سورة الأنفال / الآية رقم 63 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)}
{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} مع ما جبلوا عليه كسائر العرب من الحمية والعصبية والانطواء على الضغينة والتهالك على الانتقام بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان حتى صاروا بتوفيقه تعالى كنفس واحدة.
وقيل: إن الأنصار وهم الأوس والخزرج كان بينهم من الحروب ما أهلك ساداتهم ودق جماجمهم ولم يكن لبغضائهم أمد وبينهم التجاور الذي يهيج الضغائن ويديم التحاسد والتنافس فأنساهم الله تعالى ما كان بينهم فاتفقوا على الطاعة وتصافوا وصاروا أنصارًا وعادوا أعوانًا وما ذاك إلا بلطيف صنعه تعالى وبليغ قدرته جل وعلا. واعترض هذا القول بأنه ليس في السياق قرينة عليه. وأجيب بأن كون المؤمنين مؤيدًا بهم يشعر بكونهم أنصارًا ولا يخفى ضعفه ولا تجد له أنصارًا، وبالجملة ما وقع من التأليف من أبهر معجزاته عليه الصلاة والسلام {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الارض جَمِيعًا} أي لتأليف ما بينهم {مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} لتناهي عداوتهم وقوة أسبابها، والجملة استئناف مقرر لما قبله ومبين لعزة المطلب وصعوبة المأخذ، والخطاب لكل واقف عليه لأنه لا مبالغة في انتفاء ذلك من منفق معين، وذكر القلوب للإشعار بأن التأليف بينها لا يتسنى وإن أمكن التأليف ظاهرًا {ولكن الله} جلت قدرته {أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} قلبًا وقالبًا بقدرته البالغة {إِنَّهُ عَزِيزٌ} كامل القدرة والغلبة لا يستعصى عليه سبحانه شيء يما يريد {حَكِيمٌ} يعلم ما يليق تعلق الإرادة به فيوجده قتضى حكمته عز وجل، ومن آثار عزته سبحانه تصرفه بالقلوب الأبية المملوءة من الحمية الجاهلية، ومن آثار حكمته تدبير أمورهم على وجه أحدث فيهم التواد والتحاب فاجتمعت كلمتهم، وصاروا جميعًا كنانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذابين عنه بقوس واحدة، والجملة على ما قال الطيبي كالتعليل للتأليف هذا.
ومن باب الإشارة في الآيات: {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء} إلى قوله سبحانه: {والله شَدِيدُ العقاب} [الأنفال: 41 - 48] طبقه بعض العارفين على ما في الأنفس فقال: {واعلموا} أي أيها القوى الروحانية {أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء} من العلوم النافعة {فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} وهي كلمة التوحيد التي هي الأساس الأعظم للدين {وَلِلرَّسُولِ} الخاص وهو القلب {وَلِذِى القربى} الذي هو السر {واليتامى} من القوة النظرية والعملية {والمساكين} من القوى النفسانية {وابن السبيل} الذي هو النفس السالكة الداخلة في الغربة السائحة في منازل السلوك النائية عن مقرها الأصلي باعتبار التوحيد التفصيلي والأخماس الأربعة الباقية بعد هذا الخمس من الغنمية تقسم على الجوارح والأركان والقوى الطبيعية {وَقَالَ موسى ياقوم إِن} تعالى الإيمان الحقيقي جمعًا {وَمَا أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان} وقت التفرقة بعد الجمع تفصيلًا {يَوْمَ التقى الجمعان} من فريقي القوى الروحانية والنفسانية عند الرجوع إلى مشاهدة التفصيل في الجمع.
{والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} [الأنفال: 41] فيتصرف فيه حسب مشيئته وحكمته {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدنيا} أي القريبة من مدينة العلم ومحل العقل الفرقاني {وَهُم بالعدوة القصوى} أي البعيدة من الحق {والراكب} أي ركب القوى الطبيعية الممتارة {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ} معشر الفريقين {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ} اللقاء للمحاربة من طريق العقل دون طريق الرياضة {لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الميعاد} لكون ذلك أصعب من خرط القتاد {ولكن لّيَقْضِيَ الله أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} قدرًا محققًا فعل ذلك {لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ} وهي النفس الملازمة للبدن الواجب الفناء {وَيُحْىِ مَنْ حَىَّ عَن بَيّنَةٍ} [الأنفال: 42] وهي الروح المجردة المتصلة بعالم القدس الذي هو معدن الحياة الحقيقية الدائم البقاء، وبينة الأول تلك الملازمة وبينة الثاني ذلك التجرد والاتصال {إِذْ يُرِيكَهُمُ الله} أيها القلب {فِى مَنَامِكَ} وهو وقت تعطل الحواس الظاهرة وهدوء القوى البدنية {قَلِيلًا} أي قليل القدر ضعاف الحال {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} في حال غلبة صفات النفس {لَّفَشِلْتُمْ ولتنازعتم فِى الامر} أمر كسرها وقهرها لانجذاب كل منكم إلى جهة {ولكن الله سَلَّمَ} من الفشل والتنازع بتأييده وعصمته {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [الأنفال: 43] أي بحقيقتها فيثبت علمه بما فيها من باب الأولى {وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن ديارهم} وهم القوى النفسانية خرجوا من مقارهم وحدودهم {بَطَرًا} فخرًا وأشرًا {وَرِئَاء الناس} وإظهارًا للجلادة.
وقال بعضهم: حذر الله تعالى بهذه الآية أولياءه عن مشابهة أعدائه في رؤية غيره سبحانه: {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} [الأنفال: 47] وهو التوحيد والمعرفة {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان} أي شيطان الوهم {أعمالهم} في التغلب على مملكة القلب وقواه {وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس} أوهمهم تحقيق أمنيتهم بأن لا غالب لكم من ناس الحواس وكذا سائر القوى {وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ} أمدكم وأقويكم وأمنعكم من ناس القوى الروحانية {فَلَمَّا تَرَاءتِ الفئتان نَكَصَ على عَقِبَيْهِ} لشعوره بحال القوى الروحانية وغلبتها لمناسبته إياها من حيثية إدراك المعاني {وَقَالَ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ} لأني لست من جنسكم {إِنّي أرى مَا لاَ تَرَوْنَ} من المعاني ووصول المدد إليهم من سماء الروح وملكوت عالم القدس {إِنّى أَخَافُ الله} سبحانه لشعور ببعض أنواره وقهره، وذكر الواسطي بناءً على أن المراد من الشيطان الظاهر، أن اللعين ترك ذنب الوسوسة إذ ذاك لكن ترك الذنب إنما يكون حسنًا إذا كان إجلالًا وحياءً من الله تعالى لا خوفًا من البطش فقط وهو لم يخف إلا كذلك {والله شَدِيدُ العقاب} [الأنفال: 48] إذ صفاته الذاتية والفعلية في غاية الكمال اه بأدنى تغيير وزيادة.
وذكر أن الفائدة في مثل هذا التأويل تصوير طريق السلوك للتنشيط في الترقي والعروج {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ} وهم الذين غلبت عليهم صفات النفس {الملائكة} أي ملائكة القهر والعذاب {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ} لإعراضهم عن عالم الأنوار ومزيد الكبر والعجب {وأدبارهم} لميلهم إلى عالم الطبيعة ومضاعف الشهوة والحرص ويقولون لهم {ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق} [الأنفال: 50] وهو عذاب الحرمان وفوات المقصود {ذلك بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيّرًا نّعْمَةً أَنْعَمَهَا على قَوْمٍ حتى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53] أي حتى يفسدوا استعدادهم فلا تبقى لهم مناسبة للخير وحينئذٍ يغير سبحانه النعمة إلى النقمة لطلبهم إياها بلسان الاستعداد وإلا فالله تعالى أكرم من أن يسلب نعمة شخص مع بقاء استحقاقها فيه.
{إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ} لجهلهم بربهم وعصيانهم له دون سائر الدواب {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنفال: 50] لغلبة شقاوتهم ومزيد عتوهم وغيهم {الذين عاهدت مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلّ مَرَّةٍ} من مرات المعاهدة لأن ذلك شنشنة فيهم مع مولاهم، ألا ترى كيف نقضوا عهد التوحيد الذي أخذ منهم في منزل: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} [الأعراف: 172] {وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ} [الأنفال: 56] العار ولا النار {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] قال أبو علي الروزباري: القوة هي الثقة بالله تعالى، وقال بعضهم: هي الرمي بسهام التوجه إلى الله تعالى عن قسي الخضوع والاستكانة {هُوَ الذى أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} الذي لم يعهد مثله {وبالمؤمنين} [الأنفال: 62] بجذبها إليه تعالى وتخليصها مما يوجب العداوة والبغضاء، أو لكشفه سبحانه لها عن حجب الغيب حتى تعارفوا فيه والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الارض جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} لصعوبة الأمر وكثافة الحجاب {ولكن الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 63] والتأليف من آثار ذلك والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال