سورة التوبة / الآية رقم 78 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (80)}.
التفسير:
هذا صنف آخر من أصناف المنافقين، ووجه كريه من وجوه النفاق.. يكشف عنه- قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}.
إن هذا الصنف من المنافقين، يلقى اللّه في حال العسر والضيق، مستكينا مستسلما، ويبسط إليه يده، ضارعا طامعا، يتمنى على اللّه أن يبسط له في الرزق، وأن يملأ يديه من المال، وأنه إذا استجاب اللّه له فيما طلب، بسط يده بالعطاء والإنفاق في وجوه الخير، وشغل قلبه ولسانه بالحمد والشكران للّه ربّ العالمين.
هذا موقف من مواقف المنافقين مع اللّه.. حين يمسّهم الضرّ، وينزل بهم العوز، ويصيبهم الفقر.
فماذا يكون منهم إذا كشف اللّه ما بهم من ضرّ، وصرف عنهم العوز والفقر، ووسع لهم في الرزق، وأفاء عليهم من فضله؟.
هنا يغلب عليهم طبعهم اللئيم، فإذا هم على طريق النفاق، ينقضون العهد الذي عقدوه مع اللّه، ويتحلّلون من الوفاء به! {فلمّا آتاهم من فضله بخلوا به} أي ضنّوا بهذا الفضل الذي هو من عند اللّه، على الإنفاق منه في سبيل اللّه.
{وتولّوا وهم معرضون} أي نكصوا على أعقابهم، وأعرضوا عن الحق الذي لزمهم.
{فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ} أي تبعهم النفاق، وركب معهم الطريق الذي ركبوه، مبعدين عن اللّه، مطرودين من رحمته {إلى يوم يلقونه} أي سيصحبهم هذا النفاق إلى يوم القيامة، حيث يطلع عليهم هذا النفاق بوجهه الكريه، ليقف معهم بين يدى اللّه، وليكون شاهد إدانتهم، ورفيق طريقهم إلى عذاب السعير {بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ} أي هذا النفاق الذي لبسهم، واشتمل عليهم، وأصبح بعضا منهم، هو الثمرة الخبيثة التي أثمرها إخلافهم وعدهم للّه، وقولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وهم يحسبون أن اللّه- سبحانه- محدود القدرة، محدود العلم، وأنه إذا لم يشهد شهود عيان هذا العهد الذي عاهدوه عليه، لم تقم عليهم حجة، وكان لهم أن يمكروا به، وينكروا العهد الذي أعطوه من أنفسهم له؟.
وهذا عدوان على اللّه، أوقعهم فيه سوء فهمهم وتقديرهم لجلال اللّه، وعظمته، وقدرته وعلمه.. ولهذا أنكر اللّه عليهم سوء ظنهم به، وخطأ تصورهم لكمال صفاته، فقال سبحانه: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}.
ولو أنهم علموا هذا واستيقنوه، لما كان منهم هذا الظنّ السيّء، الذي زيّن لهم التحلّل ممّا عاهدوا اللّه عليه، فيما حكاه القرآن عنهم من قولهم: {لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
والسرّ: ما أسرّه الإنسان في نفسه ولم يطلع عليه غيره، والنجوى:
ما ناجى به غيره من حديث، وأفضى به إليه في سر.. وأصل النجوى، والنجوة: المكان المرتفع الظاهر للعيان.
ويذكر المفسّرون في سبب نزول هذه الآيات، أن أحد أصحاب رسول اللّه، واسمه ثعلبة بن حاطب، كان من فقراء المسلمين، وممن يلزمون الجماعة والجمعة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقد حدثته نفسه أنه لو كان من الموسرين لأرضى اللّه ورسوله بما ينفق في سبيل اللّه، ولما فاته هذا الفضل الذي سبقه إليه أولئك الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّه.. فقال يا رسول اللّه: ادع اللّه أن يرزقنى مالا!. فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «يا ثعلبة.. قليل تؤدّى شكره خير من كثير لا تطيقه. أمالك في رسول اللّه أسوة؟» ثم عاد إلى النبي يسأله أن يدعو اللّه له أن يرزقه مالا، وأن لو استجاب اللّه له ورزقه المال الذي يطلب، لأعطى كل ذى حق حقه من هذا المال.. فقال الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه-: «اللهم ارزق ثعلبة مالا..».
قالوا: وقد رزق ثعلبة مالا كثيرا.. وكان ماله من الغنم، فتكاثر ونما حتى ضاقت به المدينة، فخرج إلى البادية، وشغله ذلك عن حضور الجماعة والجمعة في مسجد رسول اللّه، وتفقّده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يجده في أصحاب الجماعة والجمعة، فقال صلى اللّه عليه وسلم: «يا ويح ثعلبة!» ثم بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمّال الصدقة ليأخذوها من أهلها، فلما جاء عامل الصدقة إلى ثعلبة، وعرف القدر المطلوب منه للصدقة استكثره، وأنكره وقال: ما هذه الصدقة، بل هى الجزية أو ردّ العامل، قائلا له: أنظرنى لأرى!! وحين لمغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان من ثعلبة، قال: «يا ويح ثعلبة.. يا ويح ثعلبة» ثم نزلت هذه الآيات قيل، وجاء ثعلبة بعد ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصدقة، فقال له رسول اللّه: «إن اللّه منعنى أن أقبل منك» فجعل يحثوا التراب على رأسه، فقال رسول اللّه: «هذا عملك! قد أمرتك فلم تطعنى» ثم لما توفّى رسول اللّه، جاء بالصدقة إلى بكر، فلم يقبلها منه، ثم جاء بها إلى عمر في خلافته فردّها.. ثم هلك في خلافة عثمان!.
وليس ثعلبة وحده- إن صح ما روى فيه- هو الواقع تحت حكم هذه الآيات، بل هو حكم واقع على كل من نكث مع اللّه عهدا.. وما أكثر الناكثين عهود اللّه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} [21- 23: يونس] قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} اللّمز: القرص، والغمز، بالكلمة الجارحة، يرمى بها في موارية.
تلويحا لا تصريحا.
والمطوّعين: جمع متطوع، وهو الذي يأتى بعمل الخير من تلقاء نفسه، تطوعا، غير مطالب به.. وهو يثاب عليه إذا فعله، ولا يعاقب إذا تركه.
وأصل المطّوع- لغة- المتطوع.. قلبت التاء طاء وأدغمت في الطاء.
والجهد: هو غاية ما في وسع الإنسان، وطاقته، واحتماله.
والآية هنا، تكشف عن وجه آخر من وجوه المنافقين، وعن سلاح من أسلحتهم الخفية، التي يضربون بها في كيان المجتمع الإسلامى.
فهذه الجماعة من المنافقين، لم يكفها أنها كفّت يدها عن الجهاد في سبيل اللّه، وغلّتها عن الإنفاق في وجوه الخير، بل جعلت تترصّد المنفقين في سبيل اللّه، وتتخذ منهم مادة للهزء والسخرية، سواء المكثرون منهم والمقلّون.
فالذين بسط اللّه لهم في الرزق من المؤمنين، فبسطوا أيديهم بالبذل في سبيل اللّه، وجاءوا بالكثير من أموالهم إلى رسول اللّه، يضعها حيث يشاء- هؤلاء هم عند الجماعة المنافقة مراءون، لا يطلبون بما أنفقوا إلا أن يظهروا في الناس، وإلا أن يكونوا حديث المتحدّثين! وأمّا الذين قصرت أيديهم عن العطاء الكثير من المؤمنين، فأعطوا ما وسعهم الجهد، وجاءوا بما ملكت أيديهم- فإنهم لم يسلموا من تلك الألسنة المنافقة، إذ جعلوا منهم مادّة سخرية واستهزاء وتندر، فيقولون فيما قالوا:
ماذا تغنى الحفنة من التمر التي جاء بها فلان؟ وما جدوى هذه الكسرات من الخبز التي قدمها فلان؟ وما هذا الثوب الخلق الذي بذله فلان؟.. إن هؤلاء لم يفعلوا ما فعلوا من هذا العبث إلا ليذكروا مع المتصدّقين، وإلا ليذكّروا بأنفسهم إذا وقعت للمسلمين غنيمة، وأصابهم خير!.
وهكذا، يكيد المنافقون للإسلام، ويحاولون جاهدين أن يفسدوا كل صالحة فيه.
وفى قوله تعالى: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} هو دفاع من اللّه سبحانه وتعالى عن المؤمنين، الذين سخر منهم المنافقون.. وفى هذا تكريم للمؤمنين المنفقين، وإيذان منه- سبحانه- بأنّه تقبل صدقات المتصدقين، قليلها وكثيرها، وأنه- سبحانه- هو الذي يتولىّ حماية هذه الصدقات وحماية أصحابها من كل سوء.. فإذا سخر ساحر من الصدقات، واستهزأ بأهلها، سخر اللّه منه، واستهزأ به.. إنه عدوّ للّه. محارب له، وحسب من يعادى اللّه ويحاربه، ضياعا، وهلاكا، وسوء مصبر!.
قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} هو تيئيس لهؤلاء المنافقين من رحمة للّه، وقطع لطريق النجاة من العذاب الذي أعدّه اللّه لهم.
إنّه لن ينقدهم من اللّه منقذ، ولن يشفع لهم شفيع.. حتى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- وهو من هو عند اللّه- لن تقبل شفاعته فيهم، ولن يستجاب استغفاره لهم، ولو حرص النبىّ على هذا الاستغفار وبالغ فيه. وذلك لأنّهم كفروا باللّه ورسوله، وحادوا اللّه ورسوله، ومن كان هذا موقفه مع اللّه ومع رسول اللّه، فلن يقبل اللّه فيه شفاعة، ولن يصرف عنه العذاب الذي رصده له.
وليس حصر الاستغفار بسبعين مرة، مرادا به أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لو جاوز هذا العدد، وخرج به عن قيد الشرط- جاز أن يغفر اللّه لهم.
وكلّا، فإن المراد بهذا العدد هو الدلالة على أن استغفار النبىّ لهم، لن يقبل من اللّه فيهم على أية حال، كثر العدد أو قلّ.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} فإن هذا معناه أنه لن يغفر لهم على أية حال.
سواء استغفر لهم النبي أو لم يستغفر لهم.. قلّ استغفاره لهم أو كثر! والخبر الذي يروى من أن النبىّ صلّى اللّه عليه وسلم قال حين نزلت هذه الآية: «واللّه لأزيدنّ عن السبعين» هو خبر آحاد، لا يعوّل عليه هنا عند معارضته لصريح المفهوم من الآية الكريمة.. لأن الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه- يعلم ما في هذه الآية من القطع بأن اللّه سبحانه لن يغفر لهم، ولن يقبل شفاعة شافع فيهم. فلا يعقل- مع هذا- أن يقول النبي هذا القول، بعد أن تلقّى هذه الآية. وكذلك الشأن في الخبر الذي يروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «لو علمت أنه لو زدت على السبعين مرّة غفر اللّه لهم لفعلت».
فإنه خبر لا يصحّ عن رسول اللّه.. لأنه فيه ما يشبه التحدّى لحكم اللّه!!.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال