سورة البقرة / الآية رقم 114 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مساجد الله} نزلت في طيطوس بن إسيانوس الرومي وأصحابه وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتليهم وسبوا ذراريهم وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير وبقي خرابًا إلى أن بناه المسلمون في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وروى عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت في مشركي العرب منعوا المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام، وعلى الأول: تكون الآية معطوفة على قوله تعالى: {وَقَالَتِ النصارى} [البقرة: 113] عطف قصة على قصة تقريرًا لقبائحهم، وعلى الثاني: تكون اعتراضًا بأكثر من جملة بين المعطوف أعني {قَالُواْ اتخذ} [البقرة: 116] والمعطوف عليه أعني {قَالَتْ اليهود} [البقرة: 113] لبيان حال المشركين الذين جرى ذكرهم بيانًا لكمال شناعة أهل الكتاب فإن المشركين الذين يضاهونهم إذا كانوا أظلم الكفرة، وظاهر الآية العموم في كل مانع وفي كل مسجد وخصوص السبب لا يمنعه، و{أَظْلَمَ} أفعل تفضيل خبر عن من ولا يراد بالاستفهام حقيقته وإنما هو عنى النفي فيؤول إلى الخبر أي لا أحد أظلم من ذلك واستشكل بأن هذا التركيب قد تقرر في القرآن ك {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكّرَ بئايات رَبّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} [السجدة: 22] {فمن أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} [الأنعام: 144] {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بآيات الله} [الأنعام: 157] إلى غير ذلك فإذا كان المعنى على هذا لزم التناقض، وأجيب بالتخصيص إما بما يفهم من نفس الصلات أو بالنسبة إلى من جاء بعد من ذلك النوع ويؤول معناه إلى السبق في المانعية أو الافترائية مثلًا، واعترض بأن ذلك بعد عن مدلول الكلام ووضعه العربي وعجمة في اللسان يتبعها استعجام المعنى، فالأولى أن يجاب بأن ذلك لا يدل على نفي التسوية في الأظلمية وقصارى ما يفهم من الآيات أظلمية أولئك المذكورين فيها ممن عداهم كما أنك إذا قلت لا أحد أفقه من زيد وعمرو وخالد لا يدل على أكثر من نفي أن يكون أحد أفقه منهم، وإما أنه يدل على أن أحدهم أفقه من الآخر فلا، ولا يرد أن من منع مساجد الله مثلًا ولا يفتر على الله كذبًا أقل ظلمًا ممن جمع بينهما فلا يكون مساويًا في الأظلمية لأن هذه الآيات إنما هي في الكفار وهم متساوون فيها إذ الكفر شيء واحد لا يمكن فيه الزيادة بالنسبة لأفراد من اتصف به وإنما تمكن بالنسبة لهم ولعصاة المؤمنين بجامع ما اشتركوا فيه من المخالفة قاله أبو حيان، ولا يخفى ما فيه. وقد قال غير واحد إن قولك: من أظلم ممن فعل كذا إنكار لأن يكون أحد أظلم منه أو مساويًا له وإن لم يكن سبك التركيب متعرضًا لإنكار المساواة ونفيها إلا أن العرف الفاشي والاستعمال المطرد يشهد له فإنه إذا قيل من أكرم من فلان أو لا أفضل من فلان فالمراد به حتمًا أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل فلعل الأولى الرجوع إلى أحد الجوابين مع ملاحظة الحيثية وإن جعلت ذلك الكلام مخرجًا مخرج المبالغة في التهديد والزجر مع قطع النظر عن نفي المساواة أو الزيادة في نفس الأمر كما قيل به محكمًا العرف أيضًا زال الإشكال وارتفع القيل والقال فتدبر.
{أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسمه} مفعول ثان لمنع أو مفعول من أجله عنى منعها كراهية أن يذكر أو بدل اشتمال من {مساجد} والمفعول الثاني إذن مقدر أي عمارتها أو العبادة فيها أو نحوه أو الناس مساجد الله تعالى أو لا تقدير؛ والفعل متعدّ لواحد وكنى بذكر اسم الله تعالى عما يوقع في المساجد من الصلوات والتقربات إلى الله تعالى بالأفعال القلبية والقالبية المأذون بفعلها فيها.
{وسعى فِى خَرَابِهَا} أي هدمها وتعطيلها، وقال الواحدي: إنه عطف تفسير لأن عمارتها بالعبادة فيها {أولئك} الظالمون المانعون الساعون في خرابها. {مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ} اللام في {لَهُمْ} إما للاختصاص على وجه اللياقة كما في الجل للفرس، والمراد من الخوف الخوف من الله تعالى، وإما للاستحقاق كما في الجنة للمؤمن والمراد من الخوف الخوف من المؤمنين، وإما لمجرد الارتباط بالحصول، أي: ما كان لهم في علم الله تعالى وقضائه أن يدخلوها فيما سيجىء إلا خائفين والجملة على الأول: مستأنفة جواب لسؤال نشأ من قوله تعالى: {وسعى فِى خَرَابِهَا} كأنه قيل: فما اللائق بهم؟ والمراد من الظلم حينئذٍ وضع الشيء في غير موضعه. وعلى الثاني: جواب سؤال ناشىء من قوله سبحانه: {مِنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ} كأنه قيل: فما كان حقهم؟ والمراد من الظلم التصرف في حق الغير وعلى الثالث: اعتراض بين كلامين متصلين معنى، وفيه وعد المؤمنين بالنصرة وتخليص المساجد عن الكفار وللاهتمام بذلك وسطه وقد أنجز الله تعالى وعده والحمد لله؛ فقد روي أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى إلا متنكرًا مسارقة، وقال قتادة: لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا انتهك ضربًا، وأبلغ إليه في العقوبة، ولا نقض باستيلاء الأقرع، وبقاء بيت المقدس في أيدي النصارى أكثر من مائة سنة إلى أن استخلصه الملك صلاح الدين لأن الإنجاز يستدعي تحقيقه في وقت ما، ولا دلالة فيه على التكرار، وقيل: النفي عنى النهي ومعناه على طريق الكناية النهي عن التخلية والتمكين من دخولهم المساجد، وذلك يستلزم أن لا يدخلوها إلا خائفين من المؤمنين، فذكر اللازم وأريد الملزوم، ولا يخفى أن النهي عن التخلية والتمكين المذكور في وقت قوة الكفار ومنعهم المساجد لا فائدة فيه سوى الإشعار بوعد المؤمنين بالنصرة والاستخلاص منهم، فالحمل عليه من أول الأمر أولى، واختلف الأئمة في دخول الكفار المسجد، فجوّزه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه مطلقًا للآية فإنها تفيد دخولهم بخشية وخشوع ولأن وفد ثقيف قدموا عليه عليه الصلاة والسلام فأنزلهم المسجد، ولقوله صلى الله عليه وسلم:
«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن» والنهي محمول على التنزيه أو الدخول للحرم بقصد الحج، ومنعه مالك رضي الله تعالى عنه مطلقًا لقوله تعالى: {إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ} [التوبة: 28] والمساجد يجب تطهيرها عن النجاسات، ولذا يمنع الجنب عن الدخول وجوّزه لحاجة وفرق الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بين المسجد الحرام وغيره وقال: الحديث منسوخ بالآية، وقرأ عبد الله {إِلا} وهو مثل صيم.
{خَائِفِينَ لَهُمْ فِى الدنيا خِزْىٌ} أي عظيم بقتل أبطالهم وأقيالهم، وكسر أصنامهم، وتسفيه أحلامهم، وإخراجهم من جزيرة العرب التي هي دار قرارهم، ومسقط رؤوسهم، أو بضرب الجزية على أهل الذمة منهم {وَلَهُمْ فِى الاخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ} وهو عذاب النار لما أن سببه أيضًا، وهو ما حكى من ظلمهم كذلك في العظم وتقديم الظرف في الموضعين للتشويق لما يذكر بعده.
ومن باب الإشارة في الآية: ومن أبخس حظًا وأنقص حقًا ممن منع مواضع السجود لله تعالى وهي القلوب التي يعرف فيها فيسجد له بالفناء الذاتي أن يذكر فيها اسمه الخاص الذي هو الاسم الأعظم، إذ لا يتجلى بهذا الاسم إلا في القلب وهو التجلي بالذات مع جميع الصفات أو اسمه المخصوص بكل واحد منها، أي الكمال اللائق باستعداده المقتضي له وسعى في خرابها بتكديرها بالتعصبات وغلبة الهوى، ومنع أهلها بتهييج الفتن اللازمة لتجاذب قوى النفس، ودواعي الشيطان والوهم أولئك ما كان لهم أن يدخلوها ويصلوا إليها إلا خائفين منكسرين لظهور تجلي الحق فيها لهم في الدنيا خزي وافتضاح وذلة بظهور بطلان ما هم عليه ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهو احتجابهم عن الحق سبحانه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال