سورة التوبة / الآية رقم 90 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (90) لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (92)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} الواو في قوله تعالى {وجاء} تصل ما انقطع من حديث القرآن عن المنافقين، وما كشف من وجوههم المنكرة، وما فضح من أساليبهم المخادعة المضللة.
والفعل {جاء} في امتداد مقطعه هكذا {جاء} وفى تذبذب أنغامه بين همس الواو وجهر الجيم، وخطف الهمزة- برسم صورة مكتملة الألوان والظلال للمنافقين، وهم في طريقهم إلى النبىّ، متحاملين متثاقلين، تدور أعينهم هنا وهناك، حذرا من أن تفضحهم أعذارهم التي بين أيديهم، يسوقونها إلى النبىّ، ويدفعون بها في خوف وخطف واضطراب.
ثم هم في موكبهم الطويل إلى رسول اللّه أنماط مختلفة.
منهم.. السفيه الوقح، الذي لا يعرف الحياء وجهه.. فيجىء خفيفا مسرعا، يبادر القوم قبل أن يسبقوه، فيأخذوا عليه الطريق إلى ما يعتذر به، إذ كانوا قد استنفذوا الأعذار بين يدى رسول اللّه.
ومنهم من لا يعرف له عذرا.. ولكنه لا بدّ أن يعتذر، لأنه لا يريد أن يكون في المجاهدين.. فيمشى إلى النبيّ متثاقلا متحاملا.. حتى تنكشف له وجوه الأعذار التي يعتذر بها المعتذرون، لعله يقع على واحد منها!! ومنهم من يقطع الطريق إلى النبىّ ولا يبلغه، بل يقف بعيدا يتسمّع الأنباء عن المعتذرين وما يعتذرون به وما يقوله النبىّ لهم! ومنهم.. ومنهم.
إنهم أشكال متعددة، وأنماط مختلفة.. ولكنهم جميعا على طريق النفاق سائرون، وعلى نية التخلف عن الجهاد قائمون.
{وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ}.
والمعذّرون هم أصحاب الأعذار ومختلقوها.. فخلق الأعذار واصطناعها هو عملهم، والصفة الغالبة عليهم.. كما يقال: المهندسون، والمعلمون.. فهم صناع الأعذار، لا صنعة لهم غير هذا.
والأعراب: جمع أعرابى، وهم سكان البادية.
وانظر في وجه النظم القرآنى، يشهدك على هؤلاء الأعراب، وقد جاءوا من شتى الجهات، بعد أن سمعوا دعوة الرسول إليهم بقوله. {انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} جاءوا لا لينتظموا في صفوف المجاهدين، ولا ليقاتلوا في سبيل اللّه، وإنما جاءوا ليعتذروا عن الجهاد، وليقدموا من المعاذير ما في جهدهم، كما يقدم المجاهدون في سبيل اللّه أموالهم وأنفسهم!! فما أتعس هذا المجيء، وما أشأم ذلك السعى! قوله تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} هو الوصف الذي وصف به أولئك المعذّرون، والسّمة التي وسموا بها.. فهم الذين قعدوا متخلفين عن الجهاد، وهم الذين افتروا الكذب على اللّه ورسوله، بهذه الأعذار التي اختلقوها وجاءوا إلى النبىّ بها.
وفى هذا الخبر تهديد ووعيد لهم.. إذ ليس مرادا به الإخبار عنهم، وأنهم قعدوا، وإنما هو خبر يكشف عن جريمة غليظة، ويحدّث عن منكر عظيم.
وفى قوله تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} حكم عليهم بالإدانة، وبأن هذه الأعذار التي اعتذروا بها إنما هى محض كذب وافتراء.. إذ هم الذين كذبوا اللّه ورسوله.. وقد عدل عن الضمير إلى الاسم الظاهر، ليعرضوا هذا العرض الكاشف عن كذبهم، ويسمعوا حكم اللّه عليهم.
وقوله سبحانه: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} هو بيان للجزاء الذي أحذ به هؤلاء المعذّرون الذين كذبوا اللّه ورسوله، وأنهم جميعا من أهل الكفر، ولا مثوى للكافرين غير النار وعذاب السعير.
وحرف الجرّ في قوله تعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} للبيان، لا للتبعيض.
فكل هؤلاء المعذّبين من الكافرين فليس فيهم كافر وغير كافر، بل كلهم كافرون.
أما أصحاب الأعذار الحقيقة فقد أغناهم اللّه سبحانه وتعالى عن أن يقفوا هذا الموقف، فعذرهم للّه قبل أن يعتدروا، ورفع عنهم الحرج، في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ} فهؤلاء أصحاب أعذار ظاهرة، ينطق بها لسان الحال، قبل أن ينطق بها لسان المقال.. فالشريعة الإسلامية قائمة على اليسر، ورفع الحرج عن المؤمنين، فلا إعنات فيها، ولا مشقّة أو عسر في تكاليفها.. {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.}.
فالضعفاء.. من شيوخ، وأطفال، ونساء، وعبيد وإماء، والمرضى وأصحاب العاهات المانعة من السفر والقتال- هؤلاء جميعا ومن في حكمهم لا حرج عليهم في أن يتخلفوا عن ركب المجاهدين، {إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إذا كانت قلوبهم سليمة عامرة بالإيمان، تربط مشاعرهم بمشاعر المؤمنين المجاهدين في سبيل اللّه.. فهم مع المجاهدين بمشاعرهم كلها. يدعون لهم بالنضر، ويتمنون لهم الغلب والسّلامة، ويخلفونهم في أهلهم، ويقومون على رعاية أبنائهم وأزواجهم، وقضاء حوائجهم، ورفع الضرّ عنهم، ومواساة من أصيب منهم في أب، أو أخ، أو زوج، إلى غير ذلك ممّا يبعث في نفس المجاهد الطمأنينة، ويطلق يديه كليهما، ووجوده كلّه، للعمل في ميدان المعركة، ومواجهة العدوّ.
وبهذا يكون المؤمنون جميعا في ميدان المعركة. سواء منهم من شهدها وحارب فيها، أو من تخلّف، بما معه من عذر، ونصح للّه ورسوله، في سلوكه الطيب، مع من يخلّفهم المحاربون وراءهم من أهل وولد، وفى مشاعره المتجهة إلى المجاهدين في ميدان القتال، والدعاء لهم بالنصر وتمنّيه لهم.
وقوله تعالى: {ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} إشارة إلى أن هذا الذي يبدله المتخلفون من ذوى الأعذار، من نصح للّه ورسوله، وراء جبهة القتال، هو غاية ما في مستطاع هؤلاء المتخلفين، وهو ميدانهم الذي يكون لهم فيه عمل وإحسان.. {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}.
فإذا أعطى المؤمن- في باب الإحسان- ما وسعته نفسه، فهو في المحسنين.
وقوله سبحانه: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إشارة أيضا إلى أن الذي يوجّه نفسه للإحسان، ويعمل له، هو محسن، وإن قصّر فيما عمل، ولم يبلغ غاية الإحسان.. فرحمة اللّه واسعة، ومغفرته شاملة، يتقبل من المحسنين أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم، كما يقول سبحانه: {أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ} [16: الأحقاف].
وقوله تعالى: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا} هو معطوف على قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى..} أي ليس حرج على هؤلاء الذين أتوك لتحملهم، أي تهيىء لهم مركبا ينقلهم إلى ميدان الجهاد.. والخطاب للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم، وقد جاءه جماعة من فقراء المسلمين، صحّت نيتهم على الغزو والجهاد، ولكنهم عجزوا عن أن يجدوا مركبا يركبونه، فجاءوا إلى النبىّ صلى اللّه عليه وسلم يسألونه أن يحملهم معه في جيش المجاهدين، ولم يكن بين يدى النبىّ، ولا في جيش المسلمين ما يحملهم عليه، فقال لهم- صلوات اللّه وسلامه عليه: «لا أجد ما أحملكم عليه».
فامتلأت نفوسهم أسى وحسرة، وفاضت دموعهم ألما وحزنا، أن فاتهم حظهم من الجهاد، وإن لم يكن في أيديهم ما ينفقونه في سبيل اللّه، وفى إعداد المركب الذي يحملهم مع المجاهدين: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ}.
وهؤلاء هم الذين عرفوا في المسلمين بالبكائين.
وإذا كان بكاء الرجال مذموما في كل موطن، إلّا أنه هنا في هذا المقام- مقام التعامل مع اللّه- محمود غاية الحمد، بل ومطلوب من المؤمن أن يكون هنا حاضر الدمعة غزيرها.. وفى الحديث: «إن لم تبكوا فتباكوا».
فالدمعة هنا دمعة عزيزة على اللّه، لا تقع على الأرض، كما تقع دموع الباكين، فتضيع بددا.. وإنما تتلقاها ملائكة الرحمن، فإذا هى نهر جار من نور، يغمر فيه صاحبها، فإذا هو خلق من نور، أصفى من الجوهر، وأضوأ من شمس الضحى، يقول الرسول الكريم: «عينان لا تمسّهما النار: عين بكت من خشية اللّه، وعين باتت تحرس في سبيل اللّه..».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال