سورة الأنفال / الآية رقم 41 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(41)}
ما سبب ذكر الغنيمة هنا؟. وما المناسبة؟. ونقول: إن الله سبحانه وتعالى يتحدث عن القتال. ونهاية كل معركة ينتصر فيها المسلمون يكون فيها غنائم.
وهذه مناسبة الحديث عن الغنائم، وبما أن الله سبحانه وتعالى يتحدث عن مدده للمؤمنين. وأنه ناصرهم، وأنه نعم النصير، ولكن الغنائم لا تجيء إلا نتيجة للنصر، فكأن الله يريد من المؤمنين أن يتأكدوا أن النصر سيكون من نصيبهم؛ بدليل أن الحديث انتقل إلى الغنائم. والغنيمة هي كل منقول يأخذه المسلم المقاتل من الكافر، والثابت أن الغنائم لم تكن تحل لأحد من الأنبياء قبل رسول الله صلى عليه وسلم.
ويقول الحق: {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41].
إذن فلله الخمس وتبقى أربعة أخماس توزع على المقاتلين. والخمس الذي هو لله كيف نقسمه؟
لقد ذكر القرآن أسلوب توزيع هذا الخمس بطريقة اختلف فيها العلماء؛ فالآية تقول: {فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41].
ثم تزيد: {وَلِذِي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: 41].
وقد قال بعض العلماء تمسكاً بظاهر الآية الكريمة: إن خمس الغنائم يوزع على من سماهم الله تعالى في كتابه العزيز وهم ستة:(الله، الرسول، ذو القربى، اليتامى، المساكين، ابن السبيل) فتكون الأسهم ستة، وجمهور العلماء على أنّ خمس الغنائم يقسم خمسة أسهم فيكون لله وللرسول سهم واحد لأنه لا يوجد فصل بين الله ورسوله، والأسهم الأربعة الباقية من هذا الخمس توزع على الأنواع الأربعة(ذي القربى- اليتامى- المساكين- ابن السبيل) لكل نوع منهم سهم.
واختلفوا أيضاً في معنى {وَلِذِي القربى} هل هم القربى من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ممن؟
ثم بعد ذلك جاء نصيب اليتامى والمساكين وابن السبيل فلم يحدث خلاف فيه- والخلاصة: أن الغنائم كلها تقسم خمسة أقسام خمسها لهؤلاء الخمسة وأربعة أخماسها الباقية للجيش المقاتل؛ لأن الله تعالى بين حكم الخمس وسكت عن الباقي فدل ذلك على أنه للغانمين ثم يقول الحق: {إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بالله} [الأنفال: 41].
وهم بطبيعة الحال الحال مؤمنون بالله، وكأن هذا القول جاء ليراجعوا إيمانهم إذا اعترضوا على هذا التقسيم. فإن طمع أحد منهم في الخمس الذي هو لله ورسوله ولم يقنع بأربعة الأخماس المقسمة- كما قال الله تعالى- يكون قد خدش إيمانه بمن أصدر هذا الأمر، وسبحانه هو الذي أنزل هذا التقسيم. فمن زاغ وتطلعت عينه إلى شيء فليرد هذا الزيغ؛ لأن الذي قسم هو الله الذي نصر المقاتلين. وإذا كان النصر هو الذي جاء بالغنائم، فالذي أعطى النصر هو الله سبحانه وتعالى، والنصر سبب من الله، وما يوهب للإنسان من الحق، على العبد أن يقبل فيه قسمة الله.
ومثال ذلك ما أراده الله للإنسان المسلم من حسن التصرف في ماله، فهو في حياته حر ويملك حق التصرف في هذا المال، واحتراماً لمشاعرك الاجتماعية والإنسانية والعاطفية في البيئة التي تحيا فيها، جعل الله لك الحق في الوصية بأن تخصص ثلث مالك لما تريد ومن تريد، فقد ترى أن هناك إنساناً من غير أقربائك وهو بطبيعة الحال لن يرثك، ولكنه خدمك في حياتك أو في مرضك أو في شيخوختك، وأنت تريد أن تترك شيئاً من ثروتك له، اعترافاً بجميله، أو لعل هناك أناساً من معارفك تعرف أنهم أحوج من أبنائك، فتخصص لهم بعضاً من المال، شرط ألا يتعدى الثلث، فيشاء الحق سبحانه وتعالى أن يضع للعواطف الإيمانية الإنسانية في الناس مجالاً، فترك لك الحرية في أن تتصرف في ثلث التركة ثم قسم سبحانه الثلثين على الورثة.
إذن فقول الحق تبارك وتعالى: {إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بالله} [الأنفال: 41].
أي أنه سبحانه قد جعل من الإيمان أن يتم توزيع الغنائم بالشكل الذي حدده الله عز وجل، ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان يَوْمَ التقى الجمعان} [الأنفال: 41].
والفرقان هو الشيء الذي يفرق بين الحق والباطل؛ فرقاً واضحاً بشدة بحيث يكون ظاهراً للجميع. وقد أطلق الله الفرقان على القرآن الكريم في سورة آل عمران فيقول تبارك وتعالى: {وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفرقان} [آل عمران: 3- 4].
فحينما أنزل الله تعالى التوراة والإنجيل جاءت التوراة لتفرق بين الحق والباطل، وأيضاً جاء الإنجيل ليفرق بين الحق والباطل، وشاء الله سبحانه وتعالى ألا تطلق كلمة (الفرقان) إلا على القرآن الكريم؛ لأن القرآن هو الفارق النهائي الذي لن يأتي فارق من بعده، فلن ينزل كتاب سماوي آخر.
{وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان} [الأنفال: 41].
الله سبحانه وتعالى يقصد هنا بيوم الفرقان يوم بدر الذي كان فرقاً بين حق وباطل؛ فرقاً لافتا للأنظار، وقد أخذت كلمة الفرقان المعنى العام وهو أن يفرق بين الحق والباطل، فالمسلمون كانوا قلة والكفار كانوا كثرة، والمسلمون كانوا خارجين للاستيلاء على القافلة والعير ولم يكن لديهم أي عدة أو عتاد للحرب، بينما استعد الكفار للحرب والقتال بالعدد والعتاد والفرسان، وكان المسلمون يتمنون أن تكون قافلة قريش لهم، وهي قافلة لا يحرسها إلا عدد قليل من الرجال، لا شوكة لهم، وأراد الحق تبارك وتعالى أن يواجه المسلمون وهم قلة جيشاً له شوكة أي له عدة وعتاد؛ لأن المسلمين ظنوا أن الاستيلاء على القافلة لن يستغرق منهم وقتا طويلا أو جهداً كبيراً، فحراس القافلة عدد محدود وبلا سلاح قوي. لكن شاء الله عز وجل أن يخوض المؤمنون المعركة وهم قلة وأن ينتصروا، حتى يعلم الجميع أن هذه القلة المؤمنة انتصرت بلا عددٍ ولا عُدَّة على من يملكون العدد والعدة، وبذلك يظهر الفرق بين الإيمان والكفر، وبين نصر الله وزيف الشيطان، ولو استولى المسلمون على قافلة قريش لقيل: إن أية مجموعة من المسلحين كانت تستطيع أن تنهب هذه القافلة، ولذلك لم يعطهم الله العير بل ابتلاهم بالنفير وهو الجيش الخارج من مكة بقصد الحرب وهو مستعد لها ليلفت النظر إلى هؤلاء المؤمنين الذين خرجوا بغير قصد الحرب وقد انتصروا على الكفار الذين خرجوا للحرب واستعدوا لها.
وكان المؤمنون ثلاثمائة وجيش الكفار ألفاً، فإذا جاء النصر، تأكد الكل أن كفة المؤمنين قد رجحت، وإذا تعجب أحد كيف ينتصر هذا العدد القليل غير المسلح على هذا العدد الكثير والمسلح، يمكن أن يرددوا قول الله تعالى: {والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: 41].
وهذه المشيئة الإلهية هي التي قلبت الموازين.
وفي أول سورة البقرة يحكي الحق سبحانه وتعالى لنا قصة طالوت وجالوت، ويروي كيف طلب بنو إسرائيل من نبي لهم أن تحدد السماء شخصاً يكون ملكاً عليهم، ليقودهم في معركة ضد طاغية اسمه جالوت؛ أخرجهم من ديارهم وشردهم، فلما جاء الأمر بأن يكون طالوت هو الملك، جادل بنو إسرائيل في قيادته لهم. {قالوا أنى يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المال} [البقرة: 247].
كانوا هم الذين طلبوا أن يكون لهم ملك، فلما جاء طالوت باختيار الله اعترضوا عليه. ثم خرج طالوت مع الذين اتبعوه وابتلاهم الله بنهر وهو عطاش، ويقول الحق سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بالجنود قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ} [البقرة: 249].
وابتلاهم الله سبحانه وتعالى بأن مروا على نهر وهم عطاش، وطلب منهم ألا يشربوا إلا أن يأخذ كل منهم قليلاً من الماء في كف يده ليرطب به فمه، فلما وصلوا إلى النهر، اندفعت أغلبيتهم ليعبوا ويشربوا ما شاء لهم، والأقلية فقط هي التي امتثلت لأمر الله تعالى ولم تشرب، وهؤلاء هم الذين بقوا مع طالوت وعبروا النهر، لكنهم حين رأوا جيش الأعداء، قالت أغلبيتهم ما جاء في القرآن الكريم وحكاه لنا: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والذين آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا اليوم بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} [البقرة: 249].
أي أنهم خافوا من مواجهة جيش جالوت ورفضوا القتال، إلا الأقلية منهم، وهكذا حدثت لهم التصفية مرتين بالاختيار والابتلاء؛ الأولى بالصبر على العطش، والثانية بمواجهة جيش العدو، وهذه هي الأقلية الصافية التي رسخ إيمانها، وقالوا ما جاء بالقرآن الكريم: {قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين} [البقرة: 249].
أي أن هذه الفئة المؤمنة التي بقيت والتي تخشى حساب الله في الآخرة لم تخفهم قلتهم ولا كثرة جنود جالوت، بل قالوا: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، وانتصروا بالفعل، وكان هذا فرقاناً ظاهراً من الله عز وجل.
وهنا يقول الحق تبارك وتعالى: {يَوْمَ الفرقان يَوْمَ التقى الجمعان} [الأنفال: 41].
أي يوم التقاء جمع المؤمنين وجمع الكفار، وتحقق نصر المؤمنين، رغم قلة العدد والعتاد. ولذلك يذيل الحق سبحانه وتعالى الآية بالقول الكريم: {والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: 41].
أي أن الله عز وجل قادر على أن ينصر المؤمنين وهم قلة وغير مستعدين للقتال.
ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك: {إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدنيا وَهُم بالعدوة القصوى والركب أَسْفَلَ مِنكُمْ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال