سورة هود / الآية رقم 121 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

هودهودهودهودهودهودهودهوديوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ(121)}
أي: اصنعوا ما شئتم، ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم مستندٌ إلى رصيد قويّ من الإيمان بإلهٍ لا يهوله أن يستعد له الخصم؛ فهو صلى الله عليه وسلم والذين معه لا يواجهون الخصم بذواتهم؛ ولا بعدَدهم وعُددهم؛ وإنما يواجهونه بالركن الركين الذي يستندون إليه، وهو الحق سبحانه وتعالى.
ونحن نرى في حياتنا اليومية أن أي قائد في معركة إنما يشعر بالثقة حين يصل إلى علمه أن مدداً سوف يصله من الوطن الذي يحارب من أجله؛ لأنه سيعزز من قوته، فما بالنا بالمدد الذي يأتي ممن لا ينفد ما عنده؛ وممن لا يُجير عليه أحدٌ؛ فهو يُجير ولا يُجَار عليه.
ولذلك نلاحظ أن الأنبياء استظلوا بتلك المظلة، فموسى عليه السلام حين كاد الفرعون أن يلحق به؛ ورأى قومه أنْ لا نجاة لهم؛ فالبحر أمامهم والعدو وراءهم؛ صرخوا: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61].
لكن موسى عليه السلام يطمئنهم: {كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62].
فموسى عليه السلام يعلم أنه مُستند بقوة الله لا بقوة قومه، وأمدَّه الله سبحانه بمعجزة جديدة: {اضرب بِّعَصَاكَ البحر} [الشعراء: 63].
فينفلق البحر؛ ليفسح بين مياهه طريقاً يابسة؛ وسار موسى عليه السلام وقومه، وفكر موسى في قطع السبيل على عدوه حتى لا يسير في نفس الطريق المشقوق بأمر الله عبر معجزة ضرب البحر بالعصا، وأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر ضربة ثانية ليعود البحر إلى حالة السيولة مرة أخرى، فيقول له الله سبحانه: {واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ} [الدخان: 24].
أي: أتركه على ما هو عليه؛ لينخدع فرعون ويسير في الطريق اليابسة، ثم يعيد الحق سبحانه البحر كما كان، وبذلك أنْجَى الحق سبحانه وأهْلَكَ بالشيء الواحد؛ وهذه لا يقدر عليها غير الله سبحانه وتعالى وحده.
وهكذا يَهَبُ الحق سبحانه المؤمنين به القدرة على تحدي الكافرين. والإيمان كله معركة من التحدي؛ تحدٍّ في صدق الرسول كمبلِّغ عن الله، ومعه معجزة تدل على رسالته، وتحدٍّ في نصرة الرسول ومَنْ معه من قلة مؤمنة؛ فيغلبون الكثرة الكافرة.
والحق سبحانه يقول: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين} [البقرة: 249].
وهكذا يشيع التحدي في معارك الإيمان.
وقد تميِّز كل رسول بمعجزة يتحدى بها أولاً؛ ثم ينتهي دورها؛ لينزل له بعدها منهج من السماء؛ ليبشِّر به قومه، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تميَّز بمعجزة لا تنتهي، وهي عَيْنُ منهجه؛ لأنه رسول إلى كل الأزمان وإلى كل الأمكنة؛ فكان لابد من معجزة تصاحب المنهج إلى يوم القيامة.
ولذلك نجد كل مؤمن بالرسالة المحمدية يقول: محمد رسول الله والقرآن معجزته إلى أن تقوم الساعة.
والحق سبحانه يقول هنا: {وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ} [هود: 121].
ونحن نعلم أن كل كائن منَّا له مكان، أي: له حَيِّز وجِرْم. ويقال: فلان له مكانة في القوم، أي: له مركز مرموق؛ إذا خلا منه لا يستطيع غيره أنْ يشغله، وهو مكان يدلُّ على الشرف والعظمة والسيادة والوجاهة ونباهة الشأن.
فقول الحق: {اعملوا على مَكَانَتِكُمْ} [هود: 121].
أي: اعلموا على قَدْر طاقتكم من عُدة ومن عَدد، فإن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رباً سيهديه وينصره، وفي هذا تهديد لهم؛ وليس أمراً لهم؛ لأنهم ككفار لن يمتثلوا لأمر مِنْ عَدوِّهم.
ولو أنهم امتثلوا لأمر محمد وربِّ محمد لَمَا كانوا كافرين؛ بل لأصبحوا من الطائعين.
وحين يقول لهم سبحانه في آخر الآية: {إِنَّا عَامِلُونَ} [هود: 121].
فمعنى ذلك أن كل ما في قدراتكم هو محدود لأنكم من الأغيار الأحداث؛ أما فعل الله تعالى فهو غير محدود؛ لأنه سبحانه قديمٌ أزليٌّ لا تحده حدود، ولن يناقض عمل المُحدَث الحادث عمل القديم الأزلي، فقوة الحادث المُحدَث موهوبة له من غيره، أما قوة الحق سبحانه فهي ذاتية فيه.
ونحن نعلم أن أيَّ عمل إنما يُقَاس بقوة فاعله، وخطأ المستقبلين لمنهج الله أنهم إذا جاء عمل؛ نَسَوا مَنِ الذي عَمِلَ العمل، ولو كان العمل من فعل البشر لَحقَّ للإنسان أن يتكلم، لكن إذا ما كان العمل من الله تعالى فليلزمِ الإنسان حدوده.
ومثال ذلك: هؤلاء الذين جادلوا في مسألة الإسراء التي قال فيها الحق تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].
وقالوا: إننا نضرب إليها أكباد الإبل شهراً، فكيف يقول إنه أتاها في ليلة؟
وكان الرد عليهم: إن محمداً لم يَقُلْ إنه سَرَى من البيت الحرام إلى المسجد الأقصى بقوته هو، بل أُسْرِيَ به، والذي عمل ذلك هو الله سبحانه وليس محمداً، فقيسوا هذا العمل بقوة الله تعالى وليس بقوة محمد.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال