سورة هود / الآية رقم 32 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ

هودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهود




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما كان نفيهم للفضل شاملاً للأموال وعلم الغيب، أقرهم على ذلك منبهاً على خطئهم فيه بأنه لم يقل بينهم قط ما يكون سبباً له، فقال عاطفاً على قوله: {لا أسئلكم عليه أجراً}؛ {ولا أقول لكم} أي في وقت من الأوقات {عندي خزائن الله} أي الملك الأعظم فأتفضل عليكم بها؛ ولما كان من الجائز أن يمكن الله من يشاء من خزائن الأرزاق ونحوها فيسوغ له أن يطلق ملك ذلك مجازاً، ولا يجوز أن يمكنه من علم الغيب، وهو ما غاب عن الخلق كلهم، لأنه خاصته سبحانه، قال عاطفاً على {أقول} لا على المقول: {ولا أعلم الغيب} لا حقيقة ولا مجازاً فأعلم وقت ما توعدون به أو ما في قلوب المؤمنين مما قد يتوهم به من السوء، وأعلمهم أنه لا مانع من إرسال البشر بقوله: {ولا أقول إني ملك} فتكون قوتي أفضل من قوتكم أو خلقي أعظم قدراً من خلقكم ونحو ذلك من الفضل الصوري الذي جعلتموه هو الفضل، فلا تكون الآية دليلاً على أفضلية الملائكة، وتقدم في الأنعام سر إسقاطه {لكم}.
ولما كان تعريضهم بنفي الملكية عنه من باب الإزراء، أتبعه تأكيد قبوله لمن آمن كائناً من كان وإن ازدروه بقوله: {ولا أقول للذين} أي لأجل الذين {تزدري} أي تحتقر {أعينكم} أي تقصرون به عن الفضل عند نظركم له وتعيبونه {لن يؤتيهم الله} أي الذي له الكمال كله {خيراً} ولما كان كأنه قيل: ما لك لا تقول ذلك؟ أجاب بما تقديره: لأني أعلم ضمائرهم ولا أحكم إلا على الظاهر: {الله} أي المحيط بكل شيء {أعلم} أي حتى منهم {بما في أنفسهم} ومن المعلوم أنه لا يظلم أحداً، فمن كان في نفسه خير جازاه عليه، ويجوز أن يكون هذا راجعاً إلى {بادي الرأي} بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم كما تقدم؛ ثم علل كفه عن ذلك بقوله مؤكداً لإنكارهم ظلمه على ذلك التقدير: {إني إذاً} أي إذا قلت لهم ذلك {لمن الظالمين} اي العريقين في وضع الشيء في غير موضعه؛ والخزائن: أخبية المتاع الفاخرة، وخزائن الله مقدوراته لأنه يوجد منها ما يشاء، وفي وصفها بذلك بلاغة؛ والغيب: ذهاب الشيء عن الإدراك، ومنه الشاهد خلاف الغائب، وإذا قيل: علم غيب، كان معناه: علم من غير تعليم؛ والازدراء: الاحتقار، وهو افتعال من الزراية، زريت عليه- إذا عبته، وأزريت عليه- إذا قصرت به؛ والملك أصله مألك من الألوكة وهي الرسالة.
فلما استوفى نقض ما أبرموه في زعمهم من جوابهم على غاية الإنصاف واللين والاستعطاف، استأنف الحكاية عنهم بقوله: {قالوا} أي قول من لم يجد في رده شبهة يبديها ولا مدفعاً يغير به: {يا نوح قد جادلتنا} أي اردت فتلنا وصرفنا عن آرائنا بالحجاج وأردنا صرفك عن رأيك بمثل ذلك {فأكثرت} أي فتسبب عن ذلك وعن تضجرنا أنك أكثرت {جدالنا} أي كلامنا على صورة الجدال {فأتنا} أي فتسبب عن ذلك وعن تضجرنا أن نقول لك: لم يصح عندنا دعواك، ائتنا {بما تعدنا} من العذاب {إن كنت} أي كوناً هو جبلة لك {من الصادقين} أي العريقين في الصدق في أنه يأتينا فصرحوا بالعناد المبعد من الإنصاف والاتصاف بالسداد وسموه باسمه ولم يسمحوا بأن يقولوا له: يا ابن عمنا، مرة واحدة كما كرر لهم: يا قوم، فكان المعنى أنا غير قابلين لشيء مما تقول وإن أكثرت وأطلت- بغير حجة منهم بل عناداً وكبراً فلا تتعب، بل قصر الأمر مما تتوعدنا به، وسموه وعداً سخرية به، أي أن هذا الذي جعلته وعيداً هو عندنا وعد حسن سار باعتبار أنا نحب حلوله، المعنى أنك لست قادراً على ذلك ولا أنت صادق فيه، فإن كان حقاً فائتنا به، فكأنه قيل: ماذا قال لهم؟ فقيل: {قال} جرياً على سنن قوله: {ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب}: {إنما يأتيكم به الله} أي الذي له الإحاطة بكل شيء فتبرأ من الحول والقوة ورد ذلك إلى من هو له، وأشار بقوله: {إن شاء} إلى أنه مخير في إيقاعه وإن كان قد تقدم قوله به إرشاداً إلى أنه سبحانه لا يجب عليه شيء ولا يقبح منه شيء، بل ولا يسأل عما يفعل وإن كان لا يقع إلا ما أخبر به؛ ثم بين لهم عجزهم وخطأهم في تعرضهم للهلاك فقال: {وما أنتم بمعجزين} أي في شيء من الأوقات لشيء مما يريده بكم سبحانه؛ والإكثار: الزيادة على مقدار الكفاية؛ والمجادلة: المقابلة بما يفتل الخصم عن مذهبه بحجة أو شبهة، وهو من الجدل وهو شدة الفتل والمطلوب به الرجوع عن المذهب، والمطلوب بالحجاج ظهور الحجة، فهو قد يكون مذموماً كالمراء، وذلك حيث يكون للتشكيك في الحق بعد ظهوره، وحيث قيد الجدال ب {التي هي أحسن} [العنكبوت: 46] فالمراد به إظهار الحق.
ولما بين أنهم إنما هم في قبضته سبحانه، زاد في بيان عظمته وأن إرادته تضمحل معها كل إرادة في سياق دال على أنه بذلك ناصح لهم وأن نصحه خاص بهم، فقال جواباً لما وهموا من أن جداله لهم كلام بلا طائل: {ولا ينفعكم نصحي} وذكر إرادته لما يريد أن يذكره من إرادة الله فقال: {إن أردت} أي جمعت إلى فعل النصح إرادة {أن أنصح لكم} بإعلام موضع الغي ليتقى والرشد ليتبع، وجزاءه محذوف تقديره: لا ينفعكم نصحي {إن كان الله} أي الذي له الأمر كله {يريد أن يغويكم} أي يضلكم ويركبكم غير الصواب فإنه إرادته سبحانه تغلب إرادتي وفعلي معاً لا ينفعكم شيء إشارة إلى أنكم لا تقدرون على دفع العذاب بقوة فتكونوا غالبين، ولا بطاعة فتكونوا محبوبين مقربين إن كان الله يريد إهلاككم بالإغواء، وأن أردت أنا نجاتكم، ولم يقل: ولا ينفعكم نصحي إن نصحت لكم، إشارة إلى أني لا أملك إلا إرادتي لنصحكم، فإذا أردته فغاية ما يترتب عليه من فعلي وقوع النصح وإخلاصه لكم، وأما النفع به فلا شيء منه إليّ، بل هو تابع لمراد الله، فإن أراد غوايتكم حصلت لا محالة، ولم يقع ما قد يترتب على النصح من عمل المنصوح بمقتضاه المستجلب لنفع المستدفع للضر؛ ثم رغبهم في إحسانه ورهبهم من انتقامه معللاً لعدم ما لا يريده: {هو ربكم} أي الموجد لكم المدبر لأموركم فهو يتصرف وحده لما يريد.
ولما كان التقدير: فمنه مبدؤكم، عطف عليه قوله: {وإليه} أي لا إلى غيره {ترجعون} أي بأيسر أمر وأهونه بالموت ثم البعث فيجازيكم على أعمالكم كما هي عادة الملوك مع عمالهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال