سورة البقرة / الآية رقم 126 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)}
{وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا ءامَنَّا} الإشارة إلى الوادي المذكور بقوله تعالى: {رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم} [إبراهيم: 37] أي اجعل هذا المكان القفر بلدًا إلخ فالمدعو به البلدية مع الأمن، وهذا بخلاف ما في سورة إبراهيم (53): {رَبّ اجعل هذا البلد امِنًا} ولعل السؤال متكرر، وما في تلك السورة كان بعد، والأمن المسؤول فيها إما هو الأول وأعاد سؤاله دون البلدية رغبة في استمراره لأنه المقصد الأصلي، أو لأن المعتاد في البلدية الاستمرار بعد التحقق بخلافه. وإما غيره بأن يكون المسؤول أولًا: مجرد الأمن المصحح للسكنى، وثانيًا: الأمن المعهود، ولك أن تجعل {هذا البلد} في تلك السورة إشارة إلى أمر مقدر في الذهن كما يدل عليه {رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ} [إبراهيم: 37] إلخ فتطابق الدعوتان حينئذٍ؛ وإن جعلت الإشارة هنا إلى البلد تكون الدعوة بعد صيرورته بلدًا والمطلوب كونه آمنًا على طبق ما في السورة من غير تكلف إلا أنه يفيد المبالغة أي بلدًا كاملًا في الأمن كأنه قيل: اجعله بلدًا معلوم الاتصاف بالأمن مشهورًا به كقولك كان هذا اليوم يومًا حارًا، والوصف بآمن إما على معنى النسب أي ذا أمن على حد ما قيل: {فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [القارعة: 7] وإما على الاتساع والإسناد المجازي، والأصل آمنًا أهله فأسند {مَا} للحال للمحل لأن الأمن والخوف من صفات ذوي الإدراك، وهل الدعاء بأن يجعله آمنًا من الجبابرة والمتغلبين، أو من أن يعود حرمه حلالًا، أو من أن يخلو من أهله أو من الخسف والقذف، أو من القحط والجذب، أو من دخول الدجال، أو من دخول أصحاب الفيل؟؟ أقوال، والواقع يرد بعضها فإن الجبابرة دخلته وقتلوا فيه كعمرو بن لحي الجرهمي، والحجاج الثقفي والقرامطة وغيرهم وكون البعض لم يدخله للتخريب بل كان غرضه شيئًا آخر لا يجدي نفعًا كالقول بأنه ما آذى أهله جبار إلا قصمه الله تعالى ففي المثل:
إذا مت عطشانًا فلا نزل القطر ***
وكان النداء بلفظ الرب مضافًا لما في ذلك من التلطف بالسؤال والنداء بالوصف الدال على قبول السائل، وإجابة ضراعته، وقد أشرنا من قبل إلى ما ينفعك هنا فتذكر.
{وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} أي من أنواعها بأن تجعل قريبًا منه قرى يحصل فيها ذلك أو تجىء إليه من الأقطار الشاسعة قد حصل كلاهما حتى إنه يجتمع فيه الفواكه الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد روي أن الله سبحانه لما دعا إبراهيم أمر جبريل فاقتلع بقعة من فلسطين، وقيل: من الأردن وطاف بها حول البيت سبعًا فوضعها حيث وضعها رزقًا للحرم وهي الأرض المعروفة اليوم بالطائف وسميت به لذلك الطواف، وهذا على تقدير صحته غير بعيد عن قدرة الملك القادر جل جلاله؛ وإن أبيت إبقاءه على ظاهره فباب التأويل واسع، وجمع القلة إظهارًا للقناعة، وقد أشرنا إلى أنه كثيرًا ما يقوم مقام جمع الكثرة، و{مِنْ} للتبعيض، وقيل: لبيان الجنس.
{مَنْ ءامَنَ مِنْهُم بالله واليوم الاخر} بدل من {أَهْلِهِ} بدل البعض وهو مخصص لما دل عليه المبدل منه واقتصر في متعلق الإيمان بذكر المبدأ والمعاد لتضمن الإيمان بهما الإيمان بجميع ما يجب الإيمان به {قَالَ} أي الله تعالى. {وَمَن كَفَرَ} عطف على {مَنْ ءامَنَ} أي وارزق من كفر أيضًا فالطلب عنى الخبر على عكس {وَمِن ذُرّيَتِى} [البقرة: 124] وفائدة العدول تعليم تعميم دعاء الرزق وأن لا يحجر في طلب اللطف وكأن إبراهيم عليه السلام قاس الرزق على الإمامة فنبهه سبحانه على أن الرزق رحمة دنيوية لا تخص المؤمن بخلاف الإمامة أو أنه عليه السلام لما سمع {لاَ يَنَالُ} [البقرة: 124] إلخ احترز من الدعاء لمن ليس مرضيًا عنده تعالى فأرشده إلى كرمه الشامل، وا ذكرنا اندفع ما في البحر من أن هذا العطف لا يصح لأنه يقتضي التشريك في العامل فيصير: قال إبراهيم وارزق فينافيه ما بعد، ولك أن تجعل العطف على محذوف أي أرزق من آمن ومن كفر بلفظ الخبر ومن لا يقول بالعطف التلقيني يوجب ذلك ويجوز أن تكون {مِنْ} مبتدأ شرطية أو موصولة وقوله تعالى: {فَأُمَتّعُهُ قَلِيلًا} على الأول: معطوف على {كُفِرَ} وعلى الثاني: خبر للمبتدأ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ولا حاجة إلى تقدير أنا لأن ابن الحاجب نص على أن المضارع في الجزاء يصح اقترانه بالفاء إلا أن يكون استحسانًا، وإلى عدم التقدير ذهب المبرد، ومذهب سيبويه وجوب التقدير وأيد بأن المضارع صالح للجزاء بنفسه فلولا أنه خبر مبتدأ لم يدخل عليه الفاء، ثم الكفر وإن لم يكن سببًا للتمتع المطلق لكنه يصلح سببًا لتقليله وكونه موصولًا بعذاب النار وقليلًا صفة لمحذوف أي متاعًا أو زمانًا قليلًا وقرأ ابن عامر {فَأُمَتّعُهُ} مخففًا على الخبر، وكذا قرأ يحيى بن وثاب إلا أنه كسر الهمزة، وقرأ أبيّ فنمتعه بالنون وابن عباس ومجاهد {فَأُمَتّعُهُ} على صيغة الأمر، وعلى هذه القراءة يتعين أن يكون الضمير في {قَالَ} عائدًا إلى إبراهيم وحسن إعادة {قَالَ} طول الكلام وأنه انتقل من الدعاء لقوم إلى الدعاء على آخرين فكأنه أخذ في كلام آخر وكونه عائدًا إليه تعالى أي: قال الله فأمتعه يا قادر يا رازق خطابًا لنفسه على طريق التجريد بعيد جدًا لا ينبغي أن يلتفت إليه.
{ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار} الاضطرار ضد الاختيار وهو حقيقة في كون الفعل صادرًا من الشخص من غير تعلق إرادته به كمن ألقى من السطح مثلًا مجاز في كون الفعل باختياره لكن بحيث لا يملك الامتناع عنه بأن عرض له عارض يقسره على اختياره كمن أكل الميتة حال المخمصة وبِكِلاَ المعنيين قال بعض، ويؤيد الأول قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13] و{يُسْحَبُونَ فِى النار على وُجُوهِهِمْ} [القمر: 48] و{فيؤخذ بالنواصى والاقدام} [الرحمن: 41] ويؤيد الثاني قوله تعالى: {وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أبوابها} [الزمر: 71] {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] الآية و{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] والتحقيق أن أحوال الكفار يوم القيامة عند إدخالهم النار شتى وبذلك يحصل الجمع بين الآيات وإن الاضطرار مجاز عن كون العذاب واقعًا به وقوعًا محققًا حتى كأنه مربوط به، قيل: إن هذا الاضطرار في الدنيا وهو مجاز أيضًا كأنه شبه حال الكافر الذي أدَرّ الله تعالى عليه النعمة التي استدناه بها قليلًا إلى ما يهلكه بحال من لا يملك الامتناع مما اضطر إليه فاستعمل في المشبه ما استعمل في المشبه به وهو كلام حسن لولا أنه يستدعي ظاهرًا حمل ثم على التراخي الرتبي وهو خلاف الظاهر، وقرأ ابن عامر إضطره بكسر الهمزة، ويزيد بن أبي حبيب اضطره بضم الطاء وأبيّ نضطره بالنون، وابن عباس ومجاهد على صيغة الأمر، وابن محيصن أطره بإدغام الضاد في الطاء خبرًا قال الزمخشري وهي لغة مرذولة لأن حروف ضم شفر يدغم فيها ما يجاورها دون العكس، وفيه أن هذه الحروف ادغمت في غيرها فأدغم أبو عمرو الراء في اللام في {نغفر لكم} [البقرة: 58] والضاد في الشين في {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} [النور: 62] والشين في السين في {العرش سَبِيلًا} [الإسراد: 42] والكسائي الفاء في الباء في {نَخْسِفْ بِهِمُ} [سبأ: 9] ونقل سيبويه عن العرب أنهم قالوا مضطجع ومطجع إلا أن عدم الإدغام أكثر، وأصل اضطر على هذا على ما قيل: اضتر فأبدلت التاء طاءًا، ثم وقع الإدغام {وَبِئْسَ المصير} المخصوص بالذم محذوف لفهم المعنى أي وبئس المصير النار إن كان المصير اسم مكان وإن كان مصدرًا على من أجاز ذلك فالتقدير وبئست الصيرورة صيرورته إلى العذاب.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال