سورة التوبة / الآية رقم 17 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَاتِلُوَهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئَكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (16) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (17) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} هو تنبيه للمؤمنين إلى أن الإيمان ليس مجرد عقيدة يعتقدها المؤمن، في اللّه وكتبه ورسله، ثم يعيش بهذه المعاني مضمرة في كيانه، كما تضمر الحبة في باطن الأرض، لا يصيبها وابل أو طلّ، ولا يحركها شوق إلى كشف وجهها، ومصافجة أضواء الوجود.. وإنما الإيمان هو وصل هذه الحقائق بالحياة، وصوغها في صورة سلوك وأعمال، من عبادات ومعاملات، ومن جهاد في سبيل اللّه، وحماية لراية الإيمان أن تسقطها يد البغاة المعتدين، من أهل الشرك والضلال.
فللإيمان أعباؤه وتكاليفه، وفى الوفاء بهذه الأعباء وتلك التكاليف، تتحد مواقف المؤمنين، وتكون منازلهم ودرجاتهم.
وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا} استبعاد لهذا الشعور الذي يداخل بعض المؤمنين من أن يكون حسبهم من إيمانهم ما تنطوى عليه صدورهم من حقائقه.. وكلّا فإنهم مبتلون بما يكشف عن معدن هذا الإيمان الذي في قلوبهم.. وفى هذا يقول اللّه تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} [1- 3: العنكبوت].
ففى الإيمان شريعة، وفى الشريعة أوامر ونواه، والمؤمن مطالب بأن يمتثل الأوامر ويأتيها، ويتجنب النواهي ويحذر التلبس بها.. إن الإيمان عقيدة وعمل.. وإنه لا معتبر لعقيدة إذا لم يزكّها العمل، ويحقق المعاني المضمرة فيها.
وفى وقوله سبحانه: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ} ما يكشف عن تبعات المؤمنين. أي أحسبتم أيها المؤمنون أن تتركوا هكذا من غير ابتلاء واختبار، حتى يكون ذلك موضع علم واقع منكم، من جهاد في سبيل اللّه وابتلاء في أموالكم وأنفسكم.. بمعنى أنه لم يظهر منهم بعد هذا العمل، ولم يدخلوا في تلك التجربة، ويصبروا على ما يصيبهم منها.. أما علم اللّه سبحانه وتعالى فهو علم شامل لكل ما وقع وما لم يقع.. فالمراد بعلم اللّه هنا، هو علمه الواقع على حال المؤمنين في هذا الوقت الذي يخاطبون فيه بهذا الخطاب.
وفى قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ}.
إشارة إلى أن علم اللّه وإن كان محيطا بكل شىء، قبل أن يقع.. من المكلفين إلا أن المكلفين لا يحاسبون على ما يقع منهم إلا بعد أن يقع.. وبهذا يحاسب المكلّف على ما وقع منه فعلا، وصار علما واقعا له، بعد أن كان في علم اللّه.
وقوله تعالى: {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} معطوف على قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ}.
والوليجة: الملجأ، والمعتمد، الذي يلجأ إليه الإنسان، ويتخذ منه جنّة ووقاية له.. والمعنى، أن المطلوب من المؤمن هو الجهاد في سبيل اللّه، وموالاة اللّه ورسوله والمؤمنين، والاعتماد على كفاية اللّه ورسوله والمؤمنين له، دون أن يقوم بينه وبين المشركين ولاء، فلا يدخل معهم في خلف، ولا يلج لهم أمرا يلتمس منه خيرا لنفسه، أو سلامة مما يتوقّع من بلاء.. فإذا لم يقع منه هذا، لم يكن أهلا لأن يدخل الجنّة التي وعدها اللّه المتقين من عباده.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} تحذير للمؤمنين الذين في صدورهم شيء من هذه المشاعر، التي تقيم بينهم وبين المشركين صلة على حساب دينهم، أو على حساب الجماعة الإسلامية، وأمنها وسلامتها.
قوله تعالى: {ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ} هو بيان لبعض الحكمة فيما أمر اللّه به المسلمين في شأن المشركين، وقتالهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم.. كما جاء ذلك في أول السورة.. ثم هو إيذان لما سيأتى بعد ذلك من أمر في ألا يقرب المشركون المسجد الحرام بعد عامهم الذي أنذروا فيه، ببراءة اللّه ورسوله منهم، وفى هذا يقول اللّه تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}.
وهو العام التاسع من الهجرة، الذي شاء اللّه سبحانه لرسوله الكريم ألا يحج هذا العام الذي حج فيه المشركون، ثم حج حجّة الوداع في العام الثاني، وقد طهر البيت من هذا الرجس.
فالمشركون بما في قلوبهم من كفر، ليسوا أهلا لأن يدخلوا بيوت اللّه ويعمروها.. إذ كيف يكفرون باللّه، ثم يعمرون مساجده؟
وقوله تعالى: {شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} هو حال من أحوالهم التي يدخلون بها المساجد، وهى أنهم يدخلونها وهم كافرون باللّه.
وشهادتهم على أنفسهم ينطق بها حالهم وأفعالهم، وإن لم تنطق بها ألسنتهم، فهم يدخلون بيت اللّه، ثم يسجدون فيه لغير اللّه، مما يعبدون من أوثان وأصنام.. وهذا العمل منهم أبلغ شهادة عليهم بالكفر والضلال.. {أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ} أي بطل كل عمل لهم، وانقلب شرّا ووبالا عليهم {وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ} فتلك هى ثمرة ما كانوا يعملون.. النار، والخلود في النار.
قوله تعالى: {إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} تلك هى حقيقة الذين يعمرون مساجد اللّه، وهذه هى صفاتهم التي تؤهلهم لأن يكونوا من أهلها وعمّارها.. أن يكونوا مؤمنين باللّه واليوم الآخر، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وألا يكون في قلوبهم خوف إلا من اللّه، ولا رجاء إلا فيه، ولا متعلّق إلّا به.. فهؤلاء في معرض الهداية والتوفيق، وعلى طريق الاستقامة والتقوى. بهم تعمر بيوت اللّه، يذكر اللّه فيها، ذكرا خالصا من لزيغ، مبرأ من الشرك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال