة على باب المدينة يقصد اسماع أهل المدينة الأذان، فالذكر المحقق يقصد إيقاظ قلبه وانباء أجزائه وأبعاضه بذكر لسانه فهو يقول ببعضه ويسمع بكله إلى أن تنتقل الكلمة من اللسان إلى القلب فيتنور بها ويظفر بجدوى الأحوال ثم ينعكس نور القلب على القالب فيتزين حاسن الأعمال اه.
{إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ} وهم الفانون الباقون به سبحانه وتعالى أرباب الاستقامة {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} لعدم احتجابهم بالانانية {وَيُسَبّحُونَهُ} بنفيها {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] بالفناء التام وطمس البقية والله تعالى هو الباقي ليس في الوجود سواه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال