سورة يونس / الآية رقم 35 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَناًّ إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ وَمَا كَانَ هَذَا القُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لاَ يَعْقِلُونَ

يونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونسيونس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)}
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن هذا هو الحجة الثالثة، واعلم أن الاستدلال على وجود الصانع بالخلق أولاً، ثم بالهداية ثانياً، عادة مطردة في القرآن، فحكى تعالى عن الخليل عليه السلام أنه ذكر ذلك فقال: {الذى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: 78] وعن موسى عليه السلام أنه ذكر ذلك فقال: {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} [طه: 50] وأمر محمداً صلى الله عليه وسلم فقال: {سَبِّحِ اسم رَبّكَ الاعلى الذي خَلَقَ فسوى والذى قَدَّرَ فهدى} [الأعلى: 1 3] وهو في الحقيقة دليل شريف، لأن الإنسان له جسد وله روح، فالاستدلال على وجود الصانع بأحوال الجسد هو الخلق، والاستدلال بأحوال الروح هو الهداية فهاهنا أيضاً لما ذكر دليل الخلق في الآية الأولى، وهو قوله: {أمَّنْ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} [النمل: 64] أتبعه بدليل الهداية في هذه الآية.
واعلم أن المقصود من خلق الجسد حصول الهداية للروح، كما قال تعالى: {والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والابصار والافئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] وهذا كالتصريح بأنه تعالى إنما خلق الجسد، وإنما أعطى الحواس لتكون آلة في اكتساب المعارف والعلوم، وأيضاً فالأحوال الجسدية خسيسة يرجع حاصلها إلى الالتذاذ بذوق شيء من الطعوم أو لمس شيء من الكيفيات الملموسة، أما الأحوال الروحانية والمعارف الإلهية، فإنها كمالات باقية أبد الآباد مصونة عن الكون والفساد، فعلمنا أن الخلق تبع للهداية، والمقصود الأشرف الأعلى- حصول الهداية.
إذا ثبت هذا فنقول: العقول مضطربة والحق صعب، والأفكار مختلطة، ولم يسلم من الغلط إلا الأقلون، فوجب أن الهداية وإدراك الحق لا يكون إلا بإعانة الله سبحانه وتعالى وهدايته وإرشاده، ولصعوبة هذا الأمر قال الكليم عليه السلام بعد استماع الكلام القديم {رَبّ اشرح لِى صَدْرِى} [طه: 25] وكل الخلق يطلبون الهداية ويحترزون عن الضلالة، مع أن الأكثرين وقعوا في الضلالة، وكل ذلك يدل على أن حصول الهداية والعلم والمعرفة ليس إلا من الله تعالى.
إذا عرفت هذا فنقول: الهداية إما أن تكون عبارة عن الدعوة إلى الحق، وإما أن تكون عبارة عن تحصيل تلك المعرفة وعلى التقديرين فقد دللنا على أنها أشرف المراتب البشرية وأعلى السعادات الحقيقية، ودللنا على أنها ليست إلا من الله تعالى.
وأما الأصنام فإنها جمادات لا تأثير لها في الدعوة إلى الحق ولا في الإرشاد إلى الصدق، فثبت أنه تعالى هو الموصل إلى جميع الخيرات في الدنيا والآخرة، والمرشد إلى كل الكمالات في النفس والجسد، وأن الأصنام لا تأثير لها في شيء من ذلك، وإذا كان كذلك كان الاشتغال بعبادتها جهلاً محضاً وسفهاً صرفاً، فهذا حاصل الكلام في هذا الاستدلال.
المسألة الثانية: قال الزجاج: يقال هديت إلى الحق، وهديت للحق بمعنى واحد، والله تعالى ذكر هاتين اللغتين في قوله: {قُلِ الله يَهْدِى لِلْحَقّ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحق}.
المسألة الثالثة: في قوله: {أَم مَّنْ لاَّ يَهِدِّى} ست قراءات: الأول: قرأ ابن كثير وابن عامر وورش عن نافع {يَهْدِى} بفتح الياء والهاء وتشديد الدال، وهو اختيار أبي عبيدة وأبي حاتم، لأن أصله يهتدي أدغمت التاء في الدال ونقلت فتحة التاء المدغمة إلى الهاء.
الثانية: قرأ نافع ساكنة الهاء مشددة الدال أدغمت التاء في الدال وتركت الهاء على حالها، فجمع في قراءته بين ساكنين كما جمعوا في {يَخِصّمُونَ} [يس: 49] قال علي بن عيسى وهو غلط على نافع.
الثالثة: قرأ أبو عمرو بالإشارة إلى فتحة الهاء من غير إشباع فهو بين الفتح والجزم مختلسة على أصل مذهبه اختياراً للتخفيف، وذكر علي بن عيسى أنه الصحيح من قراءة نافع.
الرابعة: قرأ عاصم بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال فراراً من التقاء الساكنين، والجزم يحرك بالكسر.
الخامسة: قرأ حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بكسر الياء والهاء أتبع الكسرة للكسرة. وقيل: هو لغة من قرأ {نستعين ونعبد} السادسة: قرأ حمزة والكسائي {مَّن يَهْدِى} ساكنة الهاء وبتخفيف الدال على معنى يهتدي والعرب تقول: يهدي، بمعنى يهتدي يقال: هديته فهدى أي اهتدى.
المسألة الرابعة: في لفظ الآية إشكال، وهو أن المراد من الشركاء في هذه الآية الأصنام وأنها جمادات لا تقبل الهداية، فقوله: {أَم مَّنْ لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يَهْدِي} لا يليق بها.
والجواب من وجوه:
الأول: لا يبعد أن يكون المراد من قوله: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} هو الأصنام. والمراد من قوله: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق} رؤساء الكفر والضلالة والدعاة إليها. والدليل عليه قوله سبحانه: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله} إلى قوله: {لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سبحانه عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] والمراد أن الله سبحانه وتعالى هدى الخلق إلى الدين الحق بواسطة ما أظهر من الدلائل العقلية والنقلية.
وأما هؤلاء الدعاة والرؤساء فإنهم لا يقدرون على أن يهدوا غيرهم إلا إذا هداهم الله تعالى، فكان التمسك بدين الله تعالى أولى من قبول قول هؤلاء الجهال.
الوجه الثاني: في الجواب أن يقال: إن القوم لما اتخذوها آلهة، لا جرم عبر عنها كما يعبر عمن يعلم ويعقل، ألا ترى أنه تعالى قال: {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194] مع أنها جمادات وقال: {إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ} [فاطر: 14] فأجرى اللفظ على الأوثان على حسب ما يجري على من يعقل ويعلم فكذا هاهنا وصفهم الله تعالى بصفة من يعقل، وإن لم يكن الأمر كذلك.
الثالث: أنا نحمل ذلك على التقدير، يعني أنها لو كانت بحيث يمكنها أن تهدي، فإنها لا تهدي غيرها إلا بعد أن يهديها غيرها، وإذا حملنا الكلام على هذا التقدير فقد زال السؤال.
الرابع: أن البنية عندنا ليست شرطاً لصحة الحياة والعقل، فتلك الأصنام حال كونها خشباً وحجراً قابلة للحياة والعقل، وعلى هذا التقدير فيصح من الله تعالى أن يجعلها حية عاقلة ثم إنها تشتغل بهداية الغير.
الخامس: أن الهدى عبارة عن النقل والحركة يقال: هديت المرأة إلى زوجها هدى، إذا نقلت إليه والهدي ما يهدى إلى الحرم من النعم، وسميت الهدية هدية لانتقالها من رجل إلى غيره، وجاء فلان يهادى بين اثنين إذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتمايله.
إذا ثبت هذا فنقول: قوله: {أَم مَّنْ لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يَهْدِى} يحتمل أن يكون معناه أنه لا ينتقل إلى مكان إلا إذا نقل إليه، وعلى هذا التقدير فالمراد الإشارة إلى كون هذه الأصنام جمادات خالية عن الحياة والقدرة.
واعلم أنه تعالى لما قرر على الكفار هذه الحجة الظاهرة قال: {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} يعجب من مذهبهم الفاسد ومقالتهم الباطلة أرباب العقول.
ثم قال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّا} وفيه وجهان:
الأول: وما يتبع أكثرهم في إقرارهم بالله تعالى إلا ظناً، لأنه قول غير مستند إلى برهان عندهم، بل سمعوه من أسلافهم.
الثاني: وما يتبع أكثرهم في قولهم الأصنام آلهة وأنها شفعاء عند الله إلا الظن والقول الأول أقوى، لأنا في القول الثاني نحتاج إلى أن نفسر الأكثر بالكل.
ثم قال تعالى: {إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئًا} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: تمسك نفاة القياس بهذه الآية، فقالوا: العمل بالقياس عمل بالظن، فوجب أن لا يجوز، لقوله تعالى: {إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئًا}.
أجاب مثبتو القياس، فقالوا: الدليل الذي دل على وجوب العمل بالقياس دليل قاطع، فكان وجوب العمل بالقياس معلوماً، فلم يكن العمل بالقياس مظنوناً بل كان معلوماً.
أجاب المستدل عن هذا السؤال، فقال: لو كان الحكم المستفاد من القياس يعلم كونه حكماً لله تعالى لكان ترك العمل به كفراً لقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون} [المائدة: 44] ولما لم يكن كذلك، بطل العمل به وقد يعدون عن هذه الحجة بأنهم قالوا: الحكم المستفاد من القياس إما أن يعلم كونه حكماً لله تعالى أو يظن أو لا يعلم ولا يظن والأول باطل وإلا لكان من لم يحكم به كافراً لقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون} [المائدة: 44] وبالاتفاق ليس كذلك.
والثاني: باطل، لأن العمل بالظن لا يجوز لقوله تعالى: {إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئًا} والثالث: باطل، لأنه إذا لم يكن ذلك الحكم معلوماً ولا مظنوناً، كان مجرد التشهي، فكان باطلاً لقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات} [مريم: 59].
وأجاب مثبتو القياس: بأن حاصل هذا الدليل يرجع إلى التمسك بالعمومات، والتمسك بالعمومات لا يفيد إلا الظن.
فلما كانت هذه العمومات دالة على المنع من التمسك بالظن، لزم كونها دالة على المنع من التمسك بها، وما أفضى ثبوته إلى نفيه كان متروكاً.
المسألة الثانية: دلت هذه الآية على أن كل من كان ظاناً في مسائل الأصول، وما كان قاطعاً، فإنه لا يكون مؤمناً.
فإن قيل: فقول أهل السنة أنا مؤمن إن شاء الله يمنع من القطع فوجب أن يلزمهم الكفر.
قلنا: هذا ضعيف من وجوه:
الأول: مذهب الشافعي رحمه الله: أن الإيمان عبارة عن مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل، والشك حاصل في أن هذه الأعمال هل هي موافقة لأمر الله تعالى؟ والشك في أحد أجزاء الماهية لا يوجب الشك في تمام الماهية.
الثاني: أن الغرض من قوله إن شاء الله بقاء الإيمان عند الخاتمة.
الثالث: الغرض منه هضم النفس وكسرها والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال