سورة التوبة / الآية رقم 113 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ لَقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ

التوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبةالتوبة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (113) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116)}.
التفسير:
الأوّاه: كثير التأوه والتوجّع.
وقوله تعالى: {ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ}.
هو استبعاد أن يكون من النبي والمؤمنين استغفار وترحّم للمشركين، ولو كانوا من أهليهم وذوى قرابتهم، إذا تبيّن لهم أنهم من أهل الكفر والضلال.
فالمشركون أعداء للّه، حرب على اللّه، والمؤمنون أولياء للّه.. ولن تجتمع الولاية للّه.. والولاية لأعداء اللّه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [22: المجادلة] والاستغفار للمشركين والترحم عليهم- ولو كانوا أمواتا- يتدسس منه على شعور المؤمن شيء من الرضا عن حالهم التي كانوا عليها من الشرك والضلال، لأن الاستغفار لهم إنما ينبعث عن عاطفة الرحمة بهم والإشفاق عليهم، في ذوات أنفسهم، وما تلبست به تلك الذوات من كفر وضلال.. وهذا من شأنه أن يدخل؟؟؟ على مشاعر المؤمن في إيمانه، ويبعده عن الاحتفاظ به نقيّا خالصا من كل شائبة.
وقد نهى اللّه سبحانه، النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- أن يصلى على من مات من المشركين أو أن يقوم على قبره.. فقال تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ.. إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ} [84: التوبة].
وفى قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ} بيان إلى أن النهى عن الاستغفار للمشركين إنما هو من بعد أن يتحقق أنهم ماتوا على الشرك، وأنهم أصبحوا في أصحاب النار.. وهؤلاء هم الذين بلغتهم الدعوة الإسلامية من مشركى العرب، ثم لم يستجيبوا لها، ومالوا على شركهم الذين كانوا عليه!.
قوله تعالى: {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}.
هو إجابة عن سؤال وقع، أو هو متوقّع أن يقع، بعد الاستماع إلى قوله تعالى: {ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} والسؤال الذي يقع بعد الاستماع إلى هذه الآية: وكيف استغفر إبراهيم لأبيه، وقد كان أبوه من المشركين؟
وفى القرآن الكريم يقول اللّه تعالى على لسان إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [83- 86: الشعراء].
فكيف يستغفر إبراهيم- خليل الرحمن وأبو الأنبياء- لأبيه وهو من المشركين؟
والجواب، قد جاءت به هذه الآية: {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}.
فإبراهيم لم يستغفر لأبيه إلا وهو يطمع في أن يهديه اللّه إلى الإيمان.
يشير إلى هذا، ذلك الحوار الذي سجله القرآن الكريم بين إبراهيم وأبيه.
يقول اللّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا قالَ: أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا} [41- 47: مريم] فإبراهيم لم يستغفر لأبيه إلا وهو يطمع في أن يستجيب له، وأن يسلك معه الطريق إلى مواقع الهدى والإيمان.
{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}.
وهذا البيان إنما انكشف لإبراهيم بعد أن مات أبوه، وهو على ما هو عليه من شرك.
وهنا انقطع رجاء إبراهيم في هداية أبيه.. فأمسك لسانه وقلبه عن الولاء له.
وفى قوله تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} إشارة إلى أن إبراهيم مع ما في قلبه من حنان ورقة وما تفيض به نفسه من مشاعر حسّاسة مرهفة، تتأثر تأثّرا قويا بما يلقاها من وقائع الحياة- فإنه مع هذا- قهر في نفسه كل عاطفة نحو أبيه، وتبرأ منه، إيثارا لولائه للّه، ولدين اللّه.
فإبراهيم هنا هو القدوة والأسوة في أعلى مستوياتها، للولاء للّه، والإخلاص لدين اللّه.. فلا حساب عنده لعاطفة قرابة تدخل شيئا من الضيم على ولائه لربّه، وإخلاصه لدينه.
قوله تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
فى هذا ما يكشف عن لطف اللّه ورحمته بعباده، وأنه- سبحانه- لا يأخذهم بالعقاب، ولا ينزلهم منازل الضّالين، إلا بعد أن يبيّن لهم الطريق الذي يسيرون عليه، وما يأخذون أو يدعون من الأمور.
أما ما يقع من العباد مما لم يكن قد جاءهم أمر اللّه فيه، فهو معفوّ عنه عند اللّه، ولو كان مما نهى اللّه عنه بعد أن وقع منهم.
والآية تدفع عن صدور المسلمين ما وقع فيها من حسرة وندم على ما وقع منهم من استغفار لمن مات من أهليهم وأصدقائهم على الشرك، قبل أن يجىء النهى عن الاستغفار لهم.. فلا شيء عليهم في هذا، لأنهم لم يفعلوا أمرا كان واقعا تحت الحظر، ولم يأتوا منكرا نهاهم اللّه عنه.
وفى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} إشارة إلى أن العلم هو الأساس الذي ينبغى أن تقوم عليه تصرفات العباد، وأن تنضبط عليه أعمالهم، وأن كل عمل لا يستند إلى علم ومعرفة هو لغو لا حساب له، ولا اعتداد به.
وفى هذا دعوة إلى العلم الذي يسبق كل عمل يعالجه الإنسان، فمن عمل بلا علم ضلّ سعيه، وبطل عمله.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}.
وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها. إذ قد دعت الآيات السابقة إلى قطع علائق المودة والموالاة بين المؤمنين وبين من لهم بهم صلة من المشركين.. وهذه الآية تشدّ المؤمنين باللّه إليه، وتقيم وجوههم له، دون التفات إلى غيره، إذ أن له وجده- سبحانه- ملك السموات والأرض، وإليه أمر الحياة والموت.
لا يملك أحد معه شيئا من نفع أو ضر، ومن موت أو حياة.. فمن جعل ولاءه لغير اللّه فقد ضلّ وخسر، وليس له من دون اللّه ناصر ينصره، أو ولىّ يعينه ويشدّ أزره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال