سورة يوسف / الآية رقم 4 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

هودهودهودهودهودهودهودهوديوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسفيوسف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {إذ قال}: معمول لاذكر، أو بدل من {أحسن القصص}؛ إن جعل مفعولاً، بدل اشتمال، و{يا أبت}: أصله: يا أبي، عوض من الياء تاء التأنيث؛ لتناسبهما في الزيادة، ولذلك قلبت في الوقف هاء، في قراءة ابن كثير وأبي عمر ويعقوب. وإنما أعاد العامل في {رأيتهم}؛ لطول الكلام، وجمع الشمس والقمر والكواكب جمع العقلاء؛ لوصفهم بصفاتهم.
يقول الحق جل جلاله: {إذ قال يوسفُ لأَبيهِ} يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم: {يا أبتِ إني رأيتُ} في النوم {أحداً عَشَر كوكباً والشمسَ والقَمَرَ رأيتُهم لي ساجدين}. وقد ذكر البيضاوي حديثاً في تفسير هذه الكواكب فانظره. قيل: إن يوسف عليه السلام كان نائماً في حجر أبيه، فنظر فيه، وقال في نفسه: أترى هذا الوجه أحسن ام الشمس أم القمر؟ فإذا بيوسف قد انتبه من نومه، وقال: {يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً...} إلخ، فلما قص الرؤيا على أبيه بكى، فقال يوسف: لم تبكي يا أبتي؟ قال: يا بني لم يسجد مخلوق لمخلوق إلا عند المحنة، والبلاء، ألا ترى الملائكة لما أسجدهم الله لآدم، كيف ابتلي بالخروج من الجنة؟ ثم قال له: يا بني، الشمس والقمر أنا وخالتك وكانت أمه قد ماتت والإحدى عشر كوكباً إخوتك. اهـ.
{قال يا بنيَّ}، وهو تصغير ابن صغر للشفقة أو لصغر السن، وكان ابن ثنتي عشرة سنة، {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً}؛ فيحتالوا لإهلاكك حيلة. فَهِمَ يعقوبُ عليه السلام من رؤياه أن الله يصطفيه لرسالته، ويفوقه على إخوته، فخاف عليه حسدهم. ومن خاف من شيء سلط عليه.
والرؤيا تختص بالنوم، والرؤية، بالتاء بالبصر. قال البيضاوي: وهي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك، المصادفة منها إنما يكون باتصال النفس بالملكوت؛ لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ. انظر تمامه فيه. وأخرج الحاكم في المستدرك، والطبراني في الأوسط، عن ابن عمر قال: لقي عمر عليَّاً رضي الله عنهما فقال: يا أبا الحسن، الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق، ومنها ما يكذب، قال: نعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلي نوماً إلا عرج بروحه إلى السماء. فالتي لا تستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدقُ، والتي تستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذبُ». اهـ. فمنها ما تكون واضحة المعنى لا تحتاج إلى تعبير، ومنها ما تكون خفية تحتاج إلى تعبير. والمعبر يحتاج إلى علم وفراسة وزيادة إلهام، فعلم التعبير علم مستقل، وقد أعطى الله منه ليوسف عليه السلام حظاً وافراً.
ولما قال يعقوب لابنه: {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً} قال: يا أبت، الأنبياء لا يكيدون، قال له: {إن الشيطان للإنسان عدو مبين}؛ ظاهر العداوة؛ لأجل ما فعل بآدم وحواء، فلا يألوا جهداً في تسويلهم وإثارة الحسد فيهم، حتى يحملهم على الكيد. قيل: لم يسمع كلام يوسف في رؤياه إلا خالته أم شمعون فقالت لإخوته: التعب عليكم، والإقبال على يوسف. فحركهم ذلك حتى فعلوا ما فعلوا. وقيل: أخبرت بذلك ولدها شمعون، فأخبر شمعون إخوته، فخلوا به وقالوا له: إنك لم تكذب قط. فأخبرنا بما رأيت في نومك، فأبى، فأقسموا عليه، فأخبرهم. فوقعوا فيما فعلوا به.
ثم قال له: {وكذلك} أي: وكما اجتَباك لهذه الرؤية الدالة على شرف وعز وكمال نفس، {يجتبيك ربُّك} للنبوة والملك، أو لأمور عظام، {ويُعلِّمك} أي: هو يعلمك {من تأويل الأحاديث}؛ من تعبير الرؤيا؛ لأنها أحاديث المَلك إن كانت صادقة، وأحاديث الشيطان إن كانت كاذبة. أو يعلمك من تأويل غوامض علوم كتب الله، وسنن الأبياء وحكم الحكماء. {ويُتمُّ نعمتَه عليك} بالنبوة، أو بأن يجمع لك بين نعمة الدنيا، ونعمة الآخرة، {وعلى آل يعقوب} يريد: سائر بنيه. ولعله استدل على نبوتهم بضوء الكواكب، {كما أتمها على أبويك من قبلُ}؛ من قبلك، أو من قبل هذا الوقت. فأتمها على إبراهيم بالرسالة والخلة والإنجاء من النار، وإسحاق بالرسالة والإنقاذ من الذبح، وهم: {إبراهيمَ وإسحاقَ}، فهما عطف بيان لأبويك {إن ربك عليمٌ} بمن يستحق الاجتباء، {حكيم} لا يخلو فعله من حكمة، نعمة كانت أو نقمة.
الإشارة: البداية مجلاة النهاية، يوسف عليه السلام نزلت له أعلام النهاية في أول البداية. وكذلك كل من سبق له شيء من العناية، لا بد تظهر أعلامه في أول البداية؛ «من أشرقت بدايته أشرقت نهايته». من كانت بالله بدايته كانت إليه نهايته.
وأوصاف النهاية تأتي على ضد أوصاف البداية؛ فكمال العز في النهاية لا يأتي إلا بعد كمال الذل في البداية. وتأمل قول الشاعر:
تَذَلَّلَ لِمَنْ تَهوَى لِتَكسِبَ عِزَّةً *** فَكَم عِزَّةٍ قَدْ نَالَها المرْء بِالذُّلِّ
وتأمل قضية سيدنا يوسف عليه السلام؛ ما نال العز والملك حتى تحقق بالذل، والملك وكمال الغنى في النهاية لا يأتي إلا بعد كمال الفقر في البداية، وكمال العلم لا يأتي إلا بعد إظهار كمال الجهل، وكمال القوة لا يأتي إلا بعد كمال الضعف.. وهكذا جعل الله تعالى بحكمته الأشياء كامنة في أضدادها؛ «تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه». فالاجتباء يكون بعد الابتلاء، وإتمام النعم يكون بعد تقديم النقم، وذلك لتكون أحلى وأشهى، فيعرف قدرها ويتحقق منه شكرها، وهذا السر في تقديم أهوال يوم القيامة على دخول الجنة؛ ليقع نعيمها في النفس كل موقع. ولا فرق بين جنة الزخارف، وجنة المعارف. (حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات). والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال