سورة هود / الآية رقم 123 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

هودهودهودهودهودهودهودهوديوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
{وَللَّهِ غَيْبُ السموات والارض} أي أنه سبحانه يعلم كل ما غاب في السموات والأرض ولا يعلم ذلك أحد سواه جل وعلا {وَإِلَيْهِ} لا إلى غيره عز شأنه {يُرْجَعُ الامر} أي الشأن {كُلُّهُ} فيرجع لا محالة أمرك وأمرهم إليه، وقرأ أكثر السبعة {يُرْجَعُ} بالبناء للفاعل من رجع رجوعًا {فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} فانه سبحانه كافيك، والفاء لترتيب الأمر بالعبادة والتوكل على كون مرجع الأمور كلها إليه، وقيل: على ذلك، وكونه تعالى عالمًا بكل غيب أيضًا، وفي تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة تنبيه على أن التوكل لا ينفع دونها وذلك لاْن تقدمه في الذكر يشعر بتقدمه في الرتبة أو الوقوع.
وقيل: التقديم والتأخير لأن المراد من العبادة امتثال سائر الأوامر من الإرشاد والتبليغ وغير ذلك؛ ومن التوكل التولك فيه كأنه قيل: امتثل ما أمرت به وداوم على الدعوة والتبليغ وتوكل عليه في ذلك ولا تبال بالذين لا يؤمنون ولا سضق صدرك منهم {وَمَا رَبُّكَ بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} بتاء الخطاب على تغليب المخاطب، وبذلك قرأ نافع. وأبو عامر. وحفص. وقتادة والأعرج. وشيبة. وأبو جعفر. والجحدري أي وما ربك بغافل عما تعمل أنت وما يعملون هم فيجازي كلا منك ومنهم وجب الاستحقاق، وقرأ الباقون من السبعة بالياء على الغيبة وذلك ظاهر، هذا وفي زوائد الزهد لعبد الله بن أحمد بن حنبل. وفضائل القرآن لابن الضريس عن كعب أن فاتحة التوراة فاتحة الأنعام وخاتمتها خاتمة هود {وَللَّهِ غَيْبُ السموات والارض} إلى آخر السورة، والله تعالى أعلم.
ومن باب الإشارة في الآيات: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ} كامل الشقاوة {و} منهم {سعيد} [هود: 105] كامل السعادة {فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِى النار} [هود: 106] أي نار الحرمان عن المراد وآلام ما اكتسبوه من الآثام وهو عذاب النفس {خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والارض إِلاَّ مَا إِنَّ رَبَّكَ} فيخرجون من ذلك إلى ما هو أشد منه من نيران القلب وذلك بالسخط والاذلال ونيران الروح وذلك بالحجب واللعن والقهر {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] لا حجر عليه سبحانه: {وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ فَفِى الجنة} أي جنة حصول المرادات واللذات وهي جنة النفس {خالدين فِيهَا دَامَتِ السماوات والارض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} [هود: 108] فيخرجون من ذلك إلى ما هو أعلى وأعلى من جنات القلب في مقام تجليات الصفات وجنات الروح في مقام الشهود وهناك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وقد يحمل التنوين على النوعية ويؤول الاستثناء بخروج الشقي من النار بالترقي من مقامه إلى الجنة بزكاء نفسه عما حال بينه وبينها {فاستقم كَمَا أُمِرْتَ} أي في القيام بحقوق الحق والخلق وذلك بالمحافظة على حقوقه تعالى والتعظيم لأمره والتسديد لخلقه مع شهود الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة من غير إخلال ما بشرط من شرائط التعظيم {وَمَن تَابَ} عن انيته وذنب وجوده {معك} من المؤمنين الموحدين إلى مقام البقاء بعد الفناء، وقيل: إن الاستقامة المأمور بها صلى الله عليه وسلم فوق الاستقامة المأمور بها من معه عليه الصلاة والسلام والعطف لا يقتضي أكثر من المشاركة في مطلق الفعل كما يرشد إليه قوله تعالىمطلق الفعل كما يرشد إليه قوله تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم} [آل عمران: 18] على قول، ومن هنا قال الجنيد قدس سره: الاستقامة مع الخوف والرجاء حال العابدين. والاستقامة مع الهيبة والرجاء حال المقربين. والاستقامة مع الغيبة عن رؤية الاستقامة حال العارفين {وَلاَ تَطْغَوْاْ} [هود: 112] ولا تخرجوا عما حدّ لكم من الشريعة فإن الخروج عنها زندقة {وَلاَ تَرْكَنُواْ} أي لا تميلوا أدنى ميل {إِلَى الذين ظَلَمُواْ} وهي النفوس المظلمة المائلة إلى الشرور في أصل الخلقة كما قيل:
الظلم من شيم النفوس فان تجد *** ذا عفة فلعلة لم يظلم
وروي ذلك عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر رضي الله تعالى عنهم، وقيل: المعنى لا تقتدوا بالمرائين والجاهلين وقرناء السوء، وقيل: لا تصحبوا الأشرار ولا تجالسوا أهل البدع {وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَىِ النهار وَزُلَفًا مِّنَ اليل} أمر بإقامة الصلاة المفروضة على ما علمت، وقد ذكروا أن الصلاة معراج المؤمن، وفي الأخبار ما يدل على علو شأنها والأمر غنى عن البيان {إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات} [هود: 114] قال الواسطي: أنوار الطاعات تذهب بظلم المعاصي.
وقال يحيى بن معاذ: إن الله سبحانه لم يرض للمؤمن بالذنب حتى ستر ولم يرض بالستر حتى غفر ولم يرض بالغفران حتى بدل فقال سبحانه: {إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ} [هود: 114] وقال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ الله سَيّئَاتِهِمْ حسنات} [الفرقان: 70] ذلك الذي ذكر من إقامة الصلاة في الأوقات المشار إليها وإذهاب الحسنات السيآت ذكرى للذاكرين تذكير لمن يذكر حاله عند الحضور مع الله تعالى في الصفاء والجمعية والأنس والذوق {واصبر} بالله سبحانه في الاستقامة ومع الله تعالى بالحضور في الصلاة وعدم الركون إلى الغير {فإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المحسنين} [هود: 115] الذين يشاهدونه في حال القيام بالحقوق {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القرون مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفساد فِى الارض} [هود: 116] فيه حض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117] قيل: القرى فيه إشارة إلى القلوب {وَأَهْلُهَا} إشارة إلى القوى {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً} متساوية في الاستعداد متفقة على دين التوحيد{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] في الوجهة والاستعداد {إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} بهدايته إلى التوحيد وتوفيقه للكمال فانهم متفقون في المذهب والمقصد متوافقون في السيرة والطريقة قبلتهم الحق ودينهم التوحيد والمحبة وإن اختلفت عباراتهم كما قيل:
عباراتنا شتى وحسنك واحد *** وكل إلى ذاك الجمال يشير
{ولذلك} الاختلاف {خَلْقَهُمْ} وذلك ليكونوا مظاهر جماله وجلاله ولطفه وقهره، وقيل: ليتم نظام العالم ويحصل قوام الحياة الدنيا {أملان جهنم من الجنة والناس أجميعن} [هود: 119] لأن جهنم رتبة من مراتب الوجود لا يجوز في الحكمة تعطيلها وإبقاؤها في كتم العدم مع إمكانها {وَكُلًا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} لما اشتملت عليه من مقاساتهم الشدائد من أممهم مع ثباتهم وصبرهم وإهلاك أعدائهم {وَجَاءكَ فِى هذه} السورة {الحق} الذي ينبغي المحيد عنه {وَمَوْعِظَةٌ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120] وتخصيص هذه السورة بالذكر لما أشرنا إليه، وقيل: للتشريف، وإلا فالقرآن كله كذلك، والكل يغرف من بحره على ما يوافق مشربه، ومن هنا قيل: العموم متعلقون بظاهره. والخصوص هائمون بباطنه. وخصوص الخصوص مستغرقون في تجلى الحق سبحانه فيه {وَللَّهِ غَيْبُ السموات} على اختلاف معانيها {والارض} كذلك {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الامر كُلُّهُ} أي كل شأن من الشؤون فإن الكل منه {فاعبده} اسقط عنك خظوظ نفسك وقف مع الأمر بشرط الأدب {وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} الا تعمتم بما قد كفيته واهتم بما ندبت إليه {وَمَا رَبُّكَ بغافل عَمَّا تَعْمَلُون} [هود: 123] فيجازي كلا حسا تقتضيه الحكمة والله تعالى ولي التوفيق وبيده أزمة التحقيق لا رب غيره ولا يرجى إلا خيره.
انتهى ما وفقنا له من تفسير هود نّ من بيده الكرم والجود، ونسأله سبحانه أن ييسر لنا إتمام ما قصدناه، ويوفقنا لفهم معاني كلامه على ما يحبه ويرضاه، والحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وعلى آله وصحبه وجنده وحزبه، ما غردت الاقلام في رياض التحرير، ووردت الأفهام من حياض التفسير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال