سورة التوبة / الآية رقم 29 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} قال مجاهد: نزلت الآية حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الروم فغزا بعد نزولها غزوة تبوك، وقال الكلبي: نزلت في قريظة والنضير من اليهود فصالحهم فكانت أول جزية أصابها أهل الإسلام وأول ذل أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المؤمنين والمعنى قاتلوا إيها المؤمنون القوم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
فإن قلت اليهود والنصارى يزعمون أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر فكيف أخبر الله عنهم أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؟
قلت: إيمانهم بالله ليس كإيمان المؤمنين وذلك أن اليهود يعتقدون التجسيم والتشبيه، والنصارى يعتقدون الحلول، ومن اعتقد ذلك فليس بمؤمن بالله. وقيل: من اعتقد أن عزيزاً ابن الله وأن المسيح ابن الله فليس بمؤمن بالله بل هو مشرك بالله. وقيل: من كذب رسولاً من رسل الله فليس بمؤمن بالله واليهود والنصارى يكذبون أكثر الأنبياء فليسوا بمؤمنين بالله. وأما إيمانهم باليوم الآخر، فليس كإيمان المؤمنين، وذلك أنهم يعتقدون بعثة الأرواح دون الأجساد ويعتقدون أن أهل الجنة لا يأكلون فيها ولا يشربون ولا ينكحون ومن اعتقد ذلك فليس إيمانه كإيمان المؤمنين وإن زعم أنه مؤمن.
وقوله تعالى: {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله} يعني: ولا يحرمون الخمر والخنزير. وقيل: معناه أنهم لا يحرمون ما حرم الله في القرآن ولا ما حرم رسوله في السنة. وقيل: معناه لا يعملون بما في التوراة والإنجيل بل حرفوهما وأتوا بأحكام من قبل أنفسهم {ولا يدينون دين الحق} يعني: ولا يعتقدون صحة الإسلام الذي هو دين الحق. وقيل: الحق هو الله تعالى ومعناه: ولا يدينون دين الله ودينه الإسلام وهو قوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقيل معناه ولا يدينون دين أهل الحق وهم المسلمون ولا يطيعون الله كطاعتهم {من الذين أوتوا الكتاب} يعني أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى {حتى يعطوا الجزية} وهي ما يعطى المعاهد من أهل الكتاب على عهده وهي الخراج المضروب على رقابهم سميت جزية للاجتزاء بها في حقن دمائهم {عن يد} يعني عن قهر وغلبة يقال لكل من أعطى شيئاً كرهاً من غير طيب نفس أعطى عن يد وقال ابن عباس: يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها على يد غيرهم وقيل: يعطونها نقداً لا نسيئة. وقيل: يعطونها مع إقرارهم بإنعام المسلمين عليهم بقبولها منهم {وهم صاغرون} من الصغار وهو الذل والإهانة يعني يعطون الجزية وهم أذلاء مقهورون وقال عكرمة: يعطون الجزية وهم قائمون والقابض جالس. وقال ابن عباس: تؤخذ الجزية من أحدهم وتوطأ عنقه وقال الكلبي: إذا أعطي يصفع قفاه وقال هو أن يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه ويقال له أدِّ حق الله يا عدو الله وقال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: الصغار هو جريان أحكام المسلمين عليهم.
فصل في بيان أحكام الآية:
اجتمعت الأمة على جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا لم يكونوا عرباً واختلفوا في أهل الكتاب العرب وفي غير أهل الكتاب من كفار العجم، فذهب الشافعي إلى أن الجزية على الأديان لا على الأنساب فتؤخذ من أهل الكتاب عرباً كانوا أو عجماً ولا تؤخذ من عبد ة الأوثان بحال واحتج بما روي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيد ردومة فأخذوه فأتوا به فحقن دمه وصالحه على الجزية أخرجه أبو داود وقال الشافعي: وهو رجل من العرب يقال إنه من غسان وأخذ من أهل ذمة اليمن وعامتهم عرب وذهب مالك والأوزاعي إلى أن الجزية تؤخذ من جميع الكفار إلا المرتد. وقال أبو حنيفة: تؤخذ من أهل الكتاب على العموم وتؤخذ من مشركي العجم ولا تؤخذ من مشركي العرب وقال أبو يوسف: لا تؤخذ من العربي كتابياً كان أو مشركاً وتؤخذ من العجمي كتابياً كان أو مشركاً وأما المجوس فاتفقت الصحابة على جواز الأخذ منهم ويدل عليه ما روي عن بجالة بن عبيدة ويقال عبد ة: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر. أخرجه البخاري عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» أخرجه مالك في الموطأ عن ابن شهاب قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين وأن عمر أخذها من مجوس فارس وأن عثمان بن عفان أخذها من البربر أخرجه مالك في الموطأ وفي امتناع عمر من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها منهم دليل على أن رأي الصحابة كان على أنها لا تؤخذ من كل مشرك وإنما تؤخذ من أهل الكتاب واختلفوا في أن المجوس هل هم من أهل الكتاب. فروي عن علي بن أبي طالب أنه قال كان لهم كتاب يدرسونه فأصبحوا وقد أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم واتفقوا على تحريم ذبائحهم ومناكحتهم بخلاف أهل الكتاب وأما من دخل في دين اليهود والنصارى من غيرهم من المشركين فينظر فإن كانوا قد دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل فإنهم يقرون بالجزية وتحل مناكحتهم وذبائحهم وإن كانوا دخلوا فيه بعد النسخ بمجيء محمد صلى الله عليه وسلم ونسخ شريعتهم بشريعته فإنهم لا يقرون بالجزية ولا تحل ذبائحهم ومناكحتهم ومن شككنا في أمرهم هل دخلوا فيه بعد النسخ أو قبله يقرون بالجزية تغليباً لحقن الدم ولا تحل ذبائحهم ومناكحتهم تغليباً للتحريم ومنهم نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبني تغلب أقرهم عمر على الجزية.
وقال: لا تحل لنا ذبائحهم وأما الصابئة والسامرة فسبيلهم سبيل أهل الكتاب فهم في أهل الكتب كأهل البدع في المسلمين وأما قدرالجزية فأقلها دينار ولا يجوز أن يقنص عنه ويقبل الدينار من الغني والفقير والمتوسط ويدل عليه ما روي عن معاذ بن جبل: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم أي محتلم ديناراً أو عدله من المغافرية ثياب تكون باليمن» أخرجه أبو داود فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل محتلم وهو البالغ ديناراً ولم يفرق بين الغني والفقير والمتوسط وفيه دليل على أنه لا تؤخذ الجزية من الصبيان والنساء وإنما تؤخذ من الأحرار البالغين وذهب قوم إلى أن على كل موسر أربعة دنانير وعلى كل متوسط دينارين وعلى كل فقير ديناراً وهو قول أصحاب الرأي ويدل عليه ما روي عن أسلم أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهماً ومع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام أخرجه مالك في الموطأ: قال أصحاب الشافعي: أقل الجزية دينار لا يزاد على الدنيار إلا بالتراضي فإذا رضي أهل اذمة بالزيادة ضربنا على المتوسط دينارين وعلى الغني أربعة دنانير قال العلماء: إنما أقر أهل الكتاب على دينهم الباطل بخلاف أهل الشرك حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الدين من شريعة التوراة والإنجيل قبل النسخ والتبديل وأيضاً لإن بأيديهم كتباً قديمة فربما تفكروا فيها فيعرفون صدق محمد صلى الله عليه وسلم وصحة نبوته فأمهلوا لهذا المعنى وليس المقصود من أخذ الجزية من أهل الكتاب إقرارهم على كفرهم بل المقصود من ذلك حقن دمائهم وإمهالهم رجاء أن يعرفوا الحق فيرجعوا إليه بأن يؤمنوا ويصدقوا إذا رأوا محاسن الإسلام وقوة دلائله وكثرة الداخلين فيه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال