سورة التوبة / الآية رقم 74 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74)}
فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا} روى أن هذه الآية نزلت في الجلاس ابن سويد بن الصامت، ووديعة بن ثابت، وقعوا في النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالوا: والله لئن كان محمد صادقا على إخواننا الذين هم ساداتنا وخيارنا لنحن شر من الحمير. فقال له عامر ابن قيس: أجل! والله إن محمدا لصادق مصدق، وإنك لشر من حمار. وأخبر عامر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وجاء الجلاس فحلف بالله عند منبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن عامرا لكاذب. وحلف عامر لقد قال، وقال: اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئا، فنزلت.
وقيل: إن الذي سمعه عاصم بن عدي. وقيل حذيفة.
وقيل: بل سمعه ولد امرأته واسمه عمير بن سعد، فيما قال ابن إسحاق.
وقال غيره: اسمه مصعب. فهم الجلاس بقتله لئلا يخبر بخبره، ففيه نزل: {وهموا بما لم ينالوا}. قال مجاهد: وكان الجلاس لما قال له صاحبه إني سأخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولك هم بقتله، ثم لم يفعل، عجز عن ذلك. قال، ذلك هي الإشارة بقوله، {وهموا بما لم ينالوا}.
وقيل: إنها نزلت في عبد الله بن أبي، رأى رجلا من غفار يتقاتل مع رجل من جهينة، وكانت جهينة حلفاء الأنصار، فعلا الغفاري الجهني. فقال ابن أبي: يا بني الأوس والخزرج، انصروا أخاكم! فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: {سمن كلبك يأكلك}، ولين رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فأخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فجاءه عبد الله بن أبي فحلف أنه لم يقله، قاله قتادة. وقول ثالث أنه قول جميع المنافقين، قاله الحسن. ابن العربي: وهو الصحيح، لعموم القول ووجود المعنى فيه وفيهم، وجملة ذلك اعتقادهم فيه أنه ليس بنبي.
الثانية: قوله تعالى: {وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} قال النقاش: تكذيبهم بما وعد الله من الفتح.
وقيل: {كلمة الكفر} قول الجلاس: إن كان ما جاء به محمد حقا لنحن أشر من الحمير. وقول عبد الله بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال القشيري: كلمة الكفر سب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والطعن في الإسلام. {وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ} أي بعد الحكم بإسلامهم. فدل هذا على أن المنافقين كفار، وفي قوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [المنافقون: 3] دليل قاطع. ودلت الآية أيضا على أن الكفر يكون بكل ما يناقض التصديق والمعرفة، وإن كان الايمان لا يكون إلا بلا إله إلا الله دون غيره من الأقوال والافعال إلا في الصلاة. قال إسحاق ابن راهويه: ولقد أجمعوا في الصلاة على شيء لم يجمعوا عليه في سائر الشرائع، لأنهم بأجمعهم قالوا: من عرف بالكفر ثم رأوه يصلي الصلاة في وقتها حتى صلى صلوات كثيرة. ولم يعلموا منه إقرارا باللسان أنه يحكم له بالايمان، ولم يحكموا له في الصوم والزكاة بمثل دلك.
الثالثة: قوله تعالى: {وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} يعني المنافقين من قتل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة العقبة في غزوة تبوك، وكانوا اثني عشر رجلا. قال حذيفة: سماهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى عدهم كلهم. فقلت: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال: «أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم بل يكفيهم لله بالدبيلة». قيل: يا رسول الله وما الدبيلة؟ قال: «شهاب من جهنم يجعله على نياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه». فكان كذلك. خرجه مسلم بمعناه. وقيل هموا بعقد التاج على رأس ابن أبي ليجتمعوا عليه. وقد تقدم قول مجاهد في هذا.
الرابعة: قوله تعالى: {وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي ليس ينقمون شيئا، كما قال النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
ويقال: نقم ينقم، ونقم ينقم، قال الشاعر في الكسر:
ما نقموا من بني أمية إلا *** أنهم يحلمون إن غضبوا
وقال زهير:
يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر *** ليوم الحساب أو يعجل فينقم
ينشد بكسر القاف وفتحها. قال الشعبي: كانوا يطلبون دية فيقضي لهم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستغنوا. ذكر عكرمة أنها كانت اثني عشر ألفا. ويقال: إن القتيل كان مولى الجلاس.
وقال الكلبي: كانوا قبل قدوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ضنك من العيش، لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة، فلما قدم عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغنوا بالغنائم. وهذا المثل مشهور اتق شر من أحسنت إليه. قال القشيري أبو نصر: قيل للبجلي أتجد في كتاب الله تعالى اتق شر من أحسنت إليه؟ قال نعم، {وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
الخامسة: قوله تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ} روي أن الجلاس قام حين نزلت الآية فاستغفر وتاب. فدل هذا على توبة الكافر الذي يسر الكفر ويظهر الايمان، وهو الذي يسميه الفقهاء الزنديق. وقد اختلف في ذلك العلماء، فقال الشافعي: تقبل توبته.
وقال مالك: توبة الزنديق لا تعرف، لأنه كان يظهر الايمان ويسر الكفر، ولا يعلم إيمانه إلا بقوله. وكذلك يفعل الآن في كل حين، يقول: أنا مؤمن وهو يضمر خلاف ما يظهر، فإذا عثر عليه وقال: تبت، لم يتغير حاله عما كان عليه. فإذا جاءنا تائبا من قبل نفسه قبل أن يعثر عليه قبلت توبته، وهو المراد بالآية. والله أعلم.
السادسة: قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَوَلَّوْا} أي يعرضوا عن الايمان والتوبة {يعذبهم الله عذابا أليما} في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة بالنار. {وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ} أي مانع يمنعهم {وَلا نَصِيرٍ} أي معين. وقد تقدم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال