سورة الأنفال / الآية رقم 36 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُـوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (37) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)}.
التفسير:
ومن ضلالات هؤلاء المشركين أنهم ينفقون أموالهم فيما يكيدون به لأنفسهم، ويصرفونها به عن الخير، ويوردونها به موارد الهلكة والبوار.
ومن عادة العقلاء ألا ينفقوا أموالهم ألا فيما يعود عليهم منه خير، يجدونه في أنفسهم، أو في أهليهم، أو في المجتمع الإنسانىّ، خاصة أو عامة.
أما أن يشترى الإنسان بماله ما يفسد حياته، ويغتال إنسانيته، ويدمّر وجوده، فذلك هو الذي لا يرى إلا في عالم المجانين والحمقى.
وهؤلاء المشركون قد بذلوا أموالهم في سخاء، وقدموها في رضى وغبطة، ليطفئوا بها نور اللّه الذي أرسله إليهم، وليخفتوا بها صوت الحق الذي بعثه اللّه ليؤذّن فيهم بآياته، فاشتروا بهذا المال الرجال والعتاد، وجعلوا من هذا جيشا جرارا ساروا به إلى النبىّ الكريم يوم بدر، يريدون القضاء عليه، وعلى الجماعة التي استجابت له، وآمنت باللّه وبرسوله.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.
هكذا فعل المشركون، وهكذا وجهوا المال الذي جعله اللّه في أيديهم.
{فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً}.
وفى التعبير بفعل المستقبل عما فعلوه في الماضي، تهديد ووعيد لهم، بأن الأموال التي سينفقونها فيما بعد على هذا الوجه الذي أنفقوه فيها في موقعة بدر- ستكون عليهم حسرة، وستجرّ عليهم الخزي والبلاء كما جرته عليهم أموالهم التي أنفقوها في تلك الموقعة.
حيث تذهب هذه الأموال من أيديهم، ثم تعود إليهم على هيئة رزايا ونكبات.
{ثُمَّ يُغْلَبُونَ} هو نذير لهم بما يلقاهم من مصير مشئوم، من هذا المال الذي أنفقوه، وانتظروا الثمر الجنىّ الطيب منه، بالنصر على المسلمين، واستئصالهم، وهذا ما لا يكون أبدا، ولن يكون إلا الهزيمة، وسوء المنقلب للمشركين.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}.
وليست الهزيمة وحدها هى التي تنتظر هؤلاء المشركين، بل سيكون العذاب الأليم في الآخرة هو مصير أولئك الذين يمضون في طريقهم هذا إلى النهاية، فلا يرجعون إلى اللّه، ولا ويؤمنون به وبرسوله.
وفى العطف بثم التي تفيد التراخي في قوله تعالى: {فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} وفى قوله سبحانه: {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} إشارة إلى أن الحسرة والهزيمة قد لا يكونان بعد كل مال ينفقونه، فقد يقع للمشركين في بعض مواقفهم من المسلمين ما يحسبونه نصرا، ويرونه وجها نافعا مثمرا لهذا المال الذي أنفقوه، كما كان في موقعة أحد.
ولكن العبرة في هذا بالموقعة الفاصلة، التي تنكس فيها راية الشرك إلى الأبد، ويخفت صوت المشركين إلى يوم الدين.. وذلك ما انتهى إليه الأمر بين المسلمين والمشركين، فقد دخل رسول اللّه- صلوات اللّه وسلامه عليه- يقود جيش الإسلام- دخل على الشرك في حصنه فاتحا مظفرا، فأجلى عن البيت الحرام ما احتشد فيه من أصنام وأنداد، وألقى بها في مسالك مكة ودروبها، تدوسها الأقدام، وتحيلها أشلاء ممزقة، يمر بها الناس كما يمرون بالجثث المتعفنة، يتساقط عليها الذباب، وترعى فيها الهوام والحشرات.
قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ}.
أي أن هذا الصراع الذي يقع بين الحق والباطل، ويدور بين المحقين والمبطلين، هو ابتلاء واختبار، تتبين به مواقف الناس، وتعرف به وجوههم، حيث يجتمع المؤمنون إلى المؤمنين، وينحاز المشركون إلى المشركين والضالين، ويوفى كلّ حسابه وجزاءه.
وفى قوله تعالى: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ}.
إشارة إلى أن مجتمع الكفر والضلال، مجتمع فاسد ليس لإنسان فيه ذاتية، يتميز فيها إنسان عن إنسان، بعقله، ومدركاته، ومشاعره، كما يتميز عقلاء الناس، كلّ بإدراكه وإحساسه وشعوره.. فهم أشبه بقطيع من الحيوان، ليس لأحدها في حقيقته ما يميزه عن غيره، إلا باللون أو الحجم، أما ما وراء ذلك فهى جميعها سواء فيه.. ومن هنا كان التعبير القرآنى:
{وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ} أي يخلط بعضه ببعض خلطا لا حساب فيه لشىء، ولا تقديم لشىء على شىء، وإنما حكمها جميعا حكم حزمة الحطب يحتويها حبل واحد.. ثم كان التعبير القرآن {فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} أي أن غاية هذا الجمع لتلك الجماعات الضالة هو إعدادها للوقود، وإلقاؤها في جهنم.
هكذا يفعل بالحطب حين يجمع، وحين يقدّم للوقود! وهكذا الخبيث من الأشياء، والنفاية من كل شىء، يلقى به.. بلا حساب ولا تقدير!.
وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} هو تهديد، ووعيد لهؤلاء المشركين الذين أخزاهم اللّه يوم بدر.. فإن يكن فيما حدث لهم يوم بدر موعظة وعبرة، فيؤمنوا باللّه، ويصدّقوا برسوله، ويصحبوا مؤمنين مع المؤمنين- إن يفعلوا ذلك قبلهم اللّه، وغفر لهم ما كان منهم من منكرات وآثام، وإن يعودوا إلى ما هم فيه من كفر وعناد، ومحادّة للّه ورسوله، فقد عرفوا ما سيحل بهم من عذاب اللّه لهم.. فتلك هى سنة اللّه في خلقه، وذلك هو حكمه على الظالمين الآثمين: الخزي والخذلان في الدنيا، والعذاب والنكال في الآخرة.. ولقد فتح اللّه باب التوبة والقبول لمن كان له مع نفسه مراجعة، وله إلى اللّه عودة.. فماذا ينتظر هؤلاء المشركون الذين ركبوا رؤوسهم، وأوشكوا أن يصبحوا في الهالكين؟.
وقوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
هو أمر للمسلمين، وبيان لموقفهم الذي يقفونه من المشركين، وهو الجدّ في قتالهم، وأخذهم بالبأساء والضراء حتى تنكسر شوكتهم، وتضعف قوتهم، فلا تكون لهم يد على المؤمنين، ولا قوة على الوقوف في سبيل اللّه، وصدّ الناس عنه، وفتنتهم في دينهم، وحتى يكون الدين كله للّه، لا شريك له مما يشرك به المشركون.
وهذا الأمر الموجه للمسلمين هو احتراس من أن يهادنوا المشركين، ويدعوا أمرهم إلى اللّه، ليقضى فيهم قضاءه الذي قضاه في الظالمين من قبلهم.
فهذا القضاء وإن كان واقعا لا محالة من قبل اللّه بأهل المنكر والضلال، إلا أنه مطلوب من أولياء اللّه أن يعملوا له، وأن يأخذوا بالأسباب المنفّذة لقضاء اللّه النافذ، ولحكمه الذي لا يردّ.. فذلك هو البلاء الذي ابتلى به المؤمنون، ليكون لإيمانهم أثره وثمرته التي يحصّلونها منه، وينالون الجزاء الحسن عليه.
وقوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} تأكيد لهذا الأمر الذي أمر اللّه به المسلمين، من الجدّ في جهاد المشركين، وأن اللّه مطلع على ما يكون منهم من بلاء في الاستجابة لهذا الأمر، وصدق في الوفاء به، حتى يكون من المشركين انتهاء عن محاربة اللّه، بعد أن يضربهم المسلمون الضربة القاضية.
وقوله سبحانه: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.
هو تطمين للمؤمنين، وتقوية لعزائمهم على مواجهة الكافرين، ولقائهم تحت راية القتال، إذا هم أصروا على ما هم فيه من كفر، ومن محادّة للّه ولرسوله وللمؤمنين.. فليثبت المؤمنون في موقفهم هذا من الكافرين، وليقاتلوهم قتالا لا هوادة فيه، حتى لا تكون فتنة ويكون الدّين كله للّه، واللّه سبحانه وتعالى يتولى المؤمنين، ويمدّهم بنصره وتأييده، ومن كان اللّه مولاه وناصره فلن يهن أبدا، ولن يخذل أبدا.
وقوله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} إما أن يكون صفة للّه سبحانه، وصف بها ذاته، وإما أن يكون مقولة للمؤمنين، يلقون بها هذا الفضل العظيم الذي فضل اللّه عليهم به، فيما آذنهم به في قوله: {فاعلموا أن الله مولاكم} ويكون هذا تلقينا من اللّه لهم، ولسان شكر يؤدون به للّه بعض ما وجب عليهم للّه، إزاء هذا العطاء الكريم الجزيل.
وإما أن يكون ذلك مقولة للوجود كله، نطق بها كل موجود، إذ سمع قول اللّه تعالى للمؤمنين: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} فسبح الوجود كله بحمد اللّه، ليكون له نصيبه من تلك الولاية، التي تولى بها اللّه المؤمنين من عباده.
{أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
فانضم الوجود كله إلى المؤمنين وشاركهم الاستماع إلى هذا الخطاب الكريم من رب كريم:
{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ} فقال الوجود كله: {نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال