سورة الأنفال / الآية رقم 75 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

الأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفالالأنفال




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ختم الله سبحانه هذه السورة بذكر الموالاة ليعلم كل فريق وليه الذي يستعين به، وسمى سبحانه المهاجرين إلى المدينة بهذا الاسم، لأنهم هجروا أوطانهم وفارقوها طلباً لما عند الله، وإجابة لداعيه {والذين ءاوَواْ وَّنَصَرُواْ} هم الأنصار، والإشارة بقوله: {أولئك} إشارة إلى الموصول الأوّل والآخر، وهو مبتدأ وخبره الجملة المذكورة بعده، ويجوز أن يكون {بَعْضُهُمْ} بدلاً من اسم الإشارة، والخبر {أَوْلِيَاء بَعْضٍ} أي: بعضهم أولياء بعض في النصرة والمعونة، وقيل المعنى: إن بعضهم أولياء بعض في الميراث.
وقد كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة، ثم نسخ ذلك بقوله سبحانه: {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ}.
قوله: {والذين ءامَنُواْ} مبتدأ، وخبره {مَا لَكُم مّن ولايتهم مّن شَئ}. قرأ يحيى بن وثاب والأعمش، وحمزة {من ولايتهم} بكسر الواو. وقرأ الباقون بفتحها، أي ما لكم من نصرتهم وإعانتهم، أو من ميراثهم، ولو كانوا من قراباتكم لعدم وقوع الهجرة منهم {حتى يُهَاجِرُواْ} فيكون لهم ما كان للطائفة الأولى الجامعين بين الإيمان والهجرة {وَإِنِ استنصروكم} أي: هؤلاء الذين آمنوا ولم يهاجروا، إذا طلبوا منكم النصرة لهم على المشركين {فَعَلَيْكُمُ النصر} أي: فواجب عليكم النصر {إِلا} أن يستنصروكم {على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ} فلا تنصروهم ولا تنقضوا العهد الذي بينكم وبين أولئك القوم، حتى تنقضي مدته. قال الزجاج: ويجوز فعليكم النصر بالنصب على الإغراء.
قوله: {والذين كَفَرُواْ} مبتدأ خبره {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} أي: بعضهم ينصر بعضاً ويتولاه في أموره، أو يرثه إذا مات، وفيه تعريض للمسلمين بأنهم لا يناصرون الكفار ولا يتولونهم، قوله: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ} الضمير يرجع إلى ما أمروا به قبل هذا من موالاة المؤمنين ومناصرتهم على التفصيل المذكور، وترك موالاة الكافرين {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأرض} أي: تقع فتنة إن لم تفعلوا ذلك {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} أي: مفسدة كبيرة في الدين والدنيا، ثم بيّن سبحانه حكماً آخر يتعلق بالمؤمنين المهاجرين المجاهدين في سبيل الله والمؤمنين الذين آووا من هاجر إليهم ونصروهم وهم الأنصار، فقال: {أُوْلئِكَ هُمُ المؤمنون حَقّاً} أي: الكاملون في الإيمان، وليس في هذا تكرير لما قبله فإنه وارد في الثناء على هؤلاء، والأوّل وارد في إيجاب الموالاة والنصرة، ثم أخبر سبحانه أن {لَهُمْ} منه {مَغْفِرَةٍ} لذنوبهم في الآخرة ولهم في الدنيا {رّزْقٌ كَرِيمٌ} خالص عن الكدر طيب مستلذ. ثم أخبر سبحانه بأن من هاجر بعد هجرتهم وجاهد مع المهاجرين الأوّلين والأنصار فهو من جملتهم، أي من جملة المهاجرين الأوّلين والأنصار في استحقاق ما استحقوه من الموالاة والمناصرة، وكمال الإيمان والمغفرة والرزق الكريم، ثم بيّن سبحانه بأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض من غيرهم ممن لم يكن بينه وبينهم رحم في الميراث، والمراد بهم القرابات فيتناول كل قرابة.
وقيل المراد بهم هنا: العصبات، قالوا: ومنه قول العرب: وصلتك رحم، فإنهم لا يريدون قرابة الأم. قالوا: ومنه قول قتيلة:
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه *** لله أرحام هناك تشقق
ولا يخفاك أنه ليس في هذا ما يمنع من إطلاقه على غير العصبات، وقد استدل بهذه الآية من أثبت ميراث ذوي الأرحام، وهم من ليس بعصبة ولا ذي سهم على حسب اصطلاح أهل علم المواريث، والخلاف في ذلك معروف مقرر في مواطنه.
وقد قيل: إن هذه الآية ناسخة للميراث بالموالاة والنصرة عند من فسر ما تقدّم من قوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} وما بعده بالتوارث، وأما من فسرها بالنصرة والمعونة فيجعل هذه الآية إخباراً منه سبحانه وتعالى بأن القرابات {بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله} أي: في حكمه، أو في اللوح المحفوظ، أو في القرآن، ويدخل في هذه الأولوية الميراث دخولاً أوّلياً لوجود سببه، أعني القرابة {أَنَّ الله بِكُلّ شَئ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء من الأشياء كائناً ما كان، ومن جملة ذلك ما تضمنته هذه الآيات.
وقد أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس، في قوله: {إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ} الآية قال: إن المؤمنين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث منازل، منهم المؤمن المهاجر المباين لقومه، وفي قوله: {والذين ءاوَواْ وَّنَصَرُواْ} قال: آووا ونصروا وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة، وشهروا السيوف على من كذب وجحد، فهذان مؤمنان جعل الله بعضهم أولياء بعض، وفي قوله: {والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُوا} قال: كانوا يتوارثون بينهم إذا توفى المؤمن المهاجر بالولاية في الدين، وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر، فبرّأ الله المؤمنين المهاجرين من ميراثهم، وهي الولاية التي قال: {مَا لَكُم مّن ولايتهم مّن شَئ حتى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ استنصروكم فِى الدين فَعَلَيْكُمُ النصر إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثاق} كان حقاً على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قوتلوا إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق، فلا نصر لهم عليهم إلا على العدوّ الذي لا ميثاق لهم، ثم أنزل الله بعد ذلك أن ألحق كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين آمنوا {والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُوا} فجعل لكل إنسان من المؤمنين نصيباً مفروضاً، لقوله: {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} الآية، وفي رواية لابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس، في قوله: {أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} قال: يعني في الميراث جعل الله الميراث للمهاجرين والأنصار دون الأرحام {والذين آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ} ما لكم من ميراثهم من شيء {حتى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ استنصروكم فِى الدين} يعني: إن استنصر الأعراب المسلمون المهاجرين والأنصار على عدوّ لهم، فعليهم أن ينصروهم إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق، فكانوا يعملون على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية: {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} فنسخت الآية التي قبلها، وصارت المواريث لذوي الأرحام.
وأخرج أبو عبيد، وأبو داود، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه أيضاً في هذه الآيات قال: كان المهاجر لا يتولى الأعرابي ولا يرثه وهو مؤمن، ولا يرث الأعرابي المهاجر، فنسختها هذه الآية {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عنه، أيضاً قال: قال رجل من المسلمين: لنورثنّ ذوي القربى منا من المشركين، فنزلت: {والذين كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأرض وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}.
وأخرج أحمد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهاجرون بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة».
وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أسامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتوارث أهل ملتين، ولا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً، ثم قرأ: {والذين كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} الآية».
وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن الزبير بن العوام قال: أنزل الله فينا خاصة معشر قريش {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله} وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعم الإخوان. فواخيناهم ووارثناهم فآخونا، فآخى أبو بكر خارجة بن زيد، وآخى عمر فلاناً، وآخى عثمان بن عفان رجلاً من بني زريق بن أسعد الزرقي، قال الزبير: وآخيت أنا كعب بن مالك، ووارثونا ووارثناهم، فلما كان يوم أحد قيل لي: قد قتل أخوك كعب بن مالك، فجئته فانتقلته فوجدت السلاح قد ثقلته فيما يرى، فوالله يا بنيّ لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري، حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار، فرجعنا إلى مواريثنا.
وأخرج أبو داود الطيالسي، والطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورّث بعضهم من بعض، حتى نزلت هذه الآية: {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال