سورة الأنفال / الآية رقم 51 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ العِقَابِ إِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وَجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ العِقَابِ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49) وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51)}
{ياأيها الذين آمنوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً} أي جماعة كافرة {فاثبتوا} لقتالهم ولا تنهزموا {واذكروا الله كَثِيراً} أي ادعو الله بالنصر عليهم والظفر بهم، وقال قتادة: أمر الله بذكره أثقل ما يكونون عند الضراب بالسيوف {لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} تنجحون بالنصر والظفر {وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ} ولا تختلفوا {فَتَفْشَلُواْ} أي تخسروا وتضعفوا.
وقال الحسن: فتفشلوا بكسر الشين {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} قال مجاهد: نصركم وذهبت ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أُحد.
وقال السدي: جماعتكم وحدتكم، وقال مقاتل: حياتكم، وقال عطاء: جَلَدكم.
وقال يمان: غَلَبَتكم، وقال النضر بن شميل: قوتكم، وقال الأخفش: دولتكم، وقال ابن زيد: هو ريح النصر لم يكن نصر قط إلاّ بريح يبعثه الله في وجوه العدو، فإذا كان كذلك لم يكن لهم قوام، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور».
يقال للرجل إذا أقبلت الدنيا عليه بما يهواه: الريح اليوم لفلان.
قال عبيد بن الأبرص:
كما حميناك يوم النعف من شطب *** والفضل للقوم من ريح ومن عدد
وقال الشاعر:
يا صاحبي ألا لا حي بالوادي *** إلا عبيد وأم بين أذواد
أتنتظران قليلاً ريث غفلتهم *** أو تعدوان فإن الريح للعادي
أنشدني أبو القاسم المذكور قال: أنشدني أبا نصر بن منصور الكرجي الكاتب:
إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فإن لكلّ خافقة سكون
ولا يغفل عن الإحسان فيها *** فما تدري السكون متى يكون
قوله تعالى: {واصبروا إِنَّ الله مَعَ الصابرين * وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً} فخرا وأشَرِاً {وَرِئَآءَ الناس وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} معطوف على قوله: بطراً ورئاء الناس ومعناه ينظرون ويرون، إذ لا يعطف مستقبل على ماض، {والله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} وهؤلاء أهل مكّة خرجوا يوم بدر ولهم بغيٌ وفخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللّهمّ إن قريشاً أقبلت بفخرها وخيلائها ليحادك ورسولك».
قال ابن عباس: لمّا رأى أبو سفيان أنّه أحرز عيره أرسل إلى قريش أنّكم خرجتم لتمنعوا عليكم فقد نجاها الله فارجعوا فوافى الركب الذي فيه أبو سفيان ليأمروا قريشاً بالرجعة إلى مكّة فقال لهم: انصرفوا، فقال أبو جهل: والله لا ننصرف حتّى نرد بدراً وكان بدر موسماً من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام فنقيم بها ثلاثاً وننحر الجزر ونطعِم الطعام ونسقي الخمور ونعزف عليها القيان وتسمع بها العرب. فلا يزالون يهابوننا أبداً فوافوها فسُقوا كؤوس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان.
ونهى الله عباده المؤمنين بأن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النيّة والخشية في نصرة دينه وموأزرة نبيه صلى الله عليه وسلم {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ} وكانت الزينة لهم على ما قاله ابن عباس وابن إسحاق والسدي والكلبي وغيرهم: إن قريشاً لمّا أجمعت المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانة من الحرب التي بينها وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب، فكان ذلك أن يثبتهم، فجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته فتبدّى في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الشاعر الكناني، وكان من أشراف كنانة.
قال الشاعر:
يا ظالمي أنّى تروم *** ظلامتي والله من كل الحوادث خالي
{فَلَمَّا تَرَآءَتِ الفئتان} أي التقى الجمعان ورأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء وعلم أنّه لا طاقة له بهم {نَكَصَ على عَقِبَيْهِ}. قال الضحاك: ولّى مدبراً. قال النضر بن شميل: رجع القهقري على قفاه هارباً، وقال قطرب وابان بن ثعلبة: رجع من حيث جاء.
قال الشاعر:
نكصتم على أعقابكم يوم جئتمُ *** وتزجون أنفال الخميس العرمرم
وقال عبد الله بن رواحة: فلمّا رأيتم رسول الله نكصتم على أعقابكم هاربينا.
قال الكلبي: لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة بن كنانة آخذاً بيد الحرث بن هشام، فنكص على عقبيه وقال له الحرث: يا سراقة أين؟ أتخذلنا على هذه الحالة؟ فقال له {إني أرى مَا لاَ تَرَوْنَ} فقال: والله ما نرى إلا جواسيس يثرب. فقال: {إني أَخَافُ الله}.
قال الحرث: فهلاّ كان هذا أمس، فدفع في صدر الحرث فانطلق وانهزم الناس، فلمّا قدموا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال بلغني أنكم تقولون أني هزمت الناس، فوالله ماشعرت حتى بلغني هزيمتكم، فقالوا أما أتيتنا في يوم كذا فحلف لهم، فلمّا تابوا علموا أن ذلك كان الشيطان.
وقال الحسن في قوله: {أني أرى مالا ترون} فأتى إبليس جبرئيل معتجراً بردة يمشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده اللجام يقود الفرس ماركب.
سمعت أبا القاسم الحبيبي سمعت أبا زكريا العنبري، سمعت أبا عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي يقول أفخر بيت قيل في الإسلام قوله بغيض الأنصاري يوم بدر:
وببئر بدر إذ نردّ وجوههم *** جبريل تحت لوائنا ومحمد
وقال قتادة وابن إسحاق. قال إبليس: إني أرى مالا ترون وصدق الله في عدوّه، وقال: إني أخاف الله، وكذب عدوّ الله، والله ما به مخافة الله ولكن علم أنّه لا قوة له ولا منعة فأيّدهم وأسلمهم، وذلك عادة عدو الله لمن أطاعه، حتى إذا التقى الحق والباطل أسلمهم وتبرّأ منهم.
قال عطاء إني أخاف الله أن يهلكني فيمن هلك، وقال الكلبي: خاف أن يأخذه جبرئيل ويعرّفهم حاله فلا يطيعوه من بعد، وقال معناه: إني أخاف الله، أي أعلم صدق وعده لأوليائه لأنه على ثقة من أمره.
قال الاستاذ الامام أبو إسحاق، رأيت في بعض التفاسير: إني أخاف الله عليكم والله شديد العقاب.
قال بعضهم هذا حكاية عن إبليس، وقال أخرون: انقطع الكلام عند قوله: إني أخاف الله قال الله {والله شَدِيدُ العقاب}.
إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدجر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لمّا رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر»، وذلك أنه رأى جبرائيل وهو يزع الملائكة.
{إِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} شك ونفاق {غَرَّ هؤلاء دِينُهُمْ} يعني المؤمنين هؤلاء قوم بمكة مستضعفين حبسهم آباؤهم وأقرباؤهم من الهجرة، فلمّا خرجت قريش إلى بدر أخرجوهم كرهاً، فلمّا نظروا إلى حلة المسلمين ارتابوا وارتدّوا وقالوا: غرّ هؤلاء دينهم فقتلوا جميعاً منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان والحرث بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج والوليد بن عتبة وعمرو بن بن أمية، فلما قُتلوا مع المشركين ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم فذلك قوله تعالى: {وَلَوْ ترى} تعاين يا محمد {إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة} أي يقبضون أرواحهم ببدر {يَضْرِبُونَ} حال أي ضاربين {وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} قال سعيد بن جبير، ومجاهد: يريد أستاههم ولكن الله تعالى كريم يكني.
وقال مُرّة الهمذاني وابن جريج: وجوههم ما أقبل عنهم، وأدبارهم ما أدبر عنهم، وتقديره: يضربون أجسادهم كلها، وقال ابن عباس: كانوا إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولّوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم، وقال الحسن: «قال رجل: يا رسول الله رأيت بظهراني رجل مثل الشراك، قال: ذلك ضرب الملائكة» وقال الحسين بن الفضل: ضرب الوجه عقوبة كفرهم، وضرب الأدبار عقوبة معاصيهم.
{وَذُوقُواْ} فيه إضمار، أي ويقولون لهم ذوقوا {عَذَابَ الحريق} في الآخرة، ورأيت في بعض التفاسير: كان مع الملائكة مقامع من حديد كلمّا ضربوا التهب النار في الجراحات فذلك قوله تعالى: وذوقوا عذاب الحريق، ومعنى قوله ذوقوا: قاسوا واحتملوا. قال الشاعر:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجر *** من الغيظ في أكبادنا والتحوب
ويجوز ذوقوا بمعنى موضع الابتلاء والاختبار يقول العرب اركب هذا الفرس فذقه، وانظر فلاناً وذق ما عنده. قال الشماخ في وصف قوس:
فذاق وأعطاه من اللين جانباً *** كفى ولهاً أن يغرق السهم حاجز
وأصله من الذوق بالفم {ذلك بِمَا قَدَّمَتْ} كسبت وعملت {أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أخذهم من غير جزم، وفي محل {أنّ} وجهان من الاعراب: أحدهما النصب عطفاً على قوله: {بما قدمت} تقديره: وأن الله، والآخر: الرفع عطفاً على قوله: {ذلك} معناه: وذلك أن الله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال