سورة هود / الآية رقم 116 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوَهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ

هودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهودهود




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)}
{فَلَوْلاَ كَانَ} تحضيض فيه معنى التفجع مجازًا أي فهلا كان {مّنَ القرون} أي الأقوام المقترنة في زمان واحد {مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ} أي ذوو خصلة باقية من الرأي والعقل. أو ذوو فضل على أن يكون البقية اسمًا للفضل والهاء للنقل، وأطلق عليه ذلك على سبيل الاستعارة من البقية التي يصطفيها المرء لنفسه ويدخرها مما ينفعه، ومن هنا يقال: فلان من بقية القوم أي من خيارهم، وبذلك فسر بيت الحماسة:
إن تذنبوا ثم يأتيني بقيتكم *** فما علي بذنب عندكم فوت
ومنه قولهم: في الزوايا خبايا. وفي الرجال بقايا، وجوز أن تكون البقية عنى البقوى كالتقية عنى التقوى أي فهلا كان منهم ذوو إبقاء لانفسهم وصيانة لها عما يوجب سخط الله تعالى وعقابه، والظاهر أنها على هذا مصدر، وقيل: اسم مصدر، ويؤيد المصدرية أنه قرئ {بَقِيَّتُ} بزنة المرة وهو مصدر بقاه يبقيه كرماه يرميه عنى انتظره وراقبه، وفي الحديث عن معاذ بن جبل قال: «بقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأخر صلاة العشاء حتى ظن الظان أنه ليس بخارج» الخبر أراد معاذ انتظرناه، وأما الذي من البقاء ضد الفناء ففعله بقي يبقى كرضى يرضى، والمعنى على هذه القراءة فهلا كان منهم ذوو مراقبة لخشية الله تعالى وانتقامه، وقرئ {بَقِيَّتُ} بتخفيف الياء اسم فاعل من بقي نحو شجيت فهي شجية.
وقرأ أبو جعفر. وشيبة {بَقِيَّتُ} بضم الباء وسكون القاف {يَنْهَوْنَ عَنِ الفساد فِى الارض} الواقع فيما بينهم حسا ذكر في قصصهم، وفسر الفساد في البحر بالكفر وما اقترن به من المعاصي {إِلاَّ قَلِيلًا مّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ} استثناء منقطع أي ولكن قليلًا منهم أنجيناهم لكونهم كانوا ينهون، وقيل أي: ولكن قليلًا ممن أنجينا من القرون نهو نهوا عن الفساد وسائرهم تاركون للنهي، و{مِنْ} الأولى بيانية لا تبعيضية لأن النجاة إنما هي للناهين وحدهم بدليل قوله سبحانه: {أَنجَيْنَا الذين يَنْهَوْنَ عَنِ السوء وَأَخَذْنَا الذين ظَلَمُواْ} [الأعراف: 165] وإلى ذلك ذهب الزمخشري، ومنع اتصال الاستثناء على ما عليه ظاهر الكلام لاستلزامه فساد المعنى لأنه يكون تحضيضًا لأولى البقية على النهي عن الفساد إلا للقليل من الناجين منهم، ثم قال: وإن قلت: في تحضيضهم على النهي عن الفساد معنى نفيه عنهم فكأنه قيل: ما كان من القرون أولو بقية إلا قليلا كان استثناءًا متصلًا ومعنى صحيحًا وكان انتصابه على أصل الاستثناء وإن كان الأفصح أن يرفع على البدل، والحاصل أن في الكلام اعتبارين: التحضيض. والنفي، فإن اعتبر التحضيض لا يكون الاستثناء متصلًا ون المتصل يسلب ما للمستثنى منه عن المستثنى أو يثبت له ما ليس له، والتحضيض معناه لم ما نهوا، ولا يجوز أن يقال: إلا قليلا فانهم لا يقال لهم: لم ما نهوا لفساد المعنى لأن القليل ناهون وإن اعتبر النفي كان متصلا لأنه يفيد أن القليل الناجين ناهون، وأورد على ذلك القطب أن صحة السلب.
أو الإثبات بحسب اللفظ لازم في الخبر وأما في الطلب فيكون بحسب المعنى فانك إذا قلت: اضرب القوم إلا زيدًا فليس المعنى على أنه ليس أضرب بل على أن القوم مأمور بضربهم إلا زيدًا فإنه غير مأمور به فكذا هنا يجوز أن يقال: {أُوْلُو بَقِيَّتُ} محضوضون على النهي {إِلاَّ قَلِيلًا} فانهم ليسوا محضوضين عليه لأنهم نهوا فالاستثناء متصل قطعًا كما ذهب إليه بعض السلف، وقد يدفع ما أورده بأن مقتضى الاستنثاء أنهم غير محضوضين، وذلك إما لكونهم نهوا. أو لكونهم لا يحضون عليه لعدم توقعه منهم، فإما أن يكون قد جعل احتمال الفساد إفسادًا أو ادّعى أنه هو المفهوم من السياق، ثم إن المدقق صاحب الكشف قال: إن ظاهر تقرير كلام الزمخشري يشعر بأن {يَنْهَوْنَ} خبر {كَانَ} جعل {مّنَ القرون} خبرًا آخر أو حالًا قدمت لأن تحضيض أولي البقية على النهي على ذلك التقدير حتى لو جعل صفة، و{مّنَ القرون} خبرًا كان المعنى تنديم أهل القرون على أن لم يكن فهم أولو بقية ناهون وإذا جعل خبرًا لا يكون معنى الاستثناء ما كان من القرون أولو بقية إلا قليلا بل كان ما كان منهم أولو بقية ناهين إلا قليلًا فانهم نهوا وهو فاسد، والانقطاع على ما أثره الزمخشري أيضًا يفسد لما يلزم منه أن يكون أولو بقية غير ناهين لأن في التحضيض والتنديم دلالة على نفيه عنهم، فالوجه أن يووّل بأن المقصد من ذكر الاسم الخبر وهو كالتمهيد له كؤنه قيل: فلولا كان من القرون من قبلكم ناهون إلا قليلًا، وفي كلامه إشارة إلى أنه لا يختلف نفي الناهي، وأولو البقية، وإنما عدل إلى المنزل مبالغة لأن أصحاب فضلهم وبقاياهم إذا حضضوا على النهي وندموا على الترك فهم أولي بالتحضيض والتنديم، وفيه مع ذلك الدلالة على خلوهم عن الاسم لخلوهم عن الخبر لأن ذا البقية لا يكون إلا ناهيًا فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وهو من باب.
ولا ترى الضب بها ينجحر ***
وقولك: ما كان شجعانهم يحمون عن الحقائق في معرض الذم تريد أن لاشجاع ولا حماية لكن بالغت في الذم حتى خيلت أنه لو كان لهم شجاع كان كالعدم فهذا هو الوجه الكريم والمطابق لبلاغة القرآن العظيم انتهى، وهو تحقيق دقيق أنيق.
وادعى بعضهم أن الظاهر أن {كَانَ} تامة، و{أُوْلُو بَقِيَّتُ} فاعلها، وجملة {يَنْهَوْنَ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون} حال متقدمة عليه، و{مِنْ} تبعيضية، و{مِن قَبْلِكُمْ} حال من {القرون}، ويجوز أن يكون صفة لها أي الكائنة بناءًا على رأي من جوز حذف الموصول مع بعض صلته، واعترض بأنه يلزم منه كون التحضيض على وجود أولئك فيهم وكذا يلزم كون المنفي ذلك وليس بذاك بل المدار على النهي تحضيضًا ونفيًا، والتزام توجه الأمرين إليه لكون الصفة قيدًا في الكلام؛ والاستعمال الشائع توجه نحو ما ذكر إلى القيد كما قيل زيادة نغمة في الطنبور من غير طرب، ومثله بعد من النصب {واتبع الذين ظَلَمُواْ} وهم تاركو النهي عن الفساد.
{مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ} ما انعموا فيه من الثروة والعيش الهنيء والشهوات الدنيوية، وأصل الترف التوسع في النعمة.
وعن الفراء معنى أترف عود الترفة وهي النعمة، وقيل: {أُتْرِفُواْ} أي طغوا من أترفته النعم إذا أطغته ففي إما سببية أو ظرفية مجازية، وتعقب بأن هذا المعنى خلاف المشهور وإن صح هنا؛ ومعنى اتباع ذلك الاهتمام به وترك غيره أي اهتموا بذلك {وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ} أي مرتكبي جرائم غير ذلك، أو كافرين متصفين بما هو أعظم الاجرام، ولكل من التفسيرين ذهب بعض، وحمل بعضهم {الذين ظَلَمُواْ} على ما يعم تركي النهي عن الفساد والمباشرين له، ثم قال: وأنت خبير بأنه يلزم من التحضيض بالأولين عدم دخول مباشري الفساد في الظلم والأجرام عبارة، ولعل الأمر في ذلك هين فلا تغفل، والجملة عند أبي حيان مستأنفة لخبار عن حال هؤلاء {الذين ظَلَمُواْ} وبيان أنهم مع كونهم تاركي النهي عن الفساد كانوا ذوي جرائم غير ذلك.
وجوز بعض المحققين أن تكون عطفًا على مقدر دل عليه الكلام أي لم ينهوا {واتبع} الخ.
وقيل: التقدير إلا قليلًا ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد {واتبع الذين} الخ، وأن تكون استئنافًا يترتب على قوله سبحانه: {إِلاَّ قَلِيلًا} أي إلا قليلًا ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد {واتبع الذين ظَلَمُواْ} من مباشري الفساد وتاركي النهي عنه، وجعل الاظهار على هذا مقتضى الظاهر، وعلى الأول لادراج المباشرين مع التاركين في الحكم والتسجيل عليهم بالظلم وللاشعار بعلية ذلك لما حاق بهم من العذاب.
وفي الكشاف ما يقضي ظاهره بأن العطف على نهو الواقع خبر لكن فيلزم أن يكون المعطوف خبرًا أيضًا مع خلوه عن الرابط، وأجيب تارة بأنه في تأويل سائرهم أو مقابلوهم وأخرى بأن نهو جملة مستأنفة استؤنفت بعد اعتبار الخبر فعطف عليها، وفي ذلك ما فيه، وقوله تعالى: {فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ} عطف على {اتبع الذين} إلخ مع المغايرة بينهما، وجوز أن يكون العطف تفسيريًا على معنى {وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ} بذلك الاتباع، وفيه بعد، وأن يكون على {أُتْرِفُواْ} على معنى اتبعوا الاتراف وكونهم مجرمين لأن تابع الشهوات مغمور بالآثام، أو أريد بالإجرام إغفالهم للشكر، وتعقبه صاحب التقريب بقوله: وفيه نظر لأن ما في {مَا أُتْرِفُواْ} موصولة لا مصدرية لعود الضمير من {فِيهِ} إليه، فكيف يقدر {كَانُواْ} مصدرًا إلا أن يقال: يرجع الضمير إلى الظلم بدلالة {ظَلَمُواْ} فتكون {مَا} مصدرية وأن تكون الجملة اعتراضًا بناءًا على أنه قد يكون في آخر الكلام عند أهل المعاني.
وقرأ أبو جعفر. والعلاء بن سيابة. وأبو عمرو، وفي رواية الجعفي {واتبع} بضم الهمزة المقطوعة وسكون التاء وكسر الباء على البناء للمفعول من الاتباع، قيل: ولا بد حينئذ من تقدير مضاف أي اتبعوا جزاء ما أترفوا و{مَا} إما مصدرية أو موصولة والواو للحال، وجعلها بعضهم للعطف على لم ينهوا المقدر، والمعنى على الأوّل {إِلاَّ قَلِيلًا} نجيناهم وقد هلك سائرهم، وأما قوله سبحانه: {وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ} فقد قالوا: إنه لا يحسن جعله قيدًا للانجاء إلا من حيث أنه يجري مجرى العلة لاهلاك السائر فيكون اعتراضًا. أو حالًا من {الذين ظَلَمُواْ} والحال الأول من مفعول {أَنجَيْنَا} المقدر، وجوز أن يفسر بذلك القراءة المشهورة، وتقدم الإنجاء للناهين يناسب أن يبين هلاك الذين لم ينهوا، والواو للحال أيضًا في القول الشائع كأنه قيل: {أَنجَيْنَا} القليل وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم فهلكوا، وإذا فسرت المشهورة بذلك فقيل: فاعل اتبع ما اترفوا أو الكلام على القلب فتدبر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال