سورة التوبة / الآية رقم 60 / تفسير تفسير القشيري / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيـْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله جلّ ذكره: {إِنَّمَا الصَدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَألمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ}.
تكلَّم الفقهاءُ في صفةِ الفقيرِ، والفرقِ بينه وبين المسكين لما احتاجوا إليه في قسمة الزكاة المفروضة.. فأبو حنيفة رحمة الله عليه- يقول: المسكينُ الذي لا شيء له. والفقيرُ الذي له بُلْغَةٌ من العيش.
ويقول الشافعي رحمة الله عليه: الفقير الذي لا شيء له، والمسكين الذي له بُلْغَةٌ من العيش- أي بالعكس.
وأهل المعرفة اختلفوا فيه؛ فمنهم من قال بالأول، ومنهم من قال بالقول الثاني، واختلافهم ليس كاختلاف الفقهاء؛ وذلك لأن كلَّ واحدٍ منهم أشار إلى ما هو حاله ووقته ووجوده وشربه ومقامه. فَمِنْ أهل المعرفة مَنْ رأى أَنَّ أَخْذَ الزكاةِ حاله ووقته ووجوده وشربه ومقامه. فَمِنْ أهل المعرفة مَنْ رأى أَنَّ أَخْذَ الزكاةِ المفروضة أَوْلى، قالوا إلى الله تعالى جعل ذلك مِلْكا للفقير، فهو أَحَلُّ له مما يُتَطَوَّعُ به عليه.
ومنهم من قال: الزكاة المفروضة مستحقة لأقوام، ورأوا الإيثار على الإخوان أوْلى من أن يزاحموا أرباب السهمان- مع احتياجهم أخذ الزكاة- وقالوا: نحن آثرنا الفَقْرَ اختياراً.. فَلِمَ نأخذ الزكاة المفروضة؟
ثم على مقتضى أصولهم في الجملة- لا في أخذ الزكاة- للفقر مراتب:
أوَّلُها الحاجةُ ثم الفقرُ ثم المسكنةُ؛ فذو الحاجة مَنْ يرضى بدنياه وتسدُّ الدنيا فقرَه، والفقير مَنْ يكتفي بعقباه وتجبُرُ الجنة فقرُه. والمسكين مَنْ لا يرضى بغير مولاه؛ لا إلى الدنيا يلتفت، ولا بالآخرة يشتغل، ولا بغير مولاه يكتفي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم أحيني مسكيناً وأمتني سكيناً، واحشرني في زمرة المساكين» وقال صلى الله عليه وسلم «أعوذ بك من الفقر» لأن عليه بقية؛ فهو ببقيته محجوبٌ عن ربِّه.
ويحسن أن يقال إن الفقر الذي استعاذ منه ألا يكون له منه شيء، والمسكنة المطلوبة أن تكون له بُلْغَةٌ ليتفرَّغَ بوجود تلك البلغة إلى العبادة؛ لأنه إذا لم تكن له بلغة شَغَلَه فَقْرُه عن أداء حقِّه، ولذلك استعاذ منه.
وقوم سَمَتْ هِمَمهُم عن هذا الاعتبار- وهذا أَوْلى بأصولهم- فالفقير الصادق عندهم مَنْ لا سماءَ تُظِله ولا أرضَ تُقِلُّه ولا معلومَ يشغله، فهو عبدٌ بالله لله، يردُّه إلى التمييز في أوان العبودية، وفي غير هذا الوقت فهو مُصطَلَم عن شواهده، واقِفٌ بربِّه، مُنْشَقٌّ عن جملته.
ويقال الفَقِيرُ من كُسِرَتْ فقاره- هذا في العربية.
والفقير- عندهم- مَنْ سَقَطَ اختياره، وتعطلت عنه دياره، واندرست- لاستيلاء مَنْ اصْطَلمَه- آثارُه، فكأنه لم تبقَ منه إلا أخبارُه، وأنشدوا:
أَمَّا الرسومُ فَخَبَّرتْ أنهم رحلوا قريباً، ويقال المسكين هو الذي أسكنه حالُه بباب مقصوده، لا يبرح عن سُدَّتِه، فهو مُعْتَكِفٌ بقلبه، ولا يغفل لحظةً عن ربِّه.
وأمَّا {وَالعَالَمِينَ عَلَيْهَا} فعلى لسان العلم: مَنْ يتولى جمع الزكاة على شرائطها المعلومة. وعلى لسان الإشارة: أَوْلَى الناس بالتصاون عن أخذ الزكاة مَنْ صَدَقَ في أعماله لله، فإنهم لا يرجون على أعمالهم عِوَضاً، ولا يتطلبون في مقابلة أحوالهم عَرَضا، وأنشدوا:
وما أنا بالباغي على الحب رِشْوَةٌ *** قبيحٌ هوىً يُرجَى عليه ثواب
وأمّا المؤلَّفة قلوبهم- على لسان العلم- فمَنْ يُسْتَمَالُ قلبه بنوع إرفاقٍ معه، ليتوفَّر في الدين نشاطُه؛ فلهم من الزكاة سهمٌ استعطافاً لهم، وبيان ذلك مشهورٌ في مسائل الفقه.
وحاشا أن يكون في القوم مَنْ يكون حضورُه بسبب طَمَع أو لنَيْل ثوابٍ أو لرؤية مقام أو لاطلاع حال.. فذلك في صفة العوام، فأما الخواص فكما قالوا.
من لم يكن بك فانياً عن حظه *** وعن الهوى والإنْسِ والأحباب
أو تيمته صبابة جمعت له *** ما كان مفترقاً من الأسباب
فلأنَّ بين المراتب واقفٌ *** لِمَنَالِ حظٍّ أو الحُسْنِ مآبِ
قوله جلّ ذكره: {وَفِى الرِّقَابِ}.
وهم على لسان العلم: المكاتَبُون، وشرحه في مسائل الفقه معلوم.
وهؤلاء لا يتحررون ولهم تعريج على سبب، أو لهم في الدنيا والعقبى أرب، فهم لا يستفزُّهم طلب، فَمَنْ كان به بقية من هذه الجملة فهو عبدٌ لم يتحرر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: «المكاتَبُ عَبْدٌ ما بقي عليه درهم» وأنشد بعضهم:
أتمنى على الزمان مُحَالاً *** أَنْ ترى مقلتاي طَلْعَةَ حُرِّ
قوله جلّ ذكره: {وَالغَارِمِينَ}.
وهم على لسان العلم: مَنْ عليهم دَيْنٌ في غير معصية.
وهؤلاء القوم لا يقضى عنهم ما لزمهم امتلاك الحق، ولهذا قيل المعرفة غريم لا يُقْضَى دَيْنُه.
قوله جلّ ذكره: {وَفِى سَبِيلِ اللهِ}.
وعلى لسان العلم: مَنْ سلك سبيلَ الله وَجبَ له في الزكاة سهمٌ على ما جاء بيانُه في مسائل الفقه.
وفي هذه الطريقة: مَنْ سلك سبيلَ الله تتوجَّبُ عليه المطالبات؛ فيبذل أولاً مالَه ثم جاهَه ثم نَفْسه ثم روحَه.. وهذه أول قَدَمٍ في الطريق.
قوله جلّ ذكره: {وَابْنِ السَّبِيلِ}.
وهو على لسان العلم: مَنْ وقع في الغُربة، وفارَقَ وطَنه على أوصاف مخصوصة.
وعند القوم: إذا تَغَرَّبَ العَبدُ عن مألوفات أوطانه فهو في قِرَى الحقِّ؛ فالجوعُ طعامُه، والخلوةُ مجلسُه، والمحبةُ شرابُه، والأُنْسُ شهوده، والحقُّ- تعالى- مشهودُه. قال تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]: لقوم وَعْدٌ في الجنة، ولآخرين نَقْدٌ في الوقت؛ اليوم شرابُ المحابِّ وغداً شراب الثواب، وفي معناه أنشدوا:
وَمُقعدِ قومٍ قد مشى من شرابنا *** وأعمى سقيناه ثلاثاً فأَبْصَرَا
وأخرسَ لم ينطِقْ ثلاثين حِجَّةً *** أَدِرْنا عليه الكأسَ يوماً فأخبرا




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال